القوافي :
الكل ا ب ت ث ج ح خ د ذ ر ز س ش ص ط ع غ ف ق ك ل م ن و ه ء ي
الشاعر : إِبْراهيم ناجِي الكل
المجموع : 21
طابت بكِ الأيام وافرحتاه
طابت بكِ الأيام وافرحتاه / أنتِ الأماني والغنى والحياه
فليذهب الليل غفرنا له / ما دام هذا الصبح عقبى دجاه
يا من غَفَت والفجر من دارها / شعشع في الآفاق أبهى سناه
قد طرق الباب فتى متعب / طال به السير وكلَّت خطاه
نقَّل في الأيام أقدامه / يبغي خيالاً مائلاً في مُناه
عندك قد حطّ رحال المنى / وفي حمى حسنك ألقى عصاه
كم هدأ الليل وران الكرى / إلا أخا سهدٍ يغنِّي شجاه
ناداك من أقصى الربى فاسمعي / لمن على طول اللليالي نداه
نادى أليفاً نام عن شجوه / عذبٌ تجنيه عزيزٌ جناه
أحبّكِ الحب وغنى به / عفَّ الأماني والهوى والشفاه
وإنما الحب حديث العلى / أنشودة الخلد ونحن الرواه
أبي أخي كعبة آمالنا
أبي أخي كعبة آمالنا / أكرمتني أكرمك الله
أعجب ما في الشكر أني امرؤ / بيانه عندك يعصاه
يا من يرى القلب وشكواه / ويعلم الشعر ونجواه
كم شاعر منطقه خانه / فاغرورقت بالشعر عيناه
ما أكرم الخلق وأسماه / وأعذب الطبع وأصفاه
إنك فردّ دون ثانٍ ولن / يرى لهذا النبل أشباه
عفوك عن حال فتى متعب / بات على الأشواك جنباه
طال به الليل على حيرة / وامتد كالموجة يغشاه
يسائل الليل على طوله / عن ذلك الليل وعقباه
والنور أين النور هل غاله / ماحٍ محا الفجر وأخفاه
قد كدت لولا ثقة لا تهي / وخشية الله وتقواه
أقول جف البر لا ديمة / تهمي ولا المزنة ترعاه
حتى رأيت الخير في طلعة / تحمل لي الخير وبشراه
في لمعة تومض في فرقد / في فلك أنت محياه
حمدت ربي وعرفت الرضى / يا رحمة الله ونعماه
أيها الماضي الذي أودعته
أيها الماضي الذي أودعته / حفرة قد خيم الموت بها
أيها الشعر الذي كفنته / مقسما لا قلت شعرا بعدها
أيها القلب الذي مزقته / صارخاً عهدك يا قلب انتهى
قسما ما مات منكم أحد / إنها رقدة يأس إنها
آه لو قام رسول ضارع / أو شفيع منكم يمضي لها
آه من يخبرها عن طائر / نسي الأوكار إلا وكرها
أرى سمائي انحدرت وانطوت
أرى سمائي انحدرت وانطوت / لا تحسبي النجم هوى وحده
فيا نجوم الليل لا نجم لي / ولا أرى لي أفقاً بعده
آهِ من وَجدك بالهاجرِ آه
آهِ من وَجدك بالهاجرِ آه / تتمنى أن تراه لن تراه
خَدَعَتنا مُقلَتاهُ خدعتنا / وجنتاهُ خدعتنا شَفَتاه
والذي من صوتهِ في مسمعي / وخيالي غادرٌ حتى صداه
حُلُمٌ مرَّ كما مرَّ سواه / وكذا الأحلامُ تمضي والحياه
أين يا ليلايَ عهدُ الهرم / أين يا ليلاي حُلوُ الكَلِمِ
هامساتٍ بين أذني وفمي / ساريات غرِداتٍ في دمي
كلماتٌ عذبةٌ معسولةٌ / ضيّعت وارحمتا للقَسَم
ذهبت مثلَ ذهابِ الحُلُمِ / إنني أعلمُ ما لم تعلمي
كيف صدَّقنا أضاليلَ الهوى / بِنُهَى طفلٍ وإحساس صَبِي
حَسبُنا منه سماءٌ لمعت / فوقَ رأسينا وكوخٌ خشبي
حُلُمٌ ولَّى ووهمٌ لم يَدُم / ما تَبقَّى غيرُ خَيطٍ ذهبي
ذات يومٍ في أصيلٍ فاتنٍ / ذابت الشمسُ فسالت ذهبا
كَسَت النيلَ نُضاراً وانثنت / تَغمُرُ الصحراء نَخلاً ورُبَى
ما على الجِيزةِ أن قد أبصرت / شَفَقِي معتَنِقاً فجرَ الصّبا
قد رأتنا مثلَ طَيفَي حُلُمٍ / ما عليها أقبَلا أم ذَهَبا
قلتُ هيَّا قلتِ نمشي سِر فما / من طريقٍ طالَ لا نَذرَعُهُ
قلتُ والعمرُ بعيني كالكرى / وأنا في حُلُمٍ أقطعه
جمعَ الدهرُ حبيباً وامقاً / بحبيبٍ وغداً يَنزَعُه
أطريقانِ طريقٌ دونَه / في حياتي وطريقٌ معه
كلما خلَّى حبيبي يَدَهُ / لحظةً قلتُ وحُبِّي أبقِها
أَبقِها أنفُض بها خوفَ غدٍ / وأُحِسُّ الأَمنَ منها وبِها
أبقِها أشدُد بها أزرِي إذا / ضَعُفَ الأزرُ أو العزم وهَى
أبقِها أُومن إِذا لامَستُها / أن حبي ليسَ حُلماً وانتهى
وليلةٍ بات من أهوى ينادمني
وليلةٍ بات من أهوى ينادمني / ما كان أجملَه عندي وأجمَلها
بتنا على آية من حسنه عَجَبٍ / كتابُه من خَفايا الخُلدِ أنزَلَها
إذا تساءلتُ عمَّا خَلفَ أسطرها / رَنَا إليَّ بعينيه فأَوَّلَها
مُصَوِّباً سَهمَه مُستشرفاً كبدي / مُستهدفاً ما يشاء الفتكُ مقتلها
يا للشَّهيدة لم تعلم بمصرعها / ما كان أظلَمَ عينيه وأجهلَها
حتى إذا لم يَدَع منها سوى رمقٍ / عَدَا على الرَّمقِ الباقي فجندلها
وصَدَّ عنها وخلاَّها وقد دَمِيَت / في قبضة الموت غَشَّاها وظلّلها
وحان من ليلة التوديع آخرُها / وكان ذاك التلاقي الحُلوُ أوَّلها
ضممتها لجراحاتي التي سَلَفَت / إِلى قديمِ خطايا قد غفرتُ لها
البحر أسأله ويسألني
البحر أسأله ويسألني / ما فيه من ريٍّ لظامئه
متمرِّدٌ عاتٍ يضلِّلني / كَذِب السَّراب على شواطئه
كم جال في وهمي فأرَّقني / أربٌ وأين الفوزُ بالأرب
وسرى بأحلامي فعلَّقها / فوق السُّهى بلوامع الشهب
في يقظةٍ مني وفي وسنٍ / صَرحٌ بِذِروَتِهِنّ متَّحد
الفجرُ والسحر المخضَّبُ من / لَبِناته والقمةُ الأبدُ
واهاً لضافي الظلّ وارِفه / قضَّيت عمري في توهّمه
لما طلعت على مشارفه / أيقنتُ أني فوق سُلَّمه
ومن العجائب في الهوى اثنان / لم يضربا للحبِّ ميعادا
ومحيِّرُ الأفهام لحظان / قَرَآ كتابَهما وما كادا
سارا فمذ وقف الهوى وقفا / يتبادلان الشوقَ والشغفا
عرف الهوى أمراً وما عرفا / من ذلك الداعي الذي هتفا
قَدَرٌ على قدرٍ تلاقينا / كلُّ الذي أدري وتدرينا
أنّا أطعناه مُلبّينا / من أنت من أنا من يُنبِّينا
وشعرةٍ خطفتُها
وشعرةٍ خطفتُها / كأنني قطفتها
ملكتُ ملك الدهر وح / دي حينما ملكتها
إذا الرياح نازعت / ني أمرها ضممتها
بقبضتيَّ خائفاً / إذا اعتدت رددتها
وفي مكانٍ ليس في / بالٍ جَرى خَبأتها
خبأتُها حيث إذا / جُنَّ الهوى رأيتها
حبستها قرب عيوني / إن أشَأ نظرتها
كأنما في بصري / ومقلتي أخفيتها
هذي لديَّ صورةٌ / من حالنا جلوتها
أنت كهذي الشعرة / السمراء مذ عرفتها
أقسم بالحب وها / تيك السنين عشتُها
كأنَّني في جنَّة ال / فِردوسِ قد قضيتها
آه من مَيَّةُ آهٍ ثم آه
آه من مَيَّةُ آهٍ ثم آه / وحَبيبٍ سَحرتني مُقلتاه
لو تَمنَّيتُ قُبيل الموت ماذا / أتمنى قلت تقبيل ثراه
أتمنى الموت من مقلته / ما الذي يمنع أن أشتاق فاه
آه من مَيَّةُ آهٍ ثم آه / وحبيبٍ عزّني اليوم لقاه
ما أضيع الصبر في جُرح أداريه
ما أضيع الصبر في جُرح أداريه / أريد أنسَى الذي لا شيء يُنسيه
وما مجانبتي من عاش في بصري / فأينما التفتت عيني تلاقيه
لا تَمحُ رَوعَتَهَا بذكر فعالها
لا تَمحُ رَوعَتَهَا بذكر فعالها / دعها تمرّ كما بدت بجلالها
لا تنكرنَّ الشمس عند غروبها / أوَ مَا نعمت بِدِفئها وظلالها
إن كان فاتك مجدها رَأدَ الضُّحى / فاحمد لها ما كان من آصالها
قَسَت الحياة على الطّرِي
قَسَت الحياة على الطّرِي / دِ فقم بنا نَنعَى الحياه
وقسا الحبيب على الغري / بِ فلا الدموع ولا الصَّلاه
فرغ الحديث ومن رواه / طُوِي الكتاب فمن طواه
عجباً لهذا الحب من / بدء الزمان لمنتهاه
وقضائِه بين الذي / حفظ الوفاء ومن سلاه
قتلى الهوى لا يُذكرو / ن ولا حساب على الجناه
عادت لطائرها الذي غَنّاهَا
عادت لطائرها الذي غَنّاهَا / وشَدَا فهاج حَنينها وشَجاهَا
أيُّ الحظوظ أعادها لوَفيِّها / ونجيّ وحدتها وإلف صباهَا
مشبوبة التحنان تكتم نارها / عبثاً وتأبَى أن يبين لظاهَا
يا إلفيَ المعبود سِرّك ذائع / نار الحنين دفينها أفشاهَا
ماذا لقينا من لقاءٍ خاطفٍ / وعشية كالبرق حان ضحاهَا
يا ويح هاتيك الثواني لَم تقف / حتَّى نسيغ هناءةً ذقناها
حتى يمتع باليقين مكذب / عينيه في رؤيا يضلّ سناهَا
تمضي لها الأبصار مُشعلة الهوى / وتحول عنها ما تُطيق لقاهَا
تخبو العواطف في الصدور وتنتَهي / ويَجف في زهر القلوب نداهَا
وأنا أحسّ اليومَ بدء علاقة / وعنيف ثورتها وحزّ مُدَاهَا
لم تَرو منكِ نواظري وخواطري / ورجعت أذكي مهجةً وشفاهَا
مدَّ الخريف على الرياض رواقه / ومضى الربيع الطلق ما يغشاها
ما بالرياض كآبةٌ في أرضها / وسحابة تغشى أديمَ سماهَا
جمدت حمائم أيكها وأنا الذي / شاكيتها فاغرورقت عيناهَا
كيف السبيلُ إلى شفاء صبابة / الدهر أجمع ما يبلُّ صداهَا
وإلى نسائم جنة سحرية / قرّحت أجفاني على مغناهَا
قضَّيتُ أيامي أضمّ خيالها / وأضعت أيامي أقول عساهَا
جئتُ أشكو لكِ روحي وجواها
جئتُ أشكو لكِ روحي وجواها / وردت ظمأى وعادت بصدَاها
آه من عينكِ ماذا صنعت / بغريبٍ مستجيرٍ بحماها
تبعته تقتفي أحلامَهُ / كلّما أغفى أطلَّت فرآها
يا سقى الله لِليلى أيكةً / وجزاها الخيرَ عنّا ورعاهَا
وغذاها من أمانينا ومن / حبنا الشهدَ المصفى وسقاهَا
قرّبي عينكِ مني قرّبي / ظلليني واغمريني بصفاهَا
وأريني هدأة البحر إذا ان / بسط البحرُ جلالاً وتناهَى
وأريني لجة السحر التي / ضلَّ في أعماقها الفكرُ وتاهَا
ألمح اللؤلؤ في أغوارها / وأرى الطيبة تطفو في سناهَا
وأراها تخبأ الخلدَ لمن / باع دنياه وبالروح اشتراهَا
نحن أرواحٌ حيارى افترقت / ثم عادت فتلاقت في شجَاها
سوف ينسى القلبُ إلا ساعةً / مِن رضاً في وكرك الحاني قضاهَا
هتف القلب وقد حدثتني / أيّ ماضٍ كشفت لي شفتاها
هَمَسَت في خاطري فاستيقظت / روحيَ الحيرى وأصغت لندَاها
فأنا إن لم أكُن توأمَها / فكأني كنت في الغيبِ أخاها
نحن أرواحٌ حيارَى ثملت / وانتشت سكرى على لحنِ أساهَا
قرِّبي روحَكِ مني قرِّبي / ظلليني واغمريني برضاها
وتعالي حدّثيني حدّثي / أنت مرآة شجوني وصَدَاهَا
فهبيني ساعة الصفو التي / تقسمُ الأيامُ ما فيها سواها
ثم أمضي لحياةٍ مرَّةٍ / صبحُها عندي سواءٌ ومَسَاهَا
عادت لطائِرها الذي غنَّاهَا
عادت لطائِرها الذي غنَّاهَا / وشدا فهاجَ حنينَها وشجَاهَا
أيُّ الحظوظِ أعادَهَا لوفيِّها / ونجيِّ وحدتها وإلفِ صباهَا
مشبوبةَ التحنانِ تكتم نارَها / عبثاً وتأبَى أن يَبينَ لظاهَا
يا إلفيَ المنشود سِرُّكَ ذائعٌ / نارُ الحنينِ دفينُهَا أفشاهَا
فيم السؤالُ أما يدلكَ جارفٌ / من صبوتي جازَ المدى وتناهَى
ودموعُ أشعارٍ أثرتَ نواحها / وجمالُكَ الوحي الذي أملاهَا
ما يصنعُ الرقباءُ في حبٍّ طغى / وصبابةٍ جُنَّت وضاعَ حِجاهَا
مدَّ الخريفُ على الرياضِ رواقه / ومضى الربيعُ الطلقُ ما يغشاهَا
ما بالرياض كآبةٌ في أرضِها / وسحابةٌ تغشَى صفاءَ سماهَا
جمدت حمائمُ أيكها وأنا الذي / شاكيتُهَا فاغرورقت عيناهَا
لهفي عليها أينَ أناتُ الصبا / وتناوحُ الغدرانِ بين رباهَا
أجرى عليها الصمتُ حتى لم يعد / إلا مخيَّبَ صرختي وصداهَا
ماذا لقينا من لقاءٍ خاطفٍ / وعشيةٍ كالبرقِ حانَ ضحاهَا
يا ويح هاتيكَ الثواني لم تقف / حتى نُسيغَ هناءةً ذقناهَا
حتى يمتِّع باليقين مكذبٌ / عينيه في رؤيا يضلُّ سناهَا
تمضي لها الأبصارُ والهةَ الهوى / وتحولُ عنها ما تطيقُ لقاهَا
عادَ الزمانُ لها بسرِّ دموعها / وخيالِ يقظتها وحلمِ كراهَا
تخبو العواطفُ في الصدورِ وتنتهي / ويجفُّ في زهر القلوب نَداهَا
وأنا أحسُّ اليومَ بدءَ علاقةٍ / وعنيفَ ثورتها وحزَّ مُداهَا
وأحس طغيانَ الهيامِ لكوكبي / ومنارِ أيامي وفجرِ هواهَا
لم تُروَ منكَ نواظري وخواطري / ورجعتُ أزكي مهجةً وشفاهَا
ما حيلةُ القربِ الوشيك بمهجةٍ / الدهرُ أجمعُ ما يبلُّ صداهَا
ما حيلةُ الآمالِ في معبودةٍ / قرَّحتُ أجفاني على مغناهَا
إلا التذكُّر وهو زادٌ منهِكٌ / ماذا تقوتُ خواطري ذكراهَا
قضَّيتُ أحلامي أضمُّ خيالها / وأضعتُ أيامي أقولُ عساهَا
وغادةٍ تجلس في جانبي
وغادةٍ تجلس في جانبي / كأنها الزهرةُ في كمِّها
أبدعُ ما تنظر عينُ امرئٍ / وخيبةُ الله على أمِّهَا
أهب ببيانِكَ الصافي تدفق
أهب ببيانِكَ الصافي تدفق / وقف بالقدس واهتف في رباهُ
وقم نقضي الحقوقَ إذا دعينا / أليسَ الشرق يجمعنا حِمَاهُ
سلام الله من أبناءِ مصر / إلى أرض البسالة والفتوَّة
من المهدِ الذي هز البرايا / إلى مهدِ القداسة والنبوَّة
من الوطنِ الكريمِ على الليالي / إلى الوطنِ الكريمِ على الجوارِ
من الوادي الخصيبِ بلا نظير / إلى الوادي المكلّلِ بالوقارِ
وقد رقَّت حواشيه إلى أن / رأيتُ الطودَ يخضرُّ اخضرارَا
لقد فاضَ الجلالُ عليه حتى / كأن عليه من نورٍ إزارَا
تهبُّ به النسائمُ ساحراتٍ / كأنَّ أريجَها أنفاسُ موسَى
وتأتلق الحياةُ على الروابي / كأنَّ على الربى كفّ عيسى
وتنظر روعةَ الإِسلام فيه / وقد غَمَرَ المدائنَ واليبابَا
فحيث تديرُ في الأنحاءِ عيناً / فنورُ محمد ملأ الرحابَا
حللنا في ذراكم يومَ عيدٍ / بعدنا فيه عن مصر مزارَا
فألفينا لديكم ألفَ عيدٍ / تُنَسّينا الأحبةَ والديارَا
وكم عبرت بلا فرحٍ ليالٍ / وكم بالله أعيادٌ تمرُّ
وكيفَ تطيب أعيادٌ وتحلو / لصادٍ والفمُ المحروم مُرُّ
وكيف تطيب أعيادٌ وتحلو / إذا عزَّ التعاهدُ واللقاءُ
فإن العيدَّ عيدٌ يومَ تدنو / ويجمعنا التفاهمُ والإِخاءُ
بني القدس التفت فسر قلبي / جهودٌ بالشدائِد لا تبالي
أرى روحَ الحياة تفيض فيكم / وعزمكمو يفيض على الليالي
أرى أملاً وقلباً حيث أمشي / وأعثر بالحياة إذا التقيتُ
إلى أن قالَ قائلكم لديكم / بأقصى الأرض بحرٌ وهو مَيتُ
خرجنا أمس في ركبٍ جليلٍ / نؤدي للمنية ما علينا
فلما أن بلغناه جميعاً / وقر الركب عند الشطِّ عينَا
عجبتُ لمن يسمي ذاك مَيتاً / وقلتُ يمين ربي ذا افتئاتُ
أميتُ من يحيينا ابتساماً / وتشرقُ في جوانبه الحياةُ
نزلنا فارحين على ذراهُ / فراشاتٍ تحومُ فيه وَثبَا
يكاد المرءُ يشربه سروراً / كأن الملحَ فيه صارَ عَذبَا
أراغب قمتُ أهدي عن عليّ / تحياتِ الكريمِ إلى الكريمِ
وإن أشكر يداً لك وَهيَ تسدي / فتلكَ يدُ العظيمِ إلى العظيمِ
وفي الكأسِ من ماء الخدودِ عصارة
وفي الكأسِ من ماء الخدودِ عصارة / أحلَّ الهوى للعاشقينَ شرابَهَا
وما كنتُ أدري قبلَها أنَّ وَجنةً / تَنَفَّسَ فيها عاشقٌ فأذابَهَا
طابت بك الأيامُ وافرحتاه
طابت بك الأيامُ وافرحتاه / أنتِ الأماني والغنى والحياة
قد وَجَدَ الضليلُ نورَ الهُدى / يا حلمه يا نجمه يا سناه
فليذهب الليلُ غفرنَا له / ما دامَ هذا الصبحُ عقبى دجاه
جمالُكِ الطاهرُ عندي له / إيمانُ قلبٍ في خشوعِ الصلاة
وَلي إلى ذاك الجمالِ اتجاه / ولي بسلطانِكِ عزٌّ وجاه
قد طَرَقَ البابَ فتىً متعبُ / طالَ به السيرُ وكلَّت خطاه
نَقَّلَ في الأيامِ أقدامَه / يبغي خيالاً ماثلاً في مُناه
عندَكِ قد حَطَّ رحالَ المنى / وفي حِمَى حسنِك أَلقَى عصاه
أينَ شقاءٌ صاخبٌ في دمي / جَرَّعَني الضنكُ إلى منتهاه
له إذا دوَّى به ساخراً / ضِحكُ التَشَفِّي وجنونُ الطغاة
شكراً لذاتٍ هبطت من عَلٍ / تَحَدَّتِ النحسَ فشُلَّت يداه
بأيِّ كفٍّ طعنت قلبَه / فماتَ في قلبي حتَّى صداه
قد هَدَأ الليلُ وران الكرى / إِلا أخَا سهدٍ يغني شجاه
ناداكِ من أقصى الربى فاسمعي / لِمَن على طولِ الليالي نِدَاه
نادَى أليفاً نام عن شجوهِ / عذبٌ تجنِّيهِ عزيزٌ جناه
أحبّكِ الحبَّ وغنى به / عفَّ الأماني والهوى والشفاه
وإنما الحبُّ حديثُ العلى / أنشودةُ الخلدِ ونحنُ الرواه
لا تبكها ذَهَبَت ومات هواها
لا تبكها ذَهَبَت ومات هواها / في القلبِ متسعٌ غَداً لِسواها
أحببتُها وطويتُ صفحتَها وكم / قَرَأَ اللبيبُ صحيفةً وطواها
يا شاطئَ الأَحزانِ كم مِن موجةٍ / هَبها ارتطامةَ موجةٍ وصداها
تلك الوليدةُ لم تَطُل بُشرَاها / لمَّا تكَد تطأُ الثرى قدماها
زفَّ الصباحُ إلى الرمالِ نداءَها / وسرى النسيمُ عشيةً فنعاها
هاتِ اسقني واشرب على سرِّ الأسى / وعلى صبابةِ مهجةٍ وجواها
مهلاً نديمي كيفَ ينسى حبَّهَا / من ينشدُ السلوى على ذكراها
ما زلتَ تسقيني لتنسيني الجوى / حتى نسيتُ فما أدركتُ سواها
كانت لنا كأسٌ وكانت قصةٌ / هذا الحبابُ أعادَهَا ورواها
كأسي وشمسُ هوايَ والساقي الذي / عَصَرَ الشعاعَ لمهجتي وسقاها
الآنَ غَشَّاها الضبابُ وها أنا / خَلفَ المدامعِ والهمومِ أراها
غالَ الفناءُ حبابَهَا وضبابَهَا / وتبخرت أحلامُهَا ورؤاها

المعلومات المنشورة في هذا الموقع لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع إنما تعبر عن رأي قائلها أو كاتبها كما يحق لك الاستفادة من محتويات الموقع في الاستخدام الشخصي غير التجاري مع ذكر المصدر.
الحقوق في الموقع محفوظة حسب رخصة المشاع الابداعي بهذه الكيفية CC-BY-NC
شبكة المدارس الإسلامية 2010 - 2025