القوافي :
الكل ا ب ت ث ج ح خ د ذ ر ز س ش ص ط ع غ ف ق ك ل م ن و ه ء ي
الشاعر : إِبراهِيم طوقان الكل
المجموع : 25
بيضُ الحمائم حسبهنَّهْ
بيضُ الحمائم حسبهنَّهْ / أني أُردِّدُ سجعهنّهْ
رمزُ السلامة والودا / عة منذ بدءِ الخلق هُنَّه
في كلِّ روض فوق دا / نيةِ القطوف لهنَّ أَّنهْ
ويملْنَ والأَغصانَ ما / خَطَرَ النسيمُ بروضهنَّه
فإذا صلاهنَّ الهجي / ر هببْنَ نحو غدير هنَّه
يهبطن بعد الحومْ مث / ل الوحي لا تدري بهَّه
فإذا وقعن على الغديْ / ر ترتبتْ أسرابهنَّه
صفَّيْن طول الضّفَّتي / ن تعرَّجا بوقوفهنَّه
كلٌّ تقبِّلُ رسمَها / في الماءِ ساعةَ شُربهنَّهْ
يطفئنَ حرَّ جسومهن / نَ بغمسهنَّ صدور هَنَّه
يقعُ الرَّشاشُ إذا انتفضْ / نَ لآلئاً لرؤوسهنَّه
ويطرْنَ بعد الابترا / د إلى الغصونِ مهودهنَّه
تُنبيك أجنحةٌ تصف / فق كيف كان سرورهنَّه
ويُقر عينَكَ عبثهن / ن إذا جَثَمْن بريشهنّه
وتخالهنّ بلا رؤو / س حين يُقبلُ ليلهنّه
أخفينها تحت الجنا / ح ونمن ملءَ جفونهنّه
كم هجنني ورويتُ هن / هنّ الهديلَ فديتهنَّه
المحسناتُ إلى المري / ض غدونَ أشباهاً لهنّهْ
الروّض كالمستشفيا / تِ دواؤها إيناسهنّه
ما الكهرباء وطبّها / بأجلَّ من نظراتهنّه
يشفي العليلَ عناؤهن / نَ وعطفهنّ ولطفهنّه
مُرُّ الدواء يفيك حل / وٌ من عذوبة نطقهنّهْ
مهلاً فعندي فارقٌ / بين الحمام وبينهنّه
فلربما انقطع الحما / ئم في الدُّجى عن شدوهنّه
أمَّا جميلُ المحسنا / ت ففي النهار وفي الدجنّه
خَطر المَسا بِوشاحه المتلون
خَطر المَسا بِوشاحه المتلون / بَين الرُبى يَهب الكَرى للأَعين
وَتَلمس الزَهر الحييَّ فَاطرَقت / أَجفانه شَأن المُحب المُذعن
وَدَعا الطُيور إِلى المَبيت فَرفرفت / فَوق الوكون لَها لحون الأَرغن
وَتَسللت نَسماته في إِثره / فَإِذا الغُصون بِها تَرنح مدمن
آمال أَيام الرَبيع جَميعها / حسن وَعيبال اِكتَسى بِالأَحسن
جَبل لَهُ بَين الضُلوع صَبابة / كادَت تَحول إِلى سِقام مزمن
وَتَفجَرت شِعراً بِقَلبي دافِقاً / فَسَكَبَت صافيهِ لِيَشرب مَوطِني
يا مَوطِناً قرع العداة صِفاته / أَشجيتَني وِمِن الرَقاد مَنَعتَني
يا مَوطِناً طَعَن العِداة فُؤاده / قَد كُنت مِن سكينهم في مَأمن
لَهفي عَلَيك وَما التَهافي بَعدَما / نَزَلوا حِماك عَلى سَبيل هين
وَأَتوك يَبدون الوِداد وَكُلُهُم / يَزهو بِثَوب بِالخداع مبطن
قَد كُنت أَحسَب في التَمَدُن نعمة / حَتّى رَأَيت شَراسة المُتَمَدن
فَإِذا بِجانب رفقه أَكر الوَغى / وَإِذا الحَديد مَع الكَلام اللين
الذَنب ذَنبي يَومَ همت بِحبهم / يا مَوطِني هَذا فُؤادي فَاطعَن
وَاغمر جراحك في دَمي فَلَعَله / يَجدي فَتَبرأ بَعدَهُ يا مَوطِني
عَجَباً لِقَومي مَقعدين وَنَوّماً / وَعَدوهم عَن سَحقهم لا يَنثَني
عَجَباً لقومي كُلهم بُكمٌ وَمن / يَنطق يَقل يا لَيتَني وَلَعَلني
لم يوجسون مِن الحَقيقة خَيفة / لم يَصدفون عَن الطَريق البيِّن
إِن البِلاد كَريمة يا لَيتَها / ضَنت عَلى من عقها بِالمدفن
قالوا الشَباب فَقُلت سَيف باتر / وَإِذا تَثقف كانَ صافي المعدن
مَرحى لِشُبان البِلاد إِذا غَدا / كُل بِغير بِلاده لَم يَفتن
مَرحى لِشبان البِلاد فَما لَهُم / إِلّا السمو إِلى العُلى مِن ديدن
نَهض الشَباب يُطالِبون بِمجدهم / يا أَيُّها الوَطَن المَجيد تَيمن
هادئ القَلب مطبق الأَجفان
هادئ القَلب مطبق الأَجفان / مُطلق الروح راقد الجُثمان
مَلَكٌ عِندَ رَأسِهِ باسم الثَغ / رِ جَناحاه فَوقَهُ يَخفقان
غادة تَملأ الكُؤوس وَخَود / تَنضح الجَرح مِن رَحيق الجِنان
وَحَواليه طافَ أَسراب حور / بِغُصون النَخيل وَالرَيحان
وَتَهاوى الطُيور عَن شَجر الخل / د تَغَنّى بِأَعذَب الأَلحان
مِن كَبير يَزهو بِأَبهى رياش / وَصَغير مصوّر مِن حَنان
وَأفاق الشَهيد مُنشَرح الصَد / ر شَكوراً لَأنعم الرَحمان
وَاِستوى جالِساً عَلى رفرف خض / ر غوال وَعَبقريٍ حِسان
وَسَقته مَلائك اللَه خَمراً / جَعَلتهُ حَيّاً مَدى الأَزمان
وَتَجَلّت أَنوار من مَلَك المل / ك فَخرَّ الحَضور للأَذقان
ثُمَ حَيّى ذاكَ الشَهيد وَنادى / أَيهذا الشَهيد لَستَ بِفانِ
رَضيَ اللَهُ عَن جِهادك فَاخلُد / وَتَبَوّأ في الخُلد أَعلى مَكانَ
وَخُلود النَعيم عِندي جَزاء / لِلَّذي ماتَ في هَوى الأَوطان
ما مَصير الشَهيد يا رَبّ إِلّا / غبطة عِندَ راسخ الإِيمان
غَيرَ أَنَّ الشَباب إِن كانَ غَضّاً / وَالتَوى الغصن مِنهُ في الريعان
وَتَراءَت أَزهاره ذابِلات / عَبثت للرياح فيها يَدان
تَعَذر العَين في البُكاء عَلَيه / دَمعَ سَلوى لَكن بِلا سُلوان
رَب عَفواً إِن راعَنا فَقدُ نَدب / ضاحك الوَجه في قُطوب الزَمان
صارم كانَ مَغمداً صَقلته / يَدُ حرية أَنوفٍ حِصان
شهرته حَتّى أَذابته مَسحاً / في رِقاب الأَعداء يَوم الطِعان
يا دُموعي وَهَبتك القَلب إِن لَم / تَقنَعي بِالقَريح مِن أَجفاني
فَهُوَ قَلبي أَليف هَمي وَحُزني / وَحَليف الزَفير وَالخَفقان
يا رُبوع الفَيحاء أَنتِ عَروس / أَيّمتها طَوارق الحَدثان
الأَكاليل لَم تَزَل غَضة الزَهر / وَلَم تَنقطع أَغاني الغَواني
وَالمَغاني مَأهولة وَالرَوابي / باديات نَواضِراً للعَيان
وَالنَدامى بَينَ الكُؤوس قيام / رَنحتهم مدامة الغدران
وَالعَذارى سَوافر لاهيات / بِالأَراجيح وَهِيَ في الأَغصان
يا عَروس الدُنيا وَما حالَ قَلب / فَجَعته أَحزانه بِالأَماني
الخطوب اللائي نَزَلنَ جسام / قَد أَحلن الهَنا إِلى أَحزان
وَالأَسى في الضُلوع أَشبَه شَيء / بِكَ لَما قَذفت بِالنيران
منكَ دَمع وَمِن محبك دَمع / بَرَدى وَالمُحبّ مُتَفِقان
رَحل العام عَنكَ جَهم المحيّا / مكفهرّاً فَكَيفَ حال الثاني
لا تَرعك الخطوب يا ابنةَ مَروا / ن وَلوذي بِاللَه وَالفتيان
الشَباب النَضير وَالأَمل الثا / بت خلّان كَيف يَفتَرِقان
وَالشَباب النَضير إن سيم خَسفاً / ثائر باسل وَثَوب الجِنان
لِفَرَنسا أَن تستبد وَتَطغى / لِفَرَنسا التَنكيل بِالبُلدان
لِفَرَنسا أَن تحشد الجَيش كَالسَي / ل وَتُبدي عَجائب الطَيران
لِفَرَنسا ما تَشتَهي لِفَرَنسا / ما تَمنَى فَمَوعد الثَأر دان
يا لِهَول الوَغى وَقَد هاجَ سُلطا / ن واَضحى يجيشُ كَالبُركان
أَسَدٌ فَوقَ ضامر عَرَبي / شاهر لِلوَغى حساماً يَماني
أَرهَفتهُ المَنون ثُمَ أَنامت / ه لِيَوم محجّل أَرونان
صَفحتاه عَقيقتان مِن البَر / ق وَفي مضربيه صاعِقَتان
وَطَبيب أَغَرّ يُعطي دَواء / لِسقام الأَوطان وَالأَبدان
أَليوثاً أَفلتَّ يا سجن أَرواد تُذي / ق العِداة كَأس الهَوان
أَي حَرب أَثار ظُلمُ فَرَنسا / فَدهاها ما لَيسَ بِالحسبان
المَغاوير حَضرٌ وَبداة / زمجروا دونَ أُمة الطُغيان
وَالجِياد العِتاق وَلهى طرادٍ / مُسرِعات بِهُم إِلى المَيدان
وَالسُيوف الرقاق ظَمآ دماءً / تَشتَكي بَثَها إِلى المرّان
فَاسأَلي عَن فِعالهم يا فَرَنسا / إِن أَبناءَهُم لَدى غَملان
وَأَقيمي ممالكاً وَعُروشاً / وَاِفزَعي للخداع وَالبُهتان
إِن مَن تَمنَحين مَجداً وَمَلكاً / وَرِثوا الملك عَن بَني مَروان
سَوفَ لا يَنثنون عَن طَلَب الحَق / قِ قِتالا أَو تَضرعي للأَمان
إِيه روح الشَهيد زوري فَلَسطي / ن وَطوفي قَدسيةً بِالمَغاني
وَاِنزَعي مِن صُدورَنا جَمرة الحق / د وَسَلّي سجيّة الشَنآن
همّ إِخوانِنا الجِهاد وَأَضحى / هَمّنا في مَجالسٍ وَلِجان
أَيُّها العاشق المناصبَ مَهلاً / أَبتاج ظَفرت أَم صولَجان
كَيفَ أَنساك حُب ذاتك مَهداً / أَنتَ لَولاه كُنت للنسيان
يا فَلسطين هَل لَديك سريّ / غَير ذي مطمع وَلا متوان
لَيسَ عِندي سِوى التَلهف أَهدي / ه وَقَلب مَوله بِكَ عان
وَشُعور نَسقته في بَياني / وَدُموع أَودَعتها أَشجاني
هَل أَمنّا العداة حَتّى رَقَدنا / أَم وَجَدنا الهَوان حُلو المَجاني
أَينَ مِنا الأَبيّ أَينَ المعزّي / أَين مِنّا معذب الوجدان
فَاِتَقوا اللَهَ وَاذكُروا نَهضة الشا / م وَخُصّوا العَدوّ بِالأَضغان
سلامٌ عَليك وَلَو شَفَّني
سلامٌ عَليك وَلَو شَفَّني / مِن الوَجد وَاليَأس ما شَفَني
أُداري غَرامَك جهد الحَليم / فَما يَستَريح وَما أَنثَني
وَقَلبي كَما يَشتَهيه الهَوى / لِغَير جَمالك لَم يُذعن
خَفوقٌ ولَو شئتِ سَكَنته / وَلَو شاءَ غَيرك لَم يَسكن
سَقيم وَلَو شئت أَبرَأته / بِعَطفك من دائه المزمن
إِذا كُنت مِنهُ تِجاه اليَمين / يَخفُّ إِلى جانِبي الأَيمَن
أَلا إِنَّهُ مُرهق يَستَجير / فَتَرثي لَهُ أَدمُع الأَعين
أسعديني بزورةٍ أو عِديني
أسعديني بزورةٍ أو عِديني / طال عهدي بلوعتي وحنيني
أدَّعي الهجرَ كاذباً وغرامي / في قرارٍ من الفؤاد مَكينِ
غِيضَ دمعي وكان رِيّاً لروحي / من غليل الأَسى فمنْ يرويني
يا مَعينَ الجمال أذبلتِ قلبي / أنعشيني بنهلةٍ أنعشيني
يا مَعينَ الجمال قطرةَ ماءِ / أو أفيضي ابتسامةً تُحييني
ضجعتي في الرياضِ بين الرياحي / ن قريباً من ماءِ عَيْنٍ مَعين
فتناولتُ أُقْحواناً ندّياً / ونداهُ كاللؤلؤِ المكنونِ
ونَزعَتُ الأُوراقَ عنها تِباعاً / أتحرَّى شكِّي بها ويقيني
فإذا وافقتْ مُنايَ تفاءَلْ / تُ وإلاَّ كذَّبتُ فيها ظنوني
ذاك لهوٌ فيه العزاءُ لنفسي / فاضحكي من تعلُّلي وجنوني
طفتُ بين الأّزهار والنَّشْر من نش / ركِ فيها ودقةُ التكوين
قطرات الندى عليها دموعي / أنتِ أدرى منِّي بما يبكيني
أنْتقي طاقةً وذوقُكِ يهدي / ني إلى الرائعاتِ في التَّلوينِ
يا حياةَ القلوبِ ويْلي عليها / ذَبُلَتْ من بقائها في يميني
فخذيها عسى تُرَدُّ إليها الر / روحُ إني أخاف مرأى المنون
ما أشد الهوى وما أطولَ اللي / ل وما أبعدَ الكرى عن جفوني
رُبَّ ذكرى وما هجعتُ استحالتْ / لخيالٍ سَرَى فَأذْكى شجوني
ضمَّني ثم ردَّني وتلاشى / في الدَّياجي كما تلاشى أنيني
راعني أمرهُ فنبَّهتُ مَنْ حَوْ / لِيَ ذُ عْراً بصرخةٍ في السُّكون
سألوني فلم أُجِبْ بل تناوَم / تُ فناموا وللأسى خلَّفوني
مرحباً بالحياةِ عادَ صاداها / وانجلى الليلُ عن صباحٍ مُبينِ
سُفَراء الصباحِ نورٌ وطيرٌ / تتغنَّى في مائساتِ الغصون
ونسيمٌ يداعبُ الدوحَ والبح / رَ شجيُّ الغناء عذْب المجون
وجلال الوديان مِلْء الحنايا / وجمال الجبال ملء العيون
في اخضرارٍ كأنه أَملي في / ك وثلجٍ نقاؤهُ كالجبين
إنَّما هذه الطبيعةُ أُنسي / ومُعيني إنْ لم أجدْ من مُعين
أتَقَرَّى جمالَ ذاتكِ في ما / أبدعتْهُ يَمينُها من فنون
في الغدير الصَّافي وأُنشودة الطي / رِ وطيب الورود والياسَمينِ
غيرَ أني ما ازدَدْتُ إلاَّ حنيناً / أسعديني بزورْةٍ أو عِديني
لَهفي عَلى الشام وَسُكّانها
لَهفي عَلى الشام وَسُكّانها / لَهفَةَ ظامي الروح حرّانها
ما أَحرَقتها النار لكنما / ضُلوع مَفتون بِغُزلانها
وَالحُبّ إِما أَضرمت ناره / تَسمعه الدُنيا بِآذانها
نَديم أَخبرني فَقَد راعني / تَشبثُ النار بغيطانها
هَل سرتِ النار إِلى تينها / وَتُوتِها الغضّ وَرُمانها
كَفْكِفْ دموعَكَ ليس ين
كَفْكِفْ دموعَكَ ليس ين / فَعُكَ البكاءُ ولا العويل
وانهضْ ولا تشكُ الزما / نَ فما شكا إلاَّ الكسول
واسلكُ بهمَّتِكَ السَّبي / لَ ولا تقلْ كيف السَّبيلُ
ما ضَلَّ ذو أملٍ سَعى / يوماً وحكمتهُ الدَّليلُ
كلاَّ ولا خاب امرؤٌ / يوماً ومقصْدهُ نبيلُ
أْفنَيْتَ يا مسكيُن عُم / رَكَ بالتَّاوُّهِ والحزَنْ
وقعدتَ مكتوفَ اليديْ / ن تقولُ حاربني الزَّمنْ
ما لمْ تقمْ بالعبئِ أن / تَ فَمَنْ يقوم به إذن
كم قلتَ أمراض البلا / د وأنتَ من أمراضها
والشؤم علتها فهل / فتشت عن أعراضها
يا مَنْ حملْتتَ الفأْسَ ته / دِمها على أنْقاضِها
أُقعدْ فما أنتَ الذي / يَسْعى إلى إنهاضها
وانظرْ بعينيْك الذئا / ب تعُبُّ في أحواضها
وطنٌ يُباعُ ويُشترى / وتصيحُ فليحيَ الوطنْ
لو كنتَ تبغي خيْرَهُ / لبذلتَ من دمِك الثمنْ
ولقمتَ تضْمِدُ جرحهُ / لو كنتَ من أهلِ الفطنْ
أضحى التشاؤُمُ في حدي / ثك بالغريزَةِ والسَّليقهْ
مِثل الغرابِ نَعى الدّياَ / ر وأسْمَعَ الدّنيا نعيقَهْ
تِلكَ الحقيقةُ والمريضُ / القلبِ تجرُحهُ الحقيقةْ
أملٌ يلوحُ بريقهُ / فَاستَهْدِ يا هذا بَريقَهْ
ما ضاقَ عيشك لو سعي / ت له ولوْ لمْ تشْكُ ضِيقَهْ
لكِنْ تَوَهَّمْتَ السَّقا / م فأسقمَ الوهْمُ البدنْ
وظننْتَ أنَّكَ قَدْ وَهَن / ت فَدَبَّ في العظم الوهنْ
اللهَ ثم أللهَ ما أْح / لى التَّضاُمنَ و الوفاقا
بوركْتَ مَؤتْمراً تأَّل / لف لا نزاعَ ولا شقاقا
كْم مِنْ فؤادٍ راقَ في / ه ولم يكنْ مِنْ قبلُ راقا
اليومَ يشربُ موطني / كأسَ الهناءِ لكمْ دهاقا
لا تعبأوا بمشاغبي / ن ترون أوْجههَم صِفاقاً
لا بُدَّ من فِئةٍ أُجِل / لكُمُ تَلَذُّ لها الفِتَنْ
تلك النفوسُ مِنَ الُّطفو / لة أُرْضعَتْ ذاكَ اللَّبنْ
نَشأت على حُبِّ الخِصا / م وبات يَرعْاها الضَّغَنْ
لا تَحْفِلوا بالمرْجفي / ن فإنَّ مَطْيَهمْ حقيرُ
حُبُّ الظهورِ على ظهو / ر الناسِ مَنْشَأُه الغرورُ
ما لمْ يكنْ فَضْلٌ يَزي / نك فالظُّورُ هو الفجورُ
سيروا بعيْن اللهِ أنتمْ / ذلكَ الأّملُ الكبيرُ
سيروا فقدْ صَفَت الصُّدورُ / تباركَتْ تلكَ الصُّدورُ
سيروا فَسُنَّتكُمْ لخْي / ر بلادكُمْ خَيْرُ السُّنَنْ
شدُّوا المودَّة والتآَ / لف والتَّفاؤُلَ في قَرَنْ
لا خوْفَ إنْ قامَ البِنا / ء على الفضيلةِ وارتكنْ
حيَّ الشبابَ وقُلْ سلا / ما إنَّكُمْ أَملُ الغَدِ
صَحَّتْ عزائمكُمْ على / دْفعِ الأَثيمِ المعْتدي
واللهُ مَدَّ لكُمْ يداً / تَعْلو على أقوى يدِ
وطني أزُفُّ لكَ الشَّبا / ب كأَّنهُ الزَّهَرُ النَّدي
لا بُدَّ مِن ثَمرٍ لهُ / يُوْماً وإنْ لمْ يَعْقِدِ
ريْحانُهُ العِلمُ الصَّحي / ح وروُحهُ الخلْقُ الحسنْ
وطَني وإنَّ القَلْبَ يا / وَطني بِحبَّكَ مُرْتَهَنْ
لا يَطمَئِنَّ فَإنْ ظَفِرْ / ت بما يُريدُ لكَ اطمأنْ
أهلاً بربِّ المهرجانِ
أهلاً بربِّ المهرجانِ / أهلاً بنابغةِ البيانِ
ملكِ القلوبِ المستقل / ل بعرِشها والصوْلجان
ومتوَّجٍ حالتْ أشعَّةُ / تاجهِ دونَ العيانِ
أْهلاً بشوقي شاعرِ ال / فُصْحى ومعْجزةِ البيانِ
يا فَرقدَ الشعراءِ كْم / من فرقدٍ لعُلاكَ رانِ
عَلَما الخلود مُنشَّرا / ن على سريركَ يَخْفُقان
جبريلُ ينفخُ في فؤا / دكَ ما يفيضُ على اللَّسان
وأمدًّ بالنفحات رو / حك حين طوَّف بالجنان
فإذا بأبكارِ الجنا / ن لديْكَ أْبكارُ المعاني
يا باكَي الفيحاءِ حي / ن أبتْ تقيمُ على الهوان
أيام كانت وردةً / بدم البواسل كالدّهان
أرسَلْتَ عنْ بردَى سلا / مك في لظى الحرب العوانِ
وذرفتَ دمعاً لا يُكفْ / كف هيَّجتْةُ الغُوطْتانِ
البيتُ ممَّا قُلْتَهُ فيهِ / تخايلُ جنَّتانِ
أبداً رثاؤكَ فيهما / عينانِ دمعاً تجريانِ
هذا وإنَّ جناهما / لَلْصَّعْبِ فاعجب وهو دانِ
عَرِّجْ على حطّينَ واخ / شعْ يُشْجِ قلبكَ ما شجاني
وانظرْ هُنالِكَ هل ترى / آثار يوسف في المكانِ
أْيقِظ صلاحَ الدين رَب / ب التَّاج والسَّيف اليماني
ومثيرَها شَعْواءَ أي / يوبيَّةَ الخيْلِ الهِجانِ
بالعاديات لديْه ضبحاً / والأَسنَّةُ في اللَّبانِ
ترْمي بمارِجها وما / غيْرَ العجاجة من دخانِ
في كلِّ خطَّارٍ على ال / أَخطار صَبَّارِ الَجنانِ
حَلقَاتُ أدرعِهمْ قيو / د الموْتِ في دَرَك الطعانِ
وسيوفُهم ماءُ الحميمِ / على مضاربهنَّ آنِ
والخيلُ طَوْعُ كماتِها / في النَّقْعِ مُرْخاة العِنان
لا تنثني أو تحرزَ ال / قَصَباتِ في يومِ الرّهانِ
حِطَّينُ يومُك ليس ين / كر شاهديه الخافقانِ
تتطايرُ الأَرواحُ فيه / من السِّنان إلى السِّنان
وترى السِّهامَ مُقَوَّما / ت فوْقَ أجسامٍ حَوانِ
فإذا أديمُ الأَرض أح / مر من دمِ الافرنج قانِ
يُسْقَوْن من كأس الرَّدى / ومليكُهم ظمآن عانِ
حتى انجلى رَهَجُ الوغى / والنَّصْرُ مَرموقُ العنان
ومشى صلاحُ الدينّ تح / ت لوائِهِ في مِهْرجانِ
وعلا الأذانُ ورجَّعَتْ / تكبيرَهُ شَرَفُ الأذانِ
اَمقوِّضَ الدُّولاتِ مَنْ / لي مِنْ صُروفِك بالأَمانِ
دُكَّت صُروحٌ ما بنى / أْمثاَلها في المجدِ بانِ
جَلَّ المصابُ أبا علي / يٍ فابْكِ هاتيكَ المغاني
ذهبَ الذين عهدتَهم / لا يصبرون على الهوانِ
في مصرَ يطمعُ أْشعَبٌ / وهنا تنادى أْشعبانِ
وهنا التخاذُلُ في الشَّدا / ئد والتشَّاؤُمُ والتَّواني
والنَّفسُ يقتُلُ عزمها / طولُ التَّعلُّلِ بالأماني
خُذْها إليكَ وأنتَ عن / هايا أميرَ الشِّعر غان
حسناءَ فيها للصَّبا / نزقٌ على خَفَرِ الحسان
نفَحانُها مِنْ كرمْةٍ / تُعزى إلى الحسن بنِ هاني
هَيْهاتَ تبلغُ شأوَكَ الش / شعراءُ يوماً أوْ تداني
جزتُ بالحيِّ في العشيِّ فهبَّتْ
جزتُ بالحيِّ في العشيِّ فهبَّتْ / نفحةٌ أنعشتْ فؤادي المُعَنَّى
قلتُ مِنْها ودُرْتُ أنظرُ حوْلي / نظراتِ الملهوفِ يُسرى ويُمنى
وإذا طيّبٌ جَنيٌّ من الرّم / مان مثل النُّهودِ لو هي تُجنى
وافقت نظرتي نداءَ غلامٍ / ناصري يا رمان من كَفْر كنَّا
قلتُ أسرعْ به فدًى لَكَ مالي / وترنَّمْ بذكره وتغنىَّ
يا رسولَ الحبيبِ من حيثُ لم تد / رِ لقد جئْتني بما أتمنَّى
أَيُّها الموسم هَل أَنتَ سِوى
أَيُّها الموسم هَل أَنتَ سِوى / صورة المَجد الَّذي كانَ لَنا
قَد مَشى الدَهر عَلَيهِ وَطَوى / صحفاً كنَّ سَناءً وَسَنا
أَيُّها المَوسم هَل بَينَ الجُموع / غَير ترداد صَدى النَصر المُبين
أَصَلاح الدين حيّ في الرُبوع / أَم سُيوف الفَتح فيها يَنجلين
أَينَ قَوم جَهلوا مَعنى الخُنوع / ذَهب الآباء تَعساً لِلبَنين
حلّق المَجد بِهُم ثُمَ هَوى / وَاِنثَنى ينشدهم لَما اِنثَنى
أَيُّها المَوسم هَل أَنتَ سِوى / صورة المَجد الَّذي كانَ لَنا
يا شَواظ الحَرب تَرمي بشرر / يَترك الآفاق في لَون الدَم
يا لَظى حطين نَشوى بِالظفر / يا صَلاح الدين اخلد وَانعم
لَكَ في التاريخ أَيام غرر / كَتبت بِالسَيف لا بِالقَلَم
فَرَواها الدَهر فيما قَد رَوى / فَاِسمَعوها وَاِجعَلوها سننا
أَيُّها المَوسم هَل أَنتَ سِوى / صورة المَجد الَّذي كانَ لَنا
حلفتِ أَلّا تكلميني
حلفتِ أَلّا تكلميني / وَسوء حَظي قَبلَ اليَمين
إِن ترَحَميني تعذبيني / أَو تَظلميني لا تَنصفيني
يا من هَواها أَجرى دُموعي / وَأَشعل النار في ضُلوعي
لَما تَيقَّنتِ مِن خضوعي / حلفت أَلّا تُكلِميني
عَرَفتُ وَجدي وَطول سهدي / وَكَيفَ أَرعى في الحُب عَهدي
اللَهُ حَسبي أَبَعدَ وَدي / حلفت أَلّا تَكلميني
حَملتُ في القَلب مِنك غَما / أَذاب جسمي لَحماً وَعَظما
وَكُنتِ أَقسى عليَّ لَمّا / حَلفتِ أَلّا تَكلميني
هَذا فُؤادي لَديك وَهن / ذهلت عَنهُ فيما أَظن
غَداً أُنادي إِذا أَحن / حَلفتِ أَلّا تَكلميني
أجسادهمْ في تربة الأوطانِ
أجسادهمْ في تربة الأوطانِ / أرواُحهُم في جنَّةِ الرّضْوانِ
وهناكَ لا شكوى من الطغيانِ / وهناك فيْضُ العفْوِ والغفرانِ
لا ترْجُ عفواً من سواهْ / هو الإلهْ
وهو الذي ملكَتْ يداهْ / كلَّ جاهْ
جَبَروُتُه فوق الذين يغرّهمْ / جَبَروُتُهمْ في برهمْ والأبحرِ
بَينَ لَيلى وَسُعاد وَمُنى
بَينَ لَيلى وَسُعاد وَمُنى / حارَ إِلياس كَما حرت أَنا
غَير أَني لا أَرى مِن عَجب / أَن يَكون الاسم قَد حيرنا
تَكثر الأَسماء في شَيء إِذا / كَثُرَ المَعنى بِهِ أَو حسنا
طفلة عَن والديها نسخة / كرمت أَصلاً وَطابَت مَعدَنا
قُل لِوَجه البَدر إِن قابلَتها / جاءَكَ الحُسن اِنعِكاساً مِن هُنا
لَكن البُشرى بِلَيلى إِنَّها / أَول الأَزهار في رَوض الهَنا
أَطعم العزّاب رَبّي مثلها / رَبِّ ما ضَرك لَو أَطعَمتنا
ربِّ أطعمني غَلاماً شاعِراً / لِدَواعي الحُسن مثلي مذعنا
وَليَكُن مَجنون لَيلى وَليَكُن / طيّب القَلب ظَريفاً لَسِنا
وَليَكُن مثل أَبيه إِنَّنا / لَم نوفِّر غادة في شعرِنا
تحية لَك يا مصر الفراعين
تحية لَك يا مصر الفراعين / ذَوي المآثر مِن حَيٍّ وَمَدفون
وَلَم تَزَل دَوحة الآداب وارفة / عَلى جِوارك خَضراء الأفانين
إِلَيك يا مصر إِيمائي وَملتَهفي / وَنور نَهضتك الغَراء يَهديني
وَلي أَواصر قُربى فيكَ ما بَرحت / لَما مَضى ذات تَوثيق وَتَمكين
شَقوا القَناة عَساها عَنكَ تبعدني / أَني وَمِن لَهفتي جسر سَيُدنيني
أُحب مصر وَلَكن مصرَ راغِبَة / عَني فتعرض مِن حين إِلى حين
وَإِن بَكَت لا بَكَت هَماً فَقَد عَلِمَت / وَأَيقَنَت أن ذاكَ الهَمّ يبكيني
وَما عَتبت عَلى هَجر تدلُّ بِهِ / إِن الد لال يمنيني وَيغريني
لَكن جَزعت عَلى وِد أَخاف إِذا / فَقَدتهُ لَم أَجِد خلّاً يواسيني
في أَصدِقائي أُغَزّى إِن هُمُ هَلَكوا / وَفي الصداقات ما لي مَن يُعزيني
قالوا شفاؤك في مصر وَقَد يَئسوا / مني وَأَعيي سقامي مَن يُداويني
خَلفتها بلدة يَعقوبُ خلفها / شَوقاً ليوسف قَبلي فَهُوَ يَحكيني
تقليني مِن بَنات النار زافِرَةٌ / تَكتَنُّني وَهَجير البيد يَصليني
تَمضي عَلى سنن الفولاذ جامِحَة / وَجذوة الشَوق تَزجيها وَتَرجيني
حَتّى سمت ليَ جنات النَخيل عَلى / ضفاف مطرد النَعماءِ مَيمون
هَبطت مصر وَظني أَنَّها رَقَدت / في ظلِّ أَجنِحَة مِن لَيلِها جون
كَأَنَّها وَكَأنَ اللَيل مُنصَدِعاً / بِنورها سرُّ صدر غَير مَكنون
وَالأَزبكيّةُ في الأَمساء راقِصة / لَها غَلائل مِن شَتى الرَياحين
وَالنور ذو لحظات في خَمائلها / كَأَنَّها لَحظات النَهدِ اللعين
ما لي وَللسقم أَخشاه وَأَسأل عَن / طَبيبهِ وَعِماد الدين يَشفيني
لَو أَنشب المَوت بي أَظفاره لكفى / بِأُم كَلثوم أَن تشدو فَتحييني
هَذا وَمَصر بَساتين منمقة / شبابها بَعض أَزهار البَساتين
خاضوا ميَادين مِن جدٍّ وَمِن لعب / فَأَحرَزوا السَبق في كُلِّ الميادين
كان هزاراً طَرِباً
كان هزاراً طَرِباً / بالحسن مفتنَّا
فابتسمَ الحبُّ لَهُ / فأحسن الظَّنَّا
ثمَّ رماه بالتي / تبدِّلُ اللحنا
باتَ يهيمُ نائحاً / وطالما غنَّى
حُكْم به الحب قضى / ما أْظلَمَ القاضي
حَسْبُك أن ترضى به / فإنني راضِ
دعكَ من الماضي فلو / عدت إلى الماضي
وجدتَ وصلَ ساعةٍ / ودهرَ إعراضِ
صحّ الذي جرّبتُه / عند أبي سلمى
الحبُّ يقتاد الفتى / وقلبُه أعمى
يسمو به حتى إذا / بوَّأهُ النجما
رمى به من حالقٍ / يَحْطِمُهُ حَطْما
عاش كلانا بالمنى / نُرسلُها شعرا
تلكَ رُفاةٌ بَلِيَتْ / تبعثُها الذكرى
نصوغُها ابتسامةً / أو دمعةً تُذْرى
نَشْقى به حتى تحينَ / الراحةُ الكبرى
قَد فهمنا مِن الهَدية مَعنى
قَد فهمنا مِن الهَدية مَعنى / غَير مَعنى الرمان مِن كفركنا
فَأَثارَت ذِكرى وَهاجَت جِراحاً / تَرَكتني مِن الصَبابات مضنى
قَرية يقرن اِسمها باسم إِبراهي / م مِما تَفيض حُباً وَحُسنا
ملعب لِلصبا وَقَد كانَ يوحي / كُلَّ يَوم مَهما أَفاضَ وَأَثنى
قَدرٌ ساقَهُ فَآواهُ رَوضاً
قَدرٌ ساقَهُ فَآواهُ رَوضاً / لَم يَكُن طارَ فيهِ قَبلاً وَغَنّى
فَاِستَوى فَوقَ ايكةٍ وَرَمى عَي / نيهِ فيما هُناك يُسرى وَيُمنى
وَإِذا الرَوضُ بِهجةُ الروح طيباً / وَظَلالاً وَفتنةُ العَين حُسنا
وَكَأنَّ الغَديرَ بَينَ ضلالٍ / وَهُدىً كُلَما اِستَوى أَو تَثَنّى
تَنحَني فَوقهُ كرائِمُ ذاكَ الد / دوح مِنها الجَني وَكَم يَتَجَنّى
مُطمئنٌّ يَسير تيهاً فَإِن را / م عِناقَ الصُخورِ صَدَّت فَجُنّا
هَكَذا يُصبح الحَبيبُ المَعنّي / بَعدَ حينٍ وَهُوَ المُحب المَعنّى
وَمَضى البُلبلُ الغَريبُ يَطوف الر / روضَ حَتّى إِنزَوى مَحيّا النَهارِ
راحَ يَأوي إِلى الغُصون وَلَكن / كَيفَ يَغفو مشرَّد الأَفكارِ
كانَ في الرَوض فَوقَ ما يَتَمَنى / مِن فُنون الأَثمار وَالأَزهارِ
غَير أَن لَيسَ فيهِ طَير يَغنّي / أَيّ رَوض يَحلو بِلا أَطيارِ
وَسرت فيهِ رَعدة حين لَم يَل / ق سِوى دارِسٍ مِن الأَوكار
وَبَقايا نَواقفٍ رخم المَو / ت عَلَيها مخضَّب الأَظفارِ
أَيّ خَطبٍ أَصابَكُم معشرَ الطَي / ر وَماذا في الرَوض مِن أَسرارِ
طَلَعَ الفَجر باسِماً إِثرَ لَيلٍ / دونَهُ وَحشةً كهوف الَمنيَّه
تَتَنزّى أَشباحه صاخِباتٍ / عاريات أَكُفُّها دَمَويَّه
وَرُجومٌ تَفري الغُيوم وَتَهوي / كُلَ رَجمٍ مِن الجَحيم شَظيَّه
وَخُسوف تَحدَّث البَدر فيهِ / بِفَم الحوت منذراً برزيَّه
ذاكَ لَيل قَضى عَلى البُلبل المَن / كود لَولا يَدٌ تَصَدَّت عَلَيَّه
مَلكة عرشها المشارق وَالتا / ج سَناها أَعظِم بِها شَرقيَّه
أَنقذته فَهبَّ يَشدو شَكوراً / مَرِحاً هاتفاً لَها بِالتَحيَّه
مليكة النيّرات / إلهة المشرقَين
الناس في الغابرات / إِلَيك مدّوا اليدين
وَأَحرَقوا في الصَلاة / نَضارهم وَاللُجَين
وَقَرَبوا الأَعناق /
زُلفى تراق /
يا لَيل إِن الصَباح / رَمز حَياة الوَرى
أَنفاسُهُ في البطاح / وَروحه في الذرى
أَما رَأَيت الأَقاح / أَفاق بَعد الكَرى
وَضوَّع الآفاق /
لَما أَفاق /
هُناكَ راعي الغَنم / جَذلان حَيُّ الفُؤاد
يَرتع بَينَ الأَكم / يَهيم في كُل واد
وَالنايُ صبَّ النغم / وَبَثّه في الوهاد
كَزَفرة الأَشواق /
غِبَّ الفِراق /
نسي الطَير هَمَّهُ حينَ غَنّى / قلما يَستقرّ همُّ الطروبِ
أَلِف الرَوض مفرداً وَتَوَلّى / عَنهُ في دَوحه شعورُ الغَريبِ
مُستَقلٌّ في الملك لا مِن شَريكٍ / طامِعٍ يُتَقى وَلا مِن رَقيبِ
مطلقٌ يَستَقرُّ عِندَ نَمير / تارة أَو يَقبل فَوقَ رَطيبِ
وَإِذا وَردة تَفيضُ جَمالاً / تَتَهادى مَعَ النَسيم اللعوبِ
قَد حَمَتها أَشواكُها مَشرعاتٍ / حَولَها دونَ عابث أَو غَصوبِ
تَمنَح العين حين تَبدو وَتخفي / مِن ضروب الإغراء كُل عَجيبِ
كُلُّ قَلبٍ لَهُ هَواه ولَكن / لَيسَ يَدري مَتى يَجيء زَمانُه
وَهُوَ إِمّا في ظلِّ جفن كَحيل / كامن السحر راقد أَفعوانُه
أَو وَراء اِبتِسامَةٍ حُلوةِ الثَغ / ر نَقيّ مفلّجٍ أَقحوانُه
أَو عَلى الصَدر يَستوي فَوقَ عَر / شين مَكيناً مُؤيداً سُلطانُهُ
فَإِذا كانَ لَفحةً مِن جَحيم الر / رجس أَملى أَحكامَه شَيطانُه
وَإِذا هَبَّ نَفحَةً مِن نَعيم الط / طهر قامَت رَكينة أَركانُه
هوذا الحُب فَليَكُن حينَ يَأتي / ك بَريئاً مِن كُل عَيب مَكانُه
صارَت الوَردة الخليعة للبل / بل همّاً وَمَأرباً يُشقيهِ
حَسرتا للغرير أَصبح كرباً / ما يُلاقيه مِن دَلالٍ وَتيهِ
شَفَّه السُهدُ وَاِعتَراهُ مِن الحُب / ب سقامٌ مبرّحٌ يُضنيهِ
مَن رَآها وَقَد تحامل يَهفو / نَحوَها كَيفَ أَعرضت تَغريهِ
مَن رَأى رَوحه تَسيل نَشيداً / لاهِباً لَوعةُ الأَسى تُذكيهِ
هِيَ حَوّاء ذَلِكَ الخُلد فاِحذر / لا تَكونَنَّ أَنتَ آدم فيهِ
لا تَهب قَلبك الكَريمَ لَئيماً / تَحتَ رجليهِ عابثاً يَلقيهِ
هَلى يَرى في ظلال وَردته / الحَمراء سرّاً بَدا وَكانَ خَفيّا
هَل يَرى للطيور فيها قُلوباً / نبذتهنَّ يابِساً وَجنيّا
هَل يَرى اليَوم ما الَّذي جَعل / الرَوض كَئيباً مِن الطُيور خَليّا
كَم نَذيرٍ بَدا لِعَينيهِ حَتّى / قامَ شَخص الرَدى هُناكَ سَويّا
سامَهُ حُبُّهُ شَقاء وَلَكن / نعمة الحب أَن يَكون شَقيّا
وَالهَوى يَطمس العُيون وَيُلقي / في قَرار الأَسماع مِنهُ دَويّا
هَكَذا يَسلك المحب طَريق ال / خوف أَمناً وَيحسب الرشد غَيّا
مَن تَرى علَّم البخيلة حَتّى / سَمحت أَن يَقبِّل الطير فاها
لَم يَصدِّق عَينيه حَتّى أَطَلَّت / وَأَطالَت في ختله نَجواها
زلزل الرَوض عند ذَلِكَ بِالأَل / حان فاِسمَع رِوايَتي عَن صداها
أَنشِدي يا صَبا
أَنشِدي يا صَبا / وَارقصي يا غُصون
وَاسقني يا نَدى / بَين لَحظ العُيون
فيك يا وَردَتي / قَد حَلا لي الجُنون
أَنا مني الهَوى / أَنتَ منكَ الفتون
أَنشري ما طَوت / مِن غَرامي السُنون
كانَ في أَضلُعي / فَرَوَتهُ الجُفون
أَقربي مِن فمي / فَحَديثي شجون
لما اِنجَلَت مِن حُجُب الزَمانِ
لما اِنجَلَت مِن حُجُب الزَمانِ / مَرابِعُ الخُلودِ وَالمَغاني
ضاقَ عَلى النَفسِ الكيانُ الفاني / وَعالمٌ يَغَصُّ بِالأَشجانِ
وَيفجعُ القُلوبَ بِالأَماني /
لاحَ لَها مِن الخُلود ما اِستَتر / وَاِمتَلَك السَمعَ عَلَيها وَالبَصَر
وَاِمتَزَجت مَع النَسيمِ في السَحَر / وَاَرتَفَعَت عَلى أَشِعّةِ القَمَر
شَفّافةً عُلويةَ الأَلحانِ /
وَلَم يَطُل بِها المَدى حَتّى دَنا / أَبعدُ ما تَرجوه مِن غُرِّ المُنى
هُنا هَياكلُ الخُلودِ وَهُنا / كُلُّ عَظيمِ القَدرِ وَضّاح السَنا
فَاِنطَلَقَت مُرسَلَةَ العِنانِ /
طافَت عَلى المُلوكِ وَالقَياصِرَه / فاِنقَلَبَت تَقولُ وَهِيَ ساخِرَة
أَضخمكم أُسطورةٌ أَو نادِرَه / وَإِنَّما الخُلودُ للعباقِرَه
جَبابر النُفوسِ وَالأَذهانِ /
للأَنبياءِ أَرفَعُ المَقامِ / يُحَفُّ بِالجَلال وَالاكرامِ
وَعِندَهُم رَوائِعُ الإِلهامِ / فيها الهُدى وَالنُورُ للأَنامِ
وَغايةُ الكَمالِ في الإِيمانِ /
وَالشُهداءُ بَعدَهُم في المَرتَبه / أَهلُ الفِدى في الأُممِ المُعَذَّبَه
صَبَّ الشَهيدُ دَمَهُ وَقَرَّبَه / يَقولُ إِنَّ المهجَ المخضَّبَه
أَدفع للضَيمِ عَن الأَوطانِ /
وَاِجتَمَعَ السِحرُ إِلى الفُتونِ / بَينَ رُبى الخُلودِ وَالعُيونِ
قَرائِحٌ مِن جَوهَرٍ مَكنونِ / تَشِعُّ بِالعُلومِ وَالفُنونِ
وَتَغمُرُ العالمَ بِالإِحسانِ /
أُولَئِكَ الشُموسُ وَالبُدورُ / دائِمَة الإِشراقِ لا تَغورُ
أَفلاكَها ما كَرَّت الدُهورُ / الحُبُّ وَالجَمالُ وَالسُرورُ
وَالخَيرُ وَالحِكمَةُ في الإِنسانِ /
أَصغيتُ لِلنَفس تَقولُ ما لَيه / طوَّفتُ في الخُلود كُلَّ ناحيَه
فَما وَجَدتُ مثلَ تِلكَ الرابيَه / مُشرِفَةً عَلى الوجود عاليَه
عاتيةً وَطيدة الأَركانِ /
رَأَيت ظِلاً شامِلاً ظَليلا / يَضُمُّ صَرحاً ماثِلاً جَليلا
فَاِرتدَّ طَرفي عَنهُما كَليلا / إِذا طَلَبتُ لَهُما تَمثيلا
فَالحَدَثُ الحَمراءُ في بوّانِ /
رَأَيتُ بيضاً يَعتنقنَ سُمرا / هُنَّ النُجومُ يَأتَلِقنَ زُهرا
في يَد كُلِّ فارِسٍ أَغَرّا / يَلتَمسُ المَجدَ الأَثيلَ قَسرا
وَالمَجدُ لَن يَكونَ للجبانِ /
رَأَيتَ غيداً مِن أَعاريب الفَلا / حُمرَ الجَلابيبِ غَرائِبَ الحِلى
خُلِقنَ مِن حُسنٍ وَفِتنَةٍ فَلا / تَطرِيَةً تَرى وَلا تجمُّلا
وَهَكَذا فَلتَكُن الغَواني /
ذاكَ الَّذي وَقَفنَ عَن جَنبيهِ / خِلتُ مُلوكَ الأَرض في بُردَيهِ
أَو الأَنامَ تَحتَ أَخمصَيهِ / قِيلَ اِسجُدي خاشِعَةً لَدَيهِ
فَالمُتَنَبي سَيِّدُ المَكانِ /
إِن كُنتِ مِمّن يَصحَبُ الكِتابا / وَيَألفُ الطِعانَ وَالضِرابا
وَيَهجرُ النَديمَ وَالشَرابا / جئتِ أَعزَّ خالدٍ جَنايا
وَفزتِ بِالإِكرام وَالأَمانِ /
نَكَستُ رَأسي وَدَنَوتُ أَعثُرُ / فَأَين كِسرى هيبَةً وَقَيصرُ
بَينَ يَدَيهِ أَسدٌ غَضَنفَرُ / عَلَيهِ مِن ضربَةِ سَوطٍ أَثرُ
يُغَني ابنَ عَمّارٍ عَن البَيانِ /
وَمُضحكٌ مُشقَّقُ الكَعبينِ / أَسوَدُ لابيٌّ بِمشفرينِ
عِهِدتُهُ يُشَدُّ بِالأُذنَينِ / وَقَدرُهُ يُرَدُّ بِالفِلسَينِ
يَوم تَروجُ سِلعَةُ الخِصيانِ /
كانَ لِمصرَ سُبَّةً وَعارا / يَومَ أَثارَ الشاعرَ الجَبّارا
لَم أَدرِ هل كانَ الهِجاءُ نارا / أَم عاصِفاً هُيّجَ أَم تَيّارا
أَم شُقَّ ذاكَ الصَدرُ عَن بُركانِ /
وَثَمَّ وَحشٌ فَمُهُ دامي الزَبَد / في جيدِهِ حَبلٌ غَليظٌ مِن مَسَدْ
قُلتُ أَلا أَسألُ ما هَذا الجَسَد / قالَ بَلى هَذا غَريمُنا الحَسَد
مُرتَبِكُ الأَخلاطِ في شَيطانِ /
رَأَيتُهُ يَطمِسُ عَينيهِ العَمى / سَعيرُ قَلبِهِ طَغى عَلَيهما
قُلتُ وَهَذا خالد أَيضاً فَما / أَعجَبَ أَن يَبقى الأَذى وَيَسلَما
وَيَنعمَ الشَرُّ بِعُمرٍ ثانِ /
تَبَسَّمَ الشاعرُ ثُمَّ رَدَّدا / في الوَحشِ نَظرَةً كَأَنَّها الرَدى
قالَ لَئن نَكَّدَ عَيشي بِالعِدى / حَتّى دَعَوتُ وَلَدي مُحَسَّدا
فَإِنّه خُلِّدَ في الهَوانِ /
تَقدَّمي يا نَفسُ وَاسأَليني / عَن أَثَر المفتاحِ في جَبيني
بَدَّلني بِكيدِهِ اللَعينِ / ذُلَّ الوِجار مِن حِمى العَرينِ
حِمى المُلوكِ مِن بَني حمدانِ /
وَما اِبتَلى الحَسودُ إِلا جَوهَرا / يَتمُّ نوراً وَيَطيبُ عُنصرا
وَالفَضلُ لا بُدَّ لَهُ أَن يَظهَرا / تُحدِّثُ الأَعصُرُ عَنهُ الأَعصرا
وَلِلحَسودِ غَمرَةُ النِسيانِ /
عودي إِلى دُنياكِ دُنيا العَرَبِ / بِجَذوَةٍ تُضرِمُ رُوحَ الأَدَبِ
وَتُغمِرُ الشَرقَ بِهَذا اللَهَبِ / قَد يَستَردُّ الحَقَّ بَعضُ الكُتُبِ
وَقَد يَكونُ المَجدُ في ديوانِ /
أَنا بِالرَحمَن مِن حو
أَنا بِالرَحمَن مِن حو / رٍ يكَسِّرن جفونا
دارِجات كَحَمام ال / أيك يبهرن العُيونا
قُلت مِن هُنّ وَقَولي / كانَ جَهلاً وَجُنونا
فَاِنبَرَت مِنهُن حَسنا / ء فَأذكَتني شُجونا
وَأَجابَتني وَلَم أَد / رِ أَجدّاً أَم مُجونا
نَحنُ مِن سُمناك وَجداً / وَفتنّاك فتونا

المعلومات المنشورة في هذا الموقع لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع إنما تعبر عن رأي قائلها أو كاتبها كما يحق لك الاستفادة من محتويات الموقع في الاستخدام الشخصي غير التجاري مع ذكر المصدر.
الحقوق في الموقع محفوظة حسب رخصة المشاع الابداعي بهذه الكيفية CC-BY-NC
شبكة المدارس الإسلامية 2010 - 2025