المجموع : 9
مِنْ سِحْرِ عَيْنَيْكَ الأَمانَ الأَمانْ
مِنْ سِحْرِ عَيْنَيْكَ الأَمانَ الأَمانْ / قَتَلْتَ رَبَّ السَّيْفِ وَالطَّيْلَسانْ
أَسْمَرُ كالرُّمحِ لَهُ مُقْلَةٌ / لَوْ لَمْ تَكُنْ كَحْلاءَ كانَتْ سِنانْ
أهْيَفُ عَبْلُ الرِّدْفِ حُلْوُ اللَّمى / مُرُّ الْجَفا قاسٍ رَطيبُ البَنان
يَزْدادُ إِذْ أَشكوُ لَهُ قَسْوَةً / وَلَوْ شَكَوْتُ الْحُبَّ لِلصَّخْرِ لاَن
سَاقٍ سَها رِضْوانُ عَنْ حِفْظِهِ / فَفَرَّ مِنْ جُمْلَةِ حُورِ الجِنان
بَدْرٌ وِكأْسُ الرَّاحِ شَمْسُ الضُّحى / يا قَوْمُ ما أسْعَدَ هذا القِران
تَوَقَّدَتْ حُمْرَةُ لأَلائِها / كَأنّها بَهْرَمُ أو بَهْرَمان
بِخَدِّهِ أو طَرْفِهِ أو جَنى / لَماهُ سُكرْي لا بِبِنْتِ الدِّنان
يا لائِميْ دَعْني فَإنّي فَتىً / ما تَرَكَ الحُّبُّ بِقَلْبيْ مَكان
لا تَسَلِ العاشِقَ عَن حالهِ / فَدَمْعُهُ عَنْ قَلْبِهِ تَرْجُمان
لَولا دُموعِي وَالضَّنى لَمْ أَبُحْ / قَد يَنْطِقُ المَرْءُ بِغَيْرِ اللَّسان
أَعَزَّنِي موسى وَلَولا هوى / مُعَذِّبي ما ذُقْتُ طَعْمَ الْهَوان
الْمَلِكُ الأشْرَفُ شاهَ ارْمَنٍ / مُظَفَّرُ الدِّينِ كَريمُ الزَّمان
وَاللَّه لَو قِيسَ بِهِ حاتِمٌ / لَقَلَّ ما قَدْ قِيلَ عَنْهُ وَهَان
ذا مَلَأَ الأَرْضَ بِإحْسانِهِ / وَذاكَ يَمْتَنُّ بِمَلءِ الجِفان
يَرْوِي العُلى عَن نَفْسِهِ عَن أبٍ / عالٍ فَما فِي نَصِّهِ عَنْ فُلان
قَد نَظَمَ اللَّهُ لَهُ نِسْبَةً / كَالدُّرِّ تَجْلوهُ نُحورُ الحِسان
طَلْقُ النَّدى طَلْقُ الحَيا طَلْقُ نَصْ / لِ السَّيْفِ طَلْقُ الأَمْرِ طَلْقُ الِّلسان
يَقولُ مَن يَسْمَعُ أَلْفاظَهُ / هذا جِنانٌ يانِعٌ أَم جَنان
لَهُ عَلَى وَقْعِ الظُّبى هَزَّةٌ / إِذْا التَقَى الجَمْعانِ يَوْمَ الرِّهان
صُلَّتْ وَصَلَّتْ فِي رُؤوسِ العِدى / كَأنَّ في الإِذْانِ مِنْها أدان
مَوْلايَ جُدْ وَانْعِمْ وَصِلْ وَاقْتَدِرْ / وَافْتِكْ فَما تَفْرَجُ أُمُّ الجَبان
وَارْكَبْ جَوادَ الدَّهْرِ وَاسْبِقْ إلى / ما تَشْتَهِيهِ قَدْ مَلَكْتَ العِنان
دُمْتُمْ بَنِي أَيُّوبَ فِي نِعْمَةٍ / تَجوزُ فِي التَّخْلِيدِ حَدَّ الزَّمَان
وَاللَّهِ لا زِلْتُم مُلوكَ الوَرَى / شَرْقاً وَغَرْباً وَعَلَيَّ الضَّمَان
رُضابُكَ راحي آسُ صُدْغَيْكَ رَيْحانِي
رُضابُكَ راحي آسُ صُدْغَيْكَ رَيْحانِي / شَقيقي جَنَى خَدَّيْكَ جِيدُكَ سُوسانِي
وَبَيْنَ النَّقا وَالْبَدْرِ تَهْتَزُّ بانَةٌ / لَها ثَمَرٌ مِنْ جُلَّنارِ وَرُمَّان
غَزالٌ رَخيمُ الدَّلِّ يُطْمِعُ أُنْسُهُ / ومَا صِيدَ إلاّ فِي حَبائِلِ أَجْفانِي
مِن التُّرْكِ فِي خَدَّيْهِ لْلحُسْنِ جَنَّةٌ / بِمالِكِها مَحْروسَةٌ لا بِرِضوانِ
تُظَنُّ رِياضُ الخَدِّ مِنْهُ مُباحَةً / ونَاظِرُهُ النَّاطورُ يَجْني عَلى الجَاني
تَعَمَّمَ بَيْنَ الشَّرْبِ بِالشَّرْبِ مُذْهَباً / فَلاحَ لَنا بَرْقٌ عَلى قَمَرِ ثَان
سَلَبْتَ كَرَى الأَجْفانِ يا سِحْرَ جَفْنِهِ / فَلَسْتَ تُرَى مِن بَعْدِها غَيْرَ وَسْنان
رَماني بِسَهْمِ اللَّحْظِ عَن قَوْسِ حاجِبٍ / فَهَلْ حاجِبٌ مِن بَيْنِ عَيْنَيْهِ أَصْماني
أَغارُ عَلى عَيْنَيْهِ لِلْغَيْرِ أَنْ تَرى / فَيَقْتُلُني إنْ صابَ أَوْ هُوَ أَخْطاني
بِحَقِّ الهَوى يا طَيْفُ إِلاَّ حَمَلْتَني / فَجِسْمي مِنَ الْبَلْوَى وَجِسْمُكَ سِيَّان
أُعانِقُ جِسْماً أَشْبَهَ المَاءَ رِقَّةً / وَأَطْفِي بِبَرْدِ الثَّغْرِ حُرْقَةَ أَشْجانِي
عَسَى قَلْبُهُ يُعْدِيهِ قَلْبي بِرِقَّةٍ / كَما جَفْنُهُ الْفتَّانُ بِالسُّقْمِ أَعْداني
لَئِنْ كَانَ يَنْسى عَقْدَ عَهْدِ مَوَدَّتي / فَلِي مَلِكٌ مِن فَضْلِهِ لَيْسَ يَنْساني
أَبو الْفَتْحِ موسى الأَشْرَفُ الْمَلِكُ الذي / يَلُوحُ كَبَدْرِ التَّمِّ بَيْنَ القَنا القَاني
فَتَخُضَرُّ طَوْراً مِن نَدى بَطْنِ كَفِّهِ / وَتَذْبِلُ طَوْراً مِن سُطاهُ بِنيرَان
يُلاعِبُ عِطْفَيْهِ مِنَ التَّيهِ طَرْفُهُ / وَيَمْشِيِ بِهِ مِن عُجْبِهِ مَشْيِ سَكْران
قَوائِمُهُ مِثْلُ الْقَوَادِمِ إِنْ جَرى / وَهَلْ راكِبٌ لِلرِّيحِ غَيْرَ سُلَيمان
وَمَنْ كانَ نَصْلُ السَّيْفِ خاتَمَ مُلْكِهِ / أَيَنْزِعُهُ مِنْ كَفَّهِ خَطْفُ شَيْطان
كَريمٌ أَما اسْتَحْيَى الحَيا مِن يَمِينهِ / يَضِنُّ بِماءٍ وَهْوَ يَسْخُو بِعِقْيان
وَلَيْسَ الْتِطامُ الْبَحْرِ إلاَّ فَضِيحةً / إِذْا مِلْحُهُ لَمْ يُرْوِ غُلَّةَ ظَمْآن
مَليكٌ مُلُوكُ الأرْضِ تَحْتَ لِوائِهِ / فَكُلُّهُمُ عانٍ وَكُلٌّ لَهُ عان
فَكِسْرى بِإيوانٍ تَعاظَمَ مُلْكُهُ / وَشاهَ ارْمَنٍ مِن بَعْضِ أَسْراهُ إِيواني
أَعانَ أخاهُ بِاْسمِهِ وَبِجَيْشِهِ / وَلا تَنْفُذُ الأقْدارُ إلا بِسُلْطان
وَلَيْسَ الَّذي يَبْني الْحِجارَ عَلى الثَّرى / كَبانِي رَواسي مَجْدِهِ فَوُقَ كِيوان
تَرَحَّلَ عَن مافارقيْنَ بِرَغُمِها / وَمالَ بِهِ فَرْطُ الحُنِّو عَلى حانِي
وَعاجَ بِذِي الْقَرْنَيْنِ مُنْخَرِطاً إلى / جَبَلْجُورَ حِصْنٍ ما بَنى مِثْلَهُ بان
قِلاعٌ عَلى النَّسْرِيْنِ خُطَّ أَساسُها / عُلُوّاً فَقَرْنُ الشَّمْسِ مِن دُونِها دان
مَنازِلُ لِلْبَدْرِ الْمُنيرِ يَحِلُّها / بِطالِعِ سَعْدٍ لا بِمَحْقٍ وَنُقْصان
سَيَمْلِكُ قُسْطَنْطِينَةَ الرُّومِ عَنْوَةً / وَيُخطَبُ عَن قُرْبٍ لَهُ فِي خُراسان
يا بارِقاً إِذْكَرَ الحَشَى حَزَنهْ
يا بارِقاً إِذْكَرَ الحَشَى حَزَنهْ / مَنْزِلُنا بِاْلعَقيقِ مَنْ سَكَنَهْ
وَمَرْتَعُ اللَّهوِ يانِعٌ خَضِرٌ / أَمْ غَيَّرَ الدَّهْرُ بَعْدَنا دِمَنَهْ
يا بَرْقُ هذا جِسمي يَذوبُ ضَنىً / وَمُهْجَتي بِالْعَقيقِ مُرْتَهَنهْ
يا برق أشكو عساك تخبرهم / وكل من هام يشتكي شجنه
بَلِّغْ حَدِيثَ الحِمى وَساِكِنهِ / لِمُغْرَمٍ أَنْحَلَ الْهَوى بَدَنَهْ
أَسْمِعْهُ ذِكْرِ الْحِبيبِ مُقْتَرِباً / فَقَدْ أَصَمَّتْ عُذَّالُهُ إِذْنَهْ
هُمْ آَنسُوهُ لكِنْ بوَحْشَتِهِمْ / وَنَفَّرُوا عَنْ جُفونِهِ وَسَنَهْ
أَشْقَى اُلْمحِبِّينَ عادِمٌ وَطَراً / فَكَيْفَ إنْ كانَ عادِماً وَطَنَهْ
سَقْياً لأِيَّامِنا التي سَلَفَتْ / كانَتْ بِطِيبِ الْوِصالِ مُقْتَرِنَهْ
لَوْ بِيعَ يَوْمٌ مِنْها وَكَيْفَ بِهِ / كُنْتُ بِعُمْري مُسْتَرْخِصاً ثَمَنَهْ
إلَيْكَ يا عإِذْلي فَلَسْتُ أَنا / أَوَّلَ صَبٍّ جَمالُهُمْ فَنَتَهْ
فَكَمْ لِنَفْسِي عَلَيَّ سَيِّئَةٌ / وَكَمْ لِمُوسى عَلَيَّ مِنْ حَسَنَهْ
مُجازِفٌ فِي عَطاءِ آمِلِهِ / مُحَرَّرُ الرَّأْيِ عِنْدَ مَن وَزَنَهْ
لِلأّجْرِ وَالشُّكْرِ خازِنٌ أَبَداً / وَلَمْ يَصُنْ مالَهُ وَلاَ خَزَنَهْ
مُؤَيَّدُ الرَّأيِ مَنْ يُنافِسُهُ / تَحْتَ حَضِيضِ الْخُمولِ قَد دَفَنَهْ
لَو لَمْ تُقَيِّضْ لِلْجُودِ راحَتُهُ / لَمَ نَعْتَرِفْ فَرْضَهُ وَلا سُنَنَهْ
لَهُ بَنانٌ يَسْدي لَنا مِنَحاً / وَمَنْ يُعاديهِ يَشْتَكِي مِحَنَهْ
خُذْ مِنْ حَديثِ شُؤونِهِ وَشُجونِهِ
خُذْ مِنْ حَديثِ شُؤونِهِ وَشُجونِهِ / خَبَراً تُسَلْسِلُهُ رُواةُ جُفُونِهِ
لَولا فَضيحَةُ قَلْبِهِ بِدُمُوعِهِ / ما زالَ شَكُّ رَقيبِهِ بِيَقِينِهِ
وَأَغَرَّ تُؤْيِسًني قَساوَةُ قَلْبِهِ / مِنْهُ وَيُطْمِعُني تَعَطُّفُ لِينِهِ
ما زالَ يَسْقي خَدَّهُ ماءَ الحَيا / حَتَّى جَنَيْتُ الْوَرْدَ مِنْ نِسْرينِهِ
وَإِذْا وَصَلْتُ بِشَعْرِهِ قِصَرَ الدُّجى / هَجَمَ الصَّباحُ بِثَغْرِهِ وَجَبينِهِ
خَفِرُ الدَّلالِ أُضُّمُه وَأهابُهُ / لِوَقارِهِ وَحَيائِهِ وَسُكونِهِ
قالَتْ رَوادِفُهُ وَلينُ قَوامِهِ / إيَّاكَ عَنْ كُثُبِ الحِمى وَغُصُونِهِ
أجْفانُهُ شَرَكُ الْقُلوبِ كأنّما / هاروتُ أوْدَعَها فُنونَ فُتونِهِ
ياقُوتُهُ مُتَبَسِّمٌ عَنْ لُؤْلؤ / حَجِلَتْ عُقودُ الدُّرِّ مِن مَكْنونِهِ
ساقٍ صَحيفَةُ خَدِّهِ ما سُوِّدَتْ / عَبَثاً بِلامِ عِذارهِ أو نُونِهِ
جَمَدَ الَّذي بِيَمِينِهِ فِي خَدِّهِ / وَجَرى الّذي فِي خَدِّهِ بِيَمِينِهِ
طَابَ الرَّبيعُ كأنّما عَجَنَ الصَّبا / كافورَ مُزْنَتِهِ بِعَنْبَرِ طينهِ
وَتَفضَّضَتْ أزْهارُهُ وَتَذَهَّبَتْ / فَكَأَنَّها الطّاووسُ فِي تَلْويِنهِ
وَجَلَتْ جَبينَ النَّهْرِ طُرَّةُ ظِلِّهِ / مُذْ جَعَّدَتْها الرِّيحُ فَوْقَ غُصونِهِ
وَالطّيْرُ تُنْشِدُ بِاخْتِلافِ لُغاتها / موسى أدامَ اللَّهُ فِي تَمْكِينِهِ
موسى الّذي أنِفَتْ شَهامَةُ عَزْمِهِ / أنْ يِسْتَمِدَّ النَّصْرَ مِن هارونِهِ
مَلِكٌ بِأَسْرارِ الْغُيوبِ مُكاشَفٌ / فَظُنونُهُ تُغْنيهِ عَنْ جِبْرِينِهِ
مَلِكٌ غِرارُ السَّيْفِ خَيْرُ دُروعهِ / وَالصَّافِناتُ الجُرْدُ خَيْرُ حُصُونِهِ
مَلِكٌ يُرَى بَيْنَ الصَّوارِمِ وَالقَنا / كالَّليثِ فِي أَشبالِهِ وَعَرينِهِ
مَلِكٌ إِذْا ما جاشَ بَحْرُ جُيوشِهِ / مَلأ المَلا بِسُهولِهِ وَحُزونِهِ
لَو كانَ بَيْنَ يَدَي عَلِيٍّ مِنهُمُ / صَفٌّ لحَازَ النَّصْرَ فِي صِفِّينِهِ
يا مَنْ لَهُ بِشْرُ يُبَشّرُ وَفْدَهُ / فَالعُرفُ يُعْرَفُ مِنْ وَفاء ضَمِينِهِ
وَلَهُ سَبيلُ الحَجِّ يُمْزَجُ شَهْدُهُ / فِي الحَرِّ للصَّادي بِبَرْدِ مَعِينِهِ
إبِلٌ يَغُصُّ بِها الفَضاءُ كَأنَّها / شَجَراً أتَت مِن أُكُلِها بِفُنُونِهِ
يَحْمِلْنَ مُنْقَطِعَ المُشاةِ كَأَنَّهُ / فِي بَطْنِ أُمٍّ مَهَّدَتْ لِجَنينِهِ
لَمَّا دَعا داعِيهِ أَعْلَنَ بِاسمِهِ / فَتَشارَكَ الثّقلانِ فِي تَأمِينِهِ
طَرِبَتْ لَهُ عَرَفاتُ وَاهتَزَّ الصَّفا / وَالبَيْتُ مَع أَركانِهِ وَحَجونِهِ
لَوْ كانَ لِلحَجَرِ الشَّريفِ فَمٌ شَكا / ما عِندَهُ مِن شَوقِهِ وَحَنِينهِ
ضَحَّى الحَجيجُ عَلى مِنىً وَسُيوفُهُ / فِي الشّركِ تَسقِي العِلْجَ ماءَ وَتِينِهِ
ما كُلُّ مَنْ صَنَعَ الجَميلَ مُوَفَّقٌ / كَلاّ وَلا رَبُّ السَّما بِمُعِينهِ
يا مَنْ عَلى كَرَمِ الطِّباعِ يَلومُهُ / ما لُمْتَ إِلاَّ اللَّهَ فِي تَكوينِهِ
اللَّهُ أَهَّلَهُ لِرَحْمَةِ خَلْقِهِ / وَصَلاحِ دُنياهُ وَرَحْمَةِ دِينِهِ
تَعالى اللَّهُ ما أَحَسْن
تَعالى اللَّهُ ما أَحَسْن / شَقيقاً حُفَّ بِالسَّوْسَنْ
خُدودٌ لَثْمُها يُبْرِي / مِنَ الأَسقامِ لَوْ أَمْكنْ
فَما تُجْنى وَحارِسُها / بِقُفْلِ الصُّدْغِ قَد زَرْفَنْ
غَزالٌ ضَيِّقُ الأجْفا / نِ يَسبِي الرَّشَأَ الأَعْيَنْ
لَهُ قَلْبٌ وَأَعْطافٌ / فَما أَقْسى وَما أَلْيَنْ
وَلَمْ أَرَ قَبْلَ مَبْسِمِهِ / صَغيرَ الجَوهَرِ المُثْمِنْ
فُتِنْتُ بِحُسْنِ صُورَتِهِ / وَمَنْ يَهْوَ الدُّمى يُفْتَنْ
عَزيزٌ يُوسُفِيُّ الحُسْ / نِ لَمْ يُشْرَ وَلَمْ يُسْجَنْ
قَدِ ابْيَضَّتْ بِهِ عَيْنِي / وَلِلمَهْجورِ أَنْ يَحْزَن
أَبُثُّ هَواهُ مِن خَوْفٍ / لِنَجْمِ اللَّيْلِ لَمَّا جَنّْ
وَما يَنْفَعُ كِتْمانِي / وَدَمْعُ العَيْنِ قَدْ أَعْلَنْ
وَكَمْ أَسْكَنْتُهُ قَلْبي / فَسارَ وَأَحْرَقَ الْمَسْكَنْ
فَأُنْسِي بَعْدَ وَحْشَتِهِ / بِنَظْمِ مَديحِ شَاهَ ارْمَنْ
كَريمٌ باسلٌ قَتْلا / هُ فِي نَقْعِ الوَغى تُدْفَنْ
عَلى الأمْوالِ وَالأَعْدا / ءِ كَمْ مِنْ غَارَةٍ قَدْ شَنّْ
فَما يَنْفَعُ مَنْ يَلقا / هُ دِرْعٌ لا وَلا جَوْشَنْ
رَصينُ الجَأْشِ لَمَّا جا / شَ بَحْرُ خَمِسِيهِ الأَرْعَنْ
عِجافٌ خَيلُهُ وَالوَحْ / شُ يَوْمَ نِزَالِهِ تَسْمَنْ
لَهُ بِشْرٌ لِسائِلِهِ / كَفِيلٌ بِالنَّدى يَضْمَنْ
وَمَنٌّ لا يُكَدِّرُهُ / عَليْنا بِالأذَى وَالمَنّْ
فَذاكَ المَالُ مَبْذولٌ / وَذَاكَ العِرْضُ ما أَصْوَنْ
مَلَكْتَ الأَرضَ يا مُوسى / وَعِنْدَكَ قَدْرُها أَهْوَنْ
فَأَوْرِدْ خَيْلَكَ الدُّنْيا / فَكُلُّ مَدينَةٍ مَدْيَنْ
مَلأتَ الأَرْضَ إِحْساناً / وَغَيرُكَ يَمْلأُ المَخْزَنْ
لَهُ نُوْرٌ إِلَهيٌّ / لِرَوْنَقِ حُسْنِهِ زَيِّنْ
وَجَودٌ يَجْبُرُ العافِي / وَبَأْسٌ لِلْعِدى أَوْهَنْ
فَهذا يُنْطِقُ الأَلْكَنْ / وَهذا يُخْرِسُ الأَلْسُنْ
صَلاةُ صِلاتِهِ قَامَتْ / وَحَيَّ عَلى النَّدى أَذَّنْ
فَلَوُ عَلِمَ المُؤَرِّخُ ما / تَغالى فِي الَّذي دَوَّنْ
أَيا مَوْلايَ زالَ البَأْ / سُ وَالبُرْءُ قَدِ اسْتَمْكَنْ
لَكَ الحَسْنى وَرَبُّكَ لا / يُضَيِّعُ أَجْرَ مَنْ أَحْسَنْ
مالِي وَلِلتَّشْبِيبِ بِالأوْطانِ
مالِي وَلِلتَّشْبِيبِ بِالأوْطانِ / لي شاغِلٌ بِجَمالِكَ الْفَتَّانِ
الرِّيقُ وَالثَّغْرُ الْعُذَيْبُ وَبارِقٌ / وَقَباكَ مَزْرورٌ عَلى نُعْمانِ
وَسْنانٌ حُورِيُّ الصِّفاتِ كَأَنَّهُ / مَلَّ الْجِنانَ فَفَرَّ مِن رِضْوانِ
طالَتْ عَلى عِطْفَيْهِ لَيْلَةُ شَعْرِهِ / فَتَرَنَّحا كالْعاشِقِ الْوَلْهانِ
وَاخْضَرَّ فَوْقَ الْوَرْدِ آسُ عِذارِهِ / فَعَجِبْتُ لِلْجَنَّاتِ فِي النِّيرانِ
جُنَّتْ بِمَنْظَرِهِ الْبَديعِ عُيونُنا / فَتَسَلْسَلَتْ بِمَدامِع الأَجْفانِ
غَزَلِيْ بِهِ وَمَديحُ موسى رَوْضَةٌ / جَمَعَتْ فُنونَ الْحُسْنِ وَالإِحْسانِ
مَلِكٌ بِهِ اخْضَرَّ الزَّمانُ كأنَّما / أيَّامُ دَوْلَتِهِ رَبيعٌ ثانِ
أَثْرى ثَراهُ بَعْدَ مَحْلِ مَحَلِّهِ / بِدَوامِ سَحَّ سَحابِهِ الْهَتَّانِ
فَلِكُلِّ غادِيَةٍ رَحيقٌ سَلْسَلٌ / وَلِكُلِّ غُصْنٍ هِزَّةُ النَّشْوانِ
وَالنَّهْرُ خَدٌّ بِالشُّعاعِ مُوَرَّدٌ / قَد دَبَّ فِيهِ عِذارُ ظِلِّ الْبانِ
وَالْمَاءُ فِي سُوقِ الْغُصونِ خَلاخِلٌ / مِنْ فِضَّةٍ وَالزَّهْرُ كالتِّيجانِ
فَكَأَنَّ طائِرَها خَطيبٌ مصْقَعٌ / قَد قامَ فَوْقَ مَنابِرِ الأَغْصانِ
يَشْدو وَأُنْشِدُ فَالْمَدائِحُ بَيْننا / تُهْدى إلى موسى بِكُلِّ لِسانِ
اشْرَبْ ثَلاثاً يا نَديمُ وَسَقِّني / وَاطْرَبْ لِعُجْمَةِ نُطْقِهِ وَبَيانِي
كأْساً إِذْا صافَحْتُها أَثْرَتْ يَدِي / مِنْ فِضَّةٍ مُلِئَتْ مِنَ الْعِقْيانِ
حَمْراءُ رَصَّعَها الْحَبابُ بِجَوْهَرٍ / كَالزَّهْرِ فِي مَرْجٍ مِنَ الْمَرْجانِ
وَاللَّهِ لَوْ عَقَلَ الْمَجوسُ لِكاسِها / جَعَلُوُه بَيْتَ عِبادَةِ النِّيرانِ
سُكْرُ الْمُدامِ وَشُكْرُ موسى مَذْهَبي / فَلَقَدْ مَحَوْتُ بِطاعَتي عِصْيانِي
شُغْلِي مَدائِحُهُ وَغَيْري لَمْ يَزَلْ / كالْبومِ يَنْدُبُ دارِسَ الْجُدْرانِ
لَلْبِيدِ وَالْكُومِ الرَّواسِمِ مَعْشَرٌ / عَدَلَ الزَّمانُ بِشَأْنِهِمْ عَنْ شَانِي
سِيَما إِذْا الْتَهَبَ الْهَجيرُ وَحَوَّمَتْ / فَوْقَ السَّرابِ حُشاشَةُ الظَّمْآنِ
وَالشَّمْسُ تُرْسِلُ فَضْلَ خَيْطِ لُعابِها / تَمْتاحُ مِن عَطَشٍ ثَرى الْغُدْرانِ
يَشْوِي الْوُجوهَ سُمومُها فَكَأَنَّما أعْ / تاضُوا عَنِ الأَكْوارِ بِالْكيرانِ
فَعلامَ أُلْقِي لِلْمَهالِكِ مُهْجَتي / وَالأَشْرَفُ السُّلْطانُ قَدْ أغْنانِي
طَرَدَ الْقَنِيصَ بِكُلِّ ضارٍ ضامِرٍ / مِنْ مِخْلَبَيْهِ مُقَرَّطِ الآذانِ
وَبِكُلِّ مُرْدَفَةٍ مُغَلْغَلَةٍ لَها / فِي كُلِّ عُضْوٍ مُقْلَةُ الْغَضْبانِ
تُرْكِيَّةٍ سُبِيَتْ فَسالَ بِخَدِّها / ما كانَ مِنْ كُحْلٍ عَلى الأجْفانِ
قُلْنا وَشِلْوُ قَنِيصِها فِي صَدْرِها / هذا عِناقُ الْعاشِقِ الْوَلْهانِ
لَوْ قالَ موسى أجِرْنِي مِنْهُما / لَنَجا وَأصْبَحَ فِي أعَزِّ أمانِ
موسى الّذي أَزْرى بِكِسْرَى وَاعْتَلى / فِي أَسْرِ إِيواني عَلى الإِيوانِ
لَبَّى أَخاهُ مِنَ الْجَزِيرَةِ بَعْدَما / سَدَّتْ عَلَيْهِ الْكُرْجُ كُلَّ مَكانِ
بِجَحافِلٍ زُمْرُ الْمَلائِكِ فَوْقَها / مَحْفوفَةٍ بِخواطِفِ الْعِقْبانِ
لا يَهْتَدونَ إِذْا ادْلَهَّم عَجاجُهُمْ / إِلاَّ بِشُعْلَةِ صارِمٍ وَسِنانِ
فَجَلا عَن الإِسْلامِ ظُلْمَةَ كُفْرِهِمْ / وَأَعادَهُ لِلْعِزِّ بَعْدَ هَوانِ
طَهَّرْتَ أَرْمينِيَّةً فاسْتَبْدَلَتْ / مِنْ دَقَّ ناقُوسٍ بِصَوْتِ أَذانِ
نَفَذَتْ جُسُومَهُمُ الرِّماحُ كَأَنَّهُمْ / بَعْضَ الَّذي حَمَلُوا مِنَ الصُّلْبانِ
يا مَنْ يُصَدِّقُ مادِحيْهِ كَأَنَّهُمْ / يَتْلُونَ آيَاتٍ مَنَ الْقُرْآنِ
يا مَنْ يَرَى أَيْدي العُفاةِ لِمالِهِ / أَكْفى الْكُفاةِ وَأَوْثَقَ الْخَزَّانِ
يا مَنْ يَرى أَنَّ الثَّناءَ ذَخيرَةٌ / تَبْقى عَلَيْهِ وَكُلَّ شَيْءٍ فانِ
أَغْلَيْتَ أَعْلاقَ الْمَحامِدِ بَعْدَما / كانَتْ تُباعُ بِأَرْخَصِ الأثْمانِ
شَوَّالُ مِثْلكَ مُطْعِمٌ فَلأِجْلِ ذا / أَضْحى لَهُ فَضْلٌ عَلى رَمَضانِ
فَتَهَنَّ يا مَلِكَ الْمُلوكِ بِعيدِهِ / فِي ظِلِّ مُلْكِ دائِمِ السُّلْطانِ
يا مَن حَكَى الجَنَّةَ فِي خَيْمَةٍ
يا مَن حَكَى الجَنَّةَ فِي خَيْمَةٍ / بَوّابُها الْمُحْسِنُ رِضْوَانُ
الإِنْسُ وَالْوَحْشُ قِيامٌ بِها / وَالطَّيْرُ أجْناسٌ وَألْوَانُ
يا سَيِّدَ الأمْلاكِ بَيِّنْ لَنا / أَأَنْتَ موسى أَمْ سُلَيمانْ
حَدِيثُ دَمْعِي عَن غَرامِي شُجُونْ
حَدِيثُ دَمْعِي عَن غَرامِي شُجُونْ / تًنْقُلُهُ عَنِّي رُوَاةُ الجُفُونْ
عَجِبْتُ مِن صِحَّةِ أَخْبارِهَا / وَقَدْ تَجَرَّحْنَ بِدَمْعٍ هَتُونْ
بِمُهْجَتِي أَحْوَرُ قَد جَمَّعَتْ / جُفونُهُ المُرْضَى فُنُونَ الفُتونْ
صِيْغَ مِنَ الدُّرِّ وَحاشاهُ أَنْ / يَحُوْلَ فِي مَجْلِسِنَا أَوْ يَخُونْ
مِغْنَطْيِسَ الخَالِ عَلى خَدِّهِ / يَجْذِبُ بِالْحُسْنِ حَدِيدَ العُيونْ
أَحْسَنَ وَرّاقُ العِذارِ الّذي / فَتَّحَ عِندَ النّاسِ ما يَسْطُرونْ
سَأْلْتُهُ يَمْنَحُنِي قُبْلَةً / فَقالَ هذَا أَبَداً لا يَكُونْ
أَدِرْ دَنانِيْراً فَقَدْ نَثرَتْ / دَرَاهِمَ النَّورِ بَنانُ الغُصُونُ
عَوِّذْ جَنانِي مِن جُنونِ الهَوَى / مِنْ لاَمِ صُدْغَيْهِ بِقافٍ وَنُونْ
فَلا رَعَى اللَّهُ زَمانِي لَقَدْ / هَوَّنَ مِنْ أَمْرِيَ ما لا يَهُونْ
أَلَسْتَ مِن قَوْمٍ إِذْا ما دَجَا / لَيْلُ المُنَى بِالنَّجْمِ هُمْ يَهْتَدونْ
إِذْا رَأَيْتُ الهِلالَ وَالغُصُنَا
إِذْا رَأَيْتُ الهِلالَ وَالغُصُنَا / ذَكَرْتُ قَدّاً وَمَنْظَراً حَسَنَا
مُهَفْهَفُ القَدِّ ما رَنا وَدَنَا / إلاَّ رَأَيْتُ الغَزالَ وَالغُصُنَا
كَالرَّوْضِ عَرْفاً وَبَهْجَةً وَجَنىً / وَالبَدْرِ حُسْناً وَرِفْعَةً وَسَنَا
جِسْمِي أَلِفْتُ السَّقامَ فِيهِ كَما / أَنَّ جُفونِي لا تَعْرِفُ الوَسَنَا
لِلّهِ كَمْ لَيْلَةٍ نَعِمْتُ بِها / ما شَابَها قَطُّ رِيْبَةٌ وَخَنَا
أَيَّامَ كانَ الحَسُودُ فِي سِنَةٍ / فَانْتَبَهَتْ عَيْنُهُ فَفَرَّقْنَا