المجموع : 22
صاحَ بِالوَعظِ شَيبُ رَأسٍ مُضِيُّ
صاحَ بِالوَعظِ شَيبُ رَأسٍ مُضِيُّ / حَثَّني لِلتُقى وَقَلبي بَطِيُّ
وَأَراني وَجهَ المَنِيَّةِ مِن قُر / بٍ وَلَكِنَّني عَلَيها جَرِيُّ
سَحَرَتني الدُنيا وَعاداتُ لَذّا / تي فَجِسمي كَهلٌ وَقَلبي صَبِيُّ
أَصرَعُ العَقلَ بِالهَوى فَسِراجُ ال / راشِدِ مِن تَحتُ بِالظَلامِ خَفِيُّ
تَرَكَتني عَينُ الخَلِيُّ لِما بي / وَتَمَطّى عَلَيَّ لَيلٌ قَسِيُّ
غَيرَ لَيلاتي القَديمَةِ إِذ دَه / رِيَ غِرٌّ بِالحادِثاتِ غَبِيُّ
وَغُصونُ الدُنيا قَريبٌ جَناها / وَغَديرُ الحَياةِ صافٍ هَنِيُّ
لَم تَزَل بِالرَحيلِ دارُ سُلَيمى / يَتَهادى بِها المَها الوَحشِيُّ
مُشعَلَتٌ مِثلُ الفَساطيطِ قَدرُ / كَزَّ فيها الصِعادُ وَالخَطِّيُّ
وَمِنَ العُفرِ بارِحٌ وَسَنيحٌ / جامِدُ الظَلفِ قَرنُهُ مَلوِيُّ
وَثَلاثٌ حَنَّت لِنَوءِ رَمادٍ / يَأكُلُ الصُبحُ جَمرَهُ وَالعَشِيُّ
فَهيَ لِلريحِ كُلَّ يَومٍ وَلِلقَط / رِ غَريبٌ في رَبعِها الإِنسِيُّ
كُلُّ دارٍ لَها وَظيفَةُ دَمعٍ / مِن جُفوني حَتّى تَكِلَّ المَطِيُّ
عاقَبَتني شُرَيرُ بِالصَدِّ وَالهَج / رِ وَتَحتَ العِقابِ قَلبٌ جَرِيُّ
وَتَعَجَّبتُ مِن مَعاشِرَ دَسّوا / لِيَ شَرّاً وَاللَهُ كافٍ عَلِيُّ
حَذَراً أَيُّها الحَسودُ فَلا تَغ / فِر لِلَحمي فَإِنَّ لَحمي وَبِيُّ
أَنا جاهُ الناسِ الَّذي يَحمِلُ العِب / ءَ وَيُمري بِهِ الزَمانُ البَكِيُّ
ساحِبُ ذَيلٍ جَحفَلٍ يَملَءُ الأَر / ضَ كَما عَمَّ حافَتَيهِ الأَتِيُّ
راجِحٌ بي ميزانُ مُلكٍ وَمَجدٍ / لَيسَ فيهِ مِنَ الأَنامِ كَفِيُّ
ثُمَّ ظَنّي بِأَنَّ ما يَسعَدُ العا / قِلُ وَالحاسِدُ المُعَنّى الشَقِيُّ
ضَنَّ عَنّي فَلَم يَضِرني حَسودي / وَحَباني رَبٌّ عَلِيٌّ سَخِيُّ
وَفَلاةٍ عَمياءَ يَردى بِها السَفَ / رُ خَلاءٍ يَهابُها الجَنِيُّ
تَقِفُ العُصَّفُ الزَعازِعُ فيها / وَلَها قَبلَها جَناحٌ سَرِيُّ
قَد تَجاوَزتُها وَتَحتي سَبوحٌ / ذو مَطارٍ في عَدوِهِ مَهرِيُّ
وَيُمَدُّ الزِمامُ مِنهُ بِجِزعٍ / مِثلَ ما مُدَّ حَيَّةٌ مَطوِيُّ
كَاِبنِ قَفرٍ أَصابَ غَيثاً خَلاءً / جادَهُ صَوبُ وابِلٍ وَسَمِيُّ
وَأَجادَت بِلادُهُ بِنَباتٍ / عِرقُهُ بارِدُ الشَرابِ غَنِيُّ
قاعِداً في الثَرى يُطَيِّرُ ساقاً / يَتَمَشّى فيها شَبابٌ وَرِيُّ
وَلَهُ كُلَّما تَغَلغَلَ في الأَر / ضِ فِراشٌ مِنَ التُرابِ وَطِيُّ
فَخَلا مِنهُ آمِناً باغِيَ الطَل / عِ لَهُ مَشرَبٌ وَبَقلٌ جَنِيُّ
شاحِجٌ يَرفَعُ النَهيقَ كَما غَر / رَدَ حادٍ بِأَينَقٍ نَجدِيُّ
طابَ فيهِ لَهُ مَراحٌ وَمَغدىً / وَمَصيفٌ عِدٌ وَمَشتىً عَدِيُّ
فَلَهُ حينَ يَقبِضُ المالُ كَفَّي / هِ وَيَمشي النَهارَ بالٌ رَخِيُّ
شَغَلَتهُ لَواقِحٌ مَلَأَتهُ / عِبرَةً فَهوَ خَلفَهُنَّ كَمِيُّ
قابَلنَ جَمعَها إِلَيهِ كَما جَمَّ / عَ أَتباعَهُ إِلَيهِ الوَحِيُّ
فَدَعاها لِمَشرَبِ الماءِ عَطشا / نَ فَكَرَّت لِوَقعِهِنَّ بَغِيُّ
كُلَّما شَمَّ لاقِحاً شَمَّ مِنها / رَأسَ فَحلٍ بِرِجلِها مَغلِيُّ
خارِجٌ مِن ظِلالِ نَقعٍ كَما مَز / زَقَ جِلبابَهُ الخَليعُ الغَوِيُّ
قَد طَواها التَسويقُ وَالشَدُّ حَتّى / هُنَّ قُبٌّ كَأَنَّهُنَّ الرَكِيُّ
فَتَبَدّى لَهُنَّ بِالنَجَفِ المَقفِي / يُ ماءٌ صافي الجِمامِ غَرِيُّ
يَتَمَشّى عَلى حَصىً سَلَبَ الري / حُ قَذاهُ فَمَتنُهُ مَجلِيُّ
فَإِذا ضاحَكَتهُ دُرَّةُ شَمسٍ / خِلتَهُ كُسِّرَت عَلَيهِ الحِلِيُّ
وَسَطَ غابٍ وَأَيكَةٍ يَتَغَنّى / فَوقَ أَغصانِ أَيكِها القُمرِيُّ
عِندَها مُلحَمٌ لِسَهمٍ خَضيبٍ / كُلَّ يَومٍ لَهُ شِواءٌ طَريُّ
فَتَمَطّى لَهُ بِأَهزَعَ ماضٍ / موقَدِ النَصلِ مَتنُهُ مَبرِيُّ
بَليتُ وَمَلَّ العائِدونَ وَرابَني
بَليتُ وَمَلَّ العائِدونَ وَرابَني / تَزايُدُ أَدوائي وَفَقدُ دَوائِيا
وَعُطِّلَ مِن نَفسي مَكانُ رَجائِها / فَإِن لَم يَكُن مَوتٌ فَكَالمَوتِ ما بِيا
فَيا أَهلَ بَيتِ اللَهِ مِن آلِ هاشِمٍ / أَقِرّوا بِرُزإي أَو فَسَدّوا مَكانِيا
يُجَرِّحُهُ قَومٌ وَيَرجونَ عَفوَهُ / فَكَيفَ وَآلامٌ بِجِسمي كَما هَيا
أَسَرَ القَلبَ فَأَمسى لَدَيهِ
أَسَرَ القَلبَ فَأَمسى لَدَيهِ / فَهوَ يَشكوهُ وَيَشكو إِلَيهِ
خُلِعَ الحُسنُ عَلى وَجنَتَيهِ / وَرُقى هاروتَ في مُقلَتَيهِ
لَيسَ لي صَبرٌ وَلا أَدَّعيهِ / يُشهِدُ الدَمعُ دَماً سائِليهِ
لَو رَأى العُذّالُ ما بِقَلبِيَ لَم / يَجِدوا وَاللَهِ غَيرَكَ فيهِ
لا أَقولُ البَدرُ أَنتَ وَلا / غُصنُ بانٍ أَنتَ لا أَشتَهيهِ
يا جافِياً مُستَعجِلاً بِالقِلى
يا جافِياً مُستَعجِلاً بِالقِلى / لَم يَبقَ لي مِن بَعدِهِ باقِيَه
قَد كانَ لي فيما مَضى واصِلاً / فَقَد دَهَتني عِندَهُ داهِيَه
وَطالَما اِستَسقَيتُ مِن ريقِهِ / وَكَم لَهُ مِن زَورَةٍ خافِيَه
وَغَمزَةٍ مِن كَفِّهِ كُلَّما / صافَحتُهُ نافِعَةً شافِيَه
حُبُّكَ لي في سَقَمٍ دائِمٍ / لَكِنَّ حُبّي لَكَ في عافِيَه
يا عَينِ لا تُغلَبي عَلَيهِ
يا عَينِ لا تُغلَبي عَلَيهِ / وَاِرعَي رِياضاً بِوَجنَتَيهِ
عودي إِلَيهِ إِلَيهِ عودي / فَمُنذُ أَطرَقتِ لَم تَريهِ
يا بَديعاً بِلا شَبيهِ
يا بَديعاً بِلا شَبيهِ / وَيا حَقيقاً بِكُلِّ تيهِ
وَمَن جَفاني فَلا أَراهُ / هَب لي رُقاداً أَراكَ فيهِ
قُلوبُ الناسِ أَسرى في يَدَيهِ
قُلوبُ الناسِ أَسرى في يَدَيهِ / وَثَوبُ الحُسنِ مَخلوعاً عَلَيهِ
أَسيرُ إِذا بُليتُ وَذابَ جِسمي / لَعَلَّ الريحَ تَسعى بي إِلَيهِ
كَم صَنيعٍ شَكَرتُهُ لِبَني وَه
كَم صَنيعٍ شَكَرتُهُ لِبَني وَه / بٍ بَدا لي وَما اِهتَدَيتُ إِلَيهِ
وَعَدُوٍّ يُريدُ قَتلي وَلَكِن / يَدُ صُنعٍ مِنهُم تَرُدُّ يَدَيهِ
رُبَّ عُذرٍ حُلوٍ أَبَيتُم وَعِبتُم / وَوَفاءٍ مُرٍّ صَبَرتُم عَلَيهِ
يا رَبِّ أَبقِ وَلِيَّ دَولَةِ هاشِمٍ
يا رَبِّ أَبقِ وَلِيَّ دَولَةِ هاشِمٍ / وَاِجعَل عَلَيهِ مِنَ المَكارِهِ واقِيا
مِن أَينَ مِثلُكَ لا أَراهُ باقِياً / فيما يَكونُ وَلا أَراهُ ماضِيا
وَكَأَنَّما سامى أَباهُ وَجَدَّهُ / إِذ لَم يَجِد في العالَمينَ مُسامِيا
كانا لَعَمري عالِيَينِ عَلى الوَرى / وَعَلَيهِما لا شَكَّ أَصبَحَ عالِيا
لا زالَ في نِعَمٍ مُحَدَّثَةٍ لَهُ / وَقَديمَةٍ تَبقى عَلَيهِ كَما هِيا
أَمسى يُحَدِّثُني فَقُلتُ لِصاحِبي
أَمسى يُحَدِّثُني فَقُلتُ لِصاحِبي / أَمُحَدِّثٌ أَم مُحدِثٌ مِن فيهِ
يا وَيحَ رَيحانٍ نُحَيِّيهِ بِهِ / وَالوَيلُ لِلكَأسِ الَّتي نَسقيهِ
قَد غَضِبَت بِنتُ النُمَيرِيَّةِ
قَد غَضِبَت بِنتُ النُمَيرِيَّةِ / وَلي سِواها أَلفُ سُرِّيَّه
إِذا غَدَت يَوماً إِلى حاجَةٍ / سارَت عَلى أَلفَينِ جُنَّيَّه
وَإِن جَرى ذِكري لَها أَعرَضَت / وَمَسَحَت ذِكري بِلا نِيَّه
وَضاحِكَت بِنتاً لَها غَثَّةً / وَجارَةً عَرجاءَ قَسرِيَّه
يَظُنُّها الشَيعَةُ بابَ الهُدى / وَخَلفَ ذاكَ البابِ بَرِّيَّه
يا راكِباً فَوقَ بَغلٍ
يا راكِباً فَوقَ بَغلٍ / لِلأَرضِ مِنها دَوِيُّ
لَهُ إِذا ما تَمَشّى / قَفاً إِلَيها شَهِيِّ
يُعَرِّفُ الرَسمَ مِنها / شِسعٌ عَلَيها خَفِيِّ
بِما تَتيهُ عَلى النا / سِ قُل لَنا يا شَقِيِّ
كَم غَدوَةٍ وَعَشِيَّه
كَم غَدوَةٍ وَعَشِيَّه / نَعِمتُ بِالقادِسِيَّه
وَكَم هَجيرٍ وَقَتني / مِن حَرِّ شَمسٍ ذَكِيَّه
مُعَشِّراتُ كُرومٍ / أَبنائُها حَبَشِيَّه
لَم يَبقَ مِن وَهَجِ الشَم / سِ بَينَهُنَّ بَقِيَّه
يُسكَرنَ أَنهارَ ماءٍ / زُرقاً عِذاباً نَقِيَّه
تَحكي ذَوائِبُها في / رَواحِها وَالمَجِيَّه
عَقارِباً شائِلاتٍ / أَذنابَها مَحمِيَّه
تَدُبُّ فَوقَ زُجاجٍ / مَصقولَةٍ طَبَرِيَّه
وَإِن أَرَدتُ سَقَتني / خَمّارَةٌ قِبطِيَّه
تَرنو بِعَينِ غَزالٍ / سَحّارَةٍ بابِلِيَّه
جاءَت إِليَّ تَهادى / عَشِيَّةً شاطِرِيَّه
في قُرطَقٍ خَصَّرَتهُ / مَناطِقٌ ذَهَبِيَّه
قَد زُرِّدَت فَوقَ فَرعٍ / مِن فَوقِهِ شَمسِيَّه
يا طيبَ ذَلِكَ عَيشاً / لَو صالَحَتني المَنِيَّه
سَقياً لِعَصرِ شَبابي / إِذ لِمَّتي سَبَجِيَّه
وَإِذ أَمُدُّ رِدائي / بِقامَةٍ خَطِّيَّه
فَالآنَ آنَستُ لِلعَذ / لِ وَاِستَمَعتُ الوَصِيَه
وَبُيِّضَت شَعَراتٌ / في مَفرِقي فِضِّيَّه
قُل لِمَن حَيّا فَأَحيا
قُل لِمَن حَيّا فَأَحيا / مَيِّتاً يُحسَبُ حَيّا
ما الَّذي ضَرَّكَ لَو أَب / قَيتَ في الكَأسِ بَقِيّا
أَتَراني مِثلَ أَو لا / كَيفَما قَد قيلَ فِيّا
يا خَليلَيَّ اِسقِياني / قَهوَةً ذاتَ حُمَيّا
إِن يَكُن رُشداً فَرُشداً / أَو يَكُن غَيّاً فَغَيّا
قَد تَوَلّى اللَيلُ عَنّا / وَطَواهُ القُربُ طَيّا
وَكَأَنَّ الصُبحَ لَمّا / لاحَ مِن تَحتِ الثُرَيّا
مَلِكٌ أَقبَلَ في تا / جٍ يُفَدّى وَيُحَيّا
خَليلَيَّ إِنّي قَد أَرانِيَ ناعِيا
خَليلَيَّ إِنّي قَد أَرانِيَ ناعِيا / لَكَم صَحوَ نَفسي فَاِترُكوا صَحوَها لِيا
أَلَم يَكُ في شَرطِ السُقاةِ عَلَيكُما / بِأَنَّ النَدامى تَترُكُ العَقلَ واهِيا
أَيا وادِيَ الأَحبابِ سُقّيتَ وادِياً
أَيا وادِيَ الأَحبابِ سُقّيتَ وادِياً / وَلا زِلتَ مَسقِيّاً وَإِن كُنتَ خالِيا
فَلا تَنسَ أَطلالَ الدُجَيلِ وَمائَهُ / وَلا نَخَلاتِ الدَيرِ إِن كُنتَ ساقِيا
أَلا رُبَّ يَومٍ قَد لَبِستُ ظِلالَهُ / كَما أَغمَدَ القَينُ الحُسامَ اليَمانِيا
وَلَم أَنسَ قُمرِيَّ الحَمامِ عَشِيَّةً / عَلى فَرعِها تَدعو الحَمامَ البَواكِيا
إِذا ما جَرى حاكَت رِياضَ أَزاهِرٍ / جَوانِبُهُ وَاِنصاعَ في الأَرضِ جارِيا
وَإِن ثَقَبَتهُ العَينُ لاقَت قَرارَهُ / تَخالُ الحَصى فيها نُجوماً رَواسِيا
فَيالَكَ شَوقاً بَعدَ ما كِدتُ أَرعَوي / وَأَهجُرُ أَسبابَ الهَوى وَالتَصابِيا
وَأَصبَحتُ أَرفو الشَيبَ وَهوَ مُرَقَّعٌ / عَلَيَّ وَأُخفي مِنهُ ما لَيسَ خافِيا
وَقَد كادَ يَكسوني الشَبابُ جَناحَهُ / فَقَد حادَ عَن رَأسي وَخَلَّفَ ماضِيا
مَضى فَمَضى طيبُ الحَياةِ وَأُسخِطَت / خَلائِقُ دُنيا كُنتُ عَنهُنَّ راضِيا
وَلَم آتِ ما قَد حَرَّمَ اللَهُ في الهَوى / وَلَم أَتَّرِك مِمّا عَفا اللَهُ باقِيا
إِذا ما تَمَشَّت فِيَّ عَينُ خَريدَةٍ / فَلَيسَت تَخَطّاني إِلى مَن وَرائِيا
فَيا عاذِلي دَعني وَشَأني وَلا تَكُن / شَجٍ في الَّذي أَهوى وَدَعني لِما بِيا
وَلَيلٍ كَجِلبابِ الشَبابِ قَطَعتَهُ / بِفِتيانِ صِدقٍ لا تَمَلُّ الأَمانِيا
سَروا ثُمَّ حَطّوا عَن قُلاصٍ خَوامِسٍ / كَما عَطَلَ الرامي القَسِيَّ الحَوانِيا
أَلَم تَعلَما يا عاذِلَيَّ بِأَنَّما / يَمينِيَ مَرعىً في النَدى وَشِمالِيا
وَأَعدَدتُ لِلحَربِ العَوانِ طِمِرَّةً / وَأَسمَرَ مَطرورَ الحَديدَةِ عالِيا
وَلا بُدَّ مِن حَتفٍ يُلاقيكَ يَومُهُ / فَلا تَجزَعَن مِن ميتَةٍ هِيَ ما هِيا
وَجَمعٍ سَقَينا أَرضَهُ مِن دِمائِهِ / وَلَو كانَ عافانا قَبِلنا العَوافِيا
وَدُسناهُمُ بِالضَربِ وَالطَعنِ دَوسَةً / أَماتَت حُقوداً ثُمَّ أَحيَت مَعالِيا
خُذو حَظَّكُم مِن خَيرِنا إِنَّ شَرَّنا / مَعَ الشَرِّ لا يَزدادُ إِلّا تَمادِيا
فَرَشنا لَكُم مِنّا جَناحَ مَوَدَّةٍ / وَأَنتُم زَماناً تُلجِثونَ الدَواهِيا
أَظُنُّكُمُ مِن حاطِبِ اللَيلِ جَمَّعَت / حَبائِلُهُ عَقارِباً وَأَفاعِيا
يا رُبَّ جاري نَهَرٍ فِضِّيِّ
يا رُبَّ جاري نَهَرٍ فِضِّيِّ / مُضطَرِبٍ عَلى حَصىً نَقِيِّ
وَتُربَةٍ ذاتِ ثَرىً وَضِيِّ / وَزَهَرٍ مُبتَسِمٍ رِبعِيِّ
مُكتَهَلٍ وَمُردَعٍ صَبِيِّ / كَأَنَّهُ فَرائِدُ الحُلِيِّ
باكَرَ بِالغَداةِ وَالعَشِيِّ / ريقَ النَدى في شَبِمٍ غَدرِيِّ
ظَلَّ بِبالٍ فارِغٍ خَلِيِّ / وَما اِدَّعى مِن شِبَعٍ وَرِيِّ
قَد عاذَ بِالجِنِّ مِنَ الإِنسِيِّ / مُحَكَّماً في سَمَكِ اللُجِّيِّ
يَلفِظُها بِمِعوَلٍ دُرِّيِّ / لَفظَ نِصالِ الغَرَضِ الرَمِيِّ
صَبَّحتُهُ بِأَجَلٍ وَجِيِّ / وَمُقلَةٍ تَلحَقُ بِالقَصِيِّ
قَد لُحِّفَت بِالسَنَجِ الخَفِيِّ / كَأَنَّها دينارُ صَيرَفِيِّ
وَاِتَّصَلَت بِرَأيِهِ القَوِيِّ / ساقٍ كَغُصنِ الذَهَبِ المَجلِيِّ
وَفي سِلاحِ بَطَلٍ كَمِيِّ / أَشوَسَ أَبّاءٍ عَلى الأَبِيِّ
أَما تَرى الأَرضَ قَد أَعطَتكَ زَهرَتَها
أَما تَرى الأَرضَ قَد أَعطَتكَ زَهرَتَها / مُخضَرَّةً وَاِكتَسى بِالنورِ عاريها
فَلِلسَماءِ بُكاءٌ في حَدائِقِها / وَلِلرِياضِ اِبتِسامٌ في نَواحيها
وَكَأَنَّ المَجَرَّ جَدوَلُ ماءٍ
وَكَأَنَّ المَجَرَّ جَدوَلُ ماءٍ / نَوَّرَ الأُقحُوانَ في جانِبَيهِ
وَكَأَنَّ الهِلالَ نِصفُ سِوارٍ / وَالثُرَيّا كَفٌّ تُشيرُ إِلَيهِ
رُبَّ أَمرٍ تَتَّقيهِ
رُبَّ أَمرٍ تَتَّقيهِ / جَرَّ أَمراً تَرتَجيهِ
خَفِيَ المَحبوبُ مِنهُ / وَبَدا المَكروهُ فيهِ
فَاِترُكِ الدَهرَ وَسَلِّم / هُ إِلى عَدلٍ يَليهِ