لَعَمرِيَ ما خُلِّفتُ إِلّا لِما أَرى
لَعَمرِيَ ما خُلِّفتُ إِلّا لِما أَرى / وَراءَ رِجالٍ اَسلَموني لِما بِيا
أَلا لا أَرى هَذا المُسَرِّعَ سابِقاً / وَلا أَحَداً يَرجو البَقِيَّةَ باقِيا
رَأَيتُ المَنايا طَبَّقَت كُلَّ مَرصَدٍ / يَقُدنَ قِياداً أَو يُجَرِّدنَ حادِيا
وَما كُنتُ أَخشى أَن تَكونَ مَنِيَّتي / ضَريبَ جِلادِ الشَولِ خَمطاً وَصافِيا
فَأَمسى جَنابُ الشَولِ أضغبَرَ كابِيا / وَأَمسى جَنابُ الحَيِّ أَبلَجَ وارِيا
إِلَيكَ إِلَهَ الحَقَّ أَرفضعُ رَغبَتي / عِياذاً وَخَوفاً أَن تُطيلَ ضَمانِيا
فَإِن كانَ بُرءاً فَاِجعَلِ البُرءِ نِعمَةً / وَإِن كانَ فَيضاً فَاِقضِ ما أَنتَ قاضِيا
لِقاؤُكَ خَيرٌ مِن ضَمانٍ وَفِتنَةٍ / وَقَد عِشتُ أَيّاماً وَعِتُ لَيالِيا
لَبِستُ أَبي حَتّى تَمَلَّيتُ عُمرَهُ / وَبَلَّيتُ أَعمامي وَبَلَّيتُ خالِيا
أُرَجّي شَباباً مُطرَهِمّاً وَصِحَّةً / وَكَيفَ رَجاءُ المَرءِ ما لَيسَ لاقِيا
وَكَيفَ وَقَد جَرَّبتُ تِسعينَ حِجَّةً / وَضَمَّ فُؤادي نَوطَةً هِيَ ما هِيا
وَلا عِلمَ لي ما نَوطَةٌ مُستَكِنَّةٌ / وَلا أَيُّ مَن عادَيتُ أَسقي سِقائِيا
وَفي كُلِّ عامس تَدعُوانِ أَطِبَّةً / إِلَيَّ وَما يُجدونَ إِلّا الهَواهِيا
فَإِن تَحسِما عِرقاً مِنَ الداءِ تَترُكا / إِلى جِنبِهِ عِرقاً مِنَ الداءِ ساقِيا
فَلا تَحرِقا جِلدي سَواءٌ عَلَيكُما / أَداوَيتُما العَصرَينِ أَم لَم تُداوِيا
فَإِن تُقصِرا عَنّي تَكُن لِيَ حاجَةٌ / وَإِن تَبسُطا لا تَمنَعاني قَضائِيا
أَلا فَالبِثا شَهرَينِ أَو نِصفَ ثالِثٍ / إِلى ذاكُما ما غَيَّبَتني غِيابِيا
شَرِبتُ الشُكاعى وَالتَدَدتُ أَلِدَّةً / وَأَقبَلتُ أَفواهَ العُروقِ المَكاوِيا
لِأُنسَأَ في عُمري قَليلاً وَما أَرى / لِدائِيَ إِن لَم يَشفِهِ اللَهُ شافِيا
شَرِبنا وَداوَينا وَما كانَ ضَرَّنا / إِذا اللَهُ حَمَّ القَدرَ أَلّا تُداوِيا
وَقالَت أَتَت أَرضٌ بِهِ وَتَخَيَّلَت / فَأَمسى لَما في الصَدرِ وَالرَأسِ شاكينا
أَقولُ لِكَنّازٍ تَوَقَّل فَإِنَّهُ / أَبى لا اَظُنُّ الظَأنَ مِنهُ نَواجِيا
تَتَبَّعُ أَوضاحاً بِسُرَّةِ يَذبُلِ / وَتَرعى هَشيماً مِن حَليمَةِ بالِيا
فَما لَكِ مِن أَروى تَعادَيتِ بِالعَمى / وَلا قَيتِ كَلّاباً مُطِلّاً وَرامِيا
فَإِن أَخطَأَت نَبلاً حَداداً ظُباتُها / عَلى القَصدِ لا تُخطِئُ كِلاباً ضَوارِيا
وَكُنّا وَهُم كَاِبنَي سَباتٍ تَفَرَّقا / سِوىً ثُمَّ كانا مُنجِداً وَتِهامِيا
فَأَلقى التَهامي مِنهُما بِلَطاتِهِ / وَأَلَطَ هَذا لا أَريمُ مَكانِيا
وَباتَ بَنو أُمّي بِلَيلِ اِبنِ مُنذِرٍ / وَأَبناءُ أَعمامي عُذوباً صَوادِيا
إِذا جاءَ مِنهُم قافِلٌ بِصَحيفَةٍ / يَكونُ عَناءً ما يُنَبِّقُ عانِيا
وَتَعرِفُ في عُنوانِها بَعضَ لَحنِها / وَفي جَوفِها صَمعاءُ تَحكي الدَواهِيا
أَبا خالِدٍ هَدِّب خميلَكَ لَن تَرى / بِعَينَيكَ وَفداً آخِرَ الدَهرِ جائِيا
وَلا طاعَةً حَتّى تُشاجِرَ بِالقَنا / قَناً وَرِجالاً عاقِدينَ النَواصِيا
وَلَم أَختَلِس بَينَ الشَقائِقِ حُجَّةً / وَقَد وَقَعَت بِالقُرِّ إِلّا تَلافِيا
وَيَومَ قَتامٍ مُزمَهِرٍّ وَهَبوَةٍ / جَلَوتُ بِمِرباعٍ تَزينُ المَتالِيا
وَخَصمٍ مُضِلٍّ في الضَجاجِ تَرَكتُهُ / وَقَد كانَ ذا شَغبِ فَوَلّى مُواتِيا