القوافي :
الكل ا ب ت ث ج ح خ د ذ ر ز س ش ص ط ع غ ف ق ك ل م ن و ه ء ي
الشاعر : الأعْمَى التُطِيليّ الكل
المجموع : 22
تلافَ فُلاناً وَأَخْلِفْ فلانا
تلافَ فُلاناً وَأَخْلِفْ فلانا / كَفضانا مَنًى وَكَفَانا امْتِنَانا
وطاولْ بعمرِكَ عُمْرَ السُّهَى / فَأَبْلِ زَمَاناً وجدِّدْ زمانا
ولحْ إنْ خلا الأفقُ منهُ فأنتَ / أَسْنَى كياناً وأَسْمَى مكانا
وأمّا وقد أصبحَ الناسُ مجداً / سَمَاعاً فَكُنْ أنتَ مجداً عيانا
وزاحمْ بصرفك صَرْفَ الزمانِ / مُفِيداً مُفَاداً مُعيناً مُعَانا
وضايِقْهُ في الناسِ جيلاً فجيلا / وطَالبه بالودِّ شَاناً فشانا
وَسَلْهُ على ما أراد الدليلَ / وأَلْزِمْهُ في ما أَبَارَ الضمانا
وَرُعه وَدَعْ سَلْمَهُ جَانباً / فلولاك أصْبَح حَرْباً عَوانا
ولا تَتَغَمّدْ له زَلَّةً / فقد كان مما جَنَاهُ وَكانا
وَأدْرِكْ لديه ذُحولَ الكرامِ / فَقَدْ غَرَّهُمْ بين أخْنَى وَخَانا
وَأعْدِ عليه بناتِ الهديلِ / عَلَوْنَ فُنُوناً وَنُحْنَ افتنانا
ثَكالَى يُرَدِّدْنَ من شَجْوِهِنَّ / أسىً عزَّ فيه التأسي وَهَانا
لبسنَ الحدادَ مكانَ الحُلِيِّ / فَقُمْنَ يُحَاسِنَّ فيه الحسانا
وكم حاسدٍ ظنّهُ زينةً / ويأبى لها ثُكْلُها أن تُزَانا
وهل هو إلا شجىً لم تُسِغْهُ / فلاحَ بأَجْيادِها وَاسْتَبانا
وسالَ بها سَيلُ دَمْعِ الفراق / فَرِدْهُ تَرِدْ كبداً أو جَنَانا
كما سُوْقَها ومناقيرَهَا / وأعْيُنَها عَنْدماً أو رِقَانا
وإلا تُكَفْكِفْهُ شيئاً يُضَرِّجْ / جآجِئَها والغصونَ اللدانا
وقد حسدتكِ القيانُ الحنينَ / فهَلاّ حسدتِ السُّرورَ القيانا
صوادحُ إن فَرَعَتْ أيكةً / حسبت لها كلِّ غُصْنٍ كِرَانا
وسائلْهُ ما فَعَلَ القارظانِ / اضَلَّ دليلُهما أمْ تَوَانى
أَلمْ يَجِدَا قَرَظاً منهما / يُريغانِهِ حيثُ مَنْ حَانَ حانا
وأينَ أضلَّ قبيساً أبوه / على أنه ما ألاه حنانا
أَغَادَرَهُ وَالهاً بَعْدَه / وَأَشْمَتَ رضوى به أو ابانا
وها أمُّ دَفْرٍ لديها ابنُها / وقد أثكلَ ابنيْ عِيانٍ عِياناً
وَأعْفَى من الفُرْقَةِ الفَرْقَدينِ / وسام السمّاكين بَيْناً فَبانا
وَحُدَّ لذي الرمحِ أن لا يَرُوْعَ / أخاهَ فقد جاء يبغي الأمَانا
وإلا فَسَلّحْهُ رُمْحاً كَرُمْحٍ / ونبّئْهما أنْ يُجيدا الطّعانا
ولو أنّهُ هزَّ يُمناكَ رمحاً / وركّبَ بأْسََ فيه سنانا
لقامَ فَبَدَّدَ شَمْلَ الثريّا / ولو أنّها زَبَنَتْ بالزُّبَانى
وَكُرَّ لِطَسْمٍ ليالي جَديسَ / حتى يَدينَ لها أو تُدَانا
وَخُذه بمدينَ حتى تَعُودَ / وَنَسْراً فَخُذْهُ به والمَدَانا
وما كانَ لي فيهما منْ هَوًى / ولكنْ عَسَى أن يَذُوْقَ الهوانا
وكم لي بمدينَ منْ أُسْوَةٍ / ولكنّها غايةٌ لا تُدَانى
أُهنّيكَ ما شِئْتَ من رِفْعَة / وَشِعْري وَسَعْدَك والمِهْرَجانا
وأنك قَارَنْتَها أربعاً / فَأَنْسَيْتَ زُهْرض النُّجومِ القِرانا
وأنّكَ ظَلْتَ لدارِ الملوك / يميناَ وللعلمِ فينا لسانا
وللدين رِدْءاً وللمسلمينَ / مآلاً وللحقِّ يَعْلُو وآنا
ودونَ حمى الملك عَضْباً صقيلاً / أذالَ حِمَى كلِّ شيءٍ وَصَانا
من البيضِ راعَ بناتِ الصدورِ / إما سَراراً وإما عِلانا
جرى مَتْنُهُ وذكَتْ شفرتاهُ / فإن شئتَ رابَ وإن شئتَ رانا
تأَلَّفَهُ الموتُ ماء وناراً / وأوْلمَ فيه نَدًى أو دُخانا
وليس كما خِلتَهُ إنما / هو الموتُ أَبْهَمَهُ أو أَبانا
ولما جلا غمدُهُ رَوضَةً / طَواه بها حَيّةً أُفْعُوانا
كَعَزْمِكَ لو أَنه لا يُفَلُّ / كهمكَ لو أنه لا يُفانى
ركبتَ الخطوبَ وأَرْكَبْتَها / تكفُّ الجماحَ وَتُكفَى الحِرانا
وأشْبَهْتَ آباءك الأكْرَمينَ / عِرْضاً عزيزاً ومالاً مُهانا
وأحسنتَ بينَ النَّدى والنَّدِيِّ / حييّاً وَقاحاً جريّاً جبانا
وكان الربيعُ ربيعَ الأنامِ / وكنتَ به بِشْرَه الأْضحِيانا
تسابِقُهُ في مَدَى كلِّ مجدٍ / أما لو أردتَّ لردَّ الرِّهانا
وصبَّحْتَ أُقليشَ في جَحْفَلٍ / أغَصَّ الوهادَ وآدَ الرِّعانا
بكلِّ كميٍّ يروعُ الأسودَ / خِماصاً ويَرعى عليها بِطانا
على كلِّ نَهْدٍ أمامَ الرياح / وزاد عليها القَرا واللَّبانا
يجرُّ العِنانَ إلى كلِّ حَرْبٍ / مَرَتْهُ فدونكَ منْهُ عنانا
هي الضمَّرُ الغُلْبُ فاصْدِمْ بها / صفاً واثنِ أعطافَها خَيْزُرانا
فأُبْتَ وغادرتَ تلك الديارَ / عِجافاً تَهادَى خُطُوباً سمانا
إذا هيَ لم تُفْهِمِ السائلينَ / كان لها سيفُكَ التُرجمانا
ورثتَ الوزارةَ لا مُحصَراً / عيياً ولا مُستضاماً هِدَانا
وآزرتها بأبي عامرٍ / فمن شاءَ أنأَى ومن شاءَ دانى
حَمَيْتَ بها حَوْزَةَ المكرُمَاتِ / ليثاً هصوراً وَقرْماً هِجانا
وأشْهَدْتَنا منه يوماً تَعالى / فذلَّ الزمانُ له واستكانا
نَثَرَنا له زَهَراتِ النجومِ / إذا نثروا لؤلؤاً أو جُمَانا
ودارتْ علينا حُميّا السرور / بَعْدَ الكؤوسِ فهاتِ الدنانا
وحدِّثْ عن الدَّهْرِ طُولاً وعَرْضاً / وَعَنْ صرْفِهِ عِزَّةً وامتهانا
وقُل وأعِدْ عنه لا عن جِفانٍ / وزد حُبْسَةً فيه تزَدَدْ بياناً
فما كلُّ من قالَ يَنْمي الحديثَ / ولا كل مَنْ سالَ يُهْدَى البيانا
عجبت لجانبه ما أشدَّ / أأمرٌ عَنى أم أميرٌ أعانا
أما طَيَشتْ لُبَّهُ نَظْرةٌ / على خطّة كلّما اشتدَّ لانا
أرَتْهُ النجومَ تُسامي السَّراةَ / وابن ذُكاءٍ يُسامُ الختانا
فأَجرى النعيمَ دماً آنياً / ليومٍ من العيشةِ الرَّغْدِ آنا
بحيثُ أتَوْا بالرُّبَى والوهادِ / فحسب العُلا جفنةً أو خُوانا
وقاموا فحثّوا المنى أَكؤساً / فهاكَ ولو مزجوها ثُمَانى
وَحَيّوْا ولا مِسْكَ إلا الشبابُ / فإنْ شيتَ فالبَسْ له عُنْفُوانا
أيا ابنَ الجحاجحةِ الأشعرينَ / دعوةَ صدقٍ وَمَنْ مانَ مانا
ويا با الحسينِ ويا ابنَ الربيع / وناهيكَ أسبابَ مجدٍ مِتَانا
إليكَ وإنْ رَغِمَ الكاشحونَ / وُدّاً صحيحاً وَشِعْراً قُرانا
قَوَافيَ كالشُّهْبِ لكنَّ تلك / تُصَانُ فَهَبْ هذه أنْ تُصانا
تُشَمّمُكَ الوردَ والياسمينَ / وإن كانتِ الشّيحَ والأيْهُقانا
لَبَّيْكَ عنْ سِرِّيَ وَعَنْ إعلاني
لَبَّيْكَ عنْ سِرِّيَ وَعَنْ إعلاني / ما شئتَ منْ بَوْحٍ ومن كتمانِ
شَوْقٌ إليكَ أطَعْتُهُ وأطاعني / لولا النُّهَى لَعَصَيْتُهُ وَعَصاني
وهوىً رفعتُ به لوائي في الهوى / فاليومَ يا عزِّي ويا سلطاني
حيث المكارمُ تحتَ أظلالِ العُلا / والحُسْنُ في بَحْبُوحةِ الإحسان
والخيلُ لاحقةُ البطونِ كأنها / فَضَلاتُ ما جرَّتْ من الأرسان
في غمرة ملء الفضاء حبالها / قِصَدُ القَنَا وجماجمُ الفرسان
يَخْرُجْنَ من خَلَلِ الغبار كأنها / شررٌ تطايرَ من خلالِ دُخان
والموت ممنوع الحريمِ مُبَاحُهُ / قد حانَ بين البِيضِ والأجفان
وأهابَ بالأرواحِ في أجسْادِها / فأتَتْه بين الذلِّ والإذعان
والدهرُ قد هدَّ القلوبَ فأصبحتْ / مشغولةً حتى عن الخَفَقان
قُلُباً ولكنْ إن بَدا لك مَتْحُها / فإلى الرماح ولا إلى الأْشطانِ
وإنِ القلوبُ حَنَتْ عليها فانْتَصِفْ / منها بأمثالِ القلوب حواني
وَهْيَ الوَغَى لا ما تَخَيَّلَ عاجزٌ / جَمَعَ السلاحَ وَعُدَّةَ الأقْرانِ
وإذا المنايا طار عنها فارسٌ / فالأرضُ حتى يستحيل أماني
وعلا ابن زُهْرٍ والكواكبُ دونها / في كلِّ يَوْمَيْ نائلٍ وَطِعَان
المُشْتَفِي الشّافي الحميُّ الحامي / الآمرُ الناهي البعيدُ الداني
رِدْءُ الكتيبةِ خَلْفَها وأمامَها / كالموتِ تلقاهُ بكلِّ مكان
وفتى إيادٍ شيبِها وشبابِها / في كلِّ حادثةٍ وكلِّ أوان
القادرينَ على الوفاءِ ضَمانَهُمْ / حينَ الليالي لا تَفِي بِضَمان
وَمُكَلّلينَ النارَ هاماتِ الربى / في حيثُ ما شُبَّتْ وفي الغِيْطان
قومٌ إذا عَرَضُوا لحملِ أمانةٍ / أيْقَنْتَ أنَّ الفَضْلَ للإنسان
وإذا فُلانٌ عُدَّ سَيّدَ مَعْشَرٍ / زحفوا له منهمْ بأَلْفِ فُلان
هُمْ ضَمَّنوكَ عَناءَ كلِّ سيادةٍ / واسْتنجحوكَ لِسَعْدِ كلِّ قران
واري الزنادِ بدفْعِ كلِّ مُلِمَّةٍ / مُتَصرّفٌ في صَرْفِ كلّ زمان
ركَّابُ أهوالٍ قريعُ حوادثٍ / طلاّبُ أوتارٍ رفيعُ مَبانِ
ركبَ اصطكاكَ الموج في أمثالِهِ / مِنْ حِمْلِهِ المتدافع الأركان
تسمو به حُبْلى عقيمٌ أمكنتْ / بِصُماتِ بكرٍ في هَدَاةِ عوان
من كلِّ حاملةٍ وقلْ محمولةٍ / لو لم تعُمْ عُدَّتْ من الغربان
طَوْعُ الرياحِ أو الرياحُ تُطِيعها / حكمانِ مُتَّفِقانِ مختلفان
فكلاهما فرَسا رهانٍ برّزا / سَبْقاً وإن لم يجريا لِرِهان
تحنو على سُكّانها لا عن هوىً / وتُضِيْعُ أنفُسَهُمْ لغيرِ هَوان
وكأنهم فيها نشاوى قهوةٍ / قد صُرّعوا منها بجامٍ جان
لتحطَّ مِنْ رَضوى إلى ثَهْلانِه / بأجلَّ من رَضْوى ومن ثهلان
إحدى جيادِكَ لو أزارْتها الوَغَى / متهلّلاً والموتُ ذو ألوان
ولو أنَّ ما حَملتك فيه وضعته / مما يُطَلُّ من النجيع القاني
وأتى وعيدٌ من حماك اعتادني / بَعْدَ الهدوِّ فشفَّني وشفاني
ذِكرٌ يكرُّ هواكَ وبين جوانحي / حتى أراكَ على النَّوى وتَرَاني
خطٌّ نَظَمْتَ الدينَ والدنيا به / لو لم يَعُدْني غيرُهُ لكفاني
لَتُطالِعَنَّكَ من ثَنائي أسْطُرٌ / تُزْهى بِسِحْرِ بلاغةٍ وبيان
ولأتركنَّ عداكَ نَهْبَةَ أسْهُمٍ / مما بَرَى قلبي وراش لساني
شكراً لأنْعُمِكَ التي أعْلَتْ يدي / حتَّى تَذَبْذَبَ دونها الفجران
فاسْلَمْ على أخْذِ الزمانِ وَتركِهِ / قَمَرَ النديّ وفارسَ الميدان
واطلبْ أميرَ المؤمنينَ لعزَّةٍ / قعْساء بينَ الأمنِ والإيمان
وقولَّهُ في عَهْدِ كلّ سياسةٍ / هو أوَّلٌ فيها وأنتَ الثاني
وتسنَّما خُطَطَ الفَخارِ وأنتما / أَخَوَان أو قلباكما أخوان
طليعةُ جَيْشِكَ الرُّوْحُ الأمينُ
طليعةُ جَيْشِكَ الرُّوْحُ الأمينُ / وظلُّ لوائِكَ الفتحُ المبينُ
وهزةُ رُمْحِكَ الظّفَرُ المُوَاتِي / وَرَوْنَقُ سَيْفِكَ الحقُّ اليقين
وبعض رضاكَ للآجالِ دنيا / وَشُكْرُ نَدَاكَ للآمالِ دين
وكلُّ مُعَرَّسٍ لكَ أو مَقِيْلٍ / بحيثُ تُظنُّ بالنّاسِ الظنون
جلبتَ الخيلَ مُشْرِفَةَ الهوادي / تَعِزُّ على قيادِكَ أو تهون
كآرامِ الصَّرِيمةِ أو مَهاها / وليسَ سِوَى الرِّماحِ لها قُرُون
سوابحَ من غمارٍ في حديدٍ / فما تدري أخَيْلٌ أم سفين
يُلَقّيها الطعانَ ولا يُبَالي / مُشِيحٌ ما يُبِلُّ له طَعِين
يُجَلّلُها ثيابَ مُكَايِدِيْهِ / إذا انْتَفَضَتْ منَ الوَرَقِ الغُصُون
ويوسِعُها بعقرهمُ مجالاً / إذا ضاقتْ عن الطيرِ الوكون
فتىً يزِنُ البلادَ وما عليها / وإن كانتْ خَلاَئِقُهُ تَزين
سما منهُ إلى رُتَبِ المعالي / قويٌّ قد سمعتَ به أمين
بكلِّ مُمَوَّهِ الصّفَحاتِ ماضٍ / تُوَقّيه الحمائل والجفون
من البيضِ الرِّقاقِ إذا انْتَضاهُ / فكلتا راحتيهِ له يَمِين
تأَلَّفَهُ الرَّدى طَرَفيْ نقيضٍ / فَمُشْتَكِلٌ عليه وَمُسْتَبين
فذاكَ الاءُ رقَّ وراقَ حتّى / بدا ما كانَ منهُ وما يكون
وتلكَ النارُ تَصْلاها الأماني / إذا شَبّت وَتَعْبُرُها المنون
سلِ الأذْفُونشَ أين الحربُ منه / وَرُبَّتَما أجابَ المُسْتعينُ
أعدَّ لها الحصونَ مُشَيَّداتٍ / وما تُغْني المعاقلُ والحصون
ولا ردَّ الجيوشَ ولا كفاها / كسيفٍ لا يحار ولا يخون
إذا صدق الحسامُ ومنتضيه / فكلُّ قرارةٍ حصنٌ حصين
وما أسَدُ العرينِ بذي امتناعٍ / إذا لم يَحْمهِ إلاّ العرين
بعينيه سما للكفرِ يوماً / فغصَّ به السُّهولةُ والحزون
نمى طلبيرةَ الدنيا حديثاً / لهُ في كلِّ قاصيةٍ شجون
ألحَّ على الرَّدى فيها غريمٌ / قليلاً ما تُعَنّيه الديون
وقارعَ دونها الحدثانَ مَلْكٌ / سما عنْ كلِّ فوقٍ فهو دون
تُسَائلُ عنه غزية أينَ تَسْري / سراياهُ فتخبرها أرين
وكانتْ لا تدينُ ولا تُدَانَى / فصبَّحها بعزمٍ لا يَدين
وجيشٍ لا يضيءُ الصبحُ منه / مخافةَ أنْ تَنَوَّرَهُ العيون
يَسيلُ على البسيطةِ منهُ سَيْلٌ / عُبَابَاهُ الحوادثُ والشؤون
به خُدَعُ المنى وَرُقَى المنايا / وصَرْفُ الدَّهْرِ يَخْشُنُ أو يلين
وما تدعو الرماحُ وما تُلَبي / وما تُخْفي الصدورُ وما تُبين
وما نمتِ المهارُ أو المهاري / وما اجتبتِ القيولُ أو القيون
سماءُ علاً تلوحُ بها المعالي / نجوماً نَوْءُها الحربُ الزَّبون
وقد هَبّتْ عتاقُ الخيلِ فيها / عواصفَ لا يُتاحُ لها سكون
وأنشاتِ الحتوفُ به سحاباً / فنقعٌ راكدٌ ودمٌ هَتُون
فليتَ أباك حيث يراك تسمو / لها والموت ردءٌ أو كمين
وقد جُنَّتْ فَنُطْتَ على طُلاها / تمائمَ بعضُ ما تَشْفي الجنونُ
أذنْ لنَضَا المشيبَ على الليالي / فتَبْذُلُ بعدَ ذلك أو تَصُون
ولارْتَجَعَ الشبابَ الغضَّ منها / فتعلمَ أنها العلقُ الثمين
وكيفَ رَأتْ طليطلةُ العوالي / بحيثُ تغيثُ باسمكَ أو تُعين
نَسَفْتَ جبالَها بحبالِ موتٍ / تدورُ بها رَحَى الحربِ الطحون
سيشكرُ سيفَكَ الإسلامُ عنها / وإن أبتِ الغلاصمُ والشئون
ولم أرَ قبلها شَجِيَاً بشيءٍ / له في إثر مُشْجِيْهِ حنين
فلولا رِزُّ جَيْشِكَ أسْمَعَتْنَا / عويلاً يُسْتَهَلُّ به الأذين
ولو تسْطيع لارْتَهَنَتْكَ وَعْداً / بيومٍ لا تُقَاوِمُهُ الرُّهُون
ولو كان الخيارُ إلى رُبَاها / دَعَتْكَ وَرَوْضُهَا تَرَفٌ ولين
ولو علمتْ بك الرِّمَمُ الخوالي / وقد خَلَتِ الليالي والقُرُون
لهلَّ إلى ذُراكَ بها سُرُورٌ / بِقُرْبِكَ أُشْرِبَتْهُ وَهْيَ طين
فإن يَمِنِ الصليبُ وناصِبُوهُ / فإنّ غِرَارَ سَيْفِك لا يَمِين
لأمرٍ ما رددتَ الخيلَ عنهمْ / وقد جَعَلَتْ مَحَايِنُهُمْ تحين
وأُسْوَتُكَ الرسولُ وإن يَشُكُّوا / فعندَ جُهَيْنَةَ الخبرُ اليقين
ثناها عن ثقيفٍ والعوالي / بهمْ لَجَبٌ ودُونَهُم رنين
فوافاهُ بهمْ ظمأٌ وَخَوْفٌ / ومقدارٌ أتى بهمُ وحين
وهادَن أهْلَ مكة عَنْ حِمَاها / وقد تكفي عن الحربِ الهُدُون
فما بَرِحُوا بها حتّى أتوها / تُثيرُ النَّقْعَ مَوْعِدُها الحجون
فإن تُحْرِزْ طليطلةَ الليالي / فَسَيْفُكَ يا عليُّ بها ضَمِين
وقد صَلِعَتْ مفارِقُها وشابَتْ / فأينَ الأرْبُ والحِلْمُ الرَّصين
نَفَتْ بُنْيانَها حُمْرث المنايا / وَوَلّتْ وهي تَخْنَى أو تَخُون
وَتَشْكو ثُكْلَهُنَّ إليكَ عَمْداً / وهل يَشْفِي منَ الوَجَعِ الأنين
أميرَ المؤمنينَ وَأيُّ مَجْدٍ / مَكَانُكَ من أرومتِهِ مكين
بهِ اقْتَصَرَ الجَمُوحُ على مَداهُ / وَأعْطَى جَهْدَ طاقَتِهِ الحَرُون
أبا يعقوبَ أنتَ ندًى وبأسٌ / وَإبراهيمُ أنتَ وتاشفين
أولئك رشحوك إلى المعالي / فلا وَكَلٌ ألفُّ ولا ضنين
أبا حسنٍ وغايةَ كلِّ حسنٍ / وفعلُكَ لا يُضَمُّ إليهِ سين
علامَ أضِجُّ منْ ظمأٍ وَضَيْمٍ / بحيثُ عُلاك والماءُ المعين
وكيف أضيعُ أو تُنْسَى حُقُوقي / وباسْمِكَ أسْتَغِيثُ وَأسْتَعين
استوفِ شَأْوَيْكَ من عزٍّ وتمكينِ
استوفِ شَأْوَيْكَ من عزٍّ وتمكينِ / واذهبْ بحظَّيْكَ منْ دنيا ومن دينِ
وَافْرُغْ لشأنيكَ من بأْسٍ ومنْ كَرَمٍ / بطشٌ شديدٌ ومنٌّ غيرُ مَمْنُون
وكِلْ عِدَاك لما تَطْوي صُدُورُهُمُ / يكفيكَ منهمْ ويكفيهمْ ويكفيني
وزاحمِ النجْمَ في عُليا مطالعه / فليس قَدْرُكَ بالأدْنى ولا الدُّون
واجعلْ مُحَيّاكَ لي عبداً أُسرُّ به / فإنْ فعلتَ فما حظّي بمغبون
وارْتَحْ إلى الحمدِ من قُرْبٍ ومن بُعُدٍ / فإنّهُ خُلُقٌ منْ آلِ حَمْدين
الضامنينَ لما قالوا إذا هَرَفَتْ / بعضُ الرجال بِنُكرٍ غيرِ مضمون
والحاكمينَ لما شاؤوا إذا غُمِزَتْ / بعضُ الرجال بمردودٍ وموهون
أقمارُ حُسْنٍ وإحسانٍ أُسودُ شرىً / وغاثةٌ مُزْنُ تأميلٍ وتأمين
ما شئتَ في السّلْمِ منْ حلمٍ ومن كَرمٍ / وفي لظى الحربِ أمثالُ المجانين
إنّ السَّرَاءَةَ لا تزْكُو لِمُختَبِرٍ / حتى يكونَ لها حظٌّ من اللين
منَ الأراقمِ صالوا كلَّ يومِ وغىً / إذْ كلُّ أرْقمَ يعدو فوقَ تِنّين
فازتْ قِدَاحُ أبيهمْ حينض أرْسلَها / بكلِّ عِلْقٍ منَ العلياءِ مَكْنُون
ربيعةُ القُرَشيْ السامي بِهِمَّتِهِ / منهُ إلى نَسَبٍ بالنَّجْمِ مَقْرون
ومن كُلَيْبٍ أفادوا كلَّ مَكْرُمةٍ / قَتْلَ الملوكِ وإحياءَ المساكين
وما أخوهُ عديٌّ إذ يقومُ بها / يومَ الذْنائبِ في وَهْنٍ ولا هون
حياةُ صِدْقٍ ومَوْتٌ في ذُرى كَرمٍ / يا نفسَ كلِّ كريمٍ هكذا كوني
وكم أبٍ لكَ لولا طيبُ عُنصُرِهِ / لم يُوجَدِ الطيبُ طبعاً في الرَّياحين
جنابُكَ للعُلا حِصْنٌ حصينُ
جنابُكَ للعُلا حِصْنٌ حصينُ / وذكرُكَ للمنى دنياً ودين
وأدْنى غايَتَيْكَ لها أَمانٌ / وكلتا راحَتَيْكَ بها يمين
أهابَ بكَ الزمانُ إمامَ عدلٍ / فَلَبَّتْهُ بكَ الحربُ الزبون
حُساماً ما انتضاهُ الدّهْرُ إلا / ليعلمَ مَنْ يَفِي مِمَّنْ يخون
صقيلَ المتنِ رَوْنَقُهُ الأماني / وماضي الحدِّ جَوْهرُه المنون
وَمَضْرِبُهُ جُهَيْنةُ كُلِّ مَجْدٍ / وسَلْهُ فعندهُ الخبرُ اليقين
إذا حَدّثْتَ في الهيجاءِ عنه / فإنَّ حديثَهُ فيها شُجون
إذا اعتمدَ النَّدى غَصّتْ جِفانٌ / وإنْ شَهِدَ الوغى صَفِرَتْ جفون
إلى مَلِكِ الملوكِ هفا بلبّي / وقد سئمتْ نواظرَها العيون
هوىً لو غيرُ ذِكْراه حَبَتْهُ / لكنتُ أقولُ سُكْرٌ أوْ جنون
إلى مَلِكٍ تَعوَّدَ بَسْطَ كَفٍّ / بخالقها تُعين وتَسْتَعين
شديدُ البأسِ في صَوْنِ المعالي / تكادُ تُذيله ممَّا يلين
أَبيٌّ حينَ يغشاها جسورٌ / قويٌّ حينَ يَرْعاها أمين
سطا أسداً وأشرقَ بدرَ تمٍّ / ودارتْ بالحتوفِ رحىً طحون
وأَحْدَقَتِ الرِّماحُ به فَأَعيْا / عليَّ أُهالةٌ حِيَ أمْ عرين
أطلَّ على سريرةِ كلِّ غيبٍ / بفكرٍ لا تُخَالِجُهُ الظنون
فما للماءِ في أرضٍ ركودٌ / ولا للنارِ في حَجَرٍ كمون
تَشَوَّفَتِ الملوكُ هوىً وَذُعْراً / إلى مَلِكٍ يُدان ولا يَدين
إلى مُتَهَلّلِ القَسِمَاتِ طَلْقٍ / كأنَّ سَنَا الصبَّاحِ له جبين
جوادٌ بالديارِ وما حَوَتْهُ / ولو أنَّ الزمانَ بها ضنين
تَعِزُّ به الركائبُ والقوافي / إذا كانتْ بأقوامٍ تهون
أبا حَسضنٍ ومولى كلِّ حُسْنٍ / دعاءً لا يَميلُ ولا يَمين
قد اهتزَّتْ بأنْعُمِكَ الليالي / كما تهتزُّ بالثَّمَرِ الغصون
أدَرْتَ على البسيطةِ كأسَ طيبٍ / تَعَاطَتْهُ السُّهولةُ والحزون
فكلُّ قرارةٍ مِسْكٌ فتيقُ / وكلُّ مُنيفةٍ عِلْقٌ ثَمين
طليعةُ جيشك الظَّفَرُ المواتي / وظلُّ لوائكَ الفتحُ المبين
عُقابٌ كلَّما أمْسَتْ بأَرضٍ / فليسَ سوى الصدورِ لها وكون
رفعتَ على التُّخومِ مَنَارَ عَدْلٍ / أنارَ وهذه الأيامُ جون
إذا وَعَدَ الزمانُ سرورَ شيءٍ / فمنكَ عليه نَذْرٌ أو يمين
أَحِنُّ إليكَ واسألْ بي وسلني / وغايةُ كلِّ مَنْ نَزَعَ الحنين
ودونكَ كلُّ مَوْمَاةٍ فَيَاحٍ / كأنَّ نهارها قَلْبٌ حزين
وَنَتْ فيها الرِّياحُ الهوجُ حتَّى / كأنَّ ظهورَها العُليا بُطُون
إذا سرَّحْتَ طَرفَكَ قلتَ بحرٌ / يذلُّ الطَّرفُ فيه ويستكين
وقد لمعَ السرابُ فقلتَ ماءٌ / وجالَ الضبُّ فيه فقلتَ نون
كأنَّ هِضَابِها والآلُ يَنْزُو / بها مَوْجٌ تَرَاقصَ أوْسَفِين
وأُخْرَى مِثْلُها إلا غَوَاشٍ / كأنَّ قعيدَها مَيْتٌ دفين
كأنَّ عمادَها كُثْبَانُ رَمْلٍ / إليكَ وقد تكونُ لها شئون
وليَّ العهدِ لي بهواكَ عَهْدٌ / كأنَّ مدائحي منه يمين
سددتَ مَفَاقري وَأشَدْتَ باسْمي / فذلَّ الصَّعْبُ وَانقادَ الحرون
وَخُيّلَ لِيْ الغِنَى فنطقتُ عَنْهُ / لِعِلْمي أنَّهُ مما يكون
أَريقُ ثَغْرِكِ أمْ ينتُ الزَّراجين
أَريقُ ثَغْرِكِ أمْ ينتُ الزَّراجين / وَعَرْفُ نَشْرِكِ أم مِسْكٌ بدارينِ
ولحظُكِ الغَنِجُ السحّارُ أم قَدَرٌ / أم ذو الفَقَارِ مَضَى في يومِ صفين
وثغرُكِ الشَّنِبُ الوضّاحُ أم بَرَدٌ / أم بارقٌ من رِضَاكِ اليوم يثنيني
إذا بدا ليَ دُرٌّ منهُ مُنْتَظِمٌ / نَثَرْتُ لؤلؤَ دمعي غيرَ مكنون
وماءُ خَدِّكِ أمْ خَمْرٌ بكأسِ مها / يروقُ في حُسْنِ إشراقٍ وتلوين
وَقدُّك الناعمُ الريَّانُ أمْ غُصُنٌ / يميسُ ليناً على كثبانِ يَبْرين
إذا انثنى وَهَفا مرُّ النسيمِ به / فأينَ منه قضيبُ البانِ في اللين
جسمٌ براهُ الإله حينَ صوَّرَه / منْ ماءِ لؤلؤة والناس من طين
وحاشَ للهِ أن يُعْزى إلى بشرٍ / أوْ أنْ يُضافَ لحسنِ الخُرَّدِ العِين
أضْحَتْ يدُ الحُسْنِ في ديباجِ وجْنَتِهِ / تُنَمْنِمُ السّحْرَ منها في أفاين
وَفَتحَتْ إذ جرى ماءُ الشباب بها / ورْدَ المحاسنِ أَو وردَ البساتين
واهاً لقلبيْ وقد أودتْ به حُرَقٌ / من شادنٍ غَنِج بالوصلِ ضِنّين
يُديرُ لي مُقَلاً مَرْضى بِلا سَقمٍ / يُمِيتُني تارةً فِيها ويُحْييني
نَفْسي الفداءُ له منْ كلِّ نائبةٍ / وإنْ يكنْ هُوَ منها لا يُفَدّيني
لا حظَّ منهُ سِوَى عَيْنِ مُسَهَّدَةٍ / عَبْرَى وَشَوْقٍ إلى كَفيْهِ يُخْديني
أُعَلْلُ النَّفْسَ فيه بالمُنَى خُدَعاً / وإن يكنْ في هواهُ ليس يُجْديني
كم عاذلٍ رامَ عَذْلي فيهِ قلتُ له / لا تَعْذُلَنّي فإنَّ العَذْلَ يُغْريني
قالوا ضَلَلْتَ طَرِيقَ الرُّشْدِ قلتُ لهم / يهنيكمُ الرشدُ إنَّ الغيَّ يَهْنيني
حَسْبي هواهُ ولا أبْغِي به بَدَلاً / فقمتُ منهُ بحظٍّ غيرِ مَغْبُون
واللهِ لا ضِقْتُ ذَرْعاً ما حَييتُ به / فخلِّني اليومَ يَبْريني وَيُضْنيني
كم زفرةٍ تَسْتَعيرُ النارُ وَقْدَتَها / ولوعةٍ طَيَّ أضْلاعي تُناجيني
وَبَرْحِ بثٍّ ووجدٍ مُؤْلمٍ وجوًى / بينَ الحَشَا ليس يَبْلى وهو يُبْليني
هوىً تعسفتُ منهُ كلَّ مُهْلِكَةٍ / وَظَلْتث أخبطُ في أهوالهِ الجون
وَخُضْتُ منهُ غمارَ الموتِ مُقْتَحِماً / وقلتُ فيه لِلَوعَاتِ الأسى بِيني
ما بالُ دضمْعِي مُطيعاً في هَواه وما / لِحُسْنِ صَبْريَ فيهِ لا يُوَاتيني
كأنَّ دمعيْ وقد غَصَّتْ مسارِبُهُ / شجوٌ تَضايَقَ في أحشاء محزون
إيهٍ أبا قاسمٍ ما لي ظمئتُ وفي / كفّيك ريّيَ أنْ لو شِئْتَ تُرويني
وما يَصُدُّكَ عنْ أشواقِ مُكْتَئِبٍ / مُغرىً بحبكَ صبٍّ فيك مَفْتون
كنْ كيفَ شئتَ فحسبي لا أَحولُ وإن / لم أُمسِ منكَ على قُرْب وتمكين
أنتَ الحياةُ ومالي عنكَ منْصَرَفٌ / وأنت حظّيَ من دنيا ومِنْ دين
حَوَيْتَ الشكرَ مِنْ بُعدٍ وأيْنِ
حَوَيْتَ الشكرَ مِنْ بُعدٍ وأيْنِ / وحُزْتَ الفخرَ مِنْ أثرٍ وَعَين
فلا صَفِرَتْ يداكَ منَ المعالي / فإني منكَ مملوءُ اليدين
وَلُحْ بينَ النجومِ أعزَّ منها / فإنّكَ بينَ أيّامي وبيني
وما تنفكُّ ردْءاً للمعالي / وزيناً للأنامِ وأيَّ زين
أَنَوءَ المِرْزَمَيْنِ إليكَ عنّي / ففي يمناهُ نوءُ المرزمين
لديه صار شَمْلي كالثريّا / وكانَ بغيرِهِ كالشّعْرَيَين
فقلْ للفرقَدَيْنِ يُسامِياني / إلى خطَّينِ أو في خطّتَين
إذا أصغَى الوزيرُ إلى ثَنَائي / فإني ثالثٌ للفرقدين
فذر يَزَنٍ أنا أو ذو نُواسٍ / ومعذرةُ الإلهِ لذي رُعَيْن
إليكَ تدافعتْ خُوْصُ المطايا / بِجَوْبِ الأرْضِ بين وجىً وأين
بكلِّ مقلّصِ السّربالِ ضرْبٍ / عزيزٍ في صُرُوفِ الدهر بين
سَما من جانِبَيْهِ إلى المعالي / على خطَرٍ منيعِ الجانبين
يخوضُ إليكَ غمرةَ كلِّ هولٍ / إذا لم يَصْلَ جاحمَ كلِّ حَيْنِ
ويخترقُ الدُّجضى جُنْحاً فَجُنْحاً / وقد رانتْ عليه كلَّ رَيْنِ
إلى أنْ ساعَفَتْكَ به الليالي / على صِدْقٍ حَذَتْه به وَمَيْن
وَقَبَّلَ رَاحَتَيْكَ فلا تَلُمْني / إذا ما قلتُ قَبَّلَ دِيمَتَين
تَقَلَّدْتَ النَّدى والبأسَ عمداً / فَصُلْتَ بأبيضينِ مُهَنّدين
وَخُيّرْتَ الثراءَ أوِ المَعَالي / وتاهَ الناسُ قِدْماً بينَ ذَيْن
وكانا خُطَّتَيْ كَرَمٍ ولكنْ / سَمَوْتَ إلى أجلِّ الخطتين
نَضَتْ دارُ الخلافةِ منكَ نَصْلاً / صقيلَ المتنِ ماضِيْ المضْرِبين
جَرَى الموتُ الزؤامُ على قَرَاهُ / كآثارِ النّيالِ على اللُّجَيْن
وَأيْنَ السيفُ نسبتُكَ ابنُ قيلٍ / وَحَسْبُ السَّيْفِ أنْ يُدْعَى ابنَ قين
أقمتَ العدلَ بالقِسْطَاسِ فينا / ولم تحفلْ بعذلِ العاذلين
وكمْ منْ لائمٍ لكَ في المعالي / كأنَّ له عليكَ فضولَ دين
أتاكَ بِنُصْحِهِ جَوْراً وَجهلاً / كما نَصَح الأمينَ أبو الحسين
أذلُّ لديكَ منْ وَتِدٍ بقاعٍ / وَأقْبَحُ فيه من بَرَصٍ بكين
فآبَ اليومَ منك وليس يَدْري / بخطِّ الباهليِّ من الحُضين
أنا أُهْدِي إليكَ الشعرَ حقاً / وبعضُ الشعر همزةُ بينَ بين
ولي أدَبٌ أمتُّ إليكَ منه / بأنصاريَّة وبهجرتين
ولما كنتَ بغدادَ القَوافي / جلبتُ إليكَ ماءَ الرافدين
وكم جارٍ ليدرِكَ منْ غُباري / تردَّى لِلْجَبينِ ولليدين
وقدْ وَأبيكَ أعْذَرَ غيرَ آلٍ / ولكنّي بعيدُ الغايتين
وَأنتَ أبا الحسينِ لنا ربيعٌ / على رَغْمِ الذينَ أو اللَّذَيْن
سَدَدْتَ مَفَاقِري وَأشَدْتَ باسمي / فها أنا منكَ بينَ عِنَايَتَيْنِ
كفيتَ تصاوُنِي وكففتَ فَقري / بقاسٍ منْ شُئُونيَ أو بِلَيْن
وقدماً كنتُ بينهما كأني / أسيرُ اثنينِ أو زوجُ اثنتين
أُلاقي ذا وذلكَ منْ مديحي / بأضيعَ من دُرَيْد في حُنَين
وألتمسُ العَلاء بغيرِ مالٍ / سِوَى الشّكْوَى بِقَلْبٍ أو بعين
وما تُغْني الصلاة بلا طَهُورٍ / ولو شُرِعَتْ بِطُولى الطُّولَيَين
فعدتُ كأنني غذ قلَّ مالي / خشيتُ عليه أختَ بني خشين
أهنّيكَ المكارمَ والمعالي / وإنكَ منهما في حِلْيَتَيْن
وفتحاً كنتَ أحْظَى النّاسِ فيه / فدونكَ أكرمَ الأكرومتين
وإن العيدَ جاءَك وَهْوَ يَسْعى / على وَجَلين من هجرٍ وبين
جعلتُ به رِضاكَ بديلَ حَجّي / فيهنيني أَبرُّ المَنْسِكَيْن
تَناصُرُ الشيبِ في فَوْدَيْهِ خِذْلانُ
تَناصُرُ الشيبِ في فَوْدَيْهِ خِذْلانُ / إنَّ الزيادةَ في النُّقْصان نُقْصانُ
لا تغْتَررْ بعيونٍ ينظرونَ بها / فإنما هيَ أحداقٌ وأجفانٌ
كمْ مُقْلَةٍ ذهبتْ في الغيِّ مذهبها / بنظرةٍ هي شانٌ أو لها شان
رهْنٌ بأضغاثِ أحلامٍ إذا هجعت / وربَّما حَلِمَتْ والمرءُ يقظان
فانظرْ بعقلكَ إن العينَ كاذبةٌ / واسمعْ بِحسّكَ إن السمعَ خوَّان
ولا تقُلْ كل ذي عينٍ له نَظرٌ / إن الرعاةَ تَرَى ما لا يرى الضان
دع الغنى لرجالٍ ينْصَبُونَ له / إنَّ الغِنَى لفضولِ الهمِّ مَيْدان
واخلعْ لَبُوسَكَ من شحٍّ ومن أملٍ / لا يقطعُ السيفُ إلا وهو عريان
وصاحبٍ لم أزلْ منه على خَطَرٍ / كأنَّني علمُ غيبٍ وهو حَسَّان
أغراهُ حظٌّ توَخّاه وأخطأني / أما درَى أن بعض الرِّزقِ حِرْمان
وَغَرَّه أنْ رآه قد تَقَدَّمَني / كما تَقَدَّمَ بسم الله عُنْوانُ
إني استجرتُ على ريبِ الزمان فتًى / إلا يكنْ ليثَ غابٍ فهو إنسان
حسبي بِعُلْيَا عليٍّ معقلٌ أشِبٌ / زمانُ سَيْري به في الأرض أزمان
صعبُ المراقي ولكنْ ربما سَهُلَتْ / على المُنى منه أوْطارٌ وأوطان
الواهبُ الخيلَ عِقْباناً مُسَوَّمَةً / لو سُوِّمتْ قبلها في الجوِّ عقبان
من كلِّ ساع أمامَ الريح يَقْدُمُها / منهُ مهاةٌ وإن شاءتْ فسرحان
دُجُنَّةٌ تصفُ الأنوارَ غُرَّتُها / وَنَبْعَةٌ يَدَّعي أعْطَافَها البانُ
عصا جَذِيمةَ إلا ما أُتيح لها / من أمرِ موسى فجاءَتْ وَهْيَ ثعبان
هيمٌ رواءٌ لو أن الماءَ صافحَها / لزالَ أو زلَّ عنها وهو ظمآن
يَكادُ يَخْلَقُ مُهْرَاقُ الدماءِ بها / فلا تَقُلْ هي أنْصَابٌ وأوثان
مَوْتَى فإن قَلِقَتْ أجفانُها علمتْ / أنَّ الدروعَ على الأبطالِ أكفانُ
نفسي فداؤكَ لا كفؤاً ولا ثمناً / ولو غدا المُشْتَري منها وكيوان
والتبرُ قد وَزَنُوه بالحديدِ فما / ساوَى ولكن مقاديرٌ وأوزان
قُوْمِي إذا شئتِ فَهَنّيني
قُوْمِي إذا شئتِ فَهَنّيني / قد زُفّتِ الدُّنيا إلى الدين
وَخُذْ حديثي عنْ بلوغِ المنى / ما بينَ مَضْنونٍ وَمَظْنُونِ
بُشْرايَ بُشْرايَ وَهضنّيني / أنتِ بمنٍّ غيرِ ممنون
أقولُ لما فازَ قِدْحِي به
أقولُ لما فازَ قِدْحِي به / منْ لكمُ بي والسُّها دوني
قد طلع البدرُ فأهلاً به / مُطالِعاً بالسَّعْدِ مَقْرُون
غيثٌ هي بالمجدِ في رَوْضَةٍ / ما شئتَ منْ عزٍّ وتمكين
فانتشقا نَشْرَ التُّقَى إنَّهُ / أطْيَبُ مِنْ نَشْرِ الرَّياحين
والتمحا زَهْرَ العُلا إنه / أَوْما إلى زهْرِ البساتين
وبأبي كيفَ تجلَّيْتُما / عن كلِّ تأميلٍ وتأمين
وكيف جاءوك بشمسِ الضحى / والليلَ في أثوابهِ الجون
جاءوك بالسّحْرِ ولا بابلٌ / والمسكِ لا من أُفْقِ دارين
واستودعوها قُبّةً سَمْكُها / أجْنِحةُ الطَّيرِ المآمين
إلا تكنْ عدناً ففي ظلّها / أنتَ وإحدى حُورِها العِين
إيهٍ أبا بكرٍ وهذي المنى / تَفْتَنُّ منها في أفانين
يا جُمْلَةَ العلم وتفصيلَه / منْ كل مَفْروضٍ ومسنون
إن جيءَ قومٌ بدواوينهمْ / فأنتَ ديوانُ الدواوين
بمنْ يباهي القوم أعداءهم / في كلِّ حَفْلٍ منكَ مفتون
قد أقْفَرَتْ منكَ ميادينُنَا / فأصبَحَتْ غيرَ ميادين
تَعَضُّ من شوقٍ ومنْ حسرةٍ / على يَدَيْ لهفانَ مغبون
وكلما سِرْتَ إلى بلدةٍ / نادتْ بأعلى الصوتِ يكفيني
حتى إذا أُوطِئْتَ حمصاً أتتْ / تَنْظُرُ في أعْطافِ قارون
زاحمْ بركنٍ غيرِ مَوْهُونِ / منْ كلِّ تحسينٍ وتحصين
فقد صفا عيشُكَ فانْعَمْ به / فهو متاعٌ لا إلى حين
أقولُ وَهزَّتني إليكَ أريجةٌ
أقولُ وَهزَّتني إليكَ أريجةٌ / كما مالَ غُصنٌ أو تَرَنَّحَ نشوْانُ
وفي المهدِ مبغومُ النداءِ وكلما / أهابَ بشوقي فهوَ قسٌّ وسحبان
يَجِدُّ بقلبي حُبُّهُ وهو لاعبٌ / ويبعثُ همّي ذكْرُه وهو جذْلان
وأُخْرى قد استفَّ الزمان شَبابها / ولم يُرْوِها إنَّ الزمانَ لظمآن
حناها فأمستْ كالهلالِ وزادها / صباحَ مشيبٍ غالها منهُ نقصان
ولم أرَ كالتَّقْويسِ شيئاَ هو البِلى / ولا سيَّما إنْ قام بالشَّيبِ بُرْهان
بكتْ ولأمرٍ ما بكتْ أُمُّ واحدٍ / لها كلّ يومٍ من تَفقُّدِهِ شان
إذا ما التقتْ أَجْفانُها ودموعُها / ففي كلِّ شيءٍ لي دموعٌ وأجفان
تقول أبا يحيى وتعرض لوعةً / بذكري فيلتفُّ ارتياح وريحان
وليسَ بيَ الإضرابُ عنكَ ولا بها / ولكنَّ إشفاقَ الوحيدة سلطان
وجازعةٍ للبينِ مثلي ولم تَكُنْ / لِتَسْلُو ولو أنَّ التَّلاقيَ سلوان
تصدَّتْ لتوديعٍ فكادتْ يؤُودُها / قلائِدُ فيها من دموعيَ ألوان
وجودُ أميرٍ كلما مرَّ ذكرهُ / فهاتِ اسقني إنَّ الأحاديث ألحان
فتىً قلما تلقاهُ إلا مُرَحباً / تلوذُ بِحقويْهِ كُهولٌ وشُبَّان
وليس بموسى غيرَ أنّي رأيْتُهُ / وكلُّ قناةٍ دون عَلياه ثُعْبان
ولا هو نوحٌ غير أني رأيتُهُ / وَرَأْفَتُهُ جُوْدِيْ وَجَدْوَاهُ طوفان
يا مَنْ تَكَهّنَ بالسُّلْوانِ أُدْرِكُهُ
يا مَنْ تَكَهّنَ بالسُّلْوانِ أُدْرِكُهُ / إن صحَّ فَهْوَ لما أنبأتَ حُلْوَانُ
أتَفْرَقُونَ لإنكاريْ ملامَكُمُ / يا قومُ مَهْلاً فما ذا اللومُ فرقان
قالوا رُزْقِنَا اعْتِصَاماً من صَبَابَتِكم / وإنَّما ذاكَ لو تدرونَ حرمان
يا لابساً عزَّةَ المولى أنافِعَتي / لديكمُ طاعةٌ منّ وَعِصْيان
ويا مليّاً بدَينٍ ليسَ يُثْقِلُهُ / هلْ يَنْقَضي منكَ لي مَطْلق وَلَيان
أعِنْدَكَ الخَصِرُ السَّلْسَالُ مَوْرِدُهُ / ولا يفوزُ بِرِيٍّ منهُ ظمآن
سوادُ قلبيَ لو تَدْري مَوَاقِعَهُ / أمِنْهُ صُوِّرُ في خَدَّيْكَ خِيْلان
خُذا حَدِّثاني عن فُلٍ وفُلانِ
خُذا حَدِّثاني عن فُلٍ وفُلانِ / لعلّي أرى باقٍ على الحدثان
وعن دُولٍ جُسنَ الديارَ وأهلِهَا / فَنِيْنَ وصرفُ الدَّهْر ليس بفان
وعنْ هَرَميْ مِصْرَ الغداةَ أَمُتّعا / بشرخِ شبابٍ أم هما هَرِمان
وعن نخلتَيْ حُلوان كيف تَنَاءَتا / ولم يطويا كشحاً على شنآن
وطالَ ثواءُ الفرقدين بِغِبْطَةٍ / أما علما أَن سوفَ يَفْترِقان
وزايلَ بين الشعريين مُصَرِّفٌ / من الدهر لا وانٍ ولا مُتَوان
فإن تذهبِ الشّعْرى العبورُ لشانها / فإن الغُميصا في بَقِيّةِ شان
وجُن سهيلٌ بالثريَّا جنونَهُ / ولكنْ سلاهُ كيفَ يلتقيان
وهيهاتِ من جورِ القضاءِ وعَدْله / شآميةٌ ألوتْ بِدَيْنِ يمان
فأجمعَ عنها آخرَ الدهر سَلْوَةً / على طَمَعٍ خَّلاهُ للدَّبرانِ
وأعْلَنَ صَرْفُ الدَّهْرِ لابْنيْ نُوَيْرَةٍ / بيوم ثناءٍ غالَ كلَّ تداني
وكانا كَنَدْماني جذيمةَ حِقْبَةً / من الدَّهْرِ لو لم تَنْصَرِمْ لأوان
فهانَ دمٌ بين الدَّكادكِ واللّوى / وما كانَ في أمثالها بمهان
فضاعتْ دموعٌ بات يَبْعَثُها الأسى / يُهَيّجِهُ قبرٌ بكلِّ مكان
ومالَ على عبسٍ وذبيانَ مَيْلَةً / فأَوْدى بِمَجْنيٍّ عليه وجاني
فَعُوجا على جَفرِ الهباءةِ عَوجةً / لضيعةِ أعلاقٍ هناك ثَمَاني
دماءٌ جرت منها التلاع بملئها / ولا ذَحْلَ إلا أن جرى فَرَسان
وأيَّامُ حرب لا يُنادى وَليدُها / أهابَ بها في الحيِّ يومُ رهان
فباتَ الرَّبيعُ والكلابُ تَهُرُّهُ / ولا مثلَ مُودٍ مِنْ وراءِ عمان
وأَنْحَى على ابني وائلٍ فَتَهَاصَرا / غُصُونَ الرَّدى من كَزةٍ وَلِدَان
تَعَاطَى كُلَيْبٌ فاستمرَّ بِطَعْنَةٍ / أقامَتْ بها الأبطالُ سُوقَ طِعان
وباتَ عديٌّ بالذنائبِ يَصْطَلي / بنارِ وغلاً ليستْ بذاتِ دُخَانِ
فَذلَّتْ رقابٌ من رجالٍ أعزَّةٍ / غليهمْ تَناهى عزُّ كلِّ مكان
وهَبُّوا يلاقون الصوارمَ والقنا / بكلِّ جَبينٍ واضحٍ وَلَبان
فلا خدَّ إلا فيه حدُّ مهنَّدٍ / ولا صدرَ إلا فيه صدر سنان
وصالَ على الجَوْنَينِ بالشّعْبِ فانثنى / بأسلابِ مطلولٍ ورِبْقَةِ عان
وأمْضى على أَبناءِ قَيْلَةَ حُكْمَهُ / على شرِسٍ أدْلَوْا به وَليان
ولو شاءَ عُدوان الزمان ولم يَشا / لكانَ عذيرَ الحيِّ من عَدَوَان
وأيُّ قبيلٍ لم يُصدَّعْ جَمِيعُهُمْ / بِبَكْرٍ من الأرْزَاءِ أو بِعَوان
خليليَّ أبْصَرْتُ الردى وسَمِعْتُهُ / فإنْ كُنْتُما في مِرْيَةٍ فَسَلاني
خُذَا مِنْ فمي هَّلا وسوفَ فإنني / أرى مِنهما غيرَ الذي تَرَيان
ولا تعداني أنْ أعيشَ إلى غدٍ / لعلَّ المنايا دونَ ما تعدان
وَنَبّهني ناعٍ مع الصُّبْحِ كُلَّما / تَشَاغَلْتُ عنه عنَّ لي وعناني
أَغَمّضُ أجفاني كأنّيَ نائمٌ / وقد لَجّتِ الأحشاءُ في الخَفَقَان
أبا حسنٍ أما أخوكَ فقد قَضَى / فيا لهفَ نفسي ما التقى أخوان
أبا حسنٍ إحدى يديكَ رُزِئْتَها / فهلْ لكَ بالصَّبرِ الجميلِ يدان
أبا حسنٍ أعْرِ المذاكيَ شُزَّباً / تجرُّ إلى الهيجاءِ كلَّ عنان
أبا حَسَنٍ ألْقِ السَّلاحَ فإنها / مَنَايا وإن قالَ الجهولُ أماني
أبا حسنٍ هل يدفعُ المرءُ حَيْنَه / بأيدِ شُجَاعٍ أو بكيد جبان
أبا حسنٍ إن المنايا وُقِيتَها / إذا أبلغت لم تتبع بضمان
أقول كأني لستُ أحفلُ وانبرتْ / دموعي فأبدتْ ما يُجِنُّ جَناني
أبا حسنٍ إن كان أوْدَى مُحَمَّدٌ / وهيهات عَدْوي فيكَ مِنْ رسفاني
أجِدَّكَ لم تَشْهَدْهُ إذا أحدَقُوا به / ونادى بأعلى الصوتِ يا لَفُلان
تَوقوْهُ شيئاً ثم كَروُّا وجَعْجَعوا / بأَرْوَعَ فَضْفاضِ الرِّداءِ هِجان
أخي عَزَماتٍ لا يزالُ يَحُثُّهَا / بحزمٍ مُعينٍ أو بِعزْمِ مُعَان
رأى كلَّ ما يستعظمُ الناسُ دونَهُ / فولَّى غنياً عنه أو متغاني
فتىً كان يضعْرَورِي الفيافيَ والدُّجى / ذواتُ جماحٍ أو ذَوَاتُ حران
تَدَاعَتْ له أبياتُ بكرِ بنِ وائلٍ / ولم تُرْجِعْنَهُ لا ظَفِرْتِ بِثان
قليلُ حديثِ النَّفْسِ فيما يرُوعُهُ / وإن لم يَزَلْ من ظَنّه بِمكان
أبيٌّ وإنْ يتبع رضاهُ فَمُصْحِبٌ / بعيدٌ وإن يُطْلَبْ جَدَاه فدان
لك اللهُ خوَّفْتَ العدا وأمِنْتَهُمْ / فَذُقْتَ الرَّدى من خِيْفةٍ وأَمان
إذا أنتَ خَوَّفْت الرِّجالَ فَخَفْهُمُ / فإنَّكَ لا تُجْزى هوىً بِهَوان
رِياحٌ وَهَبْهَا عَارَضَتْكَ عَوَاصِفاً / فكيف انثنَى أو لانَ رُكْنُ أبَان
بلى ربَّ مشهورِ البلاءِ مُشَيَّعٍ / قتيلٍ بمنخوبِ الفؤادِ هِدَان
أُنِيحَتْ لبسطامٍ حديدةُ عاصِمٍ / فخرَّ كما خَرَّتْ سَحُوقُ لِيَان
بنفسي وَأهْلي أيُّ بَدْرِ دُجُنَّةٍ / لستٍّ خَلَتْ منْ شهْرِهِ وثمان
وأيُّ أبيٍّ لا تقومُ له الرُّبَى / ثَنَى عَزْمَهُ دونَ القرارةِ ثان
وأيُّ فتىً لو جاءكمْ في سلاحه / متى صَلُحَتْ كفٌّ بغيرِ بَنَان
وما غرَّكُمْ لولا القضاءُ بباسِلٍ / أصاخ فقعقعتمْ له بِشِنَان
يقولون لا تَبْعَدْ وللهِ دَرُّهُ / وقد حِيلَ بين العَيْرِ والنَّزَوان
ويأْبَوْنَ إلا لَيْتَه وَلَعَلَّهُ / ومنْ أينَ للمقصوصِ بالطيران
رويدَ الأمَاني إنَّ رزءَ محمدٍ / عَدَا الفلكَ الأَعْلَى عنِ الدوران
وَحَسْبُ المنايا أنْ تفوزَ بِمِثْلهِ / كفاكِ ولو أخطأتِهِ لكفاني
سقاكَ كدمعي أو كجودك وابلٌ / من المزنِ بين السحِّ والهَمَلان
شآبيبَ غيثٍ لا تزالُ مُلثَّةً / بقبرِكَ حتى يلتقي الثَّريان
أبا حسنٍ وفِّ اعتزاءَك حَقَّهُ / فقد كنتما أُرْضِعْتُما بلبان
تماسكْ قليلاً لستَ أولَ مبتلىً / ببينِ حبيبِ أو بغَدْرِ زمان
أثاكِلَتَيْهِ والثَّواكِلُ جَمَّةٌ / لو أنكما بالنَّاسِ تأتسيان
أذيلا وَصُونا واجْزَعا وتَجَلَّدا / ولا تأخُذا إلا بما تَدَعان
وعُودا على الباقي المخلَّفِ فيكما / بفضلِ حُنُوٍّ منكما وحنان
خُذاهَ فَضُمَّاه إلى كَنَفَيْكُما / فإنّهُما للمجدِ مُكْتَنِفَان
سدىً ليس يَدْري ما السرور وما الأسى / مُحِيلٌ على ضَعْفَيْ يدٍ ولسان
لعلكما إن تستظلاَّ بظلّهِ / غداً إنَّ هذا الدَّهرَ ذو ضربان
لشعركما السلوانُ إن محمداً / مجاورَ حُورٍ في الجِنَانِ حسان
أقولُ وَضِقْتُ بالحدثانِ ذَرْعاً
أقولُ وَضِقْتُ بالحدثانِ ذَرْعاً / وقد شَرِقَتْ بأدْمُعِهَا الجفونُ
كذا تبكي الرياضُ على رُباهَا / وَتَذْوِي في مَنَابِتها الغُصُون
أيا أسفاً على دنيا ودينٍ / وحَسْبُكَ من هوًى دنيا ودينُ
ووأسفاً على غَفَلاتِ عيشٍ / تَخَوَّن عَهْدَها الزَّمَنُ الخَئُون
أُصِبْتُ بملءِ بُرْدَيْها عَفافاً / وعندَ مُصابها الخبرُ اليقين
بقائمة الدُّجى جنحاً فجنحاً / إذا ازدَحمَتْ على النومِ الجفون
وصائمة الهجيرِ وقد توارى / خلالَ الطُّحلُب الماءُ المعين
بنفسي نَعْشُها المحمولُ نَعْشاً / له ممّا تَحَمَّلهُ أنين
أظَلّتْهُ الملائكُ واسْتَقَلّتْ / به الرُّحْمَى وشَيّعَهُ الحنين
وَبُشّرَتِ الجنانُ وساكنوها / وأوْحَشَتِ السُّهولة والحُزون
على الدُّنيا العفاء ولستُ أكني / فما تنفكُّ تُخْني أو تخون
تَهُدُّ بناءها وتلي بنيها / بداهيةٍ تشيبُ لها القُرُون
وما أبقى النفوسَ على خطوبٍ / لها يُسْتَرْخَصُ العِلْقُ الثمين
وأحمَلَها لفادحةِ الرَّزايا / إذا لم تحملِ الورقَ الغصون
تَقَيَّلْتُمْ أبا حربٍ فسُدْتُم / وكلكمُ بِسُؤْدَدِهِ قمين
مضى وخَلَفْتموهُ على معالٍ / لكم تدنو وبينكَمْ تدين
بأربعةٍ همُ أركانُ رَضْوى / فنعمَ الكهفُ والحصنُ الحصين
وأخرى غالَها صرفُ الليالي / فأَقْوى الرَّبْعُ واحْتَمَلَ القطين
أمهجةُ بانَ من تَهْوِينَ حقاً / فَصَبراً إن تُغَالِبْك الشئون
وقلْ للحاملينَ النعشَ حقاً / حملتمْ من باحشائي دفين
قعيدكِ يا منونُ فقد تَنَاهى / بنا الأحْزَانُ واشتدَّ الحنين
أأخوتها وإبراهيمُ فيكم / صغيرٌ ما تجفُّ له جُفُون
فَكُونوا حَوْلَهُ صَوْناً وَرِدْءاً / فإنَّ الفَرْعَ تَكْنُفُهُ الغصون
يعزُّ عليَّ نيلُ الدهرِ منكمْ / وإن قالتْ حُلومُكُمُ تَهُون
أجِدَّكُمُ بكتْ هضباتُ رضوى / فكادَ الحزن فيها يستبين
وأشفقتِ النجومُ الزُّهرُ حتى / تبدتْ في النواظِر وهي جون
أما وفقيدِكمْ قَسَماً عظيماً / أُذيلُ له القصائد أو أُهين
لقد راعتْ صروفُ الدهرِ منكمْ / أُسُوداً ليس يَحْوِيها عرين
خُذُوا للصَّبْرِ أقربَ مَأْخَذَيْهِ / وإنْ أبتِ البلابلُ والشجون
فإنَّ الحرَّ أكثر ما تَراهُ / به الأَرزاءُ أصْبَرُ ما يكون
يا حُسْنَ حمَّامِنا وبَهْجَتهُ
يا حُسْنَ حمَّامِنا وبَهْجَتهُ / مرأىً من السّحْرِ كلُّهُ حَسَنُ
ماءٌ ونارٌ حَماهُما كنفٌ / كالقلبِ فيه السرورُ والحَزَنُ
حثَّ الكؤوسَ رَوِيَّهْ
حثَّ الكؤوسَ رَوِيَّهْ / على رُوَاءِ البساتينْ
مِنْ قهوةٍ بابلية / أرقَّ من دمْع مَحزُونْ
باللهِ قُمْ يا نديمْ / وأنتَ خيرُ نديم
باكرْ بناتِ الكرومْ / حياةَ كلٍّ كريمْ
من كفِّ ظبيٍ رخيم / وأيِّ ظبيٍ رخيم
ذو غُرَّة قَمَرِيَّه / يَرْنُو بألحاظِ شاهينْ
لما رأى الحُسنُ زِيَّه / صَبَا إليه على الحِينْ
صبرتُ والصبرُ شيمةْ العاني
صبرتُ والصبرُ شيمةْ العاني / ولم أقل لمطيل هجراني
أَليسَ كفاني /
هل كان غيري يعتزُّ بالذلّهْ / عشقته ينتمي إلى الحِلّهْ
ملالة الناسِ عنده ملَّة / لم يحصرِ الشعرُ وصفَهُ كلَّه
في كلِّ يومٍ أراه في شان / أماتني هجره وأحياني
بأَشنبٍ سقاني /
شهادتي أن أموتَ عليهْ / لمَّا جَنى الوردَ ملءَ كفَّيهْ
تشَوَّفَتْ وردتانِ إليهْ / فحلَّتا في رياضِ خَدَّيهْ
وأَسْكَرَتْهُ مُدامُ أجفاني / فمرَّ بي صاحياً كنشوانِ
في ربربِ غِزلانِ /
هذا زمانُ الربيع يا يحيى / فأسقِني من يمينك العليا
مدامةً ملّكتنيَ الدنيا / أَما ترى الأرضَ أُلبِسَتْ وشيا
والزهرُ في فضةٍ وعِقْيانِ / والماءُ يحكي انسيابَ ثُعبانِ
في مِذْنبِ بستانٍ /
يا كوكباً لاحَ من بني القاسمْ / أهلاً وسهلاً بسعدكَ الدائمْ
أما الأيادي فما أنا قائمْ / بشكرها ناثراً ولا ناظم
أنسيتَني معشري وأوطاني / وجدتَ مَحلي بكلِّ هتَّانِ
مُنسكباً أرواني /
بمثل ما دانت المها دِنْها / أنهى رسولُ الفتاةِ ما أنهى
وقد بلغتَ حفيظةً منها / فأصبحَ الشوقُ مُنْشِداً عنها
لا بُدْ نَحْضَرْ من حيث يراني / لعلّه بالسَّلامْ يَبْداني
حبيبٍ يكفاني /
كيفَ السبيلُ إلى
كيفَ السبيلُ إلى / صبري وفي المعالم أشجانُ
والركبُ وَسْطَ الفَلا / بالخرَّد النواعم قد بانوا
أقبلنَ يومَ الحمَى / في سُنْدُسيَّات الحُلَلْ
بيضُ مَطَلِّ الدما / سودُ الفروعِ والمقل
فيا مُعنَّىً بما / لو ناله نالَ الأملْ
دونَ ذوات الحُلى / للسيفِ بالصوارم حرمانُ
ابغِ النجاةَ ولا / يغرركَ بالضراغم غِزلانُ
لم يدرِ شيئاً سوى / تعذيبه لِصَبّه
وما شكوتُ الهوى / إليه خوفَ عتبه
وكنتُ قبلَ النوى / مكتتماً لحبه
فعندما رحلا / فاضت بدمع ساجم أجفانُ
أطلعنَ منّي على / سرِّي وهل للهائم كتمان
أهدي إليَّ السرورْ / بحرٌ يفيضُ بالمنن
إن حاربتني الدهورْ / فهو حُسامي والمِجَنْ
فقلْ لكلِّ فخور / مثلَ أبي يعقوبَ كُنْ
ذاك الذي كملا / وفي جميع العالم نُقْصانُ
وطالما عَدَلا / وللزمان الظالم عدوان
ذو سؤددٍ لا ينال / لو تَبعَتْهُ الأنجمْ
إذا ذكرتَ النزالْ / فهو الجرىءُ المقدمْ
وإن طلبتَ النَّوال / فهو الجوادُ المُنْعِمْ
تاللهِ مُذْ بَذَلا / ما قام للقائم ميزان
اضربْ به المثَلا / فإنَّ جود حاتم بُهْتان
ومزمعٍ للسفرِ / لم يرضَ غيري مُسْتشارْ
فقال تدري سَفري / هُمُ على البحرِ بِحَار
فقلتُ سرُّ الخبرِ / عندي تجدْهُ باختصارْ
إن جيت أرض سلا / وافاكَ بالمكارم فتيانُ
همُ سطورُ العلا / ويوسفُ بنُ القاسم عنوانُ
إلى متى
إلى متى / بوصلنا تبخل ولا تلينْ
ولا تفي / فيشمتُ العُذَّل بالعاشقينْ
أنت القمرْ / يجلو الدجى نورُهُ
تحتَ الشعَرْ / يرفُّ ديجورُهْ
إذا خَطَرْ / ناداهُ مهجوره
يا مَنْ عَتَا / طُوبَى لمن قَبَّلْ
ذاك الجبينْ /
ويكتفي / من ريقكَ السلسلْ
قبلَ المنون /
أين الأملْ / من وجنةٍ تُكْسَى
وردَ الخجلْ / واكتسي الوَرْسَا
أرَى المُقَلْ / تلحظُنِي خَلْسا
يا ويلتا / إن أقصد المَقْتَلْ
سهمُ الجفون /
من أهيفِ / وَلّى وقد جَدَّلْ
بها طعين /
أينَ تريدْ / يا ذا الوزارتين
يا مَنْ وُجودْ / خِلِّهِ في هذين
ولا مزيدْ / عليكَ في شيئين
إنْ تُنْعَتا / فأنتَ في الجحفلْ
ليثُ العرينْ /
والمعْتفي / من جودكَ الأعزلْ
على يقين /
معنى الزمنْ / ومنتهى سَعدِهْ
أبو الحسنْ / إذْ كانَ من قَصد
على سَنَنْ / مِنْ جَعْفَرٍ جَدِّه
فإن أتى / ومجدُهُ الأولْ
في الغابرين /
فإنَّ في / بقيةِ المنهَلْ
ماءً معين /
أغرى السَّهَدْ / بالأعينِ الدعجِ
بدرُ البلدْ / وضيغم السَّرجِ
قلتُ وقد / مرَّ على النهجِ
قلْ يا فتى / من ذا الذي أقبلْ
أمْ من يكون /
المصحفي / فما رأت أجملْ
منه العيون /
ما الشوقُ إلا زنادْ
ما الشوقُ إلا زنادْ / يُوري بقلبي كلِّ حينْ نيرانا
ومَنْ بُلِيْ بالفراقْ / ينتابه ليلُ السليم حيرانا
يا ليتَ شعريَ هلْ / تنوي وقد ولَّتْ إياب
أيامُ حبّي الأول / إذْ ملبسي ثوبُ الشباب
مُطَرَّزاً بالعَذَلْ / وإذْ أقولُ للصّحاب
سِيرُوا كَسَيْرِ الجيادْ / وبادروا للمجونْ فُرْسانا
ومَنْ أرادَ السّباقْ / إلى كناسٍ وَرِيمْ فالآنا
قلْ أَيّةً سَلَكا / عهدُ الشبابِ المحيلْ
أضلَّ أم هلكا / أمْ لا إليه من سبيل
لا تَلْحَني في البكا / إن أخَذَتْ منّي الشّمول
وَْدي على الوجدِ زادْ / ذكرتُ والذكرى شجونْ إخوانا
ذوي حواشٍ رقاقْ / عاطيتُهُمْ بنتَ الكروم أزمانا
وليلةٍ بالخليجْ / والبدرُ قد ألقى شعاعْ
عليه ضوءٌ بهيجْ / وَفُلْكنا تجري سراعْ
أحْسِنْ بها من سروجْ / نركبها على اندفاعْ
بحرٌ إذا مدَّ كاد / من كثرة الفيضِ يكونْ طوقانا
أحشاؤه في اصطفاقْ / إن جُرِّدَتْ خيلُ النسيم فرهانا
دنيا تجلّتْ عروسْ / على بساطِ السُّنْدُسْ
فاشربْ وهات الكؤوس / فهْيَ حياةُ الأنفُسْ
وإن أتيتَ الغُروس / فاعْدِل إليها واجْلِسْ
حيث الرياضُ نجادْ / لصارمٍ راقَ العيون عُرْيانا
وللكمامِ انْشِقاقْ / عنْ زاهراتٍ كالنجوم أَلوانا
وصاحبٍ صَلُحا / للأنْسِ محمودِ الخلالْ
تلقاه مصطبحا / بين المياهِ والظلال
وإنْ عذولٌ لحا / في القهوةِ الصَّهباءِ قال
سَكْرَهْ على شاطي وادْ / قد عاتَقَتْ فيه الغصونْ أغصانا
تعدلُ مُلْكَ العراقْ / عندي فساعدْ يا نديم نَدْمانا

المعلومات المنشورة في هذا الموقع لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع إنما تعبر عن رأي قائلها أو كاتبها كما يحق لك الاستفادة من محتويات الموقع في الاستخدام الشخصي غير التجاري مع ذكر المصدر.
الحقوق في الموقع محفوظة حسب رخصة المشاع الابداعي بهذه الكيفية CC-BY-NC
شبكة المدارس الإسلامية 2010 - 2025