المجموع : 21
طابت بكِ الأيام وافرحتاه
طابت بكِ الأيام وافرحتاه / أنتِ الأماني والغنى والحياه
فليذهب الليل غفرنا له / ما دام هذا الصبح عقبى دجاه
يا من غَفَت والفجر من دارها / شعشع في الآفاق أبهى سناه
قد طرق الباب فتى متعب / طال به السير وكلَّت خطاه
نقَّل في الأيام أقدامه / يبغي خيالاً مائلاً في مُناه
عندك قد حطّ رحال المنى / وفي حمى حسنك ألقى عصاه
كم هدأ الليل وران الكرى / إلا أخا سهدٍ يغنِّي شجاه
ناداك من أقصى الربى فاسمعي / لمن على طول اللليالي نداه
نادى أليفاً نام عن شجوه / عذبٌ تجنيه عزيزٌ جناه
أحبّكِ الحب وغنى به / عفَّ الأماني والهوى والشفاه
وإنما الحب حديث العلى / أنشودة الخلد ونحن الرواه
أبي أخي كعبة آمالنا
أبي أخي كعبة آمالنا / أكرمتني أكرمك الله
أعجب ما في الشكر أني امرؤ / بيانه عندك يعصاه
يا من يرى القلب وشكواه / ويعلم الشعر ونجواه
كم شاعر منطقه خانه / فاغرورقت بالشعر عيناه
ما أكرم الخلق وأسماه / وأعذب الطبع وأصفاه
إنك فردّ دون ثانٍ ولن / يرى لهذا النبل أشباه
عفوك عن حال فتى متعب / بات على الأشواك جنباه
طال به الليل على حيرة / وامتد كالموجة يغشاه
يسائل الليل على طوله / عن ذلك الليل وعقباه
والنور أين النور هل غاله / ماحٍ محا الفجر وأخفاه
قد كدت لولا ثقة لا تهي / وخشية الله وتقواه
أقول جف البر لا ديمة / تهمي ولا المزنة ترعاه
حتى رأيت الخير في طلعة / تحمل لي الخير وبشراه
في لمعة تومض في فرقد / في فلك أنت محياه
حمدت ربي وعرفت الرضى / يا رحمة الله ونعماه
أيها الماضي الذي أودعته
أيها الماضي الذي أودعته / حفرة قد خيم الموت بها
أيها الشعر الذي كفنته / مقسما لا قلت شعرا بعدها
أيها القلب الذي مزقته / صارخاً عهدك يا قلب انتهى
قسما ما مات منكم أحد / إنها رقدة يأس إنها
آه لو قام رسول ضارع / أو شفيع منكم يمضي لها
آه من يخبرها عن طائر / نسي الأوكار إلا وكرها
أرى سمائي انحدرت وانطوت
أرى سمائي انحدرت وانطوت / لا تحسبي النجم هوى وحده
فيا نجوم الليل لا نجم لي / ولا أرى لي أفقاً بعده
آهِ من وَجدك بالهاجرِ آه
آهِ من وَجدك بالهاجرِ آه / تتمنى أن تراه لن تراه
خَدَعَتنا مُقلَتاهُ خدعتنا / وجنتاهُ خدعتنا شَفَتاه
والذي من صوتهِ في مسمعي / وخيالي غادرٌ حتى صداه
حُلُمٌ مرَّ كما مرَّ سواه / وكذا الأحلامُ تمضي والحياه
أين يا ليلايَ عهدُ الهرم / أين يا ليلاي حُلوُ الكَلِمِ
هامساتٍ بين أذني وفمي / ساريات غرِداتٍ في دمي
كلماتٌ عذبةٌ معسولةٌ / ضيّعت وارحمتا للقَسَم
ذهبت مثلَ ذهابِ الحُلُمِ / إنني أعلمُ ما لم تعلمي
كيف صدَّقنا أضاليلَ الهوى / بِنُهَى طفلٍ وإحساس صَبِي
حَسبُنا منه سماءٌ لمعت / فوقَ رأسينا وكوخٌ خشبي
حُلُمٌ ولَّى ووهمٌ لم يَدُم / ما تَبقَّى غيرُ خَيطٍ ذهبي
ذات يومٍ في أصيلٍ فاتنٍ / ذابت الشمسُ فسالت ذهبا
كَسَت النيلَ نُضاراً وانثنت / تَغمُرُ الصحراء نَخلاً ورُبَى
ما على الجِيزةِ أن قد أبصرت / شَفَقِي معتَنِقاً فجرَ الصّبا
قد رأتنا مثلَ طَيفَي حُلُمٍ / ما عليها أقبَلا أم ذَهَبا
قلتُ هيَّا قلتِ نمشي سِر فما / من طريقٍ طالَ لا نَذرَعُهُ
قلتُ والعمرُ بعيني كالكرى / وأنا في حُلُمٍ أقطعه
جمعَ الدهرُ حبيباً وامقاً / بحبيبٍ وغداً يَنزَعُه
أطريقانِ طريقٌ دونَه / في حياتي وطريقٌ معه
كلما خلَّى حبيبي يَدَهُ / لحظةً قلتُ وحُبِّي أبقِها
أَبقِها أنفُض بها خوفَ غدٍ / وأُحِسُّ الأَمنَ منها وبِها
أبقِها أشدُد بها أزرِي إذا / ضَعُفَ الأزرُ أو العزم وهَى
أبقِها أُومن إِذا لامَستُها / أن حبي ليسَ حُلماً وانتهى
وليلةٍ بات من أهوى ينادمني
وليلةٍ بات من أهوى ينادمني / ما كان أجملَه عندي وأجمَلها
بتنا على آية من حسنه عَجَبٍ / كتابُه من خَفايا الخُلدِ أنزَلَها
إذا تساءلتُ عمَّا خَلفَ أسطرها / رَنَا إليَّ بعينيه فأَوَّلَها
مُصَوِّباً سَهمَه مُستشرفاً كبدي / مُستهدفاً ما يشاء الفتكُ مقتلها
يا للشَّهيدة لم تعلم بمصرعها / ما كان أظلَمَ عينيه وأجهلَها
حتى إذا لم يَدَع منها سوى رمقٍ / عَدَا على الرَّمقِ الباقي فجندلها
وصَدَّ عنها وخلاَّها وقد دَمِيَت / في قبضة الموت غَشَّاها وظلّلها
وحان من ليلة التوديع آخرُها / وكان ذاك التلاقي الحُلوُ أوَّلها
ضممتها لجراحاتي التي سَلَفَت / إِلى قديمِ خطايا قد غفرتُ لها
البحر أسأله ويسألني
البحر أسأله ويسألني / ما فيه من ريٍّ لظامئه
متمرِّدٌ عاتٍ يضلِّلني / كَذِب السَّراب على شواطئه
كم جال في وهمي فأرَّقني / أربٌ وأين الفوزُ بالأرب
وسرى بأحلامي فعلَّقها / فوق السُّهى بلوامع الشهب
في يقظةٍ مني وفي وسنٍ / صَرحٌ بِذِروَتِهِنّ متَّحد
الفجرُ والسحر المخضَّبُ من / لَبِناته والقمةُ الأبدُ
واهاً لضافي الظلّ وارِفه / قضَّيت عمري في توهّمه
لما طلعت على مشارفه / أيقنتُ أني فوق سُلَّمه
ومن العجائب في الهوى اثنان / لم يضربا للحبِّ ميعادا
ومحيِّرُ الأفهام لحظان / قَرَآ كتابَهما وما كادا
سارا فمذ وقف الهوى وقفا / يتبادلان الشوقَ والشغفا
عرف الهوى أمراً وما عرفا / من ذلك الداعي الذي هتفا
قَدَرٌ على قدرٍ تلاقينا / كلُّ الذي أدري وتدرينا
أنّا أطعناه مُلبّينا / من أنت من أنا من يُنبِّينا
وشعرةٍ خطفتُها
وشعرةٍ خطفتُها / كأنني قطفتها
ملكتُ ملك الدهر وح / دي حينما ملكتها
إذا الرياح نازعت / ني أمرها ضممتها
بقبضتيَّ خائفاً / إذا اعتدت رددتها
وفي مكانٍ ليس في / بالٍ جَرى خَبأتها
خبأتُها حيث إذا / جُنَّ الهوى رأيتها
حبستها قرب عيوني / إن أشَأ نظرتها
كأنما في بصري / ومقلتي أخفيتها
هذي لديَّ صورةٌ / من حالنا جلوتها
أنت كهذي الشعرة / السمراء مذ عرفتها
أقسم بالحب وها / تيك السنين عشتُها
كأنَّني في جنَّة ال / فِردوسِ قد قضيتها
آه من مَيَّةُ آهٍ ثم آه
آه من مَيَّةُ آهٍ ثم آه / وحَبيبٍ سَحرتني مُقلتاه
لو تَمنَّيتُ قُبيل الموت ماذا / أتمنى قلت تقبيل ثراه
أتمنى الموت من مقلته / ما الذي يمنع أن أشتاق فاه
آه من مَيَّةُ آهٍ ثم آه / وحبيبٍ عزّني اليوم لقاه
ما أضيع الصبر في جُرح أداريه
ما أضيع الصبر في جُرح أداريه / أريد أنسَى الذي لا شيء يُنسيه
وما مجانبتي من عاش في بصري / فأينما التفتت عيني تلاقيه
لا تَمحُ رَوعَتَهَا بذكر فعالها
لا تَمحُ رَوعَتَهَا بذكر فعالها / دعها تمرّ كما بدت بجلالها
لا تنكرنَّ الشمس عند غروبها / أوَ مَا نعمت بِدِفئها وظلالها
إن كان فاتك مجدها رَأدَ الضُّحى / فاحمد لها ما كان من آصالها
قَسَت الحياة على الطّرِي
قَسَت الحياة على الطّرِي / دِ فقم بنا نَنعَى الحياه
وقسا الحبيب على الغري / بِ فلا الدموع ولا الصَّلاه
فرغ الحديث ومن رواه / طُوِي الكتاب فمن طواه
عجباً لهذا الحب من / بدء الزمان لمنتهاه
وقضائِه بين الذي / حفظ الوفاء ومن سلاه
قتلى الهوى لا يُذكرو / ن ولا حساب على الجناه
عادت لطائرها الذي غَنّاهَا
عادت لطائرها الذي غَنّاهَا / وشَدَا فهاج حَنينها وشَجاهَا
أيُّ الحظوظ أعادها لوَفيِّها / ونجيّ وحدتها وإلف صباهَا
مشبوبة التحنان تكتم نارها / عبثاً وتأبَى أن يبين لظاهَا
يا إلفيَ المعبود سِرّك ذائع / نار الحنين دفينها أفشاهَا
ماذا لقينا من لقاءٍ خاطفٍ / وعشية كالبرق حان ضحاهَا
يا ويح هاتيك الثواني لَم تقف / حتَّى نسيغ هناءةً ذقناها
حتى يمتع باليقين مكذب / عينيه في رؤيا يضلّ سناهَا
تمضي لها الأبصار مُشعلة الهوى / وتحول عنها ما تُطيق لقاهَا
تخبو العواطف في الصدور وتنتَهي / ويَجف في زهر القلوب نداهَا
وأنا أحسّ اليومَ بدء علاقة / وعنيف ثورتها وحزّ مُدَاهَا
لم تَرو منكِ نواظري وخواطري / ورجعت أذكي مهجةً وشفاهَا
مدَّ الخريف على الرياض رواقه / ومضى الربيع الطلق ما يغشاها
ما بالرياض كآبةٌ في أرضها / وسحابة تغشى أديمَ سماهَا
جمدت حمائم أيكها وأنا الذي / شاكيتها فاغرورقت عيناهَا
كيف السبيلُ إلى شفاء صبابة / الدهر أجمع ما يبلُّ صداهَا
وإلى نسائم جنة سحرية / قرّحت أجفاني على مغناهَا
قضَّيتُ أيامي أضمّ خيالها / وأضعت أيامي أقول عساهَا
جئتُ أشكو لكِ روحي وجواها
جئتُ أشكو لكِ روحي وجواها / وردت ظمأى وعادت بصدَاها
آه من عينكِ ماذا صنعت / بغريبٍ مستجيرٍ بحماها
تبعته تقتفي أحلامَهُ / كلّما أغفى أطلَّت فرآها
يا سقى الله لِليلى أيكةً / وجزاها الخيرَ عنّا ورعاهَا
وغذاها من أمانينا ومن / حبنا الشهدَ المصفى وسقاهَا
قرّبي عينكِ مني قرّبي / ظلليني واغمريني بصفاهَا
وأريني هدأة البحر إذا ان / بسط البحرُ جلالاً وتناهَى
وأريني لجة السحر التي / ضلَّ في أعماقها الفكرُ وتاهَا
ألمح اللؤلؤ في أغوارها / وأرى الطيبة تطفو في سناهَا
وأراها تخبأ الخلدَ لمن / باع دنياه وبالروح اشتراهَا
نحن أرواحٌ حيارى افترقت / ثم عادت فتلاقت في شجَاها
سوف ينسى القلبُ إلا ساعةً / مِن رضاً في وكرك الحاني قضاهَا
هتف القلب وقد حدثتني / أيّ ماضٍ كشفت لي شفتاها
هَمَسَت في خاطري فاستيقظت / روحيَ الحيرى وأصغت لندَاها
فأنا إن لم أكُن توأمَها / فكأني كنت في الغيبِ أخاها
نحن أرواحٌ حيارَى ثملت / وانتشت سكرى على لحنِ أساهَا
قرِّبي روحَكِ مني قرِّبي / ظلليني واغمريني برضاها
وتعالي حدّثيني حدّثي / أنت مرآة شجوني وصَدَاهَا
فهبيني ساعة الصفو التي / تقسمُ الأيامُ ما فيها سواها
ثم أمضي لحياةٍ مرَّةٍ / صبحُها عندي سواءٌ ومَسَاهَا
عادت لطائِرها الذي غنَّاهَا
عادت لطائِرها الذي غنَّاهَا / وشدا فهاجَ حنينَها وشجَاهَا
أيُّ الحظوظِ أعادَهَا لوفيِّها / ونجيِّ وحدتها وإلفِ صباهَا
مشبوبةَ التحنانِ تكتم نارَها / عبثاً وتأبَى أن يَبينَ لظاهَا
يا إلفيَ المنشود سِرُّكَ ذائعٌ / نارُ الحنينِ دفينُهَا أفشاهَا
فيم السؤالُ أما يدلكَ جارفٌ / من صبوتي جازَ المدى وتناهَى
ودموعُ أشعارٍ أثرتَ نواحها / وجمالُكَ الوحي الذي أملاهَا
ما يصنعُ الرقباءُ في حبٍّ طغى / وصبابةٍ جُنَّت وضاعَ حِجاهَا
مدَّ الخريفُ على الرياضِ رواقه / ومضى الربيعُ الطلقُ ما يغشاهَا
ما بالرياض كآبةٌ في أرضِها / وسحابةٌ تغشَى صفاءَ سماهَا
جمدت حمائمُ أيكها وأنا الذي / شاكيتُهَا فاغرورقت عيناهَا
لهفي عليها أينَ أناتُ الصبا / وتناوحُ الغدرانِ بين رباهَا
أجرى عليها الصمتُ حتى لم يعد / إلا مخيَّبَ صرختي وصداهَا
ماذا لقينا من لقاءٍ خاطفٍ / وعشيةٍ كالبرقِ حانَ ضحاهَا
يا ويح هاتيكَ الثواني لم تقف / حتى نُسيغَ هناءةً ذقناهَا
حتى يمتِّع باليقين مكذبٌ / عينيه في رؤيا يضلُّ سناهَا
تمضي لها الأبصارُ والهةَ الهوى / وتحولُ عنها ما تطيقُ لقاهَا
عادَ الزمانُ لها بسرِّ دموعها / وخيالِ يقظتها وحلمِ كراهَا
تخبو العواطفُ في الصدورِ وتنتهي / ويجفُّ في زهر القلوب نَداهَا
وأنا أحسُّ اليومَ بدءَ علاقةٍ / وعنيفَ ثورتها وحزَّ مُداهَا
وأحس طغيانَ الهيامِ لكوكبي / ومنارِ أيامي وفجرِ هواهَا
لم تُروَ منكَ نواظري وخواطري / ورجعتُ أزكي مهجةً وشفاهَا
ما حيلةُ القربِ الوشيك بمهجةٍ / الدهرُ أجمعُ ما يبلُّ صداهَا
ما حيلةُ الآمالِ في معبودةٍ / قرَّحتُ أجفاني على مغناهَا
إلا التذكُّر وهو زادٌ منهِكٌ / ماذا تقوتُ خواطري ذكراهَا
قضَّيتُ أحلامي أضمُّ خيالها / وأضعتُ أيامي أقولُ عساهَا
وغادةٍ تجلس في جانبي
وغادةٍ تجلس في جانبي / كأنها الزهرةُ في كمِّها
أبدعُ ما تنظر عينُ امرئٍ / وخيبةُ الله على أمِّهَا
أهب ببيانِكَ الصافي تدفق
أهب ببيانِكَ الصافي تدفق / وقف بالقدس واهتف في رباهُ
وقم نقضي الحقوقَ إذا دعينا / أليسَ الشرق يجمعنا حِمَاهُ
سلام الله من أبناءِ مصر / إلى أرض البسالة والفتوَّة
من المهدِ الذي هز البرايا / إلى مهدِ القداسة والنبوَّة
من الوطنِ الكريمِ على الليالي / إلى الوطنِ الكريمِ على الجوارِ
من الوادي الخصيبِ بلا نظير / إلى الوادي المكلّلِ بالوقارِ
وقد رقَّت حواشيه إلى أن / رأيتُ الطودَ يخضرُّ اخضرارَا
لقد فاضَ الجلالُ عليه حتى / كأن عليه من نورٍ إزارَا
تهبُّ به النسائمُ ساحراتٍ / كأنَّ أريجَها أنفاسُ موسَى
وتأتلق الحياةُ على الروابي / كأنَّ على الربى كفّ عيسى
وتنظر روعةَ الإِسلام فيه / وقد غَمَرَ المدائنَ واليبابَا
فحيث تديرُ في الأنحاءِ عيناً / فنورُ محمد ملأ الرحابَا
حللنا في ذراكم يومَ عيدٍ / بعدنا فيه عن مصر مزارَا
فألفينا لديكم ألفَ عيدٍ / تُنَسّينا الأحبةَ والديارَا
وكم عبرت بلا فرحٍ ليالٍ / وكم بالله أعيادٌ تمرُّ
وكيفَ تطيب أعيادٌ وتحلو / لصادٍ والفمُ المحروم مُرُّ
وكيف تطيب أعيادٌ وتحلو / إذا عزَّ التعاهدُ واللقاءُ
فإن العيدَّ عيدٌ يومَ تدنو / ويجمعنا التفاهمُ والإِخاءُ
بني القدس التفت فسر قلبي / جهودٌ بالشدائِد لا تبالي
أرى روحَ الحياة تفيض فيكم / وعزمكمو يفيض على الليالي
أرى أملاً وقلباً حيث أمشي / وأعثر بالحياة إذا التقيتُ
إلى أن قالَ قائلكم لديكم / بأقصى الأرض بحرٌ وهو مَيتُ
خرجنا أمس في ركبٍ جليلٍ / نؤدي للمنية ما علينا
فلما أن بلغناه جميعاً / وقر الركب عند الشطِّ عينَا
عجبتُ لمن يسمي ذاك مَيتاً / وقلتُ يمين ربي ذا افتئاتُ
أميتُ من يحيينا ابتساماً / وتشرقُ في جوانبه الحياةُ
نزلنا فارحين على ذراهُ / فراشاتٍ تحومُ فيه وَثبَا
يكاد المرءُ يشربه سروراً / كأن الملحَ فيه صارَ عَذبَا
أراغب قمتُ أهدي عن عليّ / تحياتِ الكريمِ إلى الكريمِ
وإن أشكر يداً لك وَهيَ تسدي / فتلكَ يدُ العظيمِ إلى العظيمِ
وفي الكأسِ من ماء الخدودِ عصارة
وفي الكأسِ من ماء الخدودِ عصارة / أحلَّ الهوى للعاشقينَ شرابَهَا
وما كنتُ أدري قبلَها أنَّ وَجنةً / تَنَفَّسَ فيها عاشقٌ فأذابَهَا
طابت بك الأيامُ وافرحتاه
طابت بك الأيامُ وافرحتاه / أنتِ الأماني والغنى والحياة
قد وَجَدَ الضليلُ نورَ الهُدى / يا حلمه يا نجمه يا سناه
فليذهب الليلُ غفرنَا له / ما دامَ هذا الصبحُ عقبى دجاه
جمالُكِ الطاهرُ عندي له / إيمانُ قلبٍ في خشوعِ الصلاة
وَلي إلى ذاك الجمالِ اتجاه / ولي بسلطانِكِ عزٌّ وجاه
قد طَرَقَ البابَ فتىً متعبُ / طالَ به السيرُ وكلَّت خطاه
نَقَّلَ في الأيامِ أقدامَه / يبغي خيالاً ماثلاً في مُناه
عندَكِ قد حَطَّ رحالَ المنى / وفي حِمَى حسنِك أَلقَى عصاه
أينَ شقاءٌ صاخبٌ في دمي / جَرَّعَني الضنكُ إلى منتهاه
له إذا دوَّى به ساخراً / ضِحكُ التَشَفِّي وجنونُ الطغاة
شكراً لذاتٍ هبطت من عَلٍ / تَحَدَّتِ النحسَ فشُلَّت يداه
بأيِّ كفٍّ طعنت قلبَه / فماتَ في قلبي حتَّى صداه
قد هَدَأ الليلُ وران الكرى / إِلا أخَا سهدٍ يغني شجاه
ناداكِ من أقصى الربى فاسمعي / لِمَن على طولِ الليالي نِدَاه
نادَى أليفاً نام عن شجوهِ / عذبٌ تجنِّيهِ عزيزٌ جناه
أحبّكِ الحبَّ وغنى به / عفَّ الأماني والهوى والشفاه
وإنما الحبُّ حديثُ العلى / أنشودةُ الخلدِ ونحنُ الرواه
لا تبكها ذَهَبَت ومات هواها
لا تبكها ذَهَبَت ومات هواها / في القلبِ متسعٌ غَداً لِسواها
أحببتُها وطويتُ صفحتَها وكم / قَرَأَ اللبيبُ صحيفةً وطواها
يا شاطئَ الأَحزانِ كم مِن موجةٍ / هَبها ارتطامةَ موجةٍ وصداها
تلك الوليدةُ لم تَطُل بُشرَاها / لمَّا تكَد تطأُ الثرى قدماها
زفَّ الصباحُ إلى الرمالِ نداءَها / وسرى النسيمُ عشيةً فنعاها
هاتِ اسقني واشرب على سرِّ الأسى / وعلى صبابةِ مهجةٍ وجواها
مهلاً نديمي كيفَ ينسى حبَّهَا / من ينشدُ السلوى على ذكراها
ما زلتَ تسقيني لتنسيني الجوى / حتى نسيتُ فما أدركتُ سواها
كانت لنا كأسٌ وكانت قصةٌ / هذا الحبابُ أعادَهَا ورواها
كأسي وشمسُ هوايَ والساقي الذي / عَصَرَ الشعاعَ لمهجتي وسقاها
الآنَ غَشَّاها الضبابُ وها أنا / خَلفَ المدامعِ والهمومِ أراها
غالَ الفناءُ حبابَهَا وضبابَهَا / وتبخرت أحلامُهَا ورؤاها