المجموع : 14
يبكي بنوك ويضحك الزمن
يبكي بنوك ويضحك الزمن / ماذا أصابك أيها الوطنُ
ما أوشكت أن تنتهي محنٌ / إلا وجاءت بعدها محنُ
أما الرسوم فإنها درست / أما الرجال فإنهم دفنوا
لو لا بقايا معشر سلفوا / لتنبهت من نومها الفتنُ
العصر راجت سوق باطله / فالحق فيه ماله ثمنُ
فطن البرايا للذي وقعوا / فيه وبعض الناس ما فطنوا
يا قوم هبوا من مضاجعكم / طال المدى حتى م ذا الوسنُ
يريد الناس في الدنيا هناء
يريد الناس في الدنيا هناء / ويأبى أن يجود به الزمانُ
حياة حاربتهم منذ كانت / وجد حاربوهُ منذ كانوا
وآمال تغرهم عجاف / وأحداث تكذبها سمانُ
وكم من مستنيل ليس يُعطى / وكم من مستعين لا يعانُ
تكاثرت الهموم فلا يراع / يوفيها الشكاة ولا لسانُ
أماناً أيها الخصم المعادي / إذا دان العدى وجب الأمانُ
إن رغبوا إليك رغبت عنهم / لقد هانت رغائبهم وهانوا
يمني الناس بعضهم بخير / ألا كذبوا على بعض ومانوا
فما للخير في الدنيا أوان / ولا للخير في الأخرى أوان
ولكن الشباب لهُ جماح / ليليَ ثم يعقبهُ الحرانُ
يشد عنانهُ رأي جميع / زماناً ثم يسترخي العنان
وداعٍ جاء يدعوني لنصح / وقد وهت النهى ووهى البنان
تعبت من الكلام فليس يجدي / لبث النصح نظم أو بيانُ
وكانت ضلة ونزعت عنها / فها أنا لا أدين ولا أدانُ
وما أسفي على عهد تقضي / ولكن صنت عهداً لا يصان
ظلمت أمينه دهراً طويلاً / وكنت أظن أني لا أخان
ودار لا يزول القتل عنها / كان الحرب فيها مهرجان
أهاب بها اليراع فلم تجبهُ / وناداها فجاوبت السنانُ
تظل بها السواعد عاملات / يصرفها ضراب أو طعانُ
بكت عيني الشباب وحين جفت / مدامعها غدا يبكي الجنانُ
لعمرك مالذي نُصح مكان / ولا للنصح في الدنيا مكان
فدعني إن آمالي استكفّت / فلي شأن وأهل النصح شان
لو يعلم المهد ما يكون
لو يعلم المهد ما يكون / من بعده ذخره الثمين
لبات حرصاً به ضنيناً / وذو الغوالي بها ضنين
يظل يهفو به حنين / إذا شجا ربه حنين
يصر في ميله صريراً / كأنه تحته أنين
يا حبذا الوجه حين يبدو / من فوقه ذلك الجبين
حسن تشك العقول فيه / وينتهي عنده اليقين
لما تجلى بها صباها / وجاولت عينها العيون
وأقبلت تنثني دلالاً / كما انثنت قبلها الغصون
أطاعها الحب في البرايا / فكيف كانت لهم يكون
تحاجزت دونها الأماني / وأوقفت عندها الظنون
امست وعشاقها ملوك / أضحت وأخوانها قيون
فوجهها للعلا وفي / وقلبها للهوى خؤون
وجسمها في الورى عزيز / وقدرها عندهم مهين
وكم قصور بها حسان / أحب منها لها السجون
ملت سهول الحياة رغماً / وأعجبتها بها الحزون
في أوج تلك السماء شمس / تغضي لاشراقها الجفون
لم يستقر الفؤاد منها / بينا خفوق إذا سكون
وما خلا من جوى فاءما / مضت شجون أتت شجون
أستسلمت للزمان طوعاً / إذا قسا صرفه تلين
تشتاق في عزها ذويها / وحصنها دونهم حصين
حتى م هذي القيود تبقى / يا رب قد كلت المتون
هل عند لحظيك شيء
هل عند لحظيك شيء / من باقيات المعاني
فليلهماني قليلاً / إني ضعيف البيان
ما في فؤادي باق / وقل ما في لساني
يا نعمة الله عندي / وجل من أولاني
لأنت أحسن شيء / أعطاه للإنسان
تنأى فديتك آمال مكذبة
تنأى فديتك آمال مكذبة / لم تبق ذكراً ولا هيأت سلوانا
قد كان ما كان من قلبي ومن نظري / يا ليت ما كان قبل اليوم ما كانا
بين صدق النهى وكذب الأماني
بين صدق النهى وكذب الأماني / وقف الرأي والهوى ينظران
للهوى جرأة وللرأي حكم / والبرايا لديهما شيعتان
يا نفوساً جنى الشباب عليها / قضي الأمر لديهما واستراح الجاثي
لست الحاك في زمان غرور / فلقد مر في الغرور زماني
والخيال الذي صبوت إليه / منذ عشرين حجة أصباني
خبر الناس أيها النيل عني / وأشهدا معه أيها الهرمان
المغاني التي بكيت عليها / باقيات تكلمي يا مغان
غازلتني عيون زهرك حيناً / وقماريك رددت ألحاني
وإذا أنت حال عهدك بعدي / فكما شئت مهجتي ولساني
يا ربوع الهوى بأية كأس / قد سقاني فيك الهوى من سقاني
بلبل مشتك وورد مصيخ / أنظروا كيف يهنأ العاشقان
أضحك الدهر معشراً جهلوه / وأنا مذ عرفته أبكاني
كلما قلت للمنى أدناني / جد حتى عن المنى أقصاني
ايها الشرف كيف حالك فينا / ينجلي نازل فيغشاك ثان
هدمتك الخطوب صرحاً فصرحاً / قوضت من علاك شم المباني
يظلم الناس بعضهم منذ كانوا / طال ظلم الأنسان للأنسان
وإذا كان في الحياة قليل / من نعيم فذاك للتيجان
والعقول التي نخال انارت / استسرت في ظلمة الأديان
أنت يا أيها الكتاب أميني
أنت يا أيها الكتاب أميني / غير أني أخاف حتى الأمينا
صنت سري في الحب عنك وعني / فاسترحنا وبات سري مصونا
كلما ضاقت القلوب بسر / فجرت منه في العيون عيونا
وصدور الأوراق أهون كشفاً / لمريد أن يستبين شؤونا
ليس في دولة المحاسن قلب / عالم بي إلا يظن الظنونا
ومحال في سنة الدهر أن يم / نع أمراً قد كان من أن يكونا
رب سر أودعته في قلوب / كزجاج الأقداح منها استبينا
قد طويت الكتاب عن أعين الخل / ق وأبقيت لي أنا المضمونا
وما شغل الغواني مثل دمعي
وما شغل الغواني مثل دمعي / فيا شغلي بدمعي والغواني
فواحدة تقول لقد بكى لي / وواحدة تقول لقد بكاني
وواحدة إذا سمعت أنيني / تقول لمن حضرن لقد عناني
أفاهمة الأنين فدتك روحي / لقد أغنيت عن شرح لساني
إياك أن تلج الظنو / ن إلى فؤادك في وفائي
فيبيت يعرض عن أني / ني في البعاد وعن ندائي
ويزيد دائي في الفؤا / د فلا يزيل الوصل دائي
يل ليت حظي في غرا / مك مثل حظي في بكائي
بالله يا مصباح بيت الدجى
بالله يا مصباح بيت الدجى / ويا أنيس المعشر الساهدين
حدث بوجدي كل أهل الهوى / وأقرأ تحياتي على العاشقين
وباب كثير العيون يرى
وباب كثير العيون يرى / عجائب ما يصنع العاشقان
أقام لسد سبيل الهوى / كأن بمصراعه ديدبان
رُبّ فجر كالكأس قد أكفأوها
رُبّ فجر كالكأس قد أكفأوها / بعد ما طوّفت على الندمانِ
شُربت خمرها فلم يبق من آ / ثارها في الزجاج غير الدخان
تتراءى في جوفها قطرات / من بقايا النبيذ كالأرجوان
أتسقم ميّ وأبقى صحيحاً
أتسقم ميّ وأبقى صحيحاً / ألا أنني الصاحب الخائن
فيا ويح قلبي من غادر / لقد غر بالمسكن الساكن
إذا لم يكن مان في وده / فها هو في عهده مائن
فيا رب هب لي مواجع مي / بأضعاف ما يزن الوازن
وهب من حياتي حياة لها / وإني لأمثالها ضامن
لها من أمانك ركن منيع / ومن أنت أمنته آمن
ملك شعر ومعه ملك بيان
ملك شعر ومعه ملك بيان / هكذا المجد أيها الهرمان
نتغنى ومصر تطرب سكراً / عجباً منكما ألا تطربان
ولقد زادها دلالاً علينا / أن ذا الحسن هاج تلك الأغاني
والغواني تهزهن القوافي / والقوافي تفيضهن المعاني
كم معان تضمنتها دموع / ودموع تضمنتها معان
تتهادى الأرواح منها غراماً / تجتلي سره لحاظ الحسان
سن في الشرق للقريض رهان / لم ينل سبقه سوى مطران
شاعر مفرد تسامت به الشا / م ومصر فليفخر الوطنان
قد كفى الأرض نير واحد وال / أفق لم يكف بعضه نيران
إن مطران ساحراً بيراع / مثل مطران ساحراً بلسان
فهو في سحره بكل زمان / وهو في سحره بكل مكان
قد دعاه عصر البخار فلبى / وصبا غيره لعصر الهجان
يتحرى الصدور الهامه يك / شف منها كوامن الأشجان
كنسيم الصباح في الروض لا يه / مل حتى خفية الأفنان
كلنا شاعر ولكن ما في ال / طير شاد بنغمة القيروان
ولمطران خاطر مستقل / قد علا عن خواطر الأنسان
جنة الشام لا جفاك ربيع / أستزيدي من هذه الأغصان
رضي الله عن شيوخ كرام / خلفوا فيك أكرم الفتيان
درة أنت زينت تاج عثما / ن كما زان سائر التيجان
استعيدي لا بد أن تستعيدي / نضرة قد ذوت بغير أوان
بين مصر وبينك الدهر قربى / أنتما منذ كنتما أختان
فأقما على أئتلاف صحيح / واذكرا اليوم حين تختلفان
لك يا شام في فؤادي حب / ما أدعى مثله محب ثان
همت شوقاً ببعلبك وماسا / ءلت أطلال بعلبك زماني
غير أن الخليل كان بكاها / وبكاء الخليل قد أبكاني
يا وسام الأمير زينت صدراً / زانه ربه بصدق الجنان
إن تكن أنت للرضاء ضماناً / فخليل منه ضمان الضمان
يا رياضاً جنيت منها فنوني
يا رياضاً جنيت منها فنوني / صدق الله فيك كل ظنوني
قد تزودت منك خيراً كثيراً / وهو ذخر إن صنته يغنيني
لست أدري غدي ولكن سيأتي / وغدي إن جهلته يدريني
تتراءى في أفقه آمال / ساطعات ضياؤها يعشيني
حسنت منظراً وزادت عديداً / وقليل من بينها يكفيني
حين أضحى في البيت أول يوم / ليس عندي من واجب يسليني
وتمر الساعات بي مسرعات / ولقدج كان جريها يلهيني
ويطل الصباح والناس غرقى / في كراها والكون تحت السكون
فسلام على غدي في سناه / قد تبينت فيه وجه الأمين
إن تكن جئت بالتجارب إني / في أنتظار لها بعزم متين
هذه همتي وهذا يراعي / فافتح اليوم يا كتاب شؤوني