القوافي :
الكل ا ب ت ث ج ح خ د ذ ر ز س ش ص ط ع غ ف ق ك ل م ن و ه ء ي
الشاعر : أحمد شَوقي الكل
المجموع : 25
مَقاديرُ مِن جَفنَيكِ حَوَلنَ حالِيا
مَقاديرُ مِن جَفنَيكِ حَوَلنَ حالِيا / فَذُقتُ الهَوى بَعدَما كُنتُ خالِيا
نَفَذنَ عَلَيَّ اللُبَّ بِالسَهمِ مُرسَلاً / وَبِالسِحرِ مَقضِيّاً وَبِالسَيفِ قاضِيا
وَأَلبَسنَني ثَوبَ الضَنى فَلَبِستُهُ / فَأَحبِب بِهِ ثَوباً وَإِن ضَمَّ بالِيا
وَما الحُبُّ إِلّا طاعَةٌ وَتَجاوُزٌ / وَإِن أَكثَروا أَوصافَهُ وَالمَعانِيا
وَما هُوَ إِلّا العَينُ بِالعَينِ تَلتَقي / وَإِن نَوَّعوا أَسبابَهُ وَالدَواعِيا
وَعِندي الهَوى مَوصوفُهُ لا صِفاتُهُ / إِذا سَأَلوني ما الهَوى قُلتُ ما بِيا
وَبي رَشَأٌ قَد كانَ دُنيايَ حاضِراً / فَغادَرَني أَشتاقُ دُنيايَ نائِيا
سَمَحتُ بِروحي في هَواهُ رَخيصَةً / وَمَن يَهوَ لا يوثِرُ عَلى الحُبِّ غالِيا
وَلَم تَجرِ أَلفاظُ الوُشاةِ بِريبَةٍ / كَهَذي الَّتي يَجري بِها الدَمعُ واشِيا
أَقولُ لِمَن وَدَّعتُ وَالرَكبُ سائِرٌ / بِرُغمِ فُؤادي سائِرٌ بِفُؤاديا
أَماناً لِقَلبي مِن جُفونِكِ في الهَوى / كَفى بِالهَوى كَأساً وَراحاً وَساقِيا
وَلا تَجعَليهِ بَينَ خَدَيكِ وَالنَوى / مِنَ الظُلمِ أَن يَغدو لِنارَينِ صالِيا
وَلَم يَندَمِل مِن طَعنَةِ القَدِّ جُرحُهُ / فَرِفقاً بِهِ مِن طَعنَةِ البَينِ دامِيا
أَهلَ القُدودِ الَّتي صالَت عَواليها
أَهلَ القُدودِ الَّتي صالَت عَواليها / اللَهَ في مُهَجٍ طاحَت غَواليها
خُذنَ الأَمانَ لَها لَو كانَ يَنفَعُها / وَاِردُدنَها كَرَماً لَو كانَ يُجديها
وَاِنظُرنَ ما فَعَلَت أَحداقُكُنَّ بِها / ما كانَ مِن عَبَثِ الأَحداقِ يَكفيها
تَعَرَّضَت أَعينٌ مِنّا فَعارَضَنا / عَلى الجَزيرَةِ سِربٌ من غَوانيها
ما ثُرنَ مِن كُنُسٍ إِلّا إِلى كُنُسٍ / مِنَ الجَوانِحِ ضَمَّتها حَوانيها
عَنَّت لَنا أُصُلاً تُغري بِنا أَسَلاً / مَهزوزَةً شَكلاً مَشروعَةً تيها
وَأَرهَفَت أَعيُناً ضَعفى حَمائِلُها / نَشوى مَناصِلُها كَحلى مَواضيها
لَنا الحَبائِلُ نُلقيها نَصيدُ بِها / وَلَم نَخَل ظَبَياتِ القاعِ تَلقيها
نَصَبنَها لَكَ مِن هُدبٍ وَمِن حَدَقٍ / حَتّى اِنثَنَيتَ بِنَفسٍ عَزَّ فاديها
مِن كُلِّ زَهراءَ في إِشراقِها ضَحِكَت / لَبّاتُها عَن شَبيهِ الدُرِّ مِن فيها
شَمسُ المَحاسِنِ يُستَبقى النَهارُ بِها / كَأَنَّ يوشَعَ مَفتونٌ يُجاريها
مَشَت عَلى الجِسرِ ريماً في تَلَفُّتِها / لِلناظِرينَ وَباناً في تَثَنّيها
كَأَنَّ كُلَّ غَوانيهِ ضَرائِرُها / عُجباً وَكُلَّ نَواحيهِ مَرائيها
عارَضتُها وَضَميري مِن مَحارِمِها / يَزوَرُّ عَن لَحَظاتي في مَساريها
أَعِفُّ مِن حَليِها عَمّا يُجاوِرُهُ / وَمِن غَلائِلِها عَمّا يُدانيها
قالَت لَعَلَّ أَديبَ النيلِ يُحرِجُنا / فَقُلتُ هَل يُحرِجُ الأَقمارَ رائيها
بَيني وَبَينَكِ أَشعارٌ هَتَفتُ بِها / ما كُنتُ أَعلَمُ أَنَّ الريمَ يَرويها
وَالقَولُ إِن عَفَّ أَو ساءَت مَواقِعُهُ / صَدى السَريرَةِ وَالآدابِ يَحكيها
أُداري العُيونَ الفاتِراتِ السَواجِيا
أُداري العُيونَ الفاتِراتِ السَواجِيا / وَأَشكو إِلَيها كَيدَ إِنسانِها لِيا
قَتَلنَ وَمَنَّينَ القَتيلَ بِأَلسُنٍ / مِنَ السِحرِ يُبدِلنَ المَنايا أَمانِيا
وَكَلَّمنَ بِالأَلحاظِ مَرضى كَليلَةٍ / فَكانَت صِحاحاً في القُلوبِ مَواضِيا
حَبَبتُكِ ذاتَ الخالِ وَالحُبُّ حالَةٌ / إِذا عَرَضَت لِلمَرءِ لَم يَدرِ ماهِيا
وَإِنَّكِ دُنيا القَلبِ مَهما غَدَرتِهِ / أَتى لَكِ مَملوءً مِنَ الوَجدِ وافِيا
صُدودُكِ فيهِ لَيسَ يَألوهُ جارِحاً / وَلَفظُكِ لا يَنفَكُّ لِلجُرحِ آسِيا
وَبَينَ الهَوى وَالعَذلِ لِلقَلبِ مَوقِفٌ / كَخالِكِ بَينَ السَيفِ وَالنارِ ثاوِيا
وَبَينَ المُنى وَاليَأسِ لِلصَبرِ هِزَّةٌ / كَخَصرِكِ بَينَ النَهدِ وَالرِدفِ واهِيا
وَعَرَّضَ بي قَومي يَقولونَ قَد غَوى / عَدِمتُ عَذولي فيكِ إِن كُنتُ غاوِيا
يَرومونَ سُلواناً لِقَلبي يُريحُهُ / وَمَن لي بِالسُلوانِ أَشريهِ غالِيا
وَما العِشقُ إِلّا لَذَّةٌ ثُمَّ شِقوَةٌ / كَما شَقِيَ المَخمورُ بِالسُكرِ صاحِيا
سَقى اللَهُ بِالكَفرِ الأَباظِيِّ مَضجَعاً
سَقى اللَهُ بِالكَفرِ الأَباظِيِّ مَضجَعاً / تَضَوَّعَ كافوراً مِنَ الخُلدِ سارِيا
يَطيبُ ثَرى بُردَينِ مِن نَفحِ طيبِهِ / كَأَنَّ ثَرى بُردَينِ مَسَّ الغَوالِيا
فَيا لَك غِمداً مِن صَفيحٍ وَجَندَلٍ / حَوى السَيفَ مَصقولَ الغِرارِ يَمانِيا
وَكُنّا اِستَلَلنا في النَوائِبِ غَربَهُ / فَلَم يُلفَ هَيّاباً وَلَم نُلفَ نابِيا
إِذا اِهتَزَّ دونَ الحَقِّ يَحمي حِياضَهُ / تَأَخَّرَ عَنها باطِلُ القَومِ ظامِيا
طَوَتهُ يَدٌ لِلمَوتِ لا الجاهُ عاصِماً / إِذا بَطَشَت يَوماً وَلا المالُ فادِيا
تَنالُ صِبا الأَعمارِ عِندَ رَفيفِهِ / وَعِندَ جُفوفِ العودِ في السِنِّ ذاوِيا
وَبَعضُ المَنايا تُنزِلُ الشَهدَ في الثَرى / وَيَحطُطنَ في التُربِ الجِبالَ الرَواسِيا
يَقولونَ يَرثي الراحِلينَ فَوَيحَهُم / أَأَمَّلتُ عِندَ الراحِلينَ الجَوازِيا
أَبَوا حَسَداً أَن أَجعَلَ الحَيَّ أُسوَةً / لَهُم وَمِثالاً قَد يُصادِفُ حاذِيا
فَلَمّا رَثَيتُ المَيتَ أَقضي حُقوقَهُ / وَجَدتُ حَسوداً لِلرُفاتِ وَشانِيا
إِذا أَنَت لَم تَرعَ العُهودَ لِهالِكٍ / فَلَستَ لِحَيٍّ حافِظَ العَهدِ راعِيا
فَلا يَطوينَ المَوتُ عَهدَكَ مِن أَخٍ / وَهَبهُ بِوادٍ غَيرِ واديكَ نائِيا
أَقامَ بِأَرضٍ أَنتَ لاقيهِ عِندَها / وَإِن بِتُّما تَستَبعِدانِ التَلاقيِا
رَثَيتُ حَياةً بِالثَناءِ خَليقَةً / وَحَلَّيتُ عَهداً بِالمَفاخِرِ حالِيا
وَعَزَّيتُ بَيتاً قَد تَبارَت سَماؤُهُ / مَشايِخَ أَقماراً وَمُرداً دَرارِيا
إِلى اللَهِ إِسماعيلُ وَاِنزِل بِساحَةٍ / أَظَلَّ النَدى أَقطارَها وَالنَواجِيا
تَرى الرَحمَةَ الكُبرى وَراءَ سَمائِها / تَلُفُّ التُقى في سَيبِها وَالمَعاصِيا
لَدى مَلِكٍ لا يَمنَعُ الظِلَّ لائِذاً / وَلا الصَفحَ تَوّاباً وَلا العَفوَ راجِيا
وَأُقسِمُ كُنتَ المَرءَ لَم يَنسَ دينَهُ / وَلَم تُلهِهِ دُنياؤُهُ وَهيَ ماهِيا
وَكُنتَ إِذا الحاجاتُ عَزَّ قَضائُها / لِحاجِ اليَتامى وَالأَرامِلِ قاضِيا
وَكُنتَ تُصَلّي بِالمُلوكِ جَماعَةً / وَكُنتَ تَقومُ اللَيلَ بِالنَفسِ خالِيا
وَمَن يُعطَ مِن جاهِ المُلوكِ وَسيلَةً / فَلا يَصنَعُ الخَيراتِ لَم يُعطَ غالِيا
وَكُنتَ الجَريءَ النَدبَ في كُلِّ مَوقِفٍ / تَلَفتَ فيهِ الحَقُّ لَم يَلقَ حامِيا
بَصُرتُ بِأَخلاقِ الرِجالِ فَلَم أَجِد / وَإِن جَلَتِ الأَخلاقُ لِلعَزمِ ثانِيا
مِنَ العَزمِ ما يُحيِ فُحولاً كَثيرَةً / وَقَدَّمَ كافورَ الخَصِيِّ الطَواشِيا
وَما حَطَّ مِن رَبِّ القَصائِدِ مادِحاً / وَأَنزَلَهُ عَن رُتبَةِ الشِعرِ هاجِيا
فَلَيسَ البَيانُ الهَجوَ إِن كُنتَ ساخِطاً / وَلا هُوَ زورُ المَدحِ إِن كُنتَ راضِيا
وَلَكِن هُدى اللَهِ الكَريمِ وَوَحيُهُ / حَمَلتَ بِهِ المِصباحَ في الناسِ هادِيا
تُفيضُ عَلى الأَحياءِ نوراً وَتارَةً / تُضيءُ عَلى المَوتى الرَجامَ الدَواجِيا
هَياكِلُ تَفنى وَالبَيانُ مُخَلَّدٌ / أَلا إِنَّ عِتقَ الخَمرِ يُنسي الأَوانِيا
ذَهَبتَ أَبا عَبدِ الحَميدِ مُبَرَّءاً / مِنَ الذامِ مَحمودَ الجَوانِبِ زاكِيا
قَليلَ المَساوي في زَمانٍ يَرى العُلا / ذُنوباً وَناسٍ يَخلُقونَ المَساوِيا
طَوَيناكَ كَالماضي تَلَقّاهُ غِمدُهُ / فَلَم تَستَرِح حَتّى نَشَرناكَ ماضِيا
فَكُنتَ عَلى الأَفواهِ سيرَةَ مُجمِلِ / وَكُنتَ حَديثاً في المَسامِعِ عالِيا
وَفَيتَ لِمَن أَدناكَ في المُلكِ حِقبَةً / فَكانَ عَجيباً أَن يَرى الناسُ وافِيا
أَثاروا عَلى آثارِ مَوتِكَ ضَجَّةً / وَهاجوا لَنا الذِكرى وَرَدّوا اللَيالِيا
وَمَن سابَقَ التاريخَ لَم يَأمَنِ الهَوى / مُلِجّاً وَلَم يَسلَم مِنَ الحِقدِ نازِيا
إِذا وَضَعَ الأَحياءُ تاريخَ جيلِهِم / عَرَفتَ المُلاحي مِنهُمو وَالمُحابِيا
إِذا سَلِمَ الدُستورُ هانَ الَّذي مَضى / وَهانَ مِنَ الأَحداثِ ما كانَ آتِيا
أَلا كُلُّ ذَنبٍ لِلَّيالي لِأَجلِهِ / سَدَلنا عَلَيهِ صَفحَنا وَالتَناسِيا
أَحَقٌّ أَنَّهُم دَفَنوا عَلِيّا
أَحَقٌّ أَنَّهُم دَفَنوا عَلِيّا / وَحَطّوا في الثَرى المَرءَ الزَكِيّا
فَما تَرَكوا مِنَ الأَخلاقِ سَمحاً / عَلى وَجهِ التُرابِ وَلا رَضِيّا
مَضَوا بِالضاحِكِ الماضي وَأَلقوا / إِلى الحُفَرِ الخَفيفَ السَمهَرِيّا
فَمَن عَونُ اللُغاتِ عَلى مُلِمٍّ / أَصابَ فَصيحَها وَالأَعجَمِيّا
لَقَد فَقَدَت مُصَرِّفَها حَنيناً / وَباتَ مَكانُهُ مِنها خَلِيّا
وَمَن يَنظُرُ الفُسطاطَ تَبكي / بِفائِضَةٍ مِنَ العَبَراتِ رِيّا
أَلَم يَمشِ الثَرى قِحَةً عَلَيها / وَكانَ رِكابُها نَحوَ الثُرَيّا
فَنَقَّبَ عَن مَواضِعِها عَلِيٌّ / فَجَدَّدَ دارِساً وَجَلا خَفِيّا
وَلَولا جُهدُهُ اِحتَجَبَت رُسوماً / فَلا دِمَناً تُريكَ وَلا نُؤِيّا
تَلَفَّتَتِ الفُنونُ وَقَد تَوَلّى / فَلَم تَجِدِ النَصيرَ وَلا الوَلِيّا
سَلوا الآثارَ مَن يَغدو يُغالي / بِها وَيَروحُ مُحتَفِظاً حَفِيّا
وَيُنزِلُها الرُفوفَ كَجَوهَرِيٍّ / يُصَفِّفُ في خَزائِنِها الحُلِيّا
وَما جَهِلَ العَتيقَ الحُرَّ مِنها / وَلا غَبِيَ المُقَلَّدَ وَالدَعِيّا
فَتىً عافَ المَشارِبَ مِن دَنايا / وَصانَ عَنِ القَذى ماءَ المُحَيّا
أَبِيُّ النَفسِ في زَمَنٍ إِذا ما / عَجَمتَ بَنيهِ لَم تَجِدِ الأَبِيّا
تَعَوَّدَ أَن يَراهُ الناسُ رَأساً / وَلَيسَ يَرَونَهُ الذَنبَ الدَنِيّا
وَجَدتُ العِلمَ لا يَبني نُفوساً / وَلا يُغني عَنِ الأَخلاقِ شَيّا
وَلَم أَرَ في السِلاحِ أَضَلَّ حَدّاً / مِنَ الأَخلاقِ إِن صَحِبَت غَوِيّا
هُما كَالسَيفِ لا تُنصِفهُ يَفسُد / عَلَيكَ وَخُذهُ مُكتَمِلاً سَوِيّا
غَديرٌ أَترَعَ الأَوطانَ خَيراً / وَإِن لَم تَمتَلئ مِنهُ دَوِيّا
وَقَد تَأتي الجَداوِلُ في خُشوعٍ / بِما قَد يُعجِزُ السَيلَ الأَتِيّا
حَياةُ مُعَلِّمٍ طَفِأَت وَكانَت / سِراجاً يُعجِبُ الساري وَضِيّا
سَبَقتُ القابِسينَ إِلى سَناها / وَرُحتُ بِنورِها أَحبو صَبِيّا
أَخَذتُ عَلى أَريبٍ أَلمَعِيٍّ / وَمَن لَكَ بِالمُعَلَّمِ أَلمَعِيّا
وَرُبَّ مُعَلِّمٍ تَلقاهُ فَظّاً / غَليظَ القَلبِ أَو فَدماً غَبِيّا
إِذا اِنتَدَبَ البَنونَ لَها سُيوفاً / مِنَ الميلادِ رَدَّهُمُ عَصِيّا
إِذا رَشَدَ المُعَلِّمُ كانَ موسى / وَإِن هُوَ ضَلَّ كانَ السامِرِيّا
وَرُبَّ مُعَلِّمينَ خَلَوا وَفاقوا / إِلى الحُرِيَّةِ اِنساقوا هَدِيّا
أَناروا ظُلمَةَ الدُنيا وَكانوا / لِنارِ الظالِمينَ بِها صِلِيّا
أَرِقتُ وَما نَسيتُ بَناتِ بومٍ / عَلى المَطَرِيَّةِ اِندَفَعَت بُكِيّا
بَكَت وَتَأَوَّهَت فَوَهِمتُ شَرّاً / وَقَبلِيَ داخَلَ الوَهمُ الذَكِيّا
قَلَبتُ لَها الحَذِيَّ وَكانَ مِنّي / ضَلالاً أَن قَلَبتُ لَها الحَذِيّا
زَعَمتُ الغَيبَ خَلفَ لِسانِ طَيرٍ / جَهِلتُ لِسانَهُ فَزَعَمتُ غِيّا
أَصابَ الغَيبَ عِندَ الطَيرِ قَومٌ / وَصارَ البومُ بَينَهُمو نَبِيّا
إِذا غَنّاهُمو وَجَدوا سَطيحاً / عَلى فَمِهِ وَأَفعى الجُرهُمِيّا
رَمى الغُربانُ شَيخَ تَنوخَ قَبلي / وَراشَ مِنَ الطَويلِ لَها دَوِيّا
نَجا مِن ناجِذَيهِ كُلُّ لَحمٍ / وَغودِرَ لَحمُهُنَّ بِهِ شَقِيّا
نَعَستُ فَما وَجَدتُ الغَمضَ حَتّى / نَفَضتُ عَلى المَناحَةِ مُقلَتَيّا
فَقُلتُ نَذيرَةٌ وَبَلاغُ صِدقٍ / وَحَقٌّ لَم يُفاجي مَسمَعَيّا
وَلَكِنَّ الَّذي بَكَتِ البَواكي / خَليلٌ عَزَّ مَصرَعُهُ عَلَيّا
وَمَن يُفجَع بِحُرٍّ عَبقَرِيٍّ / يَجِد ظُلمَ المَنِيَّةِ عَبقَرِيّا
وَمَن تَتَراخَ مُدَّتُهُ فَيُكثِر / مِنَ الأَحبابِ لا يُحصي النَعِيّا
أَخي أَقبِل عَلَيَّ مِنَ المَنايا / وَهاتِ حَديثَكَ العَذبَ الشَهِيّا
فَلَم أَعدِم إِذا ما الدورُ نامَت / سَميراً بِالمَقابِرِ أَو نَجِيّا
يُذَكِّرُني الدُجى حَميماً / هُنالِكَ باتَ أَو خِلّاً وَفِيّا
نَشَدتُكَ بِالمَنِيَّةِ وَهيَ حَقٌّ / أَلَم يَكُ زُخرُفُ الدُنيا فَرِيّا
عَرَفتَ المَوتَ مَعنىً بَعدَ لَفظٍ / تَكَلَّم وَاِكشِفِ المَعنى الخَبِيّا
أَتاكَ مِنَ الحَياةِ المَوتُ فَاِنظُر / أَكُنتَ تَموتُ لَو لَم تُلفَ حَيّا
وَلِلأَشياءِ أَضدادٌ إِلَيها / تَصيرُ إِذا صَبَرتَ لَها مَلِيّا
وَمُنقَلَبُ النُجومِ إِلى سُكونٍ / مِنَ الدَوَرانِ يَطويهِنَّ طَيّا
فَخَبِّرني عَنِ الماضينَ إِنّي / شَدَدتُ الرَحلَ أَنتَظِرُ المُضِيّا
وَصِف لي مَنزِلاً حُمِلوا إِلَيهِ / وَما لَمَحوا الطَريقَ وَلا المُطِيّا
وَكَيفَ أَتى الغَنِيُّ لَهُ فَقيراً / وَكَيفَ ثَوى الفَقيرُ بِهِ غَنِيّا
لَقَد لَبِسوا لَهُ الأَزياءَ شَتّى / فَلَم يَقبَل سِوى التَجَربُدَ زِيّا
سَواءٌ فيهِ مَن وافى نَهاراً / وَمَن قَذَفَ اليَهودُ بِهِ عَشِيّا
وَمَن قَطَعَ الحَياةَ صَدّاً وَجوعاً / وَمَن مَرَّت بِهِ شِبَعاً وَرِيّا
وَمَيتٌ ضَجَّتِ الدُنيا عَلَيهِ / وَآخَرُ ما تُحِسُّ لَهُ نَعِيّا
بَني القِبطِ إِخوانُ الدُهورِ رُوَيدَكُم
بَني القِبطِ إِخوانُ الدُهورِ رُوَيدَكُم / هَبوهُ يَسوعاً في البَرِيَّةِ ثانِيا
حَمَلتُم لِحِكمِ اللَهِ صَلبَ اِبنِ مَريَمٍ / وَهَذا قَضاءُ اللَهِ قَد غالَ غالِيا
سَديدُ المَرامي قَد رَماهُ مُسَدِّدٌ / وَداهِيَةُ السُوّاسِ لاقى الدَواهِيا
وَوَاللَهِ أَو لَم يُطلِقِ النارَ مُطلِقٌ / عَلَيهِ لَأَودى فَجأَةً أَو تَداوِيا
قَضاءٌ وَمِقدارٌ وَآجالُ أَنفُسٍ / إِذا هِيَ حانَت لَم تُؤَخَّر ثَوانِيا
نَبيدُ كَما بادَت قَبائِلُ قَبلَنا / وَيَبقى الأَنامُ اِثنَينِ مَيتاً وَناعِيا
تَعالَوا عَسى نَطوي الجَفاءَ وَعَهدَهُ / وَنَنبِذُ أَسبابَ الشِقاقِ نَواحِيا
أَلَم تَكُ مِصرٌ مَهدَنا ثُمَّ لَحدَنا / وَبَينَهُما كانَت لِكُلٍّ مَغانِيا
أَلَم نَكُ مِن قَبلِ المَسيحِ اِبنِ مَريَمٍ / وَموسى وَطَهَ نَعبُدُ النيلَ جارِيا
فَهَلّا تَساقَينا عَلى حُبِّهِ الهَوى / وَهَلّا فَدَيناهُ ضِفافاً وَوادِيا
وَما زالَ مِنكُم أَهلُ وُدٍّ وَرَحمَةٍ / وَفي المُسلِمينَ الخَيرُ ما زالَ باقِيا
فَلا يَثنِكُم عَن ذِمَّةٍ قَتلُ بُطرُسٍ / فَقِدماً عَرَفنا القَتلَ في الناسِ فاشِيا
أَمينَةُ يا بِنتِيَ الغالِيَه
أَمينَةُ يا بِنتِيَ الغالِيَه / أُهَنّيكِ بِالسَنَةِ الثانِيَه
وَأَسأَلُ أَن تَسلَمي لي السِنينَ / وَأَن تُرزَقي العَقلَ وَالعافِيَه
وَأَن تُقسَمي لِأَبَرِّ الرِجالِ / وَأَن تَلِدي الأَنفُسَ العالِيَه
وَلَكِن سَأَلتُكِ بِالوالِدَينِ / وَناشَدتُكِ اللُعَبَ الغالِيَه
أَتَدرينَ ما مَرَّ مِن حادِثٍ / وَما كانَ في السَنَةِ الماضِيَه
وَكَم بُلتِ في حُلَلٍ مِن حَريرٍ / وَكَم قَد كَسَرتِ مِنَ الآنِيَه
وَكَم سَهَرَت في رِضاكِ الجُفونُ / وَأَنتِ عَلى غَضَبٍ غافِيَه
وَكَم قَد خَلَت مِن أَبيكِ الجُيوبُ / وَلَيسَت جُيوبُكِ بِالخالِيَه
وَكَم قَد شَكا المُرَّ مِن عَيشِهِ / وَأَنتِ وَحَلواكِ في ناحِيَه
وَكَم قَد مَرِضتِ فَأَسقَمتِهِ / وَقُمتِ فَكُنتِ لَهُ شافِيَه
وَيَضحَكُ إِن جِئتِهِ تَضحَكينَ / وَيَبكي إِذا جِئتِهِ باكِيَه
وَمِن عَجَبٍ مَرَّتِ الحادِثاتُ / وَأَنتِ لِأَحدَثِها ناسِيَه
فَلَو حَسَدَت مُهجَةٌ وُلدَها / حَسَدتُكِ مِن طِفلَةٍ لاهِيَه
لَم يَتَّفِق مِمّا جَرى في المَركَبِ
لَم يَتَّفِق مِمّا جَرى في المَركَبِ / كَكَذِبِ القِردِ عَلى نوحِ النَبي
فَإِنَّهُ كانَ بِأَقصى السَطحِ / فَاِشتاقَ مِن خِفَّتِهِ لِلمَزحِ
وَصاحَ يا لِلطَيرِ وَالأَسماكِ / لِمَوجَةٍ تَجِدُّ في هَلاكي
فَبَعَثَ النَبي لَهُ النُسورا / فَوَجَدَتهُ لاهِياً مَسرورا
ثُمَّ أَتى ثانِيَةً يَصيحُ / قَد ثُقِبَت مَركَبُنا يا نوحُ
فَأَرسَلَ النَبِيُّ كُلَّ مَن حَضَر / فَلَم يَرَوا كَما رَأى القِردُ خَطَر
وَبَينَما السَفيهُ يَوماً يَلعَبُ / جادَت بِهِ عَلى المِياهِ المَركَبُ
فَسَمِعوهُ في الدُجى يَنوحُ / يَقولُ إِنّي هالِكٌ يا نوحُ
سَقَطتُ مِن حَماقَتي في الماءِ / وَصِرتُ بَينَ الأَرضِ وَالسَماءِ
فَلَم يُصَدِّق أَحَدٌ صِياحَه / وَقيلَ حَقّاً هَذِهِ وَقاحَه
قَد قالَ في هَذا المَقامِ مَن سَبَق / أَكذبُ ما يُلفي الكَذوبُ إِن صَدَق
مَن كانَ مَمنُوّاً بِداءِ الكَذِبِ / لا يَترُكُ اللَهَ وَلا يُعفي نَبي
بَني مِصرٍ مَكانُكُمو تَهَيّا
بَني مِصرٍ مَكانُكُمو تَهَيّا / فَهَيّا مَهِّدوا لِلمُلكِ هَيّا
خُذوا شَمسَ النَهارِ لَهُ حُلِيّاً / أَلَم تَكُ تاجَ أَوَّلِكُم مَلِيّا
عَلى الأَخلاقِ خُطّوا المُلكَ وَاِبنوا / فَلَيسَ وَراءَها لِلعِزِّ رُكنُ
أَلَيسَ لَكُم بِوادي النيلِ عَدنُ / وَكَوثَرُها الَّذي يَجري شَهِيّا
لَنا وَطَنٌ بِأَنفُسِنا نَقيهِ / وَبِالدُنيا العَريضَةِ نَفتَديهِ
إِذا ما سيلَتِ الأَرواحُ فيهِ / بَذَلناها كَأَن لَم نُعطِ شَيّا
لَنا الهَرَمُ الَّذي صَحِبَ الزَمانا / وَمِن حدَثانِهِ أَخَذَ الأَمانا
وَنَحنُ بَنو السَنا العالي نَمانا / أَوائِلُ عَلَّموا الأُمَمَ الرُقِيّا
تَطاوَلَ عَهدُهُم عِزّاً وَفَخرا / فَلَمّا آلَ لِلتاريخِ ذُخرُ
نَشَأنا نَشأَةً في المَجدِ أُخرى / جَعَلنا الحَقَّ مَظهَرَها العَلِيّا
جَعَلنا مِصرَ مِلَّةَ ذي الجَلالِ / وَأَلَفنا الصَليبَ عَلى الهِلالِ
وَأَقبَلنا كَصَفٍّ مِن عَوالِ / يُشَدُّ السَمهَرِيُّ السَمهَرِيّا
نَرومُ لِمِصرَ عِزّاً لا يُرامُ / يَرِفُّ عَلى جَوانِبِه السَلامُ
وَيَنعَمُ فيهِ جيرانٌ كِرامُ / فَلَن تَجِدَ النَزيلَ بِنا شَقِيّا
نَقومُ عَلى البِنايَةِ مُحسِنينا / وَنَعهَدُ بِالتَمامِ إِلى بَنينا
إِلَيكِ نَموتُ مِصرُ كَما حَيينا / وَيَبقى وَجهُكِ المَفدِيُّ حَيّا
يا أيها السائل ما الحرية
يا أيها السائل ما الحرية / سالتَ عن جوهرة سنيه
تضئ أرواحا لنا زكيه / يا نعمت الحياة بالحريه
لذاذة طاهرة نقيه / تبعث في قلوبنا الحميه
تبعث فيها الهمة الأبيه / فتأنف المواقف الدنيه
وتألف المنازل العليه / العز كل العز في الحريه
يا جاهلا معاني الحريه / يا فاقدا حسّ الحياة الحيه
عميت عن أنوارها البهيه / صممت عن أنغامها الشجيه
فأنت في غفلتك الغبيه / أشبه بالبهائم الوحشيه
لم تَرد الموارد الشهيه / لم تعرف اللذائذ الهنيه
موردك المذلة القصيه / لذتّك النقائصُ البذية
تعيش عبدا حاله شقيه / مستضعَفا تمقتك البريه
يا سالبا نفوسنا الحريه / يا راكبا مراكب الخطيه
الله أعطاك لنا عطية / غريزة في خلقه فطريه
لَنبذلنَّ دونها ضحية / النفس والنفيس والذرّيه
الأزبكية فيها درة عجب
الأزبكية فيها درة عجب / والنجم في الأفق كالنقاد يفليها
تحكى المصابيح حولَيها وبُهرتَها / قلائد الغيد فوضى في تراقيها
أما الخميلة فالدنيا إذا ضحكت / أو جنة الخلد أو وشىٌ يحاكيها
والأفق ممتلئ نورا وأعجبه / تلك العِصِى إذا انسابت أفاعيها
وما تيامن يبغى الشرق سابقها / إلا تياسر يبغى الغرب تاليها
مطويّة صُعُداً والجو ينشرها / منشورة صَبباً والجو يطويها
وكم ثريا وكم جوزاء ما لبثت / حتى خبت غير رسم في مهاويها
مضى على مصر دهرا لم تكن وطنا / وإن توهم أوطانا أهاليها
ما بين أوّله لو يوعَظون به / وبين آخره ذكر لواعيها
كأن ما ساء مما مر بينهما / أهوال حلم سرى بالطفل ساريها
يبكى ويضحك منها غير مكترث / أَسَرَّ مضحكَها أم ساء مبكيها
أهلا وسهلا بحاميها وفاديها
أهلا وسهلا بحاميها وفاديها / ومرحبا وسلاما يا عرابيها
وبالكرامة يامن راح يفضحها / ومقدم الخير يا من جاء يخزيها
وعد لها حين لا تغنى مدافعها / عن الزعيم ولا تجدى طوابيها
وارجع إليها فيا لله فاتحها / يوم الإياب ويا لله غازيها
وانزل على الطائر الميمون ساحتها / واجلس على تلّها وانعق بواديها
وبِض لها بيضة للنصر كافلة / إن الدجاج عقيم في نواحيها
واظلم صحيح البخارى كل أونة / ونم عن الحرب واقرأ في لياليها
وأخرج القوم من مصر بخارقة / تفوق فاشودة فيها وتنسيها
من العجائب صاروا من أحبتها / فيما زعمت وكانوا من أعاديها
كأن ما كان من حرب ومن حَرَب / عتب المودة لا يودى بصافيها
وضع عمامتك الخضراء من شرف / يعرفك كل جهول من أهاليها
وقصّ رؤياك مكذوبا بمضحكها / على النبيين مكذوبا بمبكيها
فلست تعدم عميا من أكابرها / ولست تعدم بكما من أعاليها
ولست تعدم وغدا من أسافلها / يزف للأمة البشرى ويهديها
ولست تعدم في الأجواد ذا سفه / يحصى الديون التي تشكو ويقضيها
قل للمَّلك أدورد أصبت غنى / عن الهنود وإرلندا وما فيها
هذا عرابي تمنى أن تقابله / وأن ينال يداً جلت أياديها
فمر بانكلترا تزجى فيالقها / وبالأساطيل تدوى في موانيها
ومر بلندرة تبدو بزينتها / وتنجلى للبرايا في مجاليها
فأين روبرس منه إذ ييمها / وأين سيمور منه إذ يوافيها
هذا الذي يعرف الافرنج صولته / والبر يعلمها والبحر يدريها
وسله بالله إن صافحت راحته / ما نفسه ما مناها ما مساعيها
وأين أيمانه اللاتي أشاد بها / أن لا يحكم فيها غير أهليها
وأين يموت عزيزا دون أربعها / ولا يعيش ذليلا في مغانيها
وقل له بلسان النيل توجعه / والنفس إن صغرت لا شئ يؤذيها
تلك العظام بلا قبر ولا كفن / لولاك لم يبل في العشرين باليها
فاقَر السلام عليها حين تندبها / وأمّل العفو منها حين تبكيها
وناجِها مرة في العمر واحدة / لو كان سهلا عليها أن تناجيها
أوردتها الموت لم تبلغ بها شرفا / ولا توخيت بالأوطان تنويها
وما رأت لك سيفا تستضىء به / يوم القتال ولا وجها يحييها
باتت يرى الموت فيها كيف يدركها / وبت تنظر مصرا كيف تأتيها
فأصبحت غنما مر الذئاب بها / ونام عنها غداة الروع راعيها
يا ابن الحسين حسين مات من ظمأ / وأنت محتفل بالنفس ترويها
تلك الأبوة ما هذى شمائلها / للعارفينَ ولا هذى معانيها
وأنت أصغر أن تعطى مفاخرها / وأنت أسمج أن تكسى معاليها
لم ينصر الله بالأحلام صاحبها / لكن بكل عوان كان يذكيها
والمواقف يغشاها مؤلّبة / والحوض يمنعه والخيل يحميها
أبوّة المصطفى ما زال يلبسها / حر قشيب شباب الفخر ضافيها
حتى تنازعها في مصر صبيتها / دعوى وحتى تردّتها غوانيها
وأصبحت لجبان القوم منقبة / وزينة لجهول القوم يبديها
هلا سبقت غداة التل ناعيها / على المنية مسرورا تلاقيها
هلا تكفنت في الهيجا برايتها / مثل الدراويش خانتها عواليها
ما زال جمعهم في الحرب ينشرها / حتى أتاها فناء الجمع يطويها
هلا أبيت على العافين عفوهم / لكي يقال أبىّ النفس عاليها
زعمت أنك أولى من أعزتها / بها وأحنى عليها من مواليها
وكنت تطرب إذ تتلى مدائحها / فأين دمعك إذ تتلى مراثيها
مقادير من جفنيك حوّلن حاليا
مقادير من جفنيك حوّلن حاليا / فذقت الهوى من بعد ما كنت خاليا
نفذن علىّ اللب بالسهم مرسلا / وبالسحر مقضيا وبالسيف قاضيا
وألبستني ثوب الضنى فلبسته / فأحبِب به ثوبا وإن ضم باليا
وما الحب إلا طاعة وتجاوز / وإن اكثروا اوصافه والمعانيا
وما هو إلا العين بالعين تلتقى / وإن نوّعوا اسبابه والدواعيا
وعند الهوى موصفه لا صفاته / إذا سالوني ما الهوى قلت مابيا
وبي رشا قد كان دنياى حاضرا / فغادرني اشتاق دنياى نائيا
سمحت بروحي في هواه رخيصة / ومن يهو لا يؤثر على الحب غاليا
ولم تجر الفاظ الواشة برية / كهذى التي يجرى بها الدمع واشيا
اقول لمن ودعت والركب سائر / برغم فؤادي سائر بفؤاديا
امانا لقلبي من جفونك في الهوى / كفى بالهوى كاسا وراحا وساقيا
ولا تجعليه بين خديك والنوى / من الظلم ان يغدو لنارَيك صاليا
ولي ملك ملء الفؤاد محبب / جمعت الهوى في مدحه والقوافيا
وما الشعر إلا خطرة او سريرة / تصوغهما لفظا إلى النفس ساريا
فتى الشرق فت العالمين مكارما / ومن قبل فت النيران معاليا
سموت فلم تستبق للمجد غاية / تسوم السها هذى الخطى والمساعيا
واطيبُ من قرب الحبيب على رضى / مقامك في دار السعادة راضيا
وما زلت في ملك الخليفة اولا / وإن كنت في نادى الخليفة ثانيا
ولو سئل الإسلام ماذا يريده / لما اختار إلا ان تديما التلاقيا
فبينكما في الدين ودّ ورحمة / وفي الملك عهد الله ان لا تجافيا
وللودّ دل لا يكدِّر صفوه / ولكن كثيرا ما يغر الأعاديا
تقبل عزيز المالكين تحية / تقدّمها مصر وتهدى التهانيا
طلعت عليها والضحى في ربوعها / فيا حسنه يوما بشمسيه زاهيا
عروس سماء الشرق انت جمالها / إذا زُيّنت كنت الحلى والمجاليا
تغيّب حينا حسنها وشبابها / وقد ملات منها الغداة النواحيا
نشرت جلال الملك فيها وعزه / واعلامه موسومة والعواليا
واقبلتَ كالدنيا إذا هي اقبلت / وكالدهر حال الصفو لو دام صافيا
تشير بوجه ذى جلال وراحة / يفيضان في الناس الهدى والأياديا
فهذا هو البدر استقرّ به السرى / وهذا سحاب الجود القى المراسيا
كان في الروم عظيم
كان في الروم عظيم / ينتهى الجود إليه
جاءه يوما حكيم / يشتكي بين يديه
قبل النعل وأبدى / أعظم الذل لديه
فرأى ذلك قوم / أنكروا الأمر عليه
قال ما قبّلت رج / ليه ولكن أذنيه
إنَّ من كان كهذا / أذنه في قدميه
أمحمد لا تحسبن ال
أمحمد لا تحسبن ال / صفع لم يصغ إليه
فلقد أتى التاريخ خدُّ / ك فرقع الكف عليه
أعياد عزك للدنيا مجاليها
أعياد عزك للدنيا مجاليها / وللأحاديث عاليها وغاليها
وللبرية منها ما تسر به / وللرعية ما يرضى أمانيها
وللسعود غدوّ في صبائحها / وللميامن مسرى في لياليها
وللمالك حظ في مفاخرها / وللملوك نصيب من معانيها
لعز غليوم فيها من يمثله / وذات إدورد فيها من يحاكيها
ما للممالك لا يأتي أكابرها / لصاحب النيل أو يسعى أهاليها
أليس من جمَّل الدنيا أبوته / وقصّرت عن معاليهم مواليها
العصر يعلم والأحياء ما بلغت / بعصر أيام إسماعيل تنويها
ضافته بلقيس حين الدهر خادمها / في ملكها والليالى من جواريها
وجاءه المالكون الصِّيد في سفن / ألقت على الساحة الكبرى مراسيها
تُقل كل كبير الملك مقتدر / تعزّ آيته الدنيا وتعليها
منىً كبار وآمال محببة / خابت ولم يلق غير اللوم راجيا
والناس من تقعد الدنيا به قعدوا / سجية المرء في الدنيا يجاريها
بنيت فوق عريض اليم قنطرة / ما كان فرعون ذو الأوتاد يبنيها
شماء قاهرة فوق المياه فلا / تجرى وتذهب إلا ما توليها
طلعت والشمس في ابهى مواكبها / وموكب الملك ذو الأنوار يَزريها
كما تطلّع يوما في ركائبه / رمسيس تدفعه الأيدي وتزجيها
أجل ركبا من الأقمار كافلة / تبدو النجوم حواليها تساريها
لا تنثنى عن محياك القلوب هوى / إن عارض الذهب الأبصار يثنيها
وقفت والنيل خلف السد منتظر / إشارة من بنان الخير يمضيها
فأعملت يدك المفتاح فانفجرت / في مصر عشر عيون من اياديها
لما جريت لغايات الندى وجرى / عجبت كيف حوى البحرين واديها
تالله ما جرت الأرزاق يومئذ / إلا وكنت بإذن الله مجريها
مفاخر لك يختال الزمان بها / قام الخطيب وزير الرىّ يطريها
من لأبن جعفر إن يحصى عليك ثنا / وللبلاغة في علياك ما فيها
لو دام يهدى لك الأشعار حافلة / ما ضِقت جاها ولا ضاقت قوافيها
يا نيل مصر وفي الأيام موعظة / ماذا لقيت من الدنيا واهليها
ليت البرية ما داستك أرجلها / بعد المشيب ولا غلتك أيديها
قد ثقلوك بنيرٍ من جلامد لا / تعده الأرض إلا من رواسيها
وحملوك صخورا فوق ما حملت / منها أثافي دهور عز خاليها
أمسيت في مصر موثوقا إلى اجل / وكنت وحدك حرّا في نواحيها
قدّت لك الصخر اغلالا ومن عجب / الشر تجزيك حين الخير تجزيها
ضنا بمائك أن يسقى الصعيد به / ورب حرص على الأشياء يؤذيها
ومركَب من بخار قد جرى وجرت / من تحته الأرض تطويه ويطويها
كأن اشباحه والليل ياخذها / سرائر الأرض تبديها وتخفيها
كأنها وبياض الصبح نم بها / رسل النهار إلى الدنيا تهنيها
تمر أعجلَ في شرخ الشباب بنا / على مناظر كالفردوس ضاحيها
على الطبيعة تلهو في ملاعبها / من الوجود وتزهى في مغانيها
كغادة لمعاني الحسن جامعة / تقاسم الحسن عاريها وكاسيها
ولى الصبا ومضى جِد الدهور به / ولا تزال لعوبا في تصابيها
مثل الملاحة في الدنيا مداولة / تُفنى الحسان ولا حسناء تفنيها
يا ابن البخار تمهل في الصعيد بنا / تر البسيطة في مشهور ماضيها
وقِف نشاهد طلول الأقدمين به / تحير الدهر فيها كيف يبليها
هياكل كالجبال الشم سافلها / وفوق هام النجوم الزهر عاليها
إذا أتتها الليالي من قواعدها / تنالها بالبلى قامت اثافيها
يفنى الزمان ولا تبلى زخارفها / ولا يحول من الألوان زاهيها
إذا وقفت بأبواب الملوك ضحى / أيقنت أن قد بنى للخلد بانيها
رأيت فرعون موسى عند حفرته / لا يطلب اليوم من دنياه تأليها
بين الحياة وبين الموت من جزع / يخشى القيامة فيها أن يلاقيها
عجائب الطب لا لقمان يعرفها / في الغابرين ولا بستور يدريها
يا أمة بلغت في المجد غايته / وقصر الناس فيه عن مساعيها
قوموا الغداة انظروا هذى مآثركم / هل في مآثرهم شئ يضاهيها
فيم ابتسامك للدنيا وغايتها
فيم ابتسامك للدنيا وغايتها / ترد كل محب عنك منتحيا
وما اتساعك منها بعد ما حسبت / عليك ضيقة الأجداث منقلبا
كم صاحب لبدور الأرض فارقهم / لم يحص من حشرات الأرض ما صحبا
وناعم كان يُؤذى من غِلالته / تالَّف الدود والأكفان والتربا
لا يعرف العيش حتى ينقضى فنرى / صدق الحياة بعين الموت والكذبا
كل الحقائق فيها الشك محتمل / إلا المنية تأبى الشك والريبا
وما رأيت على علمي وتجربتي / كالموت جدا ولا ما قبله لعبا
ما مات من أودع الدنيا عظيم نبا / ولا قضى من قضى للمجد ما وجبا
وما استوى المرء يطوى ذكره معه / وذاهب فضله في الناس ما ذهبا
فإن مررت على الدنيا فمرَّ فتى / ولا تمرنّ مثل الأكثرين هبا
فالخلد صفنان خلد الناس بعدهم / بالذكر والخلد عند الله مرتقبا
أبكى رفاعة أبكى العلم والأدبا / أبكى المروءة والفضل الذي احتجبا
أبكى القوافي كضوء الشمس سائرة / ابكى المحابر والأقلام والكتبا
ابكى الأحاديث تجرى كلها ادبا / ابكى البلاغة ابكى بعدك العربا
يا ابن الذي بعثت مصرا معارفه / ابوك كان لأبناء البلاد ابا
اتيتما وظلام الجهل يملؤها / كالشمس والبدر لا ادعو كما الشهبا
تربيان لها الأبناء صالحة / وتخرجان حماة الدولة النخبا
والشكر اولى واحرى في الشعوب به / من يمطر العلم ممن يمطر الذهبا
قال النعاة قضى خير الكرام ابا / فقلت إن شاء ربى خيرهم عقبا
لا يهدم الله بيتا أُسه شرف / مدت له يده من فضله طنبا
عش للخلافة ترضاها وترضيها
عش للخلافة ترضاها وترضيها / وتنشئ السكة الكبرى وتحميها
وتنشر الامن في بدوٍ وفي حضر / وتمل الارض عمرانا وتحييها
وتحمل الملك والاسلام عن امم / شلاء لاتحفئ الاشياء ايديها
هوى الاجناب اعماها وضللها / سيان سافلها فيه وعاليها
تفرقت وتولت عنك فاحتكمت / للقوم فيها يد كالنار عاديها
إن أضحك الملا المفتون حاضرها / ابكى الاجنة في الارحام آتيها
توهموا العز في ذل يراد بهم / وشبهت لهم النعماء تشبيها
لاعيش في الذل الا للذليل ولا / حياة للنفس ان ماتت امانيها
أننفض اليد من عز نؤمله / وتحت رايتك الآساد تزجيها
إن أظمت الحرب كانوا البيد ظامئة / أو أعرت الحرب كانوا هم عواليها
من كل غازٍ صحابىٍّ له ثقة / بالله لا تفصم البلوى اواخيها
لا تصهل الخيل إلا تحته طربا / ولا يرى الخير إلا في نواصيها
يا كافى البيت لا تجزع لحادثة / وثق بنفسك إن الله كافيها
تأبى الحوادث إلا ان تلاعبها / ترميك بالحادث الداجى وترميها
وأنت من فوقها رأيا وتجربة / بالصبر في الصدمة الأولى تلاقيها
عطفت كل فؤاد فيه مرحمة / وكل نفس مصير الدين يعنيها
لم يبق للدين لا جيش ولا علم / سواك يوم تميد الأرض يرسيها
لا بارك الله في البلغار يوم بغت / ويوم تخزى ولا في ملك مغريها
شعب يجير النصارى في مآربه / وسيفه في يهود الأرض يفنيها
كأن صاحبه فرعون برهته / موكلا بنى اسرائيل يؤذيها
تفر شيعة موسى من رعيته / وانت من كلام الإسلام تؤويها
حضارة يخدع الأغرار زخرفها / وما زخارفها إلا مخازيها
عيد الخليفة في الدنيا وساكنها / عيد الملائك في عالى مساريها
تطوى السماء إلى إدريس زينته / اشعة بركات في لياليها
ويزدهى الركن والبيت الحرام به / والقدس والهند قاصيها ودانيها
كأنه النيل في ماضى مواسمه / تعليه مصر وتطريه أهاليها
يحييه فيها ويحليه أخو كرم / في المسلمين أبىّ النفس عاليها
جار الخليفة لا يبغى به بدلا / إذا الرجال تخلت عن مواليها
يا أمة المصطفى جلت حوائجكم / فقدموا الخير علّ الله يقضيها
لا تسمعوا لمريب في خلافتكم / كفى الخلافة ما يأتي اعاديها
ما هذه الحرب في زىّ السلام لكم / إلا صليبيّة والكل صاليها
يقوم عنكم بها جيش ملائكة / موكل بتخوم الدين يحميها
يؤذَى كما كان يؤذى الصحب محتملا / في طاعة الله والمختار يبغيها
تكثّروا ما استطعتم من ديونكم / عند النبي فإن الله موفيها
تلك الإعانة لا مين ولا كذب / إعانة المصطفى جبريل جابيها
فمن يضنّ على طه وفي يده / فضول مال فللشيطان ما فيها
ومن يلبِّ ففى دنيا يشيدها / للمسلمين وفي اخرى يرجيها
قالوا الطريق إلى المختار نائية / قلت الإمام بإذن الله مدنيها
لكل شئ زمان ينقضى معه / فودّعوا النوق واطووا ذكر حاديها
كأنني بسبيل البيت قد فتحت / تطوى ويدنو لوفد الله قاصيها
يجرى البخار إلى خير البطاح بهم / جرى الثواب حثيثا في نواحيها
ويبلغ البيت والقبر الذي دفنت / فيه المكارم خاليها وباقيها
مثوبة ودّها في عهده عمر / وودّ عثمان لو يحيا فيبنيها
لا ترتقى عن سجل الفخر آيتها / إلا إلى قلم في اللوح يحصيها
يا حمامة دنشواى
يا حمامة دنشواى / نوِّحي للسير جارى
تحت الظلام / كيلا ينام
الشنق حامى / والضرب داير
فين المحامي / ما فيش كلام
قالوا الزغاليل سادوا
قالوا الزغاليل سادوا / فقلت لا عن روية
أليس في كل يوم / لِلورد في مصر غية

المعلومات المنشورة في هذا الموقع لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع إنما تعبر عن رأي قائلها أو كاتبها كما يحق لك الاستفادة من محتويات الموقع في الاستخدام الشخصي غير التجاري مع ذكر المصدر.
الحقوق في الموقع محفوظة حسب رخصة المشاع الابداعي بهذه الكيفية CC-BY-NC
شبكة المدارس الإسلامية 2010 - 2025