المجموع : 8
يا طُيوراً بعدها النضرُ ذوى
يا طُيوراً بعدها النضرُ ذوى / في ربوعٍ خَلَعت ثوبَ الهوى
مرحباً حاملةَ البُشرى لنا / مرحباً بعد اغترابٍ ونوى
ملأت بُشراك بُشراً أرضنا / وعَنِ القَطرِ ابن نضرٍ قد روى
فاسرَحي أو نقّري آمِنَةً / وارتوي مِمّا به قَلبي ارتوى
واجمعي القَشَّ وحُوكي العِشّ في / بَيتِنا فالحَبَّ والحُبَّ حَوى
حَبذا منكِ حُلُولٌ دائمٌ / في رُبُوع ورَبيع ما ذوَى
هَل باسمِ أُمي في الهمومِ سِوى
هَل باسمِ أُمي في الهمومِ سِوى / تجديد آمالٍ وبردِ جَوى
كلُّ المحبّةِ والحنانِ حَوى / وأنا الذي عَنهُ الحديث رَوَى
فَغَدَوتُ أنشُرُ ما حَوى وطوَى /
يا أعذَبَ الأسماءِ في سَمعي / أطرَبتَني كالنَّظمِ والسَّجعِ
كم شُقتني في البيتِ والربعِ / فافترَّ ثَغري أو جرى دَمعي
وإذا ضعفتُ أَخذتُ منكَ قوى /
يا قلبَ أُمي أنتَ ريحانُ / قَلبي إِلى ريّاهُ حنّانُ
لي منكَ إبلالٌ وسلوانُ / إن حلَّ بي داءٌ وأحزانُ
يا قلبَ أُمي العَطفُ فيكَ ثوى /
يا قلبَ أُمي فيكَ أنفاسي / محصورةٌ تَنمُو كأغراسِ
رُكِّبتَ مِن درٍّ ومن ماسِ / والحبُّ يَبقى فيكَ كالآسِ
يا قلبَ أُمي لا ذبلتَ نوى /
يا طَرفَ أُمي الرامقَ السّاهر / ما أنت إلا الكوكبُ الزّاهر
طُهري أتى من دَمعِكَ الطّاهر / والهديُ لي من نورِكَ الباهر
إن ضلّ قلبي في الدُّجى وهوَى /
يا ثَغرَ أُمي أنتَ لي جَنّه / كم قبلةٍ تحوي وكم حنّه
ومن صدَى أغنيَّةٍ رَنّه / في المهدِ شاقَتني وكم أنّه
إن بتُّ أشكو علَّةً وجوَى /
والصَّوتُ من تَغريدةِ الطَّيرِ / بَشَّرتَ أو صبّحتَ بالخير
منكَ ارتفاعُ الضَّيمِ والضَّيرِ / يا زَهرَتي يا شَمعةَ الدّير
يا مصحفاً عَذبَ الكلامِ حَوى /
يا كَفَّ أمي زَنبَقَ الوادي / أنتِ التي تفدي من العادي
كم مرةٍ قدَّمتِ لي زادي / إذ كانَ إغفائي وإسعادي
في هزِّ مَهدي أو بذكر هَوَى /
يا حُضنَ أُمي مرجَ فردوسِ / لا أختَشي فيهِ مِنَ الدَوسِ
عَلّلتني بالزقّ والبَوسِ / إذ كنتُ فيكَ السّهمَ في القَوسِ
والعشُّ أفراخاً كذاكَ أوَى /
ببابِ المصلَّى قد رأيتُ التي أهوى
ببابِ المصلَّى قد رأيتُ التي أهوى / فكان لقلبي عِندَ ذاكَ الهوى مَهوى
مُسربلةٌ في العيدِ حلَّةَ مخملٍ / كما نشَرَ الطَّاووسُ ريشاته زهوا
نظَرتُ إليها نظرةً كانتِ التي / بُليتُ بها والعينُ جالبةُ البلوى
لئن قَتَلتني عينُها ألفَ مرَّةٍ / فكم قتلت عمداً وكم قتلت سَهوا
مَشَت في مصلانا تُجَرِّرُ ذيلها / كما جرَّرَتهُ حينَ زَيَّنتِ البَهوا
وقد رقَّقَت ديني برقَّةِ خَصرها / وجاءَت تُصلِّي يومَ حبَّبتِ اللهوا
فيا ليت قلبي مذبحٌ وهي شمعة / ويا ليته تفاحةٌ فتنت حوّا
رَضيتُ بها لي جنَّةً وأُولو التُّقى / لهم بعد طيّاتِ الثَّرى جنَّةُ المأوى
لحقتُ بها لما أتمَّت صلاتها / وسارت تدوسُ القلبَ أو توسِعُ الخطوا
فقلتُ لها سيري الهُويناءَ واسمَعي / حَديثي فإنَّ الحبَّ علَّمني التَّقوى
فقالت خجولاً وهي تخفي ابتِسامها / رُوَيدَكِ يومَ العيدِ لا أسمَعُ الشَّكوى
فقلتُ لها دَعوى هواكِ جليَّةٌ / وقلبُكِ فيها يُصدِرُ الحكمَ والفَتوى
فمن مُقلتي نفسي إليكِ تطلَّعت / ورُبَّ كتابٍ كان عنوانُه الفَحوى
وإن بعدت دارٌ وشطَّ مزارُها / فللرُّوحِ مع روحٍ تُجاذبُها نجوى
تقولُ إذا مرّت وقلبي لها تلوُ
تقولُ إذا مرّت وقلبي لها تلوُ / ملأنا الورى حبّاً فايُّ فتى خلوُ
عَلت فتعالت كلُّ نفسٍ بحبِّها / فنفسي لها من دارةِ الحمل العلو
لها مقلةٌ لوزيّةٌ عسليَّةٌ / تمازجَ منها في الهوى المرُّ والحلو
جلت ثغرَها بالرّيقِ كالزهرِ بالنَّدى / وفي خدِّها من جلو مرآتِها جلو
لما هوى نجمي تذكَّرتُ الهوى
لما هوى نجمي تذكَّرتُ الهوى / ونشرتُ من ماضي شبابي ما انطوى
فعلمتُ أني جاهلٌ متغفِّلٌ / وذرفتُ دمعي في التندُّمِ والجوى
قد كان فقدُ سعادتي بجهالتي / والمرءُ يفقدُ في الجهالةِ ما حوى
لولا مطاوعةُ الهوى وتبذُّلي / ما كان نجمُ السَّعدِ من فلكي هوى
عَظُمَ العقابُ وما أسأتُ تعمُّداً / والهجرُ أعظمُ ما بهِ حكم الهوى
عوّضتُ رؤيا نِعمتي من رؤيتي / فكأنما الرَّاوي حكايتهُ روى
ورأيتُ آمالي وحبِّي بَعدَها / زَهراً تناثرَ في العشيّةِ أو ذوى
أرَى علمَنا والمدّعُون بنوهُ
أرَى علمَنا والمدّعُون بنوهُ / فأرفُضُ ما قالوه أو كتبوهُ
هو العِلمُ دَعوى بينَهم وغوايةٌ / فمن كثُرَت صَيحاتُه سَمِعوه
لقد غلظت آذانُهُم وقلوبُهُم / فما اقتَنَعوا إلا بما زعموه
وذاكَ لأنَّ الوَهَم غَشَّى عقولهم / فهل يرفعُ السترَ الذي سَدَلوه
فيا ليتَ قومي يُبصِرونَ وليتَهم / إذا أبصروا نورَ الهُدَى اتَّبَعوه
فلا فضلَ إلا للقديمِ لأنه / قديمٌ وهذا مبدأٌ وَرثوه
سَيَسطع في جوِّ الحقيقةِ كوكبٌ / ينيرُ سبيلاً مُظلِماً سَلكوه
ألا يا أخا الصدقِ الذي أستَعينُهُ / تَحدِّث عن الفضلِ الذي جَحَدوه
وقُل إننا كالفرقَدَين فأنتَ لي / أخٌ صادقٌ يحنو عليهِ أخوه
فؤادي للسماءِ وللسموِّ
فؤادي للسماءِ وللسموِّ / وقومي للخصامِ وللعتوِّ
بكيتُ وحالُهم دَعوى وفوضى / وقد غَدَتِ المواطنُ للعدوِّ
وتاريخُ ابنِ خلدونٍ يُريني / ممالكَ في هبوطٍ أو علوِّ
وفي أسفارِ فردوسي عزاءٌ / ولكن لا سبيلَ إلى السلوِّ
لا يُشفِقُ الغازي على مَغزوِّه
لا يُشفِقُ الغازي على مَغزوِّه / بل يستخفُّ بحلفهِ وعدوِّهِ
ما للضعيفِ إلى القويِّ شفاعةٌ / شتّان بينَ هبوطهِ وعلوِّه
لا يَخدَعَنَّكَ رفقُه وليانُهُ / بعدَ الهوانِ ببطشهِ وعتوِّه
واصبر عليهِ مراقباً حتى إذا / جازَ الحدودَ أخَذتَهُ بغلوِّه
ما كانَ يوماً حانياً بل جانياً / والغدرُ يَكمنُ في لحاظِ حنوِّه
لا بدَّ من وَطَر ولو حالَ الوَرى / والدهرُ دونَ بلوغهِ ودنوِّه
المرءُ كان ولم يزل متقلِّباً / والحظُّ بينَ رواحهِ وغدوِّه