المجموع : 23
إِذا مَرَرتَ بِوادٍ جاشَ غارِبُهُ
إِذا مَرَرتَ بِوادٍ جاشَ غارِبُهُ / فَاِعقِل قُلوصُكَ وَاِنزِل ذاكَ وادينا
وَإِن عَبَرتَ بِنادٍ لاتُطيفُ بِهِ / أَهلُ السَفاهَةِ فَاِجلِس ذاكَ نادينا
نُغيرُ في الهَجمَةِ الغَرّاءِ نَنحَرُها / حَتّى لَيَعطَشُ في الأَحيانِ راعينا
وَتَجفَلُ الشَولُ بَعدَ الخَمسِ صادِيَةً / إِذا سَمِعنَ عَلى الأَمواهِ حادينا
وَتَغتَدي الكومُ أَشتاتاً مُرَوَّعَةً / لا تَأمَنُ الدَهرَ إِلّا مِن أَعادينا
وَيُصبِحُ الضَيفُ أَولانا بِمَنزِلِنا / نَرضى بِذاكَ وَيَمضي حُكمُهُ فينا
أَيا راكِباً نَحوَ الجَزيرَةِ جَسرَةً
أَيا راكِباً نَحوَ الجَزيرَةِ جَسرَةً / عُذافِرَةً إِنَّ الحَديثَ شُجونُ
مِنَ الموخِداتِ الضُمَّرِ اللاءِ وَخدُها / كَفيلٌ بِحاجاتِ الرِجالِ ضَمينُ
تَحَمَّل إِلى القاضي سَلامي وَقُل لَهُ / أَلا إِنَّ قَلبي مُذ حَزِنتَ حَزينُ
وَإِنَّ فُؤادي لِاِفتِقادِ أَسيرِهِ / أَسيرٌ بِأَيدي الحادِثاتِ رَهينُ
أُحاوِلُ كِتمانَ الَّذي بي مِنَ الأَسى / وَتَأبى غُروبٌ ثَرَّةٌ وَشُؤونُ
بِمَن أَنا في الدُنيا عَلى السِرِّ واثِقٌ / وَطَرفي نَمومٌ وَالدُموعُ تَخونُ
يَضِنُّ زَماني بِالثِقاتِ وَإِنَّني / بِسِرّي عَلى غَيرِ الثُقاتِ ضَنينُ
لَعَلَّ زَماناً بِالمَسَرَّةِ يَنثَني / وَعَطفَةَ دَهرٍ بِاللِقاءِ تَكونُ
أَلا لايَرى الأَعداءُ فيكَ غَضاضَةً / فَلِلدَهرِ بُؤسٌ قَد عَلِمتَ وَلينُ
وَأَعظَمُ ماكانَت هُمومُكَ تَنجَلي / وَأَصعَبُ ماكانَ الزَمانُ يَهونُ
أَلا لَيتَ شِعري هَل أَنا الدَهرَ واحِدٌ / قَريناً لَهُ حُسنُ الوَفاءِ قَرينُ
فَأَشكو وَيَشكو مابِقَلبي وَقَلبِهِ / كِلانا عَلى نَجوى أَخيهِ أَمينُ
وَفي بَعضِ مَن يُلقي إِلَيكَ مَوَدَّةً / عَدُوٌّ إِذا كَشَّفتَ عَنهُ مُبينُ
إِذا غَيَّرَ البُعدُ الهَوى فَهَوى أَبي / حُصَينٍ مَنيعٌ في الفُؤادِ حَصينُ
فَلا بَرِحَت بِالحاسِدينَ كَآبَةٌ / وَلا هَجَعَت لِلشامِتينَ عُيونُ
سَلي فَتَياتِ هَذا الحَيِّ عَنّي
سَلي فَتَياتِ هَذا الحَيِّ عَنّي / يَقُلنَ بِما رَأَينَ وَما سَمِعنَه
أَلَستُ أَمَدَّهُم لِذَوِيَّ ظِلّاً / أَلَستُ أَعَدَّهُم لِلقَومِ جَفنَه
أَلَستُ أَقَرَّهُم بِالضَيفِ عَيناً / أَلَستُ أَمَرَّهُم في الحَربِ لُهنَه
رَضيتُ العاذِلاتِ وَما يَقُلنَه / وَإِن أَصبَحتُ عَصّاءً لَهُنَّه
بَكَرنَ يَلُمنَني وَرَأَينَ جودي / عَلى الأَرماحِ بِالنَفسِ المَضَنَّه
فَقُلتُ لَهُنَّ هَل فيكُنَّ باقٍ / عَلى نُوَبِ الزَمانِ إِذا طَرَقنَه
وَكَم فَجرٍ سَبَقنَ إِلى مَلامي / فَعُدتُ ضُحىً وَلَم أَحفِل بِهِنَّه
وَإِن يَكُنِ الحِذارُ مِنَ المَنايا / سَبيلاً لِلحَياةِ فَلِم تَمُتنَه
سَأُشهِدُها عَلى ماكانَ مِنّي / بِبَسطي في النَدى بِكَلامِكُنَّه
فَإِن أَهلَك فَعَن أَجَلٍ مُسَمّى / سَيَأتيني وَلَو ما بَينَكُنَّه
وَإِن أَسلَم فَقَرضٌ سَوفَ يوفى / وَأَتبَعَكُنَّ إِن قَدَّمتُكُنَّه
فَلا يَأمُرنَني بِمَقامِ ذُلٍّ / فَما أَنا بِالمُطيعِ إِذا أَمَرنَه
وَراجِعَةٍ إِلَيَّ تَقولُ سِرّاً / أَعودُ إِلى نَصيحَتِهِ لَعَنَّه
فَلَمّا لَم تَجِد طَمَعاً تَوَلَّت / وَقالَت فِيَّ عاتِبَةً وَقُلنَه
أَرَيتَكَ ماتَقولُ بَناتُ عَمّي / إِذا وَصَفَ النِساءُ رِجالُهُنَّه
أَما وَاللَهِ لايُمسينَ حَسرى / يُلَفِّقنَ الكَلامَ وَيَعتَذِرنَه
وَلَكِن سَوفَ أوجِدُهُنَّ وَصفاً / وَأَبسُطُ في المَديحِ كَلامُهُنَّه
مَتى مايَدنُ مِن أَجَلٍ كِتابي / أَمُت بَينَ الأَعِنَّةِ وَالأَسِنَّه
وَمَوتٌ في مَقامِ العِزِّ أَشهى / إِلى الفُرسانِ مِن عَيشٍ بِمَهنَه
بَني زُرارَةَ لَو صَحَّت طَرائِقُكُم
بَني زُرارَةَ لَو صَحَّت طَرائِقُكُم / لَكُنتُمُ عِندَنا في المَنزِلِ الداني
لَكِن جَهِلتُم لَدَينا حَقَّ أَنفُسَكُم / وَباعَ بائِعُكُم رِبحاً بِخُسرانِ
فَإِن تَكونوا بَراءً مِن جِنايَتِهِ / فَإِنَّ مَن رَفَدَ الجاني هُوَ الجاني
مابالُكُم يا أَقَلَّ اللَهِ خَيرَكُمُ / لاتَغضَبونَ لِهَذا الموثَقِ العاني
جارٌ نَزَعناهُ قَسراً في بُيوتُكُمُ / وَالخَيلُ تَعصِبُ فُرساناً بِفُرسانِ
إِذ لاتَرُدّونَ عَن أَكنافِ أَهلِكُمُ / شَوازِبَ الخَيلِ مِن مَثنىً وَوِحدانِ
بِالمَرجِ إِذ أُمُّ بَسّامٍ تُناشِدُني / بَناتُ عَمِّكَ يا حارِ بنَ حَمدانِ
فَبِتُّ أَثني صُدورَ الخَيلِ ساهِمَةً / بِكُلِّ مُضطَغِنٍ بِالحِقدِ مَلآنِ
وَنَحنُ قَومٌ إِذا عُدنا بِسَيِّئَةٍ / عَلى العَشيرَةِ أَعقَبنا بِإِحسانِ
أَبلِغ بَني حَمدانَ في بُلدانِها
أَبلِغ بَني حَمدانَ في بُلدانِها / كُهولَها وَالغُرَّ مِن شُبّانِها
يَومَ طَرَدتُ الخَيلَ عَن فُرسانِها / وَسُقتُ مِن قَيسٍ وَمِن جيرانِها
ذَوي عُلاها وَذَوي طُعّانِها / وَمُهرَةٌ تَمرَحُ في أَشطانِها
عاثِرَةً تَعثُرُ في عِنانِها / تَرَكتُ ماصَبَّحتُ مِن فُرسانِها
وَإِبلاً تُنزَعُ مِن رُعيانِها / حَتّى إِذا قَلَّ غَنا شُجعانِها
طارَدَني عَنها وَعَن إِتيانِها / حَرائِرٌ أَرغَبُ في صِيانِها
أَستَعمِلُ الشِدَّةَ في أَوانِها / وَأَغفِرُ الزَلَّةَ في إِبّانِها
يالَكِ أَحياءً عَلى عُدوانِها / نِسوانُها أَمنَعُ مِن فُرسانِها
اِطرَحوا الأَمرَ إِلَينا
اِطرَحوا الأَمرَ إِلَينا / وَاِحمِلوا الكُلَّ عَلَينا
إِنَّنا قَومٌ إِذا ما / صَعُبَ الأَمرُ كَفَينا
وَإِذا ما ريمَ مِنّا / مَوطِنُ الذُلِّ أَبَينا
وَإِذا ما هَدَمَ العِز / زَ بَنو العِزِّ بَنَينا
بَخِلتُ بِنَفسي أَن يُقالَ مُبَخِّلٌ
بَخِلتُ بِنَفسي أَن يُقالَ مُبَخِّلٌ / وَأَقدَمتُ جُبناً أَن يُقالَ جَبانُ
وَمُلكي بَقايا ما وَهَبتُ مُفاضَةٌ / وَرُمحٌ وَسَيفٌ قاطِعٌ وَحِصانُ
وَيَغتابُني مَن لَو كَفانِيَ غَيبَهُ
وَيَغتابُني مَن لَو كَفانِيَ غَيبَهُ / لَكُنتُ لَهُ العَينَ البَصيرَةَ وَالأُذنا
وَعِندي مِنَ الأَخبارِ مالَو ذَكَرتُهُ / إِذاً قَرَعَ المُغتابُ مِن نَدَمٍ سِنّا
حَلَلتُ مِنَ المَجدِ أَعلى مَكانِ
حَلَلتُ مِنَ المَجدِ أَعلى مَكانِ / وَبَلَّغَكَ اللَهُ أَقصى الأَماني
فَإِنَّكَ لا عَدِمَتكَ العُلا / أَخٌ لا كَإِخوَةِ هَذا الزَمانِ
صَفاؤُكَ في البُعدِ مِثلُ الدُنُوِّ / وَوُدُّكَ في القَلبِ مِثلُ اللِسانِ
كَسَونا أُخُوَّتَنا بِالصَفاءِ / كَما كُسِيَت بِالكَلامِ المَعاني
أُنافِسُ فيكَ بِعِلقٍ ثَمينِ
أُنافِسُ فيكَ بِعِلقٍ ثَمينِ / وَيَغلِبُني فيكَ ظَنُّ الظَنينِ
وَكُنتُ حَلَفتُ عَلى غَضبَةٍ / فَعُدتُ وَكَفَّرتُ عَنها يَميني
وَكَنى الرَسولُ عَنِ الجَوابِ تَظَرُّفاً
وَكَنى الرَسولُ عَنِ الجَوابِ تَظَرُّفاً / وَلَئِن كَنى فَلَقَد عَلِمنا ماعَنى
قُل يا رَسولُ وَلا تُحاشِ فَإِنَّهُ / لا بُدَّ مِنهُ أَساءَ بي أَم أَحسَنا
الذَنبُ لي فيما جَناهُ لِأَنَّني / مَكَّنتُهُ مِن مُهجَتي فَتَمَكَّنا
لاغَروَ إِن فَتَنَتكَ بِال
لاغَروَ إِن فَتَنَتكَ بِال / لَحَظاتِ فاتِرَةُ الجُفونِ
فَمَصارِعُ العُشّاقِ ما / بَينَ الفُتورِ إِلى الفُتونِ
اِصبِر فَمِن سُنَنِ الهَوى / صَبرُ الضَنينِ عَلى الظَنينِ
الحُرُّ يَصبِرُ ما أَطاقَ تَصَبُّراً
الحُرُّ يَصبِرُ ما أَطاقَ تَصَبُّراً / في كُلِّ آوِنَةٍ وَكُلِّ زَمانِ
وَيَرى مُساعَدَةَ الكِرامِ مُروءَةً / ماسالَمَتهُ نَوائِبُ الحَدَثانِ
وَيَذوبُ بِالكِتمانِ إِلّا أَنَّهُ / أَحوالُهُ تُنبي عَنِ الكِتمانِ
فَإِذا تَكَشَّفَ وَاِضمَحَلَّت حالُهُ / أَلفَيتَهُ يَشكو بِكُلِّ لِسانِ
وَإِذا نَبا بي مَنزِلٌ فارَقتُهُ / وَاللَهُ يَلطُفُ بي بِكُلِّ مَكانِ
عَلَيَّ مِن عَينَيَّ عَينانِ
عَلَيَّ مِن عَينَيَّ عَينانِ / تَبوحُ لِلناسِ بِكِتمانِ
يا ظالِمي لِلشَربِ سُكرٌ وَلي / مِن غُنجِ أَلحاظِكَ سُكرانِ
وَجهُكَ وَالبَدرُ إِذا أُبرِزا / لِأَعيُنِ العالَمِ بَدرانِ
ماكُنتُ مُذ كُنتُ إِلّا طَوعَ خُلّاني
ماكُنتُ مُذ كُنتُ إِلّا طَوعَ خُلّاني / لَيسَت مُؤاخَذَةُ الإِخوانِ مِن شاني
يَجني الخَليلُ فَأَستَحلي جِنايَتَهُ / حَتّى أَدُلُّ عَلى عَفوي وَإِحساني
وَيُتبِعُ الذَنبَ ذَنباً حينَ يَعرِفُني / عَمداً وَأُتبِعُ غُفراناً بِغُفرانِ
يَجني عَلَيَّ وَأَحنو صافِحاً أَبَداً / لاشَيءَ أَحسَنُ مِن حانٍ عَلى جانِ
قَد أَعانَتني الحَمِيَّةُ لَمّا
قَد أَعانَتني الحَمِيَّةُ لَمّا / لَم أَجِد مِن عَشيرَتي أَعوانا
لا أُحِبُّ الجَميلَ مِن سِرِّ مَولىً / لَم يَدَع ماكَرِهتُهُ إِعلانا
إِن يَكُن صادِقَ الوِدادِ فَهَلّا / تَرَكَ الهَجرُ لِلوِصالِ مَكانا
يَعيبُ عَلَيَّ أَن سُمّيتُ نَفسي
يَعيبُ عَلَيَّ أَن سُمّيتُ نَفسي / وَقَد أَخَذَ القَنا مِنهُم وَمِنّا
فَقُل لِلعِلجِ لَو لَم أُسمِ نَفسي / لَسَمّاني السِنانُ لَهُم وَكَنّى
أَتَعُزُّ أَنتَ عَلى رُسومِ مَغانِ
أَتَعُزُّ أَنتَ عَلى رُسومِ مَغانِ / فَأُقيمُ لِلعَبَراتِ سوقَ هَوانِ
فَرضٌ عَليَّ لِكُلِّ دارٍ وَقفَةٌ / تَقضي حُقوقَ الدارِ وَالأَجفانِ
لَولا تَذَكُّرُ مَن هَويتُ بِحاجِرٌ / لَم أَبكِ فيهِ مَواقِدَ النيرانِ
وَلَقَد أَراهُ قُبَيلَ طارِقَةِ النَوى / مَأوى الحِسانِ وَمَنزِلِ الضَيفانِ
وَمَكانَ كُلِّ مُهَنَّدٍ وَمَجَرَّ كُل / لِ مُثَقَّفٍ وَمَجالَ كُلِّ حِصانِ
نَشَرَ الزَمانُ عَلَيهِ بَعدَ أَنيسِهِ / حُلَلَ الفَناءِ وَكُلُّ شَيءٍ فانِ
وَلَقَد وَقَفتُ فَسَرَّني ماساءَني / فيهِ وَأَضحَكَني الَّذي أَبكاني
وَرَأَيتُ في عَرَصاتِهِ مَجموعَةً / أُسدَ الشَرى وَرَبائِبَ الغِزلانِ
ياواقِفانِ مَعي عَلى الدارِ اِطلُبا / غَيري لَها إِن كُنتُما تَقِفانِ
مَنَعَ الوُقوفَ عَلى المَنازِلِ طارِقٌ / أَمَرَ الدُموعَ بِمُقلَتي وَنَهاني
فَلَهُ إِذا وَنَتِ المَدامِعُ أَوهَمَت / عِصيانُ دَمعي فيهِ أَو عِصياني
إِنّا لَيَجمَعُنا البُكاءُ وَكُلُّنا / يَبكي عَلى شَجَنٍ مِنَ الأَشجانِ
وَلقَد جَعَلتُ الحُبَّ سِترَ مَدامِعي / وَلِغَيرِهِ عَينايَ تَنهَمِلانِ
أَبكي الأَحِبَّةَ بِالشَآمِ وَبَينَنا / قُلَلُ الدُروبِ وَشاطِئا جيحانِ
وَتُحِبُّ نَفسي العاشِقينَ لِأَنَّهُم / مِثلي عَلى كَنَفٍ مِنَ الأَحزانِ
فَضَلَت لَدَيَّ مَدامِعٌ فَبَكيتُ لِل / باكي بِها وَوَلِهتُ لِلوَلهانِ
ما لي جَزِعتُ مِنَ الخُطوبِ وَإِنَّما / أَخَذَ المُهَيمِنُ بَعضَ ما أَعطاني
وَلَقَد سُرِرتُ كَما غَمَمتُ عَشائِري / زَمَناً وَهَنّاني الَّذي عَنّاني
وَأُسِرتُ في مَجرى خُيولي غازِياً / وَحُبِستُ فيما أَشعَلَت نيراني
يَرمي بِنا شَطرَ البِلادِ مُشَيَّعٌ / صَدقُ الكَريهَةِ فائِضُ الإِحسانِ
بَلَدٌ لَعَمرُكَ لَم أَزَل زُوّارَهُ / مَعَ سَيِّدٍ قَرمٍ أَغَرَّ هِجانِ
إِنّا لَنَلقى الخَطبَ فيكَ وَغَيرَهُ / بِمُوَفَّقٍ عِندَ الخُطوبِ مُعانِ
وَلَطالَما حَطَّمتُ صَدرَ مُثَقَّفٍ / وَلَطالَما أَرعَفتُ أَنفَ سِنانِ
وَلَطالَما قُدتُ الجِيادَ إِلى الوَغى / قُبَّ البُطونِ طَويلَةَ الأَرسانِ
وَأَنا الَّذي مَلَأَ البَسيطَةَ كُلَّها / ناري وَطَنَّبَ في السَماءِ دُخاني
إِن لَم تَكُن طالَت سِنِيَّ فَإِنَّ لي / رَأيَ الكُهولِ وَنَجدَةَ الشُبّانِ
قِمنٌ بِما ساءَ الأَعادي مَوقِفي / وَالدَهرُ يَبرُزُ لي مَعَ الأَقرانِ
يَمضي الزَمانُ وَما ظَفِرتُ بِصاحِبٍ / إِلّا ظَفِرتُ بِصاحِبٍ خَوّانِ
يا دَهرُ خُنتَ مَعَ الأَصادِقِ خُلَّتي / وَغَدَرتَ بي في جُملَةِ الإِخوانِ
لَكِنَّ سَيفَ الدَولَةِ المَولى الَّذي / لَم أَنسَهُ وَأَراهُ لايَنساني
أَيُضيعُني مَن لَم يَزَل لِيَ حافِظاً / كَرَماً وَيَخفِضُني الَّذي أَعلاني
خِدنُ الوَفاءِ وَلا وَفِيٌّ غَيرَهُ / يَرضى أُعاني ضيقَ حالَةِ عانِ
إِنّي أَغارُ عَلى مَكانِيَ أَن أَرى / فيهِ رِجالاً لا تَسُدُّ مَكاني
أَو أَن تَكونَ وَقيعَةٌ أَو غارَةٌ / مالي بِها أَثَرٌ مَعَ الفِتيانِ
سَيفَ الهُدى مِن حَدِّ سَيفِكَ يُرتَجى / يَومٌ يُذِلُّ الكُفرَ لِلإيمانِ
هَذي الجُيوشُ تَجيشُ نَحوَ بِلادِكُم / مَحفوفَةً بِالكُفرِ وَالصُلبانِ
البَغيُ أَكثَرُ ماتُقِلُّ خُيولُهُم / وَالبَغيُ شَرُّ مُصاحِبِ الإِنسانِ
لَيسوا يَنونَ فَلا تَنوا في أَمرِكُم / لا يَنهَضُ الواني لِغَيرِ الواني
غَضَباً لِدينِ اللَهِ أَن لاتَغضَبوا / لَم يَشتَهِر في نَصرِهِ سَيفانِ
حَتّى كَأَنَّ الوَحيَ فيكُم مَنزِلٌ / وَلَكُم تُخَصُّ فَضائِلُ القُرآنِ
قَد أَغضَبوكُم فَاِغضَبوا وَتَأَهَّبوا / لِلحَربِ أُهبَةَ ثائِرٍ غَضبانِ
فَبَنو كِلابٍ وَهيَ قُلٌّ أُغضِبَت / فَدَهَت قَبائِلُ مُسهِرِ بنِ قَنانِ
وَبَنو عُبادٍ حينَ أُحرِجَ حارِثٌ / جَرّوا التَخالُفَ في بَني شَيبانِ
خَلّوا عَدِيّاً وَهوَ صاحِبُ ثَأرِهِم / كَرَماً وَنالوا الثَأرَ بِاِبنِ أَبانِ
وَالمُسلِمونَ بِشاطِئِ اليَرموكِ لَم / ما أُحرِجوا عَطَفوا عَلى هامانِ
وَحُماةُ هاشِمَ حينَ أُحرِجَ صَدرُها / جَرّوا البَلاءَ عَلى بَني مَروانِ
وَالتَغلِبِيّونَ اِحتَمَوا عَن مِثلِها / فَعَدَوا عَلى العادينَ بِالسُلّانِ
وَبَغى عَلى عَبسٍ حُذَيفَةَ فَاِشتَفَت / مِنهُ صَوارِمُهُم وَمِن ذُبيانِ
وَسَراةُ بَكرٍ بَعدَ ضيقٍ فَرَّقوا / جَمعَ الأَعاجِمِ عَن أَنو شِروانِ
أَبقَت لِبَكرٍ مَفخَراً وَسَمالَها / مِن دونِ قَومِهِما يَزيدُ وَهاني
المانِعينَ العَنقَفيرَ بِطَعنِهِم / وَالثائِرينَ بِمَقتَلِ النُعمانِ
وَإِنّي لَأَنوي هَجرُهُ فَيَرُدُّني
وَإِنّي لَأَنوي هَجرُهُ فَيَرُدُّني / هَوىً بَينَ أَثناءِ الضُلوعِ دَفينُ
فَيَغلُظُ قَلبي ساعَةً ثُمَّ أَنثَني / وَأَقسو عَلَيهِ تارَةً وَأَلينُ
وَقَد كانَ لي عَن وِدِّهِ كُلُّ مَذهَبٍ / وَلَكِنَّ مِثلي بِالإِخاءِ ضَنينُ
وَلا غَروَ أَن أَعنو لَهُ بَعدَ عِزَّةٍ / فَقَدرِيَ في عِزِّ الحَبيبِ يَهونُ
ماصاحِبي إِلّا الَّذي مِن بِشرِهِ
ماصاحِبي إِلّا الَّذي مِن بِشرِهِ / عُنوانُهُ في وَجهِهِ وَلِسانِهِ
كَم صاحِبٍ لَم أَغنَ عَن إِنصافِهِ / في عُسرِهِ وَغَنيتُ عَن إِحسانِهِ