المجموع : 8
يا أنيسي ذرِ الحزينَ حزيناً
يا أنيسي ذرِ الحزينَ حزيناً / بعضَ ما سامهُ الهوى يكفيهِ
دعهُ يبكي فذو الهمومِ جديرٌ / أن ما في فؤادهِ يبكيهِ
تبلجَ صبحُ الهنا مشرقاً
تبلجَ صبحُ الهنا مشرقاً / ونورتِ الشمس افقَ السرايةْ
وقد زينَ السعدُ أبراجَها / على كلِ برجٍ ترفرفُ رايةْ
وقامتْ بناتُ العلى خادمات / فهذي تخيطُ وهاتيكَ دايةْ
وقالوا أبوها مثالُ الكمال / فقلنا الكمالُ مثالُ الهدايةْ
وما هي إلا عنايةُ ربك / فابق سعيداً بهذي العنايةْ
أتمنى وكيفَ لا أتمنى
أتمنى وكيفَ لا أتمنى / أن لي في الأنامِ خلاً وفيَّاً
وفؤاداً مطهراً يلمحُ الده / رَ وأهليهِ راضياً مرضيَّاً
ذاكَ المجدُ خافقاً بعدَ موتي / ونعيمُ الحياةِ ما دمتُ حيَّا
يعزِّي الناسُ بعضهمُ
يعزِّي الناسُ بعضهمُ / ولا يجديهمُ شيَّا
فذاكَ طويٌّ وهذا سو / فَ يطويهِ الردى طيَّا
يمينُ اللهِ لو عقلوا / لعزّى الميتُ الحيَّا
مكانكَ يا بدرٌ وإنْ كنتَ واشياً
مكانكَ يا بدرٌ وإنْ كنتَ واشياً / لعلكَ تروي عندها بعضَ ما بيا
مكانكَ يا بدرٌ لأشكوَ حبّها / وتشهدُ عندَ اللهِ عن كنتَ رائيا
مكانكَ لا تعجلْ لتحضرَ ساعتي / فإني أرى ساعاتِ عمري ثوانيا
ويا بدرُ خذ عيني فذاكَ سريرُها / وتلكَ وإن لمْ أدعُها باسمِها هيا
أغارُ عليها أن تقابلَ وجهها / فتنقلَ عنهُ للوشاةِ معانيا
وأخشى عليها من شعاعكَ مثلما / يخافُ على النفسِ الجبانُ المواضيا
فإني أرى جسماً لو أن مدامعي / جرينَ عليهِ أصبحَ الجسمُ داميا
وما عجبي إلا من البدرِ يدعي / تمنع ليلى ثمَّ ألقاهُ عاريا
فيا بدرُ إني موضعُ الصنعِ فاتخذْ / يداً لكَ عندي تلقني الخيرَ جازيا
وذي قبلةُ مني إليها فألقها / على فمها وارجعْ بأنفاسها لِيا
وإن لم يكن في الحسنِ إلا عواذلٌ / فيا بدرُ كنْ خيراً عذولاً وواشيا
أذِع حسنَها في كلِّ أفقٍ تنيرُهُ / وأحصِ علينا ما حيينا اللياليا
كأنَّ الهوى قد خُطّ قبل وجودنا / كتاباً على ما يلبثُ الكونُ باقيا
لهُ البدرُ عنوانٌ وقد امستِ السما / صحائفُ فيهِ والحروفُ الدراريا
وإني قسمتُ الروعَ شطرينِ واحدٍ / بجسمي وشطرٍ عندها لا يرانيا
ولا بدَّ من يومٍ تعودُ لأصلها / فإمَّا بوصلٍ بيننا أو فنائيا
ولم أرَ غيري بعضُهُ خانَ بعضَهُ / فأصبحَ مشغولاً واصبحَ خاليا
بربّكِ يا نفسي وربُّكِ شاهدٌ / أتهنئةٌ كانَ الهوى أم تعازيا
وهلْ ذكرتني هندُ يوماً فأشفقتْ / لما بي وحاكتني بكا أو تباكيا
وهلْ حدثتها نفسُها أنني بها / شديدُ الهوى أو أنني بتُّ ساليا
يكادُ يفيضُ القلبُ من ذكرها دماً / لأكتبَ منهُ في هواها القوافيا
وتذهبُ نفسي حسرةً إن رأيتُها / وأُصرعُ وجداً كلما قالتْ آه يا
ولو أنني أرجو لهانتْ مصائبي / ولكن منها أنني لستُ راجيا
فيا من تجير النومَ مني جفونُها / أجيري إذنْ من ذي الجفونِ فؤاديا
تحرمُ عيني ما لعينيكِ مثلما / تَجَنَّبُ مولاها العبيدُ تحاشيا
وأقسمُ لو تبكينَ يوماً من الهوى / لما كنتُ إجلالاً لجفنيكِ باكيا
أما لي عذرُ في الغرامِ وأعيني / ترى كلَّ شيءٍ فيكِ للحبِّ داعيا
وقد رفعتكِ الناسُ حتى ظننتهم / لأجلكِ يدعونَ النجومَ جواريا
وكم أتصابى فيك حتى كأنما / وجدتكِ حسناً قد تحلتْ تصابيا
فلو سألوني عن أمانيَّ لم أزد / على أن تميتني وأخلقُ ثانيا
قد كانَ فيكَ غرامي
قد كانَ فيكَ غرامي / كالنارِ في مقلتيّا
وكنتَ لي في منامي / كالمالِ في راحيّا
ومذْ صحوتُ من ال / حبِّ إذ كواني كيّا
فتحتُ كفي ولكنْ / لم أُلْفِ من ذاكَ شيّا
وقد يموتُ هوى المر / ءِ وهو ما زالَ حيّا
دارتْ عليها للهوى راحةٌ
دارتْ عليها للهوى راحةٌ / فبتُّ أسقاها وأسقيهِ
من مهجةٍ تنسابُ من مهجةٍ / آخذها فيَّ إلى فيهِ
والقلبُ من ذلّي ومن دلّهِ / كقومِ اسرائيلَ في التيهِ
يا طولَ سقم القلبِ إما غدا / يمرضهُ من كانَ يشفيهِ
لو تنصفون لقلتُ آه / ماتَ العليلُ فما دواهُ
ماكادَ يطوي جانبيهِ / على الأسى حتى طواهُ
ورأى الهوى ناراً فلم / يخفِ الهوى حتى كواهُ
شيءٌ يسمى بالغرا / مِ وليسَ يدري الناسُ ماهو
بينَ السعادةِ والشقا / ءِ فكلما عرفوا تاهوا
يا مقلتيَّ إذا بقي / في الجفنِ دمعٌ فاسكباهُ
وإذا احتمى بكما الكرى / بعدَ التفرقِ فاطرُداهُ
أخذَ الحبيبُ عليَّ عهداً / أنَّ أعذبَ في هواهُ
ومن العجائبِ أنني / راضٍ وأسألهُ رضاهُ
ألحاظهُ كالنحلِ تحمي / ما أجنَّتهُ الشفاهُ
فإذا رنا لم يبقَ قل / باً سالماً إلا رماهُ
وإذا مشى وقعتْ على / كبدي وأحشائي خطاهُ
يا ربِّ هل ابدعتهُ / إلا ليفتنَ من رآهُ
أطلعتهُ قمراً فكا / نَ سوادَ حظّي من دجاهُ
وخلقتهُ رشأً فكا / نَ مراحَ أضلاعي حماهُ
وبريتهُ غصناً فروّ / ى دمع أجفاني ثراهُ
بعضُ الهوى عذ / بٌ وسائرهُ العذابُ لمن بلاهُ
يا ليل هيجت أشواقا أداريها
يا ليل هيجت أشواقا أداريها / فسل بها البدر إن البدر يدريها
رأى حقيقة هذا الحس غامضة / فجاء يظهرها للناس تشبيها
في صورة من جمال البدر ننظرها / وننظر البدر يبدو صورة فيها
يأتي بملء سماء من محاسنه / لمهجتي وأراه ليس يكفيها
وراحة الخلد تأتي في أشعته / تبغي على الأرض من في الأرض يبغيها
وكم رسائلَ تلقيها السمالء به / للعاشقين فيأتيهم ويُلقيها
يقول للعاشق المهجور مبتسما / خذني خيالاً أتى ممن تسميها
وللذي أبعدته في مطارحها / يد النوى أنا من عينيك أدنيها
وللذي مضه يأس الهوى فسلا / أنظر إليّ ولا تترك تمنيها
أما أنا فأتاني البدرُ مزدهياً / وقال جئت بمعنى من معانيها
فقلت من خدها أم من لواحظها / أم من تدللها أم من تأبيها
أم من معاطفها أم من عواطفها / أم من مراشفها أم من مجانيها
أم من تفترها أم من تكسرها / أم من تلفتها أم من تثنيها
كن مثلها لي جذباً في دمي وهوى / او كن دلالا وكن سحراً وكن تيها
فقال وهو حزين ما استطعت سوى / أني خطفت ابتساماً لاح من فيها