المجموع : 6
تلك البوارق حاديهن مرنان
تلك البوارق حاديهن مرنان / فما لطرفك يا ذا الشجو وسنان
شجت صوارمها الأرجاء واهتزعت / تزجي خميسا له في الجو ميدان
تبجست بهزيم الودق منبثقا / حتى تساوت به أكم وقيعان
سقى الشواجن من رضوى وغص به / سر وجوف وغصت منه جرنان
وجلل السهل والأوعار معتمدا / ربوع ما ضم عندام وجعلان
وراث ينصح للجرداء ساحتها / وطم ما رد صفنان وصحنان
يريق في الجو منه ريق هطل / في لوحة من سناء البرق ألوان
ان هيج البرق ذا شجو فقد سهرت / عيني وشبت لشجو النفس نيران
وصير البرق جفني من سحائبه / يا برق حسبك ما في الأرض ظمأن
اني أشح بدمعي أن يسح على / أرض وما هي لي يا برق أوطان
هبك استطرت فؤادي فاستطر رمقي / الى معاهد لي فيهن أشجان
تلك المعاهد ما عهدي بها انتقلت / وهن وسط ضميري الآن سكان
نأيت عنها ولكن لا أفارقها / بلى كم افترقت ورح وجثمان
وكيف أنسى عهودي في مسارحها / وهن بين جنان الخلد بطنان
أم كيف يمكن سلواني فضائلها / نعم لدي لذا السلوان سلوان
معاهد ساقني منها محاسنها / ان شاق غيري آرام وغزلان
لها على القلب ميثاق يبوء به / ان باء بالحب في الأوطان إيمان
نزحت عنها بحكم لا أغالبه / لا يغلب القدر المحتوم انسان
كأنني واغترابي والغرام بها / حي قضى خلفته بعد احزان
هي النوى جعلتني في محاجرها / مثل الخيال وروحي ثم جثمان
أعيش في غربة عيش السليم على / رغمي وليس الى الترياق امكان
يا برق حرك همومي ان تكن سكنت / فكل حظي تحريك واسكان
ما زال ينشط بي همي وأصبره / وناشط الهم لا تزويه ارسان
يا برق هل والحنايا من ضعاضع قاد / التام فالطف حياهن هتان
وهل ذرى القفص فالمقراة معشبة / وهل قطين بعليا قاعر بانوا
عهدي بها ونضير العيش يصحبها / والدهر في غفلة والشهب اخوان
نشأت فيها وروضاتي ومرتبعي / روح الفضيلة لارند وريحان
ارتاح فيها الى "خل" فيبهرني / صدق وقصد ومعروف وعرفان
فحال حكم النوى بيني وبينهم / هنا تيقنت أن الدهر خوان
حتى م يا دهر لا تبقى على بشر / حر وحتى م ضيم الحر احسان
أكل رأيك حربي أم لها أمد / فان عهدي وللحالات ألوان
حل العقال وأطلقني الى سعتي / ففي سجونك للميدان فرسان
يا دهر يا باخس الأحرار حقهم / اعط العدالة ان الله ديان
فيم التقصي بأهل الفضل ان نقصت / حسناك زادوا وان شان الورى زانوا
لا يثقلون وان خفت عيابهم / عن الندى ولهم بالحلم رجحان
أخفى غبارك يا دهري محاسنهم / فان دعوتهم في نكبة بانوا
أن تعرف الحق فيهم لم تذد أسدا / عن الورود وعير الحي ريان
يا ناقل العيس من عليا (بدية) ح / يث اليحمد الحائزون المجد قطان
خلف وراءك (عزا) (والمضيرب) وال / دريز "والقابل" الراسي بها الشان
وخل (ابراء أعلاها وأسفلها ) / حيث القطين ملوك الناس قطحان
(وخذ) بأوجهها عن ساحتي (سمد) / مياسر (الفتح حيث الحي كهلان)
ودع وراءك ان غربت (أخشبة) / تجري المجرة فيها وهي (سدران)
(ويا من(الدوح)(والخضراء) منتحيا / افناء حلفين حيث السوح جرنان)
واعمد الى (الجوف) واستظهر أسافلها / أرض لعامر أهل الفضل أوطان
وافرق بها البيد حتى يستبين لها / ( فرق) على "بيضة الاسلام"(1) عنوان
فان تيامنت الحوراء شاخصة / لها مع السحب أكناف وأحضان
فحط رجلك عنها انها بلغت / "نزوى" وطافت بها للمجد أركان
فطالما وخدت تبغي لبانتها / كأنهن مع الانضاء عقبان
انزل فديتك عنها ان حاجتها / عدل وفضل وانصاف واحسان
انزل فديتك عنها ان وجهتها / تخت الأئمة مذ كانت ومذ كانوا
هنالك انزل وقبل تربة نبتت / بها الخلافة والأيمان ايمان
انزل على عرصات كلها قدس / للحق فيهن أزهار وأفنان
انزل على عذبات النور حيث حوت / أئمة الدين بطنان وظهران
حيث الملائكة احتلت مشاهدهم / لها على الحل والتعريج ادمان
أرض مقدسةقد بوركت وزكت / تنصب فيهامن الأنوار معنان
ما طار طائرها لله محتسبا / له جناحان ايقان وعرفان
إلا وقام يمين الله ساعده / والفتح والنصر والتأييد أعوان
ميمونة بركات الله تنفحها / واليمن يثمره علم وإيمان
رست بها هضبة الاسلام من حقب / وان قضت باستتار العدل أحيان
قديمة الذكر عاذ الدين عائذها / من يوم أصبح توحيد وقرآن
قامت بها قبة الاسلام شامخة / حتى تواضع بهرام وكيوان
ولم تزل عرصة للعدل عاصمة / للاستقامة فيها الدهر سلطان
كم أشهر الله فيها من حسام هدى / كأنها لسيوف الله أجفان
كنانة لهام الله ما فرغت / مذ كان للجور سلطان وشيطان
بحجة الله قامت في الشقاق لها / بدين ذي الثفنات الحبر ايقان
لسرها واختصاص الله قائمها / بالنصر والفتح برهان وبرهان
تعاقبت خلفاء الله منصبها / منذ (الجلندى) وختم الكل (عزان)
أئمة حفظ الدين الحنيف بهم / من يوم قيل لدين الله أديان
صيد سراة أباة الضيم أسد شرى / شمس العزائم أو اهوان رهبان
سفن النجاة هداة الناس قادتهم / طهر السرائر للاسلام حيطان
تقيلوا مدح القرآن أجمعها / اذا استحق مديح الله ايمان
جدوا الى الباقيات الصالحات فلم / يفتهم في التقى سر واعلان
على الحنيفية الزهراء سيرهم / والوجه والقصد ايمان واحسان
بسيرة العمرين استلأموا وسطوا / لشربة النهروان الكل عطشان
صعب الشكائم في ذات الاله فان / حناهم الحق عن مكروهة لانوا
مسومين لنصر الله أنفسهم / أرواحهم في سبيل الله قربان
سبق إلى الخير عن جد وعن كيس / دانوا النفوس فعزت حيثما دانوا
سيماهم النور في خلق وفي خلق / وهديهم سنة بيضاء تبيان
مقيدون بحكم الله حكمتهم / وهمهم حيثما كان الهدى كانوا
هم أسمع الناس في حق وأبصرهم / وفي سواه هم صم وعميان
لم تلههم زهرة الدنيا وزخرفها / اذ همهم صالح يتلوه رضوان
باعوا بباقية الرضوان فانيهم / كأن لذة هذا العيش أوثان
وقف على السنة البيضاء سعيهم / وفي الجهادين ان عزوا وان هانوا
ما زايلت خطوة المختار خطوتهم / ولا ثنى عزمهم نفس وشيطان
فجاهدوا واستقاموا في طريقته / عزومهم لصروح الدين أركان
وسلطوا بحدود الله حكمهم / حتى استقام لحكم الله سلطان
أولئك القوم أنواري هديت بهم / عقبى محبتهم عفو وغفران
أئمتي عمدتي ديني محجتهم / غوثي اذا ضاق بي في الكون امكان
لا يقبل الله دينا غير دينهم / ولا يصح الهدى الا بما دانوا
من عهد بدر وأحد لا تزعزعهم / عن موقف الحق أزمات وأزمان
حقيقة الحق ما دانوا به وأتوا / ما عداه أخاليط وخمان
ان يشرف الناس في الدنيا بثروتهم / فثروة القوم اخلاص وايقان
لله ما جمعوا لله ما تركوا / لله ان قربوا لله ان بانوا
أزكى الصنيعين ما كان الهدى معه / لديهم وله في الحق رجحان
تراهم في ضمير الليل صيرهم / مثل الخيالات تسبيح وقرآن
هم الأباضية الزهر الكرام لهم / بعزة الله فوق الخلق سلطان
لا يعرف العدل الا في استقامتهم / لم يوف الا لهم في العدل ميزان
في الذب عن حرمات الله شأنهم / لا شأن دنياهم نيل وحرمان
رضوا ببلغة محياهم على خطر / منها كأنهم بالبلغة اختانوا
سيما التعفف تكسوهم جلال غنى / فالقلب في شبع والبطن خمصان
سمت الملوك وهدى الأنبياء على / أخلاقهم فكأن الفقر تيجان
تمثلت لهم الدنيا فما جهلوا / حقيقة الأمر ان العيش ثعبان
جازوا الجسور خفاف الحاذ وقرهم / زهد وخوف واصبار وشكران
فاز المخفون من دار الغرور فلا / خوف عليهم ولا بالقوم أحزان
مضوا وآثارهم نور وذكرهم / رحمى ومضجعهم روح وريحان
تتابعوا دولة في أثر سابقة / كما جلى الرسل أحيان فأحيان
حتى انجلى الكوكب الدري فانكشفت / بنوره عن وجوه الحق أغيان
هنالك انبعثت روح الحياة الى / جسم الوجود وقد أراده طغيان
وقام للحق شأن بعدما لغيت / من الكوارث أحكام وأديان
واصلت الله أصليتا يحس به / سواعدا شدها بغي وكفران
وأعرب الكون عن بشرى ضمائره / فالكائنات أغاريد وألحان
أمنية رقب الاسلام طلعتها / أتاحها الله لم يضرب لها آن
وللأماني أوقات اذا قدرت / وللأماني آيات وايذان
تمنعت في خدور الغيب آونة / ثم انجلت فانجلى عدل واحسان
ما ساورتها صروف الدهر اذ نجمت / وما لرد مراد الله امكان
وحكمة الله في التدبير قاهرة / وقائد العقل في المقدار حيران
يقضي بما يشاء والأسباب جامدة / ويحكم الأمر والأفكار عميان
يختص من شاء بالرحمى ويصرفها / عمن يشاء وفي الحكمين رحمن
ان الذي يتعاطاه الذكاء لدى / حكم المقادير تخمين وبهتان
ما حيلة الظن والأوهام في قدر / الا قصور وعجز ثم اذعان
لابد أن تربط الأفهام وحدته / ولو تطاول تقريب وامعان
خذ ما أتاك وسلمها لخالقها / فالشأن لا غير للاكوان ديان
انظر الى دولة أعيت معاجرها / رأى الفحول ففيها ثم برهان
أرادها الله فاحتلت مناصبها / والعقل في نصب والكون اسجان
بأسهم الله ترمي من يقاومها / ولا يقوم لسيف الحق بطلان
ان الأسنة لا تعدو مقاتلها / ان شد بالجد والتوفيق مطعان
عادت الى جدلها من طول غربتها / خلافة الله والاسلام جذلان
عناية الله تحدوها لموطنها / وللخلافة في الاسلام أوطان
تنحو ابن بجدتها العليا وبؤبؤها / وشأنها لمصاص المجد خلصان
تقلد العقد منها صدر قيمها / صدر بخالصة الايمان ملآن
همامها العاصم الكافي لعصمتها / له على حملها جد وأقران
صميدع مثل صدر السمهري له / في هضبة المجد اجدال وأغصان
رحب المباءة قرم لا بواء له / بفضله شهدت سهل وأحزان
مشمر أحوذي رأيه فلق / وعزمه قبل وضع الرمح طعان
مروع ألمعي في بصيرته / من الذكاء لمحض الرأي تبيان
تحكمت من أصيل الرأي فطنته / كأنها فيه أبصار وآذان
يطوي عزائم بالتقوى وينشرها / كأنهن بخصم الله نيران
أصاره علمه بالله محض هدى / وغير بدع هدى يذكيه عرفان
لم يترك العلم منه موضعا كدرا / يمثل الشمس منه الذات والشأن
ما زال تمحصه التقوى ويمحصها / وسره ملك والشخص انسان
حتى تمحض نورا لا يكدره / خير وشر واغيار وأغيان
والعلم بالله والاخلاص عارفة / من الكريم وتخصيص واحسان
مواهب ساقها من فيض رحمته / لا نفس ما لها في الناس حسبان
يعدها الناس من أحجار سوحهم / وهن في ملكوت الله شهبان
يمشون بلها وهم النفس في كيس / والعقل في الوجد بالمشهود ولهان
والفتح يقصد قلبا ما به سعة / إلا لمن لم تسعه قط أكوان
محبة الله سر حيثما صدقت / لها على عالم الامكان سلطان
تعطيك فتحا وان سدت مغالقه / وطور عقلك في ذا الفتح حيران
فلا عليك اذا صحت محبته / اذا وفى لك هذا الخلق أو خانوا
لله ما أنفس في سرها اشتعلت / بالحب لله أنوار ونيران
تحل في الأرض والالباب طائرة / في عالم فيه أهل الله ندمان
ريانة بشراب الحب محرفة / والحال صحو وكل الشرب نشوان
تلك النفوس التي هذا (الامام) لها / قطب ومورده الصافي لها حان
خاض الحقيقة كشفا فاستقام له / شف وشرع وتكميل وسلطان
جاءت امامته والآرض مظلمة / والناس فوضى وأهل الجور ذؤبان
فاشرق العدل في أرجائها ولقى / عز المفاسد ارهاق وايهان
جاءته ما كان بدعا من أئمتها / من جده ابن تميم المجد(عزان)
في ضئضئ العزة القسعاء محتده / اذا تفاخر قحطان وعدنان
بذروة اليحمد الصيد الملوك له / اعراق مجد وأساس وبنيان
لا ينكر الناس ما للقوم من قدم / وكيف يلحق عين الشمس نكران
احسابهم ومعاليهم ودينهم / كواكب وهدايات ورضوان
ما اختاره الله صفوا من خلاصتهم / الا وللصفو من اكرامه شان
(يا سالم ) الدين والدنيا ابن راشد خذ / أمانة الله والأقدار أعوان
أنت الضليع بها حملا وتأديه / اذ كل أمرك تدبير واتقان
احذر واصعد وايقن ان صاحبها / سيف من الله لا تحويه أجفان
يسوسها مؤمن بالله معتصم / وخير ما دبر الأملاك ايمان
للاستقامة في تقديره قبس / فظنه تحت نور الله ايقان
لا يصرف (الفكر) في شيء فيخلفه / لأنه من فيوض الكشف ملآن
والمؤمنون بنور الله ناظرة / عيونهم وعين الله أعيان
يا للرجال وداعي الله بينكم / لبوا الدعاء فان الصوت قرآن
يا للرجال ألم يأن الجهاد لكم / بلى لقد فات ابان وابان
يا للرجال أقيموا وزن قسطكم / فما لكم قبل وزن القسط ميزان
يا للرجال احفظوا أوطان ملتكم / فما لكم بعد خذل الدين أوطان
يا للرجال أحفظوا أحساب مجدكم / ان لم تكنن فيكم للدين أشجان
يا للرجال اندبوا لله غيرتكم / فالوقت قد ضاق والتثبيط خسران
يا للرجال الا لله منتصر / فناصر الله لا يعروه خذلان
يا للرجال أروني من شهامتكم / ان الحوادث آساد وسيدان
يا للرجال اجعلوا لله نجدتكم / فالغاية الفتح أو موت ورضوان
يا للرجال ألم يحزنكم زمن / طار(البغاث) به وانحط عقبان
يا للرجال ألم يدهش عقولكم / صوت الأرامل والأيتام إذهانوا
هذا اليتيم قد انحازت مفاصله / من جلبة الجوع والظلام تخمان
يا للرجال بيوت الله قد هدمت / وما لها للعدا نهب وحلوان
يا للرجال دماء المسلمين غدت / هدرا كما عبثت بالماء صبيان
فلا قصاص ولا أرش ولا قود / كأن لحم بني الاسلام جعلان
يا للرجال أفيقوا من سباتكم / فقد أحاط بكم بغي وعدوان
أخيفة الموت ظل العجز يقعدكم / وليس للأجل المعدود نقصان
لا يحجب الموت جبن عند موقعه / ولا يقدم وعد الموت شجعان
يا للرجال لقد ذلت حفيظتكم / اذا استطاعت على الأساد حملان
ان السيوف التي كانت لسالفكم / ما ضمها معهم رمس وأكفان
مريضة هي في الأجفان أم مرضت / قلوبكم أم نأى عنهن وجدان
بئس السيوف اذا حلت عواتقكم / وما بها لعتيق المجد أحزان
لا تحجبوها أناثا في مغامدها / فان تلك اليمانيات ذكران
فديتكم أوردوها انها عطشت / ان كان فيكم يلاقي الري عطشان
كانت بوارق في الأخطار ساهرة / وهم أصحابها في المجد سهران
فاليوم نامت هموم القوم في جدث / وساهر البرق في الأغماد وسنان
تكاد أن تتلاشى من تحرقها / غيظا على صار أو حزنا على كانوا
أورثتموها من الأوتار مشعلة / كأنها في دخان الحرب نيران
واليوم تغمط فيكم وهي مغضبة / وما بكم لحقوق السيف غضبان
ما عودتها بنو عدنان ما لقيت / منكم ولا أسكنتها الغمد قحطان
لا تحملوها اذا كانت لزينتكم / ان الرجال بفعل السيف تزدان
فليت أسيافكم صارت معاولكم / وليت خيلكم معز وثيران
حتى م طرف الهدى سهران من قلق / فيكم وطرف العدا في الظلم سهران
ليست بسنتكم مذكان عنصركم / وانما الحظ كالأزمان أزمان
يا للقبائل يا أهل الحفاظ ومن / أمجادهم في جبين الدهر عنوان
شدوا العزائم في استدراك فائتكم / ان العزائم للادراك أقران
أهل المكارم ان الله أكرمكم / بنعمة العدل اذ للجور بركان
لا تكفروا الله في نعماء أنعمها / فانما يربط النعماء شكران
فأين أين ذئاب الدو حمتها / بنو تمام ومن ربته(جعلان)
وأين عنها الجنيبيون أنهم / سعد العشيرة عليا مذحج كانوا
غاراتهم برياح الموت عاصفة / وفخرهم بحميد الذكر يزدان
وأين رأسب سيف الأزد أنهم / سارت بصيتهم في الأرض ركبان
وأين أهل الذمار الهشم بحرهم / بالمجد والفضل فياض وملآن
عهدي لهم نجدة في الحرب شاهرة / ومنهم لحقوق الله أعوان
ويا لشمس وكبات الخميس لكم / أنتم لها يا أسود الله أركان
أنتم سماء الوغى لبوا أمامكم / وعندكم من ثغور الله (جعلان)
وأين أولاد عيسى والحفاظ لهم / نجد ضراغم أو اهون رهبان
صميم كنده حي الملك من يمن / عهدي بهم للهدى حصن وايوان
شدوا فديتكم أنتم بواسلها / أم فيكم لمصاب الدين سلوان
وأين يحمدها الحرث الكرام ففي / عزائم القوم جنات ونيران
ضنائن الله أنتم لا يزال لكم / في نصرة الله صولات وسلطان
يبلى الزمان ولا تبلى محامدكم / ما دام يحمد مطعام ومطعان
ان كان (صالح) طود المجد فارقكم / فان اصلاحكم رضوان ونهلان
(عيسى) لكم خلف صدق لخير أب / وفي (علي) أخيه للعلي شأن
صنوان يستبقان المجد في حسب / سيارة الشهب في جنبيه صوان
وفيكم الأسد الكرار فارس شر / فاء ابن عمهما الكافي (سليمان)
السيد ابن حميد سطوتكم / ومن له في بناء المجد أركان
بحر المكارم غوث الخلق من شملت / للكون من بره رحمى واحسان
الباسل البطل المغوار من شهدت / بطول يمناه آباء وولدان
وفيكم من رجال المجد من خرست / عنه القوافي ولم يبلغه تبيان
أين المساكرة الصيد الغطارف من / ذوائب الأزد حيث المجد والشان
في ذروة المجد من فهم اذا انتسبوا / أساود الموت يوم الهول طوفان
شم اذا حزموا نار اذا عزموا / شهب اذا رجموا للفضل هتان
كواكب العز لا ترعى مسارحهم / ولا تراع لهم بالضيم جيران
وأين حبس كرام الخيم من قدم / وفيهم من عباد الله غسان
سيوفها وعواليها وأسهمها / وهم اذا افتخر الفرسان فرسان
وأين أسد شراها من وهيبة أهل / الجد والجود ان شدوا وان لانوا
وأين عامر والاحساب مشرقة / ناهيك من عامر والأصل عيلان
وأين همدان من صفين تعرفهم / اذ عك عك واذ همدان همدان
وأين قائدهم ليث المعارك صم / صام المعاضل بدر الفضل سلطان
وأين نار الوغى ال المسيب من / قضاعة وزعيم القوم زهران
وأين وائل والآثار شاهدة / ومجد وائل في التاريخ شهبان
وأين معولة قبل الرسول لهم / على (مزون) أتاوات وتيجان
وأين عنها ذئاب الخطم إن لهم / مناقبا لا يدانيهن انسان
وأين حلقوم ذاك الملك معصمه / سمائل فهي للسلطان سلطان
وأين عن أجربيها منع بيضتها / والأجربان بنو عبس وذبيان
يا جمرة العرب يا عبس الطعان الا / لا يطفئن جمركم بغي وعدوان
لا تشعلوا الحرب الا في مواقدها / حيث الجهاد على الباغين مونان
ويا بني عمنا ذبيان مجدكم / أنا وإياكم في المجد صنوان
بآل حصن وبالعمرين قد فرعت / عزا ونبلا جميع الناس غطفان
إذا مدحت بني ذبيان اخوتنا / أظهرت شمسا لها في العين برهان
فياليوث بغيض در دركم / هلا سباق الى خير وارهان
فرسان داحس والحنفاء حسبكم / من الرهان جهاد فهو ميدان
ذروا الضغائن تذروها الرياح فما / تبقى على خالص الايمان اضعان
ان الحظوظ التي ترجى بالفتكم / في الدين في محكم التنزيل فرقان
وما شفاء حزازات الصدور سوء / ان يستبد بطب القلب ايمان
وأين أزكى وطيس الحرب ما فعلت / فان عمدة هذا الأمر جرنان
وأين حمير أهل العز ما اعتتبوا / عن وعر عزتهم يوما ولا هانوا
صيد صناديد اقيال عباهلة / أسد كواسر في الهيجاء حردان
جاءت ريام بما أعلته حمير من / مجد وقام على البنيان بنيان
وأين حميرها الثاني وأسرته / ذوو المعالي ملوك الناس نبهان
أبقى له السؤدد الأعلى كواهله / مظفر وسليمان وكهلان
هود عرار فلاح محسن ملكوا / فنبهوا الملك حينا وهو نعسان
وكان من فرعهم ملك اليعاربة ال / صيد الكرام وما ادراك ما الشان
سل سيف يعرب عن أخبار سيرتهم / فمنطق السيف اعراب وألحان
ويا بني غافر عليا قريش لكم / أصل وانتم لذاك الأصل أغصان
قوموا الى الله واعتدوا لنصرته / فموعد الله جنات وغفران
وأين أطوادها العليا بنوحكم / أين الذهول سراة المجد شيبان
وأين رهط بني سمح فوارسها / بنو شكيل وأين الأسد كلبان
وأين قوام أمر الناس قادتهم / بنو خروص حماة الدين مذ كانوا
وأين عنها ليوث الغاب مرتها / بنو هناءة ما دينوا وكم دانو
أين اليعاقيب أرض السر ملكهم / ومن مفاخرهم للفخران أركان
وأين أهل الغنى في كل معضلة / بنو علي بن سود أين حدان
وأين يا آل سعد عزم نجدتكم / وأنتم لرسول الله أحضان
هلم يا ابن هلال قم بنصرتها / فالمسلمون بهذا الدين بنيان
وأين من آل بدر سادة نجد / مبادرون الى الخيرات سرعان
أين الحواسنة النجب الكرام فما / عهدي لهم في كفاح الحرب أقران
وأين عنها عواديها بنو عمر / فان جانبهم بالفخر عمران
وأين ضنك واقبال النعيم بها / أين الصلوف وطود الفضل سلطان
وأين كعب وأين الحي من قتب / أين الظواهر والفرسان كهلان
وما رجاء بني يأس على خطأ / فانما القوم أعوان واخوان
قوم على صهوات الخيل طفلهم / يربو له من دم الأطفال ألبان
مساعر الحرب ان تنزل لهم نزلوا / وان تعاضلهم ركبا فركبان
أسد خدورهم سمر الرماح فان / شب الهياج فتلك السمر شهبان
صعب شكائمهم سحب مكارمهم / ان حاربوا صعبوا أو أكرموا هانوا
لا يقتنون رياشا فوق سابغة / كأنهن اذا ألقين غدران
وغير صفحة هندي مفللة / كأنها بنفاث الموت ثعبان
وغير أنياب أغوال مسننة / من عهد عادلها ذكر واسنان
وغير شمس سراحيب مفنقة / كأنها في قتام الحرب غربان
تعلمت من مراس الحرب نجدتها / فهن تحت يد الشجعان شجعان
كأنهن أعاصير اذا احتدمت / نار الوغى وهي في التسنين دؤبان
تلكم حصون بني يأس ومعقلهم / لا يحصن القوم أسوار وأفدان
وأين عنها بنو بطاش أين هم / من لي بهم وهم للحرب أخدان
طال الرقاد بكم هبوا فديتكم / فالشمس طالعة والسيل ارعان
عادات طيء تخضيب السيوف وار / واء المثقف وهو اليوم عطشان
أين العصائب من قحطان أجمعها / وأين من نتجت للمجد عدنان
هبوا لأخذ المعالي من مراقدكم / فليس يستدرك العلياء نومان
هبوا لداعي الهدى هبوا لعزتكم / وكيف نومكم والخصم يقظان
جدوا فديتكم في نصر دينكم / فاليوم فيكم لنصر الدين امكان
كتائب الله لا يحتل بيضتكم / خصم مساعيه في الاسلام ثعبان
كتائب الله ذودوا عن حياضكم / كي لا يهدمها بغي وكفران
كتائب الله ما عيش الذليل لكم / عيش ولا في منايا العز نقصان
كتائب الله لم يعهد بكم خور / وللجبال على الأزمات أقران
كتائب الله حاموا عن حنيفتكم / قد لوثتها خنازير وصلبان
كتائب الله دين الله في طلق / والمشرفيات في الأيمان طلقان
كتائب الله لم تخلق نفوسكم / لكي يسخرها ذل وأهوان
كتائب الله أدعوكم إلى شرف / عقباه أن تصدق النيات رضوان
كتائب الله يوم الهول عيدكم / فما لكم لبغيض الله عبدان
يا غارة الله والأحكام مرملة / لها من الحزن بالتعطيل اردان
يا غارة الله والحر الغيور له / صدع وما أذنت بالصدع آذان
يا غارة الله نخزى في ديانتنا / أليس عارا وحامي الدين خزيان
يا غارة الله نحيا كالبلية في / عقال سوء وما بالرجل عقلان
يا غارة الله كم نرضى مهانتنا / والسيف يرفع أقواما وإن هانوا
أين العزائم أين النخوة انتقلت / أين الحفاظ وأين العز والشان
أين الشكائم في الاسلام ما فعلت / أظنها مع آباء لنا بانوا
سلوا القبور التي ضمت أصولكم / هل واطنوا الذل أم في دينهم هانوا
ربوا لكم بالظبي والسمر ملتكم / وأنتم الآن تجار ورهبان
تركتم سنة الأسلاف مطرقة / ولا يؤنب بالأطراق خجلان
تمشون هونا كأن الزهد أثقلكم / وأنتم بهوان النفس ثقلان
أما يحرككم أن قال ناصحكم / الأصل كاس وفرع الأصل عريان
أقول للبعض منكم وهو عن أسف / والحر يأسف للأحرار إن شانوا
قد كنت نخبة هذا الأمر من قدم / واليوم أنت على الأبواب ذبان
ماذا تقول اذا كنت ابن بجدتها / والأصل معرفة والفعل نكران
طالع صحيفة مجد أنت وارثه / ان كان فيها مجيد القوم خوان
اذا تنكرت للاسلام عن حسد / فاسأل أباك وليَّ الله ما الشان
يخبرك أنك قد فارقت خطته / وانه للذي فارقت حسران
أبعد شيبك في الاسلام يفعلها / يبكي الخليل لها والحبر شاذان
أحسن عزاءك من علم ومن عمل / وأنت للطمع المرذول نجران
واليوم أنت على الأبواب ذبان / وأنت للطمع المرذول تجان
أين السوابق يا قمقامها طويت / أعاذك الله طاويهن شيطان
أساءت العدل اذ قامت به فئة / لها مع الله أقدار وأوزان
ألا تكون لها قطبا تدور به / هل أنت عن قطبها المعهود غفلان
(أظن عهد الشهيدين اللذين هما / يستنصرانك قد أعفاه نسيان)
( أبعد أحبارك الأبرار تنسفها / وأنت في بحرها دور ومرجان)
بنيت قبة ايمان وتهدمها / لله هل بعد هذا الهدم بنيان
نظرت أحمد حتى حل مسكنه / في الخلد من حوله حور وولدان
وصار عند أبيه في حظائر قد / س الله حظهما فوز ورضوان
عدوت تنقضها مثنى وواحدة / وكاكم في مقام الفضل صنوان
وقلت شأنك من باب السياسة في / دفع الأجانب لا بغي وعدوان
تسوسها أنت والايمان يتركها / ما قام عمرك في دعواك برهان
سياسة الله في القرآن كافية / وما يزيد على القرآن نقصان
فارجع الى الله وانظر في سياسته / فأنت من مشرب القرآن ريان
ماذا رأيت أباك الطهر يصنع في / سياسة الدين لما قام (عزان)
أنت الشهيد على اشراق سيرته / وللبصائر بالمشهود ايقان
أفي أمامة حق بعد ما ثبتت / بحقها أنت يا ذا اللب حيران
لا عذر لا عذر فيها حجة قطعت / عذر الخلاف لها في الدين تبيان
فما انحرافك عنها بعد ما وجبت / الا خروج عليها وهو عصيان
أبعد ستين عاما عشت تنفقها / في الله والحمد أنت اليوم خسران
فاتبع إمامك والزم غرز سيرته / ودع هوى النفس ان النفس شيطان
وصن بقية هذا العمر في كيس / فان دهرك لو فكرت كيسان
فارقت عزتك العليا الى طمع / حتى لقد قال أهل السوء ساسان
للمسلمين ظنون فيك عالية / يا ابن المعالي وهن اليوم خيلان
كنت السفينة للاسلام تحمله / ثم انكفأت به والغي طوفان
كنت المرزء للاسلام تكلؤه / واليوم من كثر ما يشكوك ضجران
فافتح فديتك عيني حاذر يقظ / فان كاتب ما تمليه يقظان
بيض العمائم لا تجدي اذا انكدرت / بيض القلوب وللايمان عنوان
طهر ثيابك واغسل راحتيك فها / تيك المطامع أوساخ وأدران
وأحمد نصيحة حر لا يريد بها / ذما وفيك لطود الحمد أركان
ان تعرف الصدق في نصحي فقد سبقت / عهود صدق واخلاص واحسان
ليس الخليل المداجي عند شائنة / إن المداجي في العوراء فتان
لكنه من رأى عيبا وحققه / أهداك عيبك غيظا وهو لهفان
أريك من أسفي خصما تباعده / والقلب من حبك المكنون ولهان
خذ من مضائق أقوالي نصائحها / وفي ضميري لكم بالحب ميدان
يا قوم أهل عمان كم تخالفكم / ان التفرق لا يرضاه ايمان
أطول دهركم خوف مداهنة / مطامع حسد بأو وخذلان
أهذه شعب الايمان عندكم / أهكذا سنة قالت وقرآن
ماذا الشقاق الذي يغري جنوبكم / والمؤمنون بذات الدين اخوان
أطلقتم السيف في أفراد ملتكم / وقيدته عن الأعداء أجفان
هب أن أسيافكم غرثى بها قرم / ففي لحوم العدا يعتاش غرثان
هانت عليكم تراث الكفر واشتعلت / فيكم على بعضكم للبعض أضغان
والفه الدين قربى لم يكن معها / أعلى وأدنى وأحزاب وأديان
يا قوم هذا إمام الدين بينكم / مقصوده الحق لا ملك وسلطان
يدعو الى الله قواما بملته / له حسامان أقساط واحسان
يا قوم طاعته في مصركم وجبت / فرضا عليكم وما في الدين أدهان
يا قوم لا تدبروا عنه فان لكم / ربا يحاسب والإدبار عصيان
يا قوم إن تدبروا يغضب الهكم / وأين ملجؤكم والله غضبان
ان تنصروا الله ينصركم فلا تهنوا / فالكفر في المقت والاسلام رضوان
ان الامام يمين الله بينكم / فبايعوه والا حل خسران
قامت عليكم بحكم الله حجته / ان كان فيكم لحكم الله إذعان
ان تتبعوه فعين الرشد خطتكم / أو تعرضوا عنه فالإعراض طغيان
فراقبوا الله فيه ان حجته / قد قام فيها بحكم الله برهان
تلكم وصية حسان لكم ثبتت / فانني اليوم للاسلام حسان
لا يصدق الدين الا من يناصحه / ولا يتم بغير النصح ايمان
فان تمكن نصحي من بصائركم / بدا لكم من ضياء الحق فرقان
تهد العمر رائعة المنون
تهد العمر رائعة المنون / وحد الحي اتيان اليقين
الهواً بالغرور ولا نبالي / ونؤخذ بالشمال وباليمين
الا جزع لقاصفة وأخرى / تليها للمباين والقرين
ونركن والمهالك عاصفات / الى تغرير كاذبة خؤون
على ان الحياة لها حدود / سنقطعها على رغم الركون
اليس على الغباوة ذو هناء / وظفر الحتف يفري في الوتين
يمر القارظان ونحن ندري / بأن مسيرنا نحو الكمين
ولو ان الكمين على خفاء / ولكن بطشه رأي العيون
يثبطنا من الآمال وهم / ويُجلى الوهم بالحق المبين
ودون مدارك الآمال رصد / من الآجال منقطع الظنون
تمر بنا جنائزنا بطانا / حواصلها تزف الى الوكون
وتغدو في مراعيها خماصا / الا عمدا من الخمص البطين
لقد ظعن الأحبة واغتبطنا / بما تركوه غبطة ذي جنون
ونحن نرى الحداة بنا ألحت / تطوحنا بعزمات شطون
نقضي ما قضوه وعن قليل / نصير لدى مناخات الظعون
وهل نقضي سوى عيش قصير / اجب الظهر مقبوب الوضين
نمنى فسحة قبضت عليه / على غصص كأوقات السجين
وعيش حشوه كدر وسوء / يلذ على مداهنة الضنين
والا فالحقيقة كل بال / نصيبك منه زادك لليقين
تزود منه للعقبى ودعه / فليس الشأن في الفاني المهين
وطلق هذه الدنيا بتاتا / طلاقك لا اليك ولا تليني
عرفتك حية لينا وسوءا / " دعيني منك يا دنيا دعيني"
خدعت بنيك ثم فتكت فيهم / " وانك لا محالة تخدعيني"
يروعني ابتسامك فوق مكر / كذاك السيف براق المتون
ابنت محاسنا زانت فشاهدت / فبيني أيها الشوهاء بيني
هبلتك يا غدور خذي طريقا / فاني آخذ ذات اليمين
تركتك مزجر الكلب المضري / سوى ما كان منك لأمر ديني
بلوتك يا مخبئة الدواهي / فكنت السم في الماء المعين
وحسبك يا فجار من المساوي / رحاك المستيرة في القرون
أريني أين هم فلديك خبر / جهينة خبرينا باليقين
دعي التدليس ان القوم صاروا / طحينا يا مبددة الطحين
فغري يا خباث بني العمايا / وكفي عن خداع المستبين
اسلمك ابتغي والفتك جار / ونحن لديك في حرب زبون
دهانك ما تشعث ليس يجدي / لأن القصد حلقوم الدهين
حبست الكأس عنا أم عمرو / وامني كأس برك في يميني
فما أمني فجورك أم عمرو / وقد خالفت خالصة الأمين
زبنتك لا أبوء اليك رغبا / مقام الذئب كالرجل اللعين
صحبت الناس صحبة غير صدق / وعاشوا منك في داء دفين
لحنت اليَّ لحنك فاصرفيه / وكل الشر في تلك اللحون
عرفتك بالخلابة منذ عهدي / بسهلك انه صعب الحزون
أريني أين أصحابي وأهلي / ومن عمروك أحقابا أريني
ألم تنزلهم نوب المنايا / عن الظهر الموطأ للبطون
كأن حياتهم لما تقضت / خيال طاف في نوم العيون
وأنت على الطريقة لن تبالي / بمن تفنين حينا بعد حين
أبعد السادة الأطهار بشر / يباشر حبة القلب الحزين
أبعد الصيد من ثروات قومي / تراموا في القبور وخلفوني
ألذ معيشة وسكون قلب / وهيهات السبيل الى السكون
أبعد الطيبين يطيب أنس / وطيب القوم في خلق ودين
أبعد تهدم الاكناف منهم / تظل الناس كانفة بلين
أبعد أفول أقمار المعالي / ألام على النياحة والحنين
حييت بهم على علق ثمين / فمن لي اليوم بالعلق الثمين
هم ضمنوا بكشف الكرب عنا / فقد اخنت شعوب على الضمين
هم كانوا لنا بلدا أمينا / فواحربا على البلد الأمين
هم كانوا السما سقيا ورعيا / فأقلعت السماء عن القطين
هم كانوا رياضا سابغات / بما ترجوه ناضرة الغصون
طوى حضراتهم اعصار هلك / سوى الآثار كالورق اللجين
رميت بفقدهم فاذود عني / حريقا ليس يطفى من شجوني
لو اعج لا يهدئها التأسي / ولا يطفأن من سح الشئون
ولو رمحا شككت به ولكن / تواردت الأسنة كالشطون
فما برحت هموم من فؤادي / ولم نرهق بمرتقب شفون
اكفكف عبرة في جنب أخرى / وذلك دينها أبدا وديني
وما هذي الصدور بثالجات / على مضض الفراق من الضنين
وما في الموت رائفة لوهن / ولا بقيا على طرف سخين
فما تبقى على حصن مشيد / ولا تنجو بناحية امون
نصبر هذه الألباب حتى / تلاشت بالتأوه والأنين
وما كرم العزاء بمستطير / لهم الصدر أو همل العيون
ولكن حيث لا طمع لرد / فحسن الصبر مرتبع الحزين
ألا يكفي المنون الجذ فينا / فما أبقت على حبل متين
لقد أزمت على طود مكين / فكانت نقلة الطود المكين
أبي الضيم مصباح الدياجي / كريم الخيم وهاب المئين
عريض الجاه مبيض الأيادي / رحيب الصدر وضاح الجبين
محيط العلم مفصال القضايا / عميد الفضل ذي الشرف الرصين
جسيم المكرمات لراحتيه / سخاء المزن بالوبل الهتون
عشية " سالم" امسى دفينا / وكل الخير في كفن الدفين
فديتك با ابن أحمد قد رزئنا / بيوم نواك بالحصن الحصين
فلا تبعد وهيهات التداني / بمن سطت به ريب المنون
صحبتك أيها الدر المصفى / فكانت صحبة الحر الرزين
وكنت الركن لي اذ عز ركني / وقد قد السلا رأس الجنين
وكنت العوذ في خير وشر / نزيل حماك في عز مكين
وكنت العون في يسر وعسر / فديتك من أخي ثقة ودين
وداهية أخو حقد رماها / نصبت لها جبينك عن جبيني
وصرت اليك أنسب من نسيب / وصرت عليك أكرم من خدين
تهون عليك نفسك في احترامي / وأنت أعز من ليث العرين
وأعداء أرادوا حذف جاهي / كسرتهم بآلات السكون
فلم تحذر لهم برقا ورعدا / وما شأن الذبابة والطنين
فكنت لي الحسام اذا اشرأبوا / وكنت الدرع للشبوات دوني
وكنت الحامل الثقل المعايي / اذا رست الفوادح كالرعون
خفضت لي الجناح وكنت ردءا / ولم تحفل بغث او سمين
فقد أمسيت في جدث مريع / وتضحى للمذعذعة الحنون
وان ضريحة ضمتك فازت / ببحر ليس ينزف بالعيون
بقاؤك للمعارف والمعالي / بقاء البدر في سدف الدجون
وفقدك لاقتراب الحشر نوع / من الاشراط في أخرى القرون
وأرباب الكمال إذا تولوا / تولى الخير في دنيا ودين
ابعدكم رجال الدين يرجى / صلاح الأرض أو جبر الوهين
فلا تذهب فديتك من خليل / وان أبقيت للحمد الثمين
أتمضي والزمان على شحوب / وكان لديك في خصب ولين
أتمضي والمشاكل ناصبات / أكنت قد اعتمدت على ضمين
فلا وابيك ما بالدار خل / وقد عصفت شعوب على القطين
متى اللقيا أبا الوضاح بيني / وبينك بعد رحلتك الحجون
وهيهات اللقاء وأنت رهن / لرمس همه حبس الرهين
لقد خلفت ذا قلب طعين / بفقدك عل رثيت لذا الطعين
أجالد بين جانحتي نارا / يؤوسا من هدوء أو هدون
وما جلد عليك بمستطاع / ولكن بعض رشد للحزين
اذا استبصرت عن جلد وصبر / تلاشى الصبر في وهج الشجون
متى ترجو الحياة رخاء بال / وقد زرعت لتحصد بالمنون
حميد الذكر هل غادرت نفسا / تطيق الصبر أو بخل العيون
وما عن دعوة الرحمن واق / فديتك لا أقيك ولا تقيني
وليكن لوعة التذكار شبت / فطيرت التشبث في الرنين
وقرض الصبر مرجوع اليه / وحسب المرء من حبل متين
وما يقضي بايجاب وسلب / يكون ولا محيص لمستكين
صبرنا أم جزعنا سوف يجري / قضاء الله بالحق اليقين
أبا الوضاح هيض جناح صبري / وقللت الرزية من متوني
فبت من الهموم على المكاوي / ارادف عبرة الغرب الشنين
وكيف وبين احشائي اوار / تصاعده عن الجمر الطبين
أرى صنعاء كاسفة النواحي / وكانت منك زاهرة الجبين
حدادك أيها الثكلى مليا / ونوحك نوح ورقاء الغصون
فقد أضناك يا خنساء حزن / وعندي ما لديك فأسعديني
فما حرم الصدار عليك صنعا / وصدرك قد تفضفض بالشجون
فكم قلدت يا صنعا البرايا / صنائع منه كالدر الكنين
ومسجدك المنور اذ تعرى / من التسبيح والذكر المبين
بكى محرابه القوام فيه / اذا جال الكرى بين الجفون
وحق له البكاء وقد تردى / باردية عقيب النور جون
ويا اسفاره نوحي عليه / وقري للبلى وسط الخزين
بيان الشرع هل لك من بيان / بيان الشرع هل لك من قرين
ويا تمهيد سيدنا الخليلي / تمهد ان تعيش بلا خدين
فان العالم المقباس أضحى / لحيدا بين أحجار وطين
لقد أضحت مرابعه يبابا / لنوح البوم من بعد القطين
كأن لم تغن بالاحكام يوما / بشرع المصطفى البر الأمين
كأن لم تغن بالكافي الموفي / موازين الندى فوق الظنون
أبا الوضاح إن لاقيت حتفا / فان المرء مجراه لحين
عليك الرحمة العظمى استهلت / مسرمدة بصيّبها الهتون
عاد المهنا بحمد الله واختلفت
عاد المهنا بحمد الله واختلفت / رواية السلك بعد الهم والحزن
قد يخطيء النقل والتحقيق يعكسه / والعين أصدق أنباء من الأذن
تجري المقادير لا تدبير يعقلها / ولا امرء من هواديها بمحتصن
تأتي السلامة والاسواء محدقة / ويهلك المرء والأسواء لم تكن
وربما كان بالمحذور مغتبطا / اذا أتاه وعقبى الخير في قرن
وربما جزعت نفس لنازلة / وأصلها كخيال طاف في وسن
وربما سلم العصفور في شرك / وربما جاءه السكين في الركن
قد يأخذ المرء في أمر بجنته / فيذهب القدر المحتوم بالجنن
ويشرب المرء من كأس تلذ له / وربما اشتار شهد النحل من حبن
والسر في الشأن تنبيه اللبيب على / ان المقادير لا تقتاد بالرسن
وان أمرا قضاه الله منحتم / في الأمن والخوف والأسفار والوطن
وان عافية الانسان غايتها / أخذ على الحذر أو أخذ على السكن
واننا بين أيام مروعة / تبديى قبائحها في صورة الحس
فليبق ذو اللب فيها غير مرتقب / عهدا سوى عهدك المعروف بالدخن
ومما شجاني إنها يوم ودعَت
ومما شجاني إنها يوم ودعَت / شجاها النوى مثلي فنحن شريكان
كأن سقيط الدمع من عبراتنا / على عاتقينا نثر در ومرجان
خذوا حدثوني عن فريق تحملوا / فذكرهم أنسي ورَوحي وريحاني
قضت وطراً من سكن أفناء نعمان
قضت وطراً من سكن أفناء نعمان / فشطت بالباب قضين بأشجان
أبانت سرور القلب منها ببينها / وجدت بطي البيد في نشر أحزان
كأن ظلال الأنس لما تقلصت / طوتها بأيديها قلاص كعقبان
وهيج ما بي إنها يوم ودعت / شجاها النوى شجوي فنحن شريكان
كأن سقيط الدمع من عبراتنا / على عاتقينا نثر در ومرجان
فولت بها ما بي وقلبي وقلبها / برائعة التفريق للوجد رهنان
تفدي حياتي والمفداة نفسها / وتقتلني سحراً با دعج فتان
ولما اشمعلت بالظعون مطيها / وضمن منها السجف درة دهقان
بكيت على أثر القطين ولا بكا / مفجعة ثكلى من الفقد مرنان
خليلي والتذكار بادرة الهوى / أهل أدرك الأحباب عهدي وأحباني
وهل علموا أني سليب غزالهم / غداة بدا لي بين بانات عنان
وعهدي بنفسي لا تطير لمزعج / شعاعاً فقد طارت لبارق نعمان
خذا حد ثاني عن فريق تحملوا / فذكرهم أنسي وروحي وريحاني
أعندهم أني منيت ببينهم / فهل أمل يقضي وهل ملتقى دان
خليلي إن الدهر جمع وفرقة / ونشر وطي لا يقر على آن
تمتعت منه بانبساط وبهجة / ورائع حسن من لياليه فتان
ليال سقتنا صفوها ونظامنا / كواكب أصحاب وأقمار اخوان
كخطبي من بين الخميسين إنه / على كبدي مذ فارقتني كيان
لقد كان قدماً سالماً جمع شملنا / فما سامه التكسير إلا الجديدان
نبيلان أما للولي فمنهل / صفي وأما للعدو فمران
لدن سعدت أيامنا بمليدة / أجر بافريقية الشرق أرداني
لعاصمة ترفض نبلاً جباهها / وتهفو بها البشرى لعرف وعرفان
أفات البلاد الفضل أدنى فصولها / وأبهجت القاصي وأسعدت الداني
بها من رجالي عصبة يمنية / طوال الأيادي من ذوائب قحطان
بَهَا ليلُ بَسَّامون في أي خطة / مواقف آمال مشارق ايمان
هم القوم لا يشقى جليسهم بهم / صنائعهم في الدهر كالفلق الثاني
محت آية الأفقار آية فضلهم / وجاءوا على حصر الكمال بسلطان
مساميح وهابون سهل مصاعب / مساعيهم لله سراً كاعلان
أجلت سهامي بين أسهم مجدهم / ففازت وأمجدت العلا بين أقران
وطاردت آمالي فقيدتها بهم / كأن المنى واليمن منهم بايمان
وصافيتهم دهراً فمنوا وآثروا / على غلة والدهر مبتئس عان
وما ظمأ الأحرار إلا لمورد / عليه سجال المجد بالحمد ملان
أولئك هم غير الخطوب مقاعس / قروم سراة الحي من ازدجرنان
حماة الأنوف الحافظون ذمارهم / كرام على العلات شيباً كولدان
كماة أباة الضيم شوس عوايس / إذا كرت الفرسان في رجل خرصان
تيقظ والأيام في غير نعسة
تيقظ والأيام في غير نعسة / فمنه على عين الزمان عيون
ففي كل غور من مشاكل دهره / له مرصد من رأيه وكمين
وفي كل أمر تقتضيه شؤونه / ظهور بحسب المقتضى وبطون
تسابق فعل الجد أفعال رأيه / فتحكم فيما كان أو سيكون
تراه غضيض الطرف وهو مراقب / ويرجف منه الدهر وهو سكون
له بصر في ملبس الأمر نافذ / فيدرك كنه الأمر وهو مصون
وتوحي له الحق المبين أصالة / من الرأي فيما لا يكاد يبين
يوافيه قبل الفكر حكم وحكمة / إذا شاجرته في الشؤون شؤون
تكهنت الأفكار في فهم رأيه / وأحكامها فيما استكن ظنون
بظاهر بين الحزم والرأي جيشه / يشن له الغارات وهو قطين
كأن غمار الدهر من حول حزمه / شكوك تجلى بينهن يقين