المجموع : 36
هَذاكَ مغناهُم فقِف في بينهِ
هَذاكَ مغناهُم فقِف في بينهِ / وحذارِ ثُمَّ حذارِ أعيُنَ عينهِ
لا تَغترِر بفُتورِ أحداقِ الَمها / ففتورُها خَوضُ الرَّدى من دُونهِ
وعنِ اليمينِ من المضاربِ معهدٌ / لرشاً وثِقتُ بعهدهِ ويمينهِ
خَصرُ الَّلمى يروي السَّقامَ بصحَّةٍ / جسمي الضَّعيفُ بخصرهِ وجُفونهِ
قمرٌ ضللتُ بخالِه وبشَعرهِ / لكن هُديتُ بثغرهِ وجبينهِ
ترتاعُ أقمارُ الدُّجا من نُورهِ / وتغارُ أغصانُ النَّقا من لينهِ
أودعتُه قلبي وأعلمُ أنني / أودعتُه سَفَهاً لغيرِ أمينهِ
يا يومَ غُرَّبَ لستُ أوَّلَ عاشقٍ / هتَكت سرائرهُ غُروبُ شُؤنِه
كم في الظَّعائنِ من كثيرٍ ضَغائنٍ / لم يَرثِ للصَّبِّ الشَّجي وشُجونِهِ
متبسِّمٍ من ثغرهِ عن جَوهرٍ / متنضِّدٍ روحي فداءُ ثمينهِ
يُلهي هواهُ المترفَ المرتاحَ عن / دُنياهُ والُمحيي الدُّجا عن دينِهِ
لا تَقولُوا سَلا وملَّ هَوانا
لا تَقولُوا سَلا وملَّ هَوانا / وتسلَّى عن حُبِّنا بسِوانا
كيفَ يَسلُوكُم ويصبرُ عنكم / من يَرَى سيِّئاتِكم إحسانا
لا وذُلِّي لعزِّكم ما لَوى يو / ماً إلى غيرِكم فُؤادي عِنانا
كيفَ يخفَى وَجدي لديكُم وقَد أص / بحَ دمعي عن لوعتي تُرجُمانا
قَسماً بعدَ بعدِكم وجَفاكم / لم يُفارِق ليَ البُكا أجفانا
لا تظنُّوا زَفيرَ قلبيَ مُذ أَح / رَقتُمُ الصَّبرَ فيهِ إلاَّ دُخانا
يا أخِلاَّي ب العقيقِ وجِيرا / ني بنجدٍ حُيِّيتُمُ جيرانا
وزَماني ب الُمنحنى ومَغاني / هِ وذاكَ الحمى سُقيتَ زمانا
أربُعٌ كنتُ قَد أخذتُ منَ اللَّه / وِ بِقَطعِ اللَّذَّاتِ فيها أمانا
لم أَزَل لاهياً بكلِّ رشيقٍ / يتثنَّى فَيُخجلُ الأغصانا
ذُو معانٍ دلالُهُ لم يُغادرِ / لِسواهُ في وسطِ قلبي مَكانا
أيُّها النَّابِلُ الذي عن فؤادي / سَهمُ عينيه لم يكن يَتَوانى
لكَ قدٌّ بغيرهِ لم تكن تَع / رِفُ في خَوضِك الحُروبَ الطِّعانا
مُذ تيَّقنتَ أنَّهُ الرُّمحُ ركَّب / تَ من الُمقلَتينِ فيه سِنانا
جُرتَ لَّما مَلكتَ فاعدل فما أق / بحَ من حُسنِ شَخصكَ العُدوانا
ما اتخَّذتَ المِلاحَ جُنداً إلى أن / قُمتَ بالحُسنِ بينَهُم سُلطانا
لو كمِثلِ الذي أُجنُّ أَجنَّا
لو كمِثلِ الذي أُجنُّ أَجنَّا / مِن غرامِ لما جفَى وتجنَّى
لكنِ الوجدُ مُذ عدا قلبَه ها / نَ عليهِ وجدُ الكئيبِ المعنَّى
يا مُعيرَ الغَزالِ والغُصنِ لحظاً / وقواماً إذا رنا وتثنَّى
ومُعيرَ الدُّرِّ المنظَّم ثغراً / وحديثاً والبدرِ نُوراً وحُسنا
نَم هنيئاً فلم يزَل مُنكِراً جَف / نِيَ فيكَ السُّهادَ حتَّى اطمأنَّا
علَّمتني أيَّامُ هجرِك صبراً / لم أكن قبلَها له أتمنَّى
فلكَ الشُّكرُ بالفَعالِ الذي كا / نَ مَنوناً وإنَّما صار مَنّا
صاحِ شِمَّ برقَ برقةٍ إن تراءَى / وحَمامَ الحِمى إِذا ما تغنَّى
لزَفيري شُواظُ ذلكَ إذ ع / نَّ ونَوحي ترجيعُ ذا حينَ حنَّا
كلَّما ناحَ ذا ولاح مجدَّاً / ذاكَ وهناً شكت ضُلوعيَ وَهنا
سَلهُما والسُّؤالُ ليسَ بمُجدٍ / مُستهاماً يبكي إذا اللَّيلُ جَنَّا
أَعلى أيمنِ الكثيبِ فريقٌ / أودَعونا مذ فارقوا الحَزنَ حُزنا
غيَّبوا في هوادجِ العيسِ بدراً / كالحُميَّا ريقاً وخداً وجفنا
لو رآهُ من قبلُ قيسٌ وقَيسٌ / ما استهاما بُحبِّ ليلى ولُبنا
عجَبي منه والتَّعجُّبُ منه / مثلُ وجدي في حبِّه ليس يفنَى
كيفَ يسطُو عليَّ ليثاً هصوراً / ثمَّ يعطو إليَّ ظبياً أغنَّا
غيرُ صبري في هَواهُ هيِّنُ
غيرُ صبري في هَواهُ هيِّنُ / فمَلامي فيه ظُلمٌ بيِّنُ
صرَّح اللاَّحي عليهِ أم كنَى / ما أراهُ رامَ شيئاً يُمكنُ
رَشأٌ مَا خلتُ لولاهُ الهوَى / أَنَّه يُعبدُ فيه الوثَنُ
رامِحٌ صعدتُه أنَّى انثنَى / قامةٌ باللَّدنِ منها يَطعنُ
ضاربٌ من مقلتيهِ صارمٌ / مُرهَفُ ما طبَعتهُ اليَمَنُ
ساحرُ الألحاظِ كم قامت بهِا / وعليها في هَواهُ الفِتَنُ
يا خليلي خلِّ داراً أقفرت / وَمحلا غابض عنه السَّكنُ
واردَعِ الباكي على منزلةٍ / رحلت من ساحتَيها الظُّعُنُ
كلُّ ربعٍ ليسَ يُقضَى وَطرٌ / فيهِ ما ذلِكَ عندي وَطَنُ
فدعِ الرَّكبَ اليمانيَّ وما / ضمّهُ فيه الكَثيبُ الأيمنُ
ودماءً سفكَتهُنَّ الدُّمي / ما سلاحُ العيِنِ إلاَّ الأعينُ
فاصرفِ الهمَّ بصِرفٍ دَنُّها / مرَّ في العُمرِ عليهِ الزَّمنُ
ذاتِ نُورٍ إن تَجلَّت في دُجىً / عادَ مثلَ الصبُّحِ منه الوَهَنُ
كلَّما طافَ بها السَّاقي تَرى ال / شمسَ بالبدرِ علينا تُقرَنُ
فاغتَنِمها من يَدي معتدِلٍ / قدُّهُ يَخجَلُ منه الغُصنُ
آفةُ العشَّاقِ منه خُلقٌ / سيءٌ صَعبُ وَخَلقٌ حَسنُ
مُذ تبدَّى الشَّعرُ في سالفهِ / دارَ حول الوردِ منهُ السَّوسنُ
بعتُه رُوحيَ بلَى ما صحَّ لي / غيرَ مُرِّ الهجرِ منها ثَمنُ
ولوَ انيِّ بخيالٍ بعتُها / لَغَدت بيعةَ من لا يُغبَنُ
أيُّ حُسنس وجَمالٍ فيهش لو / أنَّهُ يُجِملُ بي أو يُحسنُ
سَلبت عيناهُ عنِّي نومضها / فلهِذا زادَ فيه الوسَنُ
أفردتهُ بالمعاني طَلعةٌ / حظُّنا منها شجىً أو شجَنُ
قف سائلاً بلوى الكثيبِ الأيمنِ
قف سائلاً بلوى الكثيبِ الأيمنِ / داراً عفت فكأنَّها لم تُسكنِ
وحذارِ أَحداقَ الظبِّاءِ فَلم تزل / حُمرُ المنايا في سَوادِ الأعيُنِ
أعلمتَ كَم كابدتُ يومَ الُمنحنَى / كمداً عليهِ غدت ضُلوعي تنحني
ظَغنَت ركائبُهم فلا ظِلَّي نَدٍ / من بَعدِ فُرقتِهم ولا عَيشي هني
رَحلوا بواضحةِ الجَبينِ إِذا بدت / فلِمُجتلٍ وإِذا انَثنَت فلمُجتني
هَيفا القوام يهزُّ من أعطافِها / سُكرُ الشَّبيبةِ غُصنَ قَدِّ ليِّنِ
تُرخي ذوائبَها إِذا خطرت ضحىً / فترَى الصبَّاح يجرُّ ذيلَ الَموهنِ
يا ظبيةً عُشَّاقُها في حُسنها / لا يظفرونَ بغيرٍ حظِّ الألسنِ
أَمَّا الغرامُ كما عهدتِ فإنَّهُ / باقٍ وأمَّا الصَّبرُ عنكِ فَقَد فني
أرجو خيالَكِ والرُّقادُ مُشرَّدٌ / عنِّي لَقَد أمَّلتُ ما لم يُمكنِ
أنا مثلُ خَصركِ من سُلُوي مُقترِ / وكمثلِ ردفِكِ من صَباباتي غَني
لا غروَ للصبِّ أن يعرُوهُ نُقصانث
لا غروَ للصبِّ أن يعرُوهُ نُقصانث / وفي الرَّكائب أقمارٌ وأغصانُ
بانوا فكلُّ سُروري بعدهُم حَزنق / وبَعدَ بينهمُ في القلبِ أحزانُ
يا صاحِ دعنيَ من ذكرِ العَقيقِ ومن / مَنازلٍ ليسَ لي في نعتِها شانُ
مالي وما لرُبوعٍ لستُ أعرِفُها / ما الحبُّ نُعمٌ ولا الأوطانُ نُعمانُ
لولا الرَّوادفُ تهتزُّ القدودُ بها / ما شاقني الرَّملُ من بيرنَ والبانُ
أجل ولولا الظبِّاءُ النَّافراتُ لما / سألتُ هل سَنحَت بالجزعِ غُزلانُ
ما لي وما لِحَمامِ الدوَّحِ يُذكرُني / فُنونَ عصرٍ توَّلت وهوَ فَينانث
يَهيجُ بالنِّيلِ بي شوقٌ إلى بردى / وأينَ من بردهِ ظَمانُ لهفانُ
الله يا ورقُ في عاني الحشا وَصبٍ / صَبَّ لهُ بِريُا جيرونَ جِيرانُ
يقولُ وهو بمصرٍ عند حاجرِها / ليسَ اللُّبانةُ إلاَّ حيثُ لبنانُ
جادتكَ يا شرفَ الميدانِ ساريةُ / ولا تعدَّاكَ هامي الوَدقِ هَتَّان
وُدبجِّت لكِ يا سَطر سُطورُ ربيً / منَ الرِّياضِ لَها بالزَّهرِ ألوانُ
وفاحَ يا واديَ الشَّقراءِ منكَ شَذىً / يضيعُ حينَ يضوعُ الوردُ والبانُ
وراقَ ماؤُكَ يا ثَورا ولا بَرحَت / تميلُ فوقكِ بالأطيارِ أغصانُ
ودام رفقُكَ يا باناسُ متَّصلاً / حتَّى يُرَى كلُّ طامٍ وهوَ ريَّانُ
تلكَ الجِنانُ التي حيثُ التفتَّ تَرى / قصراً مُنيفاً به حُورٌ وولدانُ
تدعوكَ فيها إِلى اللَّذَّاتِ أربعةٌ / بيعُ الحياةِ بها ما فيهِ خُسرانُ
ظِلٌّ ظليلٌ وماءٌ باردٌ غدِقٌ / وجوسَقُ مُشرفٌ عالٍ وبُستانُ
يا بارقَ الشَّامِ حيِّ الأثلَ والبانا
يا بارقَ الشَّامِ حيِّ الأثلَ والبانا / وانقُل حديثَك عن لُبنى ولُبنانا
وهاتِ ما حَملت عِطفاكَ مِن خَبرٍ / فإِنَّ لي بُرِبى جَيرونَ جيرانا
سقت لياليكَ بالأَحبابِ ساريةٌ / تُعيدُ ظاميءَ ذاك التُّربِ رَيَّانا
ولا تعدَّى الرُّبى من قاسيونَ حياً / يُعيدُ فوقَ الصيَّاصي منهُ غُدرانا
تلك الرُّبوعُ التي لم تألُ مُذ عُمِرت / في الأرضِ للَّهوِ والأوطارِ أوطانا
جَوٌّ متَى ما جرت خيلُ اللِّحاظِ بهِ / ألفيتُ فيها لطِرفِ الطَّرفِ مَيدانا
ومسرحٍ أيُّ عَينٍ باشرتُهُ رأت / في ساحَتيهِ مَهاً عيِناً وغِزلانا
من كلُّ أهيفَ مثلِ الرُّمحِ مُعتدِلٍ / سِنانُه ناظرٌ ما زال وَسنانا
يُفرِّغُ القلبُ إِلاَّ من جوَىً وأَسىً / أَبقَى سُويداهُ من هذينِ مَلآنا
بكلِّ مُؤنِسةِ منها ومائِسةٍ / عزَّت فلا شيءَ إِلاَّ بعدَها هانا
كالسَّمهريِّ إذا هزَّت معاطِفَها / قدَّاً وكالصَّارمِ الَمصقولِ أجفانا
تفترُّ عن شَنبٍ عذبٍ مُقبَّلُهُ / يُريكَ منظومُهَ دُرَّاً ومُرجانا
وَيا عَذوليَ فيهِ دع ملامَك لي / فما أرى فيه لي نُصحاً ولو كانا
ما كنتَ تطمعُ في رُشدي ولستَ بِذي / هوىً فكَيفَ بِهذا تَظفرُ الآنا
دونَ الحِمى والرَّملِ من يَبرينه
دونَ الحِمى والرَّملِ من يَبرينه / سربُ تَصيدُ الأُسدَ أعيُنُ عِينهِ
مِن كلِّ جائلةِ الوشاحِ يزينُها / قدٌّ يميلُ معَ النَّسيمِ ولينهِ
وأغنَّ مرهوبِ اللِّحاظِ إذا سَطا / كانت ظباهُ البيضَ سودُ جفونهِ
ولعَ الصبِّا بقَوامِه فأمالَه / ولعَ الصبَّا يومَ الحِمى بغُصونهِ
يا مُستريحَ القلبِ مِن ألمِ الجوى / حاشاكَ من دائي ومرِّ دفينهِ
لا يغرُرنَّكَ حيُّ وادي المنحنى / فالسمهريَّةُ شرعٌ من دونهِ
إياكَ عن ذاك المحلِّ وإن حَلا / لأخي الصبَّابةِ فيهَ ريبُ مَنونهِ
فحمامُه كبُزاتهِ وظِباؤهُ / كأسُودهِ وكِناسُه كعَرينهِ
كلَّما قلتُ جُد لذُلِّي وحُزني
كلَّما قلتُ جُد لذُلِّي وحُزني / باللَّقا قالَ لا وَعزِّي وحُسني
قمرٌ كاملُ الصِّفاتِ مُنيرٌ / تحتَ ليلٍ من شَعرهِ فوقَ غُصنِ
يستبيحُ الدِّماءَ ظُلماً وبَغياً / لا بسيفِ ماضٍ ولكن بجفنِ
كلَّما قالَ طَرفُه لا وكلاً / قالَ وَجدي عسَى وليتَ وإِني
جلَّ وَصفاً من أن يُشبَّه بالأَغصا / نِ عطفا وبالغَزلِ الأغَنِّ
من مُجيري من جائرٍ جازَ حداً / وغُلواً في هجرهِ والتَّجني
قالَ لي خَصرهُ كفاكَ بأن تُس / نِدَ أَخبارَ سُقمِ جِسمِكَ عنِّي
لو وفَى عدلُ طيفهِ بالضَّمان
لو وفَى عدلُ طيفهِ بالضَّمان / كنتُ من جَورِ طَرفِه في أَمانِ
رَشأٌ كلَّما رَنا وتثنَّى / هَزَّ أعطافَ صَعدةٍ في سِنانِ
مُتجلٍّ كالبدرِ لاحَ لسِتِّ / خاليات من شهره وثمان
نافرٌ مائلُ وهذي السَّجايا / من سجايا الظبَّاءِ والأغصانِ
ما ثناهُ سوَى رحيقِ رُضابٍ / في لَماهُ ثَناهُ كالنَّشوانِ
يسترقُّ الألبابَ منَّا له حُس / نُ صِفاتٍ بَديعةٍ ومَعاني
ناسمٌ عن أريجٍ مسكٍ زكيِّ / في لماهُ وباسمٌ عن جُمانِ
يا لهُ من جنيِّ خدِّ نضيرٍ / مُشرقٍ تحتض ناظرٍ فتَّانِ
يحرسُ النَّرجسُ الُمضاعَفُ من عَي / نَيهِ فيهِ شَقائقَ النُّعمانِ
عربيٌّ في زيِّهِ حَبشيٌّ / شَعرهُ وهوَ من بني خاقانِ
لا يقِرُّ الوشاحُ في خصرهِ الظَّم / آنِ من فوقِ رِدفهِ الرَّيَّانِ
في هَواكُم قَامتِ الفِتَنُ
في هَواكُم قَامتِ الفِتَنُ / كلُّ ما يرضيكُمُ حَسَنُ
ليسَ لي في طَيفكم طَمعٌ / أينَ من أجفانيَ الوسَنُ
لا وما ألقاهُ من سَقَمٍ / ذابَ فيهِ منِّيَ البدَن
ما حلا لي بعدَكم قمرٌ / يتثنَّى تحته غُصنُ
يا لَقومي أينَ غَفلتُكُم / ولكُم من بأسِكم جُنَن
ذَهَبت تلكَ الدُّمى بِدَمي / لاَ نَحتكُم هذهِ الِفتَنُ
كلُّ فرضٍ في محبَّتِكم / عندَ قومٍ غيركم سُنَنُ
كَيفَ ضاعت عندَكم ذِمَمي / وإِليكُم تُنسبُ الِمنَنُ
لو كانَ لي يومَ استقلُّوا لِسان
لو كانَ لي يومَ استقلُّوا لِسان / ناديتُ رِفقاً بالمِلاحِ الحِسان
لكن شكت عنِّي الهوَى أدمُعٌ / ما ظفِرت منهم بغير الهوان
سَألتُها إِصلاحَ حالي عسى / تجهَدُ في إصلاحهِ كيفَ كان
سفاهةً مني وإلاَّ متى / نالَ المنى من دمعُهُ التُّرجُمان
ما عبَّرت عبرتُها عن جوىً / لو بتُّ أشكوهُ إلى الصَّخرِ لان
فلا رقَت من أرقٍ حيثُ لم / تأخُذ لجَفني من جَفاهُم أَمان
وفي خِيامِ الحَي أحوَى حوَى / رِقِّيِ لهُ كفٌّ رقيقُ البَنَان
نشوانُ عِطفٍ في لَمى ثغرِهِ / وَلفظِه والطَّرفِ بنتُ الدِّنان
أقنى بقَدَّ مثلِ سُمرِ القَنا / ليناً وخدِّ من دمِ الصَّب قان
إذا تجلَّى ورَنا وانثنَى / بدرُ دُجاً ريمُ نقاً غُصنُ بان
أُسكنَ من قلبي جحيماً ومن / يظلم يكن في النَّارِ لا في الجِنان
عنِّي تروي فيه كُتبُ الهوَى / لا ما رَواهُ عن فُلانٍ فُلان
نعم هذي الدِّيارُ فحيِّهُنَّه
نعم هذي الدِّيارُ فحيِّهُنَّه / تَحيَّةَ مُغَرمِ بِطُلولِهُنَّه
أَعِرني وَقفةً يا سَعدُ فيها / لِتُسعِدَني تكن لكَ أيُّ مِنَّه
ديارٌ حَقُّهنَّ عليَّ فرضٌ / وإن أَضحت على العُشَّاقِ سُنَّة
كَفاها الوَكفُ من دمَعي إذا ما / جَفَت سُحبُ الرَّبيعِ رُبوعَهُنَّه
فلي أجفانُ دمعٍ ليسَ تألو / تَسُحُّ لها غُيوثٌ مُرجَحنَّه
شَكونا جَوَّها ولَها قُلوبُ / من البينِ الُمشَتتِ مُطمَئِنَّه
أما وظبائها العين اللَّواتي / مضت بدمي ظُبا الحاظِهنَّه
لقد ملكت بها رِقِّي جفونٌ / مُجرَّدةٌ عليَّ سُيوفُهنَّه
كأنَّ قُدودَهُنَّ رِماحُ خطِّ / عملنَ لهنَّ من حدقِ أسنَّه
إذا ما ملِنَ قلتُ غصونُ بانٍ / وقد أثقلنَهُنَّ ثِمارَهُنَّه
أظُنُّ سوادَ فَودي حين ولَّى / وقد وَلَّينَ كانَ حَلِيفَهُنَّه
حَدِّثه عن نجدٍ فَلولا عِينُهُ
حَدِّثه عن نجدٍ فَلولا عِينُهُ / وعُيونها ما جُنَّ منه جُنونُهُ
واسَتملِ ما تُمليهِ عَبقَةُ روضهِ / سَحراً وترفَعُه إليكَ غُصونُه
وانقل أسانيدَ الهوَى عن أضلعي / فحديثُ أهل العشقِ أنتَ أمينُهُ
يا سعدُ أسعدَك الإِلهُ ولا خلا / مَغناكَ مِن خِلِّ رآكَ تُعيِنهُ
أعدِ الحديثَ عن الحبيبِ مكرِّراً / أخبارَه فالصَّبُّ هذا دِينُهُ
ولعلَّ ما تَرويهِ يحملُ لوعةً / في طَيِّها داءٌ يَهيجُ دَفينهُ
وبأيمنِ العَلمينِ ظبيٌ مُهجتي / تَشكو السَّقامَ وخصرُهُ وجفونُهُ
بالرَّاحِ طافَ كلامُه وبمثِلها / ألحاظُه وخدُودهُ ويَمينُهُ
زَار وَهناً والنَّجمُ دونَ مكانِه
زَار وَهناً والنَّجمُ دونَ مكانِه / وبَقايا النُّعاسِ في أَجفانِه
وتَخطَّى الأخطارَ والَّذابلَ الخَطّ / ارَ فيهِ السِّنانُ من وَسنانِه
يا لَهَا زاورةً أَراحت فَراحَت / بِهجيرِ الغَرامِ من هِجرانِه
فافتَضحنا ليلاً بِبرقٍ ثَنايا / هُ فَهَلاَّ ثَناهُ عن لمَعانِه
خثوطُ بانس قد أثمرَ الحُسنَ فلَلَبا / نُ غَدا يُعتزَى إلى خُوطِ بَانِه
واعذابي من ريقِهِ العَذبِ رقَّت / صَدَفٌ للعقيقِ فوقَ جُمانِه
غازَلتنا لِحاظُه فغنينا / عنَ مَها المُنحنَى وَعَن غِزلانهِ
وَجَزعنَا بالجِزعِ مِنهُ وَلكن / قَد نَعمنَا بالوصلِ في نَعمانِه
من عَذيري من ذا الغِزالِ وقَد نَمَّ / عليهِ النَّمَّامُ من رَيحانِه
وَمُعينٌ صباً بِدَمعٍ مَعينٍ / رَاحَ وَقَفاً فيهِ على أَحزانِه
جُلُّ ناري من جُلنارِ خُدودٍ / نَفضتهُ النُّهودُ من رُمَّانِه
هو إنسانُ مُقلَتي ما خَلت مِن / هُ وَقَلبي لم يَخلُ من إِنسانِه
سلِّم سَلمتَ على جيرانِ جَيرونِ
سلِّم سَلمتَ على جيرانِ جَيرونِ / يا صاحِ عن مستهامِ القلب محزونِ
وخُصَّ جامعَها عني فكم جَمعت / أكنافُهُ الشَّملَ بالأحبابِ من حِينِ
وقِف بمسجدِ خاتونِ فإنَّ به / وبالُمنيعِ أضحى القلبُ في هُونٍ
وأنتَ يا برقُ حيّ النَّيربَينِ بها / وَأسقِ مزَّتضها سحاً كِسحيَّنِ
وإن أتيت الحمى وَهناً فحيِّ به / حَيّا أقاموا بجرمانا وجسرينِ
يُشفى العَليلُ بِرؤُياهُ وتُسعدهُ / رَوائحٌ خطرت من قلبِ قلبينِ
وأمررُ بِبيروتَ حيثُ الماء مُنحدرٌ / يسُوخُ بينَ رياضِ للرَّياحينِ
حيثُ البدورُ على ملدِ الغُصونِ غَدَت / تختالُ في غَيدِ الأَعطافِ واللًّينِ
أَشرف على الشَّرفِ الأَعلى إِذا سَنَحت / تِلكَ الظّباءُ بِسَرحاتِ الَميادينِ
في يومِ سبتٍ تَرى الأرقاقَ حاملةً / على المناكبِ أَمثالَ الثَّعابينِ
وسهمها حيّ ذاكَ فَهو لِقَل / بي السَّهمُ منهُ سِهامُ الشَّوقِ تُصميني
وهل يزيدُ يزيدُ الدَّمعَ منكَ كما / يثُيرنا ماءُ ثَورا ماءُ سيحونِ
وامطر دمُومعكَ بالميطورِ وابك على / زمانِ لهوٍ قطعناهُ بعربينِ
وسل حمائم ذاكَ الدوَّحِ مبتكراً / ينُحنَ شجواً بأَفنانِ البَساتينِ
حيثُ الشَّقائقُ تُلقي خَدَّها خفراً / والوردُ يزهو بِمَنثورٍ ونِسرينِ
والنَّرجسُ الغَضُّ قد أَضحَت محاجِرهُ / تَحكي فُتورَ عُيونِ الخُرَّدِ العِينِ
وَلِلبنَفَسَجِ أَنفاسٌ مُعَطَّرةٌ / تُزري بِصَائحِ عِطرِ الهِندِ والصَّينِ
منازِلٌ لَم أَجد عن طِيبِها عِوَضاً / كَلاًَّ وَلو كانَ أَجراً غيرَ مَمنونِ
وَلا أَبيعُ شَذا ذاكَ النَّسيمِ بِها / بِمُلكِ مِصرَ ولا أَموالِ قارونِ
ما أَحسَن الوقتَ أَيَّامَ الرَّبيعِ بِها / لَنَا وأطيَبَهُ أَيامَ تَشرينِ
تَروقُ في الصيَّفِ لي والحَرُّ مُحَتدمٌ / وَلَستُ أَكرههُا وَقتَ الكوانينِ
ما الَمقسُ داري ولا السَّبعُ الوُجوهِ بها / ريُّ المقامِ ولَيسَ التَّاجُ تَعنيني
ولستُ آسفُ يوماً إِن ظعنتُ عن ال / مِقياسِ والنِّيلُ طَامٍ مِثلُ جَيحونِ
ولا أَرى نَظَر الأهرامِ يُقنِعُني / عَن جَوسقٍ في رُبا جِديَا وَزبدينِ
كَلاَّ ولا سَرحهُ القَصرينِ تَقطَعُني / عن صَحنِ جامِعِها يَوماً وتُلهيني
ولا القَرافةُ تُغنيني زِيارَتُها / عن قاسِيونَ ولا أَرصادُ تَسبيني
ولا أرى نزهتي في اللَّوقِ لائِقةً / من بعدِ سطرا ومُقُرى والميادينِ
ولا تَعوَّضتُ عن بابِ البَريدِ بِما / أَراهُ في اللَّيلِ مِن سُودِ الدَّخاخينِ
هذا حديثي وما طالَ المِطالُ ولا / حالَ الزَّمانُ وعندي من يُسلِّيني
سأُرحِلُ العيسَ عَنها وهي صاغِرةٌ / إِلى الشَّامِ وأَدنى الرِّزقِ يَكفيني
يا بَرقُ عُج من غَيرِ أَينِ
يا بَرقُ عُج من غَيرِ أَينِ / سَحَراً بوادي النَّيرَيينِ
ولكم به من جنتين / محفوفتين بكوثرين
ومهُزجين على ذُرى / أَشجاره ومُزمِّلينِ
في عُرسِ نُوَّار الجِنا / نِ تَراقصانِ مُصفِّقينِ
وَخميلَىٍ تختالُ من / خطرتِها في حُلَّتينِ
مُتنميَنِ مُسَهَّمينِ / مُدَرهَمَينِ مُدَنَّرَينِ
لَكَ كالعَرائس تُجتَلى / عِندَ العِيانِ لِكُلِّ عَينِ
كَم قَد سَقانا رِيمها ال / شافي سُلافَ الرَّاحَتَينِ
ما بَينَ رَيحانِ العِذَارِ / وُروسِ وَردِ الوجنتَينِ
أَفديهِ مِن قَمَر غَدا / لَمَّا بدا في عَقربَينِ
في أَسودَينِ مُحَجَّلينِ / وَأَبيضينِ مُوَرَّدينِ
وَلَهُ أَسيلٌ مِسكُهُ / قَد سارَ في كافُورَتينِ
يا بَرقُ مُرَّ بِروقِهِ / في كُلِّ يَومِ مَرتينِ
وإِذا رَكبِتَ منَ الغَما / مِ بأَسودَينِ مُصَولجينِ
فَافضُض ختامِي عارِضي / نِ مُمسَّكينِ مُعَنبرينِ
وارقُم بأَقلامِ الحَيا ال / وَسميَّ طِرزَ الغُوطَتَينِ
وقيَّمٍ كَلَّمت جِسمي أَنامِلُهُ
وقيَّمٍ كَلَّمت جِسمي أَنامِلُهُ / كأَنَّ دَيناً لَهُ عِندي فَآذاني
إِن أَمسَكَ الكَفَّ مِنّي كادَ يَكسِرُها / أَو سَرَّحَ الشَّعرَ من رأسي فَآذاني
فَليسَ يُمسكُ إِمساكاً بِمعرفَةٍ / ولا يُسرِّحُ تَسريحاً بِإِحسانِ
لنا ولكُم إن ضمنَّا أَبرَقُ اللِّوى
لنا ولكُم إن ضمنَّا أَبرَقُ اللِّوى / أَحاديثُ فيها للِغرامِ فُنُونُ
مَا خَالُهُ غيرض أنَّ العينَ ما نظرت
مَا خَالُهُ غيرض أنَّ العينَ ما نظرت / أحلى وأحسَنَ مِنهُ الدَّهرِ إنسانا
فاستحَسَنت ما رَأَت مِنهُ فَحينَ أَبَت / مَدهوشةٌ نَسِيت في الخَدِّ إِنسانا