القوافي :
الكل ا ب ت ث ج ح خ د ذ ر ز س ش ص ط ع غ ف ق ك ل م ن و ه ء ي
الشاعر : القاضي الفاضِل الكل
المجموع : 59
يا هِلالاً إِذا أَنارَ ضَللنا
يا هِلالاً إِذا أَنارَ ضَللنا / وَقَضيباً إِذا تَثَنّى ثَنانا
بَينَما جُلَّنارُ خَدِّكَ يَبدو / إِذ رأَينا في صَدرِكَ الرُمّانا
لَئِن كانَ قَلبي عَبداً لَكُم
لَئِن كانَ قَلبي عَبداً لَكُم / فَما كُلُّ عَبدٍ يَلَذُّ الهَوانا
وَغُصنٍ بَدا قَدُّهُ صَعدَةً / وَقَد أَثمَرَ اللَحظَ فيها سِنانا
وَبَدرٍ تَرى خَدَّهُ جَمرَةً / وَقَد طَلَعَ الشَعرُ فيها دُخانا
يُهَدِّدُني بِدَوامِ الصُدودِ / فَقُلتُ وَهَل غَيرُ ما خِفتُ كانا
وَقَد كانَ ليَ قَبلَهُ مُهجَةٌ / فَما تَرَكَ الهَمُّ فيها مَكانا
وَدِدتُ لَوَ انَّ القَلبَ كانَ لِساني
وَدِدتُ لَوَ انَّ القَلبَ كانَ لِساني / لَعَلَّ بَياناً فيهِ فَوقَ بَيانِ
وَلَكِنَّهُ لَمّا أَتَاهَ بَيانَهُ / أَبانَ عَنِ الإِخفاقِ بِالخَفَقانِ
وَما أَهمَلَ الدَمعَ الَّذي هُوَ هاملٌ / بَريءٌ مِنَ الإِهمالِ وَالهَمَلانِ
وَقالَ لِمَن يَهواهُ صَرَّفَني الهَوى / فَفي يَدِ عِتْبِي اليَومَ ثِنيُ عِناني
فَيا لَشُجاعٍ إِن لَقيتُ بِهِ الهَوى / وَإِن أَلقَ أَحباباً فَيا لِجَبانِ
فَيا مُمرِضاً لَو طَبَّني لَأَقامَني / وَيا هادِماً لَو رَقَّ بي لَبَناني
أَأَبهَتُهُ يَوماً بِشَكوى جَفائِهِ / مَتى كانَ يَوماً واصِلي فَجَفاني
وَأَفرَطَ أَنواراً فَضَلَّ مَكانُهُ / وَأَفرَطُتُ إِشفاقاً فَضَلَّ مَكاني
فَحَلَّ ظَلامي أَو فَحَلَّ ضِياؤُهُ / فَلَستَ تَراهُ أَو فَلَستَ تَراني
تَرى آثارَهُم إِلّا أَماني
تَرى آثارَهُم إِلّا أَماني / طَلولاً بَعدَ ما كانَت مَغاني
كَأَلفاظٍ خَلَت مِن ساكِنيها / فَيا شَوقي إِلى تِلكَ المَعاني
إِلَيها عُدتُ ذا دَمعٍ شُجاعٍ / أَعودُ بِهِ عَلى صَبرٍ جَبانِ
وَهَل لِلمَرءِ إلا حَرُّ نارٍ / إِذا ما لَم يَنَل بَردَ الجِنانِ
وَمَجلِسِ لَذَّةٍ قَلَّبتُ عَيني / بِساحَتِهِ فَلَم أَحمَد عِياني
وَلا ساقٍ بِهِ إِلّا عَذولٌ / سَقاهُ اللَهُ مِمّا قَد سَقاني
عَذولي ما رَأَيتُكَ لي صَديقاً / إِذا ما كانَ شَأنُكَ غَيرَ شاني
فَما هَذا مَكانَكَ مِن دِيارٍ / عَرَفتَ عَلى البِلادِ بِها مَكاني
عَفَت مِن ناظِرِيَّ فَما أَراها / وَعَفّاني السَقامُ فَما تَراني
وَذَكَّرَني وَلا وَالحُبِّ أَنسى / عُهوداً غُصنُ بانٍ غُصنَ بانِ
وَرَوضاً مُسفِراً لي عَن وُجوهِ / وَطَيراً مُخبِراً لي عَن قِيانِ
فَيا لَيتَ المَكانَ يَمُرُّ عَنّا / مُرورَ وَفا المَكانِ مِنَ الزَمانِ
فَيا عَجَباً لِفانٍ مِنهُ يَبكي / لِفانٍ فيكَ يُضمِرُ غَيرَ فانِ
وَطَيِّ وَدائِعِ الخَطَراتِ وَجدٌ / طَواهُ الذِكرُ عَنهُم بَل طَوانِي
يُقيمُ عَلى الزَمانِ وَلَو تَقَضّى / مَدى عُمري أَقامَ بلا زَمانِ
فَيا نَدَمي وَيا ظُلمَ اللَيالي / وَظُلمي اليَومَ في عَضِّ البَنانِ
سَنَّ النَسيمُ تَعانُقَ الأَغصانِ
سَنَّ النَسيمُ تَعانُقَ الأَغصانِ / أَفَلا يَسُنُّ تَعانُقَ الخُلّانِ
هَذا وَبَينَهُمُ حَديثٌ ساكِتٌ / ناجى خَواطِرَهُم بِغَيرِ لِسانِ
فَهِمَت قُلوبُهُمُ فَلَمّا لَم يُجِب / عَنها اللِسانُ أَجابَتِ العَينانِ
وَالقَلبُ يُدرِكُ وَهوَ لَيسَ بِسامِعٍ / لَفظَ الدُموعِ بِأَلسُنِ الأَجفانِ
يا راحِلاً مِن عَينِهِ قَد أَصبَحَت / في الناسِ مُقفِرَةً بِلا إِنسانِ
فَإِذا جَرَت مِنها الدُموعُ فَإِنَّما / تَجري لِسُقيا ذِكرِكَ العَطشانِ
فَلَرُبَّما يَسقي غَليلَكَ ماؤُها / ما دُمتَ تَنزِلُ مِنهُ في نيرانِ
وَعِجِبتُ مِن مُتَوَسِّلٍ مُتَوَصِّلٍ / بِجَهَنَّمَ مِنهُ إِلى بُستانِ
أَمّا الخَواطِرُ فَالمُهاجِرَةُ الَّتي / تُبِعَت مِنَ الأَجفانِ بِالإِحسانِ
غَرَّتكَ أَبدانٌ وَأَردانُ
غَرَّتكَ أَبدانٌ وَأَردانُ / ذا الشَأنِ ما مِن تَحتِهِ شانُ
في العَينِ إِنسانٌ فَإِن خِلتَها / وُدّاً فَما في العَينِ إِنسانُ
وَإِنَّما الإِنسانُ مَحصولُهُ / إِن قَبِلَ التَحديدَ إِحسانِ
قالوا كِرامٌ وَأَتى بَعدَهُم / لِلُّؤمِ أَزمانٌ وَأَزمانُ
وَلَم يَكونوا اليَومَ فَاِستَثبِتوا / لَعَلَّهُم بِالأَمسِ ما كانوا
قَد أَفلَحَ الجودُ فَلا قَطرَةٌ / مِنهُ وَهَذا البُخلُ طوفانُ
ماتَت كَما ماتوا أَحاديثُهُم / فَالكُتبُ وَالأَوارقُ أَكفانُ
كَيفَ إِذا ما سُحُبٌ أَقلَعَت / يَبقى عَلى النَضرَةِ بُستانُ
أَصبَحَ في دارِ ضُلوعي الأَسى / قَلبي كَما أَصبَحَ عُثمانُ
مَحصورَةٌ أَموالُهُ ما لَهُ / مَعَ اِشتِدادِ الحصرِ إِمكانُ
قَد أَحدَقَ الهَمُّ بِأَرجائِهِ / جَيشاً فَضَرّابٌ وَطَعّانُ
فَيا زَماني إِن جَرَت قَطرَةٌ / مِن دَمِ قَلبي فَلَها شانُ
في ذَمِّ عُثمانَ الَّذي قَد حَوى / جَرَت مِنَ الأَحداثِ أَلوانُ
لا كُنتِ يا ذَهلُ هُمومي وَلا / أَبوكِ دَهري فَهوَ شَيبانُ
ذَووا الحَفيظاتِ لَهُم لوثَةٌ / لانوا فَلا غَرَو إِذا هانوا
نُدِبتُ لِلخَطبِ حَثوثاً فَما / قاموا وَلا إِذ قامَ بُرهانُ
غَمودُهُم كُسوَةُ أَسيافِهِم / لا حُمِلَت وَالشَرُّ عُريانُ
كَم زِقّ خَمرٍ فيهِمُ ناطِقٍ / سَكرانَ بَل راجيهِ سَكرانُ
فَلا تُراجِعهُ وَلا لَفظَةً / وَلا تَزِد فَالزِقُّ مَلآنُ
فَاليَأسَ يا ناسُ وَيَكفيكُمُ / فَقُوَّةُ الأَلسُنِ سُلطانُ
مَنزِلُنا مِن بَطِنِها واحِدٌ / وَاِختَلَفَت في الظَهرِ بُنيان
وَفي بِناءِ القَبرِ يا قُربَ ما / يَغدِرُ ديوانٌ وَإِيوان
وَيَعمُرُ الدارَ عَلى أَنَّهُ / ما لِخَرابِ العُمرِ عُمرانُ
كَما رَجاءُ اللَهِ إيمانُ / كَذا رَجاءُ الناسِ كُفرانُ
هَذا مَضى وَالشِعرُ بُستانُنا / وَفيهِ قَد تَرتَعُ أَذهانُ
وَفيهِ لِلروحِ إِذا ما جَرى / ذِكرُ الهَوى رَوحٌ وَرَيحانُ
فَإِن خَلا مِن ذاكَ بُستانُهُ / فَلا تَقُل شِعري بُستانُ
وَنَحنُ قَومٌ سَلمُنا وَالوَغى / يُذكيهِما سَيفٌ وَأَجفانُ
يَهتَزُّ لِلطَعنَةِ ما بَينَنا / في المَوقِفَينِ النَبعُ وَالبانُ
إِنّا إِلى اللَهِ فَكَم قَد جَرَت / بِحَتفِنا خَيلٌ وَأَظعانُ
كُنّا إِلى الأَحبابِ نَشكو الهَوى / ناراً وَقالوا هِيَ أَشجانُ
حَتّى إِذا أَجرى اللِقاءَ الدِما / فاضَت لِتَصديقِكَ نيرانُ
فَليَعلَم الأَحبابُ أَنّا لَهُم / وافونُ في الحُبِّ وَإِن خانوا
تِلكَ دُموعٌ في سِوى طَرفِها / لَها جِراحاتُكَ أَجفانُ
وَاِعتَقَلَ الكِتمانُ مَأسورَها / ما بَعدَ ذا الكِتمانِ كِتمانُ
مِن أَعيُنٍ بانَت قُلوبٌ لَنا / وَالكُلُّ في الأَجسامِ حَيرانُ
كانَ البُكا بِالجَفنِ أَولى وَما / يَبقى عَلى الباكينَ أَجفانُ
وَعاذِلٍ صَدَّعَني عَذلُهُ / وَقالَ وَالأَقوالُ أَلوانُ
ما وَجهُ مَن دِنتَ لَهُ قِبلَةٌ / قُلتُ وَلا قَولُكَ قَرآنُ
عَذلُكَ كَالريحِ وَتُعدَى بِما / يَحمِلُهُ سافيهِ أَجفانُ
عَلَيَّ لا أَفزَعُ مِن ريحِهِ / وَإِنَّما الأَحبابُ أَغصانُ
أَمسِك لِساناً عَنهُ أَو أَسمِعَن / أَذني فَمَن أَهواهُ غَيرانُ
تُريدُ أَن تَشرَبَ خَمرَ اِسمِهِ / أَنا مِنَ الغَيرَةِ سَكرانُ
وَقَلَّ في تَسمِيَةِ قَتلَةٌ / في مِثلِها تُخلَعُ أَديانُ
فَاِسكُت فَما أَسكُت عَن ذِكرِهِ / وَفي سُكوتي لَكَ إِذاعانُ
مَولايَ حورِيُّ جِنانٍ وَما / يَطمِثُهُ إِنسٌ وَلا جانُ
وَما اِسمُهُ عِندَكَ في مَوضِعٍ / فَهوَ عَلى لَفظِكَ حَيرانُ
فَوِّض إِلى أَكبادِنا ذِكرَ مَن / يَفيضُ مِن ذِكرِكَ غُدرانُ
وَباعِثِ الطَرفِ بِشاطِي الهَوى / وَأَنتَ يا صاحِبُ كَسلانُ
لَم يَختَلِف لِلَيلِ حالٌ إِذا / لَم يَتلُهُ وَصلٌ وَهِجرانُ
الوَصلُ وَالهِجرانُ ميزانُهُ / وَأَنتَ ما عِندَكَ ميزانُ
هَل بِتَّ في لَيلِ هَوىً راكِدٍ / يَقظانَ وَالكَوكَبُ وَسنانُ
يُعَذِّبُ المُسلِمَ أَو لا فَلِم / أَلبَسَهُ الأَثوابَ رُهبانُ
هَل جُلتَ في مُعتَرَكٍ لِلأَسى / فَاِضطَرَمَت لِلدَمعِ أَقرانُ
وَهَل قَذَفتَ الدَمعَ شُهباً إِذا / ما اِستَرَقَ السَلوَةَ شَيطانُ
هَل اِستَغَثتَ الصُبحَ مُستَصرِخاً / فَقال ما في الحُبِّ أَعوانُ
أَيا فَتى أَسفِر فَقالَت أَلا / نَجمٌ وَإِنّا بَعدُ فِتيانُ
فَنَم لِذا مِنّا عَلى جانِبٍ / ما لَكَ روحٌ أَنتَ جُثمانُ
أَسرَفتَ في نَهبي فَأَعرَيتَني / وَزائِدُ الزائِدِ نُقصانُ
وَالعَدلُ إِن أَفرَطَ عُدوانُ / وَالماءُ إِن أَفرَطَ طوفانُ
اِقرَا الدَموعَ فَإِنَّها عُنواني
اِقرَا الدَموعَ فَإِنَّها عُنواني / وَأَنا كِتابُ كَتائِبِ الأَشجانِ
مِثلُ الكِتابِ ضَنىً وَمِثلُ يَراعِهِ / بَل خَطِّهِ بَل شَكلِهِ المُتَفاني
لَم يَبقَ مِنّي في العُيونِ بَقِيَّةٌ / وَاللَهُ يُبقي لي الَّذي أَفاناني
لَو لَم أَكُن كَالخَطِّ مِن سُقمٍ لَما / رَجَعَ اللَواحِظَ فِيَّ مَن يَقراني
مُتَبَيِّناً بَيتي كَحَرفِ مُشكِلٍ / أَعيا بِما أَعطى يَدَ البُنيانِ
هَيهاتَ تثنيني النَواظِرُ بَعدَ ما / أَمَرَ الحَبيبُ صُدودَهُ فَمَحاني
في كُلِّ يَومٍ لِلغَرامِ زِيادَةٌ / تُبدي عَلَيَّ زِيادَةَ النُقصانِ
مُذ قُلتَ إِنّي كَالكِتابِ لِيَثْنِني / ما قُلتُ ذاكَ طَوى الهَوى وَطَواني
مَنْ لا أَراهُ مِنْ تَوَقُّدِ نورِهِ / وَمِنَ السَقامِ فَلا يَكادُ يَراني
فَلَوَ اَنّني نِلتُ المُنى بِعِناقِهِ / ما بانَ مِنّا لِلعُيونِ اِثنانِ
ما صَحَّ عَن إِسنادِ سُقمِ قُلوبِنا / إِلّا الَّذي يُروى عَنِ الأَجفانِ
وَحَديثُ سُقمي في هَواهُم سائِرٌ / في أَرضِهِم بِطَريقِهِ عَن عانِ
وَلَقَد بَكَيتُهُمُ بِغَيرِ مَدامِعٍ / وَلَقَد شَكَوتُهُمُ بِغَيرِ لِسانِ
وَالهَمُّ أَلطَفُ ما اِستَدَلَّ فَإِنَّهُ / لَم يَخفَ عَنهُ مَعَ الخَفاءِ مَكاني
وَكَتَمتُ حُبَّهُمُ وَكَتمي حُبَّهُم / لا بَل كَتَمتُ الحُبَّ عَن كِتماني
مَن أَودَعَ الأَسرارَ عِندَ جَنانِهِ / فَأَنا الَّذي كاتَمتُها لِجَناني
فَالسِرُّ مَحمولٌ وَلَيسَ بِحامِلٍ / أَو لا فَمَوجودٌ وَلا بِمَكانِ
قَلبي كَمِثلِ الزِندِ إِن تَترُكْهُ ما / يُبدي الَّذي يَخفى مِنَ النيرانِ
وَالعَينُ مِثلُ العَينِ إِن تُترَكُ فَما / تَسمو زلالَتُها إِلى الظَمآنِ
ما حيلَةُ الإِنسانِ في أَحبابِهِ / غَدَروا بِهِ ما حيلَةُ الإِنسانِ
يَرجو ثِمارَهُمُ وَما فيها رَأى / ثَمَراً يَراهُ في غُصونِ البانِ
أَجرى عَلى الأَعطافِ حَدَّ عِيانِهِ / وَالحَدُّ لا يَجري عَلى السَكرانِ
وَلَقَد أَرى التَثقيفَ أَولى بِالقَنا / يُتَكَلَّفُ التَثقيفُ بِالأَغصانِ
اللَهُ جارُهُم فَفيهِم مِثلُ ما / في أَدمُعي فيهِم مِنَ الأَلوانِ
وَأُريدُ جَمعَ الشَملِ مِنّي في الهَوى / بِهِمُ وَلَكِن ما يُريدُ زَماني
إِنَّ الَّذي مِنهُ الصُدودُ أَماتَني / هُوَ بِالوِصالِ إِذا اِشتَهى أَحياني
وَلَأَبلُغَنَّ مُرادَهُ في مُهجَتي / أَو لا فَإِنّا اليَومَ مُختَلِفانِ
إِنسانُ عَيني بِالحَقيقَةِ دارُهُ / فَأَراهُ مَحمولاً عَلى أَجفاني
وَإِذا أَتَت مِنهُ الإِساءَةُ دائِماً / فَلَأَحمِلَنَّ لَها عَلى إِحساني
وَإِذا تَشاغَلَ بِالقَطيعَةِ في الهَوى / وَعَصَيتُهُ في حُكمِهِ وَعَصاني
فَهُناكَ قُل لِلعاذِلينَ أَنا الَّذي / لَم أَهوَهُ وَهوَ الَّذي يَهواني
اِرمِ الفُؤادَ بِكُلِّ سَهمٍ تُمضِهِ / لي أَضلُعٌ مِثلُ القِسِيِّ حَوانِ
بَيني وَبَينَكَ يا زَمانُ وَقائِعٌ / لا يَلتَقي أَبَداً بِها الجَمعانِ
لا يَلحَني اللاحي فَإِنَّ أَحِبَّتي / أَفعالُها لا قَولُهُ يَلحاني
بَينٌ عَلى قُربٍ كَما المَلوانِ / أَخَوانِ لَم يَجمَعهُما دارانِ
وَبِنَفسِيَ القَمَرُ الَّذي ما عَنهُ لي / عِوَضٌ فَلا يَتَعَرَّضِ القَمَرانِ
غَضبانُ قَد أَغضَبتُ فيهِ لَوائِمي / لَم أَخلُ في الحالَينِ مِن غَضبانِ
وَأَخذتُ عَنهُ لا عَلَيهِ وَمَذهَبي / أَن يُقبَلَ القَولانِ وَالوَجهانِ
وَلَهُ إِذا عَرِفَ الهَوى وَجهانِ / وَلَهُ إِذا وَعَدَ الرِضا قولانِ
إِن كُنتَ تُغضِبُ إِن رَضيتُ بِكَ الهَوى / فَاغضَب عَلى الحُسنِ الَّذي أَرضاني
لَبَّيتُهُ لَمّا دَعاني بادِياً / وَكَأَنَّهُ ما كانَ قَطُّ دَعاني
فَاِنصُر أَخاكَ بِأَن تُوافِقَ رَأيَهُ / فيما يَراهُ فَذانِكَ الرَأيانِ
ما نَصرُ مَن يَدعوكَ يَومَ كَريهَةٍ / بِمُجَرَّدِ التَجريدِ وَالإِثخانِ
وَيَهيجُني الإِلفانِ إِن طارا وَإِن / وقعا على فننٍ من الأفنانِ
إذ يَسجَعانِ فيُخرجانِ منَ الهوى / هَذي فِعالُ سَواجِعُ الكُهّانِ
أَفَلا وَعى نَسَبي إِلَيهِ فَإِنَّهُ / نَسَبٌ بِهِ اِستَوجَبتُ أَن يُرعاني
أَنا بِالَّذي تُجري جُفوني نَهرُهُ / وَبِما أَراني الحُسنَ فَهوَ جِناني
أَولا يَكونُ كَما الرِياضُ وَنَهرُها / أَبَداً بِرَغمِ الجَدبِ مُعتَنِقانِ
فَنَزَّهتُ طَرفي في طَرائِفِ حُسنِهِ
فَنَزَّهتُ طَرفي في طَرائِفِ حُسنِهِ / وَأَسكَنتُ حُبّي ظِلَّ جَنَّةِ عَدنِهِ
وَلَم يَنعَطِف يَوماً كعَطفَةِ صُدغِهِ / عَلى خَدِّهِ أَو مِثلِ عَطفَةِ غُصنِهِ
وَما هُوَ إِلّا البدر في قُربِ نورِهِ / وفي بُعدِ مَرآهُ وَفي قَدرِ سِنِّهِ
وَلَم أَنتَفِع مِن حُسنِهِ بِيَقينِهِ / لَدَيهِ وَأَخشى مَن عَفائي بِظَنِّهِ
وَيُذكِرُني صَبري بِرِقَّةِ خَصرِهِ / وَيُذكِرُني عَزمي بِفَترَةِ جَفنِهِ
وَقَفتُ عَلى صَبابَتِهِ ظُنوني
وَقَفتُ عَلى صَبابَتِهِ ظُنوني / وَلَكِن بِعتُهُ بِالدونِ ديني
دَعوني وَتَوديعَ الحَبيبِ بِنَظرَةٍ
دَعوني وَتَوديعَ الحَبيبِ بِنَظرَةٍ / يُمَتِّعُني مِنها مَتاعاً إِلى حينِ
أُوَدِّعُهُ تَوديعَةَ السَهمِ قَوسَهُ / مَدى الدَهرِ يُقصيني وَكَاللَمحِ يُدنيني
إِن عامَ في ماءِ نارِ الحُبِّ إِنساني
إِن عامَ في ماءِ نارِ الحُبِّ إِنساني / تَخَيَّلوا عَقرَباً مِن غَيرِ تِبيانِ
إِنّا إِلى اللَهِ إِنّا في هَوى مَلَكٍ / أَمسى يُعارِضُ فيهِ أَلفُ شَيطانِ
لي عِندَكُم دَينٌ وَلَكِن هَل لَهُ
لي عِندَكُم دَينٌ وَلَكِن هَل لَهُ / مِن طالِبٍ وَفُؤاديَ المَوهونُ
فَكَأَنَّني أَلِفٌ وَلامٌ في الهَوى / وَكَأَنَّ مَوعِدَ وَصلِكُم تَنوينُ
يا دِيارَ الأَحبابِ عابَثَكِ الدَه
يا دِيارَ الأَحبابِ عابَثَكِ الدَه / رُ فَكانَ الجَوابُ مِن أَجفاني
وَخُيولي الدُموعُ وَالنَفَسُ الصا / عِدُ شَوطي وَوَجنَتي ميداني
فَإِذا قُلتُ أَينَ داري وَقالوا / هِيَ هَذي أَقولُ أَينَ زَماني
وَطَنُ العاشِقِ الوِصالُ وَإِلّا / فَهوَ عَينُ الغَريبِ في الأَوطانِ
وَعَذابُ الغَرامِ أَعذَبُ في خا / طِرِ حُبّي مِن راحَةِ السُلوانِ
بارَكَ اللَهُ لِلعَواذِلِ في الما / ءِ وَهَنّا العُشّاقَ بِالنيرانِ
إِنَّ في الحُبِّ سرَّ مَعنىً فَدَعهُم / أَبَداً جاهِلينَ سِرَّ المَعاني
سَرَّحتُ دَمعيَ لا تَسريحَ إِحسانِ
سَرَّحتُ دَمعيَ لا تَسريحَ إِحسانِ / فَلا تَلُمني عَلى تَصريحِ أَجفاني
لَو شِئتَ ما فاضَ ماءُ الناظِرَينِ وَلا / غاضَت إِلى مُهجَةٍ تُؤويكَ نيراني
قالوا جُموعٌ مِنَ العُذّالِ حاشِدَةٌ / إِلَيكَ ما بَينَ ضَرّابٍ وَطَعّانِ
فَهَل تُطاعِنُ قُلتُ الطعنُ عادَتُنا / قالوا فَأَينَ العَوالي قُلتُ أَغصاني
تَفدي اللَيالي الَّتي بِالبُعدِ تُسخِطُني
تَفدي اللَيالي الَّتي بِالبُعدِ تُسخِطُني / تِلكَ اللَيالي الَّتي بِالقُربِ تُرضيني
كانَت بِكُم فَرَعاها اللَهُ تُضَحِكني / فَأَصبَحَت لا رَعاها اللَهُ تُبكيني
يا بُعدَها غايَةً لِلشَوقِ غائِلَةً / مِن غَورِ مِصرَ إِلى عَلياءَ جَيرونِ
أَودَعتُمو مسمَعي مَكنونَ ذِكرِكُمُ / فَهاكُمُ دُرَّ دَمعي غَيرَ مَكنونِ
إِن كُنتَ تَلحاني فَلَستُ بِحاني
إِن كُنتَ تَلحاني فَلَستُ بِحاني / وَمِنَ المَروءَةِ أَن تُعِينَ العَانِي
يا حاضِراً يُلقي إِلَيَّ حَديثَهُ / أَمسِك فَلَستُ بِحاضِرٍ تَلقاني
أَسمَعتَ حُكماً مَن لَهُ قَلبٌ وَما / أَسمَعتَ قَولاً مَن لَهُ أُذُنانِ
مَن لَم يَكُن سُلطانُهُ مِن حُجَّةٍ / فَنَقادُها صَعبٌ بِلا سُلطانِ
ظَعَنَت ذَخائِرُ أَدمُعي وَتَفَرَّقَت / مِن قَبلِ يَومِ تَفَرُّقِ الأَظعانِ
فَاليَومَ إِن لَم أَرضَ مِنهُ مُسخِطي / بِفِراقِهِم فَالدَمعُ ما يَرضاني
وَبِحَقِّهِ إِن لَم أَبُلَّ غَليلَهُ / مِن بَعدِ ما أَسعَرتُهُ نيراني
يا دَهرُ ما أَطلَعتَ لي يَومَ النَوى / إِلّا مُعَقِّبَ لَيلَةِ الهِجرانِ
وَوَجَدتُ قَلبي إِذ سَمِعتُ عِتابَهُ / يَصلى لَظاهُ وَما وَجَدتُ لِساني
وَلَقَد أَطاعَتهُ جَميعُ جَوارِحي / حَتّى اللِسانُ أَطاعَهُ وَعَصاني
فَاليَومَ قُل ما لا عَلَيكَ بَيانُهُ / فَعَلَيَّ حينَ عَصَيتَ صارَ بَياني
أَفدي بِنَفسي وَجهِكَ الراضي عَلى / عَيني وَحِدَّةِ لَفظِكَ الغَضبانِ
إِن تُنكِر النارَ الَّتي في مُهجَتي / فَلَتَعرِفَنَّ الماءَ في أَجفاني
وَنَهَضتُ مِعثاراً بِدَمعِيَ وَالخُطا / مَقصودها وَمُعَثِّري ذَمَلاني
لِلناسِ أَغصانٌ وَقَد يَجنونَها / وَعَلِقتُ غُصناً دونَها وَجَناني
وَيَدُ النَسيمِ كَريمَةٌ عِندي بِما / شَرَعَ التَعانُقَ بَينَ غُصنِ البانِ
وَعَلى الأَحِبَّةِ مَن عِداهُم رِقيَةٌ / وَعَلى الحَمائِمِ رِقيَةُ الأَغصانِ
وَالريحُ تَحتَ الطَيرِ تَجري خَيلُها / وَالطَيرُ تُمسِكُ غُصنَهُ بِعَنانِ
وَيَهُزُّني كَالغُصنِ خَمرُ غِنائِهِ / فَأَقولُ هَل غَنّاهُ أَو غَنّاني
الغُصنُ تُثمِرُهُ الأَغصانُ مِن بانِ
الغُصنُ تُثمِرُهُ الأَغصانُ مِن بانِ / وَكُلُّ غُصنٍ يُحَيّينا بِبُستانِ
مُبَشِّرٌ جُلَّنارُ الوَجنَتَينِ بِما / رَبّاهُ في الصَدرِ مِن أَطفالِ رُمّانِ
إِنّي لَأَخشى عَلى وَردٍ بِوَجنَتِهِ / مِن أَن يُسَبِّخَهُ خَطُّ بِرَيحانِ
يُعابُ لَهُ الزَمانُ وَذاكَ أَولى
يُعابُ لَهُ الزَمانُ وَذاكَ أَولى / بِهِ مِن أَن يُعابَ بِهِ الزَمانُ
يَقَرُّ بِكَ العَلاءُ فَأَنتَ فينا / كَذِكرِكَ ما اِستَقَرَّ بِهِ مَكانُ
إِذا سَفَرَت وُجوهُهُمُ إِلَيكُم / أَراكَ القَلبُ ما جَحَدَ العِيانُ
وَقُلنا اللَهُ أَكبَرُ وَهوَ فَجرٌ / إِذا ما لاحَ قَد سُمِعَ الأَذانُ
عُلىً جَرَّت لَهُ حالاً فَحالاً / وَلَولا الزُجُّ ما اِرتَفَعَ السِنانُ
وَلا مَنَّ في دَمعي إِذا جاءَ إِنَّهُ
وَلا مَنَّ في دَمعي إِذا جاءَ إِنَّهُ / نَداكُم سَقى قَلبي فَفاضَ بِهِ جَفني
الشُكرُ وَالإِحسانُ في دينِ العُلا
الشُكرُ وَالإِحسانُ في دينِ العُلا / مِثلانِ لَكِن يَسبِقُ الإِحسانُ
رَضِيَ الإِلَهُ بِهِ لِأَفضَلِ نِعمَةٍ / ثَمَناً فَهانَت بَعدَهُ الأَثمانُ
وَالشُكرُ جارٌ وَالجَميلُ مُجاوِرٌ / وَالحَزمُ أَن تَتَواصَلَ الجيرانُ
ضَيفٌ وَيُقنِعُهُ الحَديثُ لَهُ قِرىً / وَعَلى الحَديثِ تَجَمَّعُ الضِيفانُ
عِندي لَهُ وَطَنٌ وَبَعدَ نُزولِهِ / لا كانَ أَن تَنبو بِنا الأَوطانُ
إِن زِدتَني وَجَحَدتُ ما أَولَيتَني / يَوماً فَإِنَّ زِيادَتي نُقصانُ
مَلَأَ اليَدَينِ بِجودِهِ وَشَكَرتُهُ / فَلَتُملَأَنَّ بِشُكرِهِ الأَزمانُ
أَيقَظتَ مِن سِنَةِ الإِياسِ مَطامِعي / فَلِذا يُشَكِّكُ شُكرِيَ اليَقظانُ
وَلَتُنجِدَنِّي في ثَنائِكَ أَلسُنٌ / إِن كانَ يُنجِدُ مَن يَقولُ لِسانُ
لِلشِعرِ ميزانٌ فَكَيفَ بِشُكرِهِ / جوداً يَفيضُ وَما لَهُ ميزانُ
وَالشُكرُ لِلنَعماءِ إيمانٌ كَما / شَهِدَ الكِتابُ وَكُفرُها كُفرانُ
مِنَنٌ يُذَكِّرُ ناظِري قَلبي بِها / أَبَداً فَيُنسى عِندَها النِسيانُ
ظَهَرَت عَلى كُلٍّ بِها وَتَظاهَرَت / أَعلامُ فَصلٍ ما بِها كِتمانُ
أَسرَرتَها عَن أَن تَبوحَ بِسِرِّها / وَعَلى الثَناءِ بِسِرِّها الإِعلانُ

المعلومات المنشورة في هذا الموقع لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع إنما تعبر عن رأي قائلها أو كاتبها كما يحق لك الاستفادة من محتويات الموقع في الاستخدام الشخصي غير التجاري مع ذكر المصدر.
الحقوق في الموقع محفوظة حسب رخصة المشاع الابداعي بهذه الكيفية CC-BY-NC
شبكة المدارس الإسلامية 2010 - 2025