المجموع : 14
إِنَّ أَسوا يَومٍ يَمُرُّ عَلَيّا
إِنَّ أَسوا يَومٍ يَمُرُّ عَلَيّا / يَومُ لا رُغبَةٌ تَكونُ إِلَيّا
كَم تَغُرُّ الدُنيا وَكَم يَجِدُ الإِن / سانُ فيها شَيئاً وَيُحرَمُ شَيّا
تَنشُرُ الحادِثاتُ طَوراً وَتَطوي / إِنَّما الحادِثاتُ نَشراً وَطِيّا
وَطِباعُ الإِنسانِ مُختَلِفاتٌ / رُبَّ وَعرِ الأَخلاقِ سَهلُ المُحَيّا
وَمِنَ الحَزمِ أَن أَكونَ لِنَفسي / قَبلَ مَوتي فيما مَلَكتُ وَصِيّا
أَسعِداني بِالدَمعِ يا عَينَيّا
أَسعِداني بِالدَمعِ يا عَينَيّا / أَسعِداني عَلَيهِ ما دُمتُ حَيّا
أَنَ أَولى بِما بَكَيتُ عَلى نَف / سي مِنَ الباكِياتِ يَوماً عَلَيّا
نَفَسٌ لي قَدِ اِنقَضى ثُمَّ طَرفي / وَهُما يَنعَيانِ نَفسي إِلَيّا
يُشِكُ الطَرفُ وَالتَنَفُسُّ أَلّا / يَترُكا لي مِنَ التَحَرُّكِ شَيّا
وَمِنَ الحَزمِ أَن أَكونَ لِنَفسي / قَبلَ مَوتي فيما مَلَكتُ وَصِيّا
عَجَباً ما عَجِبتُ مِن شُحِّ نَفسي / صَيَّرَتني مِلكاً لِمِلكِ يَدَيّا
إِنَّ السَلامَةَ أَن تَرضى بِما قُضِيا
إِنَّ السَلامَةَ أَن تَرضى بِما قُضِيا / لَيَسلَمَنَّ بِإِذنِ اللَهِ مَن رَضِيا
المَرءُ يَأمُلُ وَالآمالُ كاذِبَةٌ / وَالمَرءُ تَصحَبُهُ الآمالُ ما بَقِيا
يا رُبَّ باكٍ عَلى مَيتٍ وَباكِيَةٍ / لَم يَلبَثا بَعدَ ذاكَ المَيتِ أَن بُكِيا
وَرُبَّ ناعٍ نَعى حيناً أَحِبَّتَهُ / ما زالَ يَنعى إِلى أَن قيلَ قَد نُعِيا
عِلمي بِأَنّي أَذوقُ المَوتَ نَغَّصَ لي / طيبَ الحَياةِ فَما تَصفو الحَياةُ لِيا
كَم مِن أَخٍ تَغتَذي دودُ التُرابِ بِهِ / وَكانَ حَيّاً بِحُلوِ العَيشِ مُغتَذِيا
يَبلى مَعَ المَيتِ ذِكرُ الذاكِرينَ لَهُ / مَن غابَ غَيبَةَ مَن لا يُرتَجى نُسِيا
مَن ماتَ ماتَ رَجاءُ الناسِ مِنهُ فَوَل / لَوهُ الجَفاءَ وَمَن لا يُرتَجى جُفِيا
إِنَّ الرَحيلَ عَنِ الدُنيا لَيُزعِجُني / إِن لَم يَكُن رائِحاً بي كانَ مُغتَدِيا
الحَمدُ لِلَّهِ طوبى لِلسَعيدِ وَمَن / لَم يُسعِدِ اللَهُ بِالتَقوى فَقَد شَقِيا
كَم غافِلٍ عَن حِياضِ المَوتِ في لَعِبٍ / يُمسي وَيُصبِحُ رَكّاباً لِما هَوِيا
وَمُنقَضٍ ما تَراهُ العَينُ مُنقَطِعٌ / ما كُلُّ شَيءٍ يُرى إِلّا لِيَنقَضِيا
لِيَبكِ رَسولَ اللَهِ مَن كانَ باكِيا
لِيَبكِ رَسولَ اللَهِ مَن كانَ باكِيا / وَلا تَنسَ قَبراً بِالمَدينَةِ ثاوِيا
جَزى اللَهُ عَنّا كُلَّ خَيرٍ مُحَمَّداً / فَقَد كانَ مَهديّاً دَليلاً وَهادِيا
وَلَن تَسرِيَ الذِكرى بِما هُوهَ أَهلُهُ / إِذا كُنتَ لِلبِرِّ المُطَهِّرِ ناسيّا
أَتَنسى رَسولَ اللَهِ أَفضَلَ مَن مَشى / وَآثارُهُ بِالمَسجِدَينِ كَما هِيا
وَكانَ أَبَرَّ الناسِ بِالناسِ كُلِّهِم / وَأَكرَمَهُم بَيتاً وَشِعباً وَوادِيا
تَكَدَّرَ مِن بَعدِ النَبيِّ مُحَمَّدٍ / عَلَيهِ سَلامُ اللَهِ ما كانَ صافِيا
فَكَم مِن مَنارٍ كانَ أَوضَحَهُ لَنا / وَمِن عَلَمٍ أَمسى وَأَصبَحَ عافِيا
رَكَنّا إِلى الدُنيا الدَنيَّةِ بَعدَهُ / وَكَشَّفَتِ الأَطماعُ مِنّا المَساوِيا
وَإِنّا لَنُرمى كُلَّ يَومٍ بِعِبرَةٍ / نَراها فَما تَزدَدُ إِلّا تَمادِيا
نُسَرُّ بِدارٍ أَورَثَتنا تَضاغُناً / عَلَيها وَدارٍ أَورَثَتنا تَعادِيا
إِذا المَرءُ لَم يَلبَس ثِياباً مِنَ التُقى / تَقَلَّبَ عُرياناً وَإِن كانَ كاسِيا
أَخي كُن عَلى يَأسٍ مِنَ الناسِ كُلِّهُم / جَميعاً وَكُن ما عِشتَ لِلَّهِ راجِيا
أَلَم تَرَ أَنَّ اللَهَ يَكفي عِبادَهُ / فَحَسبُ عِبادِ اللَهِ بِاللَهِ كافِيا
وَكَم مِن هَناتٍ ما عَلَيكَ لَمَستَها / مِنَ الناسِ يَوماً أَو لَمَستَ الأَفاعِيا
أَخي قَد أَبى بُخلي وَبُخلُكَ أَن يُرى / لِذي فاقَةٍ مِنّي وَمِنكَ مُؤاسِيا
كِلانا بَطينٌ جَنبُهُ ظاهِرُ الكُسى / وَفي الناسِ مَن يُمسي وَيُصبِحُ طاوِيا
كَأَنّا خُلِقنا لِلبَقاءِ وَأَيُّنا / وَإِن مُدَّتِ الدُنيا لَهُ لَيسَ فانِيا
أَبى المَوتُ إِلّا أَن يَكونَ لِمَن ثَوى / مِنَ الخَلقِ طُرّاً حَيثُما كانَ لاقِا
حَسَمتَ المُنى يا مَوتُ حَسماً مُبَرِّحاً / وَعَلَّتَ يا مَوتُ البُكاءَ البَواكِيا
وَمَزَّقتَنا يا مَوتُ كُلَّ مُمَزَّقٍ / وَعَرَّفتَنا يا مَوتُ مِنكَ الدَواهِيا
أَلا يا طَويلَ السَهوِ أَصبَحتَ ساهِيا / وَأَصبَحتَ مُغتَرّاً وَأَصبَحتَ لاكِيا
أَفي كُلِّ يَومٍ نَحنُ نَلقى جَنازَةً / وَفي كُلِّ يَومٍ نَحنُ نَسمَعُ ناعِيا
وَفي كُلِّ يَومٍ مِنكَ نَرثي لِمُعوِلٍ / وَفي كُلِّ يَومٍ نَحنُ نُسعِدُ باكِيا
أَلا أَيُّها الباني لِغَيرِ بَلاغِهِ / أَلا لِخَرابِ الدَهرِ أَصبَحتَ بانِيا
أَلا لِزَوالِ العُمرِ أَصبَحتَ جامِعاً / وَأَصبَحتَ مُختالاً فَخوراً مُباهِيا
كَأَنَّكَ قَد وَلَّيتَ عَن كُلِّ ما تَرى / وَخَلَّفتَ مَن خَلَّفتَهُ عَنكَ سالِيا
لَأَبكِيَنَّ عَلى نَفسي وَحَقَّ لِيَه
لَأَبكِيَنَّ عَلى نَفسي وَحَقَّ لِيَه / يا عَينُ لا تَبخَلي عَنّي بِعِبرَتِيَه
لَأَبكِيَنَّ لِفِقدانِ الشَبابِ وَقَد / نادى المَشيبُ عَنِ الدُنيا بِرِحلَتِيَه
لَأَبكِيَنَّ عَلى نَفسي فَيُسعِدُني / عَينٌ مُؤَرَّقَةٌ تَبكي لِفُرقَتِيَه
لَأَبكِيَنَّ عَلى نَفسي فَيُسعِدُني / أَهلي وَمَن كانَ حَولي مِن أَحِبَّتِيَه
لَأَبكِيَنَّ وَيَبكيني ذَوّ ثِقَتي / حَتّى المَماتِ أَخِلّائي وَإِخوَتِيَه
لَأَبكِيَنَّ فَقَد جَدَّ الرَحيلُ إِلى / بَيتِ اِنقِطاعي عَنِ الدُنيا وَوَحدَتِيَه
يا بَيتُ بَيتَ الرَدى يا بَيتَ مُنقَطَعي / يا بَيتُ بَيتَ الرَدى يا بَيتَ غُربَتِيَه
يا بَيتُ بَيتَ النَوى عَن كُلِّ ذي ثِقَةٍ / يا بَيتُ بَيتَ الرَدى يا بَيتَ وَحشَتِيَه
يا نَأيَ مُنتَجَعي يا هَولَ مُطَّلَعي / يا ضيقَ مُضطَجَعي يا بُعدَ شُقَّتِيَه
يا عَينُ كَم عِبرَةٍ لي غَيرِ مُشكِلَةٍ / إِن كُنتُ مُنتَفِعاً يَوماً بِعِبرَتِيَه
يا عَينُ فَاِنهَمِلي إِن شِئتِ أَو فَدَعي / أَمّا الزَمانُ فَقَد أَودى بِجِدَّتِيَه
يا كُربَتي يَومَ لا جارٌ يَبَرُّ وَلا / مَولى يُنَفِّسُ إِلّا اللَهُ كُربَتِيَه
يَوماً أُقَلِّبُ فيهِ شاخِصاً بَصَري / تَميدُ بي في حِياضِ المَوتِ سَكرَتِيَه
إِذا تَمَثَّلَ لي كَربُ السِياقِ وَقَد / قَلَّبتُ طَرفي وَقَد رَدَدتُ غُصَّتِيَه
إِذ حَثَّ بي عَلَقٌ عالٍ وَحَشرَجَ في / صَدري وَدارَت لِكَربِ المَوتِ مُقلَتِيَه
أُمسي وَأُصبِحُ في لَهوٍ وَفي لَعِبٍ / ماذا أُضَيِّعُ في يَومي وَلَيلَتِيَه
إِنّي لَأَلهو وَأَيّامي تُنَقِّلُني / حَتّى تَسُدَّ بِيَ الأَيّامُ حُفرَتِيَه
ماذا أُضَيِّعُ مِن طَرفي وَمِن نَفسي / لِغَفلَتي وَهُما في حَذفِ مُدَّتِيَه
أَلهو وَلي رَهبَةٌ في كُلِّ حادِثَةٍ / وَإِنَّما رَهبَتي فَرعٌ لِرَغبَتِيَه
الرُشدُ يُعتِقُني لَو كُنتُ أَتبَعُهُ / وَالغَيُّ يَجعَلُني عَبداً لِشَهوَتِيَه
يا نَفسُ ضَيَّعتِ أَيّامَ الشَبابِ وَهَ / ذا الشَيبُ فَاِعتَبِري بِالشَيبِ عِبرَتِيَه
يا نَفسُ وَيحَكِ ما الدُنيا بِباقِيَةٍ / فَشَمِّري وَاِجعَلي في المَوتِ فِكرَتِيَه
لَئِن رَكَنتُ إِلى الدُنيا وَزينَتَها / لَأَخرُجَنَّ مِنَ الدُنيا بِحَسرَتِيَه
أَشكو إِلى اللَهِ تَضيِيعي وَمَسكَنَتي / أَشكو إِلى اللَهِ تَقصيري وَقَسوَتِيَه
وَاللَهُ وَاللَهُ رَبّي المُستَغاثُ بِهِ / وَاللَهُ رَبّي بِهِ حَولي وَقُوَّتِيَه
المالُ ما كانَ قُدّامي لِآخِرَتي / ما لَم أُقَدِّمهُ مِن مالي فَلَيسَ لِيَه
أَينَ القُرونُ الماضِيَه
أَينَ القُرونُ الماضِيَه / تَرَكوا المَنازِلَ خالِيَه
فَاستَبدَلَت بِهِمُ دِيا / رُهُمُ الرِياحَ الهاوِيَه
وَتَشَتَّتَت عَنها الجُمو / عُ وَفارَقَتها الغاشِيَه
فَإِذا مَحَلٌّ لِلوُحو / شِ وَلِلكِلابِ العاوِيَه
دَرَجوا فَما أَبقَت صُرو / فُ الدَهرِ مِنهُم باقِيَه
فَلَئِن عَقَلتُ لَأَبكِيَن / نَهُمُ بِعَينٍ باكِيَه
لَم يَبقَ مِنهُم بَعدَهُم / إِلّا العِظامُ الباقِيَه
لِلَّهِ دَرُّ جَماجِمٍ / تَحتَ الجَنادِلِ ثاوِيَه
وَلَقَد عَتَوا زَمَناً كَأَن / نَهُمُ السِباعُ العاوِيَه
في نِعمَةٍ وَغَضارَةٍ / وَسَلامَةٍ وَرَفاهِيَه
قَد أَصبَحوا في بَرزَخٍ / وَمَحَلَّةٍ مُتَراخِيَه
ما بَينَهُم مُتَفاوِتٌ / وَقُبورُهُم مُتدانِيَه
وَالدَهرُ لا تَبقى عَلَي / هِ الشامِخاتُ الراسِيَه
وَلَرُبَّ مُغتَرٍّ بِهِ / حَتّى رَماهُ بِداهِيَه
يا عاشِقَ الدارِ الَّتي / لَيسَت لَهُ بِمُؤاتِيَه
أَحبَبتَ داراً لَم تَزَل / عَن نَفسِها لَكَ ناهِيَه
أَأُخَيَّ فَاِرمِ مَحاسِنَ الدُ / نيا بِعَينٍ قالِيَه
وَاعصِ الهَوى فيما دَعا / كَ لَهُ فَبِئسَ الداعِيَه
أَتُرى شَبابَكَ عائِداً / مِن بَعدِ شَيبِكَ ثانِيَه
أَودى بِجَدَّتِكَ البِلى / وَأَرى مُناكَ كَما هِيَه
يا دارُ ما لِعُقولِنا / مَسرورَةً بِكِ راضِيَه
إِنّا لَنَعمُرُ مِنكِ نا / حِيَةً وَنُخرِبُ ناحِيَه
ما نَرعَوي لِلحادِثا / تِ وَلا الخُطوبِ الجارِيَه
وَاللَهُ لا يَخفى عَلَي / هِ مِنَ الخَلائِقِ خافِيَه
عَجَباً لَنا وَلِجَهلِنا / إِنَّ العُقولَ لَواهِيَه
إِنَّ العُقولَ لَذاهِلا / تٌ غافِلاتٌ لاهِيَه
إِنَّ العُقولَ عَنِ الجِنا / نِ وَحورِهِنَّ لَساهِيَه
أَفَلا نَبيعُ مَحَلَّةً / تَفنى بِأُخرى باقِيَه
نَصبو إِلى دارِ الغُرو / رِ وَنَحنُ نَعلَمُ ما هِيَه
فَكَأَنَّ أَنفُسَنا لَنا / فيما فَعَلنَ مُعادِيَه
مَن مُبلِغٌ عَنّي الإِما / مَ نَصائِحاً مُتَوالِيَه
إِنّي أَرى الأَسعارَ أَس / عارَ الرَعِيَّةِ غالِيَه
وَأَرى المَكاسِبَ نَزرَةً / وَأَرى الضَرورَةَ فاشِيَه
وَأَرى غُمومَ الدَهرَ را / ئِحَةً تَمُرُّ وَغادِيَه
وَأَرى المَراضِعَ فيهِ عَن / أَولادِها مُتَجافِيَه
وَأَرى اليَتامى وَالأَرا / مِلَ في البُيوتِ الخالِيَه
مِن بَينِ راجٍ لَم يَزَل / يَسمو إِلَيكَ وَراجِيَه
يَشكونَ مَجهَدَةً بِأَص / واتٍ ضِعافٍ عالِيَه
يَرجونَ رِفدَكَ كَي يَرَوا / مِمّا لَقوهُ العافِيَه
مَن يُرتَجى في الناسِ غَي / رُكَ لِلعُيونِ الباكِيَه
مِن مُصبِياتِ جُوَّعٍ / تُمسي وَتُصبِحُ طاوِيَه
مَن يُرتَجى لِدِفاعِ كَر / بِ مُلِمَّةٍ هِيَ ما هِيَه
مَن لِلبُطونِ الجائِعا / تِ وَلِلجُسومِ العارِيَه
مَن لِارتِياعِ المُسلِمي / نَ إِذا سَمِعنا الواعِيَه
يا ابنَ الخَلائِفِ لا فُقِد / تَ وَلا عَدَمتَ العافِيَه
إِنَّ الأُصولَ الطَيِّبا / تِ لَها فُروعٌ زاكِيَه
أَلقَيتُ أَخباراً إِلَي / كَ مِنَ الرَعِيَّةِ شافِيَه
وَنَصيحَتي لَكَ مَحضَةٌ / وَمَوَدَّتي لَكَ صافِيَه
أَلا مَن لي بِأُنسِكَ يا أُخَيّا
أَلا مَن لي بِأُنسِكَ يا أُخَيّا / وَمَن لي أَن أَبُثَّكَ ما لَدَيّا
طَوَتكَ خُطوبُ دَهرِكَ بَعدَ نَشرٍ / كَذاكَ خُطوبُهُ نَشراً وَطَيّا
فَلَو نَشَرَت قُواكَ لِيَ المَنايا / شَكَوتُ إِلَيكَ ما صَنَعَت إِلَيّا
بَكيتُكَ يا أُخَيَّ بَدَمعِ عَيني / فَلَم يُغنِ البُكاءُ عَلَيكَ شَيّا
وَكانَت في حَياتِكَ لي عِظاتٌ / وَأَنتَ اليَومَ أَوعَظُ مِنكَ حَيّا
كَأَنَّ الأَرضَ قَد طُوِيَت عَلَيّا
كَأَنَّ الأَرضَ قَد طُوِيَت عَلَيّا / وَقَد أُخرِجتُ مِمّا في يَدَيّا
كَأَنّي يَومَ يُحثى التُربُ فَوقي / مَهيلاً لَم أَكُن في الناسِ حَيّا
كَأَنَّ القَومَ قَد دَفَنوا وَوَلَّوا / وَكُلٌّ غَيرُ مُلتَفِتٍ إِلَيّا
كَأَن قَد صِرتُ مُنفَرِداً وَحيداً / وَمُرتَهَناً هُناكَ بِما لَدَيّا
كَأَن بِالباكِياتِ عَلَيَّ يَوماً / وَما يُغني البُكاءُ عَلَيَّ شَيّا
ذَكَرتُ مَنِيَّتي فَبَكَيتُ نَفسي / أَلا أَسعِد أُخَيَّكَ يا أَخِيّا
لَم تُبقِ مِنّي إِلّا القَليلَ وَما
لَم تُبقِ مِنّي إِلّا القَليلَ وَما / أَحسَبُها تَترُكُ الَّذي بَقِيا
إِمامَ الهُدى أَصبَحتَ بِالدينِ مَعنِيا
إِمامَ الهُدى أَصبَحتَ بِالدينِ مَعنِيا / وَأَصبَحتَ تَسقي كُلَّ مُستَمطِرٍ رِيّا
لَكَ اسمانِ شُقّا مِن رَشادٍ وَمِن هُداً / فَأَنتَ الَّذي تُدعى رَشيداً وَمُهدِيّا
إِذا ما سَخِطتَ الشَيءَ كانَ مُسَخَّطاً / وَإِن تَرضَ شَيئاً كانَ في الناسِ مَرضِيّا
بَسَطتَ لَنا شَرقاً وَغَرباً يَدَ العُلا / فَأَوسَعتَ شَرقِيّاً وَأَوسَعتَ غَربِيّا
وَوَشَّيتَ وَجهَ الأَرضِ بِالجودِ وَالنَدى / فَأَصبَحَ وَجهُ الأَرضِ بِالجودِ مَوشِيّا
وَأَنتَ أَميرَ المُؤمِنينَ فَتى التُقى / نَشَرتَ مِنَ الإِحسانِ ما كانَ مَطوِيّا
قَضى اللَهُ أَن يَبقى لِهارونَ مُلكُهُ / وَكانَ قَضاءُ اللَهِ في الخَلقِ مَقضِيّا
تَحَلَّبَتِ لدُنيا لِهارونَ بِالرِضا / وَأَصبَحَ نَقفورٌ لِهارونَ ذِمِّيّا
هَزَزتُكَ لا أَنّي وَجَدتُكَ ناسِياً
هَزَزتُكَ لا أَنّي وَجَدتُكَ ناسِياً / لِوَعدٍ وَلا أَني أَرَدتُ التَقاضِيا
وَلَكِن وَجَدتُ السَيفَ عِندَ انتِضائِهِ / إِلى الهَزِّ مُحتاجاً وَإِن كانَ ماضِيا
أَلا مَن لي بِأُنسِكَ يا أُخَيّا
أَلا مَن لي بِأُنسِكَ يا أُخَيّا / وَمَن لي أَن أَبُشَّكَ ما لَدَيَّ
طَوَتكَ خُطوبُ دَهرِكَ بَعدَ نَشرٍ / كَذاكَ خُطوبُهُ نَشراً وَطَيّا
فَلَو نَشَرَت قُواكَ لِيَ المَنايا / شَكَوتُ إِلَيكَ ما صَنَعَت إِلَيّا
بَكَيتُكَ يا عَلِيُّ بِدَمعِ عَيني / فَما أَغنى البُكاءُ عَلَيكَ شَيّا
كَفى حُزناً بِدَفنِكَ ثُمَّ إِنّي / نَفَضتُ اتُرابَ قَبرِكَ مِن يَدَيّا
وَكانَت في حَياتِكَ لي عِظاتٌ / وَأَنتَ اليَومَ أَوعَظُ مِنكَ حَيّا
ما لي أَرى الأَبصارَ بي جافِيَة
ما لي أَرى الأَبصارَ بي جافِيَة / لَم تَلتَفِت مِنّي إِلى ناحِيَه
لايَنظُرُ الناسُ إِلى المُبتَلى / وَإِنَّما الناسُ مَعَ العافِيَه
صَحبي سَلوا رَبَّكُمُ العافِيَة / فَقَد دَهَتني بَعدَكُم داهِيَه
صارَ مِني بَعدَكُمُ سَيِّدي / فَالعَينُ مِن هِجرانِهِ باكِيَه
يا اِبنَ عَمِّ النَبيِّ خَيرِ البَرِيَّه
يا اِبنَ عَمِّ النَبيِّ خَيرِ البَرِيَّه / إِنَّما أَنتَ رَحمَةٌ لِلرَعِيَّه
يا إِمامَ الهُدى الأَمينَ المُصَفّى / يا لُبابَ الخِلافَةِ الهاشِمِيَّه
لَكَ نَفسٌ أَمّارَةٌ لَكَ بِالخَي / رِ وَكَفٌّ بِالمَكرُماتِ نَدِيَّه
إِنَّ نَفساً تَحَمَّلَت مِنكَ ما حُم / مِلتَ لِلمُسلِمينَ نَفسٌ قَوِيَّه