المجموع : 25
بيضُ الحمائم حسبهنَّهْ
بيضُ الحمائم حسبهنَّهْ / أني أُردِّدُ سجعهنّهْ
رمزُ السلامة والودا / عة منذ بدءِ الخلق هُنَّه
في كلِّ روض فوق دا / نيةِ القطوف لهنَّ أَّنهْ
ويملْنَ والأَغصانَ ما / خَطَرَ النسيمُ بروضهنَّه
فإذا صلاهنَّ الهجي / ر هببْنَ نحو غدير هنَّه
يهبطن بعد الحومْ مث / ل الوحي لا تدري بهَّه
فإذا وقعن على الغديْ / ر ترتبتْ أسرابهنَّه
صفَّيْن طول الضّفَّتي / ن تعرَّجا بوقوفهنَّه
كلٌّ تقبِّلُ رسمَها / في الماءِ ساعةَ شُربهنَّهْ
يطفئنَ حرَّ جسومهن / نَ بغمسهنَّ صدور هَنَّه
يقعُ الرَّشاشُ إذا انتفضْ / نَ لآلئاً لرؤوسهنَّه
ويطرْنَ بعد الابترا / د إلى الغصونِ مهودهنَّه
تُنبيك أجنحةٌ تصف / فق كيف كان سرورهنَّه
ويُقر عينَكَ عبثهن / ن إذا جَثَمْن بريشهنّه
وتخالهنّ بلا رؤو / س حين يُقبلُ ليلهنّه
أخفينها تحت الجنا / ح ونمن ملءَ جفونهنّه
كم هجنني ورويتُ هن / هنّ الهديلَ فديتهنَّه
المحسناتُ إلى المري / ض غدونَ أشباهاً لهنّهْ
الروّض كالمستشفيا / تِ دواؤها إيناسهنّه
ما الكهرباء وطبّها / بأجلَّ من نظراتهنّه
يشفي العليلَ عناؤهن / نَ وعطفهنّ ولطفهنّه
مُرُّ الدواء يفيك حل / وٌ من عذوبة نطقهنّهْ
مهلاً فعندي فارقٌ / بين الحمام وبينهنّه
فلربما انقطع الحما / ئم في الدُّجى عن شدوهنّه
أمَّا جميلُ المحسنا / ت ففي النهار وفي الدجنّه
خَطر المَسا بِوشاحه المتلون
خَطر المَسا بِوشاحه المتلون / بَين الرُبى يَهب الكَرى للأَعين
وَتَلمس الزَهر الحييَّ فَاطرَقت / أَجفانه شَأن المُحب المُذعن
وَدَعا الطُيور إِلى المَبيت فَرفرفت / فَوق الوكون لَها لحون الأَرغن
وَتَسللت نَسماته في إِثره / فَإِذا الغُصون بِها تَرنح مدمن
آمال أَيام الرَبيع جَميعها / حسن وَعيبال اِكتَسى بِالأَحسن
جَبل لَهُ بَين الضُلوع صَبابة / كادَت تَحول إِلى سِقام مزمن
وَتَفجَرت شِعراً بِقَلبي دافِقاً / فَسَكَبَت صافيهِ لِيَشرب مَوطِني
يا مَوطِناً قرع العداة صِفاته / أَشجيتَني وِمِن الرَقاد مَنَعتَني
يا مَوطِناً طَعَن العِداة فُؤاده / قَد كُنت مِن سكينهم في مَأمن
لَهفي عَلَيك وَما التَهافي بَعدَما / نَزَلوا حِماك عَلى سَبيل هين
وَأَتوك يَبدون الوِداد وَكُلُهُم / يَزهو بِثَوب بِالخداع مبطن
قَد كُنت أَحسَب في التَمَدُن نعمة / حَتّى رَأَيت شَراسة المُتَمَدن
فَإِذا بِجانب رفقه أَكر الوَغى / وَإِذا الحَديد مَع الكَلام اللين
الذَنب ذَنبي يَومَ همت بِحبهم / يا مَوطِني هَذا فُؤادي فَاطعَن
وَاغمر جراحك في دَمي فَلَعَله / يَجدي فَتَبرأ بَعدَهُ يا مَوطِني
عَجَباً لِقَومي مَقعدين وَنَوّماً / وَعَدوهم عَن سَحقهم لا يَنثَني
عَجَباً لقومي كُلهم بُكمٌ وَمن / يَنطق يَقل يا لَيتَني وَلَعَلني
لم يوجسون مِن الحَقيقة خَيفة / لم يَصدفون عَن الطَريق البيِّن
إِن البِلاد كَريمة يا لَيتَها / ضَنت عَلى من عقها بِالمدفن
قالوا الشَباب فَقُلت سَيف باتر / وَإِذا تَثقف كانَ صافي المعدن
مَرحى لِشُبان البِلاد إِذا غَدا / كُل بِغير بِلاده لَم يَفتن
مَرحى لِشبان البِلاد فَما لَهُم / إِلّا السمو إِلى العُلى مِن ديدن
نَهض الشَباب يُطالِبون بِمجدهم / يا أَيُّها الوَطَن المَجيد تَيمن
هادئ القَلب مطبق الأَجفان
هادئ القَلب مطبق الأَجفان / مُطلق الروح راقد الجُثمان
مَلَكٌ عِندَ رَأسِهِ باسم الثَغ / رِ جَناحاه فَوقَهُ يَخفقان
غادة تَملأ الكُؤوس وَخَود / تَنضح الجَرح مِن رَحيق الجِنان
وَحَواليه طافَ أَسراب حور / بِغُصون النَخيل وَالرَيحان
وَتَهاوى الطُيور عَن شَجر الخل / د تَغَنّى بِأَعذَب الأَلحان
مِن كَبير يَزهو بِأَبهى رياش / وَصَغير مصوّر مِن حَنان
وَأفاق الشَهيد مُنشَرح الصَد / ر شَكوراً لَأنعم الرَحمان
وَاِستوى جالِساً عَلى رفرف خض / ر غوال وَعَبقريٍ حِسان
وَسَقته مَلائك اللَه خَمراً / جَعَلتهُ حَيّاً مَدى الأَزمان
وَتَجَلّت أَنوار من مَلَك المل / ك فَخرَّ الحَضور للأَذقان
ثُمَ حَيّى ذاكَ الشَهيد وَنادى / أَيهذا الشَهيد لَستَ بِفانِ
رَضيَ اللَهُ عَن جِهادك فَاخلُد / وَتَبَوّأ في الخُلد أَعلى مَكانَ
وَخُلود النَعيم عِندي جَزاء / لِلَّذي ماتَ في هَوى الأَوطان
ما مَصير الشَهيد يا رَبّ إِلّا / غبطة عِندَ راسخ الإِيمان
غَيرَ أَنَّ الشَباب إِن كانَ غَضّاً / وَالتَوى الغصن مِنهُ في الريعان
وَتَراءَت أَزهاره ذابِلات / عَبثت للرياح فيها يَدان
تَعَذر العَين في البُكاء عَلَيه / دَمعَ سَلوى لَكن بِلا سُلوان
رَب عَفواً إِن راعَنا فَقدُ نَدب / ضاحك الوَجه في قُطوب الزَمان
صارم كانَ مَغمداً صَقلته / يَدُ حرية أَنوفٍ حِصان
شهرته حَتّى أَذابته مَسحاً / في رِقاب الأَعداء يَوم الطِعان
يا دُموعي وَهَبتك القَلب إِن لَم / تَقنَعي بِالقَريح مِن أَجفاني
فَهُوَ قَلبي أَليف هَمي وَحُزني / وَحَليف الزَفير وَالخَفقان
يا رُبوع الفَيحاء أَنتِ عَروس / أَيّمتها طَوارق الحَدثان
الأَكاليل لَم تَزَل غَضة الزَهر / وَلَم تَنقطع أَغاني الغَواني
وَالمَغاني مَأهولة وَالرَوابي / باديات نَواضِراً للعَيان
وَالنَدامى بَينَ الكُؤوس قيام / رَنحتهم مدامة الغدران
وَالعَذارى سَوافر لاهيات / بِالأَراجيح وَهِيَ في الأَغصان
يا عَروس الدُنيا وَما حالَ قَلب / فَجَعته أَحزانه بِالأَماني
الخطوب اللائي نَزَلنَ جسام / قَد أَحلن الهَنا إِلى أَحزان
وَالأَسى في الضُلوع أَشبَه شَيء / بِكَ لَما قَذفت بِالنيران
منكَ دَمع وَمِن محبك دَمع / بَرَدى وَالمُحبّ مُتَفِقان
رَحل العام عَنكَ جَهم المحيّا / مكفهرّاً فَكَيفَ حال الثاني
لا تَرعك الخطوب يا ابنةَ مَروا / ن وَلوذي بِاللَه وَالفتيان
الشَباب النَضير وَالأَمل الثا / بت خلّان كَيف يَفتَرِقان
وَالشَباب النَضير إن سيم خَسفاً / ثائر باسل وَثَوب الجِنان
لِفَرَنسا أَن تستبد وَتَطغى / لِفَرَنسا التَنكيل بِالبُلدان
لِفَرَنسا أَن تحشد الجَيش كَالسَي / ل وَتُبدي عَجائب الطَيران
لِفَرَنسا ما تَشتَهي لِفَرَنسا / ما تَمنَى فَمَوعد الثَأر دان
يا لِهَول الوَغى وَقَد هاجَ سُلطا / ن واَضحى يجيشُ كَالبُركان
أَسَدٌ فَوقَ ضامر عَرَبي / شاهر لِلوَغى حساماً يَماني
أَرهَفتهُ المَنون ثُمَ أَنامت / ه لِيَوم محجّل أَرونان
صَفحتاه عَقيقتان مِن البَر / ق وَفي مضربيه صاعِقَتان
وَطَبيب أَغَرّ يُعطي دَواء / لِسقام الأَوطان وَالأَبدان
أَليوثاً أَفلتَّ يا سجن أَرواد تُذي / ق العِداة كَأس الهَوان
أَي حَرب أَثار ظُلمُ فَرَنسا / فَدهاها ما لَيسَ بِالحسبان
المَغاوير حَضرٌ وَبداة / زمجروا دونَ أُمة الطُغيان
وَالجِياد العِتاق وَلهى طرادٍ / مُسرِعات بِهُم إِلى المَيدان
وَالسُيوف الرقاق ظَمآ دماءً / تَشتَكي بَثَها إِلى المرّان
فَاسأَلي عَن فِعالهم يا فَرَنسا / إِن أَبناءَهُم لَدى غَملان
وَأَقيمي ممالكاً وَعُروشاً / وَاِفزَعي للخداع وَالبُهتان
إِن مَن تَمنَحين مَجداً وَمَلكاً / وَرِثوا الملك عَن بَني مَروان
سَوفَ لا يَنثنون عَن طَلَب الحَق / قِ قِتالا أَو تَضرعي للأَمان
إِيه روح الشَهيد زوري فَلَسطي / ن وَطوفي قَدسيةً بِالمَغاني
وَاِنزَعي مِن صُدورَنا جَمرة الحق / د وَسَلّي سجيّة الشَنآن
همّ إِخوانِنا الجِهاد وَأَضحى / هَمّنا في مَجالسٍ وَلِجان
أَيُّها العاشق المناصبَ مَهلاً / أَبتاج ظَفرت أَم صولَجان
كَيفَ أَنساك حُب ذاتك مَهداً / أَنتَ لَولاه كُنت للنسيان
يا فَلسطين هَل لَديك سريّ / غَير ذي مطمع وَلا متوان
لَيسَ عِندي سِوى التَلهف أَهدي / ه وَقَلب مَوله بِكَ عان
وَشُعور نَسقته في بَياني / وَدُموع أَودَعتها أَشجاني
هَل أَمنّا العداة حَتّى رَقَدنا / أَم وَجَدنا الهَوان حُلو المَجاني
أَينَ مِنا الأَبيّ أَينَ المعزّي / أَين مِنّا معذب الوجدان
فَاِتَقوا اللَهَ وَاذكُروا نَهضة الشا / م وَخُصّوا العَدوّ بِالأَضغان
سلامٌ عَليك وَلَو شَفَّني
سلامٌ عَليك وَلَو شَفَّني / مِن الوَجد وَاليَأس ما شَفَني
أُداري غَرامَك جهد الحَليم / فَما يَستَريح وَما أَنثَني
وَقَلبي كَما يَشتَهيه الهَوى / لِغَير جَمالك لَم يُذعن
خَفوقٌ ولَو شئتِ سَكَنته / وَلَو شاءَ غَيرك لَم يَسكن
سَقيم وَلَو شئت أَبرَأته / بِعَطفك من دائه المزمن
إِذا كُنت مِنهُ تِجاه اليَمين / يَخفُّ إِلى جانِبي الأَيمَن
أَلا إِنَّهُ مُرهق يَستَجير / فَتَرثي لَهُ أَدمُع الأَعين
أسعديني بزورةٍ أو عِديني
أسعديني بزورةٍ أو عِديني / طال عهدي بلوعتي وحنيني
أدَّعي الهجرَ كاذباً وغرامي / في قرارٍ من الفؤاد مَكينِ
غِيضَ دمعي وكان رِيّاً لروحي / من غليل الأَسى فمنْ يرويني
يا مَعينَ الجمال أذبلتِ قلبي / أنعشيني بنهلةٍ أنعشيني
يا مَعينَ الجمال قطرةَ ماءِ / أو أفيضي ابتسامةً تُحييني
ضجعتي في الرياضِ بين الرياحي / ن قريباً من ماءِ عَيْنٍ مَعين
فتناولتُ أُقْحواناً ندّياً / ونداهُ كاللؤلؤِ المكنونِ
ونَزعَتُ الأُوراقَ عنها تِباعاً / أتحرَّى شكِّي بها ويقيني
فإذا وافقتْ مُنايَ تفاءَلْ / تُ وإلاَّ كذَّبتُ فيها ظنوني
ذاك لهوٌ فيه العزاءُ لنفسي / فاضحكي من تعلُّلي وجنوني
طفتُ بين الأّزهار والنَّشْر من نش / ركِ فيها ودقةُ التكوين
قطرات الندى عليها دموعي / أنتِ أدرى منِّي بما يبكيني
أنْتقي طاقةً وذوقُكِ يهدي / ني إلى الرائعاتِ في التَّلوينِ
يا حياةَ القلوبِ ويْلي عليها / ذَبُلَتْ من بقائها في يميني
فخذيها عسى تُرَدُّ إليها الر / روحُ إني أخاف مرأى المنون
ما أشد الهوى وما أطولَ اللي / ل وما أبعدَ الكرى عن جفوني
رُبَّ ذكرى وما هجعتُ استحالتْ / لخيالٍ سَرَى فَأذْكى شجوني
ضمَّني ثم ردَّني وتلاشى / في الدَّياجي كما تلاشى أنيني
راعني أمرهُ فنبَّهتُ مَنْ حَوْ / لِيَ ذُ عْراً بصرخةٍ في السُّكون
سألوني فلم أُجِبْ بل تناوَم / تُ فناموا وللأسى خلَّفوني
مرحباً بالحياةِ عادَ صاداها / وانجلى الليلُ عن صباحٍ مُبينِ
سُفَراء الصباحِ نورٌ وطيرٌ / تتغنَّى في مائساتِ الغصون
ونسيمٌ يداعبُ الدوحَ والبح / رَ شجيُّ الغناء عذْب المجون
وجلال الوديان مِلْء الحنايا / وجمال الجبال ملء العيون
في اخضرارٍ كأنه أَملي في / ك وثلجٍ نقاؤهُ كالجبين
إنَّما هذه الطبيعةُ أُنسي / ومُعيني إنْ لم أجدْ من مُعين
أتَقَرَّى جمالَ ذاتكِ في ما / أبدعتْهُ يَمينُها من فنون
في الغدير الصَّافي وأُنشودة الطي / رِ وطيب الورود والياسَمينِ
غيرَ أني ما ازدَدْتُ إلاَّ حنيناً / أسعديني بزورْةٍ أو عِديني
لَهفي عَلى الشام وَسُكّانها
لَهفي عَلى الشام وَسُكّانها / لَهفَةَ ظامي الروح حرّانها
ما أَحرَقتها النار لكنما / ضُلوع مَفتون بِغُزلانها
وَالحُبّ إِما أَضرمت ناره / تَسمعه الدُنيا بِآذانها
نَديم أَخبرني فَقَد راعني / تَشبثُ النار بغيطانها
هَل سرتِ النار إِلى تينها / وَتُوتِها الغضّ وَرُمانها
كَفْكِفْ دموعَكَ ليس ين
كَفْكِفْ دموعَكَ ليس ين / فَعُكَ البكاءُ ولا العويل
وانهضْ ولا تشكُ الزما / نَ فما شكا إلاَّ الكسول
واسلكُ بهمَّتِكَ السَّبي / لَ ولا تقلْ كيف السَّبيلُ
ما ضَلَّ ذو أملٍ سَعى / يوماً وحكمتهُ الدَّليلُ
كلاَّ ولا خاب امرؤٌ / يوماً ومقصْدهُ نبيلُ
أْفنَيْتَ يا مسكيُن عُم / رَكَ بالتَّاوُّهِ والحزَنْ
وقعدتَ مكتوفَ اليديْ / ن تقولُ حاربني الزَّمنْ
ما لمْ تقمْ بالعبئِ أن / تَ فَمَنْ يقوم به إذن
كم قلتَ أمراض البلا / د وأنتَ من أمراضها
والشؤم علتها فهل / فتشت عن أعراضها
يا مَنْ حملْتتَ الفأْسَ ته / دِمها على أنْقاضِها
أُقعدْ فما أنتَ الذي / يَسْعى إلى إنهاضها
وانظرْ بعينيْك الذئا / ب تعُبُّ في أحواضها
وطنٌ يُباعُ ويُشترى / وتصيحُ فليحيَ الوطنْ
لو كنتَ تبغي خيْرَهُ / لبذلتَ من دمِك الثمنْ
ولقمتَ تضْمِدُ جرحهُ / لو كنتَ من أهلِ الفطنْ
أضحى التشاؤُمُ في حدي / ثك بالغريزَةِ والسَّليقهْ
مِثل الغرابِ نَعى الدّياَ / ر وأسْمَعَ الدّنيا نعيقَهْ
تِلكَ الحقيقةُ والمريضُ / القلبِ تجرُحهُ الحقيقةْ
أملٌ يلوحُ بريقهُ / فَاستَهْدِ يا هذا بَريقَهْ
ما ضاقَ عيشك لو سعي / ت له ولوْ لمْ تشْكُ ضِيقَهْ
لكِنْ تَوَهَّمْتَ السَّقا / م فأسقمَ الوهْمُ البدنْ
وظننْتَ أنَّكَ قَدْ وَهَن / ت فَدَبَّ في العظم الوهنْ
اللهَ ثم أللهَ ما أْح / لى التَّضاُمنَ و الوفاقا
بوركْتَ مَؤتْمراً تأَّل / لف لا نزاعَ ولا شقاقا
كْم مِنْ فؤادٍ راقَ في / ه ولم يكنْ مِنْ قبلُ راقا
اليومَ يشربُ موطني / كأسَ الهناءِ لكمْ دهاقا
لا تعبأوا بمشاغبي / ن ترون أوْجههَم صِفاقاً
لا بُدَّ من فِئةٍ أُجِل / لكُمُ تَلَذُّ لها الفِتَنْ
تلك النفوسُ مِنَ الُّطفو / لة أُرْضعَتْ ذاكَ اللَّبنْ
نَشأت على حُبِّ الخِصا / م وبات يَرعْاها الضَّغَنْ
لا تَحْفِلوا بالمرْجفي / ن فإنَّ مَطْيَهمْ حقيرُ
حُبُّ الظهورِ على ظهو / ر الناسِ مَنْشَأُه الغرورُ
ما لمْ يكنْ فَضْلٌ يَزي / نك فالظُّورُ هو الفجورُ
سيروا بعيْن اللهِ أنتمْ / ذلكَ الأّملُ الكبيرُ
سيروا فقدْ صَفَت الصُّدورُ / تباركَتْ تلكَ الصُّدورُ
سيروا فَسُنَّتكُمْ لخْي / ر بلادكُمْ خَيْرُ السُّنَنْ
شدُّوا المودَّة والتآَ / لف والتَّفاؤُلَ في قَرَنْ
لا خوْفَ إنْ قامَ البِنا / ء على الفضيلةِ وارتكنْ
حيَّ الشبابَ وقُلْ سلا / ما إنَّكُمْ أَملُ الغَدِ
صَحَّتْ عزائمكُمْ على / دْفعِ الأَثيمِ المعْتدي
واللهُ مَدَّ لكُمْ يداً / تَعْلو على أقوى يدِ
وطني أزُفُّ لكَ الشَّبا / ب كأَّنهُ الزَّهَرُ النَّدي
لا بُدَّ مِن ثَمرٍ لهُ / يُوْماً وإنْ لمْ يَعْقِدِ
ريْحانُهُ العِلمُ الصَّحي / ح وروُحهُ الخلْقُ الحسنْ
وطَني وإنَّ القَلْبَ يا / وَطني بِحبَّكَ مُرْتَهَنْ
لا يَطمَئِنَّ فَإنْ ظَفِرْ / ت بما يُريدُ لكَ اطمأنْ
أهلاً بربِّ المهرجانِ
أهلاً بربِّ المهرجانِ / أهلاً بنابغةِ البيانِ
ملكِ القلوبِ المستقل / ل بعرِشها والصوْلجان
ومتوَّجٍ حالتْ أشعَّةُ / تاجهِ دونَ العيانِ
أْهلاً بشوقي شاعرِ ال / فُصْحى ومعْجزةِ البيانِ
يا فَرقدَ الشعراءِ كْم / من فرقدٍ لعُلاكَ رانِ
عَلَما الخلود مُنشَّرا / ن على سريركَ يَخْفُقان
جبريلُ ينفخُ في فؤا / دكَ ما يفيضُ على اللَّسان
وأمدًّ بالنفحات رو / حك حين طوَّف بالجنان
فإذا بأبكارِ الجنا / ن لديْكَ أْبكارُ المعاني
يا باكَي الفيحاءِ حي / ن أبتْ تقيمُ على الهوان
أيام كانت وردةً / بدم البواسل كالدّهان
أرسَلْتَ عنْ بردَى سلا / مك في لظى الحرب العوانِ
وذرفتَ دمعاً لا يُكفْ / كف هيَّجتْةُ الغُوطْتانِ
البيتُ ممَّا قُلْتَهُ فيهِ / تخايلُ جنَّتانِ
أبداً رثاؤكَ فيهما / عينانِ دمعاً تجريانِ
هذا وإنَّ جناهما / لَلْصَّعْبِ فاعجب وهو دانِ
عَرِّجْ على حطّينَ واخ / شعْ يُشْجِ قلبكَ ما شجاني
وانظرْ هُنالِكَ هل ترى / آثار يوسف في المكانِ
أْيقِظ صلاحَ الدين رَب / ب التَّاج والسَّيف اليماني
ومثيرَها شَعْواءَ أي / يوبيَّةَ الخيْلِ الهِجانِ
بالعاديات لديْه ضبحاً / والأَسنَّةُ في اللَّبانِ
ترْمي بمارِجها وما / غيْرَ العجاجة من دخانِ
في كلِّ خطَّارٍ على ال / أَخطار صَبَّارِ الَجنانِ
حَلقَاتُ أدرعِهمْ قيو / د الموْتِ في دَرَك الطعانِ
وسيوفُهم ماءُ الحميمِ / على مضاربهنَّ آنِ
والخيلُ طَوْعُ كماتِها / في النَّقْعِ مُرْخاة العِنان
لا تنثني أو تحرزَ ال / قَصَباتِ في يومِ الرّهانِ
حِطَّينُ يومُك ليس ين / كر شاهديه الخافقانِ
تتطايرُ الأَرواحُ فيه / من السِّنان إلى السِّنان
وترى السِّهامَ مُقَوَّما / ت فوْقَ أجسامٍ حَوانِ
فإذا أديمُ الأَرض أح / مر من دمِ الافرنج قانِ
يُسْقَوْن من كأس الرَّدى / ومليكُهم ظمآن عانِ
حتى انجلى رَهَجُ الوغى / والنَّصْرُ مَرموقُ العنان
ومشى صلاحُ الدينّ تح / ت لوائِهِ في مِهْرجانِ
وعلا الأذانُ ورجَّعَتْ / تكبيرَهُ شَرَفُ الأذانِ
اَمقوِّضَ الدُّولاتِ مَنْ / لي مِنْ صُروفِك بالأَمانِ
دُكَّت صُروحٌ ما بنى / أْمثاَلها في المجدِ بانِ
جَلَّ المصابُ أبا علي / يٍ فابْكِ هاتيكَ المغاني
ذهبَ الذين عهدتَهم / لا يصبرون على الهوانِ
في مصرَ يطمعُ أْشعَبٌ / وهنا تنادى أْشعبانِ
وهنا التخاذُلُ في الشَّدا / ئد والتشَّاؤُمُ والتَّواني
والنَّفسُ يقتُلُ عزمها / طولُ التَّعلُّلِ بالأماني
خُذْها إليكَ وأنتَ عن / هايا أميرَ الشِّعر غان
حسناءَ فيها للصَّبا / نزقٌ على خَفَرِ الحسان
نفَحانُها مِنْ كرمْةٍ / تُعزى إلى الحسن بنِ هاني
هَيْهاتَ تبلغُ شأوَكَ الش / شعراءُ يوماً أوْ تداني
جزتُ بالحيِّ في العشيِّ فهبَّتْ
جزتُ بالحيِّ في العشيِّ فهبَّتْ / نفحةٌ أنعشتْ فؤادي المُعَنَّى
قلتُ مِنْها ودُرْتُ أنظرُ حوْلي / نظراتِ الملهوفِ يُسرى ويُمنى
وإذا طيّبٌ جَنيٌّ من الرّم / مان مثل النُّهودِ لو هي تُجنى
وافقت نظرتي نداءَ غلامٍ / ناصري يا رمان من كَفْر كنَّا
قلتُ أسرعْ به فدًى لَكَ مالي / وترنَّمْ بذكره وتغنىَّ
يا رسولَ الحبيبِ من حيثُ لم تد / رِ لقد جئْتني بما أتمنَّى
أَيُّها الموسم هَل أَنتَ سِوى
أَيُّها الموسم هَل أَنتَ سِوى / صورة المَجد الَّذي كانَ لَنا
قَد مَشى الدَهر عَلَيهِ وَطَوى / صحفاً كنَّ سَناءً وَسَنا
أَيُّها المَوسم هَل بَينَ الجُموع / غَير ترداد صَدى النَصر المُبين
أَصَلاح الدين حيّ في الرُبوع / أَم سُيوف الفَتح فيها يَنجلين
أَينَ قَوم جَهلوا مَعنى الخُنوع / ذَهب الآباء تَعساً لِلبَنين
حلّق المَجد بِهُم ثُمَ هَوى / وَاِنثَنى ينشدهم لَما اِنثَنى
أَيُّها المَوسم هَل أَنتَ سِوى / صورة المَجد الَّذي كانَ لَنا
يا شَواظ الحَرب تَرمي بشرر / يَترك الآفاق في لَون الدَم
يا لَظى حطين نَشوى بِالظفر / يا صَلاح الدين اخلد وَانعم
لَكَ في التاريخ أَيام غرر / كَتبت بِالسَيف لا بِالقَلَم
فَرَواها الدَهر فيما قَد رَوى / فَاِسمَعوها وَاِجعَلوها سننا
أَيُّها المَوسم هَل أَنتَ سِوى / صورة المَجد الَّذي كانَ لَنا
حلفتِ أَلّا تكلميني
حلفتِ أَلّا تكلميني / وَسوء حَظي قَبلَ اليَمين
إِن ترَحَميني تعذبيني / أَو تَظلميني لا تَنصفيني
يا من هَواها أَجرى دُموعي / وَأَشعل النار في ضُلوعي
لَما تَيقَّنتِ مِن خضوعي / حلفت أَلّا تُكلِميني
عَرَفتُ وَجدي وَطول سهدي / وَكَيفَ أَرعى في الحُب عَهدي
اللَهُ حَسبي أَبَعدَ وَدي / حلفت أَلّا تَكلميني
حَملتُ في القَلب مِنك غَما / أَذاب جسمي لَحماً وَعَظما
وَكُنتِ أَقسى عليَّ لَمّا / حَلفتِ أَلّا تَكلميني
هَذا فُؤادي لَديك وَهن / ذهلت عَنهُ فيما أَظن
غَداً أُنادي إِذا أَحن / حَلفتِ أَلّا تَكلميني
أجسادهمْ في تربة الأوطانِ
أجسادهمْ في تربة الأوطانِ / أرواُحهُم في جنَّةِ الرّضْوانِ
وهناكَ لا شكوى من الطغيانِ / وهناك فيْضُ العفْوِ والغفرانِ
لا ترْجُ عفواً من سواهْ / هو الإلهْ
وهو الذي ملكَتْ يداهْ / كلَّ جاهْ
جَبَروُتُه فوق الذين يغرّهمْ / جَبَروُتُهمْ في برهمْ والأبحرِ
بَينَ لَيلى وَسُعاد وَمُنى
بَينَ لَيلى وَسُعاد وَمُنى / حارَ إِلياس كَما حرت أَنا
غَير أَني لا أَرى مِن عَجب / أَن يَكون الاسم قَد حيرنا
تَكثر الأَسماء في شَيء إِذا / كَثُرَ المَعنى بِهِ أَو حسنا
طفلة عَن والديها نسخة / كرمت أَصلاً وَطابَت مَعدَنا
قُل لِوَجه البَدر إِن قابلَتها / جاءَكَ الحُسن اِنعِكاساً مِن هُنا
لَكن البُشرى بِلَيلى إِنَّها / أَول الأَزهار في رَوض الهَنا
أَطعم العزّاب رَبّي مثلها / رَبِّ ما ضَرك لَو أَطعَمتنا
ربِّ أطعمني غَلاماً شاعِراً / لِدَواعي الحُسن مثلي مذعنا
وَليَكُن مَجنون لَيلى وَليَكُن / طيّب القَلب ظَريفاً لَسِنا
وَليَكُن مثل أَبيه إِنَّنا / لَم نوفِّر غادة في شعرِنا
تحية لَك يا مصر الفراعين
تحية لَك يا مصر الفراعين / ذَوي المآثر مِن حَيٍّ وَمَدفون
وَلَم تَزَل دَوحة الآداب وارفة / عَلى جِوارك خَضراء الأفانين
إِلَيك يا مصر إِيمائي وَملتَهفي / وَنور نَهضتك الغَراء يَهديني
وَلي أَواصر قُربى فيكَ ما بَرحت / لَما مَضى ذات تَوثيق وَتَمكين
شَقوا القَناة عَساها عَنكَ تبعدني / أَني وَمِن لَهفتي جسر سَيُدنيني
أُحب مصر وَلَكن مصرَ راغِبَة / عَني فتعرض مِن حين إِلى حين
وَإِن بَكَت لا بَكَت هَماً فَقَد عَلِمَت / وَأَيقَنَت أن ذاكَ الهَمّ يبكيني
وَما عَتبت عَلى هَجر تدلُّ بِهِ / إِن الد لال يمنيني وَيغريني
لَكن جَزعت عَلى وِد أَخاف إِذا / فَقَدتهُ لَم أَجِد خلّاً يواسيني
في أَصدِقائي أُغَزّى إِن هُمُ هَلَكوا / وَفي الصداقات ما لي مَن يُعزيني
قالوا شفاؤك في مصر وَقَد يَئسوا / مني وَأَعيي سقامي مَن يُداويني
خَلفتها بلدة يَعقوبُ خلفها / شَوقاً ليوسف قَبلي فَهُوَ يَحكيني
تقليني مِن بَنات النار زافِرَةٌ / تَكتَنُّني وَهَجير البيد يَصليني
تَمضي عَلى سنن الفولاذ جامِحَة / وَجذوة الشَوق تَزجيها وَتَرجيني
حَتّى سمت ليَ جنات النَخيل عَلى / ضفاف مطرد النَعماءِ مَيمون
هَبطت مصر وَظني أَنَّها رَقَدت / في ظلِّ أَجنِحَة مِن لَيلِها جون
كَأَنَّها وَكَأنَ اللَيل مُنصَدِعاً / بِنورها سرُّ صدر غَير مَكنون
وَالأَزبكيّةُ في الأَمساء راقِصة / لَها غَلائل مِن شَتى الرَياحين
وَالنور ذو لحظات في خَمائلها / كَأَنَّها لَحظات النَهدِ اللعين
ما لي وَللسقم أَخشاه وَأَسأل عَن / طَبيبهِ وَعِماد الدين يَشفيني
لَو أَنشب المَوت بي أَظفاره لكفى / بِأُم كَلثوم أَن تشدو فَتحييني
هَذا وَمَصر بَساتين منمقة / شبابها بَعض أَزهار البَساتين
خاضوا ميَادين مِن جدٍّ وَمِن لعب / فَأَحرَزوا السَبق في كُلِّ الميادين
كان هزاراً طَرِباً
كان هزاراً طَرِباً / بالحسن مفتنَّا
فابتسمَ الحبُّ لَهُ / فأحسن الظَّنَّا
ثمَّ رماه بالتي / تبدِّلُ اللحنا
باتَ يهيمُ نائحاً / وطالما غنَّى
حُكْم به الحب قضى / ما أْظلَمَ القاضي
حَسْبُك أن ترضى به / فإنني راضِ
دعكَ من الماضي فلو / عدت إلى الماضي
وجدتَ وصلَ ساعةٍ / ودهرَ إعراضِ
صحّ الذي جرّبتُه / عند أبي سلمى
الحبُّ يقتاد الفتى / وقلبُه أعمى
يسمو به حتى إذا / بوَّأهُ النجما
رمى به من حالقٍ / يَحْطِمُهُ حَطْما
عاش كلانا بالمنى / نُرسلُها شعرا
تلكَ رُفاةٌ بَلِيَتْ / تبعثُها الذكرى
نصوغُها ابتسامةً / أو دمعةً تُذْرى
نَشْقى به حتى تحينَ / الراحةُ الكبرى
قَد فهمنا مِن الهَدية مَعنى
قَد فهمنا مِن الهَدية مَعنى / غَير مَعنى الرمان مِن كفركنا
فَأَثارَت ذِكرى وَهاجَت جِراحاً / تَرَكتني مِن الصَبابات مضنى
قَرية يقرن اِسمها باسم إِبراهي / م مِما تَفيض حُباً وَحُسنا
ملعب لِلصبا وَقَد كانَ يوحي / كُلَّ يَوم مَهما أَفاضَ وَأَثنى
قَدرٌ ساقَهُ فَآواهُ رَوضاً
قَدرٌ ساقَهُ فَآواهُ رَوضاً / لَم يَكُن طارَ فيهِ قَبلاً وَغَنّى
فَاِستَوى فَوقَ ايكةٍ وَرَمى عَي / نيهِ فيما هُناك يُسرى وَيُمنى
وَإِذا الرَوضُ بِهجةُ الروح طيباً / وَظَلالاً وَفتنةُ العَين حُسنا
وَكَأنَّ الغَديرَ بَينَ ضلالٍ / وَهُدىً كُلَما اِستَوى أَو تَثَنّى
تَنحَني فَوقهُ كرائِمُ ذاكَ الد / دوح مِنها الجَني وَكَم يَتَجَنّى
مُطمئنٌّ يَسير تيهاً فَإِن را / م عِناقَ الصُخورِ صَدَّت فَجُنّا
هَكَذا يُصبح الحَبيبُ المَعنّي / بَعدَ حينٍ وَهُوَ المُحب المَعنّى
وَمَضى البُلبلُ الغَريبُ يَطوف الر / روضَ حَتّى إِنزَوى مَحيّا النَهارِ
راحَ يَأوي إِلى الغُصون وَلَكن / كَيفَ يَغفو مشرَّد الأَفكارِ
كانَ في الرَوض فَوقَ ما يَتَمَنى / مِن فُنون الأَثمار وَالأَزهارِ
غَير أَن لَيسَ فيهِ طَير يَغنّي / أَيّ رَوض يَحلو بِلا أَطيارِ
وَسرت فيهِ رَعدة حين لَم يَل / ق سِوى دارِسٍ مِن الأَوكار
وَبَقايا نَواقفٍ رخم المَو / ت عَلَيها مخضَّب الأَظفارِ
أَيّ خَطبٍ أَصابَكُم معشرَ الطَي / ر وَماذا في الرَوض مِن أَسرارِ
طَلَعَ الفَجر باسِماً إِثرَ لَيلٍ / دونَهُ وَحشةً كهوف الَمنيَّه
تَتَنزّى أَشباحه صاخِباتٍ / عاريات أَكُفُّها دَمَويَّه
وَرُجومٌ تَفري الغُيوم وَتَهوي / كُلَ رَجمٍ مِن الجَحيم شَظيَّه
وَخُسوف تَحدَّث البَدر فيهِ / بِفَم الحوت منذراً برزيَّه
ذاكَ لَيل قَضى عَلى البُلبل المَن / كود لَولا يَدٌ تَصَدَّت عَلَيَّه
مَلكة عرشها المشارق وَالتا / ج سَناها أَعظِم بِها شَرقيَّه
أَنقذته فَهبَّ يَشدو شَكوراً / مَرِحاً هاتفاً لَها بِالتَحيَّه
مليكة النيّرات / إلهة المشرقَين
الناس في الغابرات / إِلَيك مدّوا اليدين
وَأَحرَقوا في الصَلاة / نَضارهم وَاللُجَين
وَقَرَبوا الأَعناق /
زُلفى تراق /
يا لَيل إِن الصَباح / رَمز حَياة الوَرى
أَنفاسُهُ في البطاح / وَروحه في الذرى
أَما رَأَيت الأَقاح / أَفاق بَعد الكَرى
وَضوَّع الآفاق /
لَما أَفاق /
هُناكَ راعي الغَنم / جَذلان حَيُّ الفُؤاد
يَرتع بَينَ الأَكم / يَهيم في كُل واد
وَالنايُ صبَّ النغم / وَبَثّه في الوهاد
كَزَفرة الأَشواق /
غِبَّ الفِراق /
نسي الطَير هَمَّهُ حينَ غَنّى / قلما يَستقرّ همُّ الطروبِ
أَلِف الرَوض مفرداً وَتَوَلّى / عَنهُ في دَوحه شعورُ الغَريبِ
مُستَقلٌّ في الملك لا مِن شَريكٍ / طامِعٍ يُتَقى وَلا مِن رَقيبِ
مطلقٌ يَستَقرُّ عِندَ نَمير / تارة أَو يَقبل فَوقَ رَطيبِ
وَإِذا وَردة تَفيضُ جَمالاً / تَتَهادى مَعَ النَسيم اللعوبِ
قَد حَمَتها أَشواكُها مَشرعاتٍ / حَولَها دونَ عابث أَو غَصوبِ
تَمنَح العين حين تَبدو وَتخفي / مِن ضروب الإغراء كُل عَجيبِ
كُلُّ قَلبٍ لَهُ هَواه ولَكن / لَيسَ يَدري مَتى يَجيء زَمانُه
وَهُوَ إِمّا في ظلِّ جفن كَحيل / كامن السحر راقد أَفعوانُه
أَو وَراء اِبتِسامَةٍ حُلوةِ الثَغ / ر نَقيّ مفلّجٍ أَقحوانُه
أَو عَلى الصَدر يَستوي فَوقَ عَر / شين مَكيناً مُؤيداً سُلطانُهُ
فَإِذا كانَ لَفحةً مِن جَحيم الر / رجس أَملى أَحكامَه شَيطانُه
وَإِذا هَبَّ نَفحَةً مِن نَعيم الط / طهر قامَت رَكينة أَركانُه
هوذا الحُب فَليَكُن حينَ يَأتي / ك بَريئاً مِن كُل عَيب مَكانُه
صارَت الوَردة الخليعة للبل / بل همّاً وَمَأرباً يُشقيهِ
حَسرتا للغرير أَصبح كرباً / ما يُلاقيه مِن دَلالٍ وَتيهِ
شَفَّه السُهدُ وَاِعتَراهُ مِن الحُب / ب سقامٌ مبرّحٌ يُضنيهِ
مَن رَآها وَقَد تحامل يَهفو / نَحوَها كَيفَ أَعرضت تَغريهِ
مَن رَأى رَوحه تَسيل نَشيداً / لاهِباً لَوعةُ الأَسى تُذكيهِ
هِيَ حَوّاء ذَلِكَ الخُلد فاِحذر / لا تَكونَنَّ أَنتَ آدم فيهِ
لا تَهب قَلبك الكَريمَ لَئيماً / تَحتَ رجليهِ عابثاً يَلقيهِ
هَلى يَرى في ظلال وَردته / الحَمراء سرّاً بَدا وَكانَ خَفيّا
هَل يَرى للطيور فيها قُلوباً / نبذتهنَّ يابِساً وَجنيّا
هَل يَرى اليَوم ما الَّذي جَعل / الرَوض كَئيباً مِن الطُيور خَليّا
كَم نَذيرٍ بَدا لِعَينيهِ حَتّى / قامَ شَخص الرَدى هُناكَ سَويّا
سامَهُ حُبُّهُ شَقاء وَلَكن / نعمة الحب أَن يَكون شَقيّا
وَالهَوى يَطمس العُيون وَيُلقي / في قَرار الأَسماع مِنهُ دَويّا
هَكَذا يَسلك المحب طَريق ال / خوف أَمناً وَيحسب الرشد غَيّا
مَن تَرى علَّم البخيلة حَتّى / سَمحت أَن يَقبِّل الطير فاها
لَم يَصدِّق عَينيه حَتّى أَطَلَّت / وَأَطالَت في ختله نَجواها
زلزل الرَوض عند ذَلِكَ بِالأَل / حان فاِسمَع رِوايَتي عَن صداها
أَنشِدي يا صَبا
أَنشِدي يا صَبا / وَارقصي يا غُصون
وَاسقني يا نَدى / بَين لَحظ العُيون
فيك يا وَردَتي / قَد حَلا لي الجُنون
أَنا مني الهَوى / أَنتَ منكَ الفتون
أَنشري ما طَوت / مِن غَرامي السُنون
كانَ في أَضلُعي / فَرَوَتهُ الجُفون
أَقربي مِن فمي / فَحَديثي شجون
لما اِنجَلَت مِن حُجُب الزَمانِ
لما اِنجَلَت مِن حُجُب الزَمانِ / مَرابِعُ الخُلودِ وَالمَغاني
ضاقَ عَلى النَفسِ الكيانُ الفاني / وَعالمٌ يَغَصُّ بِالأَشجانِ
وَيفجعُ القُلوبَ بِالأَماني /
لاحَ لَها مِن الخُلود ما اِستَتر / وَاِمتَلَك السَمعَ عَلَيها وَالبَصَر
وَاِمتَزَجت مَع النَسيمِ في السَحَر / وَاَرتَفَعَت عَلى أَشِعّةِ القَمَر
شَفّافةً عُلويةَ الأَلحانِ /
وَلَم يَطُل بِها المَدى حَتّى دَنا / أَبعدُ ما تَرجوه مِن غُرِّ المُنى
هُنا هَياكلُ الخُلودِ وَهُنا / كُلُّ عَظيمِ القَدرِ وَضّاح السَنا
فَاِنطَلَقَت مُرسَلَةَ العِنانِ /
طافَت عَلى المُلوكِ وَالقَياصِرَه / فاِنقَلَبَت تَقولُ وَهِيَ ساخِرَة
أَضخمكم أُسطورةٌ أَو نادِرَه / وَإِنَّما الخُلودُ للعباقِرَه
جَبابر النُفوسِ وَالأَذهانِ /
للأَنبياءِ أَرفَعُ المَقامِ / يُحَفُّ بِالجَلال وَالاكرامِ
وَعِندَهُم رَوائِعُ الإِلهامِ / فيها الهُدى وَالنُورُ للأَنامِ
وَغايةُ الكَمالِ في الإِيمانِ /
وَالشُهداءُ بَعدَهُم في المَرتَبه / أَهلُ الفِدى في الأُممِ المُعَذَّبَه
صَبَّ الشَهيدُ دَمَهُ وَقَرَّبَه / يَقولُ إِنَّ المهجَ المخضَّبَه
أَدفع للضَيمِ عَن الأَوطانِ /
وَاِجتَمَعَ السِحرُ إِلى الفُتونِ / بَينَ رُبى الخُلودِ وَالعُيونِ
قَرائِحٌ مِن جَوهَرٍ مَكنونِ / تَشِعُّ بِالعُلومِ وَالفُنونِ
وَتَغمُرُ العالمَ بِالإِحسانِ /
أُولَئِكَ الشُموسُ وَالبُدورُ / دائِمَة الإِشراقِ لا تَغورُ
أَفلاكَها ما كَرَّت الدُهورُ / الحُبُّ وَالجَمالُ وَالسُرورُ
وَالخَيرُ وَالحِكمَةُ في الإِنسانِ /
أَصغيتُ لِلنَفس تَقولُ ما لَيه / طوَّفتُ في الخُلود كُلَّ ناحيَه
فَما وَجَدتُ مثلَ تِلكَ الرابيَه / مُشرِفَةً عَلى الوجود عاليَه
عاتيةً وَطيدة الأَركانِ /
رَأَيت ظِلاً شامِلاً ظَليلا / يَضُمُّ صَرحاً ماثِلاً جَليلا
فَاِرتدَّ طَرفي عَنهُما كَليلا / إِذا طَلَبتُ لَهُما تَمثيلا
فَالحَدَثُ الحَمراءُ في بوّانِ /
رَأَيتُ بيضاً يَعتنقنَ سُمرا / هُنَّ النُجومُ يَأتَلِقنَ زُهرا
في يَد كُلِّ فارِسٍ أَغَرّا / يَلتَمسُ المَجدَ الأَثيلَ قَسرا
وَالمَجدُ لَن يَكونَ للجبانِ /
رَأَيتَ غيداً مِن أَعاريب الفَلا / حُمرَ الجَلابيبِ غَرائِبَ الحِلى
خُلِقنَ مِن حُسنٍ وَفِتنَةٍ فَلا / تَطرِيَةً تَرى وَلا تجمُّلا
وَهَكَذا فَلتَكُن الغَواني /
ذاكَ الَّذي وَقَفنَ عَن جَنبيهِ / خِلتُ مُلوكَ الأَرض في بُردَيهِ
أَو الأَنامَ تَحتَ أَخمصَيهِ / قِيلَ اِسجُدي خاشِعَةً لَدَيهِ
فَالمُتَنَبي سَيِّدُ المَكانِ /
إِن كُنتِ مِمّن يَصحَبُ الكِتابا / وَيَألفُ الطِعانَ وَالضِرابا
وَيَهجرُ النَديمَ وَالشَرابا / جئتِ أَعزَّ خالدٍ جَنايا
وَفزتِ بِالإِكرام وَالأَمانِ /
نَكَستُ رَأسي وَدَنَوتُ أَعثُرُ / فَأَين كِسرى هيبَةً وَقَيصرُ
بَينَ يَدَيهِ أَسدٌ غَضَنفَرُ / عَلَيهِ مِن ضربَةِ سَوطٍ أَثرُ
يُغَني ابنَ عَمّارٍ عَن البَيانِ /
وَمُضحكٌ مُشقَّقُ الكَعبينِ / أَسوَدُ لابيٌّ بِمشفرينِ
عِهِدتُهُ يُشَدُّ بِالأُذنَينِ / وَقَدرُهُ يُرَدُّ بِالفِلسَينِ
يَوم تَروجُ سِلعَةُ الخِصيانِ /
كانَ لِمصرَ سُبَّةً وَعارا / يَومَ أَثارَ الشاعرَ الجَبّارا
لَم أَدرِ هل كانَ الهِجاءُ نارا / أَم عاصِفاً هُيّجَ أَم تَيّارا
أَم شُقَّ ذاكَ الصَدرُ عَن بُركانِ /
وَثَمَّ وَحشٌ فَمُهُ دامي الزَبَد / في جيدِهِ حَبلٌ غَليظٌ مِن مَسَدْ
قُلتُ أَلا أَسألُ ما هَذا الجَسَد / قالَ بَلى هَذا غَريمُنا الحَسَد
مُرتَبِكُ الأَخلاطِ في شَيطانِ /
رَأَيتُهُ يَطمِسُ عَينيهِ العَمى / سَعيرُ قَلبِهِ طَغى عَلَيهما
قُلتُ وَهَذا خالد أَيضاً فَما / أَعجَبَ أَن يَبقى الأَذى وَيَسلَما
وَيَنعمَ الشَرُّ بِعُمرٍ ثانِ /
تَبَسَّمَ الشاعرُ ثُمَّ رَدَّدا / في الوَحشِ نَظرَةً كَأَنَّها الرَدى
قالَ لَئن نَكَّدَ عَيشي بِالعِدى / حَتّى دَعَوتُ وَلَدي مُحَسَّدا
فَإِنّه خُلِّدَ في الهَوانِ /
تَقدَّمي يا نَفسُ وَاسأَليني / عَن أَثَر المفتاحِ في جَبيني
بَدَّلني بِكيدِهِ اللَعينِ / ذُلَّ الوِجار مِن حِمى العَرينِ
حِمى المُلوكِ مِن بَني حمدانِ /
وَما اِبتَلى الحَسودُ إِلا جَوهَرا / يَتمُّ نوراً وَيَطيبُ عُنصرا
وَالفَضلُ لا بُدَّ لَهُ أَن يَظهَرا / تُحدِّثُ الأَعصُرُ عَنهُ الأَعصرا
وَلِلحَسودِ غَمرَةُ النِسيانِ /
عودي إِلى دُنياكِ دُنيا العَرَبِ / بِجَذوَةٍ تُضرِمُ رُوحَ الأَدَبِ
وَتُغمِرُ الشَرقَ بِهَذا اللَهَبِ / قَد يَستَردُّ الحَقَّ بَعضُ الكُتُبِ
وَقَد يَكونُ المَجدُ في ديوانِ /
أَنا بِالرَحمَن مِن حو
أَنا بِالرَحمَن مِن حو / رٍ يكَسِّرن جفونا
دارِجات كَحَمام ال / أيك يبهرن العُيونا
قُلت مِن هُنّ وَقَولي / كانَ جَهلاً وَجُنونا
فَاِنبَرَت مِنهُن حَسنا / ء فَأذكَتني شُجونا
وَأَجابَتني وَلَم أَد / رِ أَجدّاً أَم مُجونا
نَحنُ مِن سُمناك وَجداً / وَفتنّاك فتونا