المجموع : 15
لولا قوامك يا قضيب البان
لولا قوامك يا قضيب البان / لم يحسن القضبان في الكثبان
ولو أن ريقك لم يذقه ذائق / ما طاب طعم الماء للعطشانِ
فإنه العذول عن الملام وقل له / إن الملام عن السلو نهاني
والحب لا بالرأي ينجو هارب / منه ولا بشجاعة الشجعان
هما بخصر كان لولا لينه / ينقذ تحت معاقد الهميان
وبسحر أجفان سرا فينا ولم / نعلم كسري النوم في الأجفان
إن قال قد لاحت عذاراه على / وجناته وهما لنا غدران
أو كان يوسف أولاً في عصره / لا في ملاحته فهذا الثاني
أو حالف الأحزان يعقوب به / ذنا الكريم بحالف الاحسان
أنهبت من يرجو ندى كفي ما / أنهبت خيلي من ذوي التيجان
وجعلت ملكي دون ملكي جنة / يحيه حسد نوائب الحدثانِ
والعز ليس يحل في أوطانه / حتى يحل المال دار هوان
عملت خيلي حين رضتُ حسامها / أن تهتدي بكواكب الخرصان
وسلكت في حربي ثلثة أنصل / من عزمتي ومهندي ولساني
وتحقق الأعداء إذ واجهتهم / أن ليس حصني غير ظهر حصاني
لو لم يكن لي مفخراً أسمو به / الا ولائي للنبي كفاني
قال النبي لنا الكتاب وعترتي / من أهل بيتي ليس يفترقان
أبدا كأنهما إلى أن يأتيا / حوضي وضم بنانه هاتان
وبحسب حبهم قديماً أنهم / عرف النفاق به من الايمان
وإذا روى قوم فضائل غيرهم / رويت فضائلهم من القرآن
جهلوا فظنوا انهم كسواهم / حتى آتى الفرقان بالفرقانِ
يا أيها الانسان إن تك جاهلاً / فسأل بهم هل أتى على الانسان
ما يستوي من يعبد الأوثان ان / أنصفتهم ومكسر الأوثان
كلا ولا من لا يجيب مسائلاً / عن مشكل ومكلم الثعبان
كم بين مختلفين في حاليهما / في سائر الأوقات والأزمان
هذا يعاذ به من الشيطان إذ / يعتاذ ذا مس من الشيطان
وبيوم خيبر إذ تقهقر أول من / حومة الموت الزؤام وثاني
لم يخف فضل الأرمد العينين / في غمراته عمن له عينان
ما كان في أقرانه منذ الصبا / أحد سواه مبارز الأقران
أيام عمر العامري مجهز / في الصف يقدم أوَّل الفرسان
أفغيره منهم يقول كقوله / إن كان يسمع من له أذنان
اللّه ربي ما عبدت سواه / في عصر الصبا ومحمدَّ رباني
تالله ما أصهاره ونساؤه / يوم الفخار وأهله سيان
أولاهم بالمصطفى في الناس / من هو دونهم والمصطفى اخوان
ما بأهل المختار أهلا خلافه / في دينه بفلانة وفلان
كلا ولا صلى وتلك وغيرها / معه بجنح الليل في الأردان
ما كان إلا المرتضى في المرط / بالاجماع والزهراء والسبطان
أفخرتم بالغار لما حله معه / امرؤ في صفه وأمان
ونسيت من بات فوق فراشه / منعرضاً لشفار كل يمان
ما كانت الشورى التي قد لفقت / أخبارها بالزور والبهتان
إلا كيوم بالسقيفة شيدت / فيه مباني الظلم والعدوان
يتمسكون لهم ببيعة فلتة / وبها نقضتم بيعة الرضوان
ورويتم أن الوصي أجابهم / كرهاً ولم يقدر على العصيان
والطهر فاطمة يشال لبيتها / من أجله قبس برأس سنان
أفمنقذ لهم من النيران من حملوا / إلى ابنته لظى النيران
جهلوا ودين الجاهلية فيهم / باق فظنوها من القربان
وأتى ابن هند بعدهم فأثار / ما أخفوا من الأحقاد والأضغان
وغدا ينازعهم يزيد كأنما / ورث الخلافة من أبي سفيان
واذكر ألال القوم إذ فعلوا بهم / أضعاف ما فعلوا بني مروان
لا حرمة الايمان راعوها ولم / يوفوا بما شرطوا من الايمان
ولو أنهم كانوا نصارى عظموا / قدر الذين لقوا من الرهبان
وبنو النبي المصطفى أعضاؤه / فيكم فعدوها من الصلبان
أو مثل حافر عير عيسى أنهم / جعلوه قبلتهم بكل مكان
لا تبك للجيرة السارين في الظعن
لا تبك للجيرة السارين في الظعن / ولا تعرج على الأطلال والدمن
فليس بعد مشيب الرأس من غزل / ولا حنين إلى إِلف ولا سكنِ
وتب إلى الله واستشفع بخيرته / من خلقه ذي الأيادي البيض والمنن
محمد خاتم الرسل الذي سبقت / به بشارة قسَّ وابن ذي يزن
وأنذر النطقاء الصادقون بما / يكون من أمره والطهر لم يكن
الكامل الوصف في حلم وفي كرم / والطاهر الأصل من دان ومن درن
ظل الإِله ومفتاح النجاة وينبو / ع الحياة وغيث العارض الهتن
فجعله ذخرك في الدارين معتصماً / له وبالمرتضى الهادي أبي الحسن
وصيه ومواسيه وناصره / على أعاديه من قيس ومن يمن
ذاك الذي طلق الدنيا لعمري عن / زهد وقد سفرت عن وجهها الحسن
وأوضح المشكلات الخافيات وقد / دقت على الفكر واعتاضت على الفطن
أليس في هل أتى ما يستدل به / من كان لا يتعدى واضح السنن
وقصة الطائر المشوي قد كشفت / عن كل قلب غطاء الرين والظنن
في يوم بدر وأحد والمذاد وفي / حنين أو خيبر هل كان ذا وهن
ومن تفرد في القربى وقد حسنت / أفعاله فغدت تاجاً على الزمن
أوصى النبي إليه لا إلى أحدٍ / سواه في خم والأصحاب في علن
فقال هذا وصي والخليفة من / عدي وذو العلم بالمفروض والسنن
قالوا سمعنا فلما أن قضى غدروا / والطهر أحمد ما واروه في الجبن
ثم اقتفى فعله الثاني ودام على / الاغضاء عن حقه خوفاً من الفتن
وجاء بالظلم والعدوان ثالثهم / والدين من فعلهم ذو مدمع هتن
وعاد زوج البتول الطهر فاطمة / أخو النبي يرى في زي ممتهن
وأظهروا في الحقد في آل الرسول فما / تطوى جوانحهم إلا على أحنِ
حتى لقد حملوهم في زمان بني / أمية فوق حد الصارم الخشن
لأن عداني زماني عندهم فلقد / ذممت لما عداني عنهم زمني
يا حر قلبي على قتل الحسين ويا / لهفي ويا طول تعدادي ويا حزني
لهفي على الأنجم الزهر التي أفلت / وأبعدتها بنو حرب عن الوطن
سبوا حريم رسول الله بل طعنوا / فيه بهم بأنابيب القنا اللدن
لهفي على عصب بالطف ظامية / نالت من القتل فيم أعظم المحن
وآل حرب لهم صفو الفرات ولم / يسمح لهم بشراب الآجن الاسن
أشهى إلي من المحيى الممات إذا / ذكرت مصرعهم واعتارني حزني
لما تذكرت إذ سألت دماؤهم / على النحور مضى صبري وودعني
ظالمت صبري فهل يا قوم ينشده / لي ناشد وله يا قوم ينشدني
يا أمة عدمت أخلاقها سفها / فالغدر كان بها يجري مع اللبن
غرقتم في بحار الغي يقذفكم / إلى الجحيم وخيبتم عن السفن
غوصتموني عن آل الرسول أسىً / فصرت فيهم حليف الوجد والحزن
فالوجد مني لا يفنى تضرمه / عليهم أبداً والدمع لم يخن
أغريتموني بأن أبدي مقابحكم / وأن أردي إليكم أظهر الجنن
يكفيكم أن أجزتم ظلم فاطمة / وقتلكم للحسين الطهر والحسن
وقاتل ابن البتول الطهر فهو كمن / عدا لها غاصباً في أول الزمن
فما عدا ابن زياد ظلم أولكم / بل اقتدى حين أجراه على سنن
قلبي بحبي لأهل البيت مرتهن / وبالطغاة فقلبي غير مرتهن
إذا سمعت بقوم ينتمون لهم / يهزني الشوق هز الريح للغصن
هنتم غداة جعلتم في معاوية / حتى الوصي فأما الحق لم يهن
أنا ابن رزيك لا أبغي بهم بدلاً / حتى أوسد في لحدي وفي كفني
هل منصف باللطف يسليني
هل منصف باللطف يسليني / عن روضتي ورد ونسرين
ولا يلمني فإني امرء / وجدت فرط اللوم يغريني
بي واحد الحسن يرى عدله / في واحد بالحب مفتون
ينصفني فهو إذا زرته / أوزار أرضيه ويرضيني
يميتني بعدي عنه كما / أن اقترابي منه يحييني
فناظري لا تنثني عن رشا / مبارك الطلعة ميمون
أرديت بالسيف أسود الوغى / وهو بسحر اللحظ يرديني
لقد برى جسمي حتى رآ / ني الناس في هيبة محزون
ما صاح كم أظمأني مورد / همت ببدر فيه مكنون
واقترن القلب بكل الأسى / وصاحب بالحسن مقرون
كأنما صوَّر من لؤلؤ / والناس إلا من هو من طين
لو شيم منه ساعة منه ما / قبلت فيها ملك قارون
ولو رضيت الأرض جمعاً به / رجت في صفقة مغبون
فكل لب في هواه معي / ما بين مكفول ومضمون
لا أنثني عنه إلى غيره / إلا لقوم حبهم ديني
أبيت إلا إذ أرى مادحاً / لآل ياسين وطاسين
لساني الصارم في نصرهم / يقرع هامات الشياطين
ولاؤهم يلقي صروف الردى / عني إذا ناديتهم دوني
أقسمت لا مال بقلبي الهوى / إلا إلى الغر الميامين
رآني في البيض الوجوه الأُلى / فاقوا الورى الشم العرايين
قلت لمن قد لامني فيهم / لا لوم عندي للمجانين
أنا ابن رزيك ولي لمن / رتبته رتبة هارون
فهو لسان الصدق ميزان حكم / اللّه ما بين الموازين
نهج العلى الهادي الذي حبه / سفينة في الحشر تنجيني
من أمره بين الندى والردى / قد كان بين الكاف والنون
حرب لمن جَنَّب عن حبه / أرميه عن قوسي ويرميني
ممن تمشوا في ضلالاتهم / لسكرهم مشي الفرازين
واللّه من يطفيء أنواره / تظهر في أكمل تكوين
قد أهل الرحمن جل اسمه / لبيتكم خدمة جبرين
في كل حين لكم ناصر / مني لا يفشل في حين
كأنما ذكركم في الورى / أريج أنفاس الرياحين
وكل من قاس بكم غيركم / في الفضل مسكين المساكين
وليكم يا أهل بيت الهدى / في الخلق ذو عز وتمكين
عاومكم ينظر من زهرها / أنضر من زهر البساتين
فنحن في فتح ميادينها / ترتع في ملك الميادين
إن حتم الشعر فقد صيرت / فيكم من المدح دواوين
لا زال في أعدائكم منصلي / ينهل في طلس السراحين
يا راكباً قطع القرينا
يا راكباً قطع القرينا / بالعيس إذ تشكو البرينا
متوجهاً لمحلة بالشام / يلتمس القطينا
بلغ رسالة مؤمن / تسعد بها دنيا ودينا
في كربلا ثوى ابن بنت / رسول رب العالمينا
قف بالضريح وناده / يا غاية المتوسلينا
يا عروة الدين المتين / وبحر علم العارفينا
يا قبلة للأولياء / وكعبة للطائفينا
مولاي جسمك ضرجَّته / دماً سيوف القاسطينا
لهفي عليك وحسرتي / تبقى على مر السنينا
يا من مكان جلاله عند / الاله يرى مكينا
يا من أقر بفضله أهل / العداوة مذعنينا
من أهل بيت لم يزالوا / في البرية محسنينا
وبودهم ننجو على متن / الصراط إذا وطينا
أو ما بجدك سيد / الثقلين قاطبة هدينا
من بعد موردنا شريعة / ورده ما أن ضمينا
هل غيره قد كان يدعى / الصادق البر الأمينا
وهو السعادة إن بعدنا / عن منازلها شقينا
ما إن توسلنا به في / الجدب نلقاه سقينا
وإذا ذكرناه على ألمٍ / ألم بنا شفينا
أو كان غير أبيك يدعى / الانزع الهادي البطينا
ما الروضة الغناء أضحت / مثل علم أبيك فينا
أنا فيك قد كحل السهاد / فلم تنم مني الجفونا
ولقد أكاد أذوب من / أسف يأوبني فنونا
وأردد الترجيع في / فكري وأردفه أنينا
ويكاد مني الصخر من / حزني عليكم أن يلينا
إن الذي يرضيه قتلك / حائزاً طرفاً سخينا
يقتادني لك زفرة يمسي / بها قلبي رهينا
يا أهل بيت المصطفى / أصبحتم النور المبينا
واللّه ليس يحبكم مث / لي يسينا لن تمينا
كم ليلة سمع العدى / مني بمدحكم رنينا
فنأوا كما ينأى الغريم / غداة يستقصي ديونا
ولقد جعلت عليَّ من / نفسي بحبكم ضمينا
إن الإِله أعزني بكم / وأقسم لن أهونا
وإذا طما بحر / المخاوف كان ودكم سفينا
وأرى يقيني فيكم / مستنفذي حقاً يقينا
أسخنت من أعدائكم / ومن استمال لهم عيونا
وكسبت من ثقتي بكم / يا سادتي عزاً مصونا
وتواترت نعم الاله / عليَّ أبكاراً وعونا
لما وردت بهديكم / بين الورى الورد المعينا
ويسر قلبي أن وجد / ت على عدوكم معينا
ما كنت في بغض لمن / يشنأكم يوماً ظنينا
وعلى وليكم بمالي / لم أكن ألفي ضنينا
ولقد غذيت ولائكم / مذ كنت مستتراً جنينا
ولقد نظمت لكم / بحور مدامعي عقداً ثمينا
وإذا نصرتكم فإن الله / خير الناصرينا
ما حدت عن حبي لكم / حاشا وكلا لن أخونا
يغمي عليَّ إذا ذكرت / مصابكم حيناً فحينا
ما علم النوح الحمام / سواي والقلب الحنينا
ما كنت أرضى أن أكون / لمن يضاددكم معينا
قد ملت من فرد الوداد / إلى العبيد المخلصينا
أأكون في الحزب الش / مال وأترك الحزب اليمينا
التائبين العابدين / الصائمين القائمينا
العالمين الحافظين / الراكعين الساجدينا
ولقد عرفت حقوقكم / وعرفت قوماً غاصبينا
وجعلت دأبي ثلبهم / حتى أرى ميتاد فينا
يا من إذا نام الورى / باتوا قياماً ساهرينا
إن الذي أعيى طلا / ئع فيكم أعيى القرونا
ألموت يلقى الآخرين / كما يلقى الأولينا
ولقد صبرت لعلني / ألقى جزاء الصابرينا
وشكرت ربي في الولاء / فلي ثواب الشاكرينا
لولا هواكم ما قطعت البينا
لولا هواكم ما قطعت البينا / ولا طلبت في العلى معينا
ولا شربت الدمع لا من عطش / ولا هجرت الغث والسمينا
ولم أكن أشرح طهر ضافن / ولا أشد للسرى وضينا
من قارن الراحة في الحب فقد / ظللت فيه للجوى قرينا
وكلما جيشت جيش سلوة / أندت عليه لوعتي كمينا
لو كان دمعي مبدياً جموده / لصغت عقد لؤلؤ ثمينا
وكيف أرجو فك قلبي من أسى / إذ كان عند قاتلي رهينا
ففي دجا الليل الطويل لم أزل / ذا حرق أواصل الأنينا
كم زفرة تبعتها بزفرة / تكاد منها الصخر أن يلينا
أقول للورق على الأشجار إن / لم يك دمع فاذرفي العيونا
يا ساجع الأضيار كن لي مسعداً / إن الحزين يسعد الحزينا
وما ألام أن أرى مكرراً / في كل مسى ليله حنينا
حزناً على الحق فأما حزني / على ذوي الظلم فلن يكونا
أأتبع الميل من الشك وقد / عم الصباح ناظري يقينا
لما بدى نور الهدى لناظري / أمسكت منه جبله المتينا
مالي إمام غير من مكانه / ما زال عند ربه مكينا
حللت خيس العز من وداده / والليث لا يفارق العرينا
فهو الذي بين كل مشكل / وهو الذي بهديه هدينا
كان لدين الله درعاً مانعاً / وحصنه المشيد الحصينا
العالم الحبر الذي علومه / أبدت لنا زهر الرياض فينا
في الجود والبأس إذا انتقدته / لم يزد أجبن ولا ضنينا
ما استصعب الدهر ولاذ بأسه / إلا وعاد الصعب منه لينا
وقاتل الكفار إذ لم يستبن / للغير مجروحاً ولا طعينا
وعاذل قد دلني لجاجه / أن ليس وزن عقله رزينا
قلت له أرجع خائباً من عذلي / فقد عرفت الأنزع البطينا
إن بالدنى لا العلى ترتضى / إنا بهذا نحن ما رضينا
يا صاحب الأشكل في اعتقاده / إني سلكت دونك اليمينا
فقال لي قل لعنة اللّه على / مبطلنا قلت له آمينا
يا أمة قد غدرت إمامها / واتبعت شيطانها اللعينا
يا قاتلين ابن النبي جهرة / لقتلكم إياه ما نسينا
أنتم رشقتم بالسهام آله / فكيف بعد تدعون دينا
حرمتم الماء عليه عنوة / وقلتم ليست لنا خدينا
وسقتم الحريم أسرى حسرى / صوارخاً يا جدنا سبينا
كيف أرى طرق المياه مورداً / وقد رأيت المورد المعينا
وقتل نجل المصطفى ويحكم / قطعتم منه به الوتينا
يا آل طاسين وياسين لقد / بدا بكم نور الهدى مبينا
أنتم الخوف طمت أبحره / يوم المعاد كنتم السفينا
وصاحب الحوض الامام حيدر / إذا توسلنا به سقينا
لو أن دهراً بكم سامحني / أسخنت من أعدائكم عيونا
آمل أني بامتداحي لكم / أمنح حوراً في الجنان عينا
فمن يخاف في المعاد أنني / لآمن في حزب آمنينا
هم الذين لا يكون أجرهم / في الحشر مقطوعاً ولا ممنونا
لي الأيادي في محبيهم فكم / أوليتهم أبكارها والعونا
ففي هواهم وولائي لهم / قد هان بذل المال والقرينا
فقل لمن كان دخيل حبهم / أنا الذي غذيته جنينا
من مال عنهم دعه أو أرهبه / فلست في حبي لهم ضنينا
وإن أمت فقد تركت فيهم / محاسناً تبقى على السنينا
وما أرى خير الأنام كلهم / إلا الوصي الطاهر الأمينا
خذ لابن رزيك الذي ما خانهم / عهداً فلا يمكن أن يخونا
القلب موقوف على الخفقان
القلب موقوف على الخفقان / والدمع لا ينفك من هملان
لمصاب آل محمد نار الجوى / اضطرمت وهل صبر على النيران
بأبي الذي غرته أمة جده / لما استزلتهم يد الشيطان
فرضوا دخول جهنم في قتله / عطشاً وشربهم الحميم الآني
مالوا إليه وأوقدت أضغانهم / والنار دون توقد الأضغان
وتعقبوا منه القليل بكثرة / فتخطفوه تخطف العقبان
هذا وما نكروه بل عرفوا به / ولرب نكر جاء عن عرفان
ذكروا أباه وقبله أسلافهم / ولكم أباد الدخل من أسنان
ورد الردى دون الفرات تحملاً / يا حسرةً للوارد الظمآن
سرج الهدى عادت بأسياف العدى / ألَفَ الهوان طرايد الأقطان
والشمر قد خضبت يداه عند / جز الرأس منه بالنجيع القاني
أضحى يقول لاقتلنك جهرة / ولو أن جدك يا حسين يراني
قد بالغوا في قتلهم وبجدهم / يستمطرون سحائب الغفران
كذب الذي قد عدهم من بعدها / في ملة الاسلام والايمان
وعدو آل محمد وإن ادعى الا / سلام فهو لعابد الأوثان
إني لفي سر الأسى لمصابكم / أو ما عجبت للطليق العاني
وكأنا عيناي لما فاضتا / حزناً عليهم فيهما عينان
ما ضاع بي وتر النبي وآله / وبمنصلي قد قلته ولساني
فإلى وليهم أمد يد الندى / وإلى عدوهم أمد سناني
ولقد بلغت بمنطقي ما لم ينسل / رمح بلهذمة وجد يماني
وإليهم انتهت المدائح فهي إن / جازتهم ضرب من الهذيان
ما للمنازل لا تبن
ما للمنازل لا تبن / حتى ولا أضحت تبين
جف الثرى إذ خف من / عرصاتها ذاك القطين
وأنا الحزين عليهم / أفربعهم أيضاً حزين
أم هذه الأشجان فينا / كالحديث لها شجون
ولان بكت تلك الربى / فمن العيون لها عيونُ
نعم المعين على تتابع / دمعها الماء المعين
لو لم تحن أسى لما اش / تقت من الحزن الحزون
وبكت حمائم لا تكاد هنا / ك تحملها الغصون
ورق مفجعة لها بالنو / ح بعدهم لحون
وتكاد أصلاد الصخور / لفرط رقتها تلين
وترى الرياح لها إذا / مرت بأيكتها أنين
وإذا تهب جنوبها في / عصفها فلها جنون
ما الشأن إلا أن بعد / فراقهم حدثت شئون
كانت أمور فيهم / ما خلتها أبداً تكون
فكأنهم آل النبي وقد / أبادهم اللعين
في يوم عاشوراء لما / خانهم دهر خؤون
وغدت مناهم حين / عزوا أن تصيبهم المنون
لم يقبلوا عهداً لجيش / للنفاق به كمين
ورأوا جميعاً أن اعطاء / اليمين لهم يمين
وتيقنوا أن الحياة / الظن والموت اليقين
لهفي على قتلي أبيح بهم / حمى الدين المصون
ما فيهم إلا صريع / بالصوارم أو طعين
غدر الخؤون بهم هناك / ولم يف الثقة الأمين
وخلت ديارهم كما يخلو / من الأسد العرين
فعف الصفا من بعدهم / وبكا لفقدهم الحزون
والركن صدعه لعظم / مصابهم داء دفين
والقبر منذ الفتك فيهم / ما لساكنه سكون
يا عاذلي رفقاً فإنك / فيهم عندي ظنين
كم ذا تهون من جليل / مصابهم ما لا يهون
فارفض عداهم إن غدوت / بدين جدهم تدين
إن البراء من الأعادي / للولاء لهم قرين
يا بقعة بالطف حشو / ترابها دنيا ودين
أضحت كأصداف يصادف
أضحت كأصداف يصادف / ضمنها الدر الثمين
مني السلام عليك ما / غطت على الشمس الدجون
ولي الحنين إليك مهما / اختص بالابل الحنين
هل الوجد إلا زفرة وأنين
هل الوجد إلا زفرة وأنين / أم الشوق إلا صبوة وحنين
وجيش دموع كلما شن غارة / أأقام له بين الضلوع كمين
إذا ما التظى شوق معين بثاره / تحدر ماء العين عين معين
وما خلت أن القلب يصبح للبكا / قليباً ولا أن العيون عيون
وإن عقود الدر من بعد ألفها / بحور الغواني في الخدود تكون
خليلي ما الدمع الذي ترينه / على السر إن خان الفراق أمين
يلام إذا خان الأنام جميعهم / وليس يلام الدمع حين يخون
وبي لوعة لا يستقر نزاعها / لها كلما جن الظلام جنون
إذا عن لي تذكار سكان كربلا / فما لفؤادي في الضلوع سكون
فإن أنا لم أحزن على أثر ذاهب / فإني على آل الرسول حزين
ألم ترهم خلوا حماهم كما خلا / بحقان من أسد العرين عرين
وساروا وقد عزوا بأيمان معشر / وما علموا أن اليمين يمين
ورب أماني معشر وأمانهم / بغدرهم قد عاد وهو منون
وما أخلفتهم في الإِله ظنونهم / إذا أخلفتهم في الرجال ظنون
فإن يخل في الدنيا مكانهم أما / مكانهم يوم المعاد مكين
هوت وزوت منهم عشية قتلوا / أصول زكت أعراقها وغصون
وأظلم مبيض النهار عليهم / وحقهم مثل النهار مبين
تصرف حكم البيض والسمر فيهم / فمنهم صريع بالظبى وطعين
بنفسي صرعى لم تجن لحومهم / بكتهم سهول حولهم وحزون
ولو أن صم الصخر تقرب منهم / لابصرت صم الصخر كيف تلين
قبورهم قبلى وأموات نكبة / بطون سباع مرة وسجون
جرت من بني حرب شئون عليهم / جرت بعدها منا الغداة شئون
وربضت عليهم خيلهم وركابهم / فرضت ظهور منهم وبطون
إلا كل رزء بعد يوم بكربلا / وبعد مصاب ابن النبي يهون
ثوى حوله من آله خير عصبة / يطالب فيهم للطغاة ديون
يذادون عن ماء الفرات وغيرهم / يبيت بصرف الخمر وهو بطين
أسادتنا لو كنت حاضر يومكم / لشابت بسيفي للطغاة قرون
أسادتنا أهديت جهدي إليكم / لتطهر نفسي فالظنين ظنين
وإنكم الأغنياء وغيركم / فقير إليكم كيف كان مهين
سطور بأبيات من الذكر طرزت / تبرهن عن أوصافكم وتبين
أوقي بها مثواكم حاد ربعه / حيا المزن عن لحظ العدى وأصون
وأرجو بها ستراً من النار عندما / يقيني غداً كيد الشكوك يَقين
فجودوا عليها بالتقبل منكم / نودي وإخلاصي بذاك ضمينُ
وجدكم سن الهدايا وإنني / لما سن قدماً في بنيه أدين
ظبي يحير في الملاحة كلما
ظبي يحير في الملاحة كلما / كررت طرفي في بديع فنونه
أشكو إليه صبابتي فيجيبني / ورد يبرد لوعتي بمعينه
قسماً به وبوردة من خده / وتمام قامته وسحر جفونه
لو أن ركباً في الفلاة تحيروا / لسروا بضوءٍ من هلال جبينهِ
أيا دهر أين الملوك الذي
أيا دهر أين الملوك الذي / ن كانوا فأضحوا كأن لم يكونوا
وكانت قصورهم لا ترام / فتلك قبورهم لا تبين
خض بحار الموت في
خض بحار الموت في / النقلة من دار الهوان
واحمل النفس من ا / لصبر على حد السنانِ
وابعد ألا يراك / الناس مبسوط البنانِ
فعسى الرحمان يغني / عن فلان وفلان
أحباب قلبي إن شط المزار بكم
أحباب قلبي إن شط المزار بكم / فإنكم في صميم القلب سكان
وإن رجعتم إلى الأوطان إن لكم / صدورنا عوض الأوطان أوطان
جاورتم غيرنا لما نأت بكم / دار وأنتم لنا بالود جيران
فكيف ننساكم يوماً لبعدكم / عنا وشخصكم للعين إنسان
يا دهر حسبك ما فعلت بنا
يا دهر حسبك ما فعلت بنا / أتراك تطلب عندنا إِحنا
كم نتقيك بكل سابغةٍ / وسهام كيدك تخرق الجننا
ما تنفع الدرع الحصينة من / عما قليل يلبس الكفنا
كلا ولا الأيام تقبل عن / أرواحنا رشوا ولا ثنا
لو بالثريا حل معتَصِمٌ / منها لكان له الثرى وطنا
ولقد يهون ما أصابكم / فقد الحسين الطهر والحسنا
وبنيهم إذ طوحت بهم / أيدي زمانهم هنا وهنا
وأرى الأئمة جار دهرهم / في فعلة بهم فكيف أنا
لي أُسوة بهم الغداة إذا / أصبحت في الأحداث مرتهنا
وردت إلينا منك مجد الدين
وردت إلينا منك مجد الدين / بيضاء تخطر في الثياب الجونِ
حررت منها حرة برزت لنا / حسناً كنظم اللؤلؤ المكنون
خرساء صامتة ولكن أخبرت / منها الفصاحة عن لسان حزين
غراء يلقى الشك عند قدومها / فتظل تكشفه بصبح يقين
تشكو صبابتك التي آلت إلى / داء تضرم في الفؤاد دفين
أبدت إلى الكرم اللباب تمسكاً / بندي كفيل بالنجاح ضمين
قد علمت سر القنا أخلاقه / فلذاك منها شدة في لين
إن من لم يتبع صنائع جوده / منا وليس نداه بالمنون
تأتي القوافي وهي أبكار له / قصداً فتخجل للأيادي العون
حتى إذا وفدت علينا لم تجد / باباً لعمرك مغلقاً من دوني
وجوابنا هذا عقيب هلاك من / ورد المنية راغم العرنين
أمست أكاذيب المنى تقتاده / حتى رمته إلى الحضيض الهون
إذ ظن أما مثل من عن ملكه / قد راح عنه بصفقة المغبون
خلي حلائله وقال لنفسه / منجاك من صرف الردى يكفيني
حتى إذا شيطانه قال ابتدر / في سرعة للملك والتمكين
ورأى بأن الحشد صائن عزه / من أن يذال فلم يكن بمصون
ندبت إليه عصابة من قبلها / لم تسر آساد الشرى بعرين
من آل رزيك الذين بجودهم / وببأسهم خلطوا منى بمنون
صحبت من الأصحاب كل سميدع / يجري إلى الهيجا بغير قرين
وإذا بدى ليل الحوادث داجياً / جلته غرة وجهه الميمون
أمل لعمرك زينته لعينه / خدع الغرور وسكرة المفتون
لم يلبثوا حتى بدا متخبطاً / بدمائه كتخبط المجنون
فلجا من الحشد الذي قد غره / عدداً لحصن لم يكن بحصين
وأتوا برأس فارغ لما يكن / من قبل أن يعلو القنا برزين
أسر ابنه وتوزعت أمواله / حتى لقد بلغت بلاد الصين
وأعقيبه فتح الاله بلطفه / باب الظهور على عداة الدين
ما بين مقتول ورامي نفسه / غرقاً ومجروح وبين طعين
واستهلك الاسطول من لم يلقه / بالنفس منه على الظبا بضنين
قرن النساء إلى الرجال فأشبهوا / خلط القساور بالظباء العين
والعدة العظمى من العدد التي / تضفو ملابس سردها الموضون
بصوارم قد اطلعتها للوغى / من دونه في القدر فتح حصون
فلأخذهم في كل قلب موقع / عند الصقال لها أكف قيون
والطود لا ينجي امرءاً من حينه / فلذاك لا ينجيه علو سفين
والشكر لله الكريم فحمده / متواصل مني لما يوليني
فلو أنني رمت السماء بحول رب / العالمين لطلتها بيمني
في كل أرض لي ثناء لم يزل / يعتاد منه نفحة النسرين
ولعلمنا أول الأمير بذا إلى / قلب بكر مرة مشحون
ملنا لنعلمه بذاك لأنه / في ودنا ما زال غير ظنين
وله التوسع في المقال وشأنه / في نظمه والشعر غير شئوني
والأهل قد ساروا إليه ورأينا / طلب افتكاك فؤاده المرهون
لم يبق مجد الدين وجد فاغتنم / فرحاً أتيح لقلبك المحزون
وأسألهم إن شأت عن أخبارهم / وابثتهم من شجوك المحزون
وأفض علينا من فنونك ملبساً / عند النشاط فأنت رب فنون