المجموع : 5
يا للعَزائِم يَثني مِن مَواضيها
يا للعَزائِم يَثني مِن مَواضيها / أَنَّ الكِفاياتِ يُقضى بِالهَوى فيها
وَللمَواهِب بِالأَغراض يَقتُلها / مَن يَستَمدُّ حَياةً مِن أَياديها
وَللجُهود بِأَعشى الرأي يُطفِئُها / ماضٍ عَلى ضوئِها سارٍ بِهاديها
وَللنوابغ يَقضي في مَواهبهم / بِما يَشاءُ هَواهُ غَيرُ قاضِيها
جادُوا بِأَعمارهم حَتّى لِجاحدهم / إِنّ المَواهِبَ سلمٌ في أَعاديها
كَالشَمس تقبسُ مِنها عَينُ عابدِها / وَتُرسلُ النُورَ في أَجفانِ شانيها
وَالنَفسُ إِن مُلِئَت بِالود فاضَ عَلى / جَدبِ البِلادِ خلوفٌ مِن هَواميها
لا يَدَّعِ العَدلَ قَومٌ في عَدالَتهم / صَرعى الكِفاياتِ تَشكُو ظُلمَ أَهلِيها
وَلا المُساواةَ وَالأَفهامُ لَو وَزِنَت / مَع الغَباوَةِ فيهم لا تُساويها
وَلا الحَضارة من تَجزي نَوابِغَهُم / وَحشيةً تَسكُنُ البَيداء وَالتِّيها
إِذا البِلادُ تَخلَّت عَن حياطَتِها / يَدُ النُبوغِ تَداعَت مِن صَياصيها
دَعِ الحَديثَ عَن القِسطاسِ في عُصَبٍ / ما سوَّدت بَينَها إِلّا مُرائِيها
سُوقُ النِفاقِ بهم شَتّى بَضائِعُها / تُزجى لِمَن يشتري إِفكاً وَتَمويها
أَرخصتُمُ غالِيَ الأَخلاقِ في بَلَد / لَم تَغلُ قيمَتُهُ إِلّا بِغاليها
يا رُبَّ نَفسٍ أَضاءَ الطهرُ صَفحتَها / أَفسَدتُموها فَزَلَّت في مَهاويها
وَكَم قُلوبٍ كَساها الحُسنُ نضرَتَه / دَنَّستُموها فَعادَ الحُسنُ تَشويها
أَغلقتُمُ سُبلَ الأَرزاقِ لَم تَدَعوا / لِفاضِل الخُلقِ سَعياً في نَواحيها
مَدارِسٌ تَغرِسُ الأَخلاقَ في نَشإٍ / وَمُغلَقُ الرزقِ بَعدَ الغَرس يُذويها
لا تلح طالِبَ رِزقٍ في نَقائِصِهِ / إِنَّ الضَروراتِ مِن أَقوى دَواعيها
ما أَطهَرَ الخُلُقَ المصريَّ لَو طَهُرَت / تِلكَ الرِياساتُ مِن أَهواءِ مُوحيها
يا آخِذينَ بِقَتلِ النَفس قاتَلها / قَتلى المَواهِبِ لَم يُسمَع لِشاكيها
كَم لِلنُبوغِ دِماءٌ بَينكُم سُفِكَت / باسم المَآرب لا باسمِ اللَهِ مُجريها
هَلا اِقتَصَصتم لَها مِن ظُلم سافِكِها / وَقلَّ فيما جَناهُ قَتلُ جانيها
أولى الوَرى بِقصاصٍ مِنهُ ذو غَرَضٍ / يَخشى المَواهِبَ تُخفيهِ فَيُخفيها
مِلءُ المَناصِب مُنهومون قَد جَعَلوا / مِن دُونِها سدَّ ذِي القَرنين يَحميها
عَلى مَناعَةِ ذاكَ السَدِّ تَنفُذه / عِصابَةٌ تَتَواصى في حَواشيها
مِن كُل أَخرَق تَنسلُّ الحُظوظُ بِهِ / إِلى المَراتِبِ يَسمُو في مَراقيها
خابي القُوى عَبقَريُّ الجَهل يُثقلُه / عبءُ الرِياسة إِذ يَدعوه داعيها
يا حافِرين تُرابَ الأَرض عَن حَجَرٍ / أَو جُثةٍ في ظَلامِ الأَرضِ يطويها
وَمُنفِقين مِن الأَموال أَنفسَها / في البَحث عَن خِرَق لَم يُغنِ باليها
مُستَبشِرين بِما يَلقَونَ مِن تُحفٍ / لِلقَوم أَو خَزفاتٍ مِن أَوانيها
وَرافِعين مِن البُنيان شاهِقَه / فيهِ الذَخائِرُ قَد صُفَّت لِرائِيها
هَلّا عَرَفتُم لِمصرٍ فَضلَ حاضِرِها / يا عارِفين لِمصرٍ فَضلَ ماضيها
إِنَّ العُصورَ الَّتي جادَت بِمَن سَلَفُوا / عَلى الحَضارَةِ لَم تَبخَل أَياديها
ذُخرُ المَواهِبِ في أَحيائِكُم تُحَفٌ / بَذَّت مَتاحِفَكُم وَصفاً وَتَشبيها
ما إِن يُقالُ لَها لِلّهِ صانِعُها / لَكِن يُقالُ تَعالى اللَهُ باريها
هَبوا النَوابِغَ مَوتى فَاِجعَلوا لَهُمُ / حَظَّ النَواويس أَكرَمتُم مَثاويها
جَعَلتُم الحَيَّ يَرجو حَظَّ مَيِّتِكُم / فَحَظُّ أَحيائِكُم في مصر يُشقيها
أَيُحرَمُ النَحلُ غَضَّ الزَهرِ يَلفِظُهُ / شهداً وَقَد شَبعت مِنهُ أَفاعيها
وَيُقتَل الرَوضُ ذُو الأَثمارِ مِن ظَمَإٍ / وَالماءُ يروي مواتاً مِن فَيافيها
مَن يَقتل الجُهدَ يَقتل فيهِ أُمَّتَه / وَأُمَّةُ الجُهدِ تُحييه فَيُحييها
إِنّ الشُعوبَ إِذا ماتَت مَواهِبُها / نُقاضَةٌ أَعوَزَتها كَفُّ بانِيها
يا أُمَّةً لَعِبَ الهَوى بِبنِيها
يا أُمَّةً لَعِبَ الهَوى بِبنِيها / حَصَدت لَها ثَمَرَ الرَدى أَيدِيها
سارَت سَفينتُها فَلمّا قارَبَت / ضَلَّت وَحادَ عَن الهُدى مُجرِيها
عَصَفت بِها ريحُ الخِلافِ بلُجَّة / لَم يَدرِ غايتَها سوى مُرسيها
رَبّاه إِن آخَذتَ قادَتَها بِما / كَسَبوا فَنجِّ بِرَحمَةٍ مَن فيها
صَدَقُوا الجِهادَ وَفَرَّقتهم عُصبَةٌ / أَنتَ الَّذي بِذُنوبِها تجزِيها
كانُوا الحُماةَ مِن العَدُوِّ فَأَصبَحوا / وَهُم العَدوُّ لَها فَمَن يَحميها
كُلٌّ يُهيبُ بِنا لِنتبعَ خَطوَهُ / كَالشاءِ تَجعَلُ ذِئبَها راعيها
هَذا بِسابِقَةٍ يَمُنُّ وَإِنَّهُ / إِن يسد فَهو لِنَفسِهِ يُسدِيها
وَيُدِلُّ آخرُ بِالعُلا في قَومِه / وَصَواعق الدولاتِ مِن عاليها
وَيُريك ماضِيَه وَيَطوِي حاضِراً / لَو في المَلائِكِ لَم يُفِد ماضيها
وَمُطاوِلونَ بِعلمهم لَم يُطفِئُوا / فِتَناً شَقائِقُ عِلمِهم تُذكيها
وَالعلمُ إِن قَسَمَ الشُعوبَ طَوائِفاً / أَثنى عَلى جُهّالِها مُثنيها
وَالوَيلُ مِن كُلٍّ إِذا لَم يجزِه / بِصَنيعِهِ التَقديسَ وَالتأليها
كَم ذا هَتَفنا بِالحَياةِ لَهُم وَما / وَجَدت بِلادُ النيلِ مَن يَحميها
وَدَمٍ سَقَينا الأَرضَ مِنهُ فَأَنبَتَت / مِن خَلفِنا شُؤماً عَلى أَهليها
يا أُمَةً طَمَسَ الهَوى أَحلامَها / قَصَّرتِ في طَلَبِ العُلا فَدَعِيها
إِن الشُعوبَ إِذا تَفرَّق سَعيُها / عَضَّ البنانَ نَدامَةً ساعيها
يا فِتنَةً عَصَفت بِمصرَ وَما لَها / جَلَدٌ لِعاصِفَةِ الخِلافِ يَقيها
قَد مَكَّنت لِلغاصِبينَ بِأَرضِها / وَمَشى إِلى إِذلالِها ماشِيها
أَودَت بِأَخلاقِ الشَبابِ وَدَنَّست / ما أَخجَل الأَزهارَ مِن صافيها
وَأَتَت عَلى أُسَرِ البِلادِ فَفَرَّقَت / بَينَ الفَتاةِ وَأمِّها وَأَبيها
ذَهَبت بِما تَرجوه مصرُ وَأَهدَرَت / ما سالَ مِن دَمِنا عَلى واديها
فَكَأَنَّنا لَم نَفدِها بِنُفوسِنا / حينَ اِستَبَدَّ عَدوُّها بِذَويِها
رَبّاه ضلَّ سَبيلَها كبراؤُها / فَأَفِض عَلَيها حِكمَةً تَهديها
رُحماكَ قَد مَلأَ النِفاقُ سَرائِراً / لَم تَعرِف التَضليلَ وَالتَمويها
شِيَعٌ تَقاذفُ بِالسِبابِ حقودُها / أَعيا مبرِّحُها عَلى آسيها
يَتَجاذَبُونَ المَجد لَم يَسعوا لَهُ / وَالقَوسُ لا تُعطى سِوى باريها
خُطَبٌ بِمَأفونِ المَقالِ حَفِيلَةٌ / سُمّاعُها لِمآربٍ تُطرِيها
يَرمي بِها كُلٌّ أَخاهُ وَإِنَّما / يَرمي بِها الأَوطانَ إِذ يَرميها
كَلِمٌ مردَّدَةٌ إِذا ما مَجَّها / سمعُ الكَريم أَعادَها مُبديها
أَبني أَبي إِنَّ العَدوَّ بمرقَدٍ / كَشَفَت لَهُ الأَحقادُ عَن خافيها
نارٌ لَكُم مِنها الحريقُ وَنورُها / لِعَدوِّكُم وَمجُوسكم عَبدوها
حَشَدَ الزَمانُ عَلَيكُمُ أَعداءَكُم / وَأَلدُّها الفِتَنُ الَّتي تُورِيها
أَوَ لَم تَرَوا كَيفَ اِنطَوَت بِخلافِها / أُمَمٌ أَطاعَت في الهَوى غاوِيها
لامَسَت في النَفسِ أَوتارَ هَواها
لامَسَت في النَفسِ أَوتارَ هَواها / غادَةٌ بِالسحرِ تَغزُو من غَزاها
كُلَّما مَسَّت يَداها وَتَراً / حسدَ الآخرُ ما مَسَّت يَداها
تَمنحُ الأَوتار كَفّاً رَخصةً / أَشجَتِ الأَوتارَ مِن قَبل شجاها
وَيَكادُ العُودُ يُدمي كَفَّها / قُبَلاً لَو أَنَّ لِلعُودِ شِفاها
لَحنُها يَبعَثُ في مَيتِ المُنى / نَضرَةَ العُمر وَمَعسول صِباها
خَفقاتٌ يَخفُق القَلبُ لَها / هِيَ أَنّاتُ فُؤادي أَو صَداها
وَحَنينٌ كادَ مِن رِقتِهِ / أَن يُذيب اللَحنَ في العُودِ مِياها
وَشُجونٌ طالَما أَخفَيتُها / نَفَذ العُودُ إِلَيها فَحَكاها
وَاِستَشَفَّ النَفس عَن أَسرارِها / لَم يَدَع خافيَةً إِلا جَلاها
صوَّرَ اللَوعَةَ في مَكمَنها / كَيفَ تَخبو ثُمَ يَشتَدُّ لَظاها
وَدَبيبَ الحُبِّ في أَوَّله / وَالجَوى مُلتَهِباً حِينَ تَناهى
وَفَناء النَفسِ فيمَن هَوِيَت / وَتَرى كُلَّ وُجودٍ في فَناها
وَشَقاءَ الحُبِّ في نعمَتِهِ / وَنَعيمَ النَفسِ فيهِ بِشَقاها
وَرضَا العُشاقِ مِن أَحبابِهم / بِالتِفاتٍ أَو خَيالٍ في كَراها
كُلُّ هَذا نطقَ العُودُ بِهِ / وَتَناجى هُوَ وَالنَفسُ شِفاها
لُغَةُ الأَوتارِ في عُجمَتها / تقصر الأَلسُنُ عَن دَركِ مَداها
تُسعدُ المَحزونَ في حُرقَتِهِ / وَتُؤاسي داءهُ إِن قالَ آها
أَلهمَ العودَ بكاءَ المُشتكي / مُلهمُ الطَير عَلى الأَيكِ بُكاها
تَحسَبُ الأَوتارَ فاضَت أَدمُعاً / وَتباريحَ الهَوى أَوهَت قُواها
يا لَها مِن ناحِلاتٍ نَحَلت / مِن جُسومٍ لاعِجُ الشَوقِ بَراها
وَضَعيفاتٍ وَفيها قُوةٌ / تَصرَعُ الأسد فَلا تَحمي حِماها
جلَّ مَن يَبعَثُ في الضعفِ قُوىً / أَخضَعَت مَن بِقُواه يَتَباهى
كُلَّما شَدَّت عَلى أَطرافِها / أَمعَنت في النَفس بِالسحر خُطاها
لا تَسَل سَمعيَ عَن أَلحانِها / سَبَقَ القَلبُ إِلَيها فَوَعاها
حَبَوهُ بِها أَم حَبَوها بِهِ
حَبَوهُ بِها أَم حَبَوها بِهِ / لَقَد حِرتُ أَيُّهما يَزدَهي
وَما فَخرُ مَن لَيسَ بِالمُنتَهي / عُلاً إِن تَقَلَّدَ ما يَنتَهي
لَقَد نِلتَ ما تَشتَهي مِن فَخارٍ / وَنالَ بِكَ الفَخرُ ما يَشتَهي
سائِلُوا الشَرقَ أَيُّ خَطبٍ دَهاهُ
سائِلُوا الشَرقَ أَيُّ خَطبٍ دَهاهُ / عَلمُ الشَرقِ قَد هَوى عَن ذُراهُ
فجِّرَت إِثرَهُ القُلوبُ دُمُوعاً / لَو يَفي الدَمع بِالَّذي أَسداهُ
إِنَّما الشُكرُ وَالوَفاء مِن الحَي / يِ لِمَن ماتَ أَن يُطيلَ بُكاهُ
آلَ تَيمورَ في المُصابِ عَزاء / لَم يَمُت مَن حَياتُهُ ذِكراهُ
وَقُلوبُ الأحياءِ دُنيا لِذي الفَض / لِ إِذا ما انقَضَت بِه دُنياهُ
وَإِذا القَومُ خَلَّدُوا ذِكرَ باقٍ / خَلَقَ الذكرُ مَن يُتِمُّ بِناهُ
وَلِسانُ الآثارِ أَفصَحُ قَولاً / مِن لِسانٍ مُقَيَّدٍ بِلُغاهُ
باقِياتٌ عَلى الزَمانِ بَقاءَ النَ / نَجمِ تَهدي مَن ضَلَّ في مَسراهُ
أَمَدُ العُمرِ حَدَّدَته اللَيالي / وَبِها العُمرُ لا يُحدُّ مَداهُ
فَدَعوا كُتبَهُ الكَريمَةَ فيكُم / تَتَلُ ذِكراً مِن عِلمِهِ وَحِجاهُ
وَإِذَن تَسمَعُوا خَطِيبَ إِيادٍ / يَنفُثُ السِحرَ مُمسِكاً بِعَصاهُ
كُتُبٌ كَالرَبيعِ تَبعَثُ في النَف / سِ هَواها وَفي الفُؤادِ مُناهُ
مُغرِياتٌ كَأَن في كُلِّ لَفظٍ / نَبَأً عَن مُوَدِّعٍ أَلقاهُ
بَيِّناتٌ كَأَن في كُلِّ فَصلٍ / قَمَراً طالِعاً يَشِعُّ سَناهُ
وَإِذا العِلمُ زِنتَهُ بِبَيانٍ / وَأَراحَ الأَذهانَ طابَ جَناهُ
وَإِذا قَنَّعَ الغُمُوضُ مُحَيّا / هُ تَولّى الطُلابُ عَم جَدواهُ
كَم كِتابٍ حَوى كُنوزاً مِن الفَض / لِ أَضاعَ التَعقيدُ ما قَد حَواهُ
وَمُصَفّى مِنَ المَوارِدِ عَذبٍ / نَبتَ الشَوكُ حَولَهُ فَحَماهُ
ذاكَ سِرُّ الإِخفاقِ في طَلَبِ ال / عِلمِ فَعُذراً لِلنَشءِ إِذ يَأباهُ
إِنّ هَرونَ بِالفَصاحَةِ في القَو / لِ وَحُسنِ البَيانِ قَوَّى أَخاهُ
حَيِّ عِلماً كَالغَيثِ فاضَ وَخُلقاً / يُخجِلُ الرَوضَ حُسنُهُ وَحلاهُ
خُلُقٌ يَبهَرُ السُلافَةَ في الكَأ / سِ وَيَذكُو النَسيمُ مِن رَيّاهُ
وَسَجايا هِيَ الرِواءُ لِصادٍ / وَعَزاء المَحزُونِ مِن بَلواهُ
أَودَعت حُبَّهُ بِكُلِّ فُؤادٍ / فَهوَ أَنّى مَشى يُلاقي هَواهُ
يَسحَرُ السامِعينَ بِالمَنطِق العَذ / بِ وَيَغذُو الأَلبابَ مِن مَغزاهُ
مَنطِقٌ لا تُحِسُّ فيهِ فُضولاً / هَذَّبَتهُ أَناتُه وَنُهاهُ
يَتَجلّى الإخلاصُ فيهِ وَنُبلُ الط / طَبعِ في لَفظِهِ وَفي مَعناهُ
رائِعُ الحُسنِ تَستَشِفُّ جَمالَ الن / نَفسِ في بَدئِه وَفي مُنتَهاهُ
لا فَخُورٌ وَلا يَشاءُ اِدِّعاءً / أَيَّدَ الحَقُّ وَالوَرى دَعواهُ
لَيسَ يُجدِيهِ الافتِخارُ وَهَذا / فَضلُهُ ناطِقاً بِما أَغناهُ
وَإِذا مَنَّ غَيرُهُ بِنَوالٍ / لَم يُكَدِّر بِالمَنِّ ما أَجداهُ
وَإِذا حارَتِ العُقولُ وَضَلَّ الر / رَأيُ عَنها فَالرَأيُ ما أَملاهُ
أَيّ دَمعٍ يُريقُهُ العلمُ يَجزي / مَن حَمى سَرحَهُ وَصانَ حِماهُ
وَسَخا بِالشَبابِ جُوداً عَلَيهِ / وَعَصى داعِيَ الهَوى في صِباهُ
وَرَأى عَهدَهُ أَعَزَّ وَأَغلى / أَن يُرى مَركَباً لِغَيرِ عُلاهُ
وَرَأى المَجدَ زائِلاً غَيرَ مَجدٍ / شَيَّد العلمُ ركنَه وَبَناهُ
فَاِشتَرى بِالشَبابِ مَجداً مُقيماً / وَسواهُ في الغَيِّ قَد أَفناهُ
فَعُلاهُ عِلمٌ وَخُلقٌ كَريمٌ / زانَهُ محتدٌ رَفيعٌ وَجاهُ
حاوَلَ الشانِئونَ أَن يُدرِكوهُ / وَأَرادُوا وَلا يُريدُ اللَهُ
شَرَفٌ يَحسرُ العُيونَ وَنُبلٌ / لا مُدِلٌّ بِهِ وَلا تَيّاهُ
وَوَفاءٌ لَم يَنقُصِ النَأيُ مِنهُ / وَخِلالٌ في حُسنِها أَشباهُ
فَقَدتها البِلادُ فقدانَها الن / نيلَ إِذا أَمحَلَت وَطالَت نَواهُ
فَعَليهِ تَحيَةُ اللَهِ تَتَرى / وَسَلامٌ يَطيبُ مِنهُ ثَراهُ