بَاتَتْ تُحَدِّثُ عَنْ نَجْدٍ وَمَا فِيهَا
بَاتَتْ تُحَدِّثُ عَنْ نَجْدٍ وَمَا فِيهَا / فَخِلْتُ دُرًّا سُقُوطُ اللَّفْظِ مِنْ فِيهَا
وَطَارَحْتْنِي شُجُوناً كَانَ يَنْشُرُهَا / وَجْدِي القَدِيمُ وَكَانَ الكَتْمُ يَطْوِيهَا
إِيهٍ عَلَى الجِيرَةِ الغَادِينَ دَارُهُمُ / نَجْدٌ وَعَنْ مُنْجِدِي مِنْ غُرِّ أَهْلِيهَا
وَأَعْصُرٌ ذَهَبَتْ عَنِّي وَقَدْ خَتَمَتْ / رَحِيقَ أُنْسِي بِمِسْكٍ مِنْ لَيَالِيهَا
وَقَدْ نَسِيتُ وَلاَ أَنْسَى وَإِنْ هِيَ قَدْ / أَضْحَى غُرُورُ الأَمَانِي مِنْ أَمَانِيهَا
بُدُورُ تِمٍّ عَلَى قُضْبٍ عَلَى كُثُبٍ / تَبْدُو بِأُفْقَيْنِ مِنْ قَلْبِي وَوَادِيهَا
أَمَّا الرُّبُوعُ فَصَبْرِي يَومَ كَاظِمَةٍ / مِمَّنْ عَدَتْهُ عَنِ البُغْيَا عَوَادِيهَا
كَأَنَّ خَيْمَاتِهَا الأَلْفَاظُ نَاصِعَة / وَالغِيدَ فِيهَا بَدِيعٌ مِنْ مَعَانِيهَا
مِنْ كُلِّ طَالِعَةٍ فِي البِيدِ تُبْعِدُهَا / أَيْدِي النَّوَى وَأَمَانُ الصَّبِّ يُدْنِيهَا
شَمْسٌ إِذَا غَرُبَتْ أَبْدَتْ لَنَا شَفَقاً / مِنْ أَدْمُعٍ بِدَمِي انْهَلَّتْ غَوَادِيهَا
وَمَا نَسَأْتُ بِدَوْحِ البَانِ نَاعِمَةً / تَثْنِي عَلَى الرِّيحِ إِنْ هَبَّتْ فَتَثْنِيهَا
كَأَنَّمَا القُضْبُ تَسْهُو عَنْ تَحِيَّتِهَا / غِبَّ الحَيَا فَسُجُودُ السَّهْوِ يُجزِيهَا
وَبِالأَبَاطِحِ مِعْطَارُ الأَصَائِلِ إِنْ / عُلَّتْ صَبَاهَا فَآسِي الآسِ يَشْفِيهَا
لِعَنْبَرِ الغَيْمِ فِيهَا كُلُّ مُشْغِلَةٍ / بِمَجْمَرِ البَرْقِ أَيْدِي الرِّيحِ تُذْكِيهَا
مُقَبِّلٌ لِخُدُودِ الوَرْدِ شَادِنُهَا / وَرَاشِفٌ لِثُغُورِ الزَّهْرِ شَادِيهَا
حَكَتْ يَدُ الغَيْثِ مِنْ نَوْرٍ لَهَا حُلَلاً / تَخْتَالُ فِيهَا لِمِثْقَالٍ يُوَافِيهَا
مَا رَاعَ جَيْشُ الصَّبَا لَيْلاً غَمَامَتَهَا / إِلاَّ وَبَانَتْ سُيُوفُ البَرْقِ تَحْمِيهَا
هِيَ الَّتِي زُرْتُهَا وَهْناً وَأَرْبُعُهَا / بِعَاطِرَاتِ غَوَانِيهَا تُحَلِّيهَا
وَبَاتَ يَهْفُو ارْتِيَاحاً غُصْنُ بَانَتِهَا / لَمَّا رَأَى الوُرْقَ تَبْكِينِي وَأَبْكِيهَا
وَالرَّوْضُ يَكْتُمُ أَسْرَاراً كَمَائِمَهُ / لِلزَّهْرِ لَكِنْ لِسَانُ الرِّيحِ يُفْشِيهَا
مُضَمَّخُ البُرْدِ مِنْ طِيبِ النَّوَاسِمِ إِنْ / أَضْحَتْ تُدَانِيهِ أَوْ أَضْحَى يُدَانِيهَا
كَأَنَّ عَاطِرَهَا ذِكْرُ الرَّسُولِ وَقَدْ / أَغْرَى الرَّكَائِبَ بِالأَشْوَاقِ حَادِيهَا
مُحَمَّدٌ خَاتِمُ الأَرْسَالِ أَوَّلُهَا / فِي الفَضْلِ شَمْسُ هَوَاهَا بَدْرُ نَادِيهَا
خَيْرُ الخَلاَئِقِ عَالِيهَا وَسَافِلِهَا / خَيْرُ البَرِيَّةِ مَاضِيهَا وَآتِيهَا
ألعَاقِبُ الحَاشِرُ المَاحِي الَّذِي بَهَرَتْ / آياتُهُ فَلِسَانُ الصِّدْقِ يُمْلِيهَا
خَرَّتْ لِمَوْلِدِهِ الأَصْنَامُ حَاكِيَةً / هَامَاتِ مَشْيَخَةٍ كَانَتْ تُحَيِّيهَا
وَالجِنُّ فِي الأُفْقِ قَدْ عَادَتْ مَقَاعِدهَا / لِلسَّمْعِ فَالشُّهْبُ قَبْلَ السَّمْعِ تَرْمِيهَا
وَارْتُجَّ إِيوَانُ كِسْرَى مُظْهِراً عِبَراً / عِبَارَةُ الفُرْسِ عَنْهَا لاَ تُوَافِيهَا
وَالنَّهْرُ غِيضَ لَهُمْ وَالنَّارُ قَدْ طُفِيَتْ / كَأَنَّ مَا فَاضَ مِنْ مَاءٍ سَرَى فِيهَا
وَالبَدْرُ شُقَّ لَهُ فِي لَيْلَةٍ كَرُمَتْ / فَلَمْ تُدَاجِ أَخَا التَّقْوَى دَيَاجِيهَا
وَالشَّمْسُ قَدْ رَدَّهَا مِنْ بَعْدِمَا غَرُبَتْ / فَحُبُّهُ لِعَلِيٍّ ظَلَّ يُعْلِيهَا
وَالجِذْعُ حَنَّ لَهُ كُلَّ الحَنِينِ فَمَا / أَشْجَى بِطِيبَةَ جِذْعاً كَادَ يُعْدِيهَا
كَأَنَّمَا الوُرْقُ إِذْ غَنَّتْ بِأَغْصُنِهِ / قَدْ عَلَّمَتْهُ فَأَضْحَى بَعْدُ يَحْكِيهَا
وَأَرْسَلَ المَاءَ نَبْعاً مِنْ أَصَابِعِهِ / هَذَا وَنَبْعُ النَّدَى لَوْ شَاءَ كَافِيهَا
وَالسُّحْبُ جَادَتْ بِسُحْبِ الغَيْثِ حِينَ دَعَا / فَأَضْحَكَ النَّوْرَ وَسْطَ الرَّوْضِ بَاكِيهَا
وَظَلَّلَتْهُ الغَمَامُ الوُطْفُ وَاقِيَةً / شَمْساًعَلَى الأَرْضِ لاَ شَمْسٌ تُضَاهِيهَا
وَأَقْبَلَتْ نَحْوَهُ الأَشْجَارُ مُعْجَلَةً / غُصُونُهَا لَيْسَ يَثْنِيهَا تَثَنِّيهَا
وَعَادَ سَيْفاً قَضِيبُ النَّخْلِ فِي يَدِهِ / فَالْهَامُ كَالرُّطَبِ انْثَالَتْ لِجَانِيهَا
رَدَّ حُنَيْناً لأَهْلِ الكُفْرِ مُنْهَزِماً / بِقَبْضَةِ الرَّمْلِ قَبْلَ البِيضِ يُمْضِيهَا
وَإِنَّ أَنْدَلُساً هَذِي لَمُعْجِزَةٌ / بَقَاؤهَا وَقَرارٌ فِي نَوَاحِيهَا
لَكِنْ مَتَى خَشِيَتْ إِتْلاَفَهَا فَعَلَى / رَبِّ الوَرَى وَبَنِي نَصْرٍ تَلاَفِيهَا
وَقَدْ أَطَلَّ زَمَانَ الفَتْحِ طُولُ نَدَى / مُحَمَّدٍ غَوْثِ أَهْلِيهَا وَحَامِيهَا
مُحَمَّدٍ بْنِ أَبِي الحَجَّاجِ خِيرَةِ مَنْ / أَرْضَى الإِلهَ بِسَعْيٍ فِي مَرَاضِيهَا
فَمِنْ فُرُوضٍ يُمِيتُ العَائِقَاتِ لَهَا / وَسُنَّةٍ لِرَسُولِ اللَّهِ يُحْيِيهَا
صَحَّتْ أَحَادِيثُ بِيضِ الجُودِ عَنْ يَدِهِ / فَكُلُّ عَافٍ تُرَوِّيهِ وَيَرْوِيهَا
لاَ عُذْرَ لِلتَّارِكِ الأَشْعَارَ فَهْيَ بِهِ / كُثْرٌ بَوَاعِثُهَا كُثْرٌ دَوَاعِيهَا
خَيْرُ المُلُوكِ الَّتِي جَلَّتْ عُلاً فَغَدَتْ / حُمْراً وَقَائِعُهَا بِيضاً أَيادِيهَا
اَلقَاتِلُ المَحْلَ قَتْلَ المُشْبِهِينَ لَهُ / مِنْ الأَعَادِي الَّتِي مَا زَالَ يَكْفِيهَا
فَمِنْ سَحَابِ نَدَى يُرْضِيهِ هَامِلُهَا / وَمِنْ سَحَابِ دَمٍ يَشْفِيهِ هَامِيهَا
مِنْ آلِ يَعْرُبَ فِي العَدِّ الصَّرِيحِ لَهُ / مَحَاتِدٌ رَقِيَتْ أَعْلَى مَرَاقِيهَا
مِنْ سِرِّ قَحْطَانَ فِي أَسْمَى ذَوَائِبِهَا / من بِيتَةٍ لَيْسَ مِنْ نَجْمٍ يُسَامِيهَا
مِنْ ضِئْضِىءِ الخَزْرَجِ الغُرِّ الَّذِينَ هُمُ / مَا هُمْ إِذَا مَا دَعَا لِلحَرْبِ دَاعِيهَا
الرَّاكِبُونَ إِلَى الهَيْجَاءِ ضَامِرَةً / قُبَّ البُطُونِ مُنِيفَاتٍ هَوَادِيهَا
يَجْلُو بِصُبْحِ حَجُولٍ كَادَ يَبْهَرُهَا / بِالنُّورِ لَيْلَ عَجَاجٍ كَادَ يُخْفِيهَا
وَالمُرْسِلُونَ لَهَا وَالأَرْضُ بَحْرُ دَمٍ / سَفَائِناً بِأْسُهُمْ لا الرِّيحُ مُجْرِيهَا
وَالمُنْهِدُونَ وَسُمْرُ الخَطِّ مُشْرَعَةٌ / كَتَائِباً بَاتَتِ التَّقْوَى تُنَاجِيهَا
كَتَائِبٌ لِمَعَالِيهِمْ مُنَاسِبَةٌ / يُحْصَى الحَصَى قَبْلَ أَنْ يَنْفَكَّ مُحْصِيْهاً
أُولَئِكَ القَوْمُ أَنْصَارُ النَّبِيِّ وَمَنْ / تَلاَ مَدَائِحَهُمْ فِي الآي تَالِيهَا
وَإِنْ يُحَاكِ بَنُو نَصْرٍ فِعَالَهُمُ / فَالأُسْدُ أَشْبَالُهَا فِعْلاً تُحَاكِيهَا
وَحَضْرَةٍ زَيَّنَتْهَا بُقْعَةٌ جُعِلَتْ / وُسْطَى لِعِقْدٍ نَفِيسٍ مِنْ مَبَانِيهَا
يَاقُوتَةٍ فَهْيَ بِالحَمْرَاءِ قَدْ دُعِيَتْ / لاَ زَالَ جَوْهَرُ أَمْدَاحِي يُوَافِيهَا
وَكَمْ بِغَرْنَاطَةٍ مِنْ بُقْعَةٍ حَمَلَتْ / أَبْنَاءَ نَصْرٍ فَهَزَّتْ عِطْفَهَا تِيهَا
اَلمِسْكُ تُرْبُ مَوَاطٍ لِلْكِرَامِ بِهَا / وَالدُّرُّ مَهْمَا مَشَوْا حَصْبَا أَرَاضِيهَا
مِنْ آلِ قَيْسِ بْنِ سَعْدٍ سَادَةٍ نُجُبٍ / تُرْوَى الحِسَانُ العَوَالِي عَنْ عَوَالِيهَا
إِنْ يَشْتَكِ السَّيْفُ فِي يَوْمِ الوَغَى قِصَراً / فَوَصْلُهُ خَطْوُهَا زَحْفاً وَأَيْدِيهَا
لِلَّهِ دَرُّ إِمَامٍ جَاءَهَا خَلَفاً / وَزَادَ عِزَّ مَعَالٍ فِي مَعَالِيهَا
لاَ عَيْبَ فِيهِ يَقِي عَيْنَ الكَمَالِ سِوَى / أَنَّ السَّيُوفَ بِضَرْبِ الهَامِ يُفْنِيهَا
أَبْقَتْ لَنَا كُلَّ مَنْ نَرْجُوهُ دَوْلَتُهُ / وَمَا نُؤَمِّلُهُ فَاللَّهُ يُبْقِيهَا