المجموع : 7
هل أَنت مُدْرِكُ آمالي فمحييها
هل أَنت مُدْرِكُ آمالي فمحييها / ومُبْدِلِي فِي الورى من ذِلَّتِي تِيها
بلحظةٍ تقتضِي مِنِّي مكارِمَهَا / هدِيَّةً لَكَ حازَ السبقَ مُهْدِيها
جواهراً من بحورِ العلمِ لَيْسَ لَهَا / إِلَّا استماعكَها قدرٌ يُسَاوِيهَا
حتى ترى الطِّرْفَ فِي كَرَّاتِ فارِسِهِ / وَالكاعِبَ الرُّوَد فِي أَثوابِ جَاليها
عسى الَّذِينَ نأَوْا عنِّي أُخْبِّرُهم / بأَنَّ نَفْسِيَ مبلوغٌ أَمَانِيهَا
أَضَاءَ لَهَا فجرُ النُّهى فَنَهاها
أَضَاءَ لَهَا فجرُ النُّهى فَنَهاها / عن الدَّنِفِ المُضْنى بِحَرِّ هواها
وضَلَّلها صبحٌ جلا ليلة الدُّجى / وَقَدْ كَانَ يَهدِيها إِليَّ دُجاها
ويشفع لِي منها إِلَى الوصل مَفْرِقٌ / يُهِلُّ إِلَيْهِ حَلْيُهَا وحُلاها
فيا للشبابِ الغَضِّ أَنْهَجَ بُرْدُهُ / ويا لرياضِ اللهو جَفَّ سَفَاها
وما هِيَ إِلّا الشَّمْسُ حَلَّتْ بمفرقي / فأَعشى عيونَ الغانياتِ سَناها
وعين الصِّبا عار المشيبُ سَوادَها / فَعَنْ أَيِّ عينٍ بعد تِلْكَ أراها
سلامٌ عَلَى شرخ الشباب مُرَدَّدٌ / وآهاً لوصل الغانيات وآها
ويا لديار اللهو أَقوت رُسُومُهَا / وَمَحَّتْ مغانيها وَصَمَّ صَدَاها
وَخَبَّر عَنها سَحْقُ أَثْلَمَ خَاشِعٍ / كَهالةِ بدرٍ بَشَّرتْ بحياها
فيا حبذا تِلْكَ الرسومُ وحبذا / نوافِحُ تُهْدِيها إِلَيَّ صَبَاهَا
تهادي المها الوحشيِّ فِي عَرَصَاتِها / يذكِّرُنيه آنسات مهاها
ومبتسم الأَحباب فِي جنباتها / أَقاحٍ كَساهُنَّ الربيع رُباها
دعوتُ لَهَا سُقيَا الحيا ودعا الهوى / وَبَرْحُ الهوى دمعِي لَهَا فسقاها
وقد أَستقيد الحُورَ فِيهَا بِلِمَّةٍ / تَبَارَى نفوسُ العِينِ نحو فِدَاهَا
وأُصبِحُها الشَّرْبَ الكرامَ سُلافَةً / أَهانت لَهَا أَموالَها وَنُهَاها
كُمَيْتاً كَأَنَّ النجمَ حينَ تَشُجُّها / تقحَّمَ كَأْسٌ كَأْسَهَا فَعَلاهَا
بأَيدي سُقَاةٍ مثل قُضبانِ فِضَّةٍ / جَلَت أحمر الياقوت فَهْوَ جَنَاهَا
وتُزْهى بِسحرٍ من أَحاديثَ بيننا / كَأَنَّ أَسيرَيْ بابلٍ نَفَثَاهَا
وقد عَجَمَتْ مني الخطوبُ ابنَ حُرَّةٍ / أَبِيّاً محزَّاتِي لِوَقعِ مُدَاها
جديراً إِذَا أَكْدى الزمان برحلةٍ / يُحَقِّرُ بُعْدَ الأَرضِ عَرْضُ فلاها
رَحلْتُ لَهَا أَدماءَ وَجَناءَ حُرَّةً / وشيكاً بأَوْبَاتِ السرور سُرَاها
أَقامت بمرعى خصبِ أَرضٍ مَرِيعَةٍ / أَطاع لَهَا تُنُّومُها وَأَلاها
بما أَفرغ الفَرْغانِ ثُمَّتَ أَتبعت / بنوء الثريّا فالتقى ثَرَيَاها
أَشُجُّ بِهَا والليلُ مُرْخٍ سُدُولَه / سَبَارِيتَ أَرضٍ لا يُرَاعُ قطاها
أُسَائِلُ عن مجهولِها أَنْجُمَ الهُدى / بِعَيْنٍ كَأَنَّ الفرقَدَيْنِ قذاها
وَأُحْيِي نُفُوسَ الرَّكْبِ من مِيتَةِ الكَرى / وَقَدْ عَطَفَ الليلُ التَّمامُ طُلاها
بِذِكْرِ أَيادِي العامِرِيِّ الَّتِي طَمَتْ / عَلَى نَأْيِ آفاقِ البِلادِ مُنَاها
وَمُوحشةِ الأقطارِ طامٍ جِمَامُهَا / مَرِيشٌ بأَسرابِ القَطا رَجَوَاهَا
أَهلَّ إليها بعد خَمسٍ دَلِيلُنَا / فعُجْنَا صدورَ العِيسِ نَحْوَ جَبَاها
نُغِيثُ بقايا من نفوسٍ كَأَنَّهَا / بقايا نجوم القَذْفِ غارَ سَنَاها
وقمنا إِلَى أَنْقاضِ سَفْرٍ كَأَنَّهَا / وَقَدْ رحلت شطراً شطورُ بُرَاها
وقلتُ لنِضوٍ فِي الزِّمَام رَذِيَّةٍ / تَشكَّى إِلَى الأَرْضِ الفضاءِ وَجَاها
عسى راحةُ المَنْصُورِ تُعْقِبُ رَاحةً / وَحَتْمٌ لآمال العُفَاةِ عَساها
فِللهِ منه قائدُ الحَمْدِ قادَهَا / وَمِنّيَ مَحدُوُّ الخطوبِ حَدَاها
ولله عزمي يوم وَدَّعْتُ نحوه / نُفُوساً شجاني بَيْنُهَا وَشَجاها
وَرَبَّةُ خدرٍ كَالجُمَان دُمُوعُها / عَزِيزٌ عَلَى قلبي شُطُوطُ نَوَاها
وَبِنْتُ ثمانٍ مَا يزال يَرُوعُنِي / عَلَى النّأْيِ تَذْكَارِي خُفُوقَ حَشَاها
وَمَوْقِفَها وَالبَيْنُ قَدْ جَدَّ جدُّهُ / مَنُوطاً بحبلَيْ عَاتِقَيَّ يَدَاها
تَشَكَّى جَفَاءَ الأَقْرَبِين إِذَا النَّوى / تَرَامَتْ برحلي فِي البلادِ فَتَاهَا
وَأَقسم جُودُ العَامِرِيِّ لَيَرْجعَنْ / حَفِيّاً بِهَا مَنْ كَانَ قَبلُ جَفَاها
وَرَامَتْ ثواءً من أَبٍ وَثواؤه / عَلَى الضَّيْمِ بَرْحٌ من شماتِ عِدَاها
وَأَنّى لَهَا مَثْوَى أَبيها وَقَدْ دَعَتْ / بوارقُ كَفِّ العامِريِّ أَبَاها
بُنَيَّ إليكِ اليوم عَنِي فإِنها / عزائمُ كَفُّ العامريّ مداها
فَحَطَّتْ بمغنى الجودِ والمجدِ رَحْلَها / وَأَلقت بِرَبْعِ المَكرُمَاتِ عَصَاها
لدى مَلِكٍ إِحدى لواحِظِ طَرْفِهِ / بعين الرِّضَا حَسْبُ المُنى وَكَفَاها
هو الحاجِبُ المنصورُ والمَلِكُ الَّذِي / سَعى فتعالى جَدُّه فَتَناهى
سليلُ الملوكِ الصِّيدِ من سَرْوِ حِميَرٍ / توسَّط فِي الأَحساب سَمْك ذُرَاها
لبابُ معاليها وإنسانُ عَيْنِها / وَبَدْرُ دَيَاجِيهَا وَشمسُ ضُحَاها
مُعَظَّمُها مَنْصُورُها وَجَوادُها / وفارسُها يومَ الوغى وفتاها
وَوَارِثُ مُلْكٍ أَثَّلَتْهُ مُلُوكُها / وَجَامِعُ شَمْلَيْ مَجْدِها وَعُلاها
نَمَاهُ لِقَوْدِ الخيل تُبَّعُ فخرِها / وأَوْرَثَهُ سَبْيَ المُلُوكِ سَبَاها
ذَوُو المُلْكِ وَالتِّيجَانِ والغُرَرِ الَّتِي / جَدِيرٌ بِهَا التيجانُ أَن تَتَبَاهى
شُمُوسُ اعتلاءٍ تُوِّجَتْ بِأَهِلَّةٍ / وَسُرْبِلَتِ الآجالُ فَهْو كَسَاها
لَئِنْ سَرَّتِ الدُّنْيا فأَنت سُرُورُهَا
لَئِنْ سَرَّتِ الدُّنْيا فأَنت سُرُورُهَا / وإِنْ سَطَعَت نُوراً فوجْهُكَ نورُهَا
سلامٌ عَلَى الأَيَّامِ مَا شِمْتَ لِلعُلا / أَهِلَّتَهَا واستقبلتْكَ بُدُورُهَا
وبُورِكَتِ الأَزْمانُ مَا أَشرَقَتْ لَنَا / بوجْهكَ هَيْجَاوَاتُهَا وقُصُورُهَا
فَلا أَوْحَشَتْ من عِزِّ ذكرِكَ دَولَةٌ / إِليكَ انتهى مأْمُورُهَا وَأَمِيرُهَا
فَما راقَ إِلّا في جبينِك تاجُهَا / ولا قَرَّ إلا إِذ حواك سريرُها
فلا راعها خَطْبٌ وسيفُكَ أُنْسُهَا / ولا رامها ضيمٌ وأَنتَ مُجيرُهَا
ومَنْ ذا يُناوِيهَا وأَنت أَميرُها / ومن نسْلِكَ الزاكي الكريمِ وزيرُها
فتىً طالَعَتْهُ بالسعود نجومُها / وطارت لَهُ باليُمْنِ فينا طيورُها
أَذَلَّ لَهُ عَبْدُ المليكِ ملوكَهَا / وَأَنْجَبَهُ المنصورُ فَهْوَ نصيرُها
بِحَارٌ أَمَرَّتْ للأَعادي طُعومُها / كَمَا طاب فينا شُرْبُهَا وطَهُورُها
وأَربابُ مُلْكٍ فِي رياسةِ أُمَّةٍ / لهم فِي المعالي عِيرُها ونفيرُها
وما يتساوى موتُها وحياتُها / ولا يَتَكافَى ظِلُّهَا وَحَرُورُهَا
وأَنت الَّذِي أَوْرَدْتَ لُونَةَ قاهِراً / خيولاً سماءُ الأَرْضِ فيها نُحُورُها
وقد لاح بالنصر العزيز لواؤها / وأَعْلَنَ بالفتحِ المبين بَشِيرُهَا
وَحلَّتْ حُلُولَ اللَّيلِ فِي كلِّ بلدةٍ / سَوَاءٌ بِهَا إِدْلاجُها وَبُكُورُها
وقد فَتَأَتْ سُمْرُ القنا بِدِمائِهَا / وَغَالَتْ صُدُورَ الدارعين صُدُورُها
صَلِيتَ وَقَدْ أَذْكَى الطِّعَانُ وَقُودَهَا / وَفَارَ بِنِيرانِ السُّيُوفِ سَعِيرُهَا
وَخَضْتَ وَقَدْ أَعْيَتْ نجاةُ غَرِيقِهَا / وهالَتْ بأمواجِ المنايا بُحُورُها
وقد ضربت خدراً عَلَى الشمس وانجلت / بِهَا عن شموس الغانيات خدورُها
عَقَائِلَ أَبكاراً غَدَوْنَ نواكحاً / وَمَا أَصْبَحَتْ إِلّا السيوفَ مُهُورُها
فَلا مُحِيَتْ أَفْخَاذُهَا مِنْ سِمَاتِكُمْ / ولا عَرِيت من ناصِرِيكُمْ ظُهُورُها
فَدَيْنَاكَ سَيْفاً لَمْ تَخُنْهُ مَضَارِبُهْ
فَدَيْنَاكَ سَيْفاً لَمْ تَخُنْهُ مَضَارِبُهْ / وبحرَ عَطَاءٍ مَا تَغِيضُ مواهِبُهْ
وبدراً تجَلَّى فِي سماءٍ رياسةٍ / كواكبُها آثارُهُ وَمَنَاقِبُهْ
تقلَّدَ سيفَ اللهِ وَالتَحَفَ النَّدى / فَسَدَّدَ رَاجيهِ وَأعْذَرَ هائِبُهْ
فها هو ذا في كلِّ قلبٍ ممثَّلٌ / وهاتيك عند الفرقدين مراتبُهْ
فَمَا عَرَّجَتْ عنه سبيلٌ لِطَالِبٍ / ولا رَحُبَتْ أرضٌ بِمَنْ هو طَالِبُهْ
خلائِقُ مِنْ مَاءِ الحياةِ وطَالَمَا / يَغَصُّ بِهِ يوم الكريهةِ شارِبُهْ
أَمُلْبِسَنَا النُّعْمى أَلاَ رُبَّ مَلْبَسٍ / سَنِيٍّ وتاجٍ لِلْعُلا أَنت سَالِبُهْ
وَلَيْلٍ كريعانِ الشباب قَذَفْتَهُ / بِهَوْلِ السُّرى حَتَّى أُشِيبَتْ ذَوَائِبُهْ
وَصَلْتَ بِهِ يوماً أَغَرَّ صَحِبْتَهُ / غُلاماً إِلَى أَنْ طَرَّ باللَّيْلِ شَارِبُهْ
بِكُلِّ مُذَلٍّ كَرَّمَتْهُ جُدُودُهُ / وَكُلِّ كمِيٍّ أَحْكَمَتْهُ تَجَارِبُهْ
وَعَضْبٍ يَمَانٍ قَدْ تَعَرَّفْتَ يُمْنَهُ / وإِنْ يَنْتَسِبْ تَعْطِفْ عَلَيْكَ مَنَاسِبُهْ
وسُمْرٍ لِدَانٍ كالكواكب سُقْتَهَا / ليومٍ من الأَعداءِ بَادٍ كَواكِبُهْ
صليتَ ونارُ الحربِ يَذْكُو سَعِيرُهَا / وَخَضْتَ وَمَوْجُ الموتِ تَطْفُو غَوَارِبُهْ
ولا مثلَ يومٍ نحو لُونَةَ سِرْتَهُ / وقد قَنَّعَت شَمْسَ النهارِ غَيَاهِبُهْ
رَفَعْتَ لَهَا فِي عارِضِ النَّقْعِ بَارِقاً / تَسِحُّ شآبيبَ المنايا سَحَائِبُهْ
وَعَذْرَاءَ لَمْ يأَتِ الزمانُ بِكُفْئِهَا / ولا رامها بَعْلٌ وإِنْ عَزَّ جانِبُهْ
معوَّذةٍ لَمْ يَسْرِ خطبٌ بِأَرْضِهَا / ولا عَرَفَتْ بالدَّهْرِ كَيْفَ نوائِبُهْ
ثَوَتْ بَيْنَ أَحْشَاءِ الضَّلالِ وَأُشْرِعتْ / أَسِنَّتُهُ مِنْ دُونِهَا وَقَواضِبُهْ
وأَصْبَحْتَ يَا عبد المليكِ مَليكَهَا / وَأَنْجَحَ سَاعٍ جَاءَ والسَّيفُ خاطِبُهْ
وَسُقْتَ لَهَا صِدْقَ اللقاءِ مُعَجَّلاً / صَدَاقاً إِذَا مَا هَلْهَلَ الضَّرْبَ كاذِبُهْ
وجيشٍ أَضاءَ الخافِقَيْنِ رِمَاحُهُ / وفاضت عَلَى رَحْبِ البِلادِ كتائِبُهْ
وقد ضَمَّهَا فِي نَفْنَفِ الجوِّ مَعْقِلٌ / عَسِيرٌ عَلَى عُصْمِ الوُعُولِ مَرَاقِبُهْ
بَعَثْتَ عليها منكَ دَعْوَةَ واثقٍ / صَفَا شاهِدُ الإِخْلاصِ منه وغَائِبُهْ
فسَرْعَانَ مَا أَقْوى الشّرى من أُسودِهِ / وأُبرِزَ من حُرِّ الحِجَالِ كواعِبُهْ
ثَلاثَةُ آلافٍ حِسَاباً وَمِثْلُهَا / وَقَدْ غَلَّ عَازِيهِ وأَسَأَرَ حَاسِبُهْ
فيا لَيْتَ قُوطاً حين شادَ بِناءَهُ / رآه وَقَدْ خَرَّتْ إِلَيْكَ جَوانِبُهْ
ويا ليت إِذْ سَمَّاهُ بَدْراً مُعَظَّماً / رآه وَفِي كِسْفِ العَجَاجِ مَغَارِبُهْ
فَيَعْلَمَ أَن الحقَّ دَافِعُ كَيْدِهِ / وَأَنَّكَ حِزْبَ اللهِ لا شَكَّ غَالِبُهْ
فلا خُذِلَ الدِّينُ الَّذِي أَنت سَيْفُهُ / ولا أَوْحَشَ المُلْكُ الَّذِي أَنت حَاجِبُهْ
إِنْ كَانَ وَجْهُ الربيع مبتسماً
إِنْ كَانَ وَجْهُ الربيع مبتسماً / فالسَّوسَنُ المُجْتلى ثناياهُ
يا حسنَهُ سِنَّ ضاحِكٍ عَبِقٍ / بطيبِ ريحِ الحبيبِ رَيَّاهُ
خافَ عَلَيْهِ الحسودَ عاشِقُهُ / فاشتَقَّ من ضِدِّه فسَمَّاهُ
وَهْوَ إِذَا مُغرَمٌ تنسَّمه / خلَّى عَلَى الأَنْفِ منه سِيماهُ
كَما يُخَلِّي الحبيبُ غالِيَةً / فِي عارِضَيْ إِلْفِهِ لِذِكْرَاهُ
يَا حاجباً مُذْ بَرَاهُ خالِقُهُ / توجَّهَ بالعُلى وحَلّاهُ
إذا رآه الزمانُ مبتسماً / فقدْ رأى كُلَّ مَا تَمَنَّاهُ
وإِنْ رآهُ الهلالُ مُطَّلِعاً / يقول ربِّي وربُّكَ اللهُ
بَلَّغَتْ عَبدَكَ الخطوبُ مداها
بَلَّغَتْ عَبدَكَ الخطوبُ مداها / يومَ تبليغِكَ النُّفوسَ مُناها
وتَناهى جَهدُ الحَياةِ بمَنْ لَمْ / يَسعَ فيما رَضِيتَ إِلَّا تَناهى
وعَجيبٌ أَنْ يُفنِيَ الظِّمءُ نَفساً / أَبْحُرُ الأَرضِ فِي يَدَيْ مَوْلاها
مَلِكٌ نافَسَتْ بأدنى رِضَاهُ / بشَّرَتْهُ رِبحاً بأقصى رِضاها
بَذَلَتْ كُلَّ طارِفٍ وتليدٍ / لَوْ شَفاها من لَيتِها وعساها
ولقد شافَهَتْ سيوفَ عدَاهُ / لَوْ كفاها بِهَا شمَلتَ عِدَاها
إِنْ تَلاقَيْتَها فأَنْفسُ نَفْسٍ / لَكَ أَسْنى حُلِيِّها وحُلاها
أَوْ فأَدْنى مواعِدِ المَوْتِ منها / إِنْ تُضِعْها عَشِيَّةً أَوْ ضُحاها
اليوم أَنْكَصَ إِبليسٌ عَلَى عَقِبِهْ
اليوم أَنْكَصَ إِبليسٌ عَلَى عَقِبِهْ / مُبَرَّءاً سَبَبُ الغاوينَ من سَبَبِهْ
واسْتَيْقَنَتْ شِيَعُ الكفَّارِ حَيْثُ نَأَتْ / فِي الشَّرْقِ والغربِ أَنَّ الشِّركَ من كَذِبِهْ
بِشنْتِياقَةَ لما أَن دَلَفْتَ لَهُ / بالبِيضِ كالبدرِ يَسْرِي فِي سَنا شُهُبِهْ
وحَلْبَةُ الدينِ والإِسلامِ عاطِفَةٌ / عَلَيْكَ كالفَلَكِ الجاري عَلَى قُطُبِهْ
حَتَّى فَصَمْتَ عُرى دينِ الضلالَةِ من / راسِ القواعِدِ ممنوعِ الحِمى أَشِبِهْ
لَمْ يَذْعَرِ الدهرُ فيه نَفْسَ سَائِمَةٍ / ولا أَصاخَتْ لَهُ أُذْنٌ إِلَى نُوَبِهْ
مما اصْطَفَتْ عَبَدُ الطَّاغُوتِ واعتقدَتْ / وشَيَّدَ الكُفْرُ فِي الآلافِ من حِقَبِهْ
عمودُ شِركِهِمُ السَّامِي ذوائِبُهُ / والرُّومُ والحُبْشُ والأَفْرنْجُ من طُنُبِهْ
تَحجُّهُ فِرَقُ الكُفَّارِ سائِلَةً / كالجَوِّ أَظْلَمَ فِيهِ مُلتَقى شُحُبِهْ
مُسْتَوْدَعٌ فِي شِعابِ الأَرضِ حَيْثُ نَأَى / شُمُّ الجِبالِ ولُجُّ البحرِ من حُجُبِهْ
من كُلِّ أَغبَرَ من عَضِّ السِّفارِ بِهِ / وساهِمِ الوجه من طُولِ السُّرَى شَجِبِهْ
وكلِّ مُهْدٍ إِلَى أَركانِ بِيعَتِهِ / مَا عزَّ من نفسِهِ فِيهَا ومن نَشَبِهْ
قَدْ طالما أَحْفَتِ الأَملاكُ أَرْجُلَها / فِيهِ وَخَرَّتْ عَلَى الأَذْقانِ من رَهبِهْ
أَمَمْتَهُ بجنودِ الحقِّ فانْقَلَبَتْ / بغُرَّةِ الفتحِ من تغييرِ مُنْقَلَبِهْ
وسُمْتَهُ جاحِماً للنارِ مَا بَقِيَتْ / نفسٌ من الكفرِ إِلّا وَهْيَ من حَطَبِهْ
يا حُسْنَ مرأَى الهُدى من قُبْحِ مَنْظَرِهِ / وبَرْدَ أَكبادِ حزبِ الله من لَهَبِهْ
وعاذ بِرْمُندُ منهُ بالفرارِ وكَمْ / من قبلِها عاذَ بالأَنصابَ من صُلُبِهْ
مستوطِناً مَرْكِبَ الإِحجامِ عنكَ وَهَلْ / يعدُو بِهِ وِجْهَةَ المحتومِ من عَطَبِهْ
مُسْتَخْفِياً بظلامِ الليلِ منكَ فَإِنْ / وافاهُ صُبْحٌ توارى فِي دُجى كُرَبِهْ
قَدْ حَقَّتِ اليومَ منه قَلْبِ مُلْتَهِبٍ /
لا يزجُرُ الطَّيْرَ فِي سهلٍ ولا جَبَلٍ / إِلّا بوارِحَ تُعْمِي عَيْنَ مُقْتَرِبِهْ
وأَيْنَ منه سبيلُ الفوزِ منكَ وَقَدْ / سَلَلْتَ سيفَ الهُدى والنَّصْرِ فِي طَلَبِهْ
و إِيلياءُ الَّتِي كانَتْ أَلِيَّة ذِي / جَهْدٍ من الشِّرْكِ خاشِي الإِثْمِ مُرْتَقِبِهْ
رفَعْتَ منها سَنا نارٍ أَضاءَ لَهُمْ / مَا كَانَ أَوْدَعَها الشيطانُ من رِيَبِهْ
يشُبُّها منكَ عزمٌ لَوْ وَنَى ضَرَمٌ / منها لأَضْرَمَها فِي اللهِ منْ غَضَبِهْ
فالله جازِيكَ يَا منصورُ دَعَوْتَهُ / بسَعْيِ ماضٍ لنصرِ الدين مُحْتَسِبِهْ
وعن كتائِبَ للإِسلامِ قُدْتَ بِهَا / إِلَى رِضا اللهِ حَتَّى كُنَّ من كُتُبِهْ
ومؤمِنٍ مُنْصِبٍ للهِ مُهْجَتَهُ / بَلَّغْتَهُ أَمَدَ المغبوطِ مِن نَصَبِهْ
وعن حُسامِ هُدىً لَمْ تَجْلُ صفحَتَهُ / إِلّا أَسَلْتَ دِماءَ الشِّرْكِ فِي شُطَبِهْ
وليفتَخِرْ منك يَا مَنْصُورُ يَوْمُ عُلاً / تركتَ غابِرَةَ الأَيامِ تَفَخَرُ بِهْ