المجموع : 9
إنْ جئتَ آل سُلمى أو مغانيها
إنْ جئتَ آل سُلمى أو مغانيها / فاحفظ فؤادك واحْذَر من غوانيها
تلك المغاني معاني الحسن لائحة / منها لعينك فاشرح لي معانيها
معالم كلَّما استسقت معاهدها / وبلاً من الدمْع باتَ الوبل يسقيها
منازل وقف العاني بها فشكا / ما يشتكي من صروف الدهر عافيها
واحبس بها الركب أن تقضي حقوق ثرًى / على المتيَّم حقٌّ أنْ يؤدِّيها
قف بي أصبّ بها دمعاً أشيبَ دماً / فإنَّما أنا صبّ الدَّار عانيها
ويلاه من كبد حرَّى أضرَّ بها / منع الأَحبَّة شرب الرَّاح من فيها
لي مهجة والقدود السمر ما برحت / تميتها والصبا النجديّ يُحييها
يأتي إليك هواها بالصبا سحراً / فهل عرفت الهوى من أينَ يأتيها
فما لهاتفة تشجي الخليّ جوًى / وما رماها بسهم البين راميها
لله ما فعلت بي في تفنُّنها / ورقاءُ في الدوح تشجيني وأشجيها
وهيَّج البرق لمَّا لاح وامضه / لواعجاً في هوى ميٍّ أُعانيها
فعبَّرت عبرات الدمع حين جرتْ / عن صبوةٍ بتُّ أخفيها وأُبديها
يا برقُ سلِّم على حيٍّ بذي سَلَمٍ / وجُز بأحياء ميثاء وحيِّيها
حيِّ حياة المعنَّى في مواصلهم / كانوا منى النفس لو نالت أمانيها
قد طالَ عهدي بأحباب شغفت بها / ولا أرى طول هذا العهد ينسيها
ما للملامة تغريني ولي أُذُنٌ / تملّها وأرى العذَّال تمليها
يا عاذلي كلَّما أبصرتَ حال شجٍ / فخلّه فهو مشغوف وخلِّيها
فلا تعذب أُخيَّ اليوم مهجته / فإنَّ ما لقيت في الحبِّ يكفيها
لا تلحني فتزيد القلب صبوته / وربَّما جرح العشَّاق آسيها
أقولُ للبرق إذا لاحتْ لوامعه / يحكي تبسُّم ذات الخال تشبيها
بالله كرِّر أحاديث العُذَيب فما / بغيرها غلَّة الأَشواق ترويها
وارفق بمهجة مشتاق بقد رديت / وكلّ نفس هواها كانَ مردتيها
ويا نسيماً سرى من أرض كاظمة / يروي أحاديث نشر عن روابيها
احْمِلْ إلى الموصل الحدبا تحيَّتنا / واقرأ السَّلام على من قد سما فيها
وإنَّما هو عبد الله عالِمُها / ومقتداها ومهديها وهاديها
الفاضل الفرد فيهم في فضائله / لا يستطيعُ حسودٌ أن يواريها
من عصبة برئت من كلِّ منقصةٍ / من الورى فتعالى الله باريها
منهم تبَلَّجَ صُبح الفضل وابتهجت / رياضه فزها بالحقِّ زاهيها
علاهم سقم أكباد الحسود كما / تشقى صدور المعالي في عواليها
فلتفخر الموصل الحدباء إنَّ لكم / نهاية الفخر قاصيها ودانيها
وللفضائل أهلٌ في الورى أبداً / وما برحتم مدى الأيام أهليها
صحف البلاغة قد أصبحت ناشرها / من بعد ما كادَ هذا الدهر يطويها
جزيت عن بنت فكر قد بعثت بها / إلى محبِّيك تهديها فتهديها
فلو نجازيك عن معشار قيمتها / جوزيت إذ ذاكَ بالدُّنيا وما فيها
ما روضة من رياض الحزن باكرها / غيث فأضحكها إذ باتَ يبكيها
يوماً تضرَّج فيها الورد وجنته / حتَّى تبسَّمَ من عُجْبٍ أقاحيها
أبهى وأبهجَ من نظم نظمت به / زُهْرَ الكواكب نظماً في قوافيها
بيوت فضل حَوَت من كلِّ نادرةٍ / أحكَمَتْ في يدك الطولى مبانيها
رقَّتْ إلى أنْ تخيَّلْنا النسيم سرى / منها ولم يسر إلاَّ من نواحيها
تملى على السمع أحياناً فتملأه / لئالئاً ومعانيها لئاليها
كأنَّما طلعة الأَقمار ومطلعها / والأَنجم الزهر أمستْ من قوافيها
كم أسكرتنا ولم نسق كؤوس طلًى / وإنَّما الخمر معنًى من معانيها
مصوغة من دموع العين صافية / ما زال ظاهرها يبدو كخافيها
من مظهر السحر من بادي رويّته / بصورة الشعر تخييلاً وتمويها
رويّة كلَّما نادتْ بمعجزةٍ / من البلاغة جاءتها تلبِّيها
كم أبْهَر العينَ حُسناً من سنى كلمٍ / بدا وتورية فيها تورِّيها
وكيف نأتي لها يوماً بثانية / وأنتَ يا واحد الآحاد منشيها
لا زلتَ ما طلعتْ شمس وما غربتْ / مطالعاً لشموس المجد حاويها
هو البرق ممَّا راعها وشجاها
هو البرق ممَّا راعها وشجاها / فهيَّج منها داءها وأساها
وممَّا جوًى تطوي عليه ضلوعها / بكت بدمٍ قان فطال بكاها
حكت بلسان الحال حتَّى وددتني / أقبِّل من تلك المطيَّة فاها
جوًى مثل ما بي أو يزيد بزعمها / وهيهات منِّي وجدها وعناها
فقلتُ لها لا فاتك الوِرد صافياً / ولا حبست عنك السَّماء حياها
وروّضت من أكناف نجد رياضها / وحقّ لنفس الحرّ عنك رضاها
سقاها من النجب الكرائم ناقةً / وأكرم منها أُمَّها وأباها
تعاف النمير العذب يمزج بالقذى / وتختار في ريّ الهوان صداها
تجافت عن الدار الَّتي تنبت الأَذى / وها قد نأتْ عن مثلها لسواها
لقد سرَّها أن لا تساء فأرقلت / إلى حيث مثوى الأَكرمين حماها
فجاوزت البيداء غير مروعة / كأَنَّ المنايا قصدها ومناها
تباعد ما بين الخطا فكأَنَّما / تَبوعُ الفلا أخفاقها بخطاها
تهيم بأعلام المحصّب من مِنًى / وآفة نفس المستهام هواها
عليها من الفتيان من لا تروعه / مكابدة الأَهوال حين يراها
رماه إباء الضَّيم في كل مهمة / يروع العفرنى أن يجسَّ ثراها
من الصيد لا يستصعب الحتف إنْ دنا / ولا باتَ يشكو للخطوب أذاها
ويأنف أنْ يُلقي القياد لنكبة / يرى فرج الله القريب وراها
إذا همَّ لا تنبو مضارب عزمه / ولا فل أحداث الزَّمان شباها
تَصَفَّحَ يرتاد المنازل في اللّوى / ويطلب فيها مرتعاً ومياها
ولم ينأ عن دار القلى باختياره / ولكن جَفَتْهُ أهلها فجفاها
قليل ائتلاف الجفن من سنة الكرى / فلو راودته مرَّةً لعصاها
ولا بكثير الالتفات إلى الَّتي / نأى ماضياً عنها فعزَّ عزاها
لقد شامَ برقاً بالحمى غير ممطر / فأعرض عن أنوائها بنواها
وحَثْحَثَها واللَّيل يبدي ظلامه / إلى عين هادي من يضلّ عماها
وسارَ بها إذ ذاك في كلِّ مهمه / وليسَ إلى غير العلاء سراها
يذكّرها بالرقمتين منازلاً / مراتعها أعلامها ورباها
رعتْ من خزاماها وفازت بمائها / سقاها شآبيب الحيا ورعاها
هلُمِّي بنا يا ناق نذكر ما مضى / ونبكي شؤوناً لا يفيد بكاها
وأيَّامنا في الربع والربع آهل / فواهاً لتلك الماضيات وآها
مضى وانقضى عهد الأَحبَّة في القنا / وقد نفرت أسرابها ومهاها
فكيف إذنْ يا ناق ترجع جيرة / يقرُّ لعيني أنْ يلُوح سناها
بعيشك هل تدرين من أنا طالبٌ / ولم تدرِ في ماذا يكون حداها
أرومُ ربوعاً يهتدى لبيوتها / بنور محيَّاها ونار قراها
وما افتقرت في النَّاس من أحدٍ يدٌ / إذا كانَ من عبد الغنيّ غناها
له الخير مجبول على الخير كلّه / وخير الورى من لم يزل لرجاها
قلم يبقَ من أكرومة ما أجادها / ومنقبةٍ ما حازها وحواها
مباني الكرام الأَوَّلين تهدَّمت / فأَعلى مبانيها وشادَ بناها
عزيزٌ عزيز النَّفس إنْ ضيمَ جاره / فداها إذَنْ في نفسه ووقاها
له الفتكات البكرُ تشهَدُ أنَّه / عصاميُّها المعروف وابنُ جلاها
تقلَّد عزماً مثلَ إفرندِ عضبه / إذا اعترضته النائبات براها
هو الغيث يوم الجود واللَّيث في الوغى / فغيث نداها كفَّ ليث وغاها
إذا كانَ كجد كانَ منه عماده / وإن كانَ حربٌ كلن قطب رحاها
متى شاءَ أوراها وأثقبَ زندها / وشبَّت بفرسان الرِّجال لظاها
أحلي بذكراه القوافي أصوغها / ألا إنَّما ذكر الكرام حُلاها
تأرج في النَّادي بذكر جميله / وإنْ كانَ ندي النسيم شذاها
وإنِّي لأهديها إلى خير ماجدٍ / نعم إنَّه مصباحها وهداها
إلى الغاية القصوى وأيَّة غاية / علا مستطيلاً شأوها وذراها
سما غير ممنوع إلى كلِّ سؤددٍ / فلو رامَ أنْ يرقى السَّماء رقاها
إلى أينَ تبغي بالأُبوَّة والعلى / بنفس جميع النَّاس دون علاها
تعاليت حتَّى انحطَّ من دونك الورى / فكنت ثرياها وشمسُ ضحاها
فداؤك عبدٌ أنتَ مالكُ رقِّهِ / بأيدي كريمٍ يستفاض نداها
فشكراً لما أوليت من نعمة بها / توليتُ مالاً من نداك وجاها
وَجَدْتُ على دنياً أضاعت عوارفي / وما انتاش أبناءَ الزَّمان لقاها
ووجدي على هذا الزَّمان سفاهةً / وعتبي على القوم اللّئام سفاها
ولو كانت الأيام تعقل ما أتتْ / إذَنْ لنهاها عقلها ونُهاها
لها الحظّ من مثلي وجودي بمثلها / وحظِّي منها هجرها وقلاها
إليك أبا محمود أشكو حوادثاً / كثيراً على الحرِّ الكريم أذاها
أمنِّي بها النفس الأَماني ضَلَّةً / وتمنعني من عودها وجناها
وتلسعني فيها أفاعٍ قوارعٌ / وما عرف الرَّاقون كيف رقاها
أرى هذه الدُّنيا لمن ذلّ أصبحَتْ / ذَلولاً ولو كانَ الأَبيُّ أباها
تسنّمها من كانَ من دون خفّها / وكنَّا نراه تحتها فعلاها
وما بحتُ بالشكوى وفيَّ بقيَّةٌ / من الصَّبر إلاَّ وانتهت وتناهى
وعلمك بي يخبرك عنِّي فما الَّذي / أقول بأحوالي وأنْتَ تراها
وما هي إلاَّ مهجة شفَّها الصَّدى / إذا هي تستسقي نداك سقاها
وإلاّ تلافاني بلطفك لم تكد / بوادر حظِّي أن تروح تجاها
جزتك جوازي الخير من متفضِّلٍ / دَعَته الأَماني فاستجاب دعاها
فأنت بعصرٍ لا خلت منك أهله / خليق السَّجايا بالجميل خلاها
نَشَرْت به صُحفَ المكارم والنَّدى / ومن بعد ما قد لفَّها وطواها
أنيخاها فَقَدْ بَلَغَت مُناها
أنيخاها فَقَدْ بَلَغَت مُناها / وغادرها المسيرُ كما تراها
سلكتُ بها فجاج الأرض حتَّى / أضَرَّ بها وأوهنها قواها
فَسَلْني كيفَ جابتها قِفاراً / وكيفَ طَوَتْ فدافدها خطاها
وما أنسى الوقوف على رسومٍ / عَناني في الصبابة ما عناها
قضى بوقوفه المشتاقُ فيها / وجوهاً يا أمَيْمَة لا أراها
وقفتُ أناشِدُ الأطلال منها / ديوناً للمنازل ما قضاها
وأذكر ما هنالك طيبَ عيشٍ / به تجري النفوس على مداها
جرَينا في ميادين التصابي / إلى اللّذات نستحلي جناها
فواهاً لِلّذائذ كيف ولّت / وآهاً من تصرّمها وآها
تدار من المدام على الندامى / كؤوسُ الراح تشرق في سناها
وألحان المثالثِ والمثاني / يُغنّيها فتطربُ في غناها
وينظمنا اجتماعُ في رياضٍ / نثار الطل يلبسها حلاها
وقد أمْلَتْ حمائمها علينا / من الأوراقِ شيئاً من أساها
كأنَّ الوُرْقَ حين بكت وأبكتْ / رَماها بالقطيعة من رماها
تُكَتِّمُ أدمعاً وتبوحُ وجداً / وتعربُ ما هنالك عن جواها
وربَّ مديرةٍ كأس الحميّا / أخذْتُ بكفِّها ورشفتُ فاها
ومُسودِّ الإهاب من الدياجي / كشَفْتُ بشهب أكؤسنا دجاها
وعانقتُ القوام اللَّدنَ منها / وعينُ الواشي يحجبها عماها
فآونةً ترشِّفني طلاها / وآونة ترشِّفني لماها
ومِن عَجَبٍ أذِلُّ لذاتِ دَلٍّ / وتسبيني المحاسن في هواها
ولي نفس متى دُعيَتْ لذُلٍّ / نهاها عن إجابته نهاها
أبَتْ نفسي مداناة الدّنايا / وأغنتها القناعة عن غناها
وهل تستعبد الأطماع حراً / إذا عُرضت له الدنيا ازدراها
ولست ألينُ والأيام تقسو / بشدَّتها ولمْ أطلبْ رخاها
وأرض يَفْرَقُ الخرّيت فيها / ويفزعُ من مهالك ما يراها
سلكتُ فجاجها ومَرَقْتُ منها / مروقَ النَّبل يبعُدُ مرتماها
سَليني كيفَ جرَّبت الليالي / وكيف عرفَتها وعَرَفْتُ داها
بلوت النَّاس قَرناً بعد قرنٍ / وكنتُ بها أحقَّ من ابتلاها
فلم أزدَد بها إلاَّ اختباراً / ولم أزْدَدْ بها إلاَّ انتباها
وفي عبد الحميد بديع شعري / مناقبُ عن معاليه رواها
نعمتُ بفضله وشكرت منه / يداً لا زال يغمرني نداها
فما استعذبتُ غير ندى يديه / وما استعذبته مما عداها
فلو أني وَرَدْتُ البحر عذباً / أنِفْتُ من الموارد ما خلاها
وإنَّ الله أودع فيه معنىً / لتسمية المكارم مذ براها
من السادات من أعلى قريشٍ / سلالة خير خلق الله طه
شديد البأس ألطفَ من نسيم / تعطِّره الأزاهر من شذاها
يخوض غمارها الهيجاء خوضاً / وماء الموت يرشحُ من ظباها
ويرفع راية المنصور فيها / ويخفض من أعاديه الجباها
وتلك رئاسةٌ وعلوُّ قَدرٍ / إليه العزُّ يتَّجهُ اتّجاها
تريه بواطنَ الآراء تبدو / فلمْ تَحجُبْ لعمرك ما وراها
أرَته زينةَ الأمجاد تزهو / بأرديةِ المحاسن فارتداها
تَولَّى والولاية فيه أضْحَتْ / تزيد بعزِّه عزًّا وجاها
أمورٌ في الرّياسة يَبْتديها / ويعْلَمُ بعدَ ذلك منتهاها
وأحيا بالعمارة كلَّ أرضٍ / وأجرى في ضواحيها المياها
وأمَّن بالصيانة ساكنيها / وأصبَحَ فيه محْميًّا حماها
حماها حيثُ كانت من لَدُنْه / بعينِ عنايةٍ ممَّن رعاها
ودبَّرها بلطفٍ لا بعنفٍ / فأرشَدَها وألهَمَها هداها
وكفَّ يدَ الخطوب السُّود عنها / فما مُدَّتْ إلى أحدٍ يداها
فهَلْ مِن مبلغٍ عَنِّي ثناءً / تقيَّ الدِّين يشكره شفاها
ربَّما أسدى من الحُسنى إلَيْنا / وما عَرفَ الأَماجدَ فاجتباها
تَفَرَّسَ بالرِّجال فازداد عِلماً / فولاّها الأُمورَ بمقتضاها
بلغنا غايةً من لطفِ مولًى / بشيرٍ للمؤمّلِ مبتداها
وسيَّرْنا لساحته الأَماني / فأَلقَت في مغانيه عصاها
إليك ركبْتُها في البحر تجري / من الفُلك السوابق في سراها
تَنَفَّسُ بالدخان وفي حشاها / لظى نارٍ مُسَعَّرةٍ لظاها
ويخفِقُ وهي مثل الطير سبحاً / جناحاها إذا دارتْ رحاها
جَرَت مجرى الرياح بلا توانٍ / فما احتاجت إلى ريحٍ سواها
وما زلنا بها حتَّى بلغنا / مِنَ الآمال أقصى مبتغاها
بقيتَ لنا مدى الأنام ذخراً / نواها فيك أحْسَنَ ما نراها
فمثلك في المكارم لا يجارى / ومثلك في الأَكارم لا يضاهى
لا عيبَ بالبَصرة مُستهجنٌ
لا عيبَ بالبَصرة مُستهجنٌ / إلاَّ وجودُ الشَّيخ مفتيها
تظنّه النجْديّ بأفعاله / لأنَّه أحيَلُ من فيها
ناشِداها عن فؤادي وسَلاها
ناشِداها عن فؤادي وسَلاها / أَهوًى غيرُ هواها قد سلاها
واذكراني يا خليليَّ لها / فَعَساها تَرحَمُ الصَّبَّ عساها
واسأَلا عن مهجةٍ داميةٍ / رُمِيَت سهمَ غرام مَن رماها
لا أَبيتُ اللَّيلَ إلاَّ قَلِقاً / يمنع الوجد من العين كراها
يا غراماً بالدّمى ما تنقضي / حسراتٌ بالحشا طال مداها
وبقلبي ظبية الخدر الَّتي / ليس يهوى صبُّها إلاَّ هواها
تركَتْني أتلظَّى وأرى / ذكر نفس الصّبّ من تهوى لظاها
زَعَمَتْ أنِّي سالٍ بعدها / طلعةً ما شاقني شيئاً سواها
لا ومن أسلو بها مغرًى بها / وأذابَ القلبَ وجداً ما سلاها
وسعى الواشي إليها بالَّذي / ساءها حتَّى اسْتمرَّت بجفاها
هي صَدَّتْ ريبة عن صبِّها / فشكَتْه يوم صدَّتْ وشكاها
لو دَرَتْ إذ طلَبت تعذيبه / ما يقاسي بهواها لكفاها
ما عليها في الهوى لو أنَّها / سَمعَتْ بالوصل يوماً لفتاها
فشفى داء الهوى من مهجةٍ / عَلِمَ الله بما ضمَّتْ حشاها
لستُ أنسى ليلةً صَحَّتْ بها / أَعينُ الأَزهار واعتلَّ صباها
وعناقي دمية القصر وقد / شغلت مقلة واشينا عماها
بتُّ أُسقى ضَرب الثغر ولا / أَشربُ الخمرة إلاَّ من لماها
زَهْرَةُ الدُّنيا الَّتي لا تجتنى / غير باعي في المعالي ما اجتناها
سوفَ أحظى بالَّتي أهوى وإنْ / مَنَعوها عن عيوني أنْ تراها
أترى تحجب عن ذي هممٍ / كسيوف الهند بتَّار شباها
لو رأى من دونها نارَ الوغى / تتلظَّى بالمنايا لاصطلاها
لا ترَقَّيْتُ العُلى إنْ لم أكنْ / مُبلِغاً نفسيَ بالسَّيف مناها
فلئنْ خانَتْ أخلاّئي فما / خانني من هِمَمي ماضي ظباها
سفينةٌ صُنِعَت بالهند إذ صُنِعَتْ
سفينةٌ صُنِعَت بالهند إذ صُنِعَتْ / أهدى السّفائن في سَيْرٍ وأجراها
طوع الهواء متى تجري جرت معه / وما تخالف مسراه مسراها
جاءَت من البحر تجري فيه أَرَّخَها / سفينةُ البحر باسم الله مجراها
أرى القاضي يشاركُ كلَّ حيٍّ
أرى القاضي يشاركُ كلَّ حيٍّ / وليسَ المَيْتُ ينجو مِنْ يَدَيْهِ
وأُقْسِمُ إنَّه لو مات أيرٌ / تَوَرَّثَ منه إحْدى خِصْيَتَيهِ
هذي هي الفلكُ فتحُ الخير كُنْيَتُها
هذي هي الفلكُ فتحُ الخير كُنْيَتُها / فابشر فبُشراك بالخيراتِ بشراها
اليمنُ واليُسرُ في أطرافها اقترنا / فاليمنُ واليسرُ يمناها ويسراها
سلمانُ لما اشتراها حين لم يرها / وأقْبَلَتْ أعْجَبَتْ بالحسن من راها
سفائِنُ البَحر إن سابقنها سَبَقتْ / وجاوَزَتْ ثَمّ أولاها بأخراها
فإن جَرَيْنَ وإن أرَّخْتَهُنَّ فقلْ / تجري وأصبحَ باسم الله مجراها
أتخيَّلُ المعنى البديعَ وأجتلي
أتخيَّلُ المعنى البديعَ وأجتلي / ما راقَ من كَلِمٍ ومن معنًى جلي
فلذاك إذ سَبق الوجيه تأمُّلي / حسن اطّرادِ جيادِ خَيْلِ تخيُّلي
في غور إطراءٍ عديم تناهي /
أبدعْتُ في مدحي وأعلى من مَدَحْ / دوني وكنت لكالزناد إذا قَدَحْ
وأتيتُ من فكري بهاتيك المُلَحْ / لأبي الثنا المولى شهاب الدِّين مَحْ
مودٍ أبي الباقي ابنِ عبد الله /