المجموع : 129
لله في الكون تحريكٌ وتسكينُ
لله في الكون تحريكٌ وتسكينُ / قل لي فما تفعل القوم المجانينُ
وكل أفعالنا لا شك حادثةٌ / فافطن فهل لسوى الرحمن تكوين
لا النار تحرق إلا عند محتجب / أعمى ولا تقطع الجرمَ السكاكين
وإنما هي أسباب مرتبة / عندي لفاعلها المحتار تعيين
يا راقد الليل قم فجرُ النجاة بدا / ما راح حينٌ ووافى مثله حين
بك احتجبت فلا تنظر إليك تفز / واخرج عن الكل تأتيك البراهين
وانحل شيئاً فشيئاً في الوجود وذب / حتى توافي مقاماً فيه تمكين
فكلهم هو فاسمع وهو غيرهمو / إن الزجاج له بالشمس تلوين
واحرص على الأمر والنهي اللذين هما / نتيجة الخلق يا ماءٌ ويا طين
لله سر خفي ليس يدركه / إلا اللبيب الذي فينا له دين
ليت لو كنت إذا قلت أنا
ليت لو كنت إذا قلت أنا / أملك الروح وأحوى البدنا
إنما هذا حبيبي حاضر / وأنا يا ليت شعري من أنا
قام ناسوتي بمن أوجده / حيث لاهوتي إلى الباري دنا
يا أولي الألباب هل من أحد / منصفي قد ضاعت النفس هنا
هل أنا الناسوت في ثقلته / هل أنا اللاهوت حيث اكتمنا
أم أنا وهمٌ ولما ظهر ال / حق ولَّى باطلي وانطحنا
ليست الأكوان إلا عرضاً / ما لها عمن به قامت غنى
أو هي الظلُّ فسل عن شاخصٍ / هو منا دائماً أولى بنا
وأنا اليوم لقد قمت به / أندب الربع وأبكي الدمنا
بحجاب النفس قومي حجبوا / ويحهم كم يدَّعون الفطنا
غرَّهم علمُ رسومٍ قنعوا / منه بالقشر فظنوه المنى
وإذا ما جهلوا أنفسهم / أي شيء عرفوه ههنا
يعبدون الله خوفاً من لظىً / فلظىً قد عبدوا لا ربَّنا
ولدارِ الخلدِ صلّوا لا لَهُ / مثل قوم يعبدونا الوثنا
أنا مفتون بمحبوب به / كل من قد كان قبلي فتنا
ليس في غرب ولا في مشرق / أنه في بيت قلبي سكنا
أينما وليت ألقى وجهه / ظاهراً أفديه وجهاً حسنا
ولكم صمت وصليت له / بل به حتى محوت الزمنا
ومقام القرب كم طفت به / ومتى فيها لقد نلت منى
وإذا شئت به تحيى فمت / والبقا إن رمته سرُّ الفنا
بالله يا من رماني بالصد والهجرانْ
بالله يا من رماني بالصد والهجرانْ / جدْ بالوصالْ فإني متيمٌ ولهانْ
وليس عندي صبر عن اللقا يا حبيبي / والقلب في كل وقت يذوب بالأشجانْ
خاطب بروق الروابي تكف عني وميضاً / فإنها خطفتني بذلك اللمعانْ
وقل لنسمة ذاك الحمى تجود علينا / بطيب ورد وإلا بنفحة الريحانْ
يا من تنكر حتى عداه قد جهلوه / وعن محبيه لم يخف كيفما قد كانْ
ظهرت في كل شيء والشيء غيرك عندي / وأنت أنت يقيناً وكل شيء فانْ
إن قلت أنك أني جهلت ذاتك إذ لا / وجود مع نور حق لظلمة الأكوانْ
وإن أقل أنت غيرى فقد زعمت شريكاً / لأن ذاتك تأبى يكون معها ثانْ
وكيف والحق حق وما سواه محال / وأين محض كمالٍ من خالص النقصانْ
هذا الوجود خيال وكلنا في منام / وليس يوجد إلا حقيقة الإنسانْ
فاكشف قناع التعامي عن وجه قلبك وانظر / تجد حبيبك أدنى إليك منك الآنْ
واحذر تشبه بشيءٍ ما قد وصلت إليه / ونزه العقل عما للعقل منه بانْ
وخذ كؤوس التصابي واخدم لأرباب صدق / وقف بحضرة جودي وادخل معي للحانْ
واهجر عصابة جهل مرادهم لك سوء / وسوا سهم منه فاحذر في سائر الأزمانْ
يزخرفون كلاماً ما يحذرونك من أن / تروم معرفة اللهْ فكل ذا بهتانْ
وهل لنفسك قل لي على إلهك فضل / حتى تخاف عليها وتأمن الرحمانْ
يا بارق الغور رفرف فقد خطفت فؤادي / وفي الأضالع رعدٌ ومدمعي هتانْ
والجسم زاد نحولاً من القلى والتنائي / والصبر قد زال عني في مدة الهجرانْ
يا سائق الظعن رفقاً فإن قلبي عليل / راكب جواد التصابي سائر مع الركبانْ
بالله إن جئت نجداً ورامة والمصلَّى / فاقرأ سلامي عليهم وقل هنا ولهان
كلامنا نعرفه
كلامنا نعرفه / نحن ومن يعرفنا
وإنما يفهمه / في الناس من يفهمنا
ولم يكن يجهله / إلا الذي يجهلنا
ومن يرده فليكن / ملازماً مجلسنا
أو مجلساً لكل من / تَلْمَذَهُ الصدقُ لنا
وقلبه معتقد / ويحسن الظن بنا
ويسمع التقرير عن / كلامنا من فمنا
ولا يقلد جاهلاً / بالحق فيما طعنا
فالناس فيهم حسد / وسوء ظن كمنا
والجهل بالله لهم / قد صار شيئاً حسنا
وكل شخص يدعي / ما ليس فيه علنا
ولا حياء عندهم / منهم ولا من ربنا
وإن يكونوا جهلوا / فروضهم والسننا
فقربهم هو الردى / وبعدهم هو المنى
نور هذا الوجود بالإيمانِ
نور هذا الوجود بالإيمانِ / لا بشمس ولا نجوم دواني
وبه الشمس والنجوم جميعاً / مشرقات من رحمة الرحمن
ولهذا الكسوف لا يعتريها / منه إلا عن غفلة وتواني
أي قلب من القلوب تجلّى / فيه ربي بغير ما إيمان
وعلوم الجميع علواً وسفلاً / واردات عن وردة كالدهان
فلك الماء والتراب مضيءٌ / بضياء الإيمان في كل آن
وبه لم يزل يدور ويبدي / صوراً بابتداعه ومعاني
أمِنَ الكلُّ من قلىً وبعادٍ / عندما آمنوا وهم في تداني
ولهم خلعة المهيمن جاءت / ثم فازوا من سلبها بالأمان
فتراهم بها يميلون زهواً / بين نيل المراد والحرمان
وعلى كل حالة هو أولى / بالذي جاء منه للأكوان
وهو إيمانه به فلهذا / مؤمن جاء عنه في القرآن
والمواليد معدن ونبات / ثم حيوانها مع الإنسان
وكذاك الآباء مع أمهات / كلهم في غد من الحيوان
مؤمنات جميعها بإلهٍ / واحدٍ ما له كما قال ثاني
ولهذا تأتي غدا شاهدات / مثل ما جاء في حديث الأذان
وشروط الشهادة الآن فيها / ثبتت بالدليل والبرهان
حيث عنها الإله أخبر بالتس / بيح والنطق والفنا في العيان
فتحقق بكل ما قلت وافهم / تلقَ لبَّ الكمال والعرفان
كل تحريك تراه وسكونْ
كل تحريك تراه وسكونْ / فانتقال من حياة لمنونْ
وجميع الكون إن حققته / فإشاراتٌ إلى كن فيكون
نظرة أعطت وأخرى أخذت / كل شيء في الورى عالٍ ودون
فهي عين وإذا شئت فقل / أعين سالت لنا منها عيون
وهي ذات حذرتنا نفسها / صعبت فينا وإن شاءت تهون
حجبت عنها بها أعيننا / فظهور من بطون وبطون
كل يوم هو في شان وذا / عجبٌ فاليوم من تلك الشئون
وشئون هي في شأن بدت / باختفاء عن سناه وكمون
ثم ذاك الشان في شان إلى / لا إلى مما تراه العارفون
فاجتهد في السير واقرع بابه / وادخل الحضرة والبيت المصون
لا تظن الباب يا باب سوى / أنت والبيت سوى أنت يكون
وافهم الأمر به يا أمره / تعرف الأمر مع الكل فنون
أجهلت قدرك أيها الإنسانُ
أجهلت قدرك أيها الإنسانُ / أنت الجميع وبعضك الأكوانُ
والنور والظلمات أنت حقيقةٌ / وسوى كمالك كله نقصانُ
يكفيك أن الحق سمعَك قد غدا / ويداً ورجلاً فيك وهو عيانُ
والكون أجمعه لأجلك خادم / يسعى وأنت المالك السلطان
فإذا انتبهت لبست ثوب سعادة / وإذا غفلت فثوبك الخسران
ولطيفك الجنات أنت منعم / فيها غداً وكثيفك النيران
إنزع ثيابك عنك وابق بغيرها / تعرف مقامك أيها الإنسان
سواكم روى عنكم سوانا روى عنا
سواكم روى عنكم سوانا روى عنا / وأعياننا منكم وأعيانكم منا
عشقناكمو لما عشقنا نفوسنا / وكل فتى منا إلى نحوكم حنا
وأنتم وجود الكل والكل شخصكم / وإن كان كلٌّ تابعاً في الهوى فنا
هي الروح دبت في طبيعة جسمها / وقد أظهرت خوفاً وقد أظهرت أمنا
وأفنى بما أبقى هواها لها بها / من الكلِّ بل أبقى هواها بما أفنى
وكانت هي المعنى وألفاظنا لها / فيا حسن ألفاظ تكون لها معنى
قديمة عهدٍ والحدوث حجابها / غدونا لها ظهراً فصارت لنا بطنا
هي الكرم والعنقود والعاصر الذي / له انتسبت أيضاً وبائعها غبنا
هي الحان والكاسات والطاس والطلا / ودِنُّ الحميّا والذي صنع الدنا
هي القوم والساقي ومجلسنا على / يمين الحمى الشرقي والروضة الغنا
فإن شئت فاشربها من الكل أو فخذ / من البعض كاساً طعمه العذب ما أهنى
وإلا تكن في أسر وهمك واقفاً / مع العقل تستدعي السرور أو الحزنا
يقلبك الوسواس في كل ساعة / وأعماك حتى قد أصم لك الأذنا
سقى الله روضات المقاصد واللقا / من الكل حتى الكل منها رأوا حسنا
ولم تعشق العشاق غير جمالها / ولكنهم تاهوا بأسمائها الحسنى
وليلى ولبنى في البرية قصدهم / وما قصدهم ليلى ولا قصدهم لبنى
ولو لم يكونوا عارفين بها ولو / لها وجدوا ظلماً ولو تبعوا الظنا
أيها القوم السكارى
أيها القوم السكارى / بعقار وهو دونْ
خمر أرباب المعاني / هو أعلى ما يكونْ
فبطون من ظهور / وظهور من بطون
أنفقوا الأجسام محقاً / في هوى عين العيون
ثم بالأرواح ساروا / في غرام وشجون
ثم عنهم خلعوا ما / عاقهم دون المنون
فاعلموا يا أهل ودي / أن من عز يهون
واسمعوا من قول ربي / فله نحن الشئون
أنفقوا ما قد جمعتم / من علوم وفنون
وذوات وصفات / وخفوق وسكون
فلقد قال إله ال / خلق في الذكر المصون
لن تنالوا البر حتى / تنفقوا مما تحبون
من أسخط الناس في مرضاة خالقه
من أسخط الناس في مرضاة خالقه / فذلك الفائز الناجي بلا مين
تأتي الأنام بلام في القيامة من / تُقى وهذا الذي يأتي بلامين
تب إلى الله من ذنوبك يكفي
تب إلى الله من ذنوبك يكفي / ك وإن لم تكن من العابدينا
وتحقق بأن ذنبك عمن / هو إياك قد لهاك يقينا
يا مشتغلاً بكامل الإيمانِ
يا مشتغلاً بكامل الإيمانِ / تسبيحك لم يخرج عن الإمكانِ
فاعبده به فقد رضي منك بذا / العارف قال قبلنا سبحاني
قد بالغ في الظهور والكتمانِ
قد بالغ في الظهور والكتمانِ / حتى حارت به أولوا العرفانِ
والسر على التحقيق كالإعلان / قد أودعه في هذه الأكوانِ
يا طلعة من أحب في ذا الكونِ
يا طلعة من أحب في ذا الكونِ / تختال علينا بثياب الصونِ
والخال غدا يلوح في وجنته / قد حير عقلي بسواد اللونِ
نحن الذي أين كنا حبنا معنا
نحن الذي أين كنا حبنا معنا / ومالنا في الحقيقهْ غيره معنى
يجود لا حاتماً نرجو ولا معَنا / مع ناسْ بالمنعْ قائمْ والعطا معْنا
من كان حبُّهْ مَعُهْ هيهات يلقى حزنْ
من كان حبُّهْ مَعُهْ هيهات يلقى حزنْ / يا من صفاتُهْ لأنواع التجلي حُزْنْ
وقل لمن غيدْ أفكارُهْ علينا جُزْنْ / هذي الفعائلْ تُرى في أي مذهبْ جُزْنْ
إن أقبل السعد وزال العنا
إن أقبل السعد وزال العنا /
وقد سكرنا بكؤوس المنى /
وموسم الأفراح لي إن دنا /
يا ربةَ العود خذي في الغنا / وحرِّكي من صوته ما ونى
قم يا نديمي موسم القرب جا /
وأبدل اليأس لنا بالرجا /
ولا تخف ظلم ظلام دجا /
فإن مسودَّ قميص الدجى / لوَّنه الصبح بما لوَّنا
حسن ملاح الكون لي هيما /
وتوبتي وهبتها اللوَّما /
فرحت مُغرىً في الهوى مغرما /
وفاز بالتوبة قوم وما / تاب من التوبة إلا أنا
إن غبت عن عياني
إن غبت عن عياني / فأنت في جناني
وإن حجبت فكري / بكل ما أعاني
فالنور نصب عيني / والذكر في لساني
أنا كعبةٌ كلُّ المعاني
أنا كعبةٌ كلُّ المعاني / حجت إليَّ بلا تواني
وكذا الكمالات التي / أبدا سواي لها يعاني
كم طاف بي علْمٌ وجا / ء مقبِّلاً حجر اللسان
وأتى إلى عرفات قل / بي واقفاً يبغي بياني
يا واحداً ما في العيا / ن له ولا في الغيب ثاني
أنا جفنك المكسور يا / عيني ومنك الجبر داني
ولذا يكون الحسن في / هذا وفي حور الجنان
قم للمدام أخا الغرا / م وطف بنا في كل حان
واكرع حُمَيّا القدس من / صُوَرِ البرية في قناني
واشرب معي بيد المدي / ر فحبَّذا أيدي الحسان
وادخل كنيسة ديرها / واعكف على بنت الدنان
متجردا عن كل ما / يلهيك عن هاتيك فاني
واسكر بها مع كل شم / ماسٍ يميل كغصن بان
واسمع مثانيك التي / تتلى على صوت المثاني
ودع الجهول يظن من / ك ظنونه في كل آن
واعلم بأنك لست ته / دي من تحب مدى الزمان
أفتُسمِعُ الصم الذي / ن بعيشهم هم في افتتان
أم أنت تَهدي العميَ عن / ذل الضلالة والهوان
أتريد ترشد عصبة / لشجاعهم قلب الجبان
خذ ما صفا لك بينهم / واترك لهم كدر الأواني
وانزل إليهم لا تُكَلْ / لفهم إلى أعلى المكان
ولربما انقلبوا فلا / تنكر لهم قلب العيان
إنما نحن للإله شئونُ
إنما نحن للإله شئونُ / فهو فينا في كل يوم يكونُ
نزلت شمسُه المنازلَ منا / فظهورٌ لها بنا وكمونُ
ها هو الحق ملء قلبي وجسمي / وعظامي وكل ما هو دونُ
لا حلولاً وإنما هو فعلٌ / خلفَهُ فاعلٌ به محصون
نحن تقديره القديم وفينا / حدثت بالوجود منه فنون
كيفما شاء عنه في الكون كنا / واحتراك لنا به وسكون
فيه كنا قدماً فقيل عليم / كل شيء في علمه موزون
ثم لما عنه به قد صدرنا / كان فينا والعين منه عيون
فتسمى بقادر ومريد / عندما عز فهو ليس يهون
كل هذا ونحن نحن جميعاً / عدم يحتويه كافٌ ونون
وهو حق هو الوجود على ما / هو فيه والفتح غيثٌ هتون
جاءت السنة الحصان بهذا / وأتانا كتابه المكنون
فتمسك به بإرشاد هادٍ / يقتفيه فإنه المأمون
واترك المنكِرَ الذي ليس يدري / فهو عن ذوق طعمه الملعون
إن لله في الوجود قلوباً / عقلها عند من سواها جنون