القوافي :
الكل ا ب ت ث ج ح خ د ذ ر ز س ش ص ط ع غ ف ق ك ل م ن و ه ء ي
الشاعر : ابنُ حَمْدِيس الكل
المجموع : 6
يدُ الدهرِ جارحةٌ آسيَهْ
يدُ الدهرِ جارحةٌ آسيَهْ / ودنْيَاكَ مُفْنِيَةٌ فانيَهْ
وربّكَ وارثُ أربابها / وَمُحيي عظامِهمُ الباليه
رأيتُ الحِمامَ يبيدُ الأنامَ / وَلَدْغَتُهُ ما لها راقيه
وأرواحنا ثَمَرَاتٌ له / يَمُدّ إليها يداً جانيَه
وكلّ امرئٍ قد رأى سمْعُهُ / ذهاباً منَ الأمَمِ الماضيه
وعاريةٌ في الفتى روحُهُ / ولا بدّ من رَدّة العاريه
سقى اللّه قبر أبي رحمةً / فسقياهُ رائحةٌ غاديه
وسيّرَ عن جِسمه روحه / إلى الرَّوْحِ والعيشة الرّاضيه
فكم فيه من خُلُقٍ طاهرٍ / ومن همّةٍ في العُلى ساميَه
ومن كَرَمٍ في العُلى أوّل / وشمسُ النّهارِ لهُ ثانيَه
ولوْ أنّ أخلاقَهُ للزّمانِ / لكانتْ مواردُهُ صافيه
أتاني بدارِ النوَى نَعْيُهُ / فيا روعةَ السمع بالداهيه
فحمّرَ ما ابيضّ من عَبرتي / وَبَيّضَ لِمّتيَ الداجيه
بدارِ اغترابٍ كأنّ الحياةَ / لذكر الغريب بها ناسيه
فمثّلتُ في خلدي شخْصَهُ / وَقَرّبْتُ تربته القاصيه
ونُحْتُ كثكلى على ماجدٍ / ولا مُسْعِدٌ لي سوى القافيه
قديمُ تراثِ العلى سَيّدٌ / على النّجْمِ خُطّتُهُ ساميه
مضى بالرّجاحةِ من حِلمِهِ / فما سَيّرَ الهضبَةَ الراسيه
وما أنْسَ لا أنْسَ يوْم الفراق / وأسرارُ أعيننَا فاشيَه
ومَرّتْ لتوديعنَا ساعةٌ / بلؤلؤ أدْمُعِنَا حَاليَه
ولي بالوقوفِ على جمرها / وإنْضاجه قَدَمٌ حافيَه
ورحتُ إلى غربةٍ مُرّةٍ / وراحَ إلى غُرْبَةً ساجيَه
وقَدْ أوْدَعَتني آراؤهُ / نجوماً طوالعُها هاديه
سمعتُ مقالَةَ شيخي النّصيحِ / وأَرضِيَ عَنْ أرضِهِ نائيه
كأنّ بأذني لها صرخةً / أرادَ بها عُمَرٌ ساريه
مَضَى سالكاً سُبْلَ آبائهِ / وأجدادِهِ الغُرَرِ الماضيه
كرامٌ تولوا بريب المنونِ / وأبقوْا مفاخرَهُمْ باقيَه
مَضَى وهو منّي أخو حَسرَةٍ / تُمازِجُ أنفاسَهُ الرّاقيَه
تجودُ بدفع الأسى والرّدى / على خدّه عينُهُ الباكيه
وإني لذو حَزَنٍ بعده / شؤونُ الدمعِ لهُ داميَه
بكيتُ أبي حقبَةً والأسى / عليّ شَواهدُهُ باديه
وما خمدتْ لوعةٌ تلتظي / ولا جَمَدَتْ عَبرةٌ جاريه
ونفسي وإن مُدّ في عُمرِها / لما لقيَتْ نفسُه لاقيه
شفائي من الآلام في الشّفَةِ اللميا
شفائي من الآلام في الشّفَةِ اللميا / بريقتها أحْيَا وإلا فلا مَحْيا
وكيفَ وريّا لا تجودُ بريقةٍ / إذا لم أجِدْ في الماءِ من ظمإ رِيّا
فتاةٌ تديرُ السحرَ من لحظ مُقلةٍ /
وتعرضُ إعراضَ المنى في صدودها / ولوْ أقبلتْ بالوَصْلِ أقبلتِ الدّنْيَا
وما بالها لم تُعْطِ مِنْ سيف جفنها / أماناً وقد أعطاه من سيفه يحيى
حمى ابنُ تميم بالظبا ملّةَ الهدى / وأضْحَى زمامُ الملك في يده العَليا
وَإنْ أجْدَبَتْ آمالُنَا فهباتُهُ / حدائقُ لم تَعْدَمْ لأنملِهِ سُقْيَا
هل أقالَ الحِمامُ عَثرَةَ حَيٍّ
هل أقالَ الحِمامُ عَثرَةَ حَيٍّ / أم عدا سهمُهُ فؤادَ رَميِّ
هلْ أدامَ الزّمانُ وَصْلَ خليلٍ / فَوَفَى والزّمانُ غيرُ وفيِّ
وهو كالفكر بين غشّ عَدُوٍّ / لبنيه وبين نُصْحِ وليِّ
قد رأينا حالاً نؤولُ إليها / ووعظنا بحالنا الأوليِّ
غير أنّا نرْنو بأعينِ رشدٍ / كُحِلتْ من هوى النفوس بغيِّ
أين ما كان خَلقه من ترابٍ / لم يكنْ بدءُ خلقه من منيِّ
واغتذى عند مولد الروح فيه / من ثُديّ الحياةِ أوّلَ شيِّ
قد دُفِعْنا إلى حياةٍ وموْتٍ / ونشورٍ إلى الإلهِ العَليِّ
ودوامُ البقاءِ في دارِ أخرى / ومجازاةُ فاجرٍ وَتَقِيِّ
كم مليكٍ وسوقةٍ وشُجاعٍ / وجبانٍ وطائعٍ وَعَصِيِّ
نَشَرَتْهُمْ حياتُهُمْ أيّ نَشْرٍ / وطواهُمْ حِمامُهُمْ أيّ طيِّ
فهمُ في حشا الضريح سواءٌ / ولقد كان ذا لذا غَيْرَ سِيِّ
لك يا مَن يموتُ شخصٌ وفَيْءٌ / ثمّ شخصٌ في القبر من غير فَيِّ
أيُّ فَيءٍ لمن يصيرُ تراباً / مُحِيَتْ مِنهُ صورَةُ البَشَريِّ
كيفَ تنجو على مَطِيّةِ دُنْيَا / وهي تَشْحو بالجانبِ الوحشيِّ
تطرحُ الراكبَ الشديدَ شموساً / وركوبُ الشموس فعل غبيِّ
غُرّ مَن ظَنّ أن يصافيَ دهراً / وهو للأصفياء غيرُ صفيِّ
كلّ لاهٍ عمّا يطيل شجاهُ / يملأ العينَ من رقادِ خليِّ
والرّدى يشملُ الأنامَ ومنه / عرضيّ يجيءُ من جَوْهريِّ
ومميتُ الحراكِ منه سكونٌ / مظهرٌ فعلَهُ بسرٍّ خفيِّ
وهو يرمي قوائمَ الأعصم الضَّر / ب وَيَلْوي قَوادمَ المَضْرحيِّ
لا يهابُ الحِمامُ مَلْكاً عظيماً / يحتبي يَوم جوده بالحبِيِّ
ينطقُ الموتُ من ظباه فَيَمْضي / حُكمُهُ في الوَرَى بأمْرٍ وَحيِّ
لا ولا مُرْهَفَ المُدَى بين فَكّيْ / باطشِ البرثنَينِ وَرْدٍ جَريِّ
ومتى هابَ موقداً نارَ حَرْبٍ / فارساً في المُضَاعَفِ الفارسيِّ
للرّدينيِّ منه ريٌّ مُعَادٌ / من نجيع العدا كحرف الدّويِّ
أيّ رزءٍ جاءتْ به الرّيحُ في الما / ءِ وأفشَتْهُ من لسانِ النّعِيِّ
ومصابٍ أصابَ كلّ فؤادٍ / في ابنِ عبد العزيز عبدِ الغني
قائدٌ قادَهُ إلى الموْتِ عِزٌّ / باقتحامٍ كهلٍ وعزْمٍ فتيِّ
فارسُ الماءِ والثرى والفتى المح / ضُ وصنوُ المروءة الأريحيِّ
ورثَ العزّ من أبيه كشبلٍ / أخذَ الفتكَ عن أبيه الأبيِّ
جمرةُ البأس أخمدت عن وقود / بنفوس العداة من كلّ حيِّ
وحسامُ الجِلاد فُلّ شباهُ / بشبا الموت عن قراع الكميِّ
حاسرٌ درعه تَضَرُّمَ قلبٍ / خافقٍ في حشا فتىً شَمّريِّ
يتّقي حدّ سيفه كلّ علج / بحبيكِ الماذيّ في الآذيِّ
مقبلاً لا مولياً بالأماني / عن كفاحِ العِدا وبالسمهريِّ
وكأنّ الإتاءَ مال عَلَيه / يوم مَدّوا إليه سُمرَ القنيِّ
سلبُوا سَيْفَهُ وفيه نجيعٌ / منهمُ كالشقيق فوق الأتيِّ
ورأوْا كلّ مُهْجَةٍ منهمُ سا / لتْ على صَدر رُمْحِه الزاعبيِّ
زُوّدوا كل ضربةٍ منه كالأخدو / دِ تُرْدي وطعنةٍ كالطويِّ
كلّ نارٍ كانتْ من الغزو تذكى / خمِدتْ في حسامهِ المَشْرَفيِّ
صافحَ الموتَ والصفائحُ غَضْبَى / وَلَغَتْ منه في دماءِ رَضيِّ
مُشْعَراً بالسيوفِ كالهْديِ تُهْدى / كلّ حوريّةٍ إليه هَدِيِّ
فهو نعم العَرُوسُ حَشْوَ ثيابٍ / قانئاتٍ من كلّ عِرْقٍ ضَرِيِّ
طيبُهُ من نجيعه وهو مسكٌ / في عِذارَيْ مُهَذَّبٍ لَوْذَعِيِّ
يا شهيداً في مشهد الحربِ مُلقى / وسعيداً بكلّ علجٍ شقيِّ
وَسخيّاً بنَفسِهِ للعوالي / في رِضى اللّهِ فعلُ ذاكَ السخيِّ
كَمْ ضَرُوبٍ ضارَبْتَه وَجَليدٍ / وَقريبٍ طاعَنْتَهُ وَقَصيِّ
وأخي وَفْضَةٍ كأمٍّ ولودٍ / ما أصابتكَ من بنات القسيِّ
كَمْ صَديقٍ بكاكَ مثلي بدَمعٍ / طائعٍ من شؤونه لا عصيِّ
تذرف العينُ منه جريةَ ماءٍ / تطأُ الخدّ وهي جمرةُ كيِّ
وثكالى يَنْدُبْنَ منك بحزْنٍ / خَيْرَ نَدْبٍ مُهَذَّبٍ ألمَعِيِّ
حاسراتٍ يَنُحْنَ في كلّ صُبْحٍ / بلّه دمعها وكلّ عشيِّ
ليس يدري امرؤ أجَزّ نواصٍ / كانَ منهنّ أم حَصَادُ نَصِيِّ
سُوّدَتْ بالمدادِ بيضُ وجوه / فهي في كلّ برقعٍ حبَشيِّ
ولبسنَ المسوحَ بعد حريرٍ / شرّ زيٍّ أرتكَ من خيرِ زِيِّ
كلّ نوّاحةٍ عليكَ حشاها / حَشْوُهُ منك كلّ داءٍ دَويِّ
يتلقّى بنفسجُ اللطمِ منها / ذابلَ الوَرد فوْق وردٍ جنيِّ
يا خليلاً أخلّ بي فيه دهرٌ / لوفاءِ الأحرار غير وفيِّ
أنْتَ بالموْت غائبٌ ومثالٌ / في ضمير الفُؤادِ منك نجيِّ
إنّ أرضاً غودرتَ فيها لتهدي / ريحُها منك عَرْفَ مسكٍ ذكيِّ
فَسَقَى شلوَك الممزَّق فيها / خيرُ وسميّ رحمةٍ وَوَليِّ
لم أكنْ إذ نَظَمْتُ تأبينَ مَيْتٍ / لك أختارُهُ على مَدْحِ حَيِّ
أنا أبكي عليكَ ما طال عمري / شَرِقَ العين من دموع بِرِيِّ
وستبكيكَ بعد موتي القوافي / في نياح من لفظها معنويِّ
غَزَوْتَ عدوّكَ في أرضهِ
غَزَوْتَ عدوّكَ في أرضهِ / ففرّ إلى طرَفِ الناحيه
فَعَاجَلْتَهُ ثَمّ بالمهلكاتِ / كما يُقْتَلُ الشاهُ في الزاويه
كيفَ ترجو أنْ تكونَ سعيداً
كيفَ ترجو أنْ تكونَ سعيداً / وأرى فعلك فعلَ شَقِيِّ
فاسْألِ الرحمةَ ربّاً عظيماً / وَسِعَتْ رحمتُه كلّ شيِّ
أبادَ حياتي الموْتُ إن كنتُ ساليا
أبادَ حياتي الموْتُ إن كنتُ ساليا / وأنتَ مقيمٌ في قيودكَ عانيا
وإنْ لمْ أُبارِ المُزْنَ قطراً بأدمعٍ / عليكَ فلا سُقّيتُ منها الغواديا
تعريتُ من قلبي الذي كان ضاحكاً / فما ألْبَسُ الأجفْانَ إلا بواكيا
وما فَرحي يْومَ المَسَرّةِ طائعاً / ولا حَزَني يْومَ المساءَةِ عاصيا
وهل أنا إلّا سائلٌ عنك سامعٌ / أحاديثَ تَبْكي بالنّجيع المعاليا
قيودُكَ صيغتْ من حديدٍ ولم تكنْ / لأهلِ الخطايا منك إلا أياديا
تعينك من غير اقتراحك نعمةٌ / فتقطعُ بالإبراقِ فينا اللياليا
كشفتَ لها ساقاً وكنتَ لكشفها / تَحزّ الهوادي أو تجزّ النواصيا
وقفْنَ ثقالاً لم تُتِحْ لك مشيةً / كأنّك لم تُجرِ الخفاف المذاكيا
قعاقعُ دُهْمٍ أسهرَتْكَ وطالما / أنامتْكَ بِيضٌ أسْمَرَتْكَ الأغانيا
وما كنتُ أخشى أن يقالَ محمدٌ / يميلُ عليه صائبُ الدهر قاسيا
حسامُ كفاحٍ باتَ في السجن مغمَداً / وأصْبَحَ من حَلْيِ الرياسةِ عاريا
وليث حروب فيه أعدوا برقِّه / وقد كان مقداماً على الليث عاديا
فيا جَبَلاً هَدّ الزمانُ هضابَهُ / أما كنتَ بالتمكين في العزّ راسيا
قُصرْتَ ولمّا تقضِ حاجتكَ التي / جرى الدهر فيها راجلاً لك حافيا
وقد يعقلُ الأبطالَ خوْفُ صيالها / ويُحكمُ تثقيفَ الأسودِ ضواريا
أقولُ وإِنّي مُهْطِعٌ خوْفَ صَيْحَةٍ / يُجيبُ بها كلٌّ إلى اللَّه داعيا
أسَيْرَ جبالٍ وانْتشارَ كواكبٍ / دنا من شرُوطِ الحشرِ ما كان آتيا
كأنّكَ لم تجعل قناكَ مَراوداً / تَشُقّ من الليل البهيم مآقيا
ولم تزد الإظلام بالنقع ظلمةً / إذا بَيّضَ الإصباحُ منه حواشيا
ولم تثن ماء البيض بالضرب آجناً / إذا صُبّ في الهيجا على الهام صافيا
ولم تُصْدِرِ الزّرقَ الإلالَ نواهلاً / إذا وَرَدَتْ ماءَ النحور صوافيا
وخيلٍ عليها كلّ رامٍ بنفسه / رضاكَ إذا ما كنتَ بالموت راضيا
وقد لبسوا الغدْرانَ وهي تموّجتْ / دروعاً وسلُّوا المرهفاتِ سواقيا
وكم من طغاةٍ قد أخذْتَ نفوسهمْ / وأبقيتَ منهم في الصدور العواليا
بمعترك بالضرب والطَّعن جُرْدهُ / تمرّ على صرْعى العوادي عواديا
مضى ذاك أيام السرور وأقبلتْ / مناقِضَةً من بعده هي ما هيا
إذِ المُلكُ يمضي فيه أمرك بالهدى / كما أعلمت يمناك في الضرب ماضيا
وإذ أنْتَ محجوبُ السرادق لم يكن / له كلماتُ الدهر إلّا تهانيا
أمرُّ بأبوابِ القصور وأغتدي / لمن بانَ عنها في الضمير مناجيا
وأنشد لا ما كنت فيهنَّ منشداً / ألا حيّ بالزُّرْق الرسوم الخواليا
وأدعو بنيها سّيداً بعد سيّدٍ / ومن بعدهم أصبحتُ همّاً مواليا
وأحداث آثار إذا ما غشيتُها / فَجَرْتُ عليها أدمعي والقوافيا
مضيتَ حميداً كالغمامةِ أقشعَتْ / وقد ألبَسَتْ وَشْيَ الربيع المغانيا
سأُدمي جفوني بالسهاد عقوبةً / إذا وقفت عنك الدموعَ الجواريا
وأمنعُ نفسي من حياةٍ هنيئةٍ / لأنَّكَ حيٌّ تستحقُّ المراثيا

المعلومات المنشورة في هذا الموقع لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع إنما تعبر عن رأي قائلها أو كاتبها كما يحق لك الاستفادة من محتويات الموقع في الاستخدام الشخصي غير التجاري مع ذكر المصدر.
الحقوق في الموقع محفوظة حسب رخصة المشاع الابداعي بهذه الكيفية CC-BY-NC
شبكة المدارس الإسلامية 2010 - 2025