عَفا الجَوُّ مِن سَلمى فَبادَت رُسومُها
عَفا الجَوُّ مِن سَلمى فَبادَت رُسومُها / فَذاتُ الصَفا صَحراؤُها فَقَصيمُها
فَأَصبَحَ ما بَينَ الكُلابِ وَحابِسٍ / قِفاراً يُغَنّيها مَعَ اللَيلِ بومُها
خَلَت غَيرَ أُحدانٍ تَلوحُ كَأَنَّها / نُجومٌ بَدَت وَاِنجابَ عَنها غُيومُها
بِمُستَأسِدٍ يَجري النَدى في رِياضِهِ / سَقَتهُ أَهاضيبُ الصَبا فَمُديمُها
إِذا قُلتُ قَد خَفَّت تَواليهِ أَقبَلَت / بِهِ الريحُ مِن عَينٍ سَريعٍ جُمومُها
فَما زالَ يَسفي بَطنَ خَبتٍ وَعَرعَرٍ / وَأَرضَهُما حَتّى اِطمَأَنَّ جَسيمُها
وَعَمَّهُما بِالماءِ حَتّى تَواضَعَت / رُؤوسُ المِتانِ سَهلُها وَحُزومُها
بِمُرتَجِزٍ داني الرَبابِ كَأَنَّهُ / عَلى ذاتِ مِلحٍ مُقسِمٌ لا يَرَيمُها
إِذا طَعَنَت فيهِ الجَنوبُ تَحامَلَت / بِأَعجازِ جَرّارٍ تَداعى خُصومُها
سَقى اللَهُ مِنهُ دارَ سَلمى بِرَيَّةٍ / عَلى أَنَّ سَلمى لَيسَ يُشفى سَقيمُها
وَلَو حَمَّلَتني السِرَّ سَلمى حَمَلتُهُ / وَهَل يَحمِلُ الأَسرارَ إِلّا كَتومُها
مِنَ العَرَبِيّاتِ البَوادي وَلَم تَكُن / تُلَوِّحُها حُمّى دِمَشقَ وَمومُها
إِلَيكَ أَبا مَروانَ يَمَّمَ أَركُبٌ / أَتَوكَ بِأَنضاءِ خِفافٍ لُحومُها
تَحَسَّرنَ وَاِستَقبَلنَ لِلصَيفِ وَقدَةً / تُغَيِّرُ أَلوانَ الرِجالِ سَمومُها
إِلَيكَ مِنَ الأَغوارِ حَتّى تَزاحَمَت / عُراها عَلى جونٍ قَليلٍ شُحومُها
رَجاءَ ثَراكُم إِنَّ مَن يَنتَويكُمُ / يُوافِقُ حُسنى ما يُغِبُّ نَعيمُها
فَأَنتَ الَّذي تَرجو الصَعاليكُ سَيبَهُ / إِذا السَنَةُ الشَهباءُ خَوَّت نُجومُها
وَنَفسي تُمَنّيني العِراقَ وَأَهلَهُ / وَبِشرٌ هَواها مِنهُمُ وَحَميمُها
إِذا بَلَغَت بِشرَ اِبنَ مَروانَ ناقَتي / سَرَت خَوفَها نَفسي وَنامَت هُمومُها
إِمامٌ يَقودُ الخَيلَ حَتّى كَأَنَّها / صُدورُ القَنا مُعوَجُّها وَقَويمُها
إِلى الحَربِ حَتّى تَخضَعَ الحَربُ بَعدَما / تَخَمَّطَ مَرحاها وَتَحمى قُرومُها
أَبوكَ أَبو العاصي عَلَيكُم تَعَطَّفَت / قُرَيشٌ لَكُم عِرنينُها وَصَميمُها
أَبى أَن يَكونَ التاجُ إِلّا عَلَيكُمُ / لِصَيدِ أَبي العاصي الشَديدِ شَكيمُها
بِكُم أَدرَكَ اللَهُ البَرِيَّةَ بَعدَ ما / سَعى لِصُّها فيها وَهَبَّ غَشومُها
وَإِنَّكَ لِلمَأمولِ وَالمُتَّقى بِهِ / إِذا خيفَ مِن تِلكَ الأُمورِ عَظيمُها
وَإِنَّكَ في الأُخرى إِذا هِيَ شَبَّهَت / لَقَطّاعُ أَقرانِ الأُمورِ صَرومُها
فَلا تُطعِمَن لَحمي الأَعادِيَ إِنَّهُ / سَريعٌ إِلَيكُم مَكرُها وَنَميمُها
لَعَمري لَئِن كانَت كُلَيبٌ تَتابَعَت / عَلى أَمرِ غاويها وَضَلَّت حُلومُها
لَقَد عَجَموا مِنّي قَناةً صَليبَةً / إِذا ضَجَّ خَوّارُ القَنا وَسَؤومُها
وَما أَنا إِن مُدَّ المَدى بِمُقَصِّرٍ / وَلا عَضَّةٌ مِنّي بِناجٍ سَليمُها
وَإِنّي لَقَوّامٌ مَقاوِمُ لَم يَكُن / جَريرٌ وَلا مَولى جَريرٍ يَقومُها
أَيَشتِمُني اِبنُ الكَلبِ أَن فاضَ دارِمٌ / عَلَيهِ وَرادى صَخرَةً ما يَرومُها
بَنو دارِمٍ نَبعٌ صِلابٌ وَأَنتُمُ / بَني الكَلبِ أَثلٌ ما تَوارى وُصومُها
فَلَولا التَحَشّي مِن رِياحٍ رَمَيتُها / بِكالِمَةِ الأَعراضِ باقٍ وُسومُها
يُغَنّي اِبنُ يَربوعٍ بِشَتمِيَ أُمَّهُ / وَما اِنفَلَتَت مِنّي صَحيحاً أَديمُها
وَلا وَجَدوا أُمّاً لَهُ عَرَبِيَّةً / وَلا أَسهَرَتها مِن خِتانٍ كُلومُها
وَقَد آلَ مِن نَسلِ المَراغَةِ أَنَّها / عَلى النَخسِ وَالإِتعابِ باقٍ رَسيمُها
وَعَرَّت حِمارَيها وَقَد كانَتِ اِستُها / شَديداً بِسيساءِ الحِمارِ أُزومُها
وَجَدتُ كُلَيباً أَلأَمَ الناسِ كُلِّهِم / وَأَنتَ إِذا عُدَّت كُلَيبٌ لَئيمُها