القوافي :
الكل ا ب ت ث ج ح خ د ذ ر ز س ش ص ط ع غ ف ق ك ل م ن و ه ء ي
الشاعر : ابنُ أبي حَصِينة الكل
المجموع : 12
لَجَّ بَرقُ الأَحَصِّ في لَمَعانِهِ
لَجَّ بَرقُ الأَحَصِّ في لَمَعانِهِ / فَتَذكَّرتُ مَن وَراءَ رِعانِهُ
فَسَقى الغَيثُ حَيثُ يَنقَطِعُ الأَو / عَسُ مِن رَندِهِ وَمَنبَتِ بانِه
أَو تَرى النَورَ مِثلَ ما يُنشَر البُر / دُ حَوالي هِضابِهِ وَقُنانِهُ
تَجلِبُ الرِيحُ فيهِ أَذكى مِنَ المِس / ك إِذا مَرَّتِ الصَبا بِمَكانِه
صاحِ هَل شاقَكَ العَشِيَّةَ بِالوَعساءِ / بَرقٌ يَشِبُّ في لَمَعانِهِ
لاحَ في حِندِسِ الظَلامِ كَما لا / حَ سَنا الوَقدِ بارِزاً مِن دُخانِهِ
مُستَطيراً كَأَنَّهُ الأَسمَرُ الما / رِنُ في لِينِهِ وَفي عَسَلانِهِ
أَو كَما يَشهَدُ الوَغا أَسوَدُ الخَيلِ / فَتَدمى كُلومُهُ في لَبانِه
يا خَليلّي عَرّجا نَسألِ المَسكَنَ / عَمَّن نُحِبُّ مِن سُكّانِه
أَنحَلَته حَوادِثُ الدَهرِ حَتّى / صارَ يَخفى نُحولُهُ عَن عِيانِه
أَذكَرَتنا رَيّاهُ رَيّا خُزاما / هُ وَرَيّا النَسيمِ مِن حَوذانِه
كُلَّما هَبَّتِ الصَبا نَثَرَت فيهِ / شَبيهاً بِالوَردِ مِن ايهَقانِه
مَنزِلٌ كُلَّما نَزَلنا بِمَغنا / هُ نَعِمنا بِحُورِهِ في جِنابِه
حَبَّذا العَيشُ فيهِ لَو دامَ ذاكَ العَيشُ / فيهِ وَالعُمرُ في عُنفُوانِه
قَبلَ أَن يَنهَجَ الشَبابُ الَّذي وَلّى / وَيَذوي الرَطيبُ مِن أَغصانِه
عَيَّرتَني المَشيبَ أَسماءُ وَالخَطّيُّ / ما شانَهُ بَياضُ سِنانِه
وَالدُجى حُسنُه النُجومُ وَحُسنُ الر / روض حُسنُ البَياضِ في أُقحُوانِه
وَرِكابٌ تَجفُو المَبارِكَ في البَيْ / داء وَاللَيلُ بارِكٌ بِجِرانِه
كُلَّما داسَتِ الحَصا خَضَبَتهُ / فَتَساوى عَقيقُهُ بِجُمانِه
حامِلاتٍ غَرائِبَ الأَدَبِ المَرغُو / بِ فيهِ إِلى غَريبِ زَمانِه
عَلَمِ الدَولَةِ الَّذي غَرَّق العا / لَم في فَضلِهِ وَفي إِحسانِه
مَلِكٌ ضاقَ وُسعُ ما تَقطَعُ العِي / سُ إِلَيهِ عَن وُسعِ ما في جَنانِه
مُدرِكيُّ النِجارِ يَنفَحُ نَشرُ ال / مِسك مِن عِرضِهِ وَمِن أَردانِه
خَيرُ أَثوابِهِ العَفافُ وَأَسنى الذِك / ر أَسنى ما صِيغَ مِن تيجانِه
يَخزِنُ المالَ في صَنائِعه الغُر / ر وَيُفني ما في حُوى خُزّانِهُ
وَإِذا كانَ طَبعُهُ كَرَمُ النَفيِ / س فَمَن ذا يُحيلُهُ عَن كِيانِه
لَو وَزنّاهُ بِالَّذي تَحمِلُ الأَر / ضُ عَلَيها لَمالَ في ميزانِه
يَدَّعي الناسُ فَضلَهُ وَيَبينُ ال / حقُّ عِندَ اِمتِحانِهِم وَامتِحانِه
بَحرُ جُودٍ إِذا طَما جُودُ كَفَّيهِ / رَأَينا البِحارَ مِن خُلجانِه
لَو جرى ما يُنيلُه لاحتَقَرنا / عَصرَ نُوحٍ وَالفَيضَ مِن طُوفانِه
طالَ حَتّى رَأَيتَ كَيوانَ مِنهُ / مِثلَه بِالقِياسِ مَع كِيوانِهُ
وَعَلا قَدرُهُ فَكُلُّ مَكانٍ / دُونَ باريهِ دُونَهُ في مَكانِهِ
لَمَسَت كَفُّهُ العِنانَ فَكادَ العُشبُ / يُلفى مِن لَمسِهِ في عِنانِه
وَمَشى تَحتَه الجَوادُ فَكانَ الماءُ / يَجري مِن تَحتِ وَطءِ حِصانِه
دائِمُ النَصرِ لا يُريدُ عَلى الأَعداءِ / عَوناً وَاللَهُ مِن أَعوانِه
وَرِثَ الفَخرَ عَن أَبيهِ وَمَيراثَ / العُلى عَن ضِرابِهِ وَطِعانِه
وَبَنى القَصرَ بَعدَ ما عَجِبَ العا / جِبُ مِن هَدمِهِ وَمِن بُنيانِه
وَرَأَيناهُ في الإِوانِ فَخِلنا / أَنَّ كِسرى ممثَّلاً في إِوانِه
أَمِنَ الدَهرُ عَدلَهُ فَغَدا الدَهرُ / وَمَن فيهِ آمِناً في أَمانِه
شَرَفاً يَزحَمُ النُجومَ وَعِزّاً / أَمَّنَ اللَهُ أَهَلُه مِن هَوانِه
قَد شَكَرنا زَمانَنا وَأَمِنّا / بِالفَتى المُدرِكيّ مِن حَدَثانِه
زادَ قَدري بَقَدرِهِ وَعَلا عِندَ / مُلوكِ البِلادِ شاني بِشانِه
تَحسَبُ الطَودَ ذَرَّةً مِن حِجاهُ / وَتَرى البَحرَ قَطرَةً مِن بَنانِه
أَيُّها العادِلُ الَّذي أَمِنَ الأُسدُ / مِن جَورِهِ وَمِن عُدوانِه
صُنعتُ صِدقَ الكَلامِ فيكَ فَما / أَخجَلُ مِن زُورِهِ وَمِن بُهتانِه
إِنَّما أَنتَ غايَةُ الكَرَمِ المَن / عوتِ في قَيسِهِ وَفي قَحطانِه
لَيسَ في ناظِرِ المَكارِمِ إِنسا / نٌ يَراهُ كَأنتَ في إِنسانِه
يا ابنَ أَعلى المُلوكِ ذِكراً وَيا أَك / رَمَ مَن في زَمانِهِ وَأَوانِه
دُونَكَ الحَمدَ خالِداً مِن مُحِبٍّ / لَكَ في سِرِّهِ وَفي إِعلانِه
أَنتَ طَوَّلتَ قَدرَهُ وَتَطوَّل / تَ عَلَيهِ فَطالَ شُكرُ زَمانِه
يا تَقِيّاً في فِعلِهِ وَنَقِيَّ ال / فِعلِ في فِطرِهِ وَفي رَمَضانِه
ضَمِنَ الدَهرُ أَن يَمُدَّ لَكَ العُم / رَ فَلا زالَ وافياً بِضَمانِه
فَلَقَد حَسَّنَت مِناقِبُكَ الدَه / رَ فَأَغنَت سِخابُهُ عَن جُمانِه
جَزِعتَ وَما بانُوا فَكَيفَ وَقَد بانُوا
جَزِعتَ وَما بانُوا فَكَيفَ وَقَد بانُوا / فَيالَيتَهُم كانُوا قَريباً كَما كانُوا
حَرِصنا عَلى أَن لا تَشِطَّ نَواهُمُ / فَشَطَّت وَبَعضُ الحِرصِ غَيٌّ وَحِرمانُ
وَقَد سَأَلوا عَن شانِنا بَعدَ نَأيِهِم / فَقُلنا لَهُم لَم يَرقَ بَعدَكُمُ شانُ
حُرمنا التَداني مِن مُحَرَّمِ عامِكُم / وَشَعَّبَكُم بَعدَ المُحَرَّمِ شَعبانُ
وَبُحنا بِأَسرارِ الهَوى بَعدَ نَأيِكُم / أَلا كُلُّ سِرٍّ يَومَ نَأيِكِ إِعلانُ
وَبِالغَورِ مِن جَنبي خُفافٍ جَآذِرٌ / مِنَ الإِنسِ يبكِرنَ الأَنيسَ وَغِزلانُ
إِذا ما سَحَبنَ الرَيطَ ضَوَّعنَ لِلصَبا / نَسيماً كَما ضاعَ الخُزامِيُّ وَالبانُ
نَكَرنَ مَشيبي وَالغَواني فَوارِكٌ / إِذا لَم يَكُن فِينا شَبابٌ وَإِمكانُ
زِيادةُ ضَعفٍ بِالمَشيبِ وَحَسرَةٌ / فَمَوتُكَ إِكمالٌ حَياتُكَ نُقصانُ
وَقَد أَغتَدي وَاللَيلُ مُرخٍ رِدائَهُ / وَنَجمُ الثُرَيّا في المَغارِبِ وَسنانُ
بِجائِلَةِ الأَنساعِ مالَت مِن السُرى / كَما مالَ مِن رَشفِ الزُجاجَةِ نَشوانُ
تَدُوسُ الحَصا أَخفافُها وَهُوَ لُؤلُؤٌ / وَتَرفَعُها مِن فَوقِهِ وَهوَ مَرجانُ
تُناهِبُني مَرتاً كَأَنّ نَعامَهُ / قُسُوسٌ أَكَبَّت في مُسُوحٍ وَرُهبانُ
إِذا قَطَعَت غِيطانَ أَرضٍ تَقابَلَت / عَلَيها سَبارِيتٌ سِواها وَغيطان
إِلى خَيرِ مَن يُستَمطَرُ الخَيرُ عِندَهُ / وَيَأتَمُّ مَغناهُ رِكابٌ وَرُكبانُ
فَتىً جَلّ عَمَّن جَلّ في الناسِ قَدرُهُ / وَباتَ لَهُ سَفٌّ عَليهِ وَرُجحانُ
فَصُغِّرَ بِهرامٌ وَبُخِّلَ حاتَمٌ / وَجُبِّنَ بِسطامٌ وَغُلِّطَ لُقمانُ
كَريمٌ غَرِقنا في نَداهُ كَأَنّنا / بِغَير أَذىً في لُجَّةِ البَحرِ حِيتانُ
هُوَ اللَيثُ أَردى اللَيثَ وَاللَيثُ مُخدِرٌ / هُوَ الغَيثُ فاقَ الغَيثَ وَالغَيثُ هتّانُ
هُوَ البَحرُ أَهدى السُحب شَرقاً وَمَغرِباً / فَرَوّى فِجاجَ الأَرضِ وَالبَحرُ مَلآنُ
حَليمٌ كَأَنّ العَضبَ يُلقي نِجادَهُ / عَلى يَذبُلٍ أَن يَلبَسُ البُردَ ثَهلانُ
عَلا قَدرُهُ حَتّى كَأَنّ نَديمَهُ / لِبَعض مَصابيحِ الدُجُنَّة نَدمانُ
إِذا قُلتُ شِعراً فيهِ خِفتُ اِنتِقادَهُ / عَليَّ كَأَنِّي باقِلٌ وَهوَ سَحبانُ
شَكَرتُ لَهُ النُعمى فلا أَنا جاحِدٌ / وَلا واهِبُ النُعمى بِنُعماه منّانُ
وَما زادَهُ فَخراً مَديحي لِأَنَّه / صَباحٌ لَهُ مِنهُ دَليلٌ وَبُرهانُ
أَدِينُ بِنُصحي للأَمينِ وَمَحضِه / أَلا إِنَّما بَذلُ النَصائِحِ أَديانُ
كَريمٌ مِنَ القَومِ الَّذين سَأَلتُهُم / فَأَعطوا وَما مَنَّوا وَقالوا وَما مانُوا
مَدَحتُهُمُ طِفلاً وَكَهلاً فَأَفضَلُوا / عَلَيَّ وَهُم وَشِيبٌ وَشُبّانُ
أَبا صالِحٍ طُلتَ المُلوكَ وَطَأطَأَت / لِأَخمَصِكَ الحَيّانِ قيسٌ وَقحطانُ
فَأُقسِمُ لَولا أَنتَ لَم يُخلَقِ النَدى / وَلَولاك لَم يَفخَر مَعَدُّ وَعَدنانُ
ذَخَرتَ اللُهى عِندَ العُفاة كَأَنَّما / عُفاتُك حُفّاظُ عَلَيك وَخُزّانُ
قَهَرتَ مُلوكَ الأَرضِ حَتّى كَأَنَّما / عَلى كُلّ سُلطانٍ لِسَيفِكَ سُلطانُ
وَأَهوَنتَ بِالأَعداءِ لَمّا تَأَلَّبوا / فَهانُوا وَلَولا عِظمُ شانِكَ ما هانُوا
فَإِن تَعفُ عَمَّن يَطلُبُ العَفوَ مِنهُمُ / فَعِندَكَ لِلجاني عِقابٌ وَغُفرانُ
وَأَنتَ الحُسامُ العَضبُ يَخشُنُ لِلعِدى / وَفيكَ مَعَ الإِحسانِ لينٌ إِذا لانُوا
فَعِش عُمرَ ما حَبَّرتُ فيكَ فَإِنَّه / سَيَبقى إِذا لَم يَبقَ إِنسٌ وَلا جانُ
وَكُلُّ غَمامٍ غَيرِ كَفِّكَ مُخلِفٌ / وَكُلُّ مَديحٍ غَيرِ مَدحِكَ بُهتانُ
عِش مِن صُروفِ الدَهرِ في أَمانِ
عِش مِن صُروفِ الدَهرِ في أَمانِ / وَابقَ لَنا يا مَلِكَ الزَمانِ
وَاسلَم رَفيعَ القَدرِ وَالمَكانِ / في نِعمَةٍ ثابِتَةٍ الأَركانِ
كَأَنَّها حُبُّكَ في جَناني / يا مَلِكَ الدُنيا العَظيمَ الشانِ
وَيا كَريمَ اليَدِ وَاللِسانِ / لَو قيلَ لِلبَأسِ وَلِلإِحسانِ
هَل يُجمَعُ الجِنسانِ في إِنسان / قالا جُمِعنا في أَبي العُلوانِ
أَفرَسِ مَن عُدّ منَ الفُرسانِ / وَأَغزَرِ الناسِ نَدى بَنانِ
فَاعجَب لِطَعامٍ بِها طَعّانِ / فَلِلقَرى طَوراً وَلِلأَقرانِ
فَردٌ فَهَل تَأَتي لَهُ بِثاني / لا وَإِلهِ الشُحُبِ الأَبدانِ
المُشبِهاتِ كُتَبَ الشِنانِ / الواشِحاتِ أَوجُهَ الغِيطانِ
وَالكاسِياتِ قُللَ الرِعانِ / ضَرائِبَ العَطبِ مِنَ الارسانِ
تَهوي بِشُعثٍ نُزّحِ الأَوطانِ / مالُوا عَلى مَقادِم الكِيرانِ
كَأَنَّهُم ضَربُ الجَريدِ الفاني / حَتّى إِذا رَأَوا فَتى الفِتيانِ
أَنقَذَهُم مِن رِبقَةِ الهَوانِ / فَأصبَحُوا في أَكرِمِ المَغاني
كَأَنَّهُم في نُضرَة الجِنانِ / عِندَ الفَتى المَنّانِ لا المنّانِ
مُعِزِّ قَيسٍ وَفَتى قَحطانِ / لا لِحَزِ الكَفِّ وَلا هِدّانِ
أَبيَضُ مِثلُ الصارم اليَماني / كَالبَدر ذي سِتٍ وَذي ثَمانِ
يا مُنتَهى الآمال وَالأَماني / وَياغِنى القاصي وَرِيفَ الداني
أَنتَ الَّذي ذَلَّلتَ لي زَماني / وَأَنتَ أَرهَفتَ شَبا سِناني
وَفَضلُكَ الغامِرُ قَد أَغناني / فَما أَرى الفَقرَ وَلا يَراني
فَما الَّذي يَطلُبُ مِنّي الشاني / عِلمُكَ بِالحاسِدِ قَد كَفاني
فَسَوفَ أَبني لَكَ مِن لِساني / غَرائِباً لَم يَبِنهِنّ باني
فَاستَغنِ بي تُغنِكَ ذي المَعاني / مِن حَسَنٍ عَن حَسَنٍ بنِ هاني
هُمُو ضَمِنُوا الوَفاءَ فَحينَ بانُوا
هُمُو ضَمِنُوا الوَفاءَ فَحينَ بانُوا / يَئِسنا أَن يَصِحَّ لَهُم ضَمانُ
وَهُم سَنُّوا خِيانَةَ كُلِّ حِبٍّ / فَكَيفَ عَجِبتَ مِنهُم حينَ خانُوا
طَلَبنا مِنهُمُ نَيلاً وَفَضلاً / وَغَيرُ النَيلِ يُحسِنُهُ الحِسانُ
فَما ضَرَّ الأَحِبَّةَ لَو أَعانُوا / مُحِبَّهُمُ وَمَنزِلُهُم معانُ
ذَكَرنا الشِعبَ فَاِنشَعَبُوا فَلَمّا / تَفاءَلنا بِذِكرِ البانِ بانُوا
لَقَد ظَفِرُوا فَما أَبقَوا عَلَينا / وَهَل يُبقي إِذا ظَفِرَ الجَبانُ
هُوِيناهُم فَقَد هُنّا عَلَيهِم / وَمُذ خُلِقَ الهَوى خُلِقَ الهَوانُ
رَعى اللَهُ الأَحِبَّةَ كَيفَ كُنّا / عَلى ما يَفعَلونَ وَكَيفَ كانُوا
إِذا نَزَلُوا رِعانَ البِشرِ قُلنا / سُقيتِ الغَيثَ أَيَّتُها الرِعانُ
وَجادَ ثَراكِ مُنهَمِرُ العَزَالي / كَأَنَّ البَرقَ في طَرَفَيهِ جانُ
تَكَشَّفَتِ الغَمامَةُ عَن سَناهُ / كَما كَشَفَت عَنِ الراحِ الدِنانُ
وَرُدَّ الجَوُّ مَصبوغَ النَواحي / كَما صَبَغَ الإِهابَ الزَعفَرانُ
يَقومُ لَهُ وَجُنحُ اللَيلِ داجٍ / خَطيبٌ ما لِمَنطِقِهِ بَيانُ
يُهَدهِدُ وَالنُجومُ مُغَوِّراتٌ / كَما ضَرَبَت مَزاهِرَها القِيانُ
إِذا ما ضَجَّ ثَجَّ الماءُ حَتّى / تَدَبَّجَ بِالرِياضِ الصَحصَحانُ
كَأَنَّ الحَيّ فارَقَه فَشابَت / لِفُرقَتِهُ مِنَ النورِ القُنانُ
وَأَصبَحَ كُلَّما بَكتِ الغَوادي / تَبَسَّمَ في رُباه الأُقحَوانُ
تَرى النُوّارُ يَرشَحُ ما سَقاهُ / كَما رَشَحَت وَدائِعَها الشِنانُ
إِذا هَبَّت بِمَنبِتِهِ النَعامى / تَأَرَّجَتِ الأَباطِحُ وَالمِتانُ
تَظَلُّ الحُقبُ عاكِفَةً عَلَيهِ / إِذا أَلوى لَهُنَّ الصِلِيانُ
وَطارَ مَعَ الصِفارِ بِكُلِّ فَجٍّ / بَقِيَّةُ ما اِكتَساهُ الأَيهَقانُ
وَمَرتٍ تَكذِبُ الأَبصارُ فيهِ / وَيَصدقُ ما يُحَدِّثُكَ الجَنانُ
تَبيتُ بِهِ الصِلالُ مُلفّفاتٍ / كَأَنَّ مُتونَهُنَّ الخَيزُرانُ
إِذا الحِرباءُ تَركَبُ مِنبَرَيهِ / كَما رَكِبَ اليَفاعَ الدَيدَبان
قَطَعتُ وَمِثلُ بَطنِ العَودِ فيهِ / مِنَ السِبتِ النَسائعُ وَالبِطانُ
بِعَودٍ لا يَزالُ يُهانُ حَتّى / يُناخَ بِمُدرِكِيٍّ لا يُهانُ
تَدينُ لَهُ المُلوكُ بِكُلِّ أَرضٍ / وَيَأبى أَن يَدينَ فَلا يُدانُ
سَقَت يَدُهُ العَنانَ فَكادَ يُجنى / وَيَحيي مِن نَدى يَدِهِ العِنانُ
تُنَحَّرُ في وَقائِعِهِ الأَعادي / وَتُنحَرُ في مَكارِمِهِ الهِجانُ
فَسَفكُ دَمٍ يَثورُ لَهُ عَجاجٌ / وَسَفكُ دَمٍ يَثورُ لَهُ دُخانُ
نَرى مِنهُ وَنَسمَعُ عَن سِواهُ / فَيُغنِينا عَنِ الخَبَرِ العِيانُ
ثَقيلُ الحِلم يَحمِلُ كُلَّ ثِقلٍ / فَنَعجَبُ كَيفَ يَحملُهُ الحِصانُ
يَكادُ الطِرفُ يَشكو ما عَلَيهِ / إِلَيهِ لَو يُطاوِعُهُ اللِسانُ
إِذا شَهِدَ الطِعانَ بِهِ ثَناهُ / وَقَد أَدمى ضَلِيَعيهِ الطِعانُ
بِحَيثُ تَرى الرِماحَ مُحَكَّماتٍ / كَأَنَّ خِطامَهُنَّ الأُرجُوانُ
إِذا طَعَنَ المُدَجَّجُ في قِراه / قرا ما في ضَمائِرِهِ السِنانُ
كَأَنَّ الرُمحَ حينَ يُسَلُّ مِنهُ / وِجارٌ سُلّ مِنهُ الأُفعُوانُ
لَقَد أَنسَيتَنا كِسرى وَأَنسى / حَديثَ إِوانِهِ هَذا الإِوانُ
إِذا ما حَلَّ شَخصُكَ في مَكامٍ / تَهَلَّلَ مِن تَهَلُّلكَ المَكانُ
وَلَمّا زادَ شَأَنُكَ في المَعالي / غَدا لِلشِعرِ وَالشُعَراءِ شانُ
لَئِن رُفِعوا لَقَد نَفَعوا وَلَولا / سُلوكُ العِقدِ ما اِنتَظَمَ الجُمانُ
إِذا صاغُوا مَديحاً فيكَ بَرّوا / وَإِن مالوا بِمَدحٍ عَنكَ مالوا
لَقَد لَيَّنتَ لي عودَ اللَيالي / فَأَبكَتني مِن العَيشِ الليانُ
وَأَغناني نَداكَ عَنِ البَرايا / فَوَجهي عَن سُؤالِهِمُ يُصانُ
إِذا ما جَلّ قَدرُكَ جَلَّ قَدري / وَلَولا الكَفُّ ما شَرُفَ البَنانُ
يَرُدُّ القائِلونَ إِلَيكَ قَولِي / كَما رَدَّ الكَلامَ التُرجُمانُ
وَلَو أَنّي شَكَرتُكَ كُلَّ شُكرٍ / لَما اِستَقصَيتُ ما ضَمِن الجَنانُ
وَلَو حَمّلتَني رُكنَي أَبانٍ / لَأَثقَلَني جَميلُكَ لا أَبانُ
هَناكَ العيدُ يا مَن كُلُّ عِيدٍ / بِهِ وَبِحُسنِ دَولَتِهِ يُزانُ
وَعِشتَ مِنَ الحَوادِثِ في أَمانٍ / فَأَنتَ منَ الحَوادِثِ لي أَمانُ
لَقَد حَسُنَ الزَمانُ وَأَنتَ فيهِ / وَلَولا أَنتَ ما حَسُنَ الزَمانُ
سَقى الطَلَلَينِ بَينَ المَنحَرَينِ
سَقى الطَلَلَينِ بَينَ المَنحَرَينِ / مُرَوِّي الوابِلَينِ المُسبِلَينِ
فَمنقادَ البَليخِ فَحَيثُ حَفَّت / جَداوِلُهُ قُصُورَ الرَقَتَينِ
بِلادٌ حَلها ابنُ أَبي عَليٍّ / فَحَلَّ بِها سَخِيُّ الراحَتينِ
إِذا خَفَقَت لَهُ أَعلامُ جَيشٍ / فَقَد خَفَقَت قُلوبُ الخافِقَينِ
كَريمُ الوالِدَينِ وَكُلُّ فِعلٍ / كَريمٌ لِلكَريمِ الوالِدَينِ
تَرى العافي يُطالِبُهُ بِرِفدٍ / فَتَحسَبُهُ يُطالِبُهُ بِدَينِ
فَتىً زَينُ المَحافِلِ لَيسَ يَأتي / بِحَمدِ اللَهِ فِعلاً غَيرَ زَينِ
عَفِيفُ الذَيلِ مِن دَنَسٍ وَفُحشٍ / بَرِيءُ القَولِ مِن هُجنٍ وَمَينِ
يَشُذُ مِنَ البَرِيَّةِ كُلُّ حمدٍ / فَيَجمَعُهُ بِتَبدِيدِ اللُجَينِ
إِذا اِعتَقَلَ الرُدَيني كانَ أَوفى / تَماماً مِنهُ مُعتَقِلُ الرُدَيني
يَسُلُّ مُهَنَّداً وَيَسُلُّ عَزماً / فَيَفتِكُ في الوَغى بِمُهَنَّدَينِ
وَيَلقى الجَحفلَ الجَرّارَ فَرداً / فَتَعجَبُ مِن تَلاقي الجَحفَلَينِ
وَتَنَظُرُ يَومَ تَشتَبِكُ العَوالي / عَلِيّاً يَومَ بَدرٍ أَو حُنينِ
أَمَولانا الأَمِيرُ نِداءَ عَبدٍ / تَحمَّلَ مِنكَ فَضلاً غَيرَ هَينِ
لَقَد أَجمَلتَ فِعلَكَ بي فَتَمِّم / جَميلَكَ بِالجَميلِ إِلى حُسَينِ
فَلَو أَني شَفِعتَ لِأَجنَبِيٍّ / لَأَصبَحَ في ذَراكَ قَرِيرَ عَينِ
فَكَيفَ لِمَن كَسَوتَ أَباهُ جاهاً / بِجاهِكَ بَينَ أَهلِ المَشرِقَينِ
وَقَد شَرَّفتَهُ بِقَديمِ عَهدٍ / وَوَعدُكَ غَيرُ مَغلولِ اليَدَينِ
بِي مِن رَسِيسِ الحُبِّ ما تَرَيانِ
بِي مِن رَسِيسِ الحُبِّ ما تَرَيانِ / فَذَرا مَلامِي أَيُّها الرَجُلانِ
يَكفِيكُما دُونَ المَلامَةِ في الهَوى / تَسهِيدُ عَيني وَاختِفاقُ جَناني
عُوجا المَطِيَّ وَساعِداني بِالبُكا / في الرَبعِ أَو فَتَرَوَّحا وَدَعاني
وَصِفا غَرامي لِلبَخيلَةِ وَاعلَما / أَنَّ الَّذي بِي فَوقَ ما تَصِفانِ
فَلَعَلَّ هِنداً أَن تَرِقَّ لِبائِسٍ / يَرضى بِزُورِ مَواعِدٍ وَأَماني
يا دِمَنَةً ضَنِيَت وَجِسمي مِثلُها / مُضنىً بِشَحطٍ النَأيِ مُنذُ زَمانِ
أَنا مِثلُ رَبعِكِ لا أَبُوحُ بِما حَوى / قَلبي وَلا أَشكُو مُلِمَّ زَماني
وَبِجانِبِ العَلَمِ المُطِلِّ عَلى الحِمى / ظَبيانِ مُقتَرِبانِ مُبتَعِدانِ
يُؤؤِيهِما قَلبي وَفِيهِ صَبابَتي / لَولا البُكاءُ لَخِفتُ يَحتَرِقانِ
يا صاحبَيَّ قِفا عَليَّ فَما أَرى / شَملي وَشَملَ الحَيِّ يَجتَمِعانِ
بانُوا بِخَرعَبَةٍ تَمِيلُ مِنَ الصِبا / وَالدَلِّ مَيلَ نَواعِمِ الأَغصانِ
مَخلُوقَةٌ خَلقَ الذَوابِلِ نِسبةً / في اللَونِ وَالتَثقيفِ وَالعَسَلانِ
تَرنُو بِطَرفٍ كُلُّ مَنبِتِ شَعرَةٍ / مِن هُدبِهِ مَحسُوبَةٌ بِسِنانِ
وَكَأَنَّ حاجِبَها حَنِيَّةُ ثائِرٍ / بِأَخِيهِ فَوَّقَ سَهمَهُ وَرَماني
حَسُنَت فَهَلّا أَحسَنَت بِوصالَها / فَالحُسنُ مُنتَسِبٌ إِلى الإِحسانِ
وَلَقَد خَفِيتُ عَنِ العُيونِ وَزارَني / طَيفُ الكَرى فَعَجِبتُ كَيفَ رَآني
لَولا الزَفِيرُ يَدُلُّهُ لَمّا سَرى / ما كانَ يَدري الطَيفُ أَينَ مَكاني
مَن لَم يُساعِدهُ الشَبيبَةُ وَالغِنى / أَمسى الغَواني عَنهُ جِدَّ غَواني
وَحَلِيلَةٍ بَكَرَت تَلُومُ وَتَشتَكي / حَيفَ السِنين وَقِلَّةَ الإِمكانِ
ناهَبتُها سَمعي وَقُلتُ لَها اقصِري / لَومي فَمالي بِالمَلامِ يَدانِ
إِن كُنتِ فاقِدَةَ الغِنى فَتَذَكَّري / نَفَحاتِ مَبسُوطِ اليَدَينِ هِجانِ
إِنَّ البِلادَ يُغِبُّها صَوبُ الحَيا / وَيَجُودُها بِمُثَجَّجٍ هَتّانِ
ما اِشتَدَ بِي زَمَنِي وَلا ضاقَت يَدي / إِلّا وَوَسَّعَها أَبُو العُلوانِ
مَلِكٌ إِذا شِمنا بَوارِقَ كَفِّهِ / أَمسَينَ غَيرَ كَواذِبِ اللَمَعانِ
تَندى أَنامِلُهُ وَيُشرِقُ وَجهُهُ / حَيثُ الوُجُوهُ نَواقِصُ الأَلوانِ
وَلَرُبَّ مَرتٍ قَد رَمَيتُ فِجاجَهُ / تَحتَ الدُجى بِحَنِيَّةٍ مِرنانِ
تَنزُو بِراكِبِها إِذا مَتَعَ الضُحى / مَرَحاً كَما يَنُزو فُؤادُ جَبانِ
وَتَهُرُّ بازِلَها إِذا طالَ السُرى / وَوَنَت صَريرَ مَثالِثٍ وَمَثاني
وَكَأَنَّ مَوضِعَ ما يَخُطُّ زِمامُها / فَوقَ التُرابِ مَراغَةُ الثُعبانِ
وَتَسيلُ ذِفراها وَقَلتُ حَجاجِها / عَرَقاً كَلَونِ عُصارَةِ الرُمّانِ
كَلَّت فَقُلتُ لَها كَلالُكِ مُعقِبٌ / تَرفِيهَ ظَهرِكِ غابِرَ الأَزمانِ
مَلِكُ العَواصِمِ عاصِمٌ لَكِ أَن تُري / مَخزُومَةَ بِنسائعٍ وَبِطانِ
أَو تَفرَعي رُوسَ الإِكامِ وَتَقطَعي / تَحتَ الظَلامِ أَباطِحَ الغِيطانِ
فَتَيَمَّمي حَلَباً فَإِنّي آمِنٌ / أَبَداً عَلَيكَ طَوارِقَ الحَدَثانِ
في ظِلٍّ أَروَعَ مِن سُلالَةِ صالِحٍ / حَلّالِ رُوسِ شَواهِقٍ وَرِعانِ
ضَرّابِ أَعناقِ المُلوكِ وَمُنتَهى / فِعلِ الجَميلِ وَفارِسِ الفُرسانِ
لا حامِلٌ حِقداً وَلا مُتَسَربِلٌ / كِبراً وَلا مُتَعَثِّرٌ بِلِسانِ
مُستَوطِنٌ وَطَني عُلاً وَنَباهَةٍ / شُرُفاتِ حِصنٍ أَو سَراةِ حِصانِ
هَذا مُعَدٌّ مُنذُ حَلَّ بَرَبعِهِ / لِقرى الضُيوفِ وَذاكَ لِلأَقرانِ
مِن مَعشَرٍ بِيضِ الوُجُوهِ كَأَنَّهُم / وَسطَ النَدِيِّ مَصابِحُ الرُهبانِ
شادُوا العُلى بِسِنانِ كُلِّ مُثَقَّفٍ / قاني الشَبا وَغِرارِ كُلِّ يَماني
وَثَنَوا أَنابِيبَ الرِماحِ كَأَنَّما / يَقطُرنَ مِن عَلَقِ سُلافَ دِنانِ
وَكَأَنَّ مُعوَجَّ الأَسِنَّةِ بَعدَما / طَعَنُوا بِهِنّ مَخالِبُ العِقبانِ
وَكَأَنَّما قِطَعُ الرِماحِ تَدُوسُها / أَيدِي الجِيادِ سَبائِكُ العِقيانِ
قَومٌ إِذا لَبِسُوا التَرِيكَ لِحادِثٍ / غَطُّوا بِهِنَّ مَواقِعَ التِيجانِ
وَإِذا هُمُو دَسُّوا الوَعيدَ لِمُجرِمٍ / وَخَزُوا بِمثلِ أَسِنَّةِ المُرّانِ
جَعَلُوا نُفُوسَهُمُ لِبُنيانِ العُلى / ثَمَناً لَقَد صَبَرُوا عَلى الأَثمانِ
وَوَفَوا بِما وَعَدُوا العُفاةَ كَأَنَّما / قامُوا لِسائِلِهِم بِعَقدِ ضَمانِ
يا مَن بَنى لِبَني أَبِيهِ مَراتِباً / لَم يَبنِهِنَّ مِنَ البَرِيَّةِ باني
ما العِيدُ لَولا حُسنُ وَجهِكَ طالِعاً / فِيهِ وَلَولا سُنَّةُ الرَحمَنِ
جَمَّلتَهُ لَمّا بَرَزتَ مُعَيِّداً / فِيهِ كَأَنَّكَ فِيهِ عيدٌ ثاني
فَاسعَد بِهِ لا زِلتَ حِلفَ سَعادَةٍ / وَعُلُوِّ مَرتَبَةٍ وَرِفعَةِ شانِ
وافخَر فَإِنَّكَ في أَوانٍ أَهلُهُ / قَد فاخَرُوا بِكَ أَهلَ كُلِّ زَمانِ
ذَرِي عَذلي فَشانُكِ غَيرُ شاني
ذَرِي عَذلي فَشانُكِ غَيرُ شاني / وَلا تَتَمَلَّكي طَرَفَي عِناني
وَرُدِّي يا ابنَةَ السُلَميِّ قَلبي / فَقَد قارَفتِ قَلبي ما كَفاني
عَصَيتُ الحِلمَ أَيّامَ التَصابي / وَما أَعصى النُهى لَمّا نَهاني
تَأَمَّلي مَفرِقي تَجِدي سُطُوراً / أَجادَت مَحوَهُنَّ يَدُ الزَمانِ
سُطوراً بَيَّضَتهُنَّ اللَيالي / وَلَكِن سَوَّدَت بِيضَ الأَماني
أُحِبُّ مِنَ السَمادِعِ كُلَّ نَدبٍ / كَريمِ الخِيمِ مَأمُونِ اللِسانِ
يَعِفُّ عَنِ الخَنا وَيَشفُّ حِلماً / كَما شَفَّت ذُرى عَلَمَي أَبانِ
وَأَمقُتُ كُلَّ مُغتابٍ نَمُومٍ / حَرِيصٍ بِالنَميمَةِ غَيرِ وَاني
أَلا بِئسَ الحَديثُ حَديثُ زُورٍ / يُبَلِّغُهُ فُلانٌ عَن فُلانِ
وَلَيلٍ بِتُّ أَخبِطُ جانِبَيهِ / بِدامِيَةِ الحِزامَةِ وَالبِطانِ
يُخَيِّفُ شَخصَها التَأوِيبُ حَتّى / لَكادَت أَن تَدِقَّ عَنِ العِيانِ
وَسالَ حَجاجُها عَرَقاً بَهيماً / كَلَونِ الوَكفِ مِن خَلَلِ الدُخانِ
أَقُولُ لِفِتيَةٍ لَغِبُوا وَلَيلى / وَلَيلُهُمُ مُكِبٌّ لِلجِرانِ
وَقَد مالَت رِقابَهُمُ وَلانُوا / عَلى الأَكوارِ لِينَ الخَيزُرانِ
أَبُو العُلوانِ مَقصِدُكُم فَهُزُّوا / إِلَيهِ عَرائِكَ البُزلِ الهِجانِ
فَسارُوا يَقطَعُونَ إِلى نَداهُ / تَنائِفِ كُلِّ أَغبَرَ صَحصَحانِ
فَلَمّا قابَلُوا حَلَباً وَحَلُّوا / بِأَخصَبِ ما يُحَلُّ مِنَ المَغاني
عَلى مِثلِ الأَهِلَّةِ مُبرَياتٍ / كَأَنَّ جَلُودَها قِطَعُ الشِنانِ
رَأَوا شَجَرَ المَكارِمِ مُثمِراتٍ / وَأَغصانَ النَدى خُضرَ المَجاني
خَلِيلَيَّ انظُرا في الدَستِ قَرماً / يُداسُ بِأَخمَصَيهِ الفَرقَدانِ
تَفَرَّدَ بِالسَماحِ فَلَيسَ يُلفى / لِفَخرِ المُلكِ في الآفاقِ ثاني
مَضى العِيدُ السَعِيدُ وَغِبتُ عَنهُ / وَفازَ الناسُ قَبلِي بِالتَهاني
فَهَلّا أَحسَنَ الشُعَراءُ غَيبِي / وَكَفُّوا عَن عِتابِهِمُ لِساني
فَقَد حَضَرُوا فَما نابُوا مَنابِي / وَلا سَدُّوا وَإِن كَثُرُوا مَكاني
وَكَم طَلَبُوا اللَحاقَ وَما تَهَدَّت / قَرائِحُهُم إِلى هَذي المَعاني
أَعابُوني بِقَرواشٍ وَعَيبي / بِقَرواشٍ جَمالي في زَماني
وَلَيسَ أَبُو المَنيعِ وَإِن تَوالَت / إِلَيَّ صِلاتُهُ كَمَنِ اِصطَفاني
كِلا المَلِكَينِ أَولانِي جَميلاً / وَلَكِنَّ الجَميلَ لمِن بَداني
وَلَو أَنّي بُلِيتُ بِهاشِميّ / خُؤلَتُهُ بَنُو عَبدِ المَدانِ
لَهانَ عَلَيَّ ما أَلقى وَلَكِن / تَعالي فَانظُري بِمَنِ اِبتَلاني
أَعَلِّمُهُ الرِمايَةِ كُلَّ يَومٍ / فَلَمّا اشتَدَّ ساعِدُهُ رَماني
أَفَخرَ المُلكِ عِش أَبَداً فَإِنّي / بِعَيشِكَ مِن زَماني في أَمانِ
أَمِنتُ بِكَ الخُطُوبَ فَما أُبالِي / إِذا أَبصَرتُ وَجهَكَ مَن جَفاني
سَيُعلَمُ أَنَّ هَذا القَولَ أَبقى / عَلى الأَيّامِ مِن نَغَمِ القِيانِ
فَعِش إِن طالَ ذِكرُكَ طالَ ذِكري / وَإِمّا زادَ شانُكَ زادَ شاني
عِش مَدى الدَهرِ ظافِراً بِالأَماني
عِش مَدى الدَهرِ ظافِراً بِالأَماني / يا جَمالَ الورى وَنُورَ الزَمانِ
وَاصطَبِح مِن سُلافَةٍ كَسَنا الشَم / سِ وَلَكِن حُبابُها كَالجُمانِ
سَرَّها أَنَّها تَسُرُّكَ بِالنَش / وَةِ حَتّى تَبَسَّمَت في القَناني
يا خَلِيلَيَّ سَقِّيانِي مِن الرا / حِ الحُمِيّا نَظِيرَ ما تَشرَبانِ
وَاترُكاني عَديمَ لُبٍّ مِنَ الكَأ / سِ وَبِيتا مِنها كَما تَترُكاني
إِنَّما نَحنُ في نَعيمٍ مِن اللَ / هِ وَمِن كُلِّ حادِثٍ في أَمانِ
ما غَشِينا هَذا الجَنابَ وَما عا / شَ لَنا سالِماً أَبُو العُلوانِ
مَلِكٌ مِن بَني المُلوكِ نَدِيُّ ال / وَجهِ مُستَبشِرٌ نَدِيُّ البَنانِ
أَحسَنَ اللَهُ خَلقَهُ ثُمَّ أَعطا / هُ مَعَ الحُسنِ كَثرَةَ الإِحسانِ
فَهوَ فَردٌ بِلا نَظِيرٍ مِنَ النا / سِ قَرِيبُ النَدى بَعِيدُ المَداني
راحَتاهُ مُخضَرَّتانِ فَمِن خُضرَةِ / كَفَّيهِ خُضرَةُ البُستانِ
هُوَ في نَفسِهِ جِنانٌ فَما با / لُ جِنانٍ تَنَزَّهَت في جِنانِ
كُفّي مَلامَكِ فَالتَبرِيحُ يَكفِيني
كُفّي مَلامَكِ فَالتَبرِيحُ يَكفِيني / أَو جَرِّبِي بَعضَ ما أَلقى وَلُومِيني
بِرَملِ يَبرِينَ أَصبَحتُم فَهَل عَلِمَت / رِمالُ يَبرِينَ أَنَّ الشَوقَ يَبرِيني
أَهوى الحِسانَ وَخَوفُ اللَهِ يَردَعُني / عَنِ الهَوى وَالعُيونُ النُجلُ تَغوِيني
ما بالُ أَسماءَ تُلوِيني مَواعِدَها / أَكُلُّ ذاتِ جَمالٍ ذاتُ تَلوِينِ
كانَ الشَبابُ إِلى هِندٍ يُقَرِّبُنِي / وَشابَ رَأسِي فَصارَ اليَومَ يُقصِيني
يا هِندُ إِنَّ سَوادَ الرَأسِ يَصلُحُ لِلد / دُنيا وَإِنَّ بَياضَ الرَأسِ لِلدِينِ
لَستُ امرَأً غِيبَةُ الأَحرارِ مِن شِيَمي / وَلا النَميمَةُ مِن طَبعِي وَلا دِيني
دَعني وَحِيداً أُعانِي العَيشَ مُنفَرِداً / فَبَعضُ مَعرِفَتي بِالناسِ يَكفِيني
ما ضَرَّنِي وَدِفاعُ اللَهِ يَعصِمُني / مَن باتَ يَهدِمُني فَاللَهُ يَبنيني
وَما أُبالِي وَصَرفُ الدَهرِ يُسخِطُني / وَسَيبُ نُعماكَ إِنَّ السَيلَ يُرضِيني
أَبا سَلامَةَ عِش وَاسلَم حَلِيفَ عُلاً / وَسُؤددٍ بِشُعاعِ النَجمِ مَقرُونِ
أَشقى عِداكُم وَأَهوى أَن أَدِينَ لَكُم / وَلِلعِدى دِينُهُم فِيكُم وَلِي دِيني
أَتَجزَعُ كُلَّما خَفَّ القَطِينُ
أَتَجزَعُ كُلَّما خَفَّ القَطِينُ / وَشَطَّت بِالخَليطِ نَوىً شَطُونُ
وَهُم صَرَمُوا حِبالَكَ يَومَ سَلعٍ / وَخانَكَ مِنهُمُ الثِقَةُ الأَمِينُ
وَما أَسِفُوا عَشِيَّةَ بِنتَ عَنهُم / فَتَأسَفَ أَن يَشِطُّوا أَو يَبِينُوا
تَسَلَّ عَنِ الحِسانِ وَكَيفَ تَسلُو / وَبَينَ ضُلوعِكَ الداءُ الدَفِينُ
وَفي الأَظعانِ مِن جُشَمِ بنِ بَكرٍ / ظِباءٌ حَشوُ أَعينُها فُتُونُ
عَلَيهِنَّ الهَوادِجُ مُطبَقاتٌ / كَما اِنطَبَقَت عَلى الحَدقِ الجُفونُ
كَأَنَّ قُدودَهُنَّ قُدُودُ سُمرٍ / مُثَقَّفَةٍ بِهِنَّ حَفاً وَلينُ
تَهَفهَفَتِ الصُدُورُ فَهُنَّ لُدنٌ / وَأُفعِمَتِ الرَوادِفُ وَالبُطُونُ
جَلَبنَ لَنا بِرامَةَ كُلَّ حَينٍ / أَلا إِنَّ الحَوائِنَ قَد تَحينُ
عَشِيَّةَ مِسنَ غَيرَ مًصَنَّعاتٍ / كَما ماسَت مِنَ الأَيكِ الغُصونُ
وَعَنَّ لَهُنَّ سِربُ مُهىً بِوادٍ / مَريعٍ فَالتَقى عَينٌ وَعِينُ
كِلا السِربَينِ لَيسَ لَهُ وَفاءٌ / وَلا حَبلٌ يُمَدُّ بِهِ مَتِينُ
ضَنِيناتٌ عَلَيكَ وَكَيفَ يُرجى / زَوالُ يَدٍ وَصاحِبُها ضَنينُ
جُنِنّا بِالحِسانِ البِيضِ دَهراً / وَإِنَّ هَوى الحِسانُ هُوَ الجُنونُ
تَناسَينَ العُهُودَ فَلا عُهُودٌ / وَأَلوَينَ الدُيونَ فَلا دُيونُ
كَأَنَّ أُمامَةً حَلَفَت يَمِيناً / لَنا أَن لا يَصِحَّ لَها يَمينُ
أَغِيُّ بَعدَ ما ذَهَبَ التَصابِي / وَشابَت بَعدَ حُلكَتِها القُرونُ
وَعِندَكَ يابنَ وَثّابٍ جَميلٌ / فَإِن تُشكَر فَمَحقُوقٌ قَمِينُ
فَتىً أَولاكَ مَكرُومَةً وَفَضلاً / وَعَزَّ بِهِ حِماكَ فَلا يَهُونُ
أَبا الزِمّاعِ صُنتَ عَلَيَّ جاهِي / وَمِثلُكَ مَن يَذِبَّ وَمَن يَصُونُ
وَراعَيتَ الَّذي راعى شَبيبٌ / سَقَت مَثواهُ سارِيَةٌ هَتُونُ
وَلَولا أَنتَ لاتسَعَت خُروقٌ / عَلى ما في يَدِي وَجَرَت شُئُونُ
وَلَكِن أَنتَ لِي وَزَرٌ مَنِيعٌ / وَحِصنٌ اِستَجِنُّ بِهِ حَصِينُ
أَشَدُّ مِن فاقَةِ الزَمانِ
أَشَدُّ مِن فاقَةِ الزَمانِ / مَقامُ حُرٍّ عَلى هَوانِ
فَاستَرزِقِ اللَه وَاستَعِنهُ / فَإِنَّهُ خَيرُ مُستَعانِ
وَإِن نَبا مَنزِلٌ بِحُرٍّ / فَمِن مَكانٍ إِلى مَكانِ
إِذا المَرءُ لَم يَرضَ ما أَمكَنَه
إِذا المَرءُ لَم يَرضَ ما أَمكَنَه / وَلَم يَأتِ مِن أَمرِهِ أَحسَنه
فَدَعهُ فَقَد ساءَ تَديرُهُ / سَيَضحَكُ يَوماً وَيَبكِي سَنَه

المعلومات المنشورة في هذا الموقع لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع إنما تعبر عن رأي قائلها أو كاتبها كما يحق لك الاستفادة من محتويات الموقع في الاستخدام الشخصي غير التجاري مع ذكر المصدر.
الحقوق في الموقع محفوظة حسب رخصة المشاع الابداعي بهذه الكيفية CC-BY-NC
شبكة المدارس الإسلامية 2010 - 2025