المجموع : 5
خليليَّ مِن فَرْعَيْ مَعَدٍّ تأمّلا
خليليَّ مِن فَرْعَيْ مَعَدٍّ تأمّلا / بعينيكُما بَرْقاً أضاء يَمانِيا
كما قلّبَتْ خَرْقاءُ في غَبَشِ الدُّجى / ذراعاً شعاعِيَّ المعاصِمِ حاليا
هفا ثُمّتَ اِستخفى فَقُلت لصاحبي / ألا هلْ أراك البرقُ ما قد أرانِيا
تبسَّمَ عن وادي الخُزامى وميضُهُ / وخالَسَ عَيْنَيَّ الحِمى والمَطالِيا
وضرّم ما بيني وبين مَتالعٍ / فأبصرتُ أشخاصَ الخِيامِ كما هيا
أَضاءَ القصورَ البيضَ من جانبِ الحِمى / فقلتُ أثَغْراً ما أرى أمْ أقاحيا
وأقبل يشتقّ الغمامَ كأنّما / يُزاحمُ بالبيداءِ كُوماً مَتاليا
تراغَيْن لمّا أنْ دعاهنّ حالبٌ / وأرْسلْنَ بالإبساسِ أبيضَ صافيا
أَقول وقَد والى عليَّ وميضهُ / أَلا ما لهذا البرقِ صَحْبي وما لِيا
يشوّقني مَنْ ليس يشتاق رؤيتي / ويُذكِرُني مَن لَيس عنِّيَ راضيا
وما ذاك عن جُرْمٍ ولكنْ بدأتُهُ / بصَفْوِ ودادٍ لم يكنْ عنه جازيا
دِيارٌ وأَحبابٌ إِذا ما ذَكرتُهمْ / شَجيتُ ولم أملِكْ دموعي هوامِيا
أوانسُ إنْ نازعننا القولَ ساعةً / نَثَرْن على الأسماعِ منه لآلِيا
ويُحْسَبْنَ من حُسنٍ بهنّ وزينةٍ / على أنّهنّ عاطِلاتٌ حَواليا
ألا غادِ دمعَ العينِ إنْ كنتَ غاديا
ألا غادِ دمعَ العينِ إنْ كنتَ غاديا / فلستُ ألومُ اليومَ بعدك باكيا
ولو كنتُ لا أخشى دموعاً غزيرةً / تنُمُّ على ما بي كتَمْتُك ما بِيا
وغيرُ لساني ناطقٌ بسريرتي / فلم يُنجِني أنّي ملكتُ لسانِيا
أَعِنِّي على شَجْوي بشجوٍ مضاعفٍ / ولا تدنِني قلباً من الحزنِ خاليا
ولا تُسْلِنِي عمّنْ رُزِئْتُ وإنْ تُرِدْ / مساعفتي في الرُّزءِ لم تك ساليا
إذا صاحبي أضحى وبي مثلُ ما به / غداةَ تلاقينا أطَلْنا التَّشاكِيا
يَلومُ المُعافى وهو خِلوٌ من الأذى / ولم يَعْنِهِ من أمره ما عنانِيا
وَلو كان ما بي من هوىً لمُحَجَّبٍ / أقام على هجري أطَعْتُ اللّواحيا
وَهمٌّ عراني من أخٍ عَصَفَتْ به / صُروفُ اللّيالي ليتَه ما عَرانيا
فقرّبَ منّي كلَّ ما كان شاحطاً / وَبَعّد منّي كلَّ ما كان دانيا
وَقُلتُ لِمَنْ أَلقى إِليَّ نعيَّهُ / على الكُرْهِ منّي لا أبا لك ناعيا
هَتَفْتَ إلى قلبي بفقد محمّدٍ / فغادَرْتَ أيّامي عليَّ ليالِيا
ولمّا تباكينا عليه وعُرِّيَتْ / طَماعتُنا منه شَأَوْتُ البَواكيا
فقلْ لأُناسٍ أمكنوا من أديمهمْ / بما ركبوا منه هناكَ العَواريا
خذوها كما شاء العقوقُ عَضيهةً / وجرّوا بها حتّى المماتِ المخازيا
ولا تَرْحَضوها بالمعاذير عنكُمُ / فَلَن تُخفِيَ الأقوالُ ما كان باديا
ألُؤْماً مبيناً للعوين وأنتُمُ / تعدّون عِرْقاً في الأكارم خافياً
فلو كنتُمُ منهُ كما قيل فيكمُ / لَكَفْكَفْتُمُ عنه سيوفاً نَوابيا
خطَوْتُمْ إليه بالحِمامِ ذِمامَكمْ / فأَنَّى ولم تخطوا إليه العواليا
أفي الحقِّ أَن تَعدوا عليه ولم يكنْ / على مثلكمْ ما غَدَرَ النّاسُ عاديا
فَما نَفعُكم إنْ نِلتُمُ منه غِيلَةً / وما ضرَّه أنْ زَلَّ في التُّرْبِ هاويا
فَتكتُم به غَدْراً فألّا وكفُّهُ / تُقَلِّبُ مَسنونَ الغِرارَيْنِ ماضيا
على قارحٍ مثلِ العَلاةِ وتارةً / تراه كسرْحانِ البسيطةِ عادِيا
ملكتمْ عليه مِنَّةً لو نهضتُمُ / إلى كَسْبِها نِلتُمْ بذاك الأمانِيا
ولكنّكم ضيّعتموه شَقاوةً / فكنتُمْ كمُهرِيقِ الإداوةِ صادِيا
وهوّن وَجْدي أَنّ قتلاً أراحَهُ / ولم يتحمّلْ للِّئامِ الأياديا
فيا لَيتَ أنّي يوم ذاك شَهِدتُهُ / فدافعتُ عنه باليدين الأعاديا
وروّيتُ من ماء التّرائبِ والطُّلى / من الغادِرين صَعْدَتي وسِنانِيا
بَني مَزْيَدٍ لا تقتلوا بأخيكُمُ / من القومِ خَوّارَ الأنابيبِ خاويا
وَإِنْ تثأَروا فالثّأْرُ بالحيِّ كلِّهِ / وما ذاك من داءِ الرّزيّةِ شافيا
ألا قوّضوا تلك الخيامَ على الرُّبا / وكُبّوا جِفاناً للقِرى ومَقارِيا
وجُزّوا رقابَ الخيلِ حولَ قبابهِ / فلستُ براضٍ أنْ تجزّوا النّواصيا
وحُثّوا عويلَ النّادباتِ وأبرزوا / إليهنّ عُوناً منكمُ وعَذارِيا
ولا تسكنوا تلك المغانِيَ بعده / فقد أوحَشَتْ تلك المغاني مَغانِيا
وَلَولا الّذي أَبقى لنا اللَّهُ بعده / بمَثْوى عليٍّ لاِفتَقدنا المعاليا
هَوى كوكبٌ وَالبدرُ في الأفقِ طالعٌ / فما ضرّ مُرتاداً ولا ضلَّ ساريا
إذا طعنوا لَزّوا الكُلى في نحورها / وإنْ ضربوا قدّوا الطُلى والتَّراقِيا
بِداراً إلى السَّرحِ المُفيء بقفرةٍ / فَقد هاج راعي السَّرْحِ أُسْداً ضواريا
ولا تَتَعمَّد جانِيَ القومِ منهمُ / فكلُّ اِمرئٍ في الحيِّ أصبح جانيا
سقَى اللَّهُ قبراً حلّ غربيَّ واسطٍ / ولا زال من نَوْءِ السَّماكَيْن حاليا
ولا بَرحت غُرُّ السّحائبِ تُرْبَهُ / تُنشِّرُ حَوْذاناً به وأقاحيا
تَعزَّ اِبنَ حَمْدٍ فالمصائبُ جَمّةٌ / يُصِبْنَ عدوّاً أوْ يُصِبْنَ مصافيا
وَهَلْ نَحن في الأيّامِ إلّا معاشرٌ / نُقضّي ديوناً أوْ نردّ عواريا
أجِلْ في الورى طَرْفاً فإنّك مبصرٌ / قبوراً مُثولاً أوْ دياراً خواليا
وداءُ الرّدى في النّاسِ أعيا دواءُهُ / فلا تشكُ داءً أوْ تصيبَ مُداويا
إِذا شئتَ أنْ تَلْقى مُنى العيش كلِّه / فَكُنْ بالّذي يَقضي به اللّهُ راضِيا
وكيف أُعاطيك العَزاءَ وإنّما / مُصابُك فيه يا اِبنَ حَمْدٍ مصابيا
وَلَست أُبالِي مَن مَضى من أصادِقِي / إذا كنتَ لِي وُقِّيتُ فَقْدَك باقيا
أَيّها اللّائمُ الّذي لا يملُّ الل
أَيّها اللّائمُ الّذي لا يملُّ الل / لومَ صبحاً حتّى يلومَ عَشِيّا
لُمتَنِي أنْ نَبَوْتُ عمّنْ رماني / ثمّ لم أقضِ أنْ أكون رَمِيّا
وحقيقٌ باللّومِ دونك دهرٌ / لا أرى فيه صاحباً مَرْضِيّا
كم أراني الزّمانُ قبلك مَن كُنْ / تُ خَليّاً منه فعدتُ شَجِيّا
لم أزلْ مُغضِياً على هَفَواتٍ / منه لو جُزْنَني لكنتُ غبيا
لو وفى صاحبٌ وفى لي سوادٌ / زارَ فَوْدَيَّ منذُ كنتُ صَبيّا
شطّ عنّي لمّا اِرعَوَيتُ وقد كا / ن مقيماً أيّامَ كنتُ غَوِيّا
قد سلَوْنا وفاءَكمْ ويَئِسْنا / أنْ نرى منكمْ عطاءً هَنِيّا
وسئمنا علاجكمْ وعلمنا / أنّ بين الضّلوعِ داءً دوِيّا
يَعِدُ البِرَّ ماطِلاً فإذا أوْ / عَدَ يوماً شرّاً أتاك وحَيّا
علّلونا بظاهرٍ من جميلٍ / ودعوا مضمرَ القلوبِ خَفِيّا
فبعيدٌ عن المجرّبِ مِنّا / أنْ يُعيدَ العدوَّ شيءٌ وَلِيّا
أتَراني أنسى حفاظَ كِرامٍ / كان بالي منهمْ زماناً رَخِيّا
قارعوا عنِّيَ الخطوبَ وسدّوا / يومَ سيلِ المكروهِ عنّي الأَتِيّا
وَاِنتَضوا بينهمْ وبين أعادي / يَ طِوالَ الخطيِّ والمَشْرَفِيّا
كم بلاهمْ أعداءُهمْ فأصابوا / مَحْتِداً أمْلَساً وعِرضاً نقيّا
وخِلالاً تكذّبُ الكَلِمَ العَوْ / راءَ فيهم أو اللّسانَ البَذِيّا
وترى وعدَهمْ وبذلَهمُ الأْم / والَ هذا نَزْراً وذاك سَنِيّا
يضعفُ المرءُ منهمُ في يدِ الحق / قِ وإن كان في اللِّقاءِ قوِيّا
وتراهُ الوَقاحَ في حَوْمَةِ الحرْ / بِ وفي حَوْمَةِ السؤالِ حَييّا
لا رَعى اللَّهُ لي متى لم يجد عَهْ / دَهُمُ في جوانحي مَرْعِيّا
أَنا مَن قَد عَلِمت لا أركبُ الظَّه / رَ المُوَطّا حتى يكون عَلِيّا
وإذا جانبٌ من الأرض لم يس / طِعْ مقامي اِستعطتُ عنهُ مُضِيّا
وَمَتى ما اِقتضى كلامِيَ أمرٌ / لم أكنْ بالمقالِ فيه عَيِيّا
يا حاملَ الكأس ناوِلْني مُشَعشَعةً
يا حاملَ الكأس ناوِلْني مُشَعشَعةً / لم تَقْرِ همّاً ولا بُخلاً بواديها
أحسِرْ بها غَيْهَبَ الأحزانِ عن فِكَري / فكم ليالٍ بها زيّدتُ وارِيها
لَم أدرِ لمّا اِمتطتها كفّ حاملها / أَحلّتِ الكأسَ أم خَدَّي مُعاطِيها
وَعائبٍ لمشيبي وَهو لابِسُهُ / ولم يَعِبْ حُلّةً في النّاسِ كاسيها
لم يدر أنّ مشيبَ الرّأس من فكري / لَم يَسْرِ رَكْبُ مشيبٍ في نواحيها
أَليسَ ينقص يوماً في ذُراً لهمُ / ماءُ الشّباب غزيرٌ في عَزاليها
وما الفناءُ بموقوفٍ على حَدَثٍ / وَالنّابُ في الذَّوْدِ أغْنى من حواشيها
وعاذلٍ من صنيعٍ قد تدرّعه / وليسَ يَشفِي مِنَ الأمراضِ شاكيها
طويتُ كشحَيَّ عنه ثمّ قلتُ له / ما العيشُ إنْ جَنَحَتْ نفسِي لِلاحيها
دَعْني أنَلْ من زماني بعضَ لَذَّتِهِ / فقد وثِقْتُ بأنّ الدّهرَ يَفْرِيها
وكيف آنسُ بالدُّنيا ولستُ أرى / إلّا اِمرءاً قد تعرّى من عَواريها
كأنّها غُصّةٌ حلّتْ بِمَبْلَعِها / أوْ كالقَذاةِ أقامتْ في مآقِيها
نَصبوا إليها بآمالٍ مُخَيَّبَةٍ / كَأنّنا ما نرى عُقْبى أمانِيها
في وَحشةِ الدّار ممّنْ كان يسكنها / كُلُّ اِعتبارٍ لمن قد ظلّ يأويها
لا تكذِبنَّ فما قلبي لها وطنٌ / وقد رأيتُ طُلولاً من مَغانيها
كم قد ركبتُ إلى العلياءِ ظهرَ فَلاً / تضلّ فيه قَطاةٌ عن مَجاثيها
وَقفرةٍ تُنكرُ الأنْس الوحوش بها / ولا يُرجّي ورودَ الماءِ صاديها
إذا تراخَتْ رِكابي عن مَهامِهِها / رَكِبتُ فيها اِعتزاماً لا يُباليها
هانَت عليَّ مَخوفاتُ الخطوبِ فما / أَثْنِي يمينيَ عن قُصْوى مَراقيها
كَأنّما قَد نعَى الدّنيا مُخَلَّدُها / أَوْ في يديَّ أمانٌ من لياليها
وَمنْ تَكنْ نفسُهُ لم يَمْلَها جَزَعٌ / فزجرُ مُهْرِك في الهيجاءِ ماليها
وإنْ تكن لم تَذَرْ كُثْرَ الأنامِ لها / قُلّاً فَشِلوُ هَزيلِ الجَنْبِ كافيها
نَفسي تُنازِعُني حالاً يضيق لها / عَرضُ البلادِ فمن لي مِن تقاضيها
لقد دَعَتْ سامعاً لم تَكْدَ دعوتُهُ / وطالبتْ بعظيمٍ مَنْ يُؤاتيها
أَقلِل لَديَّ بِأَنباءِ الزّمانِ فما / أهابُ نفسي لأنّي لا أُرَجِّيها
لا تَجتَنِ العِزَّ إلّا من حدائِقِهِ / فكم رياضٍ عِراضٍ خاب جانيها
ما عزّ من ذلَّ في تطلابِ عِزَّتِهِ / مجاوِرُ النّارِ من قُرٍّ كصاليها
إنَّ المعالِيَ لا تُعطيك صَهْوَتَها / وما سَعَتْ لك رِجلٌ في مساعيها
لم تَنتَهِزْ ما دنا من فرعِ دَوْحتِها / فكيف تسمو إلى ما في أقاصيها
يا خليلي أراك من شَغَفِ الحب
يا خليلي أراك من شَغَفِ الحب / بِ خَلِيّاً وأنتَ تَلحى عليهِ
لَو هَداني إلى سُلُوِّي سُلُوٌّ / منكَ في الحُبِّ لاِهتديتُ إليهِ
بأَبِي مَنْ يودّ قلبي بأنْ أمْ / سيتُ وَحْدِي مُقبّلاً شَفَتَيْهِ
والّذي نَشْرُ كلِّ طِيبٍ ذَكِيٍّ / في نَدىً يُستفادُ مِن نَفْحَتَيْهِ
وغزالٍ وقعتُ لمّا تعاطَيْ / تُ فراراً من الهوى في يَدَيْهِ
أَنكَرَت عينُهُ اِدّعاءَ سَقامي / كم سَقامٍ في باطِني لَمْ تَرَيْهِ