المجموع : 12
لو كنتُ أُشفقُ من خضيبِ بنانِ
لو كنتُ أُشفقُ من خضيبِ بنانِ / ما زرتُ حيَّكُمُ بغير أمانِ
يا صبوةً دبَّت إلىَّ خديعةً / كالخمر تسرِقُ يقظةَ النشوانِ
اُنظرْ قما غضُّ الجفون بنافع / قلبا يَرى مالا تَرى العينانِ
ولقد محا الشَّيبُ الشبابَ وما محا / عهدَ الهوى معه ولا أَنسانى
فعلمتُ أن الحبَّ فيه غَوايةٌ / مغتالةٌ للشَّيبِ والشُّبّانِ
ما فوق أعجازِ الركابِ رسالةٌ / تُلهى ففيمَ تَحيّةُ الرُّكبانِ
عذرا فلو علموا جواك لساءلوا / غِزلانَ وجرةَ عن غصون البانِ
قُولا لكُثبان العقيقِ تطاولِى / دون الحِمىَ أقدُرْك بالطَّمَحان
وليَنِسِفَنَّ الرملَ زَفرهُ مدنفٍ / إن لم يُعنْهُ الدمع بالهملانِ
عِجل الفريقُ وكلُّ طَرفٍ إِثرَهم / متعثِّر اللحظاتِ بالأظعانِ
وكأنما رُدْناىَ يومَ لقيتُها / بالدمع قد نُسِجا من الأجفان
كلِّفْ رُدْناىَ يومَ لقيتُها / بالدمع قد نُسِجا من ألأجفان
كلِّفْ تجلّدِىَ الذي يسطيعُهُ / هل فيَّ إلاّ قدرةُ الإنسانِ
ولئن فررتُ من الهوى بحُشاشتى / فالحبُّ شرُّ متالف الحيوانِ
يدرى الذي نضح الفؤاد بنَبْله / أن قد رمى كَشحيْهِ حينَ رمانى
لو لم تكن عينى على أطلالهم / عُقِرتْ لما سَفَحتْ بأحمرَ قانى
متأوّلين على الجفون تجنيِّا / فالدمع يُمطرُهم بذى ألوانِ
ولو أنه ماءٌ لقالوا دمعُهُ / رِيقٌ وجفنَا عينِه شَفَتانِ
ظمىء إلى ماء النُّقَيْبِ لأنَّه / وِرْدُ اللَّمَى ومناهلُ الأغصانِ
ولَنِعمَ هينمة النسيم محدّثا / عن طِيبِ ذاك الجيبِ والأردانِ
إن لم يكن سهلُ اللوى وحزونُهُ / وطنى فإنَّ أنيسَه خُلاَّنى
ولو أنهم حلُّوا زرودَ منحتُهُ / كَلَفى وقلتُ الدارُ بالجيرانِ
عُلَقٌ تَلاعبُ بي ورُبَّ لُبانةٍ / شاميَّةٍ شغَفتْ فؤادَ يماني
هل تبلِغنِّي دارَهُمْ مزْمومةٌ / بالشوقِ موقَرةٌ من ألأشجانِ
فعسى أميلُ إلى القِبابِ مناجيا / بضائمرِ ثقلُتْ على الكتمانِ
وأطاردُ المُقلَ اللواتي فتكُها / يُملى عليَّ مَقاتل الفُرسانِ
متجاذبين من الحديث طرائفا / يُصغِى سماعِها النِّضوانِ
كرِّرْ لحاظكَ في الحُدوجِ فبعدها / هيهات أن يتجاور الحيّانِ
من بعد ما أرغمتُ أنفَ رقبيهم / حَنَقا وخُضتُ حميَّة الغَيْرانِ
وطرقتُ أرضَهُمُ وتحتَ سمائها / عدَدَ النجومِ أسنةُ الخُرصانِ
أرضٌ جَداولُها السيوف وعُشبُها / نَبْعٌ وما ركزوا من المُرَّانِ
في معشرٍ عشِقوا الذُّحولَ وآثروا / شُربَ الدماءِ بها على الألبانِ
قومٌ إذا حيَّا الضيوفُ جِفانَهم / ردَّتْ عليهمْ ألسنُ النيرانِ
وإذَا شَواةُ الرأس صوَّحَ نبتُها / فعلى قضاءِ مآربٍ من شانِ
ولتَعَلَمنَّ البيدُ أنَّ جِباهَها / موسومةٌ بالنَّصِّ والوخَدانِ
يُزجَرْنَ أمثالَ القِداحِ ضَوامرا / ويُرَحْنَ أمثالَ القِسىِّ حوانى
أو ينتهينَ إلى جنابٍ ترتعى / فيه الوفودُ منابتَ الإحسانِ
ربُّ المآثرِ والمحامدِ ربُّه / وولىُّ بِكرِ صنيعةٍ وعَوانِ
تلقَى الجبابرةُ المصاعبُ وجهَهُ / بجماجمٍ تحنو على الأذقانِ
متهافتين على الصَّعيد كأنّهم / شِربوا بهيبتِهِ سُلافَ دِنانِ
وطِئُوا سَنابكَ خيله بشفاههم / قُبَلا وجلَّتْ عنهم القَدمانِ
حتى إذا صدَعوا السُّرادقَ أطرقت / تلك اللواحظُ من أغرَّ هِجانِ
قد أيقنتْ قِممُ الملوك بأنه / إن شاء طلَّقها من التيجانِ
خَطْراً أبا قَرْعَى الفِصال مُقاربا / إن القُروم أحقُّ بالخطَرانِ
فذروا الحمى يرعَى به متخمِّطٌ / تُخشَى بوادِرهُ على الأقرانِ
ما بين ساعده الهصورِ محرَّمٌ / فتعرَّضوا لفريسةِ السِّرحانِ
لا مَطعَمٌ لبُغاثِكم في مأزقٍ / حامت عليه كواسر العِقبانِ
للمْجلس الشرقىّ أبعدُ غاية / في يوم مَلحَمةٍ ويومِ رِهانِ
فركابُه ما تَنثنى بأزِمَّةٍ / وجيادُه ما ترعوىِ بِعنانِ
هِمَمٌ كما سرت البروقُ خواطفا / في حاصبٍ أو عارضٍ هتّانِ
وعزائمٌ رُبِيَتْ وأطرافَ القنا / وظُبا السيوفِ وارِضعت بلبانِ
إن الورى لما دعوْه جَمالَهم / حلُّوا من العلياءِ خيرَ مكانِ
وأتتْ به عدنانُ في أحسابها / حتى أقرّ بنو قَحطانِ
مجدٌ أطلَّ على الزمان وأهلِهِ / متقيِّلٌ في ظلِّه الثَّقَلانِ
ومفاخرٌ مشهودةٌ يَقضِى لها / يومَ النفار سواجِعُ الكُهّانِ
من ذا يجاذبه الفخارَ وقد لوى / أطنابَه في يَذبُلٍ وأبانِ
طَلاَّب ثأرِ المجد وهو مدفَّعٌ / بين اللئام مسَفَّه الأعوانِ
لم يرضَ ما سنّ الكرامُ أمامَه / حتى أتى بغرئبٍ ومَعانِ
نسخت فضائُله خِلالَهم التي / نجحوا بها في سالف الأزمانِ
فهي المناقبُ لو تقدّم ذكُرها / تُليتْ مَثانِيهن في القرآنِ
يعطيك ما حَرَم الجوادُ ودِينُه / أن الثراءَ وعُدْمَهُ سِيّانِ
وإذا رجالٌ حصَّنوا أموالَهم / جعَل المواهبَ أوثقَ الخُزّانِ
كم أزمةٍ ضحِكت بها أنواءُهُ / والغيثُ لا يلوِى على طمآنِ
من راحتيه نوافلٌ ومنائحٌ / ومن القلوب مطامعٌ وأماني
فحذارِ أن يطغىَ السؤالُ بطالبٍ / رفدّا فيركبَ غاربَ الطُّوفانِ
وأصَبْتُ قد يَحكى السحابُ نوالَه / لكنَّ ذا ناءٍ وهذا دانِ
وقرنتُه بالبحر يقذِفُ باللُّهَى / ونسيتُ ما فيه من الحَدْثَانِ
وذكرتُ ما في الليثِ من سَطَواتهِ / ولربّما وَلَّى عن الأقرانِ
لا تعدمَ الأزمانُ رأيَك إنه / في ليلها ونهارها القمرانِ
رأىٌ سقىَ اللهُ الخلافةَ صوبَهُ / ورمى بصاعقه ذوى الشَّنآنِ
نُجْحا بنى العباّس إن قناتَكم / هُزَّتْ بأحذقِ ساعدٍ بطعانِ
جَدٌّ أمدّ عديدكم من غِيله / بأشدَّ من أسَد العرين الجانى
يحمى ذمارَكُمُ بغير مساعدٍ / ويحوط سَرحكُمُ بلا أعوانِ
وثباتُه العزم الذليق إذا سطا / وزئيره حُكْمٌ وفصلُ بيانِ
مستلءمٍ بجَنانه وبنانِهِ / واسانهِ مِضرابةٍ مِطعانِ
لما رأى والحزمُ ينفعُ أهلَه / عَوْدَ الخلافةِ ضارباً بجرانِ
والسيفَ لو يَرْكُضْ بكفَّىْ ضاربٍ / والرمحَ لم يَطمحْ بعينِ سنانِ
داوَى عَياءَ الداءِ ساحرُ رفِقهِ / والنَّقْبُ يَشفيهِ هِنَاءُ الهانى
حتى إذا برح الخفاءُ وسفَّهتْ / حِلَم الحليمِ حفيظةُ الغضبانِ
ورأى الهَوادَة مَرَوةً مقروعةً / والسّلم مطعمةَ العدوّ الوانى
نادَى فلبَّاه صهيلُ سوابقٍ / وأطيطُ كلِّ حنِيَّةٍ مِرنانِ
وفوارسٌ يَصلَوْن نيرانَ الوغى / مما تُثيرُ جيادُهم بدخانِ
جنَبوا إلى الأعداءِ كلَّ طِمِرَّةٍ / بُنيت مفاصلُها على شَيطانِ
مثل المَراقبِ تحتهم وهُمُ على / صواتها كالهَضْب من ثَهلان
طلعوا طلوع الشمسِ يغمرُ ضوءُها / هامَ الرُّبَى ومغَابنَ الغِيطانِ
وكأنما سجدتْ قِسِيُّهمُ إلى / لألاء وجهك إذ أتتك حوانىِ
من بعد ما سدّوا الفضاءَ وحرَّموا / نَفَل الربيع به على الغِزلانِ
يتسابقون إلى المنون فكلُّهم / يغَشى الردَى ما عُدّ في الوِلدانِ
وإذا هُم عدِموا مَقاودَ خيلهم / فتلوا لهنَّ ذوائبَ الفُرسانِ
في كلِّ معترَك تُجيلُ كماتُهم / قِدْحا يفوز إذا التقَى الجمَعانِ
فاسئلْ جبالَ الروم لمَّا طوَّقوا / أعناقَها من جَمعهم برِعانِ
ترعَى بها زُهرَ النجوم جيادُهم / ومن السحاب يَرِدنَ في غُدرانِ
فكأنّهم يبغون في فَلك الذُّرَى / أن يأسروا العَيُّوقَ للدَّبَرانِ
تركوا المعاركَ كالمنَاحِرِ من مِنىً / وجماجمَ الأعداء كالقُربانِ
فكأنّما فرَشَ النجيعُ تِلاعَها / ووِهادَها بشقائق النُّعمانِ
فأتاك وفدُ بنى الأُصيفِرِ يرتمى / بهمُ جَناحَا ذِلّةٍ وهوانِ
جنحوا به مستسلمين وطالما / شمَخوا بدينهمُ على الأديانِ
بذلوا الإتاوة عن يدٍ فكأنّهم / عقدوا بذاك الغُرِم عَقْدَ ضَمانِ
في كلِّ يومٍ تستهلُّ منوزَهم / كرماً بعَشرِمِىءٍ من العِقيانِ
وبرزتَ في حُلل الوقارِ بهيبة / فقأتْ عيونَ الكفر بالإيمانِ
وكفاكَ أن قُدتَ الضلالة بالهدى / وجعلت دارَ الحرب دارَ أمانِ
هذا العراق قد انجلت شُبُهاتُه / وصَفا من الأقذاءِ والأدرانِ
إن مّسه نَصبُ الورودِ فإنه / سيُنيخُ من نعماك في أعطانِ
نفَّرت ذُؤبانَ الغضا عن شِربِهِ / فالأَمنُ يَسرحُهُ بلا رُعيانِ
ولَّى أَرَسْلانٌ يُمَسِّح في الحشا / قلبا يشير عليه بالطيرانِ
وهوت بنو أَسَدٍ تَسُلُّ لقاحَها / فتسيل بين الحَزْنِ فالصَّمّانِ
وجرى الغرابُ مع البوارحِ ضائحا / بالبين بين منازل الجَاوانِ
وطوتْ عقيلٌ عَرضَ كلِّ تَنوفَةٍ / بذميلِ ذِعلبةٍ وركِض حِصانِ
بالشام ألَّفَ خوفُ بإسك بينهم / وقلوبُهم شتَّى في الأضغانِ
هيهات لو رِكبوا النعائمَ في الدجى / وأردتَ لاقتنصاهُم النَّسرانِ
وكذا عدوُّك إن نجا جُثمانه / فالقلبُ في قِدِّ المخافةِ عانِ
ما بين مصرَ وبين عزِمك موعدٌ / متوِّقعٌ لوقائه الهرَمانِ
إن صانها بُعدُ المدَى فلمثلها / تقتادُ كلّ نجيبةٍ مِذاعانِ
ماءُ الجداولِ للأكفِّ وإنما / ماء القَليبِ يُنال بالأشطانِ
من كان شرقُ الأرض طوعَ زمامِهِ / لِمَ لا يصرِّف غَربَها بعِنانِ
والجيشُ مَجْرٌ والأوامرُ طاعةٌ / والنصر مرجوٌّ من الرحمنِ
تَزاوَرن عن أذْرِعات يمينا
تَزاوَرن عن أذْرِعات يمينا / نواشزَ ليس يُطِعنَ البُرِينا
كَلِفنَ بنجدٍ كأَّن الرياضَ / أخذنَ لنجدٍ عليها يمينا
وأقسمن يحملنَ إلا نحيلا / إليه ويُبلغنَ إلا حزينا
ولما استمعن زفيرَ المشوق / ونوحَ الحمام تركنَ الحنينا
إذا جئتما بانة الواديين / فأرخوا النسوع وحُلّوا الوضينا
فثَمَّ علائقُ من أجلِهنَّ / مُلاءُ الضحى والدجى قد طُوينا
وقد أَنبأتْهم مياهُ الجفو / ن أنّ بقلبك داءً دفينا
لعلَّ تمائمَ ذاك الغزال / تُداوِى وَلوعا وتَشفِى جنونا
لقد شبَّ بينَى هذا الغرامُ / وما بين قومِك حَربا زَبونا
تُراهم يظنّون لما أغرتُ / بلحظى عليهنّ أ قد سُبينا
وماذا على مُسلِفٍ في الظبِاء / أُلطَّ به فتقاضَى الديونا
تلوم على شغَفى بالقدود / فهبْنَى وَرْقاءَ تهوَى الغصونا
سواءٌ نشيِدي بهنّ النسيب / وترجيعُها بينهنَّ اللُّحونا
أَلا لُحِىَ الحسنُ من باخلٍ / أبىَ أن يصاحبَ إلا ضنينا
وإنّ وَلوعى بأهل الحمى / يخيِّل لي كلَّ سِربٍ قَطينا
أينشُدُ رُعيانُهم أن أضلّوا / بعيرا ولا أنشُد الظاعنينا
وفي السِّربِ أَحوَى إذا ما استرابَ / بقَنَّاصِه أمَّ دارا شَطونا
ظِللتُ أكُرّ عليه الرُّقَى / وتأبَى عريكتُه أن تلينا
يصون محاسنَه بالصدو / دِ إذ ليس يلقَى عليها أمينا
ودون البراقعِ مكحولةٌ / تعلِّم طبعَ السهام القُيونا
وما كنتُ أعلم من قبله / نّ أن الأسنّة تُسَمى عيونا
صوارمُ تَنهَزُ فتقَ الجِراح / وما خُلقتْ للضِّراب الجفونا
نوَدُّ النحورَ ونهوىَ الثغورَ / ونعلمَ أنّا نحبُّ المنونا
أقِلْنى من الوُخَّد الراسما / تِ أكْفكِ من حيّهم أن يَبينا
ألسنَ اللواتى هَززن الحدُو / جَ هزًّا يُطاير عنها العُهونا
فكلُّ فنيقٍ ببطن العقيق / من الضُّمْر قد أخدَجَتْه جنينا
عدِمتُ فتىً عند نقع الصري / خ يُقعى على أسْكَتَيه بطينا
يعدُّ المفاخرَ والمكرما / تِ طرفا كحيلا ورأسا دهينا
فهل لكَ في بسط أيدى المط / ىِّ تَطوى المهامهَ بِيناً فبِينا
إذا ما صُبغَن بَورِس الهجي / ر حمرا تَجلَّيَن بالليل جُونا
فشبَّهنَ لُجَّ السَّرابِ البحورَ / وشبَّهنَّ السرابُ السفينا
وما تستطيلُ المدى أينُقٌ / بحمدِ جَمال الورى قد حُدينا
وجدنا لديه ربيعَ الثنا / ء غضًّا وماءَ المعالى مَعينا
تبوَّأ في المجد بُحبوحةً / على مثلها يكَمد الحاسدونا
ينادى النجاحُ بأبوابه / ألا نِعمْ ما قَرَع الطارقونا
وتحسبُ من بأسه والبها / ءِ مجلسَه فَلَكا أو عرينا
لكل مَبَزٍّ به سجدةٌ / تسابق فيه الشفاهُ الجبينا
مقامٌ تخَاذَلُ من هوله / خُطَى القوم حتى تراهم صُفُونا
طغتْ يدُه وعلَتْ في السما / حِ حتّى ذممنا السحابَ الهتونا
إذا ما ادّعت صوبَهُ المعصرا / تُ ردَّت عليهنّ غُبْر السنينا
أيحكى بوارقُها والقِطا / رُ للعين عسجدَه والرَّقينا
وما النارُ من ذَهب المجتدين / وما الماءُ من فِضَّة الراغبينا
أفي دِية البخلِ لمَّا أماتَ / يؤدّى الألوفَ ويُعطى المئينا
بما شئتَ يسخو ولولا الحيا / ءُ من مجده قسَّم المجدَ فينا
ويأبَى على سرَف الطالبي / نَ ألاّ يُصدِّق فيه الظنونا
ومن يستدلُّ على المكرمات / يُمِرّ من الشكر حبلا متينا
وما زال يَكذِبُ وعدُ المنى / إلى أن أقامت يداه ضمينا
وقد غَمزت عُودَه النائباتُ / فلم تجد الضارعَ المستكينا
وإن زعزعتْه فإن القنا / ةَ للطعن زعزعها الطاعنونا
سرى عزمه والكرى خمرة / يُدير زجاجتَها الهاجعونا
فبات على صهواتِ الخطو / ب أقنَى يقلِّب طَرْفا شَفونا
إذا ما ارتقى ظنُّه مرباً / من الغيب أوحَى إليه اليقينا
وأفوهَ طارده بالجدال / فخرّ بغير العوالى طعينا
وكم خُطّة أَفردتهُ الرجا / لُ فيها وولت شَعاعا عِضينا
أضاء بحِندسِها رأيُه / وكان له الله فيها مُعينا
ففي كلّ يومٍ يُوافى البشيرُ / بفتحٍ مبينٍ يُقرُّ العيونا
رَمى أهلَ بابلَ في سِحرهم / برقشاءَ تلقَفُ ما يأفِكونا
ألم تعلموا أنَّ في أفقهِ / سحائبَ أمطارُها الدارعونا
وفتيانَ صدقٍ تكون السهامُ / طليعتَهم والسيوفُ الكمينا
وجُرْدا إذا وَجِيَتْ بالبطا / ح أحذَى سنابكَهن الوَجينا
فيوما لنُعمَى تَلُسّ الغَميرَ / ويوما لبؤسَى تسُفُّ الدَّرينا
جرتْ سُنحُا بنواصى العراق / فأحجم عن زجرها العائفونا
وحكَّتْ على واسطٍ بَركْهَا / بيومٍ عسير أشابَ القرونا
تصبُّ على الفئةِ الناكثين / لعهدك سوطَ عذابٍ مُهينا
فتلك جماجمُهم في الصعي / د تتَّخِذ الطيرُ فيها وُكونا
مَرَى ابنُ فَسنجُسَ من خِلْفها / زُعافا وما كلُّ خِلْف لَبونا
فطار على قادماتِ الفِرار / جريضاً وكان فِرارا حَرونا
زجَتْه إليك أكفُّ القضاءِ / وتأتي بأقدامها الحائنونا
وفي دار بَكْرٍ لها رجفةٌ / أزالت صياصِيَها والحصونا
غداةَ زحمَت بها عامرا / تخوصُ قبائلَها والبُطونا
لها غُرَوٌ إن رآها العد / وّ لم ير أكفالَها والمتُونا
قضت من عُبَادَةَ أوطاَرها / وحكَّمت البيض حتى رضينا
وما تركت للموالى حِمى / ولا العقائل خِدرا مصونا
فتلك عقيلٌ عقيلُ الفِرا / ر تُحْرش بالدوّ ضبًّا مَكونا
جعلتَ من الخواف أفراسَها / كأقتادِها والفيافى سُجونا
ووافت بنو أسَدٍ كالأسود / تخُطُّ الرماح عليها عَرينا
فدع فُرصة الثأر ممطولةً / لذنبٍ أقرّ به المذنبونا
أليس طُليْحةُ من عِصيهم / أراغ النبوّة في الناس حينا
فلما نَمَى الدينَ أشبالُه / أناب وأطلقَ تلك الفنونا
ولاقت به الفُرسُ أمَّ اللُّهَي / م وأْدَ البناتِ وذبحَ البنينا
ولا بدَّ للشام من نطحة / تُحذِّر زمزمُ منها الحَجونا
وأخرَى لمصرَ تَخُطُّ الرّوا / ةُ في الرقِّ منها الحديثَ الشُّجونا
جعلتَ الخلافةَ في عصرنا / تُفاخر مأمونَها والأمينا
وجاهدتَ فيها جِهادَ امرىء / له جمعَ الله دينا ودِينا
إذا ما سلكتَ بها منهجا / وثبتَ الجبالَ وجُبت الحُزونا
بسطتَ لعَمرك كفَّ الزما / ن يُحصى الليالي ويُفنى القرونا
ولا برِحتْ ألسنُ المكرما / ت تُغْنِيك عن ألسن المادحينا
دعاءٌ إذا سمِعْته العُدا / ةُ قالت على الكره منها أمينا
أكذا يُجازَى ودُّ كلّ قرينِ
أكذا يُجازَى ودُّ كلّ قرينِ / أم هذه شيمُ الظباءِ العِين
قُصًّوا علىَّ حديث من قتَلَ الهوى / إن التأسِّىَ رَوْحُ كلِّ حزينِ
ولئن كتمتم مشفقين فقُدوتى / بمصارع العُذرىِّ والمجنونِ
فوق الركابِ ولا أطيل مشبِّها / بَلْ ثَمَّ شهوةُ أنفسٍ وعيونِ
هُزتَّ قدودُهُمُ وقالت للصَّبا / هُزأً أعند البان مثلُ غصونى
وكأنما نقَلتْ مآزرُهم إلى / جَدَد الحمى الأنقاءَ من يبريَن
ووراء ذياك المقبَّلِ موردٌ / حصباؤه من لؤلؤ مكنونٍ
إِمّا بيوت النحل بين شفاههم / مضمومةً أو حانةُ الزَّرَجونِ
ترمِى بعينيك الفِجاجَ مقلِّبا / ذاتَ الشِّمال بها وذاتَ يمينِ
لو كنتَ زرقاء اليمامة ما رأت / من بارق حيّاً على جَيْروِن
شكواك من ليل النِّمام وإنما / أرَقى بليل ذوائبٍ وقرونِ
ومعنِّف في الوجد قلت له اتئد / فالدمعُ دمعى والحنينُ حنينى
ما نافعي إذا كان ليس بنافعي / جاهُ الصبا وشفاعةُ العشرينِ
لا تُطرِقن خجلا للومةِ لائم / ما أنت أوّلُ حازمٍ مفتونِ
أأسومهم وهم الأجانب طاعةً / وهواى بين جوانحى يُصبينى
دَيْنى على ظَبيَاتهم ما يُقتضَى / فبأىّ حُكْمٍ يقتضون رهونى
وخشِيتُ من قلبي الفِرارَ إليهمُ / حتى لقد طالبتُه بضمينِ
كلَّ النّكال أطيق إلا ذِلّةً / إنَّ العزيزَ عذابُه بالهونِ
يا عينُ مثلُ قَذاكِ رؤيُة معشرٍ / عارٍ على ديناهُمُ والدّينِ
لم يُشبهوا الإنسانَ إلا أنهم / متكوّنون من الحَما المسنونِ
نَجَسُ العيون فإن رأتهم مقلتى / طهَّرتُها فنزحتُ ماءَ جفونى
أنا إن هُمُ الذخائر دونهم / وهُمُ إذا عدّوا الفضائلَ دونى
لا يُشمِت الحسَّادَ أنَّ مطالبي / عادت إلىَّ بصفقةِ المغبونِ
لا يستديرُ البدرُ إلاّ بعد ما / أبصرتُه في الضُّمر كالعُرجونِ
هذا الطريقُ اللَّحْبُ زاجرُ ناقتى / واليمُّ قاذفُ فُلكىَ المشحونِ
فإذا عميدُ الملك حلاَّ ربعه / ظَفِرَا بفال الطائر الميمونِ
مَلكٌ إذا ما العزمُ حثَّ جيادَه / مرِحتْ بأزهرَ شامخِ العِرنينِ
يا عزَّ ما أبصرتُ فوق جبينه / إلا اقتضانى بالسجودِ جبينى
يجلو النواظرَ في نواحى دَسْته / والسرجِ بدرُ دجىً وليثُ عرين
عمَّت فواضلُه البريّةَ فالتقىَ / شكرُ الغنىِّ ودعوةُ المسكينِ
قالوا وقد شنُّوا عليه غارةً / أصِلاتُ جودٍ أم قضاءُ ديونِ
أمّا خزائنُ مالِهِ فمباحةٌ / فاستوهِبوا من علمه المحزونِ
كرمٌ إذا استفتيته فجوابهُ / منْعُ اللُّهَى كالمنع للماعونِ
ما الرزق محتاجا بعرصته إلى / طلبٍ وليس الأجرُ بالممنونِ
لو كان في الزمن القديم تظلَّمت / منه الكنوزُ إلى يدَىْ قارونِ
وإذا امرؤ قعدت به همَّاتُه / خلىَّ سبيلَ رجائِه المسجونِ
أقسمتُ أن ألقىَ المكارمَ عالما / أنِّى برؤيته أبَرُّ يمينى
شهِدتْ علاه أنَّ عنصُرَ ذاتهِ / مِسكٌ وعنصُرَ غيره من طينِ
ساس الأمورَ فليس تُخلَى رغبةٌ / من رهبة وبسالةٌ من لينِ
كالسيف رونقُ أَثْرِهِ في متنهِ / ومضاؤه في حدِّه المسنونِ
أبَيْنا أن نطيعَكُمُ أبَيْنا
أبَيْنا أن نطيعَكُمُ أبَيْنا / فلا تُهدوا نصيحتَكُم إلينا
ركِبنا في الهوى خطَرا فإما / لنا ما قد كسَبنا أو علينا
فما تسآلُكم عن كلِّ صبٍّ / كأنَّ لكم على العشاق دَينا
ولو لم يَرضَ ربُّك ما رضينا / لَما أنشَا لنا قلبا وعينا
بنفسي رامياتٍ ليس تفنَى / نُصولُ سِهامنّ إذا رمينا
كأنّهمُ أعدوّا للرزايا / بكلِّ كحيلةٍ زِيرا وقَينا
تعوَّضنَ الخيامَ من المطايا / وحسبُك بالخيام قِلىً وبَيننا
ولوّينَ البنانَ فقلتُ زجرا / بمعيادي وآمالي لوَينا
عجائبُ في اصلبابة لو عقلَنا / نحبُّ محاسنا فتصير حَيْنَا
نسائلُ عن ثُمامات بُحزَوى / وبانُ الرمل يعلم مَن عَنَينا
وقد كُشِفَ الغِظاءُ فما نبالي / أصرَّحْنا بذكرِك أم كَنَينا
ولو أنى أنادي يا سُليَمى / لقالوا ما أردتَ سوى لبُيَنَى
ألآ لله طيفٌ منكِ يسقى / بكاسات الردى زُورا ومَينا
مطيَّته طَوالَ الدهرِ جفنى / فكيف شكا إليكِ وَجىً وأينا
فأمسينا كأنا ما افترقنا / وأصبحنا كأنا ما التقينا
ولولا نُورُ أزهرَ شمَّرِىٍّ / تبلَّج في الظلام لما اهتدينا
عميد الدولة المعِطى القوافي / رُهونَ سِباقهنَّ إذا جرَينا
فتىً يبنى على الغُلَواء بيتا / إذا نزل المقصِّر بينَ بينا
يقول لإبله مُوتى هُزالاً / ولا ترعَىْ بأكناف الهوَينَى
إذا ما السُّحبُ بالأمواهِ سَحَّتْ / تهلَّل عسجدا وهَمى لُجينا
بكلِّ قرارةٍ وبكلِّ ربع / رياضٌ من نداه قد انتشينا
غصونُ مكارم قيَظا وقُراًّ / نُصيب بها ثِمارا يُجتَنَينا
وما سلبَ الشتاءُ الأرضَ إلا / تسربلنَ المحامدَ فاكتسَينا
جَرى والسابُقون إلى المعالي / فجاء فُوَيقها وأَتَوا دُوَينا
كلّ يومٍ خِلٌّ يُرحَّلُ عنّا
كلّ يومٍ خِلٌّ يُرحَّلُ عنّا / وديارٌ معطَّلاتٌ وَمغْنَى
وحبيبٌ فريسةٌ للمنايا / تجتويهِ كأنه ليس منّا
أعْلَمتْنَا مَصيرنَا حادثاتٌ / لو علمنا يوما بما قد علِمنا
هذه الأرضُ أمنُّا وأبونا / حملَتْنا بالكُرهِ ظَهرا وبطنا
إنما المرءُ فوقها هو لفظٌ / فإذا صار تحتها فهْو مَعنى
لو رجَعنا إلأى اليقين علِمنا / أنّنا في الدُّنا نُشيِّدُ سجنا
إنما العيشُ منزلٌ فيه بابَا / ن دخَلنا من ذا ومن ذا خرَجنا
مثلَما تسرَحُ السَّوامُ إلى المر / عَى وتُثْنَى عنه غَدونا ورُحنا
وضروبُ الأطيار لو طِرن ماطِر / نَ فلا بدَّ أن يراجِعنَ وَكْنا
يحسَبُ الهِمُّ عمرَه كلَّ حولٍ / فإذا استكثر الحسابَ تمنَّى
كلُّ شيء يُحصيه عدٌّ ولو كا / ن كئيبا من رملِ يبرينَ يفنى
والليالي لنا مطايا إذا خبَّ / ت بنا نحو غايةٍ بلَّغتنا
مبتدانا ومنتهانا سَواءٌ / فلماذا من الأخير عجِبنا
فوُجِدنا من بعد ما قد عُدمِنا / وعُدمنا من بعدِ ما قد وُجدنا
والأريبُ اللبيبُ من وعظْته / ألسنٌ في مواضع الموتِ لُكنا
قد رأينا وقد سمعنا لو أنّ النَّ / فسَ ترضَى عينا وتأمن أُذنا
وكأنّا لغير ذاك خُلقنا / أو سوانا بغير ذاك يُعنَى
كلَّما حُقّق الشفاهُ لفنٍّ / من سَقام الأيام أحدثنَ فَنّا
ليس ندرِى متى نُقاد لعَقرٍ / فبما تَعرِفُ الحُشاشاتُ أَمْنا
كلنُّا نجعلُ الظنونَ يقينا / ويقينُ الأمور يُجعَلُ ظنَّا
خُدَعاتٌ من الزمان إذا أب / كين عينا منهنّ أضحكن سنَّا
كلُّ يومٍ تأتي به يومُ نحرٍ / ومِنىً حيثُ شاء سهلا وحَزنا
ليس يُغنى عن النفوس فداءٌ / فضَياعٌ نَعُقُّ عنهنّ بُدْنا
والمليكُ الهمامُ بالحجفلِ المَجْ / ر لسمعِ الردَى يُقعِقع شَنَّا
لو درتْ هذه الحمائمُ ما ند / رى لما رجَّعتْ على الغصن لَحنا
طابِع الأسهم الصوائبِ لم يخ / لُقْ لأهدافهنّ عَمدا مِجَنَّا
نتوارى بالسابرىِّ وننسَى / من وراء الضلوعِ ضربا وطعنا
غَشِىَ الدهرُ أهلَه بجنودٍ / أسَرتْهُ وليس يعرِفُ مَنَّا
بين بلُقٍ منه يُغِير بها الصب / حُ وأخرَى دُهْمٍ توافيك وَهْنا
هو إما روحُ الحياة وإلا / فحياةٌ تظلُّ فيها مُعنَّى
وكأنّ المنونَ حادى ركاب / ردّ ظُعنْا عنه وقدَّم ظُعْنا
مَوردٌ غصَّ بالزحامِ فلولا / سبقُ من جاء قبلَنا لورَدنا
وأرَى الدهرَ مُفردا وهو في حا / لٍ يشُنّ الغاراتِ هَنَّا وهَنَّا
كصَفاةِ المسيلِ لا ترهَبُ اللي / ثَّ ولا ترحم الغزالَ الأغنَّا
ما عليهِ لو أنه كان أبقَى / من أبى نصرٍ المهذبِ رُكنا
والدا للصغير بَرًّا وللتِّر / بِ أخاً مشفقا وللأكبر ابنا
غُصُنٌ إن ذوَى فقد كان منه / ثمراتُ الخلائق الغُرِّتجُنَى
إن أَملناهُ بالمقالِ تلَوّى / أو هززناه للفَعال تثنَّى
من ذيولِ السحاب أطهرُ ذيلا / وقميِص النسيم أطيبُ رُدْنا
ما مشتْ في فؤاده قَدَم الغ / شِّ ولا أسكن الجوانح ضِغْنا
إن يكنْ للحياءِ ماءٌ فما كا / ن له غيرُ ذلك الوجه مُزْنا
لهفَ نفسي على حسام صقيلٍ / كيف أضحت له الجنادلُ جَفنا
وعتيقٍ أثار بالسَّبقِ نقعا / فغدا فوقه يُهال ويُبنَى
ونفيسٍ من الذخائر لم يؤ / مَن عليه فاستُودِع الأرضَ خَزْنا
أودعوا منه في الضرائح كافو / را ومِسكا ومندَليَّا ولبْنَا
أغمضِ العينَ بعده فغريبٌ / أن ترى مثلَه وأين وأنَّى
أيّ نور أَطفأتَ يا مُهَريقَ ال / ماء فوق الجسم الكلَّل حُسنا
ختمَ الضُّمَّر العِتاقَ وخلَّى / في الأَوراىِّ مُقرَفات وهُجْنا
عرفوا قدرَه كما تُعرفُ الش / مسُ ومقدارُها إذا الليلُ جَنَّا
ما رأينا طودَ الخلافةِ إلاّ / ووجدناه عادماً منه رَعْنا
فالقصورُ المشيَّداتُ تُعزَّى / والقبورُ المبَعثَراتُ تُهنَّا
ما عجِبنا كيفَ اشترته الليالي / بل عجِبنا كيف اختُدِعنا فبِعنا
ليتَه حين كان دَينا مع الفق / ر إليه بقبضه أجَّلَتنا
واستبدَّتْ بمن أرادت فداءً / واعتزاما وإن أحبَّت فرَهْنا
لو علِمنا أنَّ التفجُّعَ يُدني / ك بكينا دون النساءِ ونُحْنا
واختضبنا دمَ المحاجرِ صِرفاً / إن أماطَتْ بنانُهن اليَرَنَّا
ونزحنا الدموع سَحاًّ وبلاً / وأقمنا الضلوعَ وجدا وحُزنا
غَير أن الدارَ التي أنت فيها / منزلٌ من به أناخ أَبَنَّا
لا خَطَا تُربَك السحابُ المصرَّى / أو تؤدَّى فروضُه وتُسَنَّا
كلَّما أوسعتْ خُطاه النُّعامىَ / أثقلته أوساقُه فأُعنَّا
حسِبَ القَطرُ رعدَه نقرَ دُفٍّ / فتعاطَى على البسيطةِ زَفْنا
وقليلُ الجدوَى مقالىَ يا أط / لالُ حتى سُقيتِ رَبعاً ومَغنىَ
وعزيزٌ علىَّ أن صِرتَ في نظ / م القوافى تُسْمَى لنَدْبٍ وتُكنَى
تُعابُ معاشرٌ وكَلَوا البرايا
تُعابُ معاشرٌ وكَلَوا البرايا / إلى تدبير ذى رأىٍ أفينِ
وما غلِطوا ورأَوا سفهَ الليالي / فداووْا بالجنون من الجنونِ
قالوا ذر الشعرَ وكن عائدا
قالوا ذر الشعرَ وكن عائدا / بالله يصرفْ عنك شيطانَهُ
في الناس جَهلٌ وبهم شِرَّة / لأجل ذَيْنَ صغَّروا شاَنهُ
لم يفقهوا اللفظ ولم يفهموا ال / معنَى ولا يَدرون ميزانَهُ
فكلُّهم يُنكر رُجحانَه / وكلُّهم يجهلُ نقصانَهُ
قلتُ أمن أجل عمىً فيهمُ / لا يُظهر المعدِنُ عِقيانَهُ
هبُوا لسانى راعيا ناعقا / دعا بما تجهلُه ضانَهُ
قد يُطربُ القُمرىُّ أسماعَنا / ونحن لا نفهم ألحانَهُ
لا تَظُنَّنَّ بي سُلُوًّا وإن كن
لا تَظُنَّنَّ بي سُلُوًّا وإن كن / تُ عزيزَ الدموع بين الجفونِ
إنما يصعبُ الدفينُ من الدا / ءِ وسهل ما كان غير دفين
وبكاء القلوب أسرف في حك / م المحبّينَ من بكاءِ العيون
قالوا ابنُ دارستِنا وزيرٌ
قالوا ابنُ دارستِنا وزيرٌ / فقلتُ لفظٌ بغيرِ معنَى
مثلُ لديغٍ يُدعَى سَليما / نَصْراً وفَتحا يُسَمى ويُكنَى
كأنّما وجهه كتابٌ / سوَّدتَ فيه ظهرا وبَطنَا
بعضُ وُعولِ الجبال لكن / أطولُها لحيةً وقَرنَا
أقبلَ من فارسٍ إلينا / في عُصبةٍ كالحَميرِ لُكْنَا
ظنتُهم حولَه شِياها / والشيخَ تيْسا والدَّستَ دَبْنَا
يا رائدا دُلَّنا عليه / صدقتَ حِسًّا وخِبتَ ظنَّا
لُحِىَ ابنُ دارَسْتٍ على إمساكه
لُحِىَ ابنُ دارَسْتٍ على إمساكه / فأجاب إنى باذلُ الماعون
أوَ لم تكونوا بيتَ جِوارَنا / فقَرَيتكُم بالماء في كانونِ
فارضوا بأسقيِة الزلال قرىً لكم / ودعوا الجِفانَ فإنها كجفونى
لا كان زادٌ في وعائك إنه / سببٌ لطاعمه من الطاعونِ
يا كاهنَ الحبِّ خبرّنى مَن الجانى
يا كاهنَ الحبِّ خبرّنى مَن الجانى / عينى التي عِشقت أم طَرْفَى الرانى
ولو علِمتَ الذي يجرى على كبدي / لقلتَ إنهما في الحبِّ سِيّانِ
قل لابن قُرَّانٍ مقالةَ ناصحٍ
قل لابن قُرَّانٍ مقالةَ ناصحٍ / أخطأتَ حين نكحتَ حُوراً عِينا
عَلِقتْ حِبالُك ظبيةً وتركتَها / وكأنها لم تجو منك قرينا
نا لله أقسم أنها إن لم تعُدْ / بعدَ البَكارةِ لاقَحا ولَبونا
تَركتْكَ كاسم أبيكَ تفتَحُ قافَهُ / وتزيدُ فيه بعد راءٍ نونا