القوافي :
الكل ا ب ت ث ج ح خ د ذ ر ز س ش ص ط ع غ ف ق ك ل م ن و ه ء ي
الشاعر : إِيليا أَبو ماضي الكل
المجموع : 9
إنّ الكريم لكالربيع
إنّ الكريم لكالربيع / تحبّه للحسن فيه
و تهشّ عند لقائه / و يغيب عنك فتشتهيه
لا يرضي أبدا لصا / حبه الذي لا يرتضيه
و إذا اللّيالي ساعفتـ / ـه لا يدلّ و لا يتيه
و تراه يبسم هازئا / في غمرة الخطب الكريه
و إذا تحرّق حاسدوه / بكى ورقّ لحاسديه
كالورد ينفح بالشّذى / حتّى أنوف السارقيه
ربّ ليل نجومه ضاحكات
ربّ ليل نجومه ضاحكات / مثل أحلام غادة في صباها
لمست إصبع السكينه أشوا / في فهبّت مذعورة من كراها
كطيور في الأسر تبغي انعتاقا / قبل أن يفسد الإسار لغاها
أبق النوم فانطلقت إلى النّهر / بنفس كادت تسيل دماها
و معي صاحب رقيق الحواشي / تجد النّفس في رؤاه رؤاها
إن دجت ليلة أراك ضحاها / أو ذوت زهرة أراك شذاها
قال : ما أجمل الكواكب ! ما / أحلى سناها ! فقلت : ما أحلاها !
قال : لا شوق لا صبابة لولا / ها ! فتمتمت قائلا : لولاها !
قال : هل تشتهي الوصول إليها ؟ / قلت : إنّي لا أشتهي إلاّها !
كان طرفي يجول في العالم الأ / على وروحي تجول في مغناها
و جليسي يظنّ في الشهب قصدي / و أنا أحسب الجليس عناها
قال : و النهر كم طوى من صبابا / ت ! فأطرقت أستشفّ المياها
فإذا النهر فيه رعشة روحي / حين يدوّي فيها صدى ذكراها
قال : و اللّيل ... قلت : حسبك إعنا / ت لنفسي و حسب نفسي دجاها
فانقطعنا عن الكلام و بتنا / كلّ نفس لذاتها نجواها
خلت أنّي إذا بعدت سأنسا / ها و يطوي الزّمان سفر هواها
و توهّمت أنّني سوف ألقى / ألف ليلى و ألف هند سواها
فإذا الحبّ كالفضاء و قلبي / طائر في الفضاء ضلّ وتاها
قد نشقت الأزهار في كلّ أرض / يا شذاهنّ لست مثل شذاها !
كيف أنسى و أينما سرت في الد / نيا أراني أسير في دنياها
و إذا ما لمحت في الأرض حسنا / فكأنّي لمحتها إيّاها
و إذا داعب النسيم ردائي / قلت : قد علّمته هذا يداها !
هي أدنى من الأماني إلى قل / بي و قلبي يصيح : ما أقصاها !
لست أشكو النّوى ملالا و لكن / طرب الرّوح أن تذيع جواها
قال قوم : إنّ المحبّة إثم ! / ويح بعض النفوس ما أغباها
إنّ نفسا لم يشرق الحبّ فيها / هي نفس لم تدر ما معناها
خوّفوني جهنّما و لظاها / أيّ شيء جهنّم و لظاها ؟
ليس عند الإله نار لذي حبّ / و نار الإنسان لا أخشاها !
أنا بالحبّ قد وصلت إلى نفسي / و بالحبّ قد عرفت الله !
اسألوها أو فاسألوا مضناها
اسألوها أو فاسألوا مضناها / أيّ شيء قالت له عيناها ؟
فهو في نشوة و ما ذاق خمرا / نشوة الحبّ هذه إيّاها
ذاهل الطرف شارد الفكر / لا يلمح حسنا في الأرض إلاّ رآها
ألسواقي لكي تحدّث عنها / و الأقاحي لكي تذيع شذاها
و حفيف النسيم في مسمع / الأوراق نجوى تبثّها شفتاها
يحسب الفجر قبسه من سناها / و نجوم السماء بعض حلاها
و كذلك الهوى إذا حلّ في الأرواح / سارت في موكب من رؤاها
كان ينهى عن الهوى نفسه الظمأى / فأمسى يلوم من ينهاها
لمس الحبّ قلبه فهو نار / تتلظّى و يستلذّ لظاها !
كلّ نفس لم يشرق الحبّ فيها / هي نفس لم تدر ما معناها
عاد للأرض مع الصيف صباها
عاد للأرض مع الصيف صباها / فهي كالخود التي تمّت حلاها
صور من خضرة في نضرةٍ / ما رآها أحد إلاّ اشتهاها
ذهب الشمس على آفاقها / و سواد اللّيل مسك في ثراها
و نسيم في أشجارها / و شوشات يطرب النهر صداها
و السّواقي فتن راقصة / ضحكها شدو و تهليل بكاها
و الأقاحي صور خلّابة / و أغاني الطير شعر لا يضاهى
إنّها الجنة لامريء / هو فيها و قليلا ما يراها
أيّها المعرض عن أزهارها / لك لو تعلم يا هذا شذاها
أيّها النائم عن أنجمها / خلق الله لعينيك سناها
أيّها الكابح عن لذّاتها / نفسه هيهات لن تعطى سواها
لا تؤجّل لغد ليس غد / غير يوم كالّذي ضاع و تاها
و إذا لم تبصر النفس المنى / في الضحى كيف تراها في مساها
هذه الجنّة فاسرح في رباها / و اشهد السّحر زهورا و مياها
و استمع للشّعر من بلبلها / فهو الشعر الذي ليس يضاهى
ما أحيلى الصيف ما أكرمه / ملأ الدنيا رخاء ورفاها
عندما ردّ إلى الأرض الصّبا / ردّ أحلامي التي الدهر طواها
كنت أشكو مثلما تشكو الضّنى / فشفى آلام نفسي وشفاها
إثنان أعيا الدهر أن يبليهما
إثنان أعيا الدهر أن يبليهما / لبنان والأمل الذي لذويه
نشتاقه و الصيف فوق هضابه / و نحبّه و الثلج في واديه
و إذا تمدّ له ذكاء حبالها / بقلائد العقيان تستغويه
و إذا تنقّطه السماء عشيّة / بالأنجم الزهراء تسترضيه
و إذا الصّبايا في الحقول كزهرها / يضحكن ضحكا لا تكلّف فيه
هنّ اللّواتي قد خلقن لي الهوى / و سقيتني السحر الذي أسقيه
هذا الذي صان الشّباب من البلى / و أبى على الأيّام أن تطويه
و لربّما جبل أشبّهه به / مسترسلا مع روعة التشبيه
فأقول يحكيه و أعلم أنّه / مهما سما هيهات أن يحكيه
يا لذّة مكذوبة يلهو بها / قلبي و يعرف أنّها تؤذيه
إنّي أذكّره بذيّاك الحمى / و جماله و إخالني أنسيه
و إذا الحقائق أحرجت صدر الفتى / ألقى مقالده إلى التمويه
وطني ستبقى الأرض عندي كلّها / حتّى أعوذ إليه أرض التيه
سألوه الجمال فقال : هذا هيكلي / و الشعر قال : بنيت عرشي فيه
الأرض تستجدّي الخضمّ مياهه / و كنوزه و البحر يستجديه
يمسي و يصبح و هو منطرح على / أقدامه طمعا بما يحويه
أعطاه بعض وقاره حتّى إذا / استجداه ثانية سخا ببنيه
لبنان صن كنز العزائم واقتصد / أخشى مع الإسراف أن تفنيه
غيري يراه سياسة وطوائفا / و يظلّ يزعم أنّه رائيه
و يروح من إشفاقه يبكي له / لبنان أنت أحقّ أن تبكيه
لا يسفر الحسن النزيه لناظر / ما دام منه الطّرف غير نزيه
قل للألى رفعوا التخوم / ضيّقتم الدّنيا على أهليه
و لمن يقولون الفرنج حماته / الله قبل سيوفهم حاميه
يا صاحبي يهنيك أنّك في غد / ستعانق الأحباب في ناديه
و تلذّ بالأرواح تعبق بالشّذى / و تهزّك الأنغام من شاديه
إن حدّثوك عن النعيم فأطنبوا / فاشتقته لا تنس أنّك فيه !
مرّت ليال و قلبي حائر قلق
مرّت ليال و قلبي حائر قلق / كالفلك في النهر هاج النوء مجراه
أو كالمسافر في قفر على ظمإ / أضنى المسير مطاياه و أضناه
لاأدرك الأمر أهواه و أطلبه / و أبلغ الأمر نفسي ليس تهواه
عجبت من قائل إنّي نسيتكم / من كان في القلب كيف القلب ينساه ؟
إن كنت بالأمس لم أهبط مربعكم / فالطير يقعد موثوقا جناه
فلا يقرّبه شوق إلى نهر / و ليس تنقله في الرّوض عيناه
و ليس يشكو و لا يبكي مخافة أن / تؤذي مسامع من يهوى شكاواه
إنّي لأعجب منّا كيف تخدعنا / عن الحقائق أمثال و أشباه
إذا بنى رجل قصرا وزخرفه / سقنا إليه التهاني و امتدحناه
و ما بنى قصره إلاّ ليحجب عن / أبصارنا في زواياه خطاياه
و نمدح المرء من خزّ ملابسه / و ذلك الخزّ لم تنسجه كفّاه
و إن أتانا أخو مال يكاثرنا / بالتّبر تيها رجوناه و خفناه
و قد يكون نضار في خزائنه / دما سفكناه أو جهدا بذلناه
لا تحسب المجد ما عيناك أبصرتا / أو ما ملكت هو السلطان و الجاه
ألمال مولاك ما أمسكته طمعا / فانفقه في الخير تصبح أنت مولاه
ما دام قلبك فيه رحمة لأخ / عان فأنت امرؤ في قلبك الله
ثكل الشّرق فتاه
ثكل الشّرق فتاه / ليتني كنت فداه
ليتني كنت أصمّا / عندما النّاعي نعاه
قد نعى النّاعون / زيدانا إلى البدر سناه
و إلى التاريخ و العلم / أباه و أخاه
سرى نعيه في الدمع في كلّ محجر / كأنّ قلوب الناس خلف المحاجر
و للطير في اجنان إرنان ثاكل / و للماء أنّاتُ الغريب المسافر
و للنجم و هو النجم مشية ظالع / و للأرض و هي الأرض وقفة حائر
و ما كاهن فيه الأسى غير كامن / و لا ظاهر فيه الأسى غير ظاهر
و هي " البرق " ممّا حملوه فلم يطق / يحدّثنا عنه بغير الأشائر
فيا خبرا ألقى الفجيعة بيننا / لأنت علينا اليوم أشأم طائر
و يا ناقل الأنباء يجهل كنهها / كرهناك حتّى قادما بالبشائر
أقام الأسى بين العزاء و مهجتي / و باعد ما بين القريض و خاطري
فأمسيت لا أدري أستر من الدّجى / على الشّمس أم ضيّعت أسود ناظري
و بات فؤادي يتّقي نزواته / كما يتّقي العصفور بأس الكواسر
كأنّ بقلبي شاعرا ينظّم الأسى / كأنّي مدمعي كلّ ناثر
ألا ليت شعري بعدما طار نعيه / أفي أرض مصر نائم غير ساهر
و هل في سماء النّيل غير دياجر / و هل في مياه النيل غير مجامر
و هل في ضفاف النيل بين نخليه / مغرّدة أو آنس غير نافر
بم سمر الإخوان في كلّ ليلة / و صاحبهم في اللّحد غير مسامر
لبّيكعليه المسلمون فإنّهم / أضاعوا به محبّي العصور الدّوائر
و تبك النّصارى فخرها و عميدها / فما بعده من حجّة لمفاخر
فما جادت الدنيا عليهم بمثله / و غير يسير أن تجود بآخر
أيا جبل العلم الذي ماد هاويا / عزيز علينا أن ترى في الحفائر
عليك يودّ الغرب لو كان مشرقا / و فيك يحبّ الحيّ أهل المقابر
و يغبط تبر الأرض فيك ترابها / و يحسد ماء الجفن ماء المحابر
و ما عادة خفض الرّجال رؤوسها / و لكنّما في الأرض كنز الجواهر
لتفخر على الشّهب و الحصى / ففيها هلال العلم شمس المحاضر
شأوت الأوالي جامعا و مؤلّفا / وزدت بأن أحرزت فضل الأواخر
تخيّر أحداث اللّيالي كبارنا / كأنّ المنايا صبّة بالأكابر
و نضحك للآمال ضحكة وامق / فيضحك منّا الدّهر ضحكة ساخر
رضينا بأن الغزاة بلادنا / و نمنا و ما نامت عيون المعاشر
لها كلّ يوم حكم جائر / وإقدام موتور و فتكة ثائر
على أنّها من غير مذنب / و تأخذ بالأوتار من غير واتر
فيا ويح هذا الشوق كيف اغتباطه / و أمضى مواضيه مليل الأظافر ؟
جلل في مصر لكن / في العراقين صداه
ماد لبنان و ماد / الشّام لمّا سمعاه
كاد أن يخذل فيه / كلّ طود منكباه
أيّها الرّاحل عنّا / بلّغ الحزن مداه
قد بكاك الأفق حتّى / فرقداه و سهاه
يا خليليّ أعينا / من عصاه مسعداه
خانت النّفس قواها / خانت البين قواه
قد مضى من تتمنّى / كلّ عين أن تراه
فتمنّى كلّ قبر / حين أودى لو حواه
مات زيدان / أبو التاريخ فليحي فتاه
الحشد ملء الدّار لكن
الحشد ملء الدّار لكن / ما رأى أحدا سواها
فتّانة خلّابة / كالياسمينة في شذاها
أوفى عليها و هي تخطر / كالفراشة فاشتهاها
شكت الصّبابة مقلتا / ه فجاوبته مقلتاها
حتّى إذا ما اختار كلُّ / فتى رفيقته اصطفاها
و رأت به من تبتغي / و كما رأته كذا رآها
و تقدّما للرّقص يقرأ / ناظريه ناظراها
متلاصقي الجسمين / يسند ساعديه ساعداها
و تكاد لولا الخوف تلمس / وجنتيه و جنتاها
متدافعين كموجتين / خطاه تتبعها خطاها
يمشي فتمشي و هي / تحسبه يسير على حشاها
هي في لثام كالدّجى / محلولك و كذا فتاها
لكنّما الألحاظ تخترق / السّتور و ما وراها
فاض الغرام فقال آه / و قالت الحسناء آها
فانسل من أصحابه / سرّا و أغضت جارتاها
و مشى بها في روضة / قد نام عنها حارساها
حتّى إذا أمنا الورى / و شكا الهوى و شكت هواها
طارت ببرقعها و بر / قعه على عجل يداها
كيما تقبّل ثغره / و يقبّل المعشوق فاها
فرأى المتيّم بنته / ورأت مليحتنا أباها
هذه " ملفرد " قد لاحت رباها
هذه " ملفرد " قد لاحت رباها / فانس يا قلب اللّيالي و أذاها
واشهد الفنّ سفوحا و ذرى / و الهوى الصافي أريجا و مياها
ههنا أودعت أحلام الصبا / أفما تلمح نورا في ثراها ؟
أتلقى الوحي عن بلبلها / و هو و لهان يغني لرباها
و تحسّ الوحي روحي هابطا / من سماها في ضحاها و مساها
ذهبت عشرون في فرقتها / ليتها فيها انقضت لا في سواها
كم جلسنا تحت صفصافتها / أشتكي وجدي و تشكو لي هواها
و السّواقي استترت إلاّ غناها / و الرّوابي هجعت إلاّ شذاها
و الصدى في الغاب لم ننبس معا / نسبة إلاّ وعاها و حكاها
نتناجى ويدي في يدها / فإذا لاح خيال نتلاهى
أنا دنيا من شباب و هوى / و هي كالروضة قد تمت حلاها
أحسن الأيّام في العصر انقضت / آه لو ينشرها من قد طواها
صرت في نيويورك طيفا شاردا / مع طيوف حائرات في سراها
طرحت عنها رؤاها و مضت / ننشد المجد الذي فيه شقاها
كنعاج عميت أبصارها / ووهت في طلب العشب قواها
كلّما جدّت لكي تدركه / وجدته صار في الأرض وراها !
أين في نفسي رؤى تسعدها ؟ / سرقت نيويورك من نفسي رؤاها
في يدي أمري و لا أملكه / و معي ذاتي و أخشى أن أراها !
هذه " أمّ القرى " قف في حماها / تسترح نفسي من بعض جواها
ههنا الإنسان يلقى ذاته / ههنا لا يحجب المال الإلها
لا تقل لي جئتها عارية / فقرها عندي جميل كغناها
لم يزل للصيف فيها عبق / و سماء الصيف ما زالت سماها
لا يزال الحبّ في شلالها / و بواديها حديثا وانتباها
لم يجردها الشتا من وشيها / بل كساها روعة فوق بهاها
فهي في ديباجة من صبغه / ما رآها أحد إلاّ اشتهاها

المعلومات المنشورة في هذا الموقع لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع إنما تعبر عن رأي قائلها أو كاتبها كما يحق لك الاستفادة من محتويات الموقع في الاستخدام الشخصي غير التجاري مع ذكر المصدر.
الحقوق في الموقع محفوظة حسب رخصة المشاع الابداعي بهذه الكيفية CC-BY-NC
شبكة المدارس الإسلامية 2010 - 2025