المجموع : 43
الحَمدُ لله شكراً
الحَمدُ لله شكراً / هذا الذي أتمنّى
قبّلْتُ مَنْ كنتُ صبًّا / به كئيباً معنّى
فكدتُ أفِنيه بالضَّ / ضمّ والعِناق وأَفنَى
جنَيْتُ باللَّثْمِ منه / ما كان باللّحظ يُجنَى
قل للعذول على ما / حَقّي به أن أُهنّا
لا نِلْتَ ما كان منه / يومَ الوصال ومِنّا
الآن قَدَّ الفؤاد نصفَينِ
الآن قَدَّ الفؤاد نصفَينِ / فيه وأَجَرى الدموعَ نوعَين
لما انحنتْ نونُ صُدْغِهِ فرمى / عن قوسِها واتَّقَى بعَيْنين
وانتصَبتْ نِصفُ صادِ شاربه / وخطّ مِن عارِضَيهِ لامَيْن
ومَدَّ صُدْغيهِ في بياضِهما / ليلَينِ صُبَّا على نهارين
وردّ رأسَ العِذار منحرِفاً / عن لدغ جفنين بابليَّين
ضرّجَ خدّيه ثم جَرّد عن / غنْجِ ضنَى مقلتيهِ سيفينِ
فآهِ للمدنَف المعذَّبِ مِن / هذين حسناً وآهِ مِن ذينِ
يَحمل دِعْصَين من روادِفِه / قوامُه في ذُبُولِ خَصْرين
لام عِذارٍ فما أُمَيْلِحَه / أخاف عيني عليه مِن عيني
يا صارِمَي لحظهِ فديتكما / لا تُسلماني إلى العِذاريِن
ويا عذارَيه ما أُحَيْسِنَ ما / برزتما فيه لي بعُذْرَين
كأنّ خدّيه في سوادكما / صُبْحان قد طُرِّزا بليلين
أعاد شمسَ النهار شمسين / به وبدرَ الظلامِ بدرين
أرقّ جلداً إذا تأمّل مِن / شكوَى بدت بين سَفْك دَمْعَين
حسبُك عينٌ يَلَذّ مؤلِمهُا / دأباً وقلبٌ يَحِنّ للحَيْن
والحبّ عذبٌ ما قلّ منه فإن / زاد دعا للشَّقاءِ والشَّين
إن الإمام العزيزَ أكرمُ من / بَثّ الندى مرّة وثنْتَين
المخجلُ الغيثَ راحتاه إذا / جاد بِغيثين مِرزميَّيْنِ
لِيهن مِصَر العُلا وما جَمَعتْ / بِه من المكُرماتِ والزَّينِ
فاض ندَى بَحر جُودِ راحتِهِ / وبحرُها فهيَ بين بحرين
لو طاولت أرضها النجوم علت / به على النَّسْرِ والسِماكينِ
يا بن نبيِّ الهدى وأفضلَ من / يسمو بجدَّين هاشِمِيَّين
من ذا كمنصورِك المبارك أم / مُعِزِّك الرافِعَينِ هذينِ
أم من يدانيك في أبوّتِهِ / مِن عَلَوِيّينِ فاطِمِيّينِ
من لم يَدنْ رَبَّه بطاعتِكْم / كان كغاوٍ يدين بِاثنينِ
إِنِّيَ لم أغد مِنك منقبِضاً / ولم أَرُحْ فِيك ذا مُرادَين
ألقاك دون الجميع منبسِطاً / أُدِلّ كالمقتضي لحقَّين
ليس لأنَّي ابنُ والدٍ وأخٌ / يَجمع مِنّا النِّصابُ غُصْنَينِ
لكن لِوُدّي وطاعتي لك إذ / وجدْتني أنصحَ الولِيَّينِ
أَعدُّ شانيك مِن ذوي رَحمي / ولُحمْتي أكبَر العَدُوَّين
متى لبِسْنا لك الوفاءَ فلم / أُصبِحْ ولي وافرُ النّصيبين
لا فسَحَ اللهُ لي مدى عُمُري / وأشَمت الله بي الحسودينِ
إن كنت لا أشتهي بقاءكَ لي / بالصِدقِ لا بِالرِّياء والمَيْنِ
وأغتدي في عُلاك مِن شَفَقي / عَيْنين أرعى العِدا وأُذْنينِ
وأبذلُ النُّصحَ غيرَ متَّهَمٍ / دون النَّصوحَيْن والمحِبَّين
ولستُ كالمُظهِرينِ مِن حَذَرٍ / وُدَّيْن واستشعَرَا نِفاقَين
ويُبدِيان الرضا وقد طَوَيَا / على القِلىَ والشِقاقِ كَشْحينِ
تخبِرُنا عنهما عيونهمُا / أنّهما يَحملان حِقديَن
ها ذاك يسعَى يكشف سِرك لل / زّاري وهذا يرِيك وجهينِ
كم كَفَرا بالإِلهِ إذ منعَا / مُلكَك كالطالِبَيْه دَيْنين
كم شَنَّعا عنَّي القبِيحَ وكم / سَلاَّ حُسامينِ مَشْرَفيَّيْنِ
كي يستفِزّاك أو لِتقطَع ما / بينك من لحُمةٍ وما بيني
أو يَلحَقا رُتبتي لديك وهل / يَلحَق حافٍ بِذي جَناحين
وأنتَ لا تجعلُ المشارِكَ في / حُلْوِك والمُرِّ كالغَويَّيْن
عَضَّا على الكفِّ واهلكَا أَسَفاً / بَغْياً ومُوتاً كذا بِدَاءَيْنِ
إنّ الإمامَ العزيزَ بانَ لَه / وبانَ ما تحت كلِّ حِسَّين
فلعنةُ اللهِ غيرُ مقلِعةٍ / تَتْرى على أَغْدَرِ الفرِيقين
وهل أنا غيرُ راحةٍ برزتْ / منكَ وكفّاك للذراعينِ
وما رأينا وإن وَشَت عُصَبٌ / أبقَى على الوِدّ من شقِيقين
هَنَّتك أعيادُك الّتي بك قد / هُنِّئن يا أوحدَ الزمانين
نحن مِن العيدِ إذ سلمِتَ لنا / ومنك في تهنئاتِ عِيدينِ
برزتَ كالشمس يومَ أسعدها / بل زدت نوراً على المنيرَين
كأنّ في السَّرْج منك منتِصباً / بدرَ سماءٍ وليثَ شِبْلين
في جَحْفل جَرَّ مِن فوارِسه / كَتائباً تملأ الفضَاءَين
فمن مشيرٍ براحة صُرفتْ / إليك أو ناظرٍ بلحظين
تأَمَّلوا مِن نبيهِّم خُلقُاً / فيك وخلَقْاً محمَّديَّين
حتى إذا ما علوتَ منبرَهم / وقمتَ للحمد في اللِّواءيَن
خوّفتَ بالله ثمّ جئتَ به / مبشِّراً مُسْهَبَ الطّريقَين
تَضُمّ تحميدةً إلى عِظةٍ / لهمْ ووعداً إلى وعِيدَين
أنت الإمام المبينُ حكمتَه / والعالمُ الفردُ ذو الِّلسانين
صلّى عليك الإله من مَلِكٍ / عَدَّ يديه النَّدَى يمينَين
وهاكَها كالعروس باقيةً / غرّاء تختال بين حُسْنين
أحرَّ من وَقفْة الودَاع ومِن / دمعٍ تقاضتْه روَعة البَينْ
تُزري بألفاظها العذابِ على / صَوْلَج لامَيْن في عِذارَيْن
وتختفي قِلةً إذا ذُكرتْ / في ذَهبيّين جوهريّين
وذاكَ أن الذي مَدحتُ بها / أحق الاثنين بالثَناءَيْن
وأنّ مَن صاغَ تلك ضمَّنها / إفكَينِ في إفكٍ وزُورَين
هنتك أمير المؤمنين سعادةٌ
هنتك أمير المؤمنين سعادةٌ / وإقبالُ عِزّ جاء بالنُّجح مقرونَا
أتاك به حَوْلٌ سعيدٌ مبشِّرٌ / بأنّك فيه تملِك الهندَ والصِّينا
وتعلو ملوكَ الأرضِ طُرّاً مظفَّراً / بعزّ يُعزُّ الملكَ سَيفُك والدِّنيا
تفاءلتُ بالسَّبْعِين أَنَّك خالدٌ / مُبقيًّ على الأَيّام والمُلك سَبْعينا
ولو كان لي حُكْمٌ لأَهديتُ صِحَّتي / إليكَ وعمري ثُمَّ ما كنتُ مغبونا
فلا زال من يَنوي لك السوءَ ناقصاً / يَروحُ ويغَدو راغِم الأَنفِ مَلعْونا
وصلَّى عليك اللهُ يا بنَ نبِيّهِ / وزادك مِن نُعماهُ آمينَ آمينا
قالت وقد رأَتِ النَّدَى
قالت وقد رأَتِ النَّدَى / والمجدَ جاءا في قَرَنْ
وتنزّهتْ أجفانُها / باللَّحظ في وجهٍ حَسَنْ
بالله قومي واسأَلي / مَن ذا المعظَّمُ وابنُ مَن
فأَجبتُها هذا العزِي / زُ المصطفى مَلِكُ الزَّمن
وابنُ الإمام المجتبي / وابنُ النبيِّ المؤتَمن
قالت كذا يُعطي الإل / هُ ولِيَّه كلَّ المنَن
ما تقاضت منَّا ليالي الزَّمان
ما تقاضت منَّا ليالي الزَّمان / ما تقاضَى شوَّالُ مِن رَمَضانِ
ما ترى بدرَه عَلاه سَقامٌ / كسَقام المحِبِّ في الهِجران
كَسفَتْ نورَه مخافةُ شوَّا / لٍ كُسوفَ الصِّيامِ لِلأَلوان
فَعَلتْ في اخترامِه وضَناه / فِعلَه في النُّفوسِ والأَبدانِ
فبدت فيه ذِلّةٌ حين وَلّت / منه عشرون كُمَّلٌ وثماني
يا لشَواَّلَ مِن مُعِينٍ على اللّذْ / ذَةِ والقَصْف تحت خيرِ أَوانِ
حين طاب النسيمُ وانصَرَم القَيْ / ظُ وطَلَّتْ أزاهر الألوانِ
وتغنّت أعاجمُ الطَّيْر في الأغ / صانِ مسرورةً بكلّ بَيانِ
ما تَرَى الفِطر كيف أَقبل يسمو / ظاهرَ الحُسْنِ شامخَ السلطانِ
يتَلقّى العزيزَ بالسَّعد والإق / بالِ والْفَتْحِ والعُلا والأَمانِ
بشَّرَتْنَا بذلِك الطيرُ والزَّجْ / رُ وطَرْقُ الحصا وفأْلُ اللِّسانِ
يا إمامَ الهدى الّذي حُبُّه فَرْ / ضٌ علينا كواجِب الإيمانِ
زادك الله بَسْطةً وعُلوّاً / واقتِداراً على ذَوي العِصيانِ
أنت نورُ الأنام عَدْلاً وفَضْلاً / ويمينُ الهدى وعَيْنُ الزمانِ
وشقِيقُ العُلا الَّذي بَشَّر اللّ / هُ بِه في تِلاوةِ القرآنِ
لك كفٌّ تُجاوِدُ الغَيْثَ بَذلاً / وجَبِينٌ كأَنَّه القَمَرانِ
وسَجايَا كالشَّهْد طَعْماً وخُبراً / مُشْبهات الإسرارِ بالإعلان
أَنا مِن بعضِ ما تأَنقْتَ فِيه / بضُروبِ الجميلِ والإحسانِ
لم أَزل منكَ بين بِرٍّ وقُرْبٍ / أَيادٍ تَتْرَى بِغَيرِ امتِنانِ
فإذا رمتُ أَن أَكافِيكَ بالمَدْ / حِ وبالشّكر كلَّ عنكَ لِساني
يا رُبَّ ليلٍ عَطِرِ الأَرْدانِ
يا رُبَّ ليلٍ عَطِرِ الأَرْدانِ / مِنْ نسِم النرَّجسِ والسُّوسانِ
كأنَّما أَنْجُمه الدَّواني / في أُفِقْهِ رَوْضةُ أقْحُوان
باتت به ساقِيَّتي نَدْماني / وبات رَيَّا رِيحِها رَيْحاني
حتَّى إذا امتدَّت يدُ الإدجانِ / والْتَحَفَ الجوّ بطَيْلَسان
وأَشبَهَ الهلالُ نِصفَ جان / قامت كما قام قضِيبُ بانِ
ظاهرةَ المِنْديل والخَفتان / في هيئةِ المُرْدِ من الغِلْمانِ
شاطرة ساحرة اللِّسان / ترفَّعتْ عن شَبَهِ النِّسْوان
وعن خِضابِ الكفّ والبَنان / واعتقلتْ عَواليَ المراّنِ
زِيَّ شُجاعٍ ولِقَا جبَانِ / حتَّى إذا ما دارتِ الكأْسانِ
وارتفَع المَثْلَثُ والمَثاني / وحُثَّت الأَقداحُ بالأَغاني
وشيّعتْها نَغَمُ القيانِ / والتَفتَ النَّشْوانُ للنَّشْوانِ
بتنا ضَجيعَين على مكانِ / ومالتِ السَّكْرَى على السَّكْرانِ
واختَلَطا بالضَّمّ والتَّداني / لَفَّ الصَّبا الأغصانَ بالأَغصان
يا لك من نَوْمَي ومن نَوْمانِ / عُلاَّ بِصرْفٍ من دَم الدِّنانِ
فاضطجَعا مَيْتَيْن في أَوانِ / واندَرَجا للوَرْدِ في أكفان
لو نُبِّها قاما يحدِّثانِ / عن عَجَب الفِرْدَوْس والجِنان
وكم سَبقتُ الصبحَ غيرَ وانِ / عند مَمِيل الجَدْي والمِيزانِ
والفجرُ يَحكي ذَنبَ السِّرْحان / بِأكلُبٍ تَمرَح في الأَشْطَان
صَوادقِ الألحاظ والأجفان / تَجمع في الَعدْوِ مِن الإمعان
بين شَبَا الأظفار والآذان / مختلفات الصِّبْغ في الألوان
مِن فاقع الصُّفْرة كالعِقْيان / وأبلَقٍ يَجمعُه لَوْنان
وحالكٍ نُقْبَتُه يَقْظانِ / كأنّما الساعدُ منه اثنان
خالي الحَشا مجتمع الجُثْمان / سامي الجِرِشَّى يَقِظِ الجنَانِ
كأنّ في فيه من الأسنان / كلَّ حُسامٍ صارمٍ يماني
يَختالُ في المَشْي اختيالَ الرّاني / لا تَسِمُ التُّربَ له رِجْلانِ
كأنّما يخطو على صَوَّانِ / يَملكِ ما يُدرَك بالعِيانِ
كأنَّه نادرةُ الزّمان / حتى إذا أَصْحَرَ في المَيْدَان
عَنَّ له عَشْرٌ من الغِزْلان / بين الرُّبا والكُثْبِ والقِيعانِ
فانسابَ يَبغي فُرصةَ الإمكان / كالبَرْق في مُغْلَوْلِبٍ جِنّان
أسرَعَ في التَّحريك والإسْكان / من أَنمُل الحُسّاب في الدّيوان
كأنّه حِدّةُ أُفعُوانِ / وأَرْسَلَ الصَّقْرَيْن قانصانِ
فَحلَّقَا في الجَوِّ يَعْلُوانِ / حتى إذا ساواهما كَلبان
صوّب هَذان وكَرّ ذَانِ / كما التقَى في الزَّحْف فَيْلقَانِ
وارتَفَع القَسْطَل كالدُّخَانِ / وارتجّت الأصواتُ بالإرنانِ
وحان حَيْنُ الظَّبيْ والأَتانِ / واهاً له مِنْ طَرَدٍ مُعانِ
بكلّ طرْفٍ سابحٍ حِصانِ / يَخْطو على أربعةٍ مِتانِ
متَّسِعِ المَنْخِر واللَّبانِ / ممزوجةٍ كَمْتَتُهُ بثانِ
من البيَاض اليَقَق الهِجان / فاحمرّ أعلاه إلى السِّيقان
وابيضّت اليدان والرِّجْلان / والوجهُ ثم اسودّت العَيْنان
فهو رِياضُ الحَدَق الرَّواني / شَعْرٌ صَقيلٌ وأَديم قاني
كأنّ فيه لَهَبَ النِّيرانِ / مُقابَلٌ يَمرَح في العِنانِ
أوثَقَ في التركيب منْ بُنْيان / كأنّما يداه طائران
مرتبط الحافز بالظِّلْمان / وبالمَهَا والأُتْن في الغِيطانِ
مثلَ ارتباط اللَّفظ بالمعاني / طِرْفَ العزيزِ الملِك المَنّان
وخَيْلُه السُّبَّق للرِّهان / كلُّ جَوادٍ ثابت الأركان
أذْكَى إذا حُرِّك من إِنْسانِ / ضَوامِنٌ في الرَّوع للفُرْسان
تَرْكَ الأَقاصي كالقريب الدّاني / كأنهمْ منها على عِقْبانِ
يا بن معزِّ الدِّين والإِيمان / وابنَ الملوك الشُّمِّ مِن عَدْنان
والهاشميِّين العظامِ الشانِ / ذوي المعالي وذوي السلطان
وابن الهدى والبِرّ والفُرْقان / كم مَرَّ بين الضَّرْب والطِّعان
من يومِ حربٍ لك أرْوَنانِ / آثَرْتَ فيه طاعةَ الرّحمان
حتى نصرتَ شِرْعةَ القرآن / نصرَ علىٍّ جَدِّك الدَّيّانِ
للدِّين في بَدْرٍ على الأوثان / لولاك كان الناس كالعميان
وأصبح الإسلامُ كالمُهانِ / وارتجع المعروفُ كالبهتان
وعُذِّب العافُون بالحِرْمان / يا غايةَ العافي وفَكّ العاني
وكوكبَ الساري وغَوْثَ الجاني / عادت بك الأيّامُ كالغَواني
يَخْطِرْن بين الحُسْن والإحسان / وأصبح المُلْكُ قليلَ الشاني
رَحْبَ المَغاني مُشْرِفَ المبَاني / عَفَوْتَ حتّى عن ذوي العِصْيان
ولنْتَ حتّى لذوي العُدْوان / سياسةً بيّنةَ الرُّجْحان
مخلوطة الشِّدّة باللِّيان / والخَلق من عدلك في أمانِ
منعتَهمْ مِن إحَن الأضْغان / بِسيرةٍ راجحة المِيزانِ
وحكمةٍ واضحةِ البُرْهان / فكلُّ من والاك في غُنْيانِ
وكلُّ مَن عاداك في خُسْران / يا من به أَدفعُ ما دَهاني
ومَن به طُلْتُ على كِيوانِ / متى أؤَدّي شكَر من كَفاني
وخصّني بالوُدِّ واصطفاني / ومن بنُعمَى فضلِه حَباني
ومن بعينِ حِفظِهِ يرعاني / في السِرّ مِن نَجْواه والإعلانِ
ومن إذا أبصَرَني أدْناني / ومَن إذا سألتُه أرضاني
كأنّه أبٌ عليَّ حاني / ومَن به سعادتي تغْشاني
لولاه ما نِلْتُ مَدَى الأماني / ولا احتلَبْتُ دِرّةَ الزّمان
يا خيرَ مَرْجُوٍّ ومستعانِ / عليكَ في كلِّ ثأىً تُكْلاني
وأنت سَؤلي وبِك ازدياني / وهاكَها واضحةَ التِّبْيان
بِكراً بدت في هيئةِ الغواني / معدومةً معجزَة الكيان
تَضِيق عنها سَعَةُ الأذهان /
بادِرْ فإنّ الصِّبا جِنَانُ
بادِرْ فإنّ الصِّبا جِنَانُ / وللصِّبا أوجُهٌ حِسانُ
وللصَّبا في الرُّبا نِسيمٌ / كأنّه عنبرٌ وبانُ
وبيننا جدوَلٌ لِطيفٌ / كأنّ أمواجَه جُمان
ما قال عبدُ الإله حَقّاً / إلاّ مَقالاً هو البَيانُ
بادِرْ فإنّ الزمان غِرٌّ / من قِبِل أنْ يَفْطِن الزّمان
وزَوْلةٍ مُقْرَبةٍ مُسِنّهْ
وزَوْلةٍ مُقْرَبةٍ مُسِنّهْ / رِيفيّةٍ تَقذِفُ بالجُبُنّهْ
في قالِبٍ أسفلُه مِشَنّهْ / ثم بدت بيضاءُ مُقْبَئِنّهْ
كالبَدْرِ لمّا لاحَ في الدُّجُنّهْ / أعذَبَ مِن رِيق حبيب بُنّهْ
وحولهَا غِيدٌ كأنّهنّهْ / بَرَزْنَ مِنْ حُورِ نِساءِ الجَنّهْ
يرِمين عن كُحْلِ عُيُونهِنّه / لواحظاً أمضَى مِن الأَسِنّه
أُرهِفْن حتّى صِرن كالأعِنّه / يَمسْن والأردافُ مرْجَحِنّه
يا ليتني بين نهودِهِنّه / أَرشفُ من خَمْر ثُغورِهِنّه
وأجتني وردَ خدودِهِنّه /
يأيّها الراحِلُ المَشُوقُ إذا
يأيّها الراحِلُ المَشُوقُ إذا / أزعَجَه شوقُه إلى الوَطنِ
أودَعْتُك القول والأَمانةُ لا / تُودَعُ إلاّ لِكلّ مؤتمَن
بلّغ لِبغدادَ إِن حللتَ بها / عنّي بلاغَ المبلِّغِ الفَطِن
بأنّها السُّؤلُ والمُرادُ وإن / أَصبحَ في غيرِ أرضها بدني
وأنّه قد دنا البِعيدُ لنا / وحانَ مِنه ما كان لَم يَحِنِ
وأحَرَّ شَوْقاه لِلحُلولِ بِها / وقد بَلَغْتُ المرادَ مِن زمني
لو كان للنُّوروزِ لمّا أتى
لو كان للنُّوروزِ لمّا أتى / فمٌ ولفظٌ مٌعرِبٌ أو لِسانْ
ناداك أنت العِيد يا عِيدَ مَن / عَيَّد والنَّوْروز والمِهرَجان
لو جَلَّ عن قَدْرِ الْعِيانِ امرُؤٌ / لِلفضلِ ما نالك مِنّا العِيان
أوتيتَ في المَهدِ العُلا والنَّدَى / وخصّك اللهُ بحسْنِ البيانْ
فما عسى يُحصِيهِ فيك الثنا / وأنتَ عالي القَدْرِ عن كلّ شان
يا حُسنَ ما أَصبحَ يسمو بِه / يا صفوةَ الرّحمانِ مِنك الحَنان
قد سافرتْ فيك بمَدْحي الورى / وغرّدتْ فيك بشِعري القِيانْ
وسالمتْني منذ نَوَّهْت بي / سودُ الرّزايا وخُطوبُ الزمان
لا زلتَ تَبقى قاهِراً لِلعِدا / بالغَ ما أمّلتَ عالي المكان
أَلقَى الكِمَّى ولا أَهابُ لِقاءَهُ
أَلقَى الكِمَّى ولا أَهابُ لِقاءَهُ / ويفُلّ إقدامي شَبَا الحَدَثانِ
وأَكُرُّ في صَدْرِ الخَمِيس معانِقاً / لِلموتِ حِين يفرّ كلُّ جَبانِ
ويزِيدني ذلّ الخطوبِ تعظُّماً / وتسلُّطُ الأيّامِ عِزَّ مكانِ
وعلِمتُ أخلاق الزمانِ فلم أَضِقْ / ذَرْعاً بأيّامي وغَدْرِ زماني
فكما يَمَلّ الدهرُ مِن إعطائِه / فكذا مَلالتُه مِن الحِرْمانِ
وكما يَكُر لمَعشرٍ بسعادةٍ / فكذا يَكُرّ لمِعشرٍ بِهوانِ
فإذا رماك بِشِدّةٍ فاصبر لها / فلسوف يأتي بعدها بِليانِ
ولقد رضِيتُ من الزّمانِ بجَوْرِه / متحمِّلاً وشرِبتُ ما أَسْقاني
في حادثٍ نُدَمائيَ الأَشجانُ في / غَمَراته وتفكُّرِي رَيْحاني
فَسلِ الليالي عن نَفاذِ عِزيمتي / وسَلِ الحوادثَ عن ثبَاتِ جَناني
تُخْبِرْك عنِّي أَنني لم أَلقَها / هَيْنَ العَزائِمِ واهي الأركانِ
أَصبحتُ لا أشتاق إلاّ للنَّدَى / إِلْفاً ولا أَهوىَ سِوَى الإِحسانِ
أَقَوى على مَضَضِ الشّدائِدِ والوَغَى / وأَذوبُ عند معَاتِبِ الإِخوانِ
وإذا السيوف قَطعْنْ كلَّ ضريبةٍ / قَطَعَ السيوفَ القاطِعاتِ لِساني
وناطقةٍ كلَّما حُرّكتْ
وناطقةٍ كلَّما حُرّكتْ / وليستْ بناطقةٍ في السكونِ
تئِنّ إذا دارَ دُولابُها / فتُطرِبُ سامعَها بالأَنينِ
وتَبكي وليست بمحزونةٍ / بكاءَ المِحبِّ الكئِيبِ الحزِينِ
فتَنطِق بالصوتِ لا مِن فمٍ / وتَقذِف بالدَّمْعِ لا مِن جفون
كأنّ لها ميّتاً في الثَّرَى / فأدمُعُها هُمَّعٌ كلَّ حِينِ
إذا زَمَرَت أطرَبتْ نفسَها / فغنّت بمختلِفاتِ اللُّحونِ
غِناءً يُرقِّص كِيزانهَا / ويُظهِر فِيهنّ وثبَ المجُونِ
فتَهوي فَوارغَ في بِئرِها / وتصعَدُ مِنها مِلاءَ العيونِ
كأنّ مَدامِعَها فِضّةٌ / مذوّبةٌ لونُها أَسْمجُوني
ناشدتِك اللهَ في ظُلْمي فما قَتلتْ
ناشدتِك اللهَ في ظُلْمي فما قَتلتْ / عيناك أَنصفَ مِنّي في المحِبِّينَا
سَلي صمِيمَ فؤادي هل شَرَعْتُ له / سِوى هَواكِ وإنْ عَدَّيتني دِينا
إنْ لم أفزْ منكِ يا من حبُّها تَلفي / بما أُريد فعِندي ما تريدينا
فاستوهبي لي مِن عينيكِ مرحمةً / ومِن قَساوةِ ما أَوليتِني لِينا
وإن لَحَوْكِ فقولي إنّه رجل / وجدتُه فاتكَ الأَلحاظِ عِنِّينا
لا تطلبوا بِدمي مِن قاتِلٍ قَوَداً / ودونكْم فاطلبوه الخرَّدَ العِينا
إنْ تكن قد سلوتَ عمّا عهِدنا
إنْ تكن قد سلوتَ عمّا عهِدنا / واطرحْتَ السؤالَ لما بَعُدْنا
فأنا حافظٌ لِعهدِك راعٍ / لك ما عشتُ إن حضرنا وغِبنا
ما تعرّفتَ حالَنا بِكتابٍ / مِثل ما يفعل المحبّ المعنىَّ
لا ولا رحتَ حين غِبْنا ثلاثاً / تشتكي وحشةَ التفرّق مِنّا
خيرُ أهلِ الوفاءِ ذو الحِفْظ بالأَف / عالِ لا مَن يقول إِنّا وإِنّا
وأسوَدَ يحكي الليل نُقْبة لونِهِ
وأسوَدَ يحكي الليل نُقْبة لونِهِ / حَكَى أمَّه في كلّ تركيبِها لِينا
ويَبلُغ أقصى عمرِه وهو أمَردٌ / وتَحسَب باقي أَيْرِه عِقْدَ عِشرينا
لِيهِنك يا مِلءَ عينِ الزّمان
لِيهِنك يا مِلءَ عينِ الزّمان / دوامُ السّرورِ ونيلُ الأماني
وأنّك أنت الإِمامُ الّذي / أَبان له الفضلَ نصُّ القُران
فيا مُلبِسي النِعَمَ السابِغات / وموجِبَ حقّي ومُعْلي مكاني
ملكتَ ثنائي ببذلِ الجميل / ووصلِ الأيادي وقربِ التّداني
فأصبحتُ عنك حَسِيَر الجفون / إذا رمتُ شكراً كَلِيلَ اللِّسانِ
فرُحْ عالماً أنّني شاكرٌ / سليمُ السَّريرِة صافي الجَنانِ
ذكرتُكَ ما بين كرِّ الكؤوس / وقد أقبَلَ الّلهوُ مُرْخَى العِنانِ
وقد جاوَبَ الزِّيرُ في جَذْبِه / مع البَمِّ ترجيعَ صوتِ المثَاني
وجاوَبَ قُمْرِيّةً فاختٌ / وعالتهُما نَغَماتُ القِيانِ
ونحن نقسِّم وَسْطَ الكؤوس / نُضاراً له حَبَبٌ كالجمُانِ
ولمّا تبدّت مَراجِيحُنا / تحرِّكها بالغَوالي الغَواني
ونحن من الماءِ في وابلٍ / مَشُوبٍ بخمرٍ ومِسكٍ وبانِ
فمِن مُعْمِل رَش زَرّافةٍ / ومن قاذِفٍ بسُلاف القِنانِ
وقد مَدَّ في النِّيلِ بدرُ الدُّجَى / صفيحةَ سَيْفٍ صَقِيلٍ يَمانِ
فلا زلتَ تَبقَى لِقَهرِ العِدا / وتمَلِك ما بقَي الفَرْقَدانِ
فأنت الّذي بك نلنا المنى / على كلّ حالٍ وفي كلّ شانِ
أقول لِسربٍ مِن حَمامٍ عَرَضْن لي
أقول لِسربٍ مِن حَمامٍ عَرَضْن لي / يُغرِّدن في أعلى الغصونِ وينَدُبْنا
ويسكَّن في خضراءَ ناعمةِ الرُّبا / أَنيقةِ رَوْض النَّبْتِ آنِسةِ المَغنى
بَوارِحَ لا يخشَيْن بَيْناً ولا نوىً / رواتِع لا يَعرِفن همّاً ولا حُزْنا
فقلتُ هنيئاً للحَمامِ أمانُه / وإن كانتِ الأَيّامُ لم تُعطني أمنا
أسِرْبَ الحَمامِ لو لقِيتُنَّ بعضَ ما / أُلاقي لأَصبحتُنّ أوّلَ من يَضْنَى
ولو قد علمِتُنّ الّذي أنا عالمٌ / لما ناح منكْم هاتِفٌ لا ولا غَنىَّ
ومَن جَرَّب الأيّامَ تجرِبتي لها / دَرَى أنّها ليست تدومُ على مَعنَى
فحسبُك يا دهرُ اصطلَيتَ بنارِ من / لو أنّك سُمّ في تَراقِيهِ ما أَنَّا
وأكثرُ ما أهُجوك يا زمني به / من الفِعل أَنِّي لم أُحسِّنْ بك الظِّنّا
ذمَمْناك يا صَرْفَ الحوادثِ فانتصِرْ / وسُؤْناك يا رَيبَ الزمانِ فخذ مِنّا
فإنّا أُناس لا نَذِلّ لنَكْبةٍ / وأخلاقنا لا تَعرِف الخوفَ والجُبنا
بعثتَ بخُشْكَانٍ كالأماني
بعثتَ بخُشْكَانٍ كالأماني / وكَعْكٍ كالخَواتِمِ في البَنانِ
وأَقراصٍ مطاوِلَةٍ عِذَابٍ / كلَثْمِ الخدِّ أو مَصَّ اللِّسانِ
ألذَّ مِن الخَلاعةِ في التّصابي / وأطيَبَ من مُفاكَهةِ الِقيَانِ
وألطَفَ في حَناجِرِ آكِليها / مَساغاً مِنْ مُجاوَبَة الأغاني
تَرَى عِذارَيه ما قاما بَمَعْذِرتي
تَرَى عِذارَيه ما قاما بَمَعْذِرتي / عند العذولِ فيغدو وهو يَعذِرُني
رِيمٌ كأنّ له في كلّ جارِحةٍ / عِقداً من الحُسن أَو نوعاً مِن الفِتَنِ
أَخفَى مِن السِّرِّ لكْن حُسنُ صورتِه / إذا تأمّلتَه أَبْدَى مِن العَلَنِ
كأنّ جوهَره من لطفِهِ عَرَضٌ / فليس تَحوِيه إلا أعينُ الفَطِن
والله ما فَتَنَتْ عَيْني مَحاسِنُه / إلاّ وقد سَحرَتْ ألفاظه أُذني
ما تُصْدِر العينُ عنه لحظَها مَلَلاً / كأنّه كلّ شيءٍ مُرْتضىً حَسَنِ
يا منتهَى أملي لا تُدْنِ لي أَجَلي / ولا تُعَذِّب ظُنوني فيكَ بالظنَنِ
إن كان وجهُك وجهاً صِيغَ مِن قَمَرٍ / فإنّ قَدَّك قَدٌّ قُدَّ مِن غُصُنِ
نَعَتْ بالبينِ غِرْبانُ
نَعَتْ بالبينِ غِرْبانُ / فأحبابُكَ أَظْعانُ
نَأَوا وضَمائِرُ الأحدا / جِ آرامٌ وغِزْلانُ
وسِربٌ تُشِرق الأقما / رُ فِيهِ وينثني البانُ
وتعبَث بالخُصورِ الهي / فِ والأَغصان كُثْبانُ
ولمَا سارتِ البُزْلُ / بِهمْ والليلُ نَوْمانُ
وحَثَّ بهنّ سَوّاقٌ / وحَفَّ بِهنّ غيرانُ
وقد برزَتْ مُخالِسةً / لنا باللّحظِ أجفانُ
فلمّا لَمْ يساعِد / هنّ لِلتودِيعِ إِمكان
بكَيْن فجالَ في وَرْدِ الْ / خدودِ لهنّ عِقْيان
سَقَى صَبْرةَ فالقَصْرَ / فرَقّادةَ تَهْتانُ
ولا زال الحِمَى وقرا / م والرّمْلُ ووَدّانُ
بمحْمَرٍّ ومصفَرٍّ / مِن الأنوار تَزْدانُ
مَنازلُ لم تزل فيهنْ / نَ آياتٌ وبُرهانُ
ولِلْمُلكِ تعايذٌ / ولِلمَنْعمةِ سُلطانُ
وأرضٌ لِلهُدى فيها / ولِلمعروف أعوانُ
ولِلمهديّ والقائِ / مِ والمنصورِ أوطانُ
وأوّلُ مَوْضِعٍ أَضحَى / لِلَهْوى فِيه مَيْدانُ
به طابت من الّلذّا / تِ لي والعَيْش ألوانُ
وأصْفَى لي بِه الدهرُ / هوىً ما فيه أضْغانُ
ورفّت ليَ مِنْ ماء / شَبابي فِيهِ أغصان
بلادٌ يقتضي قلبي / لها شوقٌ وتحْنانُ
كريمُ الأهلِ ما فِيه / من الإخوانِ خَوّانُ
وشرّ الأرِض أرضٌ لي / س فِيها لك إِخْوانُ
عسى الأيّامُ أن تَر / جِلي صَحْبي كما كانوا
فيَستشفي من اللِّوْعا / تِ أحبابٌ وجِيرانُ
وراحٍ طَعْمُها شَهْدٌ / ورَيَّا رِيحها بانُ
كأنّ إِناءها منها / خَلاَءٌ وهوَ مَلآنُ
لها رُوح وليس لها / كما لِلرُّوحِ جُثْمان
إذا شُجّتْ بدت في رأ / سِها للنَّمْلِ كِرْعانُ
يطوف بها عليك أغنْ / نُ ساجي الطَّرْفِ مَيسانُ
إذا ما الليلُ لاقاه / تبدَّى وهو عُرْيان
لنا مِن وجهِه قمرٌ / ومِن نَجواه نَدْمان
ومِنْ رِيقَتِهِ خَمْرٌ / ومِن خَدَّيهِ رَيْحان
سقاني والهِلالُ كما / بدا وكأنّه جانُ
وجُنحُ الّليل قد مُدّتْ / له في الأُفْقِ سِيجان
كأنّ نجومَه دُرَرٌ / تُشِير بِهِنّ سُودان
فما زالت مصلّيةً / على الأَذْقان أذقانُ
إلى أن مال للَمغرِ / بِ جَدْيٌ ثم مِيزانُ
ولاحت غُرّة الفجرِ / كما بَصْبَصَ سرْحان
ومُغْبَرّ تَشابَهُ من / ه أعلامٌ وقِيعانُ
يَباب تَفْرَقُ الظُّلما / ن منه وتَرْهَب الجانُ
كأنّ رءوسَ يَرْمَعِهِ / ِ لِواطِئِهنّ نِيرانُ
تِئطُّ به من القَيْظِ الْ / حَصَى وتئِنّ غِيطان
كأنّ الماءَ فِيه إلى / وُرودِ الماءِ ظَمْآن
ترامت فِيه بي قَوْدا / ءُ تحت الرَّحْلِ مِذْعان
إذا أمستْ بعسْفانٍ / فمَغْداها سِجِسْتانُ
نؤمُّ أعزَّ من عزّت / به دُوَلٌ وأَدْيانُ
إمامٌ حُبُّه فَرْضٌ / مِن اللهِ وإِيمانُ
قليلُ النَّومِ في نُصْر / ةِ دِينِ اللهِ يَقْظانُ
مقيمٌ قي حِمى الإِسلا / مِ والحقِّ وظَعّانُ
بَدَا لِنَداه في صفح / ةِ وجهِ الدهرِ عُنوانُ
وأَضحَى سيفُه ولَهُ / على الأَسيافِ سلطان
ونُزِّل فِيه بالتفضِي / لِ والتعظِيم قرآن
من النفرِ الَّذين هُم / ضحىً والناسُ أَدْجان
وهمْ لِلعِزّ أَلوِيَةٌ / وهم لِلمُلك أَشْطان
وهم شَرَحوا الهدى وهُدُوا / بِهِ والناسُ عميان
وهم في السَّلم أجوادٌ / وهم في الحربِ فُرْسان
ولولاهمْ لكان الخَل / قُ ضُلاّلا كما كانوا
رَسَتْ لهمُ بأَرض الوَحْ / ي أَعْراقٌ وعِيدان
وحازوا الفضل أَجمعَه / وهم شِيبٌ وشُبّان
فهم لمَنارِ دينِ اللّ / هِ أَعلامٌ وأَركان
أبا المنصورِ إِنّ النا / س طُرّاً لك قد دانوا
وقد ناداك بالطاع / ةِ والإِخلاص بغْدانُ
ولو مَلَكَ المُنَى بَلَدٌ / لطَاعَتْكَ خُراسانُ
وناداك الصَّفا والحْجِ / رُ شَوْقاً وهْوَ لَهفْان
يُرَجَّى مِنك بَذَّالٌ / ويُخْشَى منك غَضْبانُ
وَيَعْفُو منك وَهّاب / بما تَحوِيه مَنّان
وما أَصبحَ في قدر / ةِ عاصٍ لك عِصيان
لأنّك في الوَغَى بالمو / تِ ضَرَّابٌ وطَعّان
ولولا سَعَةُ الأَزما / نِ ضاقت بِك أَزمان
لأَنَّك مالِكٌ عَظُمتْ / بِك الأَفعال والشان
وأنّك للعلا حُسْنٌ / ولِلعافِين إحسان
وللرِّزقِ مَفاتيحٌ / وللرّحمان قُربْانُ
أَرَى مالَكَ للجَدْوَى / مُبَاحاً ليس يَنْصان
كأنّ البَذْل والجُودَ / على مالكَ أَعوان
فيا أكرَمَ من أمَّتْ / ه لِلمعروفِ رُكْبانُ
ويا أحلمَ مَن يُرجى / لدَيَهِ منه غُفْران
بقاؤك لِلندى عُمْرٌ / وللأيّامِ عُمْران
وحُبُّك للعُلاَ طَبْعٌ / وسِرُّك فِيه إعلان
وحظُّ جميعِ من عادا / ك تنكيلٌ وخُسْران
فعِش ما شئتَ مسرورا / ومجدُكَ منك جَذْلان
فيوسُفُ أنتَ في الحُسْنِ / وفي المُلْكِ سليمان
عليك صلاةُ ربّك ما / رسا وأقامَ ثَهْلان