المجموع : 52
هَلُمَّ يا لائِمي قَد أَثمَرَ البانُ
هَلُمَّ يا لائِمي قَد أَثمَرَ البانُ / وَاِنظُر فَواكِهَ فيها اللُبُّ حَيرانُ
أَما تَرى خوطَ بانٍ في كَثيبِ نَقاً / مُهَفهَفاً يَتَثَنّى وَهوَ رَيّانُ
فَالفَرعُ مِنهُ عَناقيدٌ وَوَجنَتُهُ / تُفّاحُ لُبنانَ وَالنَهدانِ رُمّانُ
هَذي فَواكِهُ ما تَنفَكُّ يانِعَةً / فَدَع مَلامي فَمَن أَهواهُ بُستانُ
إِلى لَماهُ اِرتِياحُ الروحِ مُنبَعِثٌ / كَأَنَّ أَنفاسَهُ روحٌ وَرَيحانُ
أُسَبِّحُ اللَهَ إِعجاباً بِصورَتِهِ / إِذا رَنا وَكَأَنَّ الطَرفَ وَسنانُ
بَكَيتُ في قُربِهِ مِن خَوفِ فُرقَتِهِ / علماً بِأَن سَوفَ يَتلو الوَصلَ هِجرانُ
كَأَنَّما هُوَ حورِيٌّ يُبَشِّرُني / بِرَحمَةٍ وَرضىً لي مِنهُ رِضوانُ
وَالأَشرَفُ المَلِكُ القَيلُ الجَوادُ لَهُ / مَكارِمٌ تَملَأُ الدُنيا وَإِحسانُ
يُرجى نَداهُ وَلا تُخشى بَوادِرُهُ / إِلا إِذا اِصطَدَمَت في الحَربِ فُرسانُ
هُناكَ يَقتَنِصُ الأَبطال مُقتَدراً / كَأَنَّهُ الصَقرُ وَالأَبطالُ خِربانُ
شاهَت وُجوهُ العِدا يا شاهَ أَرمَنَ فَال / فِرنج وَالكَرج كُلٌّ مِنك خشيانُ
حَتّامَ أَصدى وَهَذا البَحرُ مُعتَرِضٌ / يَفيضُ في كُلِّ قُطرٍ مِنهُ خُلجانُ
بَحرٌ يَفيضُ عَلى العافينَ جَوهَرُهُ ال / ثَمينُ وَهوَ عَلى العادينَ طوفانُ
كَفاكُمُ يا بَني شاذي أُمورَكُم / مَلكٌ لِأَعدائِهِ بِالذُّلِّ إِذعانُ
يَكسو السُيوفَ جُسومَ الناكِثينَ بِهِ / وَهامُهُم لِرِماحِ الخَطِّ تيجانُ
يَغزو فَتَغدو المَنايا في أَسِنَّتِهِ / مُستَنسِراتٍ عَلى العُقبانِ عُقبانُ
قَد عَوَّدَ الطَيرَ عاداتٍ وَثِقنَ بِها / يَومَ الوَغى فَهوَ مِطعامٌ وَمِطعانُ
مُستَحكِمُ الرَأيِ مُستَغنٍ بِوَحدَتِهِ / عَنِ الرِجالِ جَريءُ القَلبِ يَقظانُ
بِالأَشرَفِ اِنتَصَبَ الإِسلامُ وَاِرتَفَعَ ال / إيمانُ وَاِنخَفَضَت بِالذُلِّ صُلبانُ
مَتى اِنتَضى سَيفَهُ في الحَربِ قَطَّعَ أَو / صالاً وَفارَقَتِ الأَرواحَ أَبدانُ
ذو عَزمَةٍ تَفلِقُ الصَخرَ الأَصَمَّ وَحِل / مٍ لا يُوازِنُهُ رَضوى وَثَهلانُ
مُبارَكُ الوَجهِ مَيمونٌ نَقيبَتُهُ / كَأَنَّما وَجهُهُ يُمنٌ وَإيمانُ
لَمّا رَماني زَماني في نَوائِبِهِ / نادَيتُ لَستَ زَماناً أَنتَ إِزمانُ
فَراحتي صَفِرَت مِن راحَتي وَأَنا / عَلى مُنادَمَةِ النُدمانِ نَدمانُ
كَم صاحِبٍ حاصِبٍ لي غَيرَ مُتَّئِبٍ / فَالخِلُّ كَالخَلِّ وَالإِخوانُ خُوّانُ
قَدِ اِدَّعى الشِّعرَ أَقوامٌ وَلَيسَ لَهُم / يَوماً عَلى ما اِدَّعوهُ فيهِ بُرهانُ
تَفَرزَنوا وَتَبَيدَقنا وَما بَرِحوا / بَيادِقاً وَأَنا في الصَّدرِ فِرزانُ
لأَقصُدَن مَلِكاً أَعيَت فَصاحَتُهُ / قُساً وَما نالَها مِن قَبلُ سَحبانُ
مُعطي الأُلوفِ وَطَعّانُ الأُلوفِ لَدى ال / هَيجا إِذا أُوقِدَت لِلحَربِ نيرانُ
حَتّى أَعودَ وَحُسّادي تَقولُ لَقَد / أَثرى مِنَ الفَضلِ وَالأَموالِ فِتيانُ
يا أَيُّها المَلِكُ اِسلَم وَاِبقَ وَاِسمُ وَدُم / ما يَمَّمَت حَجَّ بَيتِ اللَهِ رُكبانُ
وعشتَ ما عاشه نوحٌ ونلت مدى ال / مُلكِ الذي نالَهُ قِدماً سليمانُ
بِأَبي الريمُ الَّذي مَرَّ بِنا
بِأَبي الريمُ الَّذي مَرَّ بِنا / كَم رَمى مِن سَهمِ لَحظٍ إِذ رَنا
يَرتَعي مِن حَبَبِ الكَأسِ إِذا / عَبَّ فيها أُقحواناً حَسَنا
وَبَنو التُركِ إِذا ما حارَبوا / أَغمَدوا البيضَ وَسَلّوا الأَعيُنا
وَتَمَطَّت تَحتَهُم خَيلُهُمُ / بِقُدودٍ أَخجَلَت سُمرَ القَنا
كُلُّ أَحوى فاتِرِ الطَرفِ إِذا / ما رَآهُ ذو عَفافٍ فُتِنا
فَاِسأَلوا عَنهُم خَبيراً تَعلَموا / صِدقَ دَعوايَ وَلا سيما أَنا
بابِلِيُّ الطَّرفِ حُورِيُّ اللَّمى / يُوسُفِيُّ الحُسنِ بي ما أَحسَنا
حاجِباهُ حَجَبا عَنّي الكَرى / وَسَناهُ صَدَّ عَنّي الوَسَنا
ما رَأَينا قَبلَهُ شَمسَ ضُحىً / فَوقَ حِقفِ الرَملِ تَعلو أَغصُنا
سُقمُ جَفنَيهِ بِهِ أَسقَمَني / وَضَنى الخَصرِ بِهِ ذُبتُ ضَنى
وَكَأَنَّ الراحَ في راحَتِهِ / وَردَةٌ مِن وَجنَتَيهِ تُجتَنى
فَهيَ حَمراءُ كَسَيفِ المَلِكِ ال / أَشرَفِ الباري العِدا وَالجُبَنا
كَم حُسامٍ سَلَّهُ مِن غِمدِهِ / كادَ يُعشي بِالشُعاعِ الأَعيُنا
فَتَرى الهاماتِ مِن ضَرباتِهِ / طائِراتٍ مِن فُرادى وَثنى
يَمنَحُ المُدّاحَ بِالمالِ وَكَم / عادَ عَنهُ ذو غَناءٍ بِالعَنا
وَلَهُ مَدحٌ بَديعٌ سائِرٌ / تَحسُدُ العَينُ عَلَيهِ الأُذُنا
وَمَتى ما تَأتِهِ تَعشو إِلى / نارِهِ حينَ تَراها مَوهِنا
تَلقَ ناراً عِندَها موسى فَفُز / بِأَمانٍ وَبِيُمنٍ وَمُنى
يَهَبُ الإِبلَ المَقاحيدَ وَما / حَمَلَت وَالصافِناتِ الحُصُنا
وَالأَقاليمَ بِلا مَنٍّ وَلَو / وَهَبَت يُمنى يَدَيهِ اليَمَنا
لَحَباها سائِليهِ وَاِنثَنى / طالِبَ العُذرِ كَمَن كانَ جَنى
فَاِزدِحامُ الناسِ في أَبوابِهِ / كَاِزدِحامِ الوَفدِ إِذ جاؤوا مِنى
عاشَ في مُلكٍ مُقيمٍ أَبَداً / فَهوَ يَستَخدِمُ فيهِ الأَزمُنا
هَذا الحِمى وَرَندُهُ وَبانُهُ
هَذا الحِمى وَرَندُهُ وَبانُهُ / وَشِيحُهُ فاوَحَهُ حَوذانُهُ
وَالرَوضُ وَالنَسيمُ قَد جَمَّشَهُ / فَهَبَّ مِن نَورٍ عُبَيثَرانُهُ
وَالنَّرجِسُ الغَضُّ رَنَت أَحداقُهُ / وَاِفتَرَّ بِالعُذَيبِ أُقحُوانُهُ
يا صاحِ جُز سَلعاً وَسَل عَن عَيشِنا ال / ماضي بِها يا حَبَّذا زَمانُهُ
لِلَّهِ نَعمانُ الأَراكِ مَنزِلاً / ضَمَّ بِنُعمٍ شَملَنا نُعمانُهُ
وَالشَمسُ في رَأدِ الضُحى وَعِندَها / يُفَيِّئُ الأَصيلَ زَعفَرانُهُ
وَالدَوحُ مَنظومٌ عَلى أَوراقِهِ / غِبَّ الحَيا مِن طَلِّهِ جُمانُهُ
مَه لا يَلُمني لائِمٌ عَلى البُكا / عِندِيَ كُلَّ ساعَةٍ إِبّانُهُ
وَهاتِ يا مُطرِبَنا غَنِّ لَنا / فَأَنتَ مَن تُطرِبُنا أَلحانُهُ
بِكُلِّ بَيتٍ عَرَبِيٍّ كُلُّ حُر / رٍ فارسيٍّ فاضِلٍ سَلمانُهُ
خَيرُ القَريضِ مَدحُ خَيرِ مَن مَشى / وَخَيرِ مَن عَدا بِهِ حِصانُهُ
مُحَمَّدِ النَبِيِّ ذي الإِحسانِ وَال / لَذي أَجادَ مَدحَهُ حَسّانُهُ
خاطَبَهُ رَبُّ السَماواتِ العُلا / إِذ جَبرَئيلُ الوَحيِ تَرجُمانُهُ
سَفينَةُ النَجاةِ أَهلُ بَيتِهِ / في مَوقِفٍ يَغشى الوَرى طوفانُهُ
لا فارَقَت صِحابَهُ وَآلَهُ / صَلاتُهُ يَوماً وَلا رِضوانُهُ
يا راكِباً شِمِلَّةً تَطوي الفَلا / مَزؤودَةً مِن طَيِّها ظِلمانُهُ
أَبلِغ وَبُلِّغتَ المُنى مَألُكَةً / مَلكاً عَلا بَينَ المُلوكِ شانُهُ
المَلِكُ الأَشرَفُ شاه اَرمَنَ لا / زالَ قَوِيّاً ثابِتاً سُلطانُهُ
يا مَن بِهِ فَخرُ المُلوكِ إِذ كَذا / كَ بِالنَبِيِّ اِفتَخَرَت عَدنانُهُ
يَنتَجِعُ العُفاةُ حِصناً مِنكَ يا / ماءَ السَماءِ أُفعِمَت غُدرانُهُ
تَأوي إِلَيكَ العُلَماءُ مِثلَ ما / تَأوي إِلى بَحرٍ طَما حيتانُهُ
يُمناكَ بَحرٌ وَالعِدا القَصباءُ وَال / سَيفُ بِها مُضرَمَةٌ نيرانُهُ
ثَعلَبُ عسّالِكَ في يَومِ الوَغى / يولِغُهُ دَمَ العِدا سِنانُهُ
وَصفُكَ ما يُدرِكُ يَوماً كُنهَهُ / قُسُّ المَقالِ لا وَلا سَحبانُهُ
عِندي حَديثٌ مِن عُلاكَ سائِرٌ / سَيرَ نَسيمٍ عَبِقٍ رَيحانُهُ
يا مَن جِيادُ الخَيلِ وَالرِماحُ وَال / صِفاحُ في يَومِ الوَغى بُستانُهُ
ما أَسَدٌ يَحمي الخَميسَ باسُهُ / فَتَنثَني ناكِصَةً فُرسانُهُ
يَوماً بِأَقوى مِنكَ بَأساً في الوَغى / فَلَيثُهُ لَدَيكَ ثُعلُبانُهُ
ولا الغَمامُ رائِعاً بِرَعدِهِ / وبَرقِهِ مُنبَجِساً تَهتانُهُ
يَوماً بِأَندى مِن يَدَيكَ فائِضاً / يا مَن يَفيضُ بِالمُنى بَنانُهُ
ما ماءُ وَردٍ مِن نَصيبينَ وَلا / نَشرُ اليَلَنجوجِ سَما دُخانُهُ
يَوماً كَذِكراكَ وَلا المِسكُ الريا / حِيُّ غَلَت فَأَوغَلَت أَثمانُهُ
عِش ما سَرى في الفَلَكِ المُحييط بَه / رامُ وَما عَلا بِهِ كيوانُهُ
أَومَضَ البَرقُ بِعَلياءِ مَنين
أَومَضَ البَرقُ بِعَلياءِ مَنين / مُؤذِناً بِالنَصرِ وَالفَتحِ المُبين
قُم نَديمي فَاِسقِنيها قَهوَةً / عُتِّقَت في الدَنِّ حيناً بَعدَ حين
بِنتُ كَرمٍ كَمَجاجِ الشَمسِ مِن / عَينِ حَلبا سُبِئَت أَو مِن عَدين
أَدِرِ الكاساتِ وَاِصبحنا وَلا / تُبقِ يا صاحِ خُمورَ الأَندَرين
بَينَ آسادِ عَرينٍ صادَهُم / بِالهَوى في عَينِ حورٍ حورُ عين
بِقُدودٍ كَرِماحٍ لَدنَةٍ / حَسُنَت ما بَينَ تَثقيفٍ وَلين
وَلِحاظٍ هُنَّ خُرصانُ القَنا / رُكِّبَت إِذ أُمهِيَت في شَنتَرين
طاعِناتٍ طَعنَ مَن كانَ إِلى / مَردَنيشٍ يَعتَزي أَو تاشفين
وَخُدودٍ عِندَها تُفّاحُ لُب / نانَ في الأَغصانِ خَجلانُ حَزين
وَنُهودٍ كَحِقاقِ العاجِ إِذ / مُلِئَت حَبّاً مِنَ الدُرِّ الثَمين
وَمُحِبّاتٍ تَشَرَّينَ دُمىً / كَم دَمٍ أَجرَينَهُ مِن عاشِقين
حينَ يَشدُدنَ الزَنانيرَ بِها / ثُمَّ يَحلُلنَ اِصطِبارَ النّاسِكين
بِعُيونٍ فَعَلَت ما فَعَلَت / يَومَ حِطّينَ سُيوفُ المُسلِمين
كاَنت الإِفرَنجُ أَصناماً وَكَم / مِن حَنيفٍ راغَ ضَرباً بِاليَمين
وَفَتاةٍ دونَها الشَمسُ عَلى / خوطِ بانٍ فَوقَ تَلِّ الياسَمين
دامَةٌ بَل دُميَةٌ في هَيكَلِ ال / بيعَةِ الرومُ لَدَيها ساجِدين
يُمسِكُ الأُسقُفُ في تَقريبِها / قَلبَهُ خَوفاً عَلَيهِ أَن يَبين
أَلزَمُ التَوحيدَ في حُبّي لَها / وَتَرى في الحُبِّ رَأيَ المُشرِكين
وَسَأَستَعدي عَلَيها المَلِكَ ال / أَمجَدَ المَسعودَ في دُنيا وَدين
أَسأَلُ البارِيَ أَن يَملِكَها / ثُمَّ يَحبوني بِها قولوا أَمين
فَهوَ بِالعَدلِ وَبِالإِحسانِ وَال / جودِ وَالإِنصافِ في الحُكمِ قَمين
مَلِكٌ بَل مَلَكٌ صيغَ مِنَ النو / رِ نُورِ العَرشِ لا الماءِ المَهين
شِعرُهُ مُستَحسَنٌ أَجمَعُهُ / وَمِنَ الأَشعارِ غَثٌّ وَسَمين
فَتَعالى مَن بَراهُ رَجُلاً / واحِداً فيهِ جَميعُ العالَمين
رُمحُهُ العَسّالُ فيهِ ثَعلَبٌ / في الوَغى يولَغُ تامورَ الوَتين
وَبِيُمناهُ حُسامٌ راكِعٌ / في العِدا يَهوي فَيَهووا ساجِدين
يَقتُلُ الأَعداءَ وَالوَحشَ بِهِ / مِن سَراحينَ وَمِن أُسدِ عَرين
وَلَهُ النَصرُ عَلى رَغمِ العِدا / حَيثُما أَمَّ قَرينٌ وَخَدين
تَطرَبُ الخَمرَةُ إِذ يَشرَبُها / عَجَباً مِن عَقلِهِ الوافي الرَصين
لَو يَكونُ الناسُ فيها مِثلَهُ / لَم يُحَرَّم شُربُها في المُتَّقين
وَلأَضحَت وَهيَ في الدُنيا وَفي ال / دِينِ قُرباناً بِأَيدي المُجتَنين
وَشَرِبناها جَهاراً لَم نَخَف / مِن ثَمانينَ وَلا مِن أَربَعين
هُوَ سُلطانٌ مَتى ناظَرَ ذا / أَدَبٍ جاءَ بِسُلطانٍ مُبين
وَجَوادٌ لَم تُباشِر كَفُّهُ / قادِحَ الصّوَّانِ إِلّا وَيَلين
زَندُهُ خَيرُ زِنادٍ وَرِيَت / لِمُلوكِ الأَرضِ طُرّاً أَجمَعين
فَهوَ لَو يَقدَحُ ماءً بِحَصىً / أَجَّجَ النارَ مِنَ الماءِ المَعين
صادَفَ المَرجُ بِحاراً فَأَتى / قَدحُهُ مُستَمجِداً في كُلِّ حين
عَجَباً إِذ لَم تَكُن أَقلامُهُ / مورِقاتٍ وَهيَ مِنهُ في اليَمين
يَتَلَقّى وَفدَهُ مِن وَجهِهِ / بِتَباشيرِ سَنا صُبحِ الجَبين
بَعدَما اِستَرقَصَ بَحر الآلِ مِن / إِبلِهِم في المَوجِ بِالسَّيرِ السَّفين
أَيُّها المَلكُ الَّذي في مَدحِهِ / تَصدَعُ المُدّاحُ بِالحَقِّ اليَقين
قَد أَتاكَ العامُ بِالحَقِّ وَبِال / جدِّ يَعلو صَهوَةَ السَبتِ المُبين
أَنّى يَسوغُ لِعاشِقٍ كتمانُهُ
أَنّى يَسوغُ لِعاشِقٍ كتمانُهُ / وَوُشاتُهُ يَومَ النَوى أَجفانُهُ
البَينُ أَسكَنَ قَلبَهُ جَمرَ الغَضا / مُذ بانَ عَن وادي الغَضا سُكّانُهُ
لَم يُبقِ مِنهُ الوَجدُ غَيرَ أَنينِهِ / فَلِعائِديهِ لَم يَبِن جُثمانُهُ
هُنَّ الدُّمى يَهزُزنَ أَعطافَ القَنا / فَوقَ النَقا مُرتَجَّةً كُثبانُهُ
أَعُيونُهُنَّ رَنَونَ أَم غِزلانُهُ / وَقُدودُهُنَّ تَرَنَّحَت أَم بانُهُ
أَيُفيقُ مِن سُكرِ الصبابَةِ بَعدَهُم / مَن كانَ لا يَصحو وَهُم جيرانُهُ
وَمُدَلَّلٍ أَنا في هَواهُ مُذَلَّلٌ / يا حُسنَهُ لَو زانَهُ إِحسانُهُ
ما شانَهُ إِعراضُهُ عَنّى وَلا / أَزرى بِهِ أَنَّ القَطيعَةَ شانُهُ
يا عاذِلَ المَذِلِ الجَموحِ عَلى الهَوى / دَعهُ فَفي كَفِّ الغَرامِ عِنانُهُ
لا تَعرِضَن لِلطَرفِ عِندَ جِماحِهِ / إِن كانَ مُتَّسِعاً لَهُ مَيدانُهُ
صَبٌّ أَراقَ الوَجدُ ماءَ سُلُوِّهِ / وَتَوَقَّدَت بِفُؤادِهِ نيرانُهُ
وَبَكى فَأَبكى عاذِليهِ رَحمَةً / وَشَكى الجَوى مِمّا أَجَنَّ جَنانُهُ
مَن كانَ مَمنُوّاً بِهَجرِ حَبيبِهِ / هَجَرَ الكَرى وَنَبَت بِهِ أَوطانُهُ
آهاً لِقَلبٍ ما اِجتَنى ثَمَرَ المُنى / مِمَّن أَحَبَّ وَلا اِنجَلَت أَحزانُهُ
إِن كانَ يُسعِفُني زَماني بِالرِضى / مِن بَعدَ إِسخاطي فَذا إِبّانُهُ
مَن كانَ مُنتَصِراً بِنَصرٍ لَم يَهَب / دَهراً وَلَم يَعبَث بِهِ حَدَثانُهُ
فَعَلى أَبي الفَتحِ الرَجاءُ مُعَوَّلٌ / أَوَلَيسَ يَغلِبُ شَكَّهُ إِيقانُهُ
بي مِن مُحاوَرَةِ الزَمانِ ضَمانَةٌ / سَيُميطُها عَنّي الغَداةَ ضَمانُهُ
وَإِلى صَفِيِّ الدينِ أَستَعدي عَلى / دَهرٍ أَقامَ بِساحَتي عُدوانُهُ
قَرَعَت وَحاشاهُ يَداهُ مَروَتي / وَاِجتاحَ سَرحِيَ عاتِياً سِراحنُهُ
فَهوَ الَّذي ما المَرءُ يَوماً آمِنٌ / مِن دَهرِهِ ما لَم يَصِلهُ أَمانُهُ
قَد أَصبَحَت لِلصاحِبِ الدُّنيا وَما / فيها وَما شَيءٌ يُخافُ حِرانُهُ
لَو قالَ لِلفَلَكِ المُديرِ لِسائِرِ ال / أَفلاكِ قِف لَم يَتَّفِق دَوَرانُهُ
وَعَلَت عَلَيهِ هِمَّةٌ صَفَوِيَّةٌ / فَهِيَ السماءُ وَأَرضُها كيوانُهُ
فَالغَيثُ وَاللَيثُ اللَذانِ هُما هُما / أَقماهُما إِقدامُهُ وَبَنانُهُ
إِنّي مُعيدِيٌّ فَمَن يَسمَع بِهِ / خَيرٌ لَهُ مِن أَن يَراهُ عَيانُهُ
قَد جِئتُ مُعتَذِراً وَمَن هَذا الَّذي / بِصِفاتِ سُؤدَدِهِ يَحُطُّ لِسانُهُ
قُسُّ المَقالِ لَدَيهِ يُمسي باقِلاً / عِيّاً وَيُحصَرُ دونَهُ سَحبانُهُ
مُتَكَبِّرٌ عَن أَن يُرى مُتَكَبِّراً / فَلِذاكَ مُكِّنَ في العَلاءِ مَكانُهُ
مُتَواضِعٌ وَهوَ المَهيبُ يَخافُهُ / مَن كانَ ثَبتاً في الحُروبِ جَنانُهُ
طَبٌّ بِأَعقابِ الأُمورِ وَعِندَهُ / مِن كُلِّ أَمرٍ مُشكِلٍ بُرهانُهُ
آراؤُهُ تَثني الخَميسَ مِنَ العِدا / يَومَ الوَغى مُتَهَدِّماً بُنيانُهُ
مِن عَزمَةِ السُلطانِ جَرَّدَ صارِماً / لَم تُخشَ نَبوتُهُ وَلا خِذلانُهُ
ما لِلقَضاءِ قَضاؤُهُ وَمَضاؤُهُ / ما لِلبُروقِ خَواطِفاً وَمَضانُهُ
فَلِكُلِّ عاصٍ مِنهُ شِدَّةُ باسِلٍ / مُرِّ المَذاقِ وَلِلمُطيعِ لِيانُهُ
لَم يَأتِ مِن زَمَنٍ حَميدٍ غابِرٍ / إِلّا وَقَد أَربى عَلَيهِ زَمانُهُ
عَجَباً لَهُ وَهوَ الوَزيرُ يَخافُهُ / في المُلكِ من عُقِدَت لَهُ تيجانُهُ
وَنَقولُ حينَ نَراهُ في إيوانِهِ / كَالشَمسِ مَن كِسرى وَما إيوانُهُ
لَبِسَت بِهِ الدنيا ثِيابَ جَمالِها / أَبَداً وَدامَ دَوامَها سُلطانُهُ
حَيِّ عَلى أَثلاتِ يبرينا
حَيِّ عَلى أَثلاتِ يبرينا / حوراً حِساناً خُرَّداً عينا
يَرِشنَ بِاللَحظِ نِبالاً لِمَن / يَزورُ يَبرينَ وَيَبرينا
يَهزُزنَ في كُثبِ النَقا كُلَّما / مِسنَ لَنا سُمرَ القَنا لينا
مِنَ الجُفونِ السودِ جَرَّدنَ ما / أَغمَدنَ مِن بيضِ الظُبا فينا
لي بِرُبى نَجد هَوىً تالِدٌ / تَخِذتهُ بِالشامِ لي دينا
لَو لَم تَكُن لَيلى بِنَجدٍ لَما / أَمسَيتُ في جِلَّقَ مَجنونا
زَرودُ وَالجَرعاءُ أَشهى إِلى / قَلبي مِن أَبوابِ جيرونا
أَرتاحُ إِن لاحَ بَريقُ الحِمى / إِلى عُرَيبٍ ثَمَّ نائينا
كَأَنَّهُ السَّيفُ إِذا شِمتَهُ / يُغمَدُ حيناً وَيُرى حينا
وَتُسلِمُ الأَجفانُ دَمعي مَتى / ما اِندَفَعَت وُرقٌ تغنينا
يا لأُصَيحابي عَلى حاجِرٍ / غَداةَ سَيرِ الظَعنِ غادينا
كَأَنَّما عيسُهُمُ فَوقَ أَج / فاني غَداةَ البَينِ يَمشينا
هَل ناشِدٌ لي بِاللِّوا شادِناً / في لَحظِهِ هاروتُ مَسجونا
حازَ مِنَ الحُسنِ فُنوناً بِها / حُزتُ مِنَ الحُزنِ أَفانينا
أَجفانُهُ المَرضى عَلى ضَعفِها / أَمسى بِها الجَبّارُ مِسكينا
يا صَنَماً مِن حُسنِهِ كادَ ذو ال / دينِ يُرى في الحُبِّ مَفتونا
لكنَّنا في زَمَنٍ بَأسُ بَد / رِ الدِّينِ فيهِ عَصَمَ الدِّينا
لَيثُ وَغىً تَنفُرُ مِنهُ العِدا / كَالشاءِ أَحسَسنَ السَراحينا
بِسَيفِهِ يَنثُرُ ما كانَ مَن / ظوماً مِن القِرنِ وَمَوضونا
الطاعِنُ النَّجلاءِ تَرمي بِتَي / يارٍ مِنَ التامورِ مَسنونا
يَنظُرُ مِن طَعنَتِهِ ثانِياً / وَراءها بِالرُمحِ مَطعونا
لَمّا غَدا في كُلِّ حالاتِهِ / مُبارَكَ الطَّلعَةِ مَيمونا
شَدَّ اِبنُ أَيّوبَ بِهِ أَزرَهُ / وَهَل لِموسى غَيرُ هارونا
فَسارَ في دَولَتِهِ سيرَةً / ما عِندَها المَأمونُ مَأمونا
بِهِ مَنارُ السِلمِ عالٍ عَلى / أَثبَت أُسٍّ وَقَوانينا
إِن أَفنَت آراءُ أَهلِ النُهى / فَرَأيُهُ لَم يَكُ مَأفونا
تلبسُ دارُ العَدلِ مِن عَدلِهِ / يَومَينِ في الأُسبوعِ تَزيينا
فَلَم يَحِد في القَولِ وَالفِعل عم / ما كانَ مَفروضاً وَمَسنونا
لَيسَ بِبدرِ الدينِ نَقصٌ وَلا / بِهِ سِرارُ الشَّهرِ مَقرونا
مازالَ في كَسبِ العُلا سابِقاً / وَسائِرُ الناسِ مُصَلّينا
اِنتاشَني مِن زَمَني جودُهُ / وَكُنتُ مَخمولاً فَمَدفونا
فَصَدَّ عَنّي زَمَني إِذ كَسى / حالِيَ تَحسيناً وَتَحصينا
وَصِرتُ ذا عِزٍّ وَجاهٍ بِهِ / كَذاكَ مَن والى السَلاطينا
مَنَّ وَما مَنَّ بِمَعروفِهِ / وَلَيسَ مِنهُ المَنُّ مَنونا
لَتَهدِيَن في فَضلِ بَدرٍ مدا / ئِحي لَهُ الأَبكار وَالعونا
لَو لَم أَكُن في ظِلِّهِ كُنتُ في / دِمَشقَ دونَ الناسِ مَغبونا
كَفاهُ تَقريبي عَلى فَضلِهِ / دَلالَةً مِنهُ وَتَبيينا
كَسَوتَ بَدرَ الدينِ مِن حُسنِكَ ال / دُسوتَ حُسناً والدَّواوينا
هُنِّتَ رَغماً لِأُنوفِ العِدا / بِعامِ خَمسٍ وَثَمانينا
وَعِشتَ في أَمنِكَ مِن كُلِّ ما / تَخشاهُ تِسعينَ وَتِسعينا
حَتّى نَرى مِثلَكَ أَبناءَكَ ال / أَفاضِلَ الغُرَّ المَيامينا
حَطَّ عَلى أَعدائِكَ اللَهُ ما / حَطَّ عَلى العِدا بِحِطّينا
أَحبابُنا مُذ بانوا
أَحبابُنا مُذ بانوا / لِنَومِنا أَبانوا
فَلَم تَجِفَّ بَعدَهُم / مِن دَمعِها الأَجفانُ
بانوا وَقَلبي حَيثُما / كانوا لَهُ مَكانُ
ما سَكَنَت أَشواقُهُ / وَهُم بِهِ سُكانُ
أَكتُمُ حُبّيهِم وَهَل / مَعَ البُكا كِتمانُ
كَم غادَةٍ ظاعِنَةٍ / سارَت بِها الأَظعانُ
أَعطافُها مَهزوزَةٌ / يَحارُ مِنها البانُ
أَردافُها مُرتَجَّةٌ / تَحسُدُها الكُثبانُ
ما لِلظِباءِ جيدُها / وَطَرفُها الوَسنانُ
هَيهاتَ أَينَ الزُّجُّ مم / ما حازَهُ السِنانُ
وَخَدُّها أَعارَهُ / تُفّاحَهُ لُبنانُ
وَالوَجنَتانِ أَودَعَت / ها وَردَها الجِنانُ
بِصَدرِها نَهدانِ غا / رَ مِنهُما الرُمّانُ
فَقَد زَهَت بِخَيرِ ما / يَزهو بِهِ بُستانُ
لا حَبَّذا بَعدهُمُ / ذاكَ الحِمى والبانُ
وَبَعدَ نُعمٍ لَم تَكُن / تَشوقُني نَعمانُ
كَلّا وَلا وَجرَةَ إِذ / لَيسَت بِها الغِزلانُ
مُدامَةٌ كَأَنَّما / ذابَ بِها العِقيانُ
فَالغارِمُ الصّاحي إِذَن / وَالغانِمُ النَّشوانُ
فَاِملأ لِيَ الكاسَ فَقَل / بي بِالأَسى مَلآنُ
كانَت مَعَ النَبِيِّ نو / حٍ إِذ أَتى الطّوفانُ
حَبابُها لي مالِكٌ / وَحُبُّها رِضوانُ
وَهَذهِ الدُنيا لَنا / مَعشوقَةٌ تُزانُ
وَإِنَّما ريقَتُها / ما مَجَّتِ الدِّنانُ
مِن شُربِها يُهدى إِلَي / نا الرَّوحُ وَالرَّيحانُ
مِمَّن يُسَمّى بِالغَفو / رِ يُرتَجى الغُفرانُ
مَولايَ بَدرَ الدينِ لا / عانَدَكَ الزَّمانُ
وَدُمتَ ما أَقامَ في / مَقامِهِ ثَهلانُ
يَكلَؤُكَ القُرآنُ مِم / ما يُحدِثُ القِرانُ
إِذا رَأَينا المُشتَري / قارَنَهُ كيوانُ
في دَولَةٍ سُلطانُها / ما مِثلَهُ سُلطانُ
أَنتَ الفَتى الَّذي يُجي / دُ مَدحَهُ فِتيانُ
بانُوا وَقَد أَبانُوا
بانُوا وَقَد أَبانُوا / أَنَّ الهَوى الهَوانُ
فَها أَنا الحَرّانُ مِن / بَعدِهُمُ الحَيرانُ
سَلَوتُ عَن صَبري وَما / لي عَنهُمُ سُلوانُ
يا واعِظي واضَيعَتي / إِذ سارَتِ الأَظعانُ
كادَ يَلينُ الصَّخرُ لي ال / آنَ وَهُم ما لانُوا
ما هاجَني إِلّا حَما / ماتٌ لَها أَلحانُ
غَنَّينَ في الباناتِ فَاِه / تَزَّت بِهِنَّ البانُ
كَأَنَّما العيدانُ إِذ / غَنَّينَنا عِيدانُ
ذَكَّرنَني بِغادَةٍ / عادَتُها الهِجرانُ
حورِيَّةٌ جاءَت وَلَم / يَشعُر بِها رِضوانُ
مَتى تَثَنَّت غارَتِ ال / كُثبانُ وَالأَغصانُ
أَودَعَ صَحنَ خَدِّها / تُفّاحَهُ لُبنانُ
وَقَبلَها لَم يُرَ با / نٌ حَملُهُ الرُمّانُ
مِنها اِستَعارَتِ اللِّحا / ظَ بِالنَّقا الغِزلانُ
هاتِ اِسقِني ما أَودَعَت / صُدورَها الدِّنانُ
حَمراءُ لَم تَعبَث وحا / شاها بِها النيرانُ
حَبابُها اللُؤلُؤُ إِذ / تُجِنُّهُ العِقيانُ
في الشربِ ما النَّدمانُ إِذ / يَشرَبُها نَدمانُ
كَخُلقِ بَدرِ الدينِ فَه / يَ الرَوحُ وَالرَيحانُ
أَضحى لِبَدرِ الدينِ في / كَسبِ المَعالي شانُ
فَصارَ بَدراً كامِلاً / ما شانَهُ نُقصانُ
فَمِنهُ يَبدو العمل ال / صالِحُ وَالإيمانُ
مِن أَجلِ ذا سُمِّيَ مَو / دودَ فَذا بُرهانُ
وافى إِلَيهِ رَجَبٌ / وَهوَ بِهِ جَذلانُ
شَهرٌ شَهيرٌ فَضلُهُ / لَيسَ لَهُ كِتمانُ
فَفيهِ قِدماً نُصِلَت / عَنِ القَنا الخِرصانُ
صِينَ فَلَم يَلمَع بِهِ / سَيفٌ وَلا سِنانُ
هَنَّأَكَ اللَهُ بِهِ / ما بَقِيَ الزَّمانُ
أَلاحَ أَن لاحَ بُرَيقٌ يَمان
أَلاحَ أَن لاحَ بُرَيقٌ يَمان / يَخفِقُ وَهناً كَجَنانِ الحَنان
كَأَنَّهُ مُعتَرِضاً رادِعٌ / حاشِيَةَ العارِضِ بِالزَعفَران
أَومَضَ كَالسَّيفِ اِنتَضَتهُ يَدٌ / لِقَطعِ شِريانِ الغُيومِ الدَّوان
دَرَّت فُوَيقَ الأَرضِ أَخلافُهُ / وَأَنقَعَ الأَظآر سُحبٌ هِتان
مَن لِشَجٍ لَولا الأَمانِيُّ لَم / يُمسِ مِنَ المَوتِ أَسىً في أَمان
يُشَبِّكُ العَشرَ عَلى أَضلُعٍ / هَيَّجنَ ناراً أُسعِرَت في الجَنان
كَأَنَّهُ في صَدرِهِ طائِرٌ / أَو كُرَةٌ في مَلعَبِ الصَّولَجان
فَإِن شَكَكتُم فَالشُحوبُ الَّذي / تَرَونَهُ يَعلو عَلَيهِ الدُخان
تَهيجُهُ الذِكرى فَيَبكي عَلى / رَيّا رُبى نَجدٍ وَذاكَ الزَّمان
اِمتاحَتِ الأَجفانُ تامورَهُ / فَماحَها مِن أَحمَرِ اللَونِ قان
حَرّانَ قَد ألصَقَ أَحشاءهُ / شَوقاً وَتوقاً بِصَعيدِ المَغان
سَقياً لِكُثبانِ الحِمى وَالمَها / يَهزُزنَ في الكُثبانِ أَغصانَ بان
يَفعَلُ في أَعطافِهِنَّ الصِبا / فِعلَ الصَبا في قُضُبِ الخَيزُران
مِن كُلِّ حَوراءَ كَشَمسِ الضُحى / تُخجِلُ بِالأَلحاظِ حُورَ الجِنان
ثَقيلَةَ الأَردافِ خُمصانَةٌ / مَجدولَةُ الخَصرِ كَجَدلِ العِنان
جارِيَةٌ تُعقَدُ مِن لينِها / جائِرَةٌ ما عِندَها مِن ليان
كَم فارِسٍ مُستَلئِمٍ في الوَغى / أَردَتهُ عَن ظَهرِالحِصانِ الحَصان
وَلَيلَةٍ حَرَّمتُ فيها الكَرى / حَتّى رَثى لِيَ النَسرُ وَالفَرقَدان
وَأَعرَضَ العُوّادُ عَنّي وَقَد / يَئِسنَ مِنّي وَبَكا العاذِلان
بِتُّ نَجِيَّ الهَمِّ في ظِلِّها / مُدَلَّهاً وَاللَيلُ مُلقي الجِران
حَتّى إِذا الصُبحُ تَمَطّى وَقَد / مَدَّ إلى صَدرِ الظَلامِ السِنان
يُخالُ إِذ شَقَّ الدُّجى جَدوَلاً / في رَوضَةٍ نُوّارُها الأُقحُوان
سَرَت بِأَنفاسِ الخُزامى الصَبا / تَسحَبُ أَذيالاً عَلى الصَيمران
مخضلَّةُ الأَطرافِ أَهدَت لَنا / مِنَ اليَلَنجوجِ سُحَيراً دُخان
تَقولُ لِلنَرجِسِ لا نَومَ في / حَديقَةٍ فيها حِداقٌ رَوان
وَاِنتَفَضَ الرَّيحانُ مِن طَلِّهِ / يَنثُرُ عِطفاهُ عُقودَ الجُمان
وَأَورَدَ الوَردَ الحَيا فَاكتَسى / لَونَ حَياءٍ في خُدودِ الغَوان
وَغَنَّتِ الوُرقُ عَلى دَوحِها / يا حَبَّذا الدَوحُ وَتِلكَ الأَغان
أَلحانُها لَيسَت بِمَفهومَةٍ / وَلَسنَ يَحتَجنَ إِلى ترجُمان
فَاشرَب حمِيّا الأُنسِ في رَوضَةٍ / طابَت نَسيماً لا حُمَيّا الدِنان
شَقائِقُ النُعمانِ شَقَّت عَلى / تِلكَ الحَواشي حُلَلَ الأُرجُوان
وَأَلقَتِ البُرقُعَ عَن وَجهِها ال / شَمسُ تَقولُ الآنَ طابَ الزَمان
حَلَّت عُقودَ البَردِ عَنّا وَقَد / حَلَّت مِنَ السَعدِ بِأَعلى مَكان
أَحسِن بِها شَمساً رَبيعِيَّةً / نازِحَةً عَن قادِحاتِ القِران
فَالحَملُ الأَعلى لَها حامِلٌ / يَقولُ ما أَطيَبَ هَذا الزَمان
تَدِبُّ في الأَعطافِ أَلطافُها / دَبيبَ راحٍ رُوِّقَت في القَنان
شَمسٌ بِإِذنِ اللَهِ يَحيى بِها ال / عالَمُ مِن نَبتٍ وَإِنسٍ وَجان
كَأَنَّها إِذ طَلَعَت أَطلَعَت / وَجهَ بَهاءِ الدينِ في الطَيلَسان
وَجه فَتىً يُغضي حَياءً وَمِن / هَيبَتِهِ تَنهَدُّ هُضبُ الرِعان
ثَبتٌ إِذا الطَيشُ اِنتَهى في النُهى / أَبانَ حِلماً خِفَّةً في أبان
أَعلَمُ مِن كُلِّ عَليمٍ أَباً / أَكرَمُ مِن كلِّ كَريمٍ بَنان
أَحيا بِه اللَهُ أَباهُ فَقَد / قامَ بِأَعباءِ العُلى غَيرَ وان
وَلَم يَزَل مُتَّبِعاً هَديَهُ / مُؤَيِّداً أَلفاظَهُ وَالمَعان
مُرَوَّقُ الأَخلاقِ يَغنى بِهِ / جَليسُهُ عَن شُربِ بِنتِ الدِنان
في كَفِّهِ أَبيَضُ ماضي الشَّبا / إِذا مَشى أَطرَقَ كَالأُفعُوان
لُعابُهُ دِرياقُ مَلسوعِ أَف / عى الجَهلِ جارٍ بِالمُنى وَالأَمان
اِرعَ كَلامي مُسمِعاً يا أَبا / مُحَمَّد الحافِظ يا اِبنَ الهِجان
وَاِسمَع قَريضاً رائِقاً حُسنُهُ / مِثلَ عُقودٍ في نُحورِ الحِسان
يا اِبنَ الَّذي أَظلَمَتِ المُشرِقان / لِمَوتِهِ لَولاكَ وَالمَغرِبان
أَنتَ الَّذي ما زالَ في فَنِّهِ / أَرفَعَ خَلقِ اللَهِ قَدراً وَشان
يَرحَمُهُ اللَهُ فَكَم كَفّ مِن / عاتٍ عَلى الدينِ وَكَم فَكَّ عان
إِن كانَ قَد حَلَّ فِناءَ الفَنا / فَصيتُهُ مِن بَعدِهِ غَيرُ فان
أَشهِر بِهِ في نَشرِ تاريخه ال / مَشحونِ بِالفَضلِ وَسِحرِ البَيان
رَعى سَوامَ السَّمعِ في نَقلِهِ / بَينَ مُروجٍ نَبتُها الزَعفَران
سَماعُهُ أَشهى إِلى اللُبِّ مِن / مَثالِثِ العودِ وَضَربِ المَثان
فَما نَرى قارِئَهُ مُعمِلاً / هَزَّ حَواشي عَذَباتِ اللِّسان
إِلا وَعَوَّذناهُ عُجباً بِما / يَنشُرُهُ مِن طَيِّهِ بِالمَثان
دِمَشقُ بِالتاريخِ مَغبوطَةٌ / مَحسودَةٌ مِن كُلِّ قاصٍ وَدان
تاريخُ بَغدادَ لَدى ذِكرِهِ / كَنُقطَةٍ في مُعظَمِ النَّهرَوان
فَما لِمَن صَنَّفَهُ مُشبِهٌ / وَاللَّيثُ لا يُشبِهُهُ الثعلبان
اِنقادَتِ الأَسماءُ طَوعاً لَهُ / فَأَصبَحَت فيهِ وَزالَ الحِران
وَالناسُ لا يَجنونَ طيبَ الجَنى / إِلّا إِذا طابَت أُصولُ المَجان
هَذا بَهاءُ الدينِ قَد جاءَ مِن / بَعدِ أَبيهِ لَم يُشَفَّع بِثان
حازَ بِحَمدِ اللَهِ رَغماً لِمَن / باراهُ أَقصى قَصَباتِ الرِهان
لا زَلَّتِ النَّعلُ بِهِ لا وَلا / زالَت عِداهُ في مَهاوي الهَوان
لا مُدَّ مِن دَهرٍ بِما ساءهُ / لَكِن بِما شاءَ إِلَيهِ يَدان
اِشمَخ بِأَنفٍ شامِخٍ آنِفٍ / فَأَنتَ وَالمَجدَ رَضيعا لِبان
كَم لَكَ مِن بِكرٍ إِذا اِستَبهَمَت / مَعالِمُ العِلمِ وَكَم مِن عَوان
يَهتَزُّ لِلمَدحِ اِهتِزازَ القَنا / مُنأَطِرَ الأَطرافِ يَومَ الطِّعان
كَأَنَّما بِشرُكَ مِن نورِهِ / مُنبَعِثٌ عَن غُرَّةِ الزِّبرِقان
عِرضُكَ في سِلمٍ وَلَمّا تَزَل / تَصولُ في المالِ بِحَربٍ عَوان
يا ذا اليَدِ البَيضاءِ وَالعَزمَةِ ال / لَتي غَدَت أَمضى مِنَ الهِندوان
اِربَع خَلاكَ الذَمُّ في نِعمَةٍ / آهِلَةِ الرَبعِ بِوَفدِ التَّهان
ما غَنَّتِ الوُرقُ سُحَيراً وَما / زَقَت دُيوكٌ آذَنَت بِالأَذان
لَستُ أَسلو الشادِنَ الأَحوى الأَغَنّا
لَستُ أَسلو الشادِنَ الأَحوى الأَغَنّا / ما شَدا شادٍ عَلى البانِ وَغَنّى
قُلتُ لِلقَلبِ تَجَلَّد وَاِصطَبِر / قالَ لي كَلّا وَأَنّى لي وَأَنّى
صِرتُ مَجنوناً وَيَزدادُ جُنوني / فيهِ أَضعافاً إِذا ما اللَيلُ جَنّا
وَبَلائي أَنَّهُ يَجني فَإِن / جِئتُهُ أَشكو إِلَيهِ يَتَجَنّى
اِذبَحِ الدَّنَّ نَديمي وَاِسقِني / دَمَهُ حَتّى أُرى بِالسُكرِ دَنّا
أَدِرِ الكاساتِ صِرفاً إِنّها / تَصرِفُ الهَمَّ إِذا ما اِعتَنَّ عَنّا
قَهوَةً تَجعَلُ قُسّاً باقِلاً / لِسَناها يَسجُدُ القَسُّ يُحَنّا
باتَ يَجلو شَمسَ راحٍ قَمَرٌ / فَوقَ غُصنٍ في كَثيبٍ يَتَثَنّى
وَمَتى اِهتَزَّت لَنا أَعطافُهُ / رَقصاً أَثمَرنَ إِحساناً وَحُسنا
لَقَطَت دُرَّ الأَغاني طَرَفا / قَدَمَيهِ وَبِها الأَلبابُ تَغنى
قَسَماً لَو أَنَّنا نَسطيعُ مِن / طَيَرانٍ طَرَباً مِنهُ لَطِرنا
لَيسَ فينا غَيرُ مَفتونٍ بِهِ / طَرِبَت مِنهُ المَطايا حينَ حَنّا
أَحورُ الطَّرفِ بَديعٌ حُسنُهُ / فَهوَ حورِيُّ المَعاني فيهِ حِرنا
كُلُّ ذي حُسنٍ إِذا قيسَ بِهِ / كانَ لَفظاً وَهوَ تَحتَ اللَّفظِ مَعنى
فَهوَ مِن شَمسِ الضُحى أَبهى وَإِن / رَمَقَتهُ عَينُها تَأسِنُ أَسنى
يوسُفِيٌّ حُسنُهُ مُتَّخِذٌ / حَبَّة القَلبِ لَهُ مَأوىً وَسِجنا
إِنَّ في تَركي هَوى التُركِيِّ لي / عَبَثاً حاشايَ مِن ذاكَ وَغَبنا
وَسُنوهُ بَلَغَت سَبعاً وَسَبعاً / فَهوَ كَالبَدرِ سنىً يَسمو وَسِنّا
ضَيِّقُ الأَجفانِ مِنهُ اِتَّسَعَت / طُرقُ الوَجدِ عَلى قَلبي المُعَنّى
ضاقَ مِنهُ كُلُّ شَيءٍ حَسَنٍ / ضيقُهُ فَاِنظُر فَماً مِنهُ وَجَفنا
لَيسَ لِلنّاسِجِ ما يَفعَلُهُ / يغلقُ النَشّاب إِذ يُرهَفُ سَنّا
قالَ لي ما لَكَ بي مِن طاقَةٍ / خَف صُدودي إِذ يَخِفُّ الكيسُ وَزنا
قُلتُ إِنَّ اللَهَ لي ثُمَّ سَرا / سُنقُرَ القيلَ الَّذي أَغنى وَأَقنى
سَيِّدٌ كَم مِن عِدىً أَفنى وَلَم / يَرَ مِنهُ أَحَدٌ في الرَّأيِ أَفنا
لَم تَزَل أَنمُلُهُ إِن ضَنَّتِ ال / سُحبُ يَوماً بِالحَيا تُحسَبُ مُزنا
لَم يَكُن مِنهُ لَدى الهَيجاءِ حِصنٌ / نَتَّقيهِ فَلِهَذا عَنهُ جُضنا
يوسِعُ الأَعداءَ بِالسَيفِ وَبِال / رُمحِ في يَومِ الوَغى ضَرباً وَطَعنا
قالَتِ الشُجعانُ هَذا المَوتُ بَأساً / لا يَلُمنا لائِمٌ إِن عَنهُ حِصنا
وَهوَ لَو يَأمُرُنا يَوماً لَهُ / بِسُجودٍ لَسَمِعنا وَأَطَعنا
فَبِهِ قامَ عِمادُ الدينِ في / مِصرَ وَالشامِ وَكَم أَطَّدَ رُكنا
تَتَأَتّى الطَّيرُ مِنهُ غَزوَةً / فَتُوافي الجَيشَ مِن هَنَّا وَهَنَّا
سَل بِهِ عَكَّةَ وَالمَرجَ وَقَد / دَفَنَ الأَعداءَ في الخَندَقِ دَفنا
فَكَأَنَّ القَومَ لَمّا ساقَهُم / ساقَهُم لِلنَّحرِ يَومَ النَحرِ بُدنا
أَورَدَ الراياتِ صُفراً طَعنُهُ / وَبِهِ أُصدِرنَ في الهَيجاءِ دُكنا
فَهوَ يَنحو الحَربَ وَهوَ اِسمٌ وَفِعلٌ / وَسِواهُ الحَرفُ إِذ جاءَ لِمَعنى
وَقَليلٌ لسَراسُنقُرَ في ال / مُلكِ أَن يُعطى أَقاليمَ وَمُدنا
فارِسٌ لَولا جُمودُ الدَّمِ في / سَيفِهِ أَجرى بِهِ في البَرِّ سُفنا
أَسَدُ الدينِ مَتى ما بارَزَ ال / أُسدَ قَهقَرنَ عَلى الأَعقابِ جُبنا
ما رَمى الأَعداءَ إِلا خِلتَهُ / مَلَكاً يَرمي بِشُهبِ القَذفِ جَنَّا
مَن مُجيري مِن زَمانٍ غادِرٍ / غادَرَ اللُسنَ مِنَ الإِفلاسِ لُكنا
قَلبُهُ قاسٍ فَما يَرجِعُ عَن / قَلبِهِ لي حَيثُما كُنتُ المِجَنّا
لَومُهُ أَعدى كِراماً فَغَدَوا / في نَداهُم يُخلفونَ الظَنَّ ضَنّا
وَ سَراسُنقُرَ باقٍ جودُهُ / فَلِذا عُجنا عَلَيهِ حينَ جُعنا
غَلِقَت فيهِ رُهُوني فَانبَرى / لي فَتّاكاً فَما أَفتَكَ رَهنا
فَرَضَ المَنسوخَ مِن آيِ النَدى / أَسَدُ الدينِ وَسَنّاهُ وَسَنّا
يَهَبُ الإِبلَ المنيفاتِ الذُرى / وَأَكاديشَ وَبَغلاتٍ وَحُصنا
مِن سَراةِ التُركِ يَهوى كَسبَهُ ال / حَمدَ بِالمالِ هوَى قَيسٍ لِلُبنى
فَهوَ مِن مَرتَبَةِ السُلطانِ في ال / ملكِ أَضحى قابَ قَوسَينِ وَأَدنى
يُسعَدُ الشامُ مَتى حَلَّ بِهِ / وَيُعاني إِن نَأى هَوناً وَوَهنا
لَم تَخَف مِنهُ بَنو الآمالِ إِذ / يَغمُرُ القَومَ بِفَيضِ المَنِّ مِنّا
يا سَراسُنقُرَ خُذها مِدحَةً / حُسنُها أَورَثَ مَن عاداكَ حُزنا
بِشرُهُ يَسري بِيُسرٍ بَعدَ عُسرٍ / وَبِيُمنٍ مِن نَدى يُمناهُ يُمنا
لَيسَ يَخشى في دِمَشقَ الفَقرَ مَن / أَسَدُ الدينِ بِها يَقناهُ قَنّا
سامِعوها أَشبَهوا صوفِيَّةً / رَقَصاً مِنهُم إِذا الشاهِدُ غَنّا
قُل لَها أَهلاً وَسَهلاً بِالَّتي / كَم إِلَينا قَطَعَت سَهلاً وَحَزنا
وَاِسمُ وَاِسلَم وَاِبقَ وَاِغنَم أَبَداً / تَتَمَلا فَوقَ ما قَد تَتَمَنّى
إِنّي إِذا لاحَ البَريقُ يَماني
إِنّي إِذا لاحَ البَريقُ يَماني / لأَهيمُ مِن طَربٍ إِلى نَعمانِ
وَيَشوقُني نَجدٌ وَظِلُّ المُنحَنى / وَالخيفُ وَالجرعاءُ وَالعلمانِ
لِلَهِ أَيّامي بِجَوِّ سُوَيقَةٍ / وَرَقيبُنا قاصٍ وَشَملي داني
أَيّامَ أَسحَبُ مِطرَفي بِالرَوضِ بَي / نَ الشيحِ وَالقَيصومِ وَالحَوذانِ
وَلَدَيَّ غيدٌ كَالشُموسِ سَوافِراً / يَهزُزنَ في كُثُبٍ غُصونَ البانِ
يَبسِمنَ عَن نَورِ الأَقاحِ وَقَد حَكَت / وَجناتُهُنَّ شَقائِقَ النُعمانِ
إِذ ساعَدتُ سُعدى وَسَلمى سَلَّمَت / وَسُرِرتُ مِن حَسناءَ بِالإِحسانِ
فَهُناكَ عايَنتُ الأُسودَ صَريعَةً / بَينَ النَقا بِلواحِظِ الغِزلانِ
يَرمينَ نَبلاً عَن قِسِيِّ حَواجِبٍ / يَقتُلنَنا عَمداً وَهُنَّ رواني
واهاً لَهُ زَمَناً أَنيقاً مُهدِياً / نيلَ الأَماني تَحتَ ظِلِّ أَمانِ
وَكَأَنَّنا بِذِمامِ سَيفِ الدينِ في / أحمى جَنابٍ في أَعَزِّ مَكانِ
أَكرِم بِهِ مَلِكاً عَزيزاً جارُهُ / لَم يَخشَ نابَ نَوائِبَ الحَدَثانِ
مِن دَوحَةٍ عَرَبِيَّةً تُبَلِيَّةٍ / أَفنانُها يَنَعَت بِكُلِّ مَجاني
فَحُسامُهُ يَومَ الوَغى بِذِمامِهِ / يَفري فَراشَ حَواجِبِ الفُرسانِ
حامي الذِمارِ مُشَتَّتُ العَزماتِ مَش / غولٌ بِيَومِ نَدىً وَيَومِ طِعانِ
ما أَثمَرَت يَومَ الهِياجِ رِماحُهُ / إِلا عَمائِمَ لابِسي التيجانِ
ما حاتمُ الطائِيُّ إِلّا عَبدُهُ / شَتّانَ بَينَ الكُفرِ وَالإيمانِ
يَهَبُ الهُنَيدَةَ وَالرِعاءَ وَوَجهُهُ / طَلقٌ وَكُلَّ طِمِرَّةٍ وَحِصانِ
في مَدحِهِ إِنّي لَمُعتَذِرٌ وَلَو / أَنّي كَقُسِّ عُكاظ أَو سَحبانِ
مَولايَ سَيفَ الدينِ خُذها مِدحَةً / وافَت فَتى الفِتيانِ مِن فِتيانِ
مِن فاضِلٍ أَشعارُهُ تَحدو بِها / في الرَكبِ مُطرِبَةً حُدى الرُكبانِ
لا زالَ يُلفى بِالأَعادي ظافِراً / في كُلِّ مَعرَكَةٍ بِكُلِّ أَوانِ
أَستَودِعُ اللَهَ مَن إِن حَلَّ أَو ظَعَنا
أَستَودِعُ اللَهَ مَن إِن حَلَّ أَو ظَعَنا / لَم يَتَّخِذ غَيرَ أَحشائي لَهُ وَطَنا
يا ساكِناً في فُؤادي وَهوَ يُحرِقُهُ / وَلَيسَ قَلبي بِراضٍ غَيرهُ سَكَنا
يا قاتِلي عامِداً لَو قيلَ هَل أَحَدٌ / يُحِبُّ قاتِلَهُ عَمداً لَقُلتُ أَنا
أَما وَأَجفانِكَ الوَسنى وَمَنظَرِكَ ال / أَسنى لَقَد هَجَرَت أَجفانِيَ الوَسَنا
لا تَحسِبوا أَنَّني مِن بَعدِ بُعدِكُمُ / نَظَرتُ في الناسِ يَوماً مَنظَراً حَسَنا
وَداعُكُم أَودَعَ الأَسقامَ في بَدَني / مُذ حَثَّ حاديكُم يَومَ النَوى البُدُنا
أَنتُم خَلَعتُم عَلَينا مِن صُدودِكُمُ / لَمّا نَزَعنا ثِيابَ الصَبرِ ثَوبَ ضَنى
أَودَعتُمُ السَّمعَ قِدماً مِن حَديثِكُمُ / عُقودَ دُرٍّ عَلَت لَمّا غَلَت ثَمَنا
خُذوا دُموعي الَّتي مِن مُقلَتي اِنتَثَرَت / فَهيَ العُقودُ الَّتي أَودَعتُمُ الأُذُنا
نِمتُم وَأَسهَرتُمونا وَحشَةً لَكُمُ / أَوحَشتُمونا وَما تَستَوحِشونَ لَنا
جَدَّ الرَحيلُ غَداةَ البَينِ وَاِرتَحَلوا / واحَسرَتا مِن سُرورِ الشامِتينَ بِنا
وَغادَروني أُنادي خَلفَ عيسِهُمُ / رِفقاً فَواحَرَبا لِلبَينِ واحَزَنا
لَو قيلَ لي ما تَمَنّى قُلتُ عَودُ لَيا / لينا بِخَيفِ مِنى حَسبي بِذاكَ مُنى
وَلَستُ آيَسُ مِن لُطفِ الإِلَهِ بِأَن / يَقضي بِعَودِ لَيالي الوَصلِ تَجمَعُنا
ماسَت لَنا يَومَ بَينِ الحَيِّ أَغصانُ
ماسَت لَنا يَومَ بَينِ الحَيِّ أَغصانُ / تَرتَجُّ مِن تَحتِها في الأُزرِ كُثبانُ
وَقَد أَدَرنَ عُيوناً في مَحاجِرِها / تِلكَ السُيوفُ لَها الأَجفانُ أَجفانُ
فَهُنَّ يُشبِهنَ غِزلانَ الصَريمِ وَلا / وَاللَهِ ما مِثلَها في الحُسنِ غِزلانُ
هاجَت بَلابِلُ نَعمانٍ بَلابِلَنا / آهاً لِوجدٍ بِنا هاجَتهُ نَعمانُ
وَالوُرقُ تُطرِبُنا في البانِ صادِحَةً / فَهَل لَها في اللّوى العيدانُ عيدانُ
تِلكَ الغُصونُ بِها مِن كُلِّ فاكِهَةٍ / زَوجانِ وَاعجَبا هَل يُثمِرُ البانُ
في حُبِّ زَينَبَ نَشكو حَرَّ أَدمُعِنا / فَهَل تُشَبُّ مِنَ الأَمواهِ نيرانُ
فَالحُسنُ أَضحى رَبيعاً وَهيَ مَوسِمُهُ / كَأَنَّها في شُهورِ العام نيسانُ
يا عاذِلي لَستُ بِالمُصغي إِلى عَذَلي / فيمَن أُحِبُّ وَلا لي عَنهُ سِلوانُ
إِن كُنتَ تَنصَحُني في الحُبِّ دَع عَذَلي / وَيحَ المُحِبِّ مِنَ العُذّالِ لا كانوا
آرامُ رامَةَ عَن بانِ الحِمى بانوا
آرامُ رامَةَ عَن بانِ الحِمى بانوا / مِن بَعدِ أَن غازَلَتني فيهِ غِزلانُ
وَصارَمَتني ظِباءٌ بِالصَريمِ فَفي ال / أَجفانِ ماءٌ وَفي الأَحشاءِ نيرانُ
وَكَم تَجَرَّعتُ بِالجَرعاءِ مِن أَسَفٍ / قَلبي بِأَوصابِهِ مِلآنَ مَلآنُ
حازَت بِحَزوى عُيونُ العينِ أَنفُسَنا / تِلكَ السُيوفُ لَها الأَجفانُ أَجفانُ
وَكُنتُ مُستَسقِياً لِلأَبرَقَينِ مَتى / ما لاحَ بَرقٌ سُحَيراً فَهوَ يَقظانُ
حَتّى تَعَسَّفَني جورُ الزَمانِ بِجي / رانٍ خَلَت مِنهُمُ بِالبَينِ عُسفانُ
وَالآنَ إِن لَم تَكُن سَلمى بِذي سَلَمٍ / فَلا أَناخَت بِذاكَ الرَبعِ أَظعانُ
وَلا أَلَمَّت بِهِ سحب يَسُحُّ بِها / دانٍ مُسِفٌّ فُوَيقَ الأَرضِ هَتّانُ
فَهوَ الكَفيلُ لَها أَن لا يُفارِقَها / مِنهُ عَرارٌ وَقَيصومٌ وَحوذانُ
وا وَحشَتاهُ لِجيرانٍ لَنا ظَعَنوا / مِنهُم بَلَغنا المُنى إِذ نَحنُ جيرانُ
لَئِن نَأَت عَن سَوادِ العَينِ دارُهُمُ / فَإِنَّهُم بِسُوَيدِ القَلبِ سُكّانُ
ما أَعظَمَ الوَجدَ لَمّا قالَ رائِدُهُم / وَهوَ المُصَدَّقُ قَولاً ها هُنا كانوا
إِذا ما غابَ شَخصُكَ عَن عِياني
إِذا ما غابَ شَخصُكَ عَن عِياني / رَثى لي حاسِدي مِمّا أُعاني
فَدَيتُكَ يا مُنى قَلبي وَيا مَن / جَفا الأَجفانَ نَومي مُذ جَفاني
فَإِن يَكُ في الهَوى دَمعي طَليقاً / فَقَلبي موثَقٌ بِهَواكَ عاني
جاءَ العِذارُ لِشَينِك
جاءَ العِذارُ لِشَينِك / وَنَسخِ آيَةِ زَينِك
فَبانَ قُرَّةُ عَيني / عَنّي وَقُرَّةُ عَينِك
فَكَم نَتَفتَ إِلى أَن / أَبدَيتَ صَفحَةَ مَينِك
فَأَذهَب عِذارُكَ هَذا / فِراق بَيني وَبَينِك
فَالآنَ فَالطُم وَنُح وَاِب / كِ إِذ أَتى حينُ حَينِك
مَن يُرَجّي خَيراً مِن اِبنِ عُنَينِ
مَن يُرَجّي خَيراً مِن اِبنِ عُنَينِ / لَم يَنَل مِنهُ غَيرَ خُفَّي حُنَينِ
هُوَ في غَفلَةٍ وَأَيّامه تَف / تُلُ في غَزل عَزلِهِ بِاليَدَينِ
صادَ مِنهُ السُلطانُ أُمَّ حُبَينٍ / أَيُّ خَيرٍ في صَيدِ أمِّ حُبَينِ
أَراني غَريباً في دِمَشقَ وَأَهلُها
أَراني غَريباً في دِمَشقَ وَأَهلُها / بَصيرونَ بي لَكِن عَمّوا عَن مَحاسِني
فَيا ضَيعَتي فيهِم وَفَضلِيَ ظاهِرٌ / كَأَنّي لَدَيهِم مُصحَفٌ عِندَ باطِني
وَبِركَةٍ تُحمى بِأُسدٍ وَما
وَبِركَةٍ تُحمى بِأُسدٍ وَما / تَمنَعُنا الوِردَ إِذا جينا
وَما رَأَينا أُسُداً قَبلَها / تَمُجُّ بِالماءِ ثَعابينا
هَذي الرِياضُ وَأَنفاسُ الرَياحينِ
هَذي الرِياضُ وَأَنفاسُ الرَياحينِ / تَحتَ الغِياضِ وَهَذا جِسرُ جِسرينِ
وَالطَيرُ في عَذَباتِ البانِ تَصدَحُ بِال / أَفنانِ وَجداً بِأَنواعِ الأَفانينِ
تَتلو الشَحاريرُ فيها وَالبَلابِلُ آ / ياتِ الزَّبورِ بِأَفواهِ الرَهابينِ
وَلِلغُصونِ اِهتِزازٌ بِالنَسيمِ كَما / هَزَّ النَصارى سُروراً وَصفُ شَمعونِ
قُم يا نَديمي اِسقِني حَمراءَ صافِيَةً / كانَت لِكِسرى أَتَت مِن عِند شيرينِ
مُدامَةً في ظَلامِ اللَيلِ تُطلِعُ لي / مِن نَورِها سُرُجاً زُهراً فَتَهديني
تُبقي السُرورَ وَتَنفي هَمَّ شارِبِها / عَن قَلبِهِ فَهوَ لاهٍ غَيرُ مَحزونِ
جاءَ المِزاجُ لَها إِذ أَشبَهَت ذَهَباً / بِدُرِّ عِقدٍ نَفيسِ القَدرِ مَكنونِ
فَلِلحَبابِ بِحَبّاتِ القُلوبِ هَوىً / حَيّا بِهِ الفَتَياتِ الخُرَّدِ العينِ
مِن كَفِّ مُرتَجَّةِ الأَطرافِ لَيِّنَةِ ال / أَعطافِ بِاللَحظِ تُصبيني وَتَسبيني
إِنّي إِلى وَصلِها عَينُ الفَقيرِ فَإِن / تُغِنِّني بِقَريضي فَهيَ تُغنيني
وَإِنَّني لأُصَلّي الخَمسَ مُجتَهِداً / وَلَن تَصُدَّنِيَ الصَهباءُ عَن ديني
وَأَسأَلُ اللَهَ عَفواً في المَعادِ وَعَف / وُ اللَهِ يَرجوهُ مِثلي كُلُّ مِسكينِ
فَعَدِّ يا صاحِ عَن نَجدٍ وَساكِنِهِ / وَرَملِ حَزوى وَعَن أَثلاتِ يَبرينِ
وَعُج عَلى عَذَباتِ النَّيرَبَينِ ضُحىً / وَحَيِّها مُنشِداً قَلبي بِقُلبينِ
تَجِد هُناكَ الهَوى العُذرِيَّ مُحتَكِماً / فَكَم لَهُ ثَمَّ مِن لَيلى وَمَجنونِ
إِنّي مِنَ الراحِ مَيتٌ لا حَراكَ لَهُ / فَهاتِ بِالراحِ حَيِّيني لِتُحييني