كَفَى بِالضَّنَى عَنْ سَوْرَةِ الْعَذْلِ نَاهِيَا
كَفَى بِالضَّنَى عَنْ سَوْرَةِ الْعَذْلِ نَاهِيَا / فَأَهْوَنُ مَا أَلْقَاهُ يُرْضِي الأَعَادِيَا
بَلَوْتُ الْهَوَى حَتَّى بَلِيتُ وَطَالَ بِي / مَرِيرُ النَّوَى حَتَّى نَسِيتُ التَّلاقِيَا
وَمَا كُنْتُ ذَا غَيٍّ وَلَكِنْ إِذَا الْهَوَى / أَصَابَ حَلِيمَ الْقَوْمِ أَصْبَحَ غَاوِيَا
إِلَى اللَّهِ أَشْكُو نَظْرَةً مَا تَجَاوَزَتْ / حِمَىالْعَيْنِ حَتَّى أَوْرَدَتْنِي الْمَهَاوِيَا
رَمَيْتُ بِهَا عَنْ غَيْرِ عَمْدٍ فَلَمْ تَعُدْ / عَلَى النَّفْسِ إِلَّا بِالَّذِي كَانَ قَاضِيَا
هَجَرْتُ لَهَا أَهْلِي وَفَارَقْتُ جِيرَتِي / وَغَاضَبْتُ فِي الخُلَّانِ مَنْ كَانَ رَاضِيَا
وَأَصْبَحْتُ مَسْلُوبَ الْجَنَانِ كَأَنَّنِي / شَرِبْتُ بِكَأْسٍ تَتْرُكُ الْعَقْلَ سَاهِيَا
أَدُورُ وَلا أَدْرِي وَإِنْ كُنْتُ حَازِماً / يَمِينِيَ أَدْنَى لِلْهُدَى مِنْ شِمَالِيَا
صَرِيعُ هَوَىً لا أَذْكُرُ اليَوْمَ بِاسْمِهِ / وَلا أَعْرِفُ الأَشْخَاصَ إِلَّا تَمَادِيَا
فَيَا عَيْنُ لا زَالَتْ يَدُ السُّهْدِ تَمْتَرِي / أَسَاكِيبَ دَمْعٍ مِنْكِ تُرْوِي الْمَآقِيَا
فَأَنْتِ الَّتِي أَوْرَدْتِ قَلْبِي مِنَ الْهَوَى / مَوَارِدَ لَمْ تَتْرُكْ مِنَ الصَّبْرِ بَاقِيَا
أَطَعْتُكِ فَاسْتَسْلَمْتُ بَعْدَ شَكِيمَةٍ / أَعَضَّتْ بِأَطْرَافِ الشَّكِيمِ الْمَذَاكِيَا
فَإِنْ أَنَا سَالَمْتُ الْهَوَى بَعْدَ هَذِهِ / فَلَسْتُ ابْنَ أُمِّ الْمَجْدِ إِنْ عُدْتُ ثَانِيَا
يَلُومُونَ أَشْوَاقِي كَأَنِّي ابْتَدَعْتُها / وَلَوْ عَلِمُوا لامُوا الظِّبَاءَ الْجَوَارِيَا
وَمَا لِيَ ذَنْبٌ عِنْدَهُمْ غَيْرَ أَنَّنِي / شَدَوْتُ فَعَلَّمْتُ الْحَمَامَ الأَغَانِيَا
وَهَلْ يَكْتُمُ الْمَرْءُ الْهَوَى وَهْوَ شَاعِرٌ / وَيَثْنِي عَلَى أَعْقَابِهِنَّ الْقَوَافِيَا
فَيَا نَسَمَاتِ الْفَجْرِ مَا لَكِ كُلَّمَا / تَنَسَّمْتِ أَضْرَمْتِ الْهَوَى فِي فُؤَادِيَا
وَيَا سَجَعَاتِ الأَيكِ رِفْقَاً بِمُهْجَةٍ /
وَيَا لَمَحَاتِ الْبَرْقِ بِاللَّهِ خَبِّرِي / أَخِلَّايَ بِالْمِقْيَاسِ عَنِّي سَلامِيَا
وَيَا عَذَبَاتِ الْبَانِ إِنْ كُنْتَ إِنَّمَا / تَمِيلُ مَعِي شَوْقاً فَلُقِّيتَ دَاوِيَا
عَوَائِدُ شَوْقٍ أَلْهَبَتْ لاعِجَ الأَسَى / وَرَدَّتْ أَمَانِيَّ الْضَّمِيرِ هَوَافِيَا
لَعَمْرُكَ مَا فَارَقْتُ رَبْعِيَ عَنْ قِلَىً / وَلا أَنَا وَدَّعْتُ الأَحِبَّةَ سَالِيَا
وَلَكِنْ عَدَتْنِي عَنْ بِلادِي وَجِيرَتِي / عَوَادٍ أَبَتْ فِي الْبُعْدِ إِلَّا تَمَادِيَا
زَمَانٌ تَوَلَّى غَيْرَ أَعْقَابِ ذُكْرَةٍ / تَسُوقُ إِلَى الْمَرْءِ الْحَلِيمِ التَّصَابِيَا
فَيَا رَوْضَةَ الْمِقْيَاسِ جَادَكِ سَلْسَلٌ / مِنَ النِّيلِ يَدْعُو لِلْحَنِينِ السَّوَاقِيَا
وَلا بَرِحَتْ تَغْشَاكِ لِلْفَجْرِ نَسْمَةٌ / تَرُدُّ جَبِينَ النَّوْرِ أَزْهَرَ ضَاحِيَا
بِلادٌ صَحِبْتُ الْعَيْشَ فِيهَا مُنَعَّمَاً / وَأَجْرَيْتُ أَفْرَاسَ الْبَطَالَةِ لاهِيَا
فَكَمْ لَذَّةٍ أَدْرَكْتُ فِيهَا وَنِعْمَةٍ / أَصَبْتُ وَآدَابٍ تَرَكْتُ وَرَائِيَا
هِيَ الْوَطَنُ الْمَأْلُوفُ وَالنَّفْسُ صَبَّةٌ / بِمَنْزِلِهَا الأَدْنَى وَإِنْ كَانَ نَائِيَا
فَلا حَبَّذَا الدُّنْيَا إِذَا هِيَ أَدْبَرَتْ / وَإِنْ أَقْبَلَتْ يَوْماً فَيا حَبَّذَا هِيَا
نَشَدْتُ الْمُنَى عَوْدَاً وَقَدْ كُنْتُ بَدْأَةً / مَطَافَ أُنَاسٍ يَنْشُدُونَ الأَمَانِيَا
فَإِنْ لَمْ أَنَلْ مِنْهَا نَصِيباً فَإِنَّنِي / أَرَى الْيَأْسَ عَنْ بَعْضِ الْمَطَالِبِ كَافِيَا
وَمَاذَا الَّذِي تُجْدِي عَلَيَّ فَضَائِلِي / إِذَا كُنَّ فِي عَيْنِ الْعَدُوِّ مَسَاوِيَا
فَلا اخْضَرَّ سَاقُ الْبَقْلِ إِنْ بِتُّ طَاوِيَاً / وَلا انْهَلَّ مَاءُ الْمُزْنِ إِنْ مِتُّ صَادِيَا