المجموع : 8
سارَتِ العِيسَ يُرَجِّعْنَ الحَنِينا
سارَتِ العِيسَ يُرَجِّعْنَ الحَنِينا / وَيُجَاذِبْنَ مِنَ الشَّوْقِ البُرينا
دامِياتٍ مِنْ حَقِّي أَخْفافُها / تَقْطَعُ البِيدُ سَهَولاً وحُزُونا
وَعَلَى طُولِ طَواها حُرِمَتْ / عُشْبَهَا المُخْضَرَّ والماءَ المَعِينا
كلما جَدَّ بها الوَجْدُ إلَى / غايَة لَمْ تَدْرِها إلاَّ ظُنُونا
قُلْتُ لِلْحَادِي أعِذْ أَشْواقَها / بالسُّرَى إنَّ مِنَ الشَّوقِ جُنُونا
آهِ مِنْ يَوْمِ بهِ أَبْكِي دَماً / إنَّ لِلْعِيسِ وَلِي فيهِ شُؤُونا
أَسَرَتْ ألْبَابَنا لَمَّا سَرَتْ / تَحْمِلُ الحُسْنَ بُدوراً وغُصُونا
كلُّ سَمْراءَ وما أنْصَفْتُها / فَضَحَتْ سُمْرَ القَنا لَوناً وَلِينا
أعْدَتِ القَلْبَ فُتُوراً وضَنىً / لَيْتَها مِنْ وَسَنِ تُعْدِي الجُفونا
ثَغْرُها الدُّرِّيُّ مِنْ أنْفاسِهِ / مِسْكُ دارينَ وَخَمْرُ الأَنْدرِينا
أَخَذَتْ قَلْبي وَصَبرِي والكَرَى / يَوْمَ بَيْعي النَّفْسَ منها أَرَبُونا
لا أقالَ اللهُ لِي مِنْ حُبِّها / بَيعَه يَوْماً وَلاَ فَكَّ رُهُونا
صاحِبي قِفْ بي فإني لم أجِدْ / لِي عَلَى الوَجْدِ وَلا الصَّبْر مُعِينا
وَسَلِ الرَّيْعَ الذِي سُكَّانُهُ / رَحَلُوا عنهُ عساهُ أَنْ يُبِينا
نَسَخَتْ آياتِهِ أَيْدِي البَلَى / فأرَتْ عَيْنِيَ منهُ الصَّادَ شِينا
وَجَنوبٌ وَشمالٌ جَعَلاَ / تُرْبَهُ فِي جَبهَةِ الدَّهْرِ غضوناً
فَثَراهُ وَحَصَاهُ أبَداً / يَفْضُلانِ المِسْكَ وَالدُّرَّ الثَّمينا
سَحَبَتْ فيهِ الصَّبا أذْيالَها / بِمَدِيحي لإِمامِ المُرسَلِينا
أحْمَدَ الهادِي الَّذي أُمَّتُه / رَضِيَ الله لها الإسلامَ دينا
كانَ سِرّاً في ضَمِيرِ الغَيْبِ مِنْ / قَبْلِ أَنْ يُخْلَقَ كَوْنٌ أَوْ يكونا
تُشْرِقُ الأَكْوانُ مِنْ أَنوارِهِ / كُلَّما أوْدَعَها اللهُ جَبِينا
أسْجَدَ اللهُ لهُ أمْلاكُهُ / يَوْمَ خَرُّوا لأَبيهِ ساجِدينا
ودَعَا آدَمُ باسْمِ المُصْطَفَى / دَعْوَةً قالَ لها الصِّدْقُ آمِينا
فَتَلَقَّى آدَمُ مِنْ رَبِّهِ / كلماتٍ هُنَّ كَنْزُ المُذْنِبِينا
وَبهِ جَنَّاتُ عَدْنٍ رُفِعَتْ / عَلَماً أَبْوابُها لِلْمُسْلِمِينا
ودُعُوا أَنْ تِلْكُمُ الدارُ لكمْ / فادْخُلُوها بسَلامٍ آمِنِينا
وَبهِ نُوحٌ دَعا في فُلْكِهِ / فَأَغاثَ اللهُ نوحاً والسَّفِينا
وَأَغَاثَ اللهَ ذَا النُّونِ بهِ / بَعْدَ ما أَغْرَى بهِ في البَحْرِ نُونا
وَشَفَى أَيُّوبَ مِنْ ضُرٍّ كما / سَرَّ يَعْقُوبَ وَقد كانَ حَزِينا
وَخليلُ اللهِ هَمِّتْ قَومُهُ / أنْ يَكِيدُوهُ فكانوا الأخسرينا
ونور المصطفى إطفاء ما / أوقدوه وتولوا مدبرينا
وَجدَتْهُ أنبياءُ اللهِ في / كلِّ فضْلٍ واجِداً ما يَجِدُونا
مَصْدَرُ الرَّحْمَةِ لِلْخَلْقِ فلا / عَجَبٌ أَنْ يَتَوَلَّى الصَّالحينا
خَتَمَ اللهُ النَّبِيِّينَ بهِ / قَبْلَ أنْ يجْبُلَ مِنْ آدَمَ طِينا
فَهْوَ فِي آبائِهمْ خيرُ أبٍ / وَهْوَ في أبنائِهِمْ خيرُ البَنِينا
قد عَلاَ بالرُّوحِ والجِسْمِ عُلاً / رَجَعَتْ مِنْ دونها الرُّوحُ الأَمِينا
وَرَأَى مِنْ قابِ قَوْسَيْنِ الَّذي / رُدَّ مُوسَى دُونَه مِنْ طُورِ سِينا
وَوَجِيهاً كانَ مُوسَى عِنْدَهُ / مِثْلَما قد كانَ جِبْرِيلُ مَكِينا
صَلَوَاتُ اللهِ ذِي الفَضْلِ عَلَى / رُسُلِ اللهِ إلينا أجْمَعِينا
أكْرَمُ الخُلْقِ هُمُ الرُّسْلُ لنا / وَأبو القاسِمِ خيرُ الأَكْرَمينا
فَتَعَالَى مَنْ بَرَا صُورَتَهُ / مِنْ جَمَالٍ أُودِعَ الماءَ المَهينا
وَاصْطَفَى مَحْتِدَهُ مِنْ دَوْحَةٍ / أنْبَتَتْ أَفْنانُها عِلماً ودِينا
مِنْ أُنسٍ جانَبَتْ أَحْسَابُهُمْ / طُرُقَ الذَّمِّ شِمالاً ويَمِينا
ما رأَينا كَرَمَ الأخْلاقِ في / غَيرِ ما تَأْتُونَهُ أَوْ يَدَّعُونا
يَغْضَبُ المَوْتُ إذا ما غَضِبُوا / وَإذا ما غَضِبُوا هُمُ يَغْفِرُونا
مَعْشَرٌ صَانَهُمُ اللهُ لأَنْ / يُودَعُوا مِنْ أحْمَدَ السِّرِّ المَصُونا
هَذبَ السُّؤْدُدُ أَخْلاقَهُم / فَلَهُمْ مِنْ شَرَفٍ ما يَدَّعُونا
عَجَباً والمُصْطَفَى الشَّمْسُ الذَّي / ظَهَرَتْ أنْوَارُهُ لْلْمُبْصِرِينا
شَهِدَ الكُفَّارَ بالغَيْبِ لَهُ / وَأَتاهُمْ فَإذا هُمْ مُبْلِسونا
أغْلَقُوا بابَ الهُدَى مِنْ دُونِهِمْ / بَعْدَ ما كانُوا بهِ يَسْتَفْتِحُونا
وَعَمُوا عنه فلا وَاللهِ ما / تَنْفَعُ الشِّمْسُ لَدَى القَوْمِ العَمِينا
وَأَتاهُمْ بِكِتابٍ أُحْكِمَتْ / منه آياتٌ لقَوْمٍ يَعْقِلونا
سَمِعَتْهُ الإِنْسُ وَالجِنُّ فما / أنْكَرُوا مِنْ فَضْلِهِ الحقَّ المُبِينا
عَجَزُوا عَنْ سُورَةٍ مِنْ مِثْلِهِ / فَهُمُ اليَوْمَ له مُسْتَسْلِمُونا
قال لِلْكُفَّارِ إذْ أَفْحَمَهُمْ / بالتَّحَدِّي مالكمْ لا تَنْطِقُونا
قَصَّ ما يَأتي عليهمْ مِثْلَما / قَصَّ أَخْبارَ القُرونِ الأَوَّلِينا
وأَتَتْ أَخْبارُهُ في حِكَمٍ / فَتَأملْها ثِماراً وَفُنُونا
قَسَّمَ الرَّحْمَة فِي قُرَّائِهِ / وَعَذابَ الخِزْيِ في المُسْتَقْسِمِينا
ما لَهُ مثْلٌ وَفي أمْثالِهِ / أَبداً مَوْعَظَةٌ لِلْمُتَّقِينا
رَحِمَ اللهُ بهِ الخَلْقَ وَكَمْ / أَهْلَكَ اللهُ بآياتٍ قُرُونا
لَيْتَ شِعرِي ما مُقْتَضَى حِرْماني
لَيْتَ شِعرِي ما مُقْتَضَى حِرْماني / دُونَ غَيْرِي والإلْفُ لِلرَّحْمنِ
أتَرَاني لا أَسْتَحِقُّ لِكَوْني / جامِعاً شَمْلَ قارِئي القرآنِ
أَمْ لِكَوْني في إثْر كلِّ صَلاةٍ / بيَ يُدْعَى لِدَوْلَة السُّلْطانِ
وَبِأَيِّ الأَسْبابِ يُعْطَى مَكانٌ / صَدَقاتِ السُّلطانِ دُونَ مَكانِ
حُمِلَتْ مِنْ عَطائِهِ أَلْفُ دِينا / رِ إِلَينا مِنْ بَعْدِها أَلْفانِ
ما أتاني منها ولا الدِّرْهَمُ الفَرْ / دُ وَهذا حقيقةُ العُدْوانِ
زَعَمَ ابنُ البَهاءِ أَنَّ عَطايا / الْمَلِكِ الصَّالحِ العَظِيمِ الشَّانِ
ما كَفَتْ سائِرَ المدارِسِ / أَوْ ضُمَّ إليها مِنْ مالِها دِرْهَمانِ
وَلَعَمْرِي لَقَدْ تَوَفَّرَ نِصْفُ / الْمالِ مِنها وَراحَ في النِّسْيانِ
إنْ أَكُنْ ما أقولُهُ مِنه دَعْوَى / فاطلُبُوني عليه بالبُرْهانِ
أوَ ما كانَ عِدَّةَ الفُقها / ألْفُ فَقِيهٍ مِنْ بَعِدِها مِئَتَانِ
فاحْسبُوها بَمُقْتَضَى الصَّرْفِ دِينا / راً وَرُبْعاً لِلْجِلَّةِ الأَعْيانِ
تَجِدُوها ألْفاً وخَمْسَ مِئاتٍ / غَيْرَ ما خَصَّها مِنَ يَدِ الوَزَّانِ
أنَا لا أنْسُبُ البَهاءَ عَلَى ذا / لِكَ إلاَّ لِقِلَّةِ الإِيمانِ
هُوَ وَلَّى أهْلَ الخيانَةِ فما / وَتَوَلَّى ال الخَوَّانِ
كُلَّما جاءَتِ الدَّنانيرُ / يَنْقَضُّ عليها البَهاءُ كالشَّيْطانِ
مَدَّ فيها يَدَ الخيانَةِ / فامْتَدَّ إليه بالذَّمِّ كلُّ لِسانِ
وَلَعَمْرِي لَوِ اتَّقَى اللهَ في / السِّرِّ اتَّقَتْهُ الأَنامُ في الإعْلانِ
وَعَلَى كلِّ حالَةٍ أَحْمَدُ / اللهَ الذَّي مِنْ سْؤَالِهِ أُعْفانِي
فَلَقَدْ حَلَّ في المَدارِسِ في / الأَخْذِ كَثْرَةُ الأَذَى وَالهَوانِ
وأُزِيلَتْ بالسَّبِّ أعْراضُ / مَنْ فيها فما قامَ الرِّبْحُ بالخُسرانِ
كيفَ أنْسَى قَوْلَ الشِّهَابِ جِهاراً / قَبَّحَ اللهُ كلَّ ذِي طَيْلَسانِ
خَدَعُونا واللهِ مَمَّا يَمُدُّو / نَ أَكُفَّا كَكِفَّةِ المِيزانِ
آهِ واضَيْعَةَ المَساكِينِ / إنْ وُلِّيَ أَمْرَ الطَّعامِ في رَمَضانِ
انْظُرْ بِحَقِّكَ في أَمْرِ الدَّواوِينِ
انْظُرْ بِحَقِّكَ في أَمْرِ الدَّواوِينِ / فالكلُّ قد غيَّرُوا وضْعَ القَوانينِ
لَمْ يَبْقَ شَيءٌ عَلَى ما كُنْتَ تَعْهَدُهُ / إلاَّ تَغَيَّرَ مِنْ عالٍ إلَى دُونِ
الكاتِبُونَ وَلَيْسُوا بالكِرامِ فما / منهمْ على المالِ إنْسانٌ بِمَأْمُونِ
والكُلُّ جَمْعاً بِبَذْلِ المالِ قد خَدَمُوا / وما سَمِعْنَا بهذا غيرَ ذا الحِينِ
فَهُمْ على الظَّنِّ لا التَّحْقِيقِ بَذْلُهُمُ / وما تَحَقَّقَ أمْرٌ مِثْلَ مَظْنُونِ
نالوا مناصِبَ في الدُّنيا وأخْرَجَهُمْ / حُبُّ المَناصِبِ في الدُّنيا على الدِّينِ
قد طالَ ما طُرِدُوا عنها وما انْطَرَدُوا / إلاَّ وَقَومٌ عليها كالذَّبابينِ
وطالما قُطِّعَ أَذْنابُ الكِلابِ لَهُمْ / فاسْتُخْدِمُوا بَعْدَ تَقْطِيع المَصارِينِ
قَدْ يَنْفَعُ النَّاسَ حَتَّى الحَشُّ مِنْ غَرَضٍ / وَغَيْرُهُ مِنْ رَياحِينٍ وَبَشْنِينِ
ضُمَّانُ رِيحٍ بطَيْرٍ فَوْقَ طائِرِهِمْ / يَطِيرُ وَالرِّيحُ شُيَّاعٌ بِمَضْمُونِ
لَوْ أمْكَنَ الْقَوْمَ وَزْنُ المالِ لاتَّخَذُوا / لَهُ الموازِينَ مِنْ بَعْدِ القَبابِينِ
وَمَسْحَهُمْ للسَّمواتِ العُلى افْتَعَلُوا / فِيها كما يَفْعَلُ المَسَّاحُ لِلطِّينِ
وَلَمْ يُبالُوا بِرَحْمِ الْغَيْبِ مِنْ أَحَدٍ / كلاَّ وَلا بِرُجُومِ للشَّياطِينِ
عَزُّوا وَأكْرَمهُمْ قَومٌ لَحَاجَتِهِمْ / ما نَالَهُمْ بَعْدَ ذَاكَ العِزِّ مِنْ هُونِ
وَطَاعَنُوا النَّاسَ بالأَفْلاءِ وَاسْتَلَبُوا / مِنْهُمْ بِهَا كُلَّ مَعْلُومٍ وَمَكْنُونِ
وَمِنْ مَواشٍ وَأَطْيارٍ وَآتِيَةٍ / وَمِنْ زُرُوعٍ وَمَكْيُولٍ وَمَوْزُونِ
لَهُمْ مَوَاقِفُ في حَرْبِ الشُّرُورِ كَمَا / حَرْبُ البَسُوسِ وَحَرْبٌ يَوْمَ صِفِّينِ
لا يَكْتُبُونَ وُصُولاتٍ عَلَى جِهَةٍ / مُفَصَّلاتٍ بأسمَاءٍ وَنَبِيِينِ
إلاَّ يَقُولُونَ فِيما يَكْتُبُونَ لَهُ / مِنَ الحُقُوقِ وَماذَا وَقْتُ تَعْيِينِ
فَاسْمَعْ وَكاسِرْ وَحَسِّ الرِّيحَ يا فَطِناً / فَلَسْتَ أَوَّلَ مَقْهُورٍ وَمَغْبُونِ
وَكُلُّ ذلِكَ مَصْرُوفٌ وَمَصرِفُهُمْ / لِلشِّيخِ يُوسُفَ أبي هَبْصِ بنِ لَطْمِينِ
وَلِلشَّرَابِ وَتَبْيِيتِ الْخَطاءِ بِهِ / يَجْلُو الْعُقَارَ بِأجْناسِ الرَّياحِينِ
وَلِلْعُلُوقِ وَأَنْواعِ الْفُسُوقِ مَعاً / وَلِلْخُرُوقِ الْكَثِيراتِ التَّلاوِينِ
وَلِلْبِغالِ الْوَطِيَّاتِ الرِّكابِ تَرَى / غِلْمانَهُمْ خَلْفَهُمْ فَوْقَ الْبراذِينِ
وَلِلْمَنَادِيلِ فِي أَوْساطِ مَنْ مَلَكُوا / وَلِلْمَنَاطِقِ فيها وَالهمايِينِ
وَلِلرَّباعِ العَوَالِي الارْتِفاعِ بِناً / وَلِلْبَساتِينِ تُنْشَأُ وَالدَّكاكِينِ
وَلِلْفَجَاجِ وَحُمْلاَنِ النَّعاجِ / وَأَطْيارِ الدَّجاجِ وَأَنْواعِ السَّمامِينِ
وَلِلشَّباذِي وَلِلأنْطَاعِ تُفْرَشُ في / تَمُّوزَ فَوْقَ رُخامٍ في الأَوَاوِينِ
وَلِلْمَجَالِسِ في أوْسَاطِها خَرَكٌ / وَلِلطَّنافِسِ في أيَّامِ كانُونِ
وَلَسْتُ أَحْصُرُ أَلْوَاناً لأَطْعِمَةٍ / تَفَنَّنَ الْقَوْمُ فيها كُلَّ تَفْنِينِ
وَلِلْمَلاَبِسِ كَمْ ثَوْبٍ مُلَوَّنَةٍ / فِيهَا العِرَاقِي مَعَ الهِنْدِيِّ وَالْبَوْني
وَكَمْ ذَخائِرَ ما عِنْدَ المُلُوكِ لَها / مِثْلٌ فَمِنْ مُودَعٍ سَقْفاً وَمَدفُونِ
وَكَمْ مجالِسَ أُنْسِ عُيِّنَتْ لَهُمْ / تُنْسِي الهُمُومَ وَتُسْلِي كُلِّ مَخْزونِ
وَكَمْ حُلِيِّ نِساءٍ لاَ يُثَمِّنُهُ / مُقَوِّمٌ قَطُّ في الدُّنيا بِتَثْمِينِ
فَقُلْ لِسُلْطَانِ مِصْرَ وَالشآمِ مَعاً / يا قَاهِراً غَيْرَ مَخْفِيِّ الْبَرَاهِينِ
وَمَنْ يُخَوِّفُ مِنْ سَيْفٍ بِراحَتِهِ / ذَوِي السُّيُوفِ وَأَصْحَابَ السَّكاكِينِ
اكْشِفْ بِنَفْسِكَ أُسْوَاناً وَمَنْ مَعَها / مِنَ الصَّعِيدِ بَلاَ قَوْمِ مَسَاكِينِ
عُمَّالُها قَدْ سَبَوْهُمْ مِنْ تَطَيُّبِهِمْ / ما لا يَكُونُ بَمَفْرُوضِ وَمَسْنُونِ
كُلٌُّ تَرَى كاتِباً لِلسُّوءِ يُنْظَرُهُ / لِنَهْبِهِمْ كَمْ كَذَا عامٍ وكَمْ حِينِ
سَبَوُا الرَّعِيَّةَ لَمْ يُبْقُوا عَلَى أحَدٍ / ولا أَمانَةَ لِلْقِبْطِ المَلاعِينِ
لاَ تَأمَنَنَّ عَلَى الأَمْوَالِ سَارِقَها / ولا تُقَرِّبْ عّدُوُّ اللهِ والدِّينِ
وخَلِّ غَزْوَ هُلاكو وَالْفَرَنْسِ مَعاً / وانْهَضْ بِفُرْسانِكَ الغُرِّ المَيامِينِ
واغْزُنَّ عَامِلَ أسْوانَ تنال بِهِ / جَنَّاتِ عَدْنٍ بإحْسَانٍ وَتَمْكِينِ
وكُلَّ أمْثالِهِ في الْقِبْطِ أَغْزُهُم / فالغَزْوُ فِيهِمْ حَلالُ الدَّهْرِ والْحِينِ
وَاسْلُبْهُمْ نِعَماً قَدْ شاطرُوكَ بِها / كَما يُشاطَرُ فَلاَّحٌ الْفدَادِينِ
فَقَدْ تَواطَوْا عَلَى الأَمْوالِ أجْمَعِها / وَفَذْلَكُوا كُلَّ تِسْعِينٍ بِعِشْرِينِ
وَصانَعُوا كُلَّ مُسْتَوْفٍ إذَا رَفَعُوا / لَهُ الْحِسابَ بِسُحْتٍ كالطَّوَاعِينِ
ورَبَّحُوهُ فقالَ الشَّيْخُ وَالِدُنا / قَسُّ الْقُسُوِسِ وَمُطْرَانَ المَطارِينِ
مِنَّا لَهُ العُذْرُ فيما حَلَّ يَقْبَلُهُ / إمَّا بِرَسْمٍ مِدَادٍ أوْ لِصابُونِ
وَلِلزُّيُوتِ وَإيقَادِ الْكَنَائِسِ كَمْ / وَلِلدَّقِيقِ المُهَيَّا لِلْقَرابِينِ
فَذاكَ في الصَّدَقاتِ الجَارِياتِ بِهِ / يُسْحَبْ عَلَى الْوَجْهِ أَوْ يُقْلَبْ بِسجِّينِ
وَكيفَ يَقْبَلُ بِرّاً مِنْ مُصانَعَةٍ / ومِنْ سحابٍ بِتَحْرِيكٍ وَتَسْكِينِ
وَكَيفَ يَقْبلُ مِنها مِنْ مُصاَنَعَةٍ / ومِنْ كُلِّ مِسْكِينَةٍ فيه وَمِسْكِينِ
كَمْ هكذَا سَرَقُوا كَمْ هكذا ظَلَمُوا / كَمْ هكذَا أخَذُوا مالَ السَّلاطِينِ
أتْرُكُ ذَنْبٍ وَسُؤالٌ لِمَغْفِرَةٍ / عِنْدَ الإلهِ لِقَوْمٍ كالمجانِينِ
وَقالَ قَوْمٌ لَقَدْ أَحْصَى مَنالَهُمْ / وَقامَ فِيها بَمَفْروضِ وَمَسْنُونِ
فَقلتُ وَاللهِ مَا وَصْفِي لأنشُرَها / فِيما يَقومُ بِهِ شَرحِي وَتِبيِينِي
وَإنَّما ذاكَ مَجْهُودِي وَمَقْدِرَتِي / وَطاقَتِي في حِجاناتِ الثَّعابِينِ
ثَكِلْتُ طوائِفَ المُسْتَخْدَمِينا
ثَكِلْتُ طوائِفَ المُسْتَخْدَمِينا / فَلَمْ أَرَ فِيهمُ رَجُلاً أَمِينا
فَخُذْ أَخْبَارَهُمْ مَنِّي شِفاهاً / وَأنْظِرْني لأُخْبِرُكَ اليَقِينا
فَقَدْ عَاشَرْتُهُمْ وَلَبِثْتُ فِيهمْ / مَعَ التَّجْرِيبِ مِنْ عُمْرِي سِنينا
حَوَتْ بُلْبُيْسُ طائِفَةً لُصُوصاً / عَدَلْتُ بِوَاحِدٍ مِنْهُمْ مِئِينا
فُرَيْجِي والصَّفِيَّ وَصاحِبَيْهِ / أبَا يَقْطُونَ والنَّشْوَ السَّمِينا
فَكُتَّابُ الشَّمالِ هُمُ جَمِيعاً / فلا صَحِبَتْ شِمالُهُمُ اليَمِينا
وَقَدْ سَرقُوا الْغِلالَ وما عَلِمْنا / كما سَرَقَتْ بَنُو سَيْفِ الجُرُونا
وَكَيفَ يُلاَمُ فُسَّاقُ النَّصارَى / إذَا خانَتْ عُدُولُ المُسْلِمينا
وَجُلُّ النَّاسِ خُوَّانٌ وَلكِنْ / أُناسٌ مِنْهُمْ لا يَسْتُرُونا
وَلَوْلا ذَاكَ مَا لَبِسُوا حَرِيراً / ولا شَرِبُوا خُمُورَ الأنْدَرِينا
ولا رَبُّوا مِنَ الْمُرْدانِ قَوْماً / كَأَغْصانٍ يَقُمْنَ وَيَنْحَنِينا
وَقَدْ طَلَعَتْ لِبَعْضِهِمُ ذُقُونٌ / ولكِنْ بَعْدَ ما نَتَفُوا ذُقونا
بأيِّ أَمَانةٍ وبِأيِّ ضَبْطٍ / أَرُدُّ عَنِ الخِيانَةِ فاسقِينا
ولا كِيساً وَضُعْتُ عَلَيْهِ شَمْعاً / ولا بَيتاً وَضَعْتُ عَليْهِ طِينا
وَأَقْلاَمُ الجَماعَةِ جائِلاتٌ / كأسْيَافٍ بأَيْدِي لاعِبِينا
فإنْ ساوَقْتَهُمْ حَرْفاً بحَرْفٍ / فكُلُّ اسْم يَحُطُّوا مِنْهُ سِينا
وَلا تَحْسَبْ حٍِسابَهُمْ صَحِيحاً / فإن بخصْمِهِ الدَّاءَ الدَّفِينا
ألَمْ تَرَ بَعْضَهُمْ قَدْ خانَ بَعْضاً / وعَنْ فِعْلِ الصَّفا سَلَّ المَكِينا
ولَمْ يَتَقاسَمُوا الأسفالَ إلاَّ / لأَنَّ الشَّيْخَ مَا احْتَمَلَ الْغُبونا
أٌقامُوا في البِلادِ لهُمْ جُباةً / لِقَبضِ مُغَلِّها كالمُقْطعينا
وَإنْ كتَبُوا لِجُنْدِيٍّ وُصُولاً / عَلَى بَلَدٍ أَصابَ بِهِ كَمِينا
وَما نَقْدِيَّةُ السُّلْطَانِ إلاَّ / مَعَ المُسْتَخْدَمِينَ مُجَرَّدِينا
فَكَمْ رَكِبُوا لِخِدْمَتِمْ نهاراً / ولَيْلاً يَسْأَلُونَ وَيَضْرَعُونا
وَكَمْ وَقَفُوا بِأَبْوَاب النَّصارَى / عَلَى أسْيَافِهِمْ مُتَوَكِّلِينا
ولَمْ يَنْفَعْهُمُ البَرْطِيلُ شَيئاً / وما ازْدَادُوا بهِ إلاَّ دُيُونا
كأنَّهُمْ نِساءٌ مَاتَ بَعْلٌ / لَهُ وَلَدٌ فَوُرِّثْنَ الثُّمَينا
وقَدْ تَعِبَتْ خُيُولُ الْقَوْمِ مِمَّا / يَطُوفُونَ البِلادَ ويَرْجِعُونا
عذَرْتُهُمْ إذَا باعُوا حَوالا / تِهِمْ بالرُّبْعِ لِلْمُسْتَخْدِمِينا
وَأَعْطَوْهُمْ بِها عِوَضاً فكانُوا / لِنِصْفِ الرُّبْعِ فيهِ خاسِرِينا
أمَولاَنا الوزيرَ غَفَلْتَ عَمَّا / يَهُمُّ مِنَ الكِلابِ الخَائِنِينا
أَتُطْلِقُ بامِكِيَّاتٍ لِنَومٍ / وتُنْفِقُ فَيء قَوْمٍ آخِرِينا
فلا تُهْملْ أُمورَ المُلْكِ حَتَّى / يَذِّلَّ الجُنْدُ لِلْمُتَعَمِّمِينا
فَهَلْ مَلَكُوا بأقلامٍ قِلاعاً / وهَلْ فَتَحُوا بأوْراقٍ حُصُونا
وَمَنْ قَتَلَ الفَرَنْجَ أشَدَّ قَتْلِ / وَمَنْ أَسَرَ الفَرَنْسِيس اللَّعِينا
ومنْ خاضَ الهواجِرَ وَهُوَ ظامٍ / إلَى أَنْ أُوْرَثَ التَّتَرَ المَنُونا
ولاقُوا المَوْتَ دُونَ حريمِ مِصْرٍ / وَصانُوا المَالَ مِنهُمْ وَالبَنِينا
وَلَمْ تُؤْخَذْ كما أُخِذَتْ دِمَشْقٌ / ولا حُصِرَتْ كَميَّاً فارقِينا
وَمَا أَحَدٌ أَحَقَّ بأَخْذِ مَالٍ / مِنَ الأتْرَاكِ وَالمُتَجَنِّدِينا
وَمَنْ لَمْ يَدَّخِرْ فَرَساُ جَوَاداً / لِوَقِعَةٍ وَلا سَيْفاً ثَمِينا
فَبَعْدَ المَوْتِ قُلْ لِي أَيِّ شَيءٍ / لهُ في بَيْتِ مَالِ المُسْلِمِينا
إذَا أُمَناؤُنَا قَبِلُوا الهَدَايا / وَصَارُوا يَتْجَرُونَ وَيَزْرَعُونا
فلِمْ لا شاطَرُوا فيما اسْتَفادوا / كما كانَ الصَّحابَةُ يَفْعَلُونا
وَكَلُّهُمُ عَلَى مَالِ الرُّعايا / وَمالِ رُعاتِهِمْ يتَحيَّلُونا
تَحَيَّلَتِ القُضاةُ فَخانَ كُلٌّ / أَماَتَهُ وَسَمَّوْهُ الأمِينا
وَكَمْ جَعَلَ الْفَقِيهُ الْعَدْلَ ظُلْماً / وَصَيَّرَ بَاطِلاً حَقَّاً مُبِينا
وما أَخْشَى عَلَى أَمْوَالِ مِصْرٍ / سِوَى مِنْ مَعْشَرٍ يَتَأَوَّلُونا
يَقُولُ المُسْلمُونَ لَنا حُقوقُ / بها ولَنَحْنُ أَوْلَى الآخِذِينا
وَقَالَ الْقِبْطُ إنَّهمُ بِمِصْرَ / الْمُلُوكُ ومَنْ سوَاهُمْ غَاصِبُونا
وَحَلَّلتِ الْيَهُودُ بِحِفظِ سَبْتٍ / لَهُمْ مَالَ الطَوَائِفِ أَجْمَعِينا
فلا تَقْبَلْ مِنَ النُّوَّابِ عُذْراً / ولا النُّظَّارِ فِيما يُهْمِلُونا
فلا تَسْتَأْصِلِ الأمْوالَ حَتَّى / يَكُونُوا كلُّهُمْ مُتَوَاطِئينا
وَإلاَّ أَيُّ مَنْفَعَةٍ بِقَوْمٍ / إذَا اسْتَحْفَظْتَهُمْ لاَ يَحْفَظُونا
أَلَيْسَ الآخِذُونَ بِغيْرِ حَقِّ / لِمَا فَوْقَ الْكِفايَةِ خَائِنِينا
وَأنَّ الْكانِزِينَ المَالَ مِنْهُمْ / أُولئِكَ لَمْ يكُونُوا مُؤمِنِينا
تَوَرَّعَ مَعْشَرٌ مِنْهُمْ وَعُدُّوا / مِنَ الزُّهَّادِ وَالمُتَوَرِّعِينا
وَقِيلَ لَهُمْ دُعاءٌ مُسْتَجابٌ / وَقَدْ مَلَئُوا مِنَ السُّحْتِ البُطُونا
فلا تَقْبَلْ عَفاف المَرْ حَتَّى / تَرَى أتْباعَهُ مُتَعَفِّفِينا
ولا تُثْبَتْ لهُمْ عُسْراً إذَا مَا / غَدَتْ ألْزامَهُ مُتَمَوِّلِينا
فإنَّ الأصْلَ يَعْرَى عَنْ ثِمَارٍ / وَأوْراقٍ وَيَكْسُوها الغُصُونا
فإنَّ قَطائِعَ العُرْبانِ صَارَتْ / لِعُمَّالِ لها ومُشَارِفِينا
فَوَلَّى أمْرَها ابنُ أبِي مُلَيْحٍ / فَأَصْبَحَ لا هَزِيلَ وَلاَ سَمِينا
وناطَحَ وَهْوَ أَقْرَعُ كلَّ كَبْشٍ / فَكَيْفَ وَقَدْ أصابَ لهُ قُرُونا
وَقَدْ شَهِدَتْ بِذاهُلْبا سُوَيْدٍ / وَهُلْبا بَعْجَةٍ حَرْباً زَبُونا
وكَمْ رَاعَت لِبغْلَتِهِ شِمالاً / وكَمْ رَاعَتْ لِبَغْلَتِهِ يَمِينا
ولَوْلا ذَاكَ مَا وَلَّوا فِراراً / مِنَ الْبَحْرِ الكَبِيرِ لِطُورِ سينا
إذَا نَثَرُوا الدَّراهِمَ في مَقامٍ / ظَنَنْتُ بهِ الدَّراهِمَ ياسَمِينا
إذَا جَيَّشْتَ جَيْشاً في غَزاةٍ / تَرَى كُتَّابَهُمْ مُتباشِرينا
وإنْ رَجَعُوا لأرْضِهِمْ بخَيْرٍ / فَلَمْ تَرَ كاتِباً إلاَّ حَزِينا
وَقَدْ ثَبَتَتْ عَدَاوَتُهُمْ فَتَمَيِّزْ / يَمِينِكَ مَنْ يكُونُ لهُ مُعِينا
ولَمَّا أنْ دُعُوا لِلْبَابِ قُلْنا / بِأنَّ الْقَومَ لاَ يَتَخَلَّصُونا
وكانُوا قَدْ مَضَوْا وَهُمُ عُرَاةٌ / فَجَاءُوا بَعْدَ ذَلِكَ مُكْتَسِينا
وصارُوا يَشْكُرُون السِّجْنَ حَتَّى / تَمَنَّى النَّاسُ لَوْ سكَنُوا السُّجُونا
فقُلْتُ لَعَلُّكُمْ فيهِ وجَدْتُمْ / بِطُولِ مُقامكُمْ مَالاً دَفِينا
فقَالُوا لا وَلكِنَّا أسَأْنا / بأَنْفُسِنا وَخالَفْنا الظُّنُونا
وَقُلْنا المَوتُ مالا بُدَّ مِنْهُ / فماذا بَعْدَ ذلِكَ أنْ يَكُونا
فلمْ تَتْرُكْ مِنَ الأقْوالِ شَيْئاً / وخاطَرْنا وجِئْنا سَالِمِينا
يُحِيلُ عَلَى البلادِ بِغَيْرِ حَقٍّ / أناساً يَعْسِفُونَ وَيَظْلِمونا
وإنْ مَنَعُوا تَقَوَّلْنا عَلَيْهِمْ / بأنَّهُمْ عُصَاةٌ مُفْسِدُونا
وَجَهَّزْنا وُلاةَ الْحَرْبِ لَيْلاً / عَلَى أنْ يَكْبِسُوهُمْ مُصْبِحِينا
فَصَالُوا صَوْلَةً فيمَنْ بَلِيهِمْ / وَصُلْنَا صَوْلَةً فيمَنْ بَلِينا
فَجِئْنا بالنِّهابِ وَبِالسَّبايا / وجاءُوا بالرِّجالِ مُصَفَّدِينا
وَجِنُّ مَشارِفٍ بُعِثُوا شُهُوداً / فإنَّ مِنَ الوُثُوقِ بهِمْ جُنُونا
وَمنْ ألِفَ الخِيانَةَ كيْفَ يُرْجَى / لهُ أنْ يَحْفَظَ اللِّصَّ الْخَئُونا
وما ابنُ قُطَيَّةٍ إلاَّ شَرِيكٌ / لهُمْ في كُلِّ مَا يَتَخَطَّفُونا
أغارَ عَلَى قُرَى فَاقوسَ مِنْهُ / بِجَوْرٍ يَمْنَعُ النَّوْمَ الجُفُونا
وَجَاسَ خِلالها طُولاً وعَرْضاً / وغادَرَ عالِياً مِنْها حُزُونا
فَسَلْ أَذْنِينَ وَالبَيْرُوقَ عَنْهُ / وَمَنْزِلَ حَاتمٍِ وسَلِ الْعَرِينا
فَقَدْ نَسَفَ التِّلالَ الحُمْرَ نَسْفاً / وَلَمْ يَتْرُكْ بِعَرْصَتِها جُرُونا
وَصَبَّرَ عِيْنَها حِمْلاً وَلكِنْ / لِمَنْزِلِهِ وَغَلَّتَها خَزِينا
وَأَصْبَحَ شُغْلُهُ تَحْصِيلَ تِبْرٍ / وكانَتْ رَاؤُهُ مِنْ قبْلُ نُونا
وَقَدَّمَهُ الَّذِينَ لَهُمْ وُصُولٌ / فَتَمَّمَ نَقْصَهُ صِلَةُ اللذينا
وفي دَارِ الْوِلايَةِ أَيُّ نَهْبٍ / فَلَيْتَكَ لَوْ نَهَبْتَ النَّاهِبِينا
وما فِرْعَوْنُ فيها غَيْرَ مُوسَى / يَسُومُ المُسْلِمينَ أَذَىً وهُونا
إذَا ألْقَى بِها مُوسى عَصاهُ / تَلَقَّفَتِ الْقَوَافِلَ والسَّفِينا
وَفِيها عُصْبَةُ لا خَيرَ فِيهِمْ / عَلَى كُلِّ الوَرَى يَتَعَصَّبُونا
وَشاهِدُهُمْ إذَا اتُّهِمُوا يُؤَدِّي / عَنِ الْكُلِّ الشَّهَادَةَ وَاليَمِينا
وَمَنْ يَسْتَعْطِ بِالأقْلامِ رزْقاً / تجِدْهُ عَلَى أمانَتِهِ
وَلَسْتُ مُبَرِّئاً كُتَّابَ دَرْجٍ / إذَا اتُّهِمَتْ لَدَيَّ النَّاسِخُونا
فَهاكَ قَصِيدَةً في السِّرِّ مِنِّي / حَوَتْ مِنْ كُلِّ وَاقِعَةٍ فُنُونا
قُلْ لِعَلِيٍّ الَّذي صَدَاقَتُهُ
قُلْ لِعَلِيٍّ الَّذي صَدَاقَتُهُ / عَلَى حُقُوقِ الإِخْوَانِ مؤْتَمَنَهْ
أَخُوكَ قَدْ عُوِّدَتْ طَبِيعَتُهُ / بِشَرْبَةٍ في الرَّبِيعِ كُلَّ سَنَه
والآنَ قَدْ عَفَّنَتْ عَلَيْهِ وَقَدْ / هَدَّتْ قُوَاهُ وَجَفَّفَتْ بَدَنَهْ
وَعَوَدَتْ يَوْمَها زِيارَتَهُ / وما اعْتَرَاها مِنْ قَبْلِ ذَاكَ سَنَهْ
وَعادَ عِنْدَ القِيامِ يَحْمِلُها / بِرَاحَتَيْهِ كَأَنَّهَا زَمِنَهْ
جِئْت بِها لِلطَّبِيبِ مُشْتَكياَ / وَدَمْعَتِي كالعَوَارِضِ الهَتِنَهْ
فقالَ عُدْ لِي إذَا احْتَمَيتُ وكُلْ / في كُلِّ يَوْمِ دَجَاجَةً دَهِنَهْ
كَيْفَ وُصُولِي إلَى الدَّجَاجَةِ / والبَيْضَةُ عِنْدِي كَأنَّها بَدَنَهْ
جَزَاكَ رَبِّي إذَا انْتَهَلْتُ بِمَا / شَرِبْتُ عَنْ كُلِّ خَرْيَةٍ حَسَنَهْ
نَهَى السُّلْطانُ عَنْ شُرْبِ الْحُمَيَّا
نَهَى السُّلْطانُ عَنْ شُرْبِ الْحُمَيَّا / وَصَبَّر حَدَّها حَدَّ الْيَمَانِيْ
فما جَسَرَتْ مُلُوكُ الجِنِّ مِنْهُ / لِجَوْفِ الْقَتْلِ تَدْخُلُ في القَنَانِيْ
أنْشَأْتَ مَدْرَسَةً ومَارسْتاناً
أنْشَأْتَ مَدْرَسَةً ومَارسْتاناً / لِتُصَحِّحَ الأَجْسامَ وَالأبْدَانَا
كَمْ قُلْتُ لِلأَكْرَمِ الْحَشَّاءِ أَنْصَحُهُ
كَمْ قُلْتُ لِلأَكْرَمِ الْحَشَّاءِ أَنْصَحُهُ / بأَنَّ عبدَكَ مُحْتاجٌ لِلَقَّانِ
فقالَ عَبْدِي عِفْرِيتٌ فَقُلْتُ لَهُ / إنِّي أَخافُ عَلَيْهِ مِنْ سُلَيْمانِ