القوافي :
الكل ا ب ت ث ج ح خ د ذ ر ز س ش ص ط ع غ ف ق ك ل م ن و ه ء ي
الشاعر : علي الجارم الكل
المجموع : 3
أَبْصَرْتُ أَعْمَى في الضَبابِ بِلَنْدَنٍ
أَبْصَرْتُ أَعْمَى في الضَبابِ بِلَنْدَنٍ / يَمْشِي فَلاَ يَشْكُو وَلاَ يَتَأَوَّهُ
فأتاهُ يَسْأَلُهُ الْهِدَايَةَ مُبْصِرٌ / حَيْرَانُ يَحْبِطُ في الظلامِ وَيَعْمَهُ
فَاقْتَادَهُ الأَعْمَى فَسَارَ وَرَاءَهُ / أَنَّى تَوَجَّهَ خَطْوُهُ يَتَوَجَّهُ
وَهُنَا بَدَا الْقَدَرُ الْمُعَرْبِدُ ضَاحِكاً / وَمَضَى الضبابُ ولاَ يَزَالُ يُقَهْقِهُ
خَلُّوا السجُوفَ تُذِعْ مَجْلَى مُحَيَّاها
خَلُّوا السجُوفَ تُذِعْ مَجْلَى مُحَيَّاها / وتَنْشُرُ المسكَ من أنفاسِ رَيَاها
عقيلةٌ في جلال المُلْكِ ناعمةٌ / النبلُ يحرُسُها واللَهُ يَرْعاها
ودُرَّةٌ لم تَرَ الأصدافُ مُشْبههَا / بينَ الكُنوز الغَوالي من خباياها
وزهرة ما رأى النيل الوفي لها / بين الأزاهر في واديه أشباها
ترنو إليها نجومُ الأفْقِ مُعْجَبَةً / تَوَدُّ لو قَبَسَتْ من نورِ مرْآها
كأنَّما قَطَراتُ المزْنِ صافيةً / فوقَ الخمائلِ طُهْرٌ في سجاياها
أميرةَ النيلِ والأيامُ مُسْعِدة / بلغتِ من ذِرْوةِ العلياءِ أقصاهَا
إنْ يسطَعِ الصبح قلنا الصبح أشبههَا / أو يسطع المسكُ قُلنا المسكُ حاكاها
مجدٌ تمنَّتْ سماءُ الأفْقِ لو ظَفِرتْ / بلمحةٍ من ثُرَيَاه ثُريَاهَا
ونفسُ طاهرةِ الجدَّينِ يَسَّرَها / ربُّ البَريَّةِ للحُسنَى وزَكَاها
اليُسْرُ يختالُ تيهاً حَوْلَ يُسْراها / واليُمْنُ يجري يميناً حَوْلَ يُمناها
نَمَتْ بظلِّ فؤادٍ خيرِ مَنْ وَجَدَتْ / بظِله زُمرُ الآمالِ مَثْواها
أحيتْ له مصرُ ذِكْراً خُطَّ من ذَهَبٍ / على جَبينِ الليالي حينَ أَحْياها
وكان عُنْوانَها الغالي الذي اتجَهَتْ / إليه باسطةَ الأيدِي فأعلاها
أميرةَ النيلِ غَنَّى الشعْرُ من طَرَبٍ / في ليلةٍ غَنَتِ الدنيا بِبُشْراها
طافتْ كُئوسُ التهاني وهي مُتْرَعةٌ / من المُنَى فانتشينا من حُمَيَاها
تجمَعَ الأنسُ حتى لم يَدَعْ أملاً / للنفسِ تَبْعَثُ شوقاً خَلْفَه واها
في ليلةٍ من سوادِ العينِ قد خُلِقَتْ / جَلَّ الذي من سوادِ العينِ جَلاَّها
يخالها الفجر فجراً حين يَطْرُقُها / فيختفي من حَياءٍ في ثناياها
كأَنَها بَسَماتُ الغِيدِ قد ملأَتْ / بالحبِّ والبِشْرِ أحداقاً وأفواها
كانت يداً من أيادي الدهر أرسلها / بيضاءَ مُشْرِقةَ النُعْمَى وأسْداها
هنا زِفافٌ وفي الأفلاكِ هاتفةٌ / من الملائِك تدعو ربَّها اللَه
لها أناشيدُ في الأسماعِ ساحرةٌ / لو كنَّ من لُغَةِ الدنيا رَوَيْناهَا
لكنها نَفحاتُ اللَهِ خَصَّ بها / من البرِيَّة أنْقاها وأصْفاها
فوزيةٌ دُرَةُ التاجِ التي لمعتْ / فوقَ الجبينِ فحيَّتْه وحيَاها
شعُوب مصْرَ تُفدِّيها ولو نطقتْ / للنيلِ ألسنةٌ فُصْحٌ لفدَاها
أميرةَ النيلِ غَنَّى الشعرُ من طَرَبٍ / لولا قِرانُك ما غَنَى ولا فاها
إنَي وألحانَ شعري صُنْعُ بيتِكُمُ / فكم من الفضلِ أولاني وأولاها
لولا مدائحُكم ما كان لي قَلَمٌ / يوماً على الأيْكِ وابنِ الأيك تيَّاها
تأَلَقي بَسْمةً زَهْراءَ مُشْرِقَةً / بأرضِ إيرانَ أنتِ اليومَ دُنياها
كوني بها قُرَةً للعينِ غاليةً / فأنتِ أكرمُ من لاقتْه عَيناها
ومثِّلي مصرَ والشَأوَ الذي بلغَتْ / فأنتِ أصْدَقُ بُرهانٍ لدَعْواها
لقد قطفنا لكِ الأزهارَ باسمةً / وفي عقودٍ من الفصْحَى نظمناها
وقد جمعنا من الألحانِ أُغْنِيةً / لو يفهمُ الطيرُ معناها لغنَّاها
ولم نَدعْ من رموزِ السحْر سانحةً / طافت بمعنى العُلا إلاَ لمحناها
قد ذكَرَتْنا لياليكِ التي سَطَعَتْ / أفراحَ قَطْرِ النَّدَى والعزَّ والجاها
عُرْسُ الأمانِّي أحيا كلَّ ذي أملٍ / وطافَ بالغُلَّةِ الظَمْأَى فروَّاهَا
وليلةٌ ظَفِرَ الشَّعْبُ الوَفيُّ بها / وكم على الدهرِ مَشْغُوفاً تمنَّاها
في كلِّ بيتٍ أغاريدٌ مُرَدَّدَةٌ / سَرَت فجاوز نجْمُ الليل مَسْراها
وكلُّ روضٍ يُرَجِّي لو سعتْ قَدَمٌ / به ليُهْدِي من الأزهارِ أذْكَاها
وكم تمنَى الربيعُ النَضْرُ لو سَعِدَتْ / بحلَّةِ العُرْسِ كَفَاهُ فَوَشَاها
البِشْرُ يضحكُ والدنيا مُصَفِّقةٌ / يهتَزُّ من نَشْوة الأفراحِ عِطْفاها
يا ابن الأماجدِ من إيرانَ نلتَ يَداً / أصفى من الكوكب الدُرِّيِّ أمْواها
بَنيْتمُ الملكَ فوقَ الشمسِ من هِمَمٍ / شمَاءَ مَنْ خَلَقَ الأطوادَ أرْساها
لم يَتَّخذْ من مَنارٍ يستضيءُ به / لدَى الشدائِد إلاَّ العَزْمَ والشاها
جلالة كم تَغَنَى البُحتُريُّ بها / وكم تَرَنَّمَ مِهْيارٌ بِذكْراها
ودولةٌ للعُلا والسبقِ حاضِرُها / وللخلودِ وللإبداعِ أولاها
لنا صِلاتٌ قديماتٌ مُحَبَّبةٌ / لخدمةِ الدينِ والفُصْحَى عقدناها
ثقافةُ الفُرْسِ قد كانت ثقافَتنا / في كلِّ ناحيةٍ عنهم أخذناها
تأَلَقَتْ في بني العباسِ آونةً / ما كانَ في أعْصُرِ التاريخِ أزْهاها
فاروقُ كم لكَ عندَ النيلِ من مِنَنٍ / كصفحةِ الشمسِ بيضٍ ليس ينساها
وصلْتَ مِصْرَ بإيرانٍ كما اتصلتْ / فرائدُ العِقْد أغلاها بأغلاها
مصرُ المَجيدةُ تُزْهَى في حِمَى ملكٍ / لولاه لم تُشْرِق الدنيا ولولاها
سعَى إلى المجد نهَاضاً فأنهضها / للَهِ والحقِّ مَسْعاه ومسعاها
في كلِّ نفسٍ له ذِكْرَى مُخلَدةٌ / وصورةٌ من جلالٍ في حناياها
شمائلُ السلَفِ الأطهار شِيمتُهُ / لمَا تجلَّت بفاروقٍ عَرَفناها
سَجيَّةٌ من فؤادٍ فيه قد رَسَخَتْ / إذا دعتْ للعُلا والمجد لبَاها
في ساحةِ الجيش حَيَّتْه فوارسُه / وفي المساجدِ حَيَّاه مصلاَها
له أياد على الأيامِ سابغةٌ / في كلِّ جيدٍ من الأيام نُعْماها
يا أُسْرَةَ المُلْكِ صاغ الشعْرُ تهنئةً / من حبَّةِ القلب معناها ومبناها
أهدَى الوفاءَ جميلاً حِين أرسلها / وأرسل الوُدَ محْضاً حين أهداها
لا زال مُلْكُكُمُ جَمَاً بشائرُه / ونال من بَسَماتِ الدَهرِ أسْناها
وعاش للنيلِ ربُّ النيلِ سَيِّدُه / وللرعيَّةِ والآمالِ مولاها
ذِكْرَياتٌ رَدَّدَ الدَّهْرُ صدَاها
ذِكْرَياتٌ رَدَّدَ الدَّهْرُ صدَاها / وعُهُودٌ يَحْسُدُ المِسْكُ شَذَاهَا
وَصَلَ العُرْبُ الغَطارِيفُ إِلَى / غايةٍ لا تَبْلغُ الطَّيْرُ ذُرَاها
وَجرَوْا صَوْبَ العُلاَ في طَلَقٍ / زَاحَمَ الأَنْجُمَ واجْتَازَ مَدَاها
تَقِفُ الأوْهَأمُ حَسْرَى دُونَه / لاهثاتٍ قَصَّرَ الأيْن خُطَاها
مَرَّ بالشَّمْسِ فَلمْ تَشْعُر بِهِ / إذْ جَرَى إلاّ ظنُوناً واشْتِباها
أُمَّةُ الصَّحْراءِ أَقْوَى جَلَداً / مِنْ مَهَارِيها وأَهْدَى مِن قَطَاها
صَخْرُها أَوْحَى إليها عَزْمَةً / من بَني رَضْوَى وثَهْلاَن بَنَاهَا
وسُكُونُ البِيدِ في رَهْبَتِها / جَرّدَ الرُّوحَ وبالنُّورِ كَسَاها
رُبَّ صَدْرٍ نَافَسَ الْحِلْمُ به / كُلَّ صَحْراءَ بَعِيدٍ مُنْتهاها
وخِلاَلٍ أَنْبَتَ الْجَدْبُ بِهَا / عِزَّةَ اليَأْسِ فما لانَتْ قَناها
أَبَتِ الضَّيْمَ فمَا مَدَّتْ يَداً / لذَوي النُّعْمَى وَلمْ تَغْفِر جِباهَا
تحْفَظُ العِرْضَ مَصُوناً ناصِعاً / وإلى الطُّرَّاق مَبْذولٌ قِراها
أمَمٌ إِنْ يَهْلِكَ المَالُ فإِن / لُمِستْ أَعْراضُها حَلَّت حُبَاها
رَدَّدَتْ أَشْعَارَها شَمْسُ الضُّحَا / وسِرَاجُ اللَّيْلِ لَمَّا أَنْ تَلاَها
آيَةٌ مِنْ نَفْحَةِ اللّهِ فَلَوْ / كانَ للنِّسْيَانِ كف ما مَحَاها
رَوْضَةٌ قد لَقَّبُوها كَلِماً / تُخْجِلُ الْحُسْنَ إِذا الْحُسْنُ رَآها
كَمْ حَكِيمٍ أوتِيَ الْحُكْم فَتىً / وفَتَاةٍ مَلأَ التِّبْيَانُ فَاها
تُرْسِلُ الأَمْثَالَ تَسْرِي شُرَّداً / لا تُبَالي أَيْنَما كانَ سُرَاها
قِفْ عَلَى الأَطْلال واذْكُرْ أمَّةً / خَلّدَ الأَطْلالَ مأْثُورُ بُكَاها
بَعَث اللّهُ بهَا نُورَ الْهُدَى / من قُرَيشٍ فاصْطَفَاه واصْطَفَاها
أَشْرَق الصُّبْحُ عَلَى الدُّنْيَا به / بَعْد أن طَالَ عَلَى الدُّنْيَا دُجَاها
وجَرَى في الأرْض يَنْبُوع هُدىً / بعد أَنْ حَرَّقَها حَرُّ صَدَاها
قَلَّد الفُصْحَى حُلىً قُدْسِيّةً / فَزَهَاها من حُلاَها ما زَهَاها
وبَياناً هاشِميّاً لو رَمَى / قُلَلَ الأجيَال لانْهَدَّت قُوَاها
أسْهُمٌ مِنْ كَلِمٍ مَسْنونةٌ / جاهَدَتْ في اللّهِ واللّهُ بَرَاها
كُلَّمَا صَاحَ بها في طَيْبةٍ / مُسْتَثِيراً رَدَّدتها لاَبَتَاها
يَزْعُمُ الشِّعْرُ سَفاهاً أنَّه / لو عَفَتْ عَنهُ القَوافِي لَحكَاها
نَزَل القُرْآنُ بالضَّادِ فَلَوْ / لَمْ يَكُنْ فِيهَا سِواهُ لكَفَاها
حَسْبُها أَنْ صَوَّرَتْ من آيِهِ / مُعْجزاتٍ عَظُمَت أنْ تَتَنَاهى
وَبنُو مَرْوَانَ للّهِ هُمُ / عُدَّةُ الفُصْحَى وحُرَّاسُ حِماها
رُبَّ مَأْثورٍ لَهُمْ ودَّ لَهُ / صَدَفُ اللُّؤْلُءِ لَوْ كَانَ شِفَاها
خُطَبٌ هُزَّ لها مِنْبَرهم / يَقْذِف الهَوْلَ دِرَاكاً مَنْ رَماها
وقَوافٍ سَلْ أبا حَزْرَتِها / وسَلِ الأَخْطَلَ كَيْفَ ابتَدعَأها
طُفْ ببغداد وسَلْ آثارَها / أيُّ سِرٍ كَتَمَتْهُ شَفَتاها
كُلُّ رَسْمٍ قد وعَى نادِرَةً / لو جَرى النُطْقُ عليه لحَكَاها
مَشَت الدنْيا إِليْها تَتَّقِي / سُخْطَ بغدادَ وتَسْتَجْدِي رِضاها
وأبو المأمون في مَمْلكةٍ / يتحدَّى المُزْنَ أَنْ تَعْدو قُراها
بَلَغَتْ بنتُ قُرَيْشٍ ذِرْوَةً / بِبَني العَبَّاسِ صَعْباً مُرْتقَاها
بَيْنَ شِعْرٍ كأزاهيرِ الرُّبا / عَكَفَ الغَيْثُ عليها فَسَقاها
هُوَ دَلٌّ رَدَّدَتْهُ قَيْنَةٌ / وَهْوَ وَجْدٌ فاضَ مِنْ نَفْسِ فَتاها
وعُلُومٍ تُرْجِمَتْ وَاسْتُنْبِطَتْ / وَفُصُولٍ بَهَرَ الدُّنْيا حِجاها
آبداتُ القولِ ولَّتْ بَعْدَهُم / طَيَّبَ اللّهُ ثَراهُمْ وثَراها
يا بَنِي العَبَّاسِ في مَصْرَعِكُمْ / عِظَةُ الكَوْنِ وَعاها مَنْ وَعاها
أُطْفِىءَ النُورُ ودالَتْ دَوْلَةٌ / وَطَوَى الدهْرُ المُنَى حِينَ طَواها
شَدَّ هُولاَكُو عَلَى أَرْبَاضِها / شَدّةَ الذُؤْبَانِ أَبْصَرْنَ شِياها
وجَرَى مِنْ حَوْلِهِ عِقْبانُهُ / كُلَّما أَطْعَمَها هاج ضَراها
لَهْفَ نَفْسِي بِنْتُ عَدْنانَ هَوَتْ / وأسُودُ الغِيلِ قَدْ دِيسَ شَراها
سائِلُوا دِجْلَةَ عَمَّا رَاعَها / أَوْ دَعُوها فَكَفاها ما دَهاها
قَذَفَ الكُتْبَ بهَا طَاغِيَةٌ / هَلْ دَرَى ما كَنَزَتْه دَفَّتاها
فَتَأَمَّلْ إِذْ جَرَى آذِيُّها / أَتَرَى فيهِ عُقُولاً أَمْ مِياها
ذَهَبَ العَسْفُ بآثارِ النُّهَى / كَيْفَ تَحْيَا أُمَّةٌ ضاعَتْ نهاها
طَارَتِ الفُصْحَى لِمِصْرٍ تَبْتَغِي / ناعِمَ العَيْشِ خَصِيباً في ذَراها
بَقِيَتْ فيها تُلاقِي شَظَفاً / في أَحَايِينَ وفي حينٍ رَفاها
ثُمَّ هَبَّتْ حَوْلَها عاصِفَةٌ / خَلَطَ الذُّعْرُ ضُحاها بِمَساها
وإِذَا نَجْمٌ بَدا مُؤْتَلِقٌ / شَخَصَتْ نحوَ سَنَاهُ مُقْلتَاها
وإِذا مُنْقِذُ مِصْرٍ ماثِلٌ / وإذا مِصْرٌ وقَدْ شُدَّتْ عُراها
وإذا العِلْمُ يُدَوِّي صَوْتُهُ / وإِذا الضَّادُ أضاءَتْ صَفْحَتاها
ظَفِرَتْ بالعَبْقَرِي المُرْتَجَى / فاسْتَجَابَتْ للعُلا لمَّا دَعاها
دَوْلةُ العِلْمِ بِهِ رُدَّتْ إلى / عَرْشِ مِصْرٍ بَعْدَ أَنْ طَال نَواها
مَنْ كَإِسْماعِيلَ في آلائِهِ / يَنْفَدُ القوْلُ ولا يَفْنَى جَداها
زُهِيَتْ مِصْرُ جمَالاً وَسَناً / بِأَبِي الأشْبالِ واهْتَزَّتْ رُباها
تخْجَلُ السُّحْبُ إذا ما وازَنَتْ / مَرَّةً بَيْنَ نَداهُ وَنَداها
غَرَسَ العِلْمَ بِمِصْرٍ دَوْحَةً / كُلَّمَا أَخْضَلَها طَابَ جَنَاها
سَمَتِ الآدابُ والدُّنْيا بِهِ / وَبَدَتْ تَخْطِرُ في أَزْهَى حُلاها
يا ابْنَ إسْمَاعِيلَ يا ذُخْرَ النُّهَى / جَدَّدَتْ مِصْرُ بِكُمْ عَهْدَ صِباها
كُلُّ أَشْتَاتِ النَّدَى إنْ فُرِّقَتْ / فَإِلَى بابِ فُؤادٍ مُلْتَقاها
هِمَّةٌ شادَتْ بِمِصْرٍ دَوْلَةً / صانَها الإِنْصَافُ والعِلْمُ وَقاها
مَسَحَتْ مِصْرُ بهِ عَيْنَ الكَرَى / بَعْدَ أَنْ طالَ عَلَى مِصْرٍ كَراها
وَثَبَتْ وَثْبَتَها دَائِبَةً / كلَّما أَجْهَدَها السَّعْيُ زَجاها
أًيْنَما أبْصَرتَ تَلْقَى نَهْضَةً / تَمْلأُ العيْنَ وإِقْبَالاً وَجَاها
وَقُصُوراً لاَمِعاتٍ كَالضُّحَا / رَدَّدَ العِرْفانَ في مِصْرَ صَداها
يا نَصِيرَ العِلْمِ فِي مَمْلَكَةٍ / بَلَغَتْ بِالْعِلْمِ غاياتِ مُناها
كُلَّ يَوْمٍ لَكَ حَفْلٌ لِلعُلا / وَأَيادٍ تَبْهَرُ الدُّنْيا لُهاها
وَجَدَتْ بِنْتُ قُرَيْشٍ مَوْئِلاً / في ذَرَا المُلْكِ وحِصْناً مِنْ عِداها
لُغَةُ القُرْءَانِ تُزْهَى شَرَفاً / أنَّ حامي الدِّينِ وَالْمُلْكِ حَماها
حِكْمَةُ المَأْمُونِ عَادَتْ دارُها / بِابْنِ إِسْماعيلَ مِنْ بَعْدِ بِلاَها
مَجْمَعُ الفُصْحَى تَجَلَّى مُشْرِقاً / في سَماءِ الْمَجْدِ مُجْتَازاً سُهاها
هُو في مِصْرَ مَنارٌ كُلَّما / أَرْسَلَ الأضواءَ في مِصْرَ هَداها
رَأَتِ البَصْرَةُ فِيهِ حَفْلَها / وَرَأَتْ بَغْدَادُ فِيه مُنْتَدَاها
مَنْ رَسُولِي لأَعارِيبِ اللِّوَى / أَيْنَ أَعْرَابُ اللِّوَى أَيْنَ لِوَاها
أَنَّ مِصْراً بَعَثَتْ آدابَها / وأبا الفاروق قَدْ أَحْيا لُغاها
وَبنَى اليومَ عُكاظاً ثانياً / تَاهَ إِعْجَاباً بِه الدَّهْرُ وبَاهَى
هَلْ حَبا الآدَابَ تاجٌ مِثْلَما / صاحِبُ التَّاج بِمِصْرٍ قَدْ حَباها
أَنْهَضَ التَّأْلِيفَ مِنْ كَبْوتِهِ / فَسَقَى الأَحْلاَمَ رُشْداً وَغَذاها
كَمْ كِتَابٍ دَوَّنَتْ أَخْبارُهُ / مِنَناً كان فؤادٌ مُبْتَداها
رَحَلَ الأَعْلامُ في الغَرْبِ إِلَى / سُدَّةٍ يَسْطَعُ بِالْعِلْمِ سَنَاها
فَرَأَوْا مَمْلَكَةً وَثَّابَةً / ومَلِيكاً بِهُدَى اللّهِ رَعاها
دُمْ فُؤَادَ الْقُطْرِ تَحْيا أُمَّةٌ / لَمْ يَكُنْ إِلاَّكَ يَوْماً مُرْتَجاها
وَسَما الفَارُوقُ نَجْماً ساطِعاً / لِبَنِي مِصْرَ وَعُنْوانَ عُلاها

المعلومات المنشورة في هذا الموقع لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع إنما تعبر عن رأي قائلها أو كاتبها كما يحق لك الاستفادة من محتويات الموقع في الاستخدام الشخصي غير التجاري مع ذكر المصدر.
الحقوق في الموقع محفوظة حسب رخصة المشاع الابداعي بهذه الكيفية CC-BY-NC
شبكة المدارس الإسلامية 2010 - 2025