ثُمَ لوطُ أَخو سَدّومَ أَتاها
ثُمَ لوطُ أَخو سَدّومَ أَتاها / إَذ أَتاها بِرُشدِها وَهَداها
عَرَضَ الشَيخُ عِندَ ذاكَ بَناتٍ / كَظِباءٍ بِأَجزَعِ تَرعاها
غَضِبَ القومُ عِندَ ذاكَ وَقالوا / أَيُّها الشَيخُ خُطبَةً نَأباها
أَجمَعَ القَومُ أَمرَهُم وَعَجوزٌ / خَيَّبَ اللَهُ سَعيَها وَلَحاها
أَرسَلَ اللَهُ عِندَ ذاكَ عَذاباً / جَعَلَ الأَرضَ سِفلُها أَعلاها
وَرَماها بِحاصِبٍ ثُمَّ طينٍ / ذي حُروفٍ مُسَوَّمٍ إِذ رَماها
مُنجِ ذي الخَيرِ مِن سَفينَةِ نوحٍ / يَومَ بادَت لَبنانِ مِن أُخراها
فارتَنَّوَرُهُ وَجاشَ بِماءٍ / طَمَّ فَوقَ الجِبالِ حَتّى عَلاها
قِيلَ للعَبدِ سِر فَسارَ وَبِاللَهِ / عَلى الهَولِ سِيرُها وَسُراها
قِيلَ فَاِهبِط فَقَد تَناهَت بِكَ الفُلكَ عَلى / رَأَسِ شاهِقٍ مرساها
أَلا كُلُ شَيءٍ هالِكٌ غَيرَ رَبِّنا / وَلِلَّهِ مِيراثُ الَّذي كانَ فانِيا
وَلِيٌّ لَهُ مِن دونِ كُلِ وِلايَةٍ / إَذا شاءَ لَم يُمسوا جَميعاً مَوالِيا
وَإِن كانَ شَيءٌ خَالِداً وَمُعَمِراً / تَأمَل تَجِد مِن فَوقِهِ اللَهَ باقِيا
لَهُ ما رَأَيت عَينُ البَصيرِ وَفوقَهُ / سَماءُ الآِلَهِ فَوقَ سَبعِ سَمائِيا
أَلا لَن تَفوتَ المَرءَ رَحمةُ رَبِّهِ / وَلو كانَ تَحتَ الأَرضِ سَبعينَ وادِيا
تَعالى وَتُدرِكُهُ مِن اللَهِ رَحمَةٌ / وَيُضحي ثَناهُ في البَرِيَةِ زاكِيا
كَرَحمَةِ نُوحٍ يَومَ حَلَّ سَفينةً / لِشيعَتِهِ كَانوا جَميعاً ثَمانِيا
فَلَمّا اِستَنارَ اللَهُ تَنُّورَ أَرضِهِ / فَفارَ وَكانَ الماءُ في الأَرضِ ساحيا
تَرَّفَعُ في جَريٍ كَأَنَ أَطِيطَهُ / صَرِيفَ مُحالٍ يَستَعيدُ الدَوالِيا
عَلى ظَهرِ جَونٍ لَم يُعَدَّ لِراكِبٍ / سَراهُ وَغيمٍ أَلبَسَ الماءَ داجِيا
فَصارَت بِها أَيامُها ثَمَّ سَبعَةً / وَسِتَ لَيالٍ دائِباتٍ عَواطِيا
تَشُقُّ بِهِم تَهوي بِأَحسَنَ إِمرَةٍ / كَأَنَّ عَليها هادِياً وَنَواتِيا
وَكانَ لَها الجودِيُّ نِهياً وَغايَةً / وَأَصبَحَ عَنهُ مُوجُهُ مُتَراخِيا
وَما كانَ أَصحابُ الحَمامَةِ خَيفَةً / غَداةَ غَدَت مِنهُم تَضُمُّ الخَوافِيا
رَسولاً لَهُم واللَهُ يَحكُمُ أَمرَهُ / يُبَيِّنُ لَهُم هَل يُؤنَسُ الثوبُ باديا
فَجاءَت بِقَطفٍ آيَةٌ مُستَبِيِّنَةً / فَأَصبَحَ مِنها مَوضِعُ الطينِ جارِيا
عَلى خَطمِها وَاِستَوهَبَت ثُمَّ طَوقِها / وَقالَت أَلا لا تَجعَلِ الطَوقَ بالِيا
وَلا ذاهِباً إِنّي أَخافُ نِبالَهُم / يَخالونَهُ مالي وَليسَ بِمالِيا
وَزِدني عَلى طَوقي مِن الحُلِيِّ زينَةً / تُصيبُ إِذا أَتبَعتُ طَوقي خِضابِيا
وَزِدني لِأَولاديَ جَمالاً وَزينَةً / وَيَهوَينَ زَيني زينَةً أَن يَرانِيا