المجموع : 18
الزهرُ تَبسِمُ نُوراً عن أقاحيها
الزهرُ تَبسِمُ نُوراً عن أقاحيها / إذا بكى من سحابِ الفَجْرِ باكيها
نورُ الأقاحي الذي ما بالحياءِ بهِ / من صِحَّةٍ وصَفاءٍ عَزَّ مُنشيها
تلكَ الرُبوعُ لليلى أينَ مَربَعُها / عن قصدِهِ وسُيوفُ العُرْبِ تَحْميها
أدماءُ تَجْني على الأكباد مُصليةً / تَبارَكَ اللهُ ما أحلَى تَجَنّيها
ليْلَى ولي شَوقُ قيسٍ في محبّتها / فشِعرهُ فجُنونٌ شابَهُ فيها
خالٌ لها عَمَّهُ وَرْدٌ بَدا حَرَماً / في وَجنةٍ حُمِيَتْ عمَّن يُدانيها
للهِ مُقلَتُها السوداءُ صائدةً / قُلوبَ عُشّاقها والقُرطُ راعيها
يقول قومي رُويداً قد سَقِمتَ هوىً / فقُلتُ مَهْلاً شفائي من نواحيها
لعلَّ صافي نسيمٍ من خَمائلها / أتَى يَهُبُّ على رُوحي فيشفيها
وبي رِقاقُ ليالٍ في النقاءِ وَفَت / بِيضُ اللّقاءِ فما أهَنى لياليها
في جَنَّةٍ حُوْرُها تزهو بنا وبها / لو كان يصفو خُلودٌ في روابيها
يَهُزُّني ذِكرُها وجداً فأَعْلَمُهُ / جُرحاً ورُوحي تراهُ من مجَانيها
أسأتُ كتمَ الهوى والصَبُّ كيف لهُ / سِترٌ وأدمُعُهُ قد هلَّ واشيها
ليسَ الهوى بخفيٍّ عندَ رادِعِهِ / فكيفَ ناشرُهُ يَطْويِهِ تمويها
استودعُ اللهَ صبراً ما أُمارِسُهُ / ومُهجةً عن حِسانٍ لَسْتُ أَحميها
طاب الهوى والضنى واللَومُ لي فدَمِي / أُسَرُّ في بذلِهِ في حيِّ أَهليها
لَبَّيكَ يا لحظَها الجاني على كَبِدٍ / سالتْ أسىً في الهَوَى لولا تأَسِّيها
إنْ تعفُ طوعاً فإنّ العفوَ لي أرَبٌ / أو لا فرَيحانُ رُوحي في تَفانيها
ليتَ الصِبا عاد لي بعد المَشيبِ على / شرطِ الوفا وهْوَ مِن تجلّيها
بِكرٌ محجَّبةٌ لا تنجلي لحياً / حتى من النَجمِ حتّى ما يُلاقيها
راقَ الدَّلالُ لها والذُلُّ لي أبَداً / ولم يَرُقْ كأْسُ وردي من تدانيها
دمعي ومَبِسمُها الدُّرُّ الثمينُ صدىً / لمُهجتي فبصَبرِ القلبِ أُرْويها
لمّا رأت جِدَّ وَجْدي في محبَّتها / قامت بسيماءِ هَزْلٍ عينُها تِيها
ظنَّ الجَهُولُ الهَوَى سَهْلاً لوالجِهِ / مَهْلاً فقد تاهَ جهلاً أو عَمِي تِيها
يَهيجُهُ غزلُ عينٍ جاءَ حائكُهُ / يَحُوكُ بُرْدَ الضنَى حَلْياً لهاويها
إنَّ العُيونَ التي بانت لَطائفُها / لها خَفاءُ معانٍ ليسَ نَدريها
طلاسمٌ سحرُها المرموزُ طالعةٌ / أَشكالُهُ في سُطورٍ حارَ قاريها
لواحظٌ لُحْنَ في زِيِّ الحِدادِ لِكَي / يُبرِزنَ حُزناً على قَتْلَى رواميها
الناهباتُ البواكي المبكياتُ فقد / كَفّت عقولُ البرايا عن معانيها
لولا سَوادٌ لها ما أبيضَّ فَوْدِيَ عن / شَيبي ولا احمرَّ دمعي من تهاديهَا
عزيزةُ الحُسن من أحكام دولتِهِ / أنْ يجنيَ الذُلَّ دهراً من يُواليها
كلُّ الجراحاتِ مُشفيها الدواءُ سِوَى / جِراحِها أينَ حلَّت فَهيَ مُشفيها
إلى العُيونِ التي في طرفها حَوَرٌ / عَهدُ الرِعايةِ رِقّاً من مُحبيّها
ويلاهُ من زَيْغها داءً نطيبُ بهِ / فلا شُفينا بِعتقٍ من دياجيها
رُوحي وعيني فِدَى عينٍ مُطهَّرةٍ / ومُهجةٍ للّتي بالنَّفسِ أفديها
فَهْيَ الجميلةُ لكن بين عاشقها / والصبرِ جورٌ قبيحٌ من تجافيها
ضاعَ الزمانُ وطالَ الوجدُ وا أَسفي / ولم يقصِّرْ سباقي في تصابيها
أشابَني عَتْبُها قُرباً فأزهَدَها / وعَيَّرتْني بشيءٍ جاءَ من فِيها
للشَيْبِ أنفعُ طِبٍ في الفتى نَبَأً / بما يوافي وترهيباً وتنبيها
رأسٌ يُصفِّدُهُ نامي الصِبا عَبَثاً / بأَدهمِ الشَعْرةِ النَدّابِ ناميها
عيشٌ قصيرٌ طويل الرُّعبِ أعدَلُهُ / ما يَقصُرُ النفسَ قُرباً نحوَ باريها
برقُ المُنى خُلَّبٌ إلا أقلَّ حِبَىً / تَقِرُّ عَينٌ بهِ رَصدْاً يُسلّيها
والناس من يشتهي ما المطلُ حاصلُهُ / ومن تفيهِ عِدَاتٌ نام داعيها
أعوذ بالله من علمٍ بلا عملٍ / ومن تَدارُكِ نفسٍ كَلَّ راعيها
لَوَّامةٌ أوقفتني لا أُطاوعُها / ولا يُحبِّبُ ضُعفِي أنْ أُعاصيها
حَلَت لها النّارُ دُونَ العارِ في دُوَلٍ / من حاسديها بأَرضٍ سالَ واديها
ذَرْني وما بيَ هل لَومٌ عليَّ بها / وقد مُلئِتُ ومَلَّتْ من أعاديها
رِماحَكم يا كرامَ الحيِّ لا تَقِفوا / ولا تَرُعْكُم بِلىً جَدَّت دواهيها
كُلُّ البلايا من الدُنيا مَتَى نَزَلَتْ / بنا فنِيرانُ إبراهيمَ تُفنيها
نارٌ ونُورٌ متى قال النِّزالُ لهُ / والجُودُ هاتِ يداً لم يُلقَ ثانيها
بَنَى من العِزِّ بيتاً دُونَ أعمدةٍ / سِوَى قَناةٍ لهُ عَزّتْ مبانيها
اللوذعيُّ العزيزُ الباسلُ المَلِكُ ال / غازي المَلا بِيَدٍ حَسْبي أياديها
للسيفِ والرُمحِ والأقلامِ قد وُلِدَتْ / راحاتُهُ ولِسُؤَّالٍ تفاجيها
غازٍ مَهيبٌ حسيبٌ ماجدٌ نَجِبٌ / صافي الصِفاتِ نفيسُ النفسِ زاكيها
أقوالُهُ خُطَبٌ أفعالُهُ شُهُبٌ / آراؤهُ قُضُبٌ باللهِ حاميها
أحيى المحامدَ مُفداةً مُسلِّمةً / أليسَ أموالُهُ تَفنى وتُبقيها
وَردَّ ما مرَّ من عَدلِ الصَحابةِ لا / يلهو بزَهرٍ ولا خمرٍ يُعاطيها
جَرَّارُ خيلٍ يَحِلُّ البأسُ جانِبَها / والفتحُ والحتفُ عَدلاً بين أيديها
سَلْ قومَ عكاءَ حِينَ اربَدَّ مشرِقُها / والشأمَ والتُركَ لمَّا اسودَّ ناديها
عبدُ الخليلِ لعبد اللهِ صارَ بها / إسما وشبهَ اسمهِ راحت أساميها
داسَ البلادَ بإذن اللهِ يكسِرها / وتَكسِرُ السيفَ نَزْعاً من نَواصيها
ماجت سراياهُ أبطالاً بسَطْوتها / تُبقي وفيّاً وتُبلي مَن يُعاديها
أحبِبْ بأصيَدَ تحكي الدَّهرَ همَّتُهُ / لكن متى نابَ شرٌّ مَن يحاكيها
بعيدُ قدْرٍ عن الأمثالِ ليسَ لهُ / شبهٌ فما مَدحُهُ ما جاءَ تَشبيها
هوَ الذي حجُّ آلِ البيتِ جاءَ بهِ / بعدَ الذَّهابِ جَلِيِّ الطُرْقِ جاليها
ضلَّ السُعوديُّ وَهَّابُ السوادِ فما / أهداهُ إلاَّ ببرْقِ البيض واليها
رَسولُ حَقٍّ نِزالُ الحربِ سُنَّتهُ / وفَرْضُهُ الجِدُّ بالجَدْوى يُواليها
رامَ الحجازَ وسُودَ الزّنجِ ثمَّ رَمَى / فيها القِتالَ وأمَّ الرُومَ يَرْميها
اللهُ أكبرُ هذا حالُ مَنْ جَلَسَ ال / أَيَّامَ فوقَ سُروجِ الخيلِ يُدميها
والحمدُ للهِ لم تَقصُرْ بواكرُهُ / في ما يقوُمُ ولم تُحصرْ مساعيها
غَلاَّبُ نادٍ وأجنادٍ يُعاهِدُهُ / نصرٌ قريبٌ على لُطفٍ يماشيها
أحصى المُنى والثَّنا والحَزْمَ والكَرَمَ ال / أسنى وآياتِ عدلٍ لَستُ أُحصيها
لا أعقَبَ الويلُ مِصراً وَهْوَ تارِكُها / همّاً فجُودُ يَديهِ جاءَ يُغنيها
بحرٌ وبدرٌ وليثٌ لا يُرَدُّ لهُ / أَمرٌ وصَمْصامةٌ سبحانَ باريها
أبو الفُتوحاتِ أُمُّ الحربِ طاهيها / سُلطانُ ساحاتِ بَرِّ العُرْبِ واقيها
لهُ البلادُ بأشخاصِ العبادِ بما / أبقَى التِلادُ بما حاطت أقاصيها
محمَّديٌّ عليٌّ شأْنُهُ كُسِرَتْ / طوارقُ الرَوع باسمٍ منهُ يأتيها
يا يومَ عُثمانَ لم يَقفُلْ بباكرِهِ / إلاَّ حفايا ظُعونٍ وَهْوَ حاديها
زَلَّت به قَدَمٌ جاءَت بهِ مَرَحاً / فرَدّها عن يدٍ والنَّصرُ تاليها
لسيفِ سُلطانِ مصرٍ هَيبةٌ لقِيَ ال / بلادَ حيٌّ بها يا سَيفَ غازيها
فاقَ الثَّنا أنَّكَ الدُّنيا وقاهِرُها / سعداً وحاكمُها حقاً وقاضيها
يا فاتحَ المنصِبِ الطاري نَدَىً وردىً / على الصَدَى والعِدَى يُخلِي طواريها
أتيتُ نحوَك أُحْيي الليلَ عن عَجَلٍ / وأقتُلُ الخيلَ جوَّاباً أُزَجّيها
واللهُ يشهَدُ كم ليلٍ سَهِرتُ بكم / أجلو رقيمةَ دُرٍ رُدَّ جاليها
لم يأتها قَبْلُ إلاّ شاكرٌ عَجَباً / وجئتُ بعدُ فأهدتني قوافيها
أبقَت صُداعاً برأسٍ راحَ يسلُبُهُ / وحبَّذا سَلبُ أدواءٍ تُداويها
لم ألقَ كُفْواً لها مِمَّنْ رَفَعتُ يدي / قبلاً إليه فلم أهتمَّ تنزيها
ظلَّ البديعُ لها عَبداً يُلِمُّ بها / وكلُّ خَطبٍ سليمٌ عِندَ راقيها
فانعَمْ بها وهْيَ فَلْتَنْعَمْ بمُكرِمها / جُوداً ومُعظِمِها جاهاً ومُعُليها
راقَتْ كأدنَى مَعانيكَ الحِسانِ فما / آياتُ حقٍ كشَطْرٍ من مَبانيها
قِفْ بينَ رَيحانِ العَقيقِ وضالهِ
قِفْ بينَ رَيحانِ العَقيقِ وضالهِ / وقُلِ السَّلامُ على العَقيقِ وآلِهِ
وقُلِ السَّلامُ على المنازلِ من فَتىً / لم يبقَ غيرُ سلامِهِ وسؤَالهِ
رَبعٌ وَقَفتُ منادياً أطلالَهُ / فبَلِيتُ حتى صِرتُ من أطلالِهِ
قد كانَ لي صبرٌ كبعضِ سُهولهِ / واليومَ لي شَوقٌ كبعض جِبالهِ
لا تُنكِروُا سَلْبَ الحبيبِ حُشاشتي / ماذا على مُتَصرِّفٍ في مالِهِ
رَكِبَ النَّوَى فحُرِمتُ نَظرةَ وجهِهِ / ونَفَى الكَرَى فُحرِمتُ طيفَ خَيالِهِ
من كانَ يَهوَى الغانياتِ فإنَّني / أهوَى الذي لَيسَتْ تَمُرُّ ببالِهِ
الخائضَ الغَمَراتِ لم تَبلُلْ لهُ / قدَماً ولم تَقطعْ شِراكَ نعالهِ
سَبَّاقُ غاياتٍ ينالُ بفعلِهِ / ما لا يَنالُ سِواهُ في آمالهِ
البَرُّ بينَ لِسانِهِ وفُؤادِهِ / والبحرُ بينَ يمينهِ وشمالِهِ
مُتَأخِّرٌ في عصرِهِ مُتَقدِّمٌ / في فضلهِ مُتَفرِّدٌ في حالِهِ
ليسَ التفاوتُ في الزَمانِ وإنما / يقَعُ التَفاوتُ فيه بينَ رِجالِهِ
بيني وبينكَ بحرُ ماءٍ زاخرٌ / يا بحرَ عِلمٍ فاقَهُ بزُلالهِ
تبدو الجواهرُ منكَ بارزةً لنا / فوقَ الذي قد زُجَّ في أقفالهِ
عَجَباً لهُ لم يَحْلُ لَمَّا خُضتَهُ / إنَّ اللئيمَ مولَّعٌ بخِصالهِ
قد ضَمَّ منك الفُلكُ أفناناً كما / ضَمَّتْ سفينةُ نوحَ من أجيالِهِ
شِيَمُ الليالي أن تُباعِدَ صاحباً / حتى يكونَ زوالُها كزَوالهِ
هيَ كالهباءِ فماسكٌ بحبِالها / تحتَ الرَّجاءِ كماسكٍ بمثالِهِ
من كان يعرِفُ ما مَضَى من دهرِهِ / أغناهُ عن مُستقَبلٍ بمثالِهِ
يومٌ يمُرُّ كأمسِهِ بغُرورِهِ / وغَدٌ يمُرُّ كيومهِ بمِحالهِ
يا مَنْ يُودّعُ راحلاً لِفراقِهِ / أتُرى رَجَوتَ تحيَّةً لِوِصالِهِ
هذا اليسيرُ منَ الفِراقِ وإنما / ستَرَى فراقاً ليسَ من أشكالِهِ
بَكى حَتى بَكَيتُ على بُكَاهُ
بَكى حَتى بَكَيتُ على بُكَاهُ / جَرِيحٌ عينُهُ نَزَفَتْ دِماهُ
يُسائلُ أَينَ حَلَّ رِكابُ لَيلى / ويَنسَى أنَّ لَيلَى في حشاهُ
هَوَى قلبٍ تَعَلَّقَهُ اختياراً / فَصارَ عَنِ اضطِرارٍ مُنتَهاهُ
ونارُ الحُبِّ يُوقِدُها غُرُورٌ / ولكنْ ليسَ يُخمِدُها انتبِاهُ
تَنُودُ بنا العَواطِفُ راكباتٍ / طَريقاً لا تُقيمُ على هُداهُ
فنَهوَى مَن تراهٌ العينُ طَوراً / ونَهَوى تارةً مَن لا تَراهُ
هَوِيتُ النازلَينِ دِيارَ مِصرٍ / وقلبي قد أَحَلَّهما حِماهُ
هُما القَمَرانِ في أكنافِ أَرضٍ / يَغارُ النَجْمُ منها في سَماهُ
كِلا الرَجُلَينِ من أَفرادِ عَصرِ / يُقصِّرُ كُلُّ عصرٍ عن مَداهُ
وكُلُّهما حُسامٌ مَشرَفيٌّ / تَلُوحُ إذا استُطِيرَ بهِ المِياهُ
أَصابا كُلَّ مَحمِدَةٍ وفَضلٍ / لهُ بينَ الوَرَى شَرَفٌ وجاهُ
فذاكَ مُحمَّدٌ يُثنَى جميلاً / عليهِ وذاكَ مِن حَمدٍ ثَناهُ
يَصُولُ يَراعُ كلٍّ في يَدَيهِ / بأَنفَذِ ما تَصُولُ بهِ قَناهُ
وأَبلغِ ما تُقَلِّبُهُ قُلوبٌ / وأفَصَحِ ما تَفُوهُ بهِ الشِفاهُ
أَطاعَهُما القَرِيضُ فكانَ عَبداً / بأَسهارِ الليالي مُشتَراهُ
ولو عَرَفَتْهُما الأَعرابُ قِدْماً / لَخرَّتْ نحوَ شِعِرِهِما الجِباهُ
على الإسكَندَريّةِ كلَّ يومٍ / سَلامُ اللهِ مُعتنِقاً رِضاهُ
لَئِنْ يكُ فاتَها جَبَلٌ ففيها / جِبالٌ في معارِجِها يُتاهُ
بها الجَبَلانِ من عِلمٍ وحِلمٍ / وحَزمٍ قد أَقامَهُما الإِلهُ
علَينا قام ظِلُّهما مديداً / ونورُ الشمسِ يَسطَعُ من وَراهُ
نَهيمُ إلى ضِفافِ النِيلِ شَوقاً / وإِنْ بَعُدَتْ علينا ضِفَّتاهُ
ونَرصُدُ كلَّ غاديةٍ عَساها / ترَشَّفَتِ المَواطِرَ مِن صَفاهُ
هِيَ الدُنيا تَغُرُّ بِها الأماني / وأَينَ مِنَ الذي غَرَّتْ مُناهُ
أَماتَتْ في هَواها كلَّ نفسٍ / وكلَّ فُؤَادِ صَبٍّ في هَواهُ
تَدورُ بنا على عَجَلٍ رَحاها / وداعي الموتِ قد دارتْ رَحاهُ
إذا غَرَسَ الفَتَى فيها رَجاءً / فلا يرجو الحَياةَ إلى جَناهُ
يا راحلينَ إلى الدِّيارِ الباقيَهْ
يا راحلينَ إلى الدِّيارِ الباقيَهْ / لا تَعمُروا دارَ الخَرابِ الفانيَهْ
تِلكَ الدِيارُ هي المُقامُ وإنَّما / هذي الدِّيارُ مَراحلٌ في الباديَهْ
ويحْي مَتَى تُصْحُونَ من سُكرٍ بلا / خمرٍ ومن نومٍ بعينٍ ساهيَهْ
إن كانَ غَرَّكُمُ الغُرورُ بأمرِكم / فتذَكَّروا أمرَ القُرونِ الخاليَهْ
يا سائراً والموتُ مِلءُ طَرِيقِهِ / احذَرْ فأنتَ على شَفيرِ الهاويَهْ
واعلَمْ بأنَّكَ ليس تخطو خَطْوةً / مأنونةً مِن أنْ تَكُونَ القاضيَهْ
يلهو الجَهُولُ عنِ المَنيَّةِ زاعماً / أنَّ المنيَّةَ عنهُ أمسَتْ لاهيَهْ
النَّاسُ أمثالُ الفرائسِ حَولَها / رُسُلُ المنيَّةِ كالذِّئابِ الضاريَهْ
يَتَجَنَّبُ المَرْءُ البَلاءَ وطالما / فاتَتْهُ داهيةٌ فصادَفَ داهيَهْ
وإذا تَعافى مُدنَفٌ من عِلَّةٍ / فعَليهِ أُخرى ليسَ منها عافيَهْ
أشكُو مُصابَكَ يا شَكوراً لم تَكُنْ / يوماً لهُ في الدَّهرِ نفسٌ شاكيَهْ
يا طائعاً أمرَ الإلهِ وزاجراً / عن تَرْكِ طاعتِهِ النُّفوسَ العاصيَهْ
يا صاحبَ القلبِ السَّليمِ كأنَّهُ / قد صِيغَ من عَذْبِ المياهِ الصافيَهْ
والصادِقَ الكَلِمِ التي لسَدادِها / كانت تَقودُ إلى الهُدَى بالناصيَهْ
والنَّاصِحَ البَرَّ الوَدُودَ المُستَوِي / قولاً وفِعلاً خُفْيةً وعَلانَيهْ
واللازمَ التهذيبِ في أعمالهِ / مثلَ التزامِ الشِّعرِ حرفَ القافيَهْ
لَمَّا دَعاكَ اللهُ من فِردَوْسِهِ / لَبيَّتَ مُمتثِلاً بنفسٍ راضيَهْ
ما كانَ ذاك العَزمُ إلاّ لَيلةً / حتى نَزَلتَ بِدارِهِ في الثانيَهْ
سَكَبَ الإلهُ عليكَ رَحمتَهُ كما / كانت مَراحِمُ قلبكَ المُتَواليَهْ
لم تبكِ عينٌ منكَ قَطُّ بسَوءَةٍ / وعليكَ صارت كلُّ عينٍ باكيَهْ
جَبَلٌ رفيعٌ هَزَّهُ ريحُ القَضا / والرِّيحُ يَعصِفُ بالجِبالِ العاليَهْ
ريحٌ توهَّمَ فيهِ لوناً أصفَرا / مَن ظنَّ فيهِ لَهيبَ نارٍ حاميَهْ
هُوَ زُبدةُ الأمراضِ في جُمهورِها / مثلَ الخُلاصةِ من بيوتٍ الكافيَهْ
فلَو اتَّخذْتَ إليهِ في أفعالِهِ / نَسَباً لكانَ البحرَ وَهْيَ الساقيَهْ
تَبّاً لها من ضَربةٍ فَتَّاكةٍ / كُثُرَتْ لوَقْعتها الشِّجاجُ الداميَهْ
فَتَكَتْ بهِ ولعلَّها اعتذَرَتْ لنا / إذ لم تَكُنْ وَقَعَتْ برأسِ الزاويَهْ
أنتَ المُرادُ ولا أُسمِّي غُنيةً / منِّي عَنِ اسمِكَ بالصِّفاتِ الغانيَهْ
وإذا سَلِمتَ فأنتَ شَمسٌ قد كَفَتْ / عن ضَوءِ كلِّ الأنجُمِ المُتَواريَهْ
أتَحسبُ من حُمْر الشَّقيقِ خُدُودُها
أتَحسبُ من حُمْر الشَّقيقِ خُدُودُها / ومن بعضِ رُمَّان الجِنانِ نُهودُها
دَهِشْتَ لما شاهدتَ منها مُوَلَّهاً / فأنقَصتها من حيثُ جئتَ تَزِيدُها
فَتاةٌ لِعينَيها جُفونٌ مَرِيضةٌ / لِكَثرةِ ما تَغزُو وهُنَّ جُنودُها
سَمِعتُ بأنَّ الخالَ يُحسَبُ عَبدَها / فأمّلْتُ أنْ تَدنْو كذاكَ عبيدُها
أرى كلَّ حربٍ فيهِ للقومِ هُدنةٌ / سِوَى حربِ مَن تسطو عليهِ البيضِ سُودُها
وكلُّ مرِيضٍ يتَّقِي اللهَ نائباً / سِوىَ جَفنها الطَّاغي بما لا يُفيدها
نَحيلةُ خَصرٍ مثلَ جسمي من الضَّنَى / تَرِفُّ عليهِ مثلَ قلبي بُنودُها
رأيتُ قَضيبَ الخَيزُرانةِ ذابلاً / فأيقَنتُ أن الخَيزُرانَ حَسوُدُها
هَوِيتُ التي كم عِندَها من دمٍ لنا / تحَلَّى بهِ مثلَ القَلائدِ جِيدُها
ومالَتْ بِعطِفي صَبْوةٌ لو تَلاعَبتْ / بِخَيمْتِها الشَّمَّاء مالَ عَمُودُها
ولكننَّي ممَّن أعَدَّ لدَهرِهِ / كتائبَ صَبرٍ ليسَ يُحصَى عَدِيدُها
وعِندي وقارٌ من خلائقِ أحمَدٍ / فَجُزْتُ ولم تُمطِر عَلَيَّ رُعودُها
خَلائِقُ تَزدانُ السَّجايا بِحُسنِها / كما زَيَّنتْ بيضَ النُّحورِ عُقودُها
إذا كانتِ الأفلاكَ فَهْيَ نُجومُها / وإن كانتِ الأقمارَ فهْيَ سُعُودُها
كريمُ صفاتٍ لا يَمُرُّ قَدِيمُها / على مِسمَعٍ حتى يَلُوحَ جَديدُها
إذا أصبحَتْ دُهْمُ الأمورِ مريضةً / شَفاها بإذنِ اللهِ حينَ يَعودُها
لهُ هِمَّةٌ في الحادثاتِ بعيدةٌ / إذا راضَتِ الأعمالَ يدنو بَعيدُها
تألَّفَ حُسنُ الخَلْقِ والخُلقِ عِندَهُ / وتِلكَ اخِتصاصاتٌ عزيزةٌ وُجودُها
على وَجهِهِ نُورُ الجمالِ يزِينُهُ / طَلاقةُ بِشرٍ فوقَهُ يَستَفيدُها
ومن ذِهنهِ ماءُ السُّيوفِ وحَدُّها / ومِن عَزمِهِ في النَّائبات حَديدُها
لَقد صَلَحَ ابنُ الصُّلحِ لِلمَدْح صادقاً / فكانَ أميراً للقَوافي يَقودُها
لها بينَ أيدِيهِ الكِرامِ مَواقِفٌ / صِحاحٌ دَعاويها عُدولٌ شُهوُدُها
وقد شَقَّ نَظْمُ الشِّعرِ عندي لِعلَّةٍ / يِشُقُّ على قلبي الصَّبورِ جُحودُها
منَ الشِّعرِ مَدْحٌ قَلَّ مَنْ يَستَحِقُّهُ / وصَنعةُ هَجْوٍ لَسْتُ ممَّن يُرِيدُها
الناسُ لولا سجايا النفسِ أشباهُ
الناسُ لولا سجايا النفسِ أشباهُ / فإنّما كُلُّهُمْ تُرْبٌ وأمواهُ
والبعضُ يُفرَقُ عن بعضٍ بجَوهرهِ / كاللفظِ يُفرَقُ عن لفظٍ بمَعناهُ
هذا الذي دارَ بينَ النَّاس من قِدَمٍ / وهكذا قد أقامَ اللهُ دُنياهُ
لو كانتِ النَّاسُ خَلْقاً واحداً بَطَلتْ / مَصالحُ العيشِ واندَكَّتْ زَواياهُ
لولا السَّماحةُ ضاع الحُسنُ مُنكسِراً / فلم يكن لمليحٍ في الوَرَى جاهُ
للهِ في الخَلْقِ سِرٌّ ليسَ نُدرِكُهُ / وكيفَ يُدرِكُ عبدٌ سِرَّ مَوْلاهُ
لكلِّ أمرٍ رِجالٌ يَصْلُحُونَ لهُ / وكلُّ مَرْءٍ لهُ أمرٌ تَوَلَّاهُ
نالَ الرِئاسةَ مَولانا الرئيسُ ولو / رأى لها غيرَهُ المُعطِي لأعطاهُ
سيفٌ إذا ما فَرَى عُنقاً سِواهُ بهِ / فَرَتْ بهِ الصَخرَ عِندَ الضَّربِ يُمناهُ
يَقضِي الحوائجَ إفراداً وتَثْنيةً / ولا يُثَنِّي المُنادي حينَ ناداهُ
وتنقُضُ البُؤُس بعدَ العَقْدِ راحتُهُ / وتنظُرُ السِّرَّ قبلَ الجَهرْ عيناهُ
ما زالَ يجلو ظَلامَ الظُّلمِ مُجتهِداً / كالليلِ حينَ ضِياءُ الصُّبحِ يَلْقاهُ
وينصُرُ العدلَ حتماً وَهْوَ يَحْسَبُهُ / دَيناً لدُنياهُ أو دِيناً لأُخراهُ
يُمسِي الأمانُ ويُضِحي تحتَ رايتِهِ / كأنَّما في حِماها كانَ مَنْشاهُ
مرفوعةٌ بعَمُودٍ تحتَ أجنِحةٍ / منَ المَلائكِ رَفَّتْ فوقَ أعلاهُ
جِئنا نُهنِّيهِ بالفَوْز الجليلِ ومَنْ / أصابَ في الرَّأيِ هَنَّانا وهنَّاهُ
فلا يزالُ قريرَ العينِ مُبتهِجاً / يَرعَى العِبادَ وعينُ اللهِ تَرْعاهُ
اليومَ رَبُّكَ أعطَى القوسَ باريها
اليومَ رَبُّكَ أعطَى القوسَ باريها / وأسكَنَ الدَّارَ بعدَ الهِجرةِ بانيها
وجَدَّدَ الدَولةَ الشَّهْباءَ مُرتِجعاً / ما غابَ بالأمسِ عَنَّا من دَراريها
لا يَترُكُ الدَّهرُ عيناً لا دُموعَ بها / ولا دُمُوعاً بلا مَسحٍ يُؤاتيها
يَنامُ حِيناً ولكنْ بعدَ نَومَتِهِ / لابُدَّ من يَقظَةٍ يصحو لَنا فيها
يا طُورَ لُبنانَ لا تَشْكُ الظَماءَ فقد / عادَتْ مِياهُكَ تَجري في مَجاريها
عادَ الشِّهابُ إلى الأَنوارِ طَلْعتِهِ / في أَرضِكَ اليومَ فابيَّضتْ لياليها
هُوَ المَجيدُ الشِّهابُ اسماً على لَقَبٍ / يَجري وأَلفاظُهُ تَحكي مَعانيها
رأسُ العَشائِرِ في لُبنانَ قاطِبةً / إليهِ تَبسُطُ عن طوعٍ أَياديها
لا يَستحي أَحَدٌ من لَثمِ راحَتِهِ / في أرضِ لُبنانَ من أَعلى نَواصيها
ولا يَرَى أَحدٌ عَيباً بِطاعَتِهِ / فيها وتدعوهُ مَولانا مَواليها
نَسْلُ البشيرِ الذي الدُّنيا بهِ لَهِجَتْ / وذِكرُهُ شاعَ دَهراً في أَقاصيها
يَفنى الزَّمانُ ويَبقَى ذِكرُ دَولَتِهِ / في الأرض يَنشُرُ أَجيالاً ويَطويها
يا أَيُّها القائمُ المرفوعُ مَنصِبُهُ / من دَولَةٍ نَظَرُ الرَّحمنِ راعيها
بُشرى البِلادِ التي أصبَحتَ حاكِمَها / بُشرَى مَنازِلِها بُشرَى أَهاليها
أَنتَ الأَميرُ الذي مازالَ يأْمرُ بال / معروفِ نفساً عَنِ الأَوزارِ ناهيها
رُكنُ البِلادِ الذي اعتادَتْ سَيادتَهُ / دَهراً فكانَت كبعضٍ من رَواسيها
فَتحٌ قريبٌ من اللهِ الكريمِ أَتى / لِبابِ دولةِ مجدٍ صِرتَ واليها
نَشَرتُ صُحْفاً منَ التأْريخِ شائِعةً / في نَظمِ تأْريخهِ ضاءَت لآليها
لِيُوسُفَ ابنِ الجُدَيِّ اُليومَ قد عَمَرَت
لِيُوسُفَ ابنِ الجُدَيِّ اُليومَ قد عَمَرَت / دارٌ مُبارَكةٌ دارَ الهنا فيها
بلابلُ الأُنسِ تشدو في جوانبها / وأَنجُمُ السَّعدِ تزهو في أَعاليها
فريدةٌ في دِيارِ الشَّرقِ شَيَّدها / فَريدُ ذاتٍ بهِ طابت لَياليها
فكانَ تأْ ريخُها منِّي الدُّعاءَ لهُ / دامَتْ ودامَ بحِفظِ اللهِ بانيها
ألنَّاسُ في الدَّهرِ لَفْظٌ أنتَ معناهُ
ألنَّاسُ في الدَّهرِ لَفْظٌ أنتَ معناهُ / والدَّهرُ في النَّاسِ عبدٌ أنتَ مَوْلاهُ
وفي يمينِكَ من سَيفٍ ومن قَلَمٍ / ما في حواشيهِ نيرانٌ وأمواهُ
لقد جَرَى قَدَرُ الباري بمَكرُمةٍ / فقالَتِ النَّاسُ باسْمِ الله مجْراهُ
أفاد سُوريَّةَ المسعودَ طالِعُها / سُوراً نجومُ الثُّريَا ليسَ تَرقاهُ
مَن لا تَضيقُ بتدبيرٍ سياستُهُ / لو أنَّ كلَّ بني الدُّنيا رعاياهُ
في صَدرِهِ بحرُ علمٍ فاضَ مندفِقاً / فأصبحَ الدُّرُّ من أدنى هَداياهُ
لا يَستَمِدُّ فتاوَى الفِقهِ من أحَدٍ / وتَستَمِدُّ شيوخُ الفِقهِ فتواهُ
تَعاهَدَ الدِّينُ والدُّنيا بمجلِسهِ / فما تُفارِقُ حُكَم الدِّينِ دُنياهُ
ساسَ البلادَ بألطافٍ ومَعدِلةٍ / منهُ فكانت جميعُ النَّاسِ تَهواهُ
ألقَى السَّكينةَ في قُطرٍ أقامَ بهِ / فلم تكَدْ رجفةُ الزَّلزالِ تَغشاهُ
لو كانَتِ الأُسْدُ يوماً من رَعيَّتِهِ / لم تفترسْ أحداً من حيثُ تلقاهُ
يَسمو لهُ فوقَ آفاقِ العُلَى شَرَفٌ / حتى تصيرَ الدَّراري دونَ أدناهُ
وكلَّما ازدادَ مَجداً زادَ في دَعَةٍ / فلم يكُن يزدهيهِ المجدُ والجاهُ
أهلاً بقادمِ بيروتَ التي ابتَهجَتْ / فلو أطاقَ حِماها كان لاقاهُ
حيَّا الحيا رَبْعَها الزَّاهي الخصيبَ كما / حيّا الإلهُ بتكريمٍ مُحَيَّاهُ
يا سيِّداً قامَ يَرعَى وجهَ خالقِهِ / على الدَّوامِ وَعينُ اللهِ ترعاهُ
ظَفِرْتَ في طاعةِ الباري بنعمتِهِ / والنَّاسُ تَدعُو جميعاً زادَكَ اللهُ
لكلِّ قلبٍ حبيبٌ ظَلَّ يَهواهُ
لكلِّ قلبٍ حبيبٌ ظَلَّ يَهواهُ / وأعظمُ الحبِّ فيهِ حُبُّ دُنياهُ
وكلُّ صَبٍّ سيسلو دونَ عاشِقها / فذاكَ يُبقِى هواها طيَّ أحشاهُ
تَلَّبسَ النَّاسُ بالأخلاقِ واشتَبَهوا / فالكلُّ قبلَ اختبارِ النَّقْدِ أشباهُ
ومَنْ تَصدَّى لدعَوى دون بيِّنةٍ / لصدقِهِ سَقَطَتْ في الحالِ دَعواهُ
والنَّاسُ صِنفانِ ذا لحمٌ يَضُمُّ دَماً / وذا على أصلهِ طينٌ وأمواهُ
والبعضُ نُطْقٌ وآدابٌ ونادِرَةٌ / والبعضُ ألسِنةٌ تَلغُو وأفواهُ
تَداوَلَ الشِّعرَ قومٌ جاءَ بعضُهُمُ / بلفظهِ وأتى بعضٌ بمَعناهُ
كَمعدِنٍ نالَ مِنهُ بعضُنا ذَهَباً / والبعضُ نالَ تُراباً مِن بَقاياهُ
إن التَّجارِبَ نَقدٌ للرِّجال فكمْ / قد غَرَّنا صاحبٌ حتَّى اختَبَرناهُ
ولم نَجدْ كبَنِي رَسلانَ مِن فئةٍ / تَرعى وِدادَ صديقٍ ليسَ تَنساهُ
قومٌ لهم كَرَمُ الأخلاقِ عَن سَلَفٍ / كَمُورِثٍ خَلَفاً داراً لِسكُناهُ
بَنَوا مِن المجدِ بُرجاً فوقَ أعمدةٍ / ومُلحِمٌ زادهُ قَصراً وأعلاهُ
مجدٌ قديمٌ لهُ بَهراءُ مُرضِعةٌ / بينَ العراقَينِ والنُّعمانُ رَبَّاهُ
لا بِدَع في الرُّتبةِ الأُولى إذا وَفَدتْ / من جانبِ الدَّولةِ العُظمَى لِمغناهُ
فهْوَ الحريصُ على إحكامِ خِدمَتِها / بحُكمِ حقٍّ وعدلٍ منهُ تَرضاهُ
نُهدي الأميرَ التَّهاني والهَناءُ لنا / بما بهِ جادَ مَوْلانا ومَوْلاهُ
لنَا خِزانةُ عِزٍّ عندَهُ فإذا / زادتْ فَمَهما يَزِدْ فيها اقتَسمناهُ
كَرامةُ الرَّأسِ للأعضاءِ شامِلةٌ / كذاكَ والي الرَّعايا مع رَعاياهُ
هذا ابنُ إسحاقَ عبدُ اللهِ فرْعُ بني
هذا ابنُ إسحاقَ عبدُ اللهِ فرْعُ بني / عَطيةٍ في الصِّبا قد فاتَ دُنياهُ
مَضَى إلى اللهِ فوراً والهناءُ كما / أرَّختُ للعبدِ إذ يَحظَى بمَولاهُ
يَقولُ ذاكَ الفتى العسَّالُ حينَ مَضَى
يَقولُ ذاكَ الفتى العسَّالُ حينَ مَضَى / مَن عاشَ في الدَّهرِ لا يأمَنْ بلاياهُ
فإن تَزُرْ تُربَتي يا مَن يؤرِّخُها / أُكتُبْ بها اختارَ عبد اللهِ مَولاهُ
بني مَنَسَّى فقَدتم فاضلاً عَلَماً
بني مَنَسَّى فقَدتم فاضلاً عَلَماً / على مَمَرِّ اللَّيالي ليسَ ننساهُ
في سِفْرِ تأريخِهِ طِرْسٌ يُبشِّركمْ / إِلياسُ في العرشِ حيٌّ عندَ مَولاهُ
ليُوسُفَ ابنِ الجُدَيِّ اليومَ قد عَمَرت
ليُوسُفَ ابنِ الجُدَيِّ اليومَ قد عَمَرت / دارٌ مُبارَكةٌ دارَ الهَنا فيها
بَلابِلُ الأُنسِ تَشدو في جوانِبهِا / وأنجُمُ السَّعدِ تزهو في أعاليها
فريدةٌ في ديارِ الشَّرقِ شيَّدها / فريدُ ذاتٍ بهِ طابت لياليها
فكانَ تأريخها منِّي الدُّعاءَ لهُ / دامتْ ودامَ بحفظِ اللهِ بانيها
أغابِيُسْ حبرُنا الباني لنا بِيَعاً
أغابِيُسْ حبرُنا الباني لنا بِيَعاً / مَعَ المدارسِ تاجُ المجدِ كللَّهُ
قالتْ عبارةُ تأريخٍ تَصِحُّ بهِ / لهُ مِثالٌ ولكنْ لا مثيلَ لهُ
نادَى الشُّقَيريُّ عبدُ اللهِ حينَ مَضَى
نادَى الشُّقَيريُّ عبدُ اللهِ حينَ مَضَى / هذا الذي كلُّ نفسٍ سوفَ تَلقاهُ
قد عاشَ في الناَّس محموداً على ثِقةٍ / وقارَنَ الدِّينُ في الإقبالِ دُنياهُ
أرضَى الإلهَ بمْسعاهُ وسيرِتهِ / في الأرضِ واللهُ في الفِردَوس أرضاهُ
فَمنْ يزُرْ قبرَهُ مِمَّن يؤرِّخُهُ / يكتُبْ بهِ اختارَ عبدَ اللهِ مولاهُ
ولَّى سليمٌ نحوَ عيسَى جَدِّهِ
ولَّى سليمٌ نحوَ عيسَى جَدِّهِ / والنَّفسُ طارت نحو عيسَى ربِّهِ
قد ذاقَ مِن كأسِ الخلاصِ كما اشتهَى / ماءَ الحياةَ مُنَعَّماً في شُربِهِ
فإذا أرَدتَ لعلمِهِ التَّاريخَ قُلْ / أعطاهُ ربُّ العرشِ شهوَةَ قلبِهِ
قِفْ عندَ تُربةِ يُوسُفِ الجلخِ الذي
قِفْ عندَ تُربةِ يُوسُفِ الجلخِ الذي / ما زالَ يَغلِبُ دِينهُ دُنياهُ
ولذاكَ نالَ خِتامَ خيرٍ فائِزاً / أرِّخْ برحمةِ ربِّهِ ورِضَاهُ