القوافي :
الكل ا ب ت ث ج ح خ د ذ ر ز س ش ص ط ع غ ف ق ك ل م ن و ه ء ي
الشاعر : أبو الصوفيّ العُماني الكل
المجموع : 15
اليومَ حَقَّ ليَ الهَنا
اليومَ حَقَّ ليَ الهَنا / بَنتِ العُلى لي مَسْكنا
أصبحتُ بالخَلَوات أع / تنقُ المكارمَ دَيْدَنا
وأَمَجُّ ثغرَ الأنسِ من / شخصِ الوِصال إِذَا دنا
وأُغازل الآياتِ مر / تاضاً بِهَا متأبِّنا
حَسْبِي بِهَا شرفاً وحَسْ / بك أن تقول أنا أنا
يا مسكَنَ العَلياءِ طِبْ / تَ وطاب فيك من اعتنى
إن دمتَ لي سَكَناً فما / أَحْلى وأَطْيَب ذا الجَنَى
ما لي سوى نفسي فإنْ / حصل المُنَى زال العَنا
ما العيشُ إِلاَّ أن ترى / طيفَ الأحبة مَوْهِنا
أَوْ أن يزورَك شخصُه / فترى الجمال مُبرْهَنا
فلئِنْ ظفِرتَ بزورةٍ / بُشراك قَدْ نِلتَ المُنْى
فَارْبَعْ ليَهْنِك مَرْبعٌ / رحبُ الجوانبِ والفِنا
ما أَطْيبَ الساعاتِ إن / زار الحبيبُ وأحسنا
فالْهَجْ بذكرِ الحِبِّ إن / تَكُ بالصبابة مُعلِنا
واشربُ أُجاجَ الصبر واكْ / حَل بالسُّهادِ الأَعْيُنا
فبِذاك تَقْتنِص العُلى / ويطيب عيشُك بالهَنا
وترى الأملاكَ فِي / مَلَكوتها مُتيمِّنا
كقِران بدرِ التِّمِّ تي / مور المَليك إذ ابْتَنى
بُشْراك يَا زمن القِرا / نِ لقد علوتَ الأَزْمُنا
زمن تودُّ بِهِ النفو / س بأن يكون هو الدُّنا
فهناك يَا زمنٌ هنا / ك لقد شفيت من الضَّنَى
أطربتَ سمعي ناطقاً / سَجْعاً بديعاً بَيِّنا
وشجوتَني طرباً وَلَيْ / سَ يُمِيلني شَدْوُ الغِنا
لكن عجبتُ بأن شدو / تَ وكنت أخرسَ أَلْكَنا
وغدوتَ مَيّاداً كما / ماد النسيمُ الأَغْصُنا
ما كنت أعهد بالجما / د يكون ناطق أَلْسُنا
بُهِت الورى لما رأو / ك تهزُّ عِطْفاً لينا
لم يحسبوا أن السرو / ر يَروض طَرْفاً أحزنا
فانعمْ بمن شاد العُلى / لَكَ والمكارم قَدْ بنى
ملك تُطأْطِئ فِي عُلا / ه ذو الصَّوامل والقَنا
ما مُدّ طرفٌ فِي علا / ه شاخِصاً إِلاَّ انْثَنى
فَطِن يرى مَا فِي النفو / س من الظنون مُبَرْهَنا
سَبّاق غاياتٍ إِذَا / مَا قيل مَكْرُمةٌ رَنا
ذو همةٍ صعبُ الأمو / رِ يراه أمراً هينا
ذو عَزْمة لو قاطعتْ / شمَّ الجبالِ لأَوْهَنا
خَطَب المَعالي كي يحْل / لَ بِهَا فصارت موطنا
عَجَباً لَهُ طفلٌ بدَسْ / ت المُلك أضحى مُحْصِنا
رسختْ بوَطْأَته المما / لك واستقرتْ مَعْدِنا
ما حلَّ ساحتَه فتى / ذو حاجة إِلاَّ اغتنى
أخَذ المكارم عن أبي / ه فجَرَّ عنه مُعَنْعَنا
كم من يدٍ فِي العالمي / ن لَهُ حَبَتْهم بالغنى
فتَطَوَّقت أعناقُهم / من فضله حَتَّى أنا
فيهم سموْتُ وبهم علو / تُ وبه رَسَخْتَ تَمكُّنا
وبهم قررتُ بمَسْقَطٍ / وبهم سلوت المُنْحَنى
وبهم تركت من الزما / ن أحبَّني والموْطِنا
وبهم حَلا مُرُّ الزما / ن وزال مَا قَدْ أَحزنا
حَتَّى غدوتُ بفضلهم / عَلماً كأسْمَى أَمْكُنا
فهمُ شموسُ الدهرِ إِنْ / بالعُسرِ جَنَّ وأَدْجَنا
قطعوا بسيف الجود من / شُحّ الزمان الأَلسنا
وتَوَطَّنوا بدلَ القِبا / ب من المعالي مَسْكنا
هل ضَمَّت الأرضُ مليكاً مثل مَنْ
هل ضَمَّت الأرضُ مليكاً مثل مَنْ / قَدْ ضمت اليومَ بأَحْقابِ الزمَنْ
قد كَانَتْ الأرضُ رَهيناً تَحْتَه / واليوم أضحى فِي ثَراها مُرْتَهَنْ
خَلِّياني واتركاني أُبْكِهِ / جُمع الفضلُ بذَيَّاك الكَفَنْ
وابكيا عيناي مَهْمَا عشّما / واسْقيا أرضَ الفَيافي والدِّمنْ
ذهب السلوانُ عني وانبرتْ / أشجانُ خطبٍ قَدْ تَجلَّت بالحَزَن
يَا لَخَطْبٍ بالمعالي قَدْ دَهَى / لدَهاه لَمْ تذق عيني الوَسَن
قال أَرِّخ قلت أَضحى ثاوِياً / فيصلٌ تَحْتَ اللُّحود قَدْ سكن
أَلِيَ بعدَ سكانِ الفؤادِ سكونُ
أَلِيَ بعدَ سكانِ الفؤادِ سكونُ / وعيشي عَقيبَ الظاعنين سُجونُ
أناخوا رِكابَ الشوقِ فَوْقَ مَدَامعي / فثارن ودمعي كالسحاب هَتون
وكنت قَريرَ العينِ والشملُ جامعٌ / فبانوا وقلبي بالفراق يَبينُ
رَعى اللهُ ذَيَّاك التلاقي وجمعُنا / وتَبَّت يدُ التفريق أَيْنَ تكون
لقد كنت قبلَ البين أخشى من النوى / فها أنا فِي قيدِ الفراق رَهين
تناوب أشجاني همومٌ وفرقةٌ / ودهرٌ بتشتيتِ الكرام ضَنين
فدعْني وسفحَ الدمعِ والحزنِ والجَوى / تَبارِيحَ شوقٍ والفراقُ مَنون
لقد حَمَّلوني وِزْرَ مَا لا أُطيقه / فحملي الهوى والبينَ ثَمَّ مُهين
لحا اللهُ يوماً فَرَّق الدهرُ بَيْنَنا / وحَيّا ليالٍ والحبيبُ قَطين
لئن كنت أرجو للتلاقي سُويعةً / ولكنّ قلبي للفراق حزين
فما لي وخلعي يَا رَعى الله سادتي / فأَيّانَ عهدي والحديثُ شُجونُ
أُبدِّد أيامي لجمعي بشَمْلكم / فأَصبحت نِسْياً والعهودُ دُيونُ
فها مُهجتي بَيْنَ الحُمول وديعةً / وجسمي برمح الظاعنين طَعينُ
عَلَى ثَفِنات البين أجثو وإنني / أَحنُّ وهل يَشْفي المحبَّ حنين
مُشتَّتَ أفكارٍ وحقَّ لمن دُهِي / بفرقةِ خِل أن عَراهُ جنون
فلولا رجائي والحظوظُ مَقاسمٌ / لَقُرِّح مني بالبكاءِ جفونُ
ولولا بأشْطانِ الولاءِ تمسكتْ / يميني بتيمورٍ لكنتُ أُبين
ولولاه قَدْ صان المَكارِمَ لَمْ أكن / لحفظِ عهودي بالولاءِ أَصونُ
ولولا شَمولٌ من شمائلِ جودِه / لَفاضت بعينِ المُدقِعين شُجون
ولولا عيونُ الفضلِ تَرْمُق حاجتي / لسالتْ بوادي الفقر وَيْك عيون
تَملَّكَ قَهْراً والمُملَّك قاهرٌ / وَلَمْ يَعْدُ حكمَ العدلِ وهو مَكين
وعَزَّ فلا يدنو لفحشٍ ولا خَنا / ولا ينطِق العوراء وهْو مُبينُ
تسامتْ بِهِ الأيامُ فخراً وسُؤْدداً / وَشدَّت بِهِ الأَزْرَيْنِ وهو أمين
تَحدَّر سرُّ المجدِ فِيهِ تَحفُّظاً / فها هو فِي طَيِّ الحِفاظِ مَصون
فيا بهجةَ الأيامِ أصبحتِ نَيِّراً / وأفْقُ سماءِ الملكِ فيك يَزين
وأضحى لسانُ الكون يَلْهَج شاكراً / عَلَيْكَ وهوُّ الدين فيك حَصين
وأَدْبر شهرُ الصومِ يَبدِي تَولُّهاً / تحييك بالتوديع منه يَمينُ
يعود عَلَيْكَ الدهرُ مَا ذَرَّ شارِق / وَمَا حَنَّ قُمْرِيٌّ وشدَّ ظُعون
وما عاد بالبشرى يُهنِّيك عائداً / زمانٌ بَعوْدِ العيد منك ضَمينُ
فصحتُ وصوتي للرحيل مؤرخاً / بشوال حُلَّت كالسيول شئون
بَيْنَ المَرابعِ لي هوى وشئونُ
بَيْنَ المَرابعِ لي هوى وشئونُ / إن الغرامَ صبابةٌ وشُجونُ
قَسما بكم يَا سادتي وبحبِّكم / مَا خنتُ فِي عهدي ولستُ أخون
إِن تُطلِقُوني فِي الهوى فأنا الَّذِي / يهواكمُ طالتْ عليَّ سُجون
ولئن وَفيتُم بالصدود مَطالبي / بقيتْ عليَّ من الوفاءِ ديون
فهَواي فيكم والفؤادُ ومُهْجتي / كيْفَ الخلاصُ وكلُّهن رُهون
إِن صَدَّكم عني الجَفاء عن الوفا / فأنا الَّذِي فِي الحب لست أخون
ما حُلتُ عن نَهْجِ الهوى لَوْ صَدَّني / عن قَطْعه وَعْرُ الجفا وحُزون
يا سادتي رِقُّوا عليَّ تَعطُّفاً / فالصبرُ صابٌ والعذابُ مُهين
ناديتموني فِي الهوى وقعدتمُ / هَذَا لعمرِي فِي الغرام لَهُون
لا والهوى العُذْرِيّ إني لَمْ اَحُل / لَوْ متّ فيكم فالممات يهون
غَرس الهوى فِي مهجتي زَرْعَ الوفا / فلِذاك عهدي ثابتٌ ومَكين
أَيحول صبٌّ لا يزال مُتيَّماً / بهواكمُ والدمعُ منه هَتون
يُمسي رَقيباً للنجوم مُسامِراً / أبداً ويُصبح لا يكاد يَبينُ
بالليلِ يفترش السُّهاد وإن بدا / وجهُ الصباحِ فللهمومِ قَرين
فإِلَى متى ذا البعدُ يَا لَمودتي / فالهجرُ قتلٌ والبعادُ مَنون
لا ترقُبون لمؤمنٍ إِلاَّ ولا / ذِمَماً ولا عهدُ الغرامِ مَصون
أَثْخَنتموني بالصدودِ وقلتمُ / صبٌّ عَراه من الغرام جنون
أوَ مَا طَعِمتم مَا الهوى وعلمتمُ / أن الهوى مثلَ الجنون فنون
لو ذقتمُ طعم الصَّبابةِ والجوى / لعلمتُم كيْفَ الغرام يكون
آهاً عَلَى زمنِ الوصال فإنه / زمن لَهُ تبكي الدماءَ عيون
يَا دهرًُ مَا لَكَ بالفراقِ مُولَّعاً / نرجو وَفاك وللعهود تخونُ
هل لي بذاك العيشِ عَوْدٌ يا تُرى / أم أنت بالتفريق وَيْك ضَنين
أدباً فليس تدوم منك مودةٌ / إِن الزمان قَلاقِلٌ وشُجون
لا تأتينَّ بحالةٍ محمودةٍ / إِلاَّ ستُعقِبها بما سيَشين
إني سئمتُ من الزمان وأهلِه / مَا فيهمُ من للذِّمام يصون
وخَبرتُ كلَّ العالمين فلم أجد / من فِي الزمان عَلَى الزمان يُعين
فأدرت طَرْفي بالسماء مُفتشاً / أَفلاكها فعسى السماءُ تُبين
فرأيتُ فِي فَلك السعادة طالعاً / تيمورُ من هو للزمان أَمين
قد أعربتْ بالفضلِ أيةُ مجدِه / فلِذا إِلَيْهِ العالَمون تَدين
طلعتْ شموسُ المجدِ فِي هالاتِهِ / فعليه من شمسِ الجلالِ يقين
وترنَّمتْ وُرْقُ المَكارمِ سُجَّعاً / فلهنّ فِيهِ تفنُّن وفنونُ
بزغتْ عَلَى عرش الخلافة شمسُه / ولها إذن قبلَ البزوغِ حنين
يختال دستُ الملكِ منه إِذَا بدا / وتَميد منه أَسِرَّةٌ وحُصون
تَتهلَّل الآفاقُ من بَهَجائه / والدهرُ يَبْسم والعدوُّ حَزون
خُلُق لَهُ مثلُ النسيم إِذَا شَذا / وبحورُ فكرٍ مَا لهنّ سَفين
ملكٌ تشدُّ بِهِ الخلافةُ أَزْرَها / فلها إِلَيْهِ تحنُّن وحنين
قد سُلَّ سيفاً من أبيه مُهنَّداً / يسطو بِهِ وَعَلَى الزمان عَوين
سيفٌ نَضَتْه يدُ الزمانِ غِرارُه / عَضْب وَلَيْسَ المتنُ منه يَلين
فاشددْ بِهِ عَضُدَ الخلافةِ إنه / يَا فيصلٌ رَحْبُ الذراعِ مَتين
فلأَنتَ روحٌ والخلافةُ هيكلٌ / وشِمالك التوفيقُ وهْو يمين
فبه افترِسْ أُسْد البُغاةِ فإنه / أَسَدٌ لَهُ النصرُ المُبين عَرين
للهِ من أصلٍ تَفَرَّعَ فيكمُ / مُدَّت إِلَى العَلياء منه غصون
من آل أحمدَ للمكارم والندى / وُلِدوا فنِعْم عناصرٌ وبطونُ
ولَنِعْم مولودٌ ونِعْم بوالدٍ / فكلاهما للمَكرمات خَدين
دُوما مَلاذاً للأَنام وملجأً / مَا بالزمانِ تَحرُّك وسكون
يَا جِيرةَ الحيِّ أَيْنَ الحيُّ قَدْ بانُوا
يَا جِيرةَ الحيِّ أَيْنَ الحيُّ قَدْ بانُوا / أين الذين لهم فِي القلب أَشْجانُ
أَيْنَ الهَوادجُ إِذ زُمَّت رَكائبُها / قَدْ حازَ دونَنا وَعْرٌ وكُثْبان
أَيْنَ الَّذِين بنَوا فِي القلبِ مسكنَهم / بَيْنَ الجَوانحِ والأضلاعِ قَدْ كانوا
يا جِيرتي يَا أُباةَ الضَّيم أَيْنَ همُ / وهل أنا بعدهم فِي الناسِ إِنسان
بانوا فبانتْ شجوني والهوى نَصَبٌ / فكيف لي وفراقُ الحيِّ خُسران
زَمّوا ركائبَهم والقلبُ عندهمُ / فها أنا اليومَ جسمٌ مَا لَهُ شان
زَوَّدتُهم نظرةً والشوقُ مُحْتَدم / وعارضُ الدمعِ فِي الخدين هَتّان
وخَلَّفوني أُراعِي النجمَ مرتقِباً / مُدلَّهاً فِي عِراكِ البين وَلْهان
يا ليتيم أخذوني والفؤادَ معاً / لَمْ يبقَ لي بعدهم هَمٌّ وأحزان
بالله يَا جِيرتي أَيْنَ الحُدوج سَرَتْ / فأنتُم جيرتي للحيِّ جيران
لا تكتموا بالهوى أقسمتُ أن لكم / سِرّاً لَهُ فِي فؤادي اليومَ كتمان
هم أَنْجَدوا وفؤادي ضاع بَيْنَهمُ / أم أَتْهَموا إنني بالحيِّ حَيْران
لله وا أسفي إن الهوى أَسَفٌ / قَدْ كَانَ قلبي وفيه الحيُّ سُكان
والآن لما غدَوا أصبحتُ منطرِحاً / وهل يقوم بغير الرُّوح جُثْمان
قَدْ كَلَّفوني لحاقَ الرَّكْبِ واظَمَئي / وكيف يَلحق إِثْرَ الركب ظمآنُ
فقمتُ أَخبِط بالوَعْساءِ مُلتمِساً / وناقتي وسَرابُ البيد سِيّان
وكلما قَطعتْ وهْداً سلكتُ بِهَا / مَجاهِلاً حَقَّها سَهْل وأَحْزان
وَجْناً شَمّرْدَلة مثلُ الظَّليم لَهَا / صدرٌ أُعِدَّ بِهِ للسَّبْق مَيْدان
لا تستقر عَلَى الخُفَّين داميةٌ / من الذَّميل ولا الضَّبُعَين قِرِدان
لا أَمترِي ناقتِي بالساق من تعبٍ / إِذ لَمْ يَؤُدْها الوَنَى وَهْدٌ وقِيعان
ولا السِّياط لَهَا فِي دَمِّها أَثَرٌ / قَدْ ساقنا من سياطِ الشوقِ عِيدان
رَنّاحةٌ إِن مشتْ مثلُ الهُيام بِهَا / كالبحر من رَهَج يَعْلوه طُوفان
تنسابُ فِي جَرْيها أَوْسعتُها عَنَقاً / كَأَنَّها بالفَلاةِ القَفْرِ ثعبان
في جَرْيها رَمَلٌ فِي مشيها وَجَل / لانتْ مَعاطِفُها والركبُ جَذلان
فقلت يَا ناقتي والرَّحْلُ مُختضِب / من أَدمُعي مَا لهذا الحيِّ تِبيان
إِن السَّرَى يَا رعاك اللهُ أَجْهَدني / وَقَدْ كفاكِ النوى نَصٌّ ووِخْدانُ
فَنَهْنَهنِي ناقتي أن الزمانَ لَهُ / فِي خطة البين تَطْنيب وأوطان
كنا لَفي سِنةٍ والدهرُ مُنتيِه / حَتَّى انتبهنا وَطَرْفُ الدهرِ وسْنان
إن الزمان أخو الأشجانِ من قِدَمٍ / لا تستقر لعينِ الدهر أَجفان
لا زال ذا الدهرُ مَغْروماً بِنَا كَلِفاً / مُشتِّتاً شملَنا فالدهرُ خَوّان
رُحماك يَا دهرَنا لَمْ أَجْنِ فاحشةً / بذلتُ نُصْحي أعُقْبَى النصح حرمان
أَوّاهِ منك تُريني وَجْه عارِفةٍ / أًَحنو إِلَيْكَ وَمَا للوجهِ برهانُ
خَوَّلَتني جَنةً راق النعيمُ بِهَا / أبعدَ ذَاكَ النعيمِ اليومَ نيران
أَقصَيتني عن كرامٍ كنت أَعهدُهم / لَمْ يبقَ لي بعدَهم يَا دهرُ سُلوان
أهكذا صحبةُ الأشرافِ يَا زمني / يكون من قربِهم للمرءِ خسران
إِلَى متى أحتسِي كأسَ الهموم وكم / أُقاسي زماناً لَهُ بالرأس عُنوان
أمَا كفَى أنني بالشيبِ مُلتثِمٌ / حَتَّى علا مثلَه بالفَوْد تِيجان
قد راعني والصِّبا تَنْدو غَوارِبُه / وشِرَّتي والشبابُ الغَضُّ رَيْعَانُ
فقمت والهمُّ يَلْحوني بشَفْرته / وللفَوادحِ فِي جنبيَّ أَفْنانُ
فلم أزل أَكْدح الأيامَ ملتمِساً / كَنْفاً ألوذ بِهِ إِن عوزَّ إمكان
فبتُّ أرصد عينَ النجمِ مرتقِباً / من ذا هو اليومَ لِلاّجِين مِعْوان
فلم أجد وَزَراً مما أًُكابِده / من الزمانِ فعَزَّ اليومَ وِجْدان
وَلَمْ أجد ف الورى إِلاَّ مخادَعةً / من الخَدينِ فما للحقِّ أَخْذان
أرى للمحبِّ يراني دونَه قَدْراً / وَلَيْسَ يعلم أَنَّ الكِبْرَ نُقْصان
إن الفتى نَعست عيناه عن سَفهٍ / فِي طبعه ولطبعِ الغيرِ يَقْظان
جِبِلَّةٌ فِي طباعِ الناسِ لازمةٌ / لو أنهم أنصفوا فِي الحكم مَا شانوا
كم ذا أُقضِّي حياةً مَا نَعِمتُ بِهَا / كَيْفَ النعيمُ وكلُّ الدهر أَشْجان
ضاق الخِناقُ وضاقت بالثراء يدي / فليس لي بسِوى الرحمنِ حِسْبان
وَلَيْسَ لي ملجأٌ كيما أَلوذ بِهِ / سوى أبي طارقٍ للعِرْضِ صَوّان
مُملَّك إن رأى المهمومُ سَحْنته / لَمْ يبرحَ الأرضَ إِلاَّ وهْو جَذْلان
خلائقٌ يَتنامَى المرءُ غُرْبَته / فلُطفُها عِوَضُ الأوطانِ أَوْطانُ
مملك لا يرى الدِّينارَ ناظرُه / فما لَهُ لاجتماعِ المالِ خُزّان
لو أنما حَلَّت الدنيا براحتِه / لَمْ يبقَ يوماً بوجهِ الأرض جَوْعان
ما قام فِي بلدٍ إِلاَّ وسال بِهَا / من فَيْضِه ببقاعِ الأرضِ وِدْيان
فكم لَهُ من تُراثِ المجدِ أَوْرَثه / أُولو المَكارِمِ سُلطان وسلطان
فبابُه يلْتَجي حَتَّى البقاعِ بِهِ / وَقَدْ شكى من ظفار الخوفَ عُريان
أتاهم ناصِرٌ والأمرُ مرتبِك / والخوفُ مَا بَيْنَهم يُزْجِيه طُغيان
لا يخرجون عَلَى الأبواب من حذَرٍ / خوفَ القتالِ وهم فِي الحرب شجعان
في ثامنٍ حَلَّ والعشرين ساحتَهم / من شهرِ شعبانَ نِعْمَ الشهر شعبانُ
فأصبحوا عُزَّلاً من دونِ أسلحةٍ / والوعرُ من أَمْنِه والسهلُ ملآنُ
والبَهْمُ تَرْعَى الحيا فِي القفرِ سائمةً / مَا راعَها بالفَلا والدَّوِّ ذِئْبان
والأرضُ تَرْجِف من خوفٍ ومن فرحٍ / والإنس والجنّ فِي الحالين صِنْوان
أمست ظفار بأمنِ اللهِ فِي حَرَم / ووجهُها بمليك الأرضِ رَيَّان
تَهْمِي بِهَا من سَحابِ الفخرِ غاديةٌ / يَخْضرُّ من وَدْقها للمجد أغصان
واستمطرتْ تَذْرِف العينين من فرحٍ / إن الكريم لَيَبْكي وهْو فرحان
وغَيَّم الأَفْقُ وانهلَّت مَدامعُه / كَأَنَّما قَدْ عرا عينيه هَمْلانُ
واخضرَّتِ الأرضُ مثلَ الروضِ ضاحكةً / وَقَدْ كستْها ثيابَ الزَّهر ألوانُ
وزَمْجَر البحرُ مسروراً وهاج بِهِ / عَواصفٌ فكأن البحر غضبان
فيا لَهُ من خريفٍ زادني كَلَفاً / مَا أَبْهَج الأُنسَ أن لو طال إِدمان
طابتْ لَنَا سَكَناً حَتَّى غَدت وطناً / فها إذن نحن بالجريب رُكْبانُ
في أرضِ يعبوبَ تَخْدي اليَعْملات بِنَا / يَحفُّنا من زهور الروضِ أغصانُ
بنفسجٌ وشَميمُ الجُلَّنارِ بِهَا / وزِمْبقٌ وكبارُ الدَّوح ميطان
والياسَمين كمثلِ الدوحِ مُشتبِكٌ / وَقَدْ كُسِي من ثيابِ الزهر أَكفان
تمشي بِنَا والحَيا يعلو كَواهِلَها / وفَرْشُنا نَفْحُها ورد ورَيْحَان
تَرْقَى سَنابِكها فَوْقَ السما حُبُكاً / كَأَنَّما نحن فَوْقَ العرشِ سُكّان
ظَلّتْ بِنَا ترتمي بالبيدِ جافلةً / كَأَنَّما نحن بالبيداء قُطّان
جُبْنا بِهَا فَدْفَداً راقتْ نضارتُه / كالبحرِ خُضرتُه حَفَّته غِيطانُ
حَتَّى ارتحلْنا لأرضٍ راقَ منظرُها / أرضٍ لَهَا من صنوفِ الحسن ألوان
سكانُها من كشوب زان مسكنَهم / يحمون أرضَهُم شِيبٌ وشُبان
أرض لَهَا فِي تبوكٍ قِسْمَةٌ مُزِجت / بحسنِ بهجتها والحسنُ فَتّان
ثُمَّ انتهى سيرُنا والأُنسُ يَخْفِرُنا / أرض لَهَا قُطُنٌ للجودِ أخدان
راقتْ بساتينُها روضاً بِهَا سَكَنٌ / مثلُ الدُّمَى ظَبَياتُ الإِنسِ غِزْلانُ
ناختْ ركائبُنا والطيرُ تهتف مَا / بَيْنَ الغصونِ لَهَا بالسَّجْعِ ألحان
والريحُ تَخْفق والأعلامُ قَدْ نُشِرت / وأُنْسُنا كم لَهُ بالنُّطق إِعلانُ
وبيننا الملك الميمون ذو خُلْقٍ / طَلْق المُحَيا فصيح النطق سَحْبان
مُدرَّع بفنون المجد مُتَّزِر / بوجهه من طُروسِ الفضل عنوان
لا زال فِي فَلك الإسعادِ طالعُه / يَنْهَلُّ من كفه بالجود فَيْضان
تِيهي ظفار فأنتِ اليومَ في شرفٍ / تَقاصرتْ دونَه مصرُ ونَعمان
أتاك من مَدد الرحمنِ ذو كرمٍ / أَمدَّه بجيوشِ النصر رَحْمَن
سموتِ من شرفٍ فَوْقَ النجوم عُلىً / يَنْحطُّ عنك السُّها قَدْراً وكِيوان
حَلِيت بالمجدِ عِقْداً زانَه شرفٌ / إن البقاعَ بشَرعِ العدل تَزْدان
أصبحتِ فِي حُلَل النُّعْمَى مَزَمَّلةً / تُضْفِي عَلَيْكَ من التوفيق أرْدان
إِذ صرتِ بالملك الميمون آمنةً / وجندُه لَكَ أنصارٌ وأعوان
فلْيَهْنِك الشرفُ المخفورُ من ملك / يدور بالسعدِ مَهْمَا دار أزمان
أرَّحتُه زمناً حَلَّ الأمانُ بِهِ / نصرٌ وبرٌّ وتوفيقٌ فإمكان
بَيْنَ السُّهَا والفَرْقَدَين زَبونُ
بَيْنَ السُّهَا والفَرْقَدَين زَبونُ / ولكلّ جِذْر بالفَخارِ غُصونُ
ملكٌ لَهُ بالنِّيِّرَين سكون / يَا بدرُ إنك والحديث شُجون
مَا لَمْ يكن لمثاله تَكوين /
أنت الأمينُ وَفِي سواك خيانة / وعليك من سِمَة الجلالِ علامة
نسبُ الملوكِ إِلَى عُلاك قُلامة / لَعُظمتَ حَتَّى لو تكون أمانة
مَا كَانَ مؤتَمَناً بِهَا جِبْرِينُ /
وجريتَ فِي فَلك الغَزالة راقياً / حَتَّى تركت البدر دونَك وافيا
يأبى سموُّك أن يُرَى متناهياً / بعضُ البرية دونَ بَعضٍ خاليا
فإذا حضرتَ فكلُّ فوقٍ دونُ /
كنتُ فِي الأُفق حافظاً تركوني
كنتُ فِي الأُفق حافظاً تركوني / إِن تَرَوني بالأرض لا تُنكروني
إن أهلي عَلَى الثرى نبَذوني / أنا درٌّ من السما نَثَروني
يوم تزويجِ والدِ السِّبْطَيْنِ /
كنت أقوى من النجومِ انقِضاضاً / عَوَّضوني فِي الأرضِ عنه انقِباضا
وسقَوني من الدماء حِياضاً / كنت أصفَى من اللُّجين بياضا
صبغتني دماءُ نحرِ الحسينِ /
أَتَحْسَبُني الأيامُ عنها سأَنثَنِي
أَتَحْسَبُني الأيامُ عنها سأَنثَنِي / وعزمي بأفْق الشمسِ للمجدِ يَبْتَني
ومن يطلبِ العلياءَ بالصبر يَقْتَني / تَنَكَّر لي دهري وَلَمْ يَدْرِ أنني
أَعَزُّ وأحدثُ الزمان تهونُ /
زماني عَلَى الأحرارِ جَلَّ بَلاؤُهُ / ومن أفضلِ الأقوامِ عَزَّ وَلاؤُهُ
طفقتُ أُعانيه فطال عَنَاؤُهُ / فظل يُريني الخَطْبَ كيْفَ اعتداؤه
وبتُّ أريه الصبرَ كيْفَ يكونُ /
أبي الدهرُ إِلاَّ أن يُفرِّق بَيْنَنا
أبي الدهرُ إِلاَّ أن يُفرِّق بَيْنَنا / ويُبعِد أحباباً كي يقربَ بَيْنَنا
فراقُك يومَ البينِ كدَّر عيشَنا / فقدناك فقدان الربيع وليتنا
فديناك من غلماننا بألوف /
خليليَّ إِني للمُحبِّ وإِنْ جَنى
خليليَّ إِني للمُحبِّ وإِنْ جَنى / حريصٌ عَلَيْهِ إن تباعد أَوْ دنا
لَهُ مسكنٌ وَسْط الحشاشة قَدْ بنَى / جَزى الله خيراً من أُحبّ وإِنْ نأى
لقولِ عَذولٍ ل لقَصْد جفاءِ /
عَلَى الحِبِّ مني مَا حييتُ تحيةٌ / فإن وفائي فِي الغرام سَجيةٌ
طُبعت عَلَيْهَا والطِّباعُ جِبِلَّةٌ / فبالقلبِ منى لا تزال مودةٌ
لَهُ أبداً موصولةٌ بوفاءِ /
نصحتُك والعلى تُنْبِيك عني
نصحتُك والعلى تُنْبِيك عني / باني فيك أُرْمَى بظَنِّ
فإن قال الحسود ونال مني / فأبلغْ حاسدي عني بأني
كَبا برقٌ يحاول بي لَحاقا /
إذَا مَا كنتَ شهماً ذا سُمُوِّ / فلا تدعِ الأعادي فِي هُدُوِّ
فزَعزِعهم ولا تكُ ذا حُنُوِّ / وهل تُعنى الرسائلُ فِي عدو
إذَا هي لَمْ تكن بِيضاً رِقاقا /
إذَا اختبر الأنامَ أخٌ أديبُ / فإني حاذق بهمُ طبيبُ
عَراني من تجاربهم مَشيب / إذَا مَا الناسُ جربهم لبيب
فإني قَدْ أكلتهمُ ذَواقا /
لقد نَشَرُوا النِّفاقَ لهم شِراعاً / وَقَدْ مَدّوا من التزويق باعا
فما أرجو الخَلْقَ انتفاعاً / فلم أر ودهم إِلاَّ خداعا
ولم أر دينَهم إِلاَّ نفاقا /
واهاً لدهرٍ جرى والخيرُ فِي قَرَنِ
واهاً لدهرٍ جرى والخيرُ فِي قَرَنِ / جررتُ فِيهِ بميدان العُلَى رَسَني
مضى بدولته الغَرَّا وخَلَّفني / كا كنتُ أُوتر أَنْ يمتدَّ لي زمني
حَتَّى أرى دولةَ الأوغادِ والسِّفَلِ /
ما لي وَمَا لهمُ خُلِّفت عندهمُ / وصحبةُ الضِّدِّ قرحٌ كلُّه أَلَمُ
أما دَرَى الدهرُ مَا وَقْعي وحَطِّهمُ / تَقدمتْني أناسٌ كَانَ شوطُهُمُ
وراءَ خَطْوِي ولو أمشي عَلَى مَهَل /
قَضوا حقوقَ العُلى لما بهم / وأَسلموني بقومٍ وُدُّهم سَمِجُ
كذا قضى الدهرُ أن يَسْتأسد الهَمَج / كذا جزاءُ امرئٍ أقرانُه دَرَجوا
من قبلِه فتمنَّى فُسحةَ الأَجَلِ /
تَصَدَّروا وتَدَلَّت لي بهم رُتَبُ / والذنبُ لي أنني رأسٌ وهم ذَنَبُ
عَلَوا عليَّ وهم دوني فلا رِيَبُ / وإن علاني من دوميَ فلا عَجَب
لي أُسوةٌ بانحطاط الشمسِ عن زُحَل /
تُصوِّب نحوِي الرماية عَيْنَها
تُصوِّب نحوِي الرماية عَيْنَها / كأني غَريم جئتُ أطلب دَيْنَها
فلما دنتْ مني وأَبدت لُجَينها / رمتْني وسترُ اللهِ بيني وبينها
عشيةَ أرام الكِناس رَميمُ /
إِذَا أنت لَمْ تسمع بِهَا وبصيتِها / وَلَمْ تدرِ من صَرْعَى العيون وميتِها
هدتْك بقَتْلاها مصابيحُ زيتها / رَميمُ الَّتِي قالت لجيران بيتها
ضمنتُ لكم ألا يزال يَهيمُ /
لقد صار حبي للمكَارِم دَيْدَناً
لقد صار حبي للمكَارِم دَيْدَناً / وقَطْعِي حُزونَ المجدِ أَشْهَى وأحسنا
ولستُ أُبالي شَطَّ حبي أدونا / وللخَوْد مني ساعةٌ ثُمَّ بَيْنَنا
فلاةٌ إِلَى غير اللقاءِ تُجاب /
ونفسي وإِن هانتْ عليَّ أَبيَّة / وصحبةُ أهلِ الفضلِ عندي شَهية
وبذلُ عزيزِ المالِ فيَّ سجية / وغير فؤادي للغواني رَميَّة
وغير بناني للزِّجاج رِكابُ /
إِذَا مُزعِجاتُ الدهرِ يوماً أَصبْننِي
إِذَا مُزعِجاتُ الدهرِ يوماً أَصبْننِي / وليلاتُ سوءٍ للبَلايا نَصَبنني
وسودُ الليالي بالرَّزايا أَشَبْنني / فلا تسألَنِّ كَيْفَ أنت فإنني
صبورٌ عَلَى رَيْبِ الزمان صَليبُ /
تجلدتُ كيما أن تُرى بي صَلابة / وأصبو وَمَا بي نَشْوَةٌ أَوْ صَبابة
وطِبتُ ونفسي بالزمانِ مُصابة / حريصٌ عَلَى أن لا يُرَى بي كآية
ويشمتَ عادٍ أَوْ يُساءَ حبيبُ /

المعلومات المنشورة في هذا الموقع لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع إنما تعبر عن رأي قائلها أو كاتبها كما يحق لك الاستفادة من محتويات الموقع في الاستخدام الشخصي غير التجاري مع ذكر المصدر.
الحقوق في الموقع محفوظة حسب رخصة المشاع الابداعي بهذه الكيفية CC-BY-NC
شبكة المدارس الإسلامية 2010 - 2025