المجموع : 6
يا من يحن إلى نجدٍ وناديها
يا من يحن إلى نجدٍ وناديها / غرناطةٌ قد ثوت نَدْدٌ بواديها
قف بالسّبيكة وانظر ما بساحتها / عقيلة والكثيب الفرد جاليها
تقلّدت بوشاح النهر وابتسمت / أزهارها وهي حليٌ في تراقيها
وأعين النرجس المطلول يانعة / ترقرقَ الطلّ دمعاً في مآقيها
وافترّ ثغر أقاحٍ من أزاهرها / مقبّلاً خدَّ ورد من نواحيها
كأنما الزهر في حافاتها سحراً / دراهمٌ والنسيم اللَّدْنُ يَجْبيها
وانظر إلى الدوح والأنهار تكنُفُها / مثل الندامى سواقيها سواقيها
كم حولها من بدور تجتني زَهَراً / فتحسب الزهر قد قبَّلْن أيديها
حصباؤها لؤلؤ قد شفَّ جوهرها / والنهر قد سال ذوباً من لآليها
نهر المجرة والزهر المطيفُ به / زُهرُ النجوم إذا ما شئت تشبيها
يزيد حسناً على نهر المجرّة قد / أغناه دُرُّ حَبابٍ عن دراريها
يدعى المنجّم رائيه وناظره / مسمَّياتٌ أبانتها أساميها
إن الحجاز مغانيه بأندلسٍ / ألفاظها طابقت منها معانيها
فتلك نجد سقاها كلُّ منسجمٍ / من الغمام يُحيّيها فيُحْييها
وبارقٌ وعُذيبٌ كلّ مبتسم / من الثغور يُجلّيها مُجَلِّيها
وإن أردت ترى وادي العقيق فَرِدْ / دموعَ عاشقها حمراً مجاريها
وللسبيكة تاج فوق مفرقها / تودُّ دُرُّ الدراري لو تُحلّيها
فإن حمراءها والله يكلؤُها / ياقوتةٌ فوق ذاك التاج يُعليها
إن البدور لتيجانٌ مُكَّلَلة / جواهرُ الشهب في أبهى مجاليها
لكنها حَسَدَتْ تاج السّبيكة إذ / رأت أزاهرهُ زهراً يُجَلِّيها
بروجها لبروج الأفق مُخْجِلةٌ / فشُهبُها في جمال لا تضاهيها
تلك القصور التي راقت مظاهرها / تهوى النجومُ قصوراً عن معاليها
لله لله عيناً من رأى سحراً / تلك المنارة قد رقَت حواشيها
والصبحُ في الشرق قد لاحت بشائره / والشُّهب تستنُّ سبقاً في مجاريها
تهوي إلى الغرب لما غالها سَحَرٌ / وغمَّضَ الفجرُ من أجفان واشيها
وساجع العود في كف النديم إذا / ما استوقفت ساجعات الطير يُغريها
يبدي أفانين سحر في ترنّمه / يُصبي العقولَ بها حسناً ويَسبيها
يَجُسُّهُ ناعمُ الأطراف تحسبها / لآلئاً هي نورٌ في تلاليها
مقاتل بلحاظٍ قوسُ حاجبها / ترمي القلوبَ بها عمداً فتُصميها
فباكر الروض والأغصان مائلة / يثني النفوسَ لها شوقاً تَثنّيها
لم يرقصِ الدّوح بالأكمام من طرب / حتى شدا من قيان الطير شاديها
وأسمعتها فنون السحر مبدعةٌ / وُرْقُ الحمام وغنّاهَا مُغنّيها
غرناطة آنسَ الرّحمنُ ساكنَها / باحت بسر معانيها أغانيها
أَعْدَى نسيمُهُمُ لُطْفاً نفوسَهمُ / فرقة الطبع طبعٌ منه يُعْديها
فَخلّدَ الله أيام السرور بها / صُفراً عشيَّاتها بيضاً لياليها
وروّضَ المحل منها كلُّ منبجسٍ / إذا اشتَكَتْ بقليل الجدب يُرويها
يحكي الخليفةَ كفّاً كلّما وَكَفَتْ / بالجود فوق موات الأرض يُحييها
تُغْني العفاةَ وقد أمّتْ مكارمُه / عن السؤال وبالإحسان يُغْنيها
لها بنانٌ فلا غيثٌ يساجلُها / جوداً ولا سحبُه يوماً تدانيها
فإن تصُبْ سحبُه بالماء حين هَمتْ / بعسجدٍ ولُجَيْنٍ صاب هاميها
يا أيها الغوثُ أنت الغوثُ في زمن / ملوكُه تَلِفَتْ لولا تلافيها
إن الرعايا جزاك الله صالحة / ملكت شرقاً وغرباً من يراعيها
إن الخلائق في الأقطارِ أجمعها / سوائمٌ أنت في التحقيق راعيها
فكلُّ مصلحة للخلق تحكمها / وكلّ صالحة في الدين تنويها
إذا تيمَّمْتَ أرضاً وهي مجدبةٌ / فرحمةُ الله بالسقيا تُحيِّيها
يا رحمةً بثّت الرُّحمَى بأندلسٍ / لولاك زُلزلتِ الدنيا بمن فيها
في فضل جودك قد عاشت مشيختها / في ظل أمنك قد نامت ذراريها
في طول عمركَ يرجو الله آملُها / بنصر ملكك يدعو اللهَ داعيها
عوائدُ الله قد عُوِّدْتَ أفضلها / لتبلغ الخَلْقُ ما شاءت أمانيها
سُلَّ السعودَ وخَلِّ البيضَ مُغمدةً / واضربْ بها فريةَ التَّثليث تَفْريها
لله أيامك الغرٌُّ التي اطَّردَتْ / فيها السعودُ بما ترضى ويُرضيها
لله دولتك الغَرَّاء إنّ لها / لكافلاً من إله العرش يكفيها
هيهاتَ أن تبلغَ الأعداءُ مأرُبَةٌ / في جريها وجنودُ الله تحميها
هذي سيوفك في الأجفان نائمة / والمشركون سيوف الله تُفنيها
سريرةٌ لك في الإخلاص قد عَرَفَتْ / حُسْنى عواقبها حتى أعاديها
لم يحجب الصبحُ شهبَ الأفق عن بصر / إلا وهديُك للأبصار يُبديها
يا ابن الملوك وأبناء الملوك إذا / تدعو الملوكُ إلى طوع تُلَبّيها
أبناءُ نصرٍ ملوك عزّ نصرُهُمُ / وأوسعوا الخلق تَنْويها وترفيها
هم المصابيح نور الله موقدها / تضيء للدين والدنيا مشاكيها
هم النجوم وأفق الهدْي مطلعها / فوزاً لمَهْديِّها عزاً لهاديها
هم البدور كمالٌ ما يفارقها / هم الشموسً ظلام لا يُواريها
قضت قواضبُها أن لا انقضاء لها / وأمضت الحكمَ في الأعدا مواضيها
وخلّدت في صفاح الهند سيرتها / وأسندت عن عواليها معاليها
وأورثتك جهاداً أنت ناصره / والأجر منك يُرضِّيها ويحظيها
كم موقف ترهب الأعداءُ موقفَهُ / والخيل تَردي ووقع السُّمر يُرديها
ثارت عجاجته واليوم محتجبٌ / والنقع يؤثر غيماً من دياجيها
وللأسنة شهب كلما غربت / في الدار عين تجلَّت من عواليها
وللسيوف بروقٌ كلما لمعت / تُزجي الدماء وريح النصر يُزجيها
أطلعتَ وجهاً تريك الشمسَ غُرَّتُهُ / تبارك الله ما شمسٌ تُساميها
من أين للشمس نطق كله حكم / يفيدها كلَّ حين منك مُبديها
لك الجيادُ إذا تجري سوابقها / فللرياح جيادٌ ما تجاريها
إذا انبرت يومَ سبقٍ في أعنَّتها / ترى البروق طلاحاً لا تباريها
من أشهبٍ قد بدا صبحاً تُراعُ له / شُهبُ السماء فإن الصبح يخفيها
إلا التي في لجامٍ منه قيَّدَها / فإنه سامها عزَّ وتنويها
أو أشقرٍ مرّ عن شقر البروق وقد / أبقى لها شفقاً في الجو تنبيها
أو أحمرٍ جمره في الحرب متّقدٌ / يعلو لها شَررٌ من بأس مُذكيها
لون العقيق وقد سال العقيق دماً / بعطفه من كُماةٍ كرَّ يُدميها
أو أدهمٍ ملء صدر الليل تنعله / أهلّة فوق وجه الأرض يبديها
إن حارت الشهبُ ليلاً في مقَّلده / فصبح غُرَّته بالنور يَهديها
أو أصفرٍ بالعشيّات ارتدى مرحاً / وعُرفُه بتمادي الليل يُنبيها
مُموّهٌ بنفارٍ تاه من عجب / فليس يعدمُ تنويها ولا تيها
وربّ نهر حسام رقَّ رائقه / متى تَرِدْهُ نفوسُ الكفر يُرديها
تجري الرؤوس حباباً فوق صفحته / وما جرى غير أن البأس يُجريها
وذابلٍ من دم الكفّار مشربُه / يَجني الفتوحَ وكفُّ النصر تجنيها
وكم هلالٍ لقوسٍ كلَّما نبضتْ / ترى النجومَ رجوماً في مراميها
أئمة الكفر ما يَمَّمْتَ ساحتها / إلا وقد زُلزلتْ قسراً صياصيها
يا دولة النصر هل من مبلغ دولاً / مضينَ أنك تُحييها وتُنسيها
أو مبلغ سالفَ الأنصار مأكلةً / والله بالخلد في الفردوس يَجزيها
أن الخلافة أعلى الله مظهرها / أبقتْ لنا شرفاً والله يبقيها
يا ابن الذين لهم في كل مكرمة / مفاخرٌ ولسان الدهر يُمليها
أنصار خير الورى مختار هجرته / جيران روضته أكرمُ بأهلِيها
أسمتهُمُ الملّة السمحاءُ تكرمةً / أنصارَها وبهم عزّتْ أواليها
ففي حُنَيْنٍ وفي بدرٍ وفي أُحُدٍ / تُلْفَى مفاخرهم مشهورةً فيها
وَلْتَسْأَلِ السِّيَرَ المرفوعَ مسندُها / فعن مواقفهم تُرْوى مغازيها
مآثرٌ خلَّد الرّحمن أُثرتها / ينصّها من كتاب الله تاليها
له الجهاد به تسري الرياح إلى / ممالك الأرض من شتى أقاصيها
تُحدى الركاب إلى البيت العتيق به / فمكّةٌ عَمَرَتْ منه نَواديها
بشائرٌ تسمعُ الدنيا وساكنها / إذا دعا باسمك الأعلى مُناديها
كفى خلافَتَكَ الغراءَ منقبةٌ / أنّ الإلهَ يُوالي من يُواليها
وقد أفاد بنيه الدهرُ تجربةً / أنّ الإلهَ يُوالي من يُواليها
إذا رميت سهام العزم صائبةً / فما رميتَ بل التوفيق راميها
شكراً لمن عظمت منا مواهبُهُ / وإنْ تُعَدَّ فليس العدُّ يُحصيها
عما قريبٍ ترى الأعيادَ مُقبلةً / من الفتوح ووفدُ النصر حاديها
وتبلغُ الغاية القصوى بشائرها / فقد أظلتْ بما ترضى مباديها
فاهنأ بما شئت من صنع تُسَرُّ به / وانْو الأمانيَّ فالأقدار تُدنيها
مولايّ خذها كما شاءت بلاغتها / ولو تُبَاعُ لكان الحسنُ يَشريها
أرسلتها حيثما الأرواح مرسلةٌ / نوادراً تنشر البشرى أمانيها
جاءت تُهنيك عيد الفطر معجبةً / بحسنها ولسانُ الصدق يُطريها
البِشر في وجهها واليمن في يدها / والسّحرُ في لفظها والدرُّ في فيها
لو رصَع البدر منها تاج مفرقه / لم يرضَ درَّ الدراري أن تحُلّيها
فإن تكن بنتُ فكري وهو أوحدها / نُعماك في حِجره كانت تُربّيها
في روض جودك قد طوّقتني مِننا / طوقَ الحمام فما سجعي مُوَفيّها
ولو أعرتُ لسان الدهر يشكرها / لكان يقصرُ عن شكرٍ يُوَفّيها
بقيتَ للدين والدنيا إمامَ هدى / مبلَّغ النّفس ما ترجو أمانيها
والسعد يجري لغايات تؤمِّلها / ما دامتِ الشُّهب تجري في مجاريها
سلام على الدنيا جميعاً وما فيها
سلام على الدنيا جميعاً وما فيها / غداة نَعَتْ شمسُ الخلافة من فيها
نَعَتْ مَلِكَ الأملاك والكاملَ الذي / يكفّ عوادي الحادثات ويكفيها
عميدَ بني الأنصار غير مدافع / ومحيي معاليها ومولى مواليها
وبدر دياجيها وشمس نهارها / وبشرَ مُحيّاها ونورَ مجاليها
خفا الكوكب الوقاد قد كان نورُهُ / يُجلِّي من الدُّهمْ الخطوب دياجيها
هوى القمر الوضاح من أفق العلا / فأظلم جوُّ النّيِّرات بساريها
وقد كُسفت شمسُ الهداية بعدما / أبانَ سبيلَ الحق للخَلْق هاديها
هو الجبل الراسي تصدّع بعدما / أقرت به شُمُّ الجبال رَوَاسيها
يعز على دين الهدى أن شمسه / يطول بأطباق التراب تواريها
يعز على زُهر النجوم متى سَرَتْ / ولا تلمحُ الهديَ الذي كان يَهديها
لأندلسٍ ثكلٌ عليه مُرَدَّدٌ / له لبست سودَ المسوح نواحيها
ثلاثين حولاً بعد خمس تعوّدت / يدافع عنها كلَّ خطب ويحميها
أُبكِّيه للرايات يخفُقُ بَنْدها / وفي مرقب النصر المؤزر يُعليها
أُبكِّيه للخيل المغيرة بالضّحى / وقد أبعد الفتح المبين مراميها
ويبكيه معمورُ البسيطة كلَّها / وما ضم من داني البلاد وقاصيها
وتبكيه سحب أخجلتها بنانُهُ / وترسل دمع الغيث حزناً مآقيها
وتبكيه حتى الشهب في أفق العلا / وتلبَسُ جلباب الظلام جواريها
عزاءً أمين المسلمين فإنها / مقادير رب الخلق في الخلق يُجريها
هو الموت وِدٌ للخليقة كلِّها / أواخرها تقفُو سبيل أواليها
وما بيننا حيٌّ وما بين آدم / ألا هكذا سوِّى البريَّة باريها
وفي موت خير الخلق أكبرُ أسوة / تُصبِّر أحرار النفوس وتُسْليها
أمولايَ لو كان الفداء مسوّغاً / فديناك بالدنيا جميعاً وما فيها
أمولايَ كم من نعمة لك عندنا / إذا نحن رُمنا حصرها ليس نُحصيها
أمولايَ خلّفت العبيد إلى الأسى / يناجيك من فرط الشجون مُناجيها
تحَفَّيت بي حتى نضوتُ شبيبتي / عزيزاً وجيهاً حيثما رمتُ تَوْجيها
وقد كان ظني أن تكون جنازتي / يُشيِّعها منك الرضا ويُواريها
وقد عشتُ حتى ذقتُ فقدك قَلَّما / تُبلَّغ نفس ما تريد أمانيها
ولولا أبو الحجاج نَجْلُك لم يكن / لدين الهدى كرّاتُ بحر يُزّجّيها
ولكنه واللهُ يُجمل صبره / مناقبَك الغُرَّ الكرامَ سيُحييها
فخلفتنا منه لأكرم كافل / يُحَمِّلُ أعباء الخلافة كافيها
سريرتُه الرُّحمى وسيرتُه الرضا / وأخلاقه الغرُّ الكريمة تَدريها
وسيلتك العظمى وظلّك فوقنا / وعُمدتنا والله في العز يُبقيها
فما كنت غلاّ الشمسَ قد غَرَبَتْ لنا / وأنوارها بدرُ التمام يُجلّيها
وما أنت إلاّ المسك إن تخْفَ ذاتُه / ينمَّ بها العَرف الذكي فيُفْشيها
ألا قدّس الرحمن نفساً كريمة / بكلِّ عزيز في الوجود نُفدّيها
وبُشْرى لنا أن السعادة نُزْلُها / وأنّ رضا الله الكريم يُرضّيها
وحاشا وكلاّ أن تضيع وسائل / سيذخرها الربُّ الكريم ويُنْشيها
فكم من جهاد قد رفعت بنوده / وقد أثمرت فيها المعالي عواليها
كسرتَ تماثيل الصّليب وأُخرسَتْ / نواقيسُ كانت بالضلال تناغيها
وكم من منار قد أعدتَ أذانَه / وأعلن فيه دعوة الحق داعيها
وكم من رياض للكتائب قد غدت / تضيق بمستَنْ الجياد نواحيها
وملتف زرع بالأسنة مزهرٍ / ولكن به المرّان تحلو مجانيها
إذا ظمئت منها الذوابل في الوغى / جداولُ أنهارِ السيوف تُروّيها
غِراسٌ زكيٌّ للجهاد غرستَهُ / فصرت إلى دار السعادة تجنيها
ولم لم يكن إلا سنينَ قطعتها / رهينَ شكاة لا تزال تعانيها
صبرتَ لها صبر الكرام وإنما / ذخرتَ أجوراً فضلُ ربِّك جاريها
أمالك في الأنصار خير وسيلة / وقد كنت بالنصر العزيز تُحيِّيها
وحسبُك بالمختار أكرم شافع / وسنته والله لا زلت تُحييها
على علم الدنيا وفخر ملوكها / تحيّة ربٍّ لا يزال يُواريها
سأبكيه ما دام الحمام مطوّقاً / وما سجعت تبكي الهديلَ قماريها
وأهديه من طيب السلام معطّراً / كما فتقت أيدي التِّجار غواليها
وأسبلَ ربّ العرش سُحبَ كرامةٍ / تَسُحُّ على ذاكَ الضريح غواديها
ونسألُ فتحاً للخليفةِ يوسفٍ / يُملّكُه أقصى البلاد ومن فيها
يهني زمانك أعيادٌ مجددةٌ
يهني زمانك أعيادٌ مجددةٌ / من الفتوح مع الأيام تغشاهُ
غضبتَ للدين والدنيا بحقهما / يا حبّذا غضب في الله أرضاهُ
فوَّقت للغرب سهماً راشه قدرٌ / وسدّد الله للأعداء مرماهُ
سهم أصاب وراميه بذي سلم / لقد رمى الغرض الأقصى فأصماهُ
من كان بندك يا مولاي يقدمه / فليس يخلفه فتح ترجّاهُ
من كان جندك جندُ الله ينصره / أنالَهُ الله ما يرجو وسنّاهُ
ملكته غربه خُلِّدتَ من ملك / للغرب والشرق منه ما تمنّاهُ
وسامَ أعداءَك الأشقَيْن ما كسبوا / ومن تردّى رداء الغَدْر أرداهُ
قُل للذي رمِدتْ جهلاً بصيرته / فلم تَرَ الشَّمسَ شمسَ الهُدي عيناهُ
غطّى الهوى عقلَهُ حتى إذا ظهرت / له المراشدُ أعشاه وأعماهُ
هل عنده وذنوب العذر توبقه / أن الذي قد كساه العز أعراهُ
لو كان يشكر ما أوليت من نعمٍ / ما زلت ملجأه الأحمى ومنجاهُ
سُلَّ السعودَ وخَلَّ البيضَ مغمدة / فالسيف مهما مضى فالسعد أقصاهُ
واشرع من البرق نصلاً راع مُصْلتُهُ / وارفع من الصبح بنداً راق مجلاهُ
فالعدوتان وما قد ضمَّ ملكُهما / أنصار ملكك صان الله علياهُ
لا أوحش الله قطراً أنت ملكه / وآنس الله بالألطاف مَغناهُ
لا أظلم الله أفقاً أنت نَيِّرهُ / لا أهمل الله سرحاً أنت ترعاهُ
واهنأ بشهر صيام جاء زائره / مستنزلاً من غله العشر رُحماهُ
أهلَّ بالسعد فانهلَّتْ به مننٌ / وأوسعَ الصنعَ إجمالاً ووفّاهُ
أما ترى بركات الأرضِ شاملةٌ / وأنعُمَ الله قد عمّت براياهُ
وعادك العيد تستحلي موارده / ويجزل الأجْرَ والرُّحْمى مُصَلاَّهُ
جهَزت جيش دعاء فيه ترفعه / لذي المعارج والإخلاص رقَّاهُ
أفضت فيه من النعماء أجزلها / وأشرف البر بالإحسان زَكّاهُ
واليتَ للخلقَِ ما أوليتَ من نعم / والى لك اللهُ ما أولى ووالاهُ
هذي العوالم لفظ أنت معناهُ
هذي العوالم لفظ أنت معناهُ / كلٌّ يقول إذا استنطقته اللَّهُ
بحر الوجود وفلك الكون جارية / وباسمك الله مَجراه ومُرساهُ
من نور وجهك ضاء الكونُ أجمعُهُ / حتى تشيَّد بالأفلاك مبناهُ
عرش وفرش وأملاك مسخّرة / وكلها ساجد لله مولاهُ
سبحان من أوجد الأشياء من عدم / وأوسع الكون قبل الكون نعماهُ
من ينسب النور للأفلاك قلت له / من أين أطلعتِ الأنوارُ لولاهُ
مولايَ مولايَ بحر الجود أغرقني / والخلق أجمعُ في ذا البحر قد تاهُوا
فالفلك تجري كما الأفلاك جارية / بحرُ السماء وبحرُ الأرض أشباهُ
وكلهم نعم للخلق شاملة / تبارك الله لا تُحْصَى عطاياهُ
يا فاتقَ الرّتق من هذا الوجود كما / في سابق العلم قد خُطت قضاياهُ
كنْ لي كما كنتَ لي إذْ كنت لا عملٌ / أرجو ولا ذنبَ قد أذنبتُ أخشاهُ
وأنت في حضرات القدس تنقلني / حتى استقر بهذا الكون مثواهُ
ما أَقبحَ العبد أن ينسى وتذكرُه / وأنت باللطف والإحسان تَرعاهُ
غفرانَك اللهُ من جهل بُليت به / فمن أفاد وجودي كيف أنساهُ
منّي عليَّ حجاب لست أرفعُه / إلا بتوفيق هَدْي منك ترضاهُ
فعدْ عليَّ بما عوَّدْتَ من كرم / فأنت أكرمُ من أَمَّلْتُ رُحماهُ
ثم الصلاةُ صلاةُ الله دائمةٌ / على الذي باسمه في الذكر سَمَّاهُ
المجتبى وزناد النور ما قُدحتْ / ولا ذكا من نسيم الروض مراهُ
والمصطفى وكِمامُ الكون ما فُتقتْ / عن زُهر زَهْر يروقُ العين مرآهُ
ولا تَفَجَّرَ نهرٌ للنهار على / در الدراري فغطّاه وأخفاهُ
يا فاتح الرسل أو يا خَتْمَها شرفاً / والله قدّس في الحالين معناهُ
لم أَدَّخِرْ غير حبِّ فيك أرفعه / وسيلةٌ لكريم يوم ألقاهُ
صلّى عليك إلهٌ أنت صفوته / ما طُيِّبتْ بلذيذ الذكر أفواهُ
وعمَّ بالروْح والريحان صحبته / وجادهم من نمير العفو أصفاهُ
وخصّ أنصاره الأَعْلَيْنَ صفوته / وأسكنوا من جوار الله أعلاهُ
أنصار ملته أعلام بيعته / مناقب شرفت أثنى بها اللَّهُ
وأيّدَ الله من أحيا جهادهُمُ / وواصل الفخرُ أُخراهُ وأُولاهُ
المنتقى من صميم الفخر جوهره / ما بين نصر وأنصار تهاداهُ
العلم والحلم والإفضال شيمته / والبأس والجود بعض من سجاياهُ
ما ترى في الرياض أشباهي
ما ترى في الرياض أشباهي / يسحَرُ العقلَ حُسْنِي الزّاهي
زان روضي أميره سعدٌ / وهو نجل الغني باللهِ
دامَ منه بمرتَقَى عزٍّ / آمرٌ بالسُّعود أو ناهي
لِلْغَنِي بالله قصرٌ
لِلْغَنِي بالله قصرٌ / للتهاني يصطفيهِ
فيه محرابُ صلاةٍ / يقف الإبريق فيهِ
تالياً سورة حسن / والمعالي تقتفيهِ