المجموع : 16
لَكَ الْخَيْرُ قَدْ أَنْحى عَلَيَّ زَمَاني
لَكَ الْخَيْرُ قَدْ أَنْحى عَلَيَّ زَمَاني / وَمَالي بِما يَأْتِي الزَّمَانُ يَدَانِ
كَأَنَّ صُروفَ الدَّهْرِ لَيْسَ يَعُدُّهَا / صُرُوفاً إِذَا مَكْرُوهُهُنَّ عَدَانِي
وَلَوْ أَنَّ غَيْرَ الدَّهْرِ بِالْجَوْرِ قَادَني / جَمَحْتُ وَلكِنْ في يَدَيْهِ عِنَابِي
مُنِيتُ بِبَيْعِ الشِّعْرِ مِنْ كُلِّ بَاخِلٍ / بِخُلْفِ مَوَاعِيدٍ وَزُورِ أَمَانِي
وَمَنْ لِي بِأَنْ يُبْتَاعَ مِنِّي وَإِنَّما / أُقِيمُ لِماءِ الْوَجْهِ سُوقَ هَوَانِ
ِإذَا رُمْتُ أَنْ أَلْقى بِهِ الْقَوْمَ لَمْ يَزَلْ / حَيائِي وَمَسُّ الْعُدْمِ يَقْتَتِلانِ
أَخَافُ سُؤَالَ الْبَاخِلِينَ كَأَنَّنِي / مُلاَقِي الْوَغى كُرْهاً بِقَلْبِ جَبَانِ
قَعَدْتُ بِمَجْرَى الْحَادِثَاتِ مُعَرَّضاً / لأَسْبَابِها مَا شِئْنَ فِيِّ أَتَانِي
مُصَاحِبَ أَيَّامٍ تُجُرُّ ذُيُولَها / عَلَيَّ بِأَنْواعٍ مِنَ الْحَدَثانِ
أَرَى الرِّزْقَ أَمَّا الْعَزْمُ مِنِّي فَمُوشِكٌ / إِلَيْهِ وَأَمَّا الْحَظُّ عَنْهُ فَوانِ
وَهَلْ يَنْفَعَنِّي أَنَّ عَزْمِيَ مُطْلَقٌ / وَحَظِّي مَتى رُمْتُ الْمَطَالِبَ عَانِ
وَمَا زَالَ شُؤْمُ الْجَدّ مِنْ كُلِّ طَالِبٍ / كَفِيلاً بِبُعْدِ الْمَطلَبِ الْمُتَدَانِي
وَقَدْ يُحْرَمُ الْجَلْدُ الْحَرِيصُ مَرَامَهُ / وَيُعْطِى مُنَاهُ الْعَاجِزُ الْمُتَوَانِي
وَمِنْ أَنْكَدِ الأَحْدَاثِ عِنْدِيَ أَنَّنِي / عَلَى نَكَدِ الأَحْدَاثِ غَيْرُ مُعَانِ
فَها أَنَا مَتْرُوكٌ وَكُلَّ عَظِيمَةٍ / أُقارِعُها شَأْنَ الْخُطُوبِ وَشَانِي
فَعَثْراً لِدَهْرٍ لاَ تَرى فِيهِ قَائلاً / لَعَاً لِفَتىً زَلَّتْ بِهِ الْقَدَمَانِ
فَهَلْ أَنْتَ مُولٍ نِعْمةً فَمُبَادِرٌ / إِلَيَّ وَقَدْ أَلْقَى الرِّدى بِجِرانِ
وَحَطَّ عَليَّ الدَّهْرُ أَثْقالَ لُؤْمِهِ / وَتِلْكَ الَّتِي يَعْيَا بِها الثَّقَلاَنِ
وَمُسْتَخْلِصِي مِنْ قَبْضَةِ الْفَقْرِ بَعْدَمَا / تَمَلَّكَ رِقِّي ذُلُّهُ وَحَوانِي
وَجَاعِلُ حَمْدِي مَا بَقِيتُ مُخَلَّداً / عَلَيكَ وَمَا أَرْسَتْ هِضَابُ أَبَانِ
إِذاً تَقْتَنِي شُكْرَ امْرِيءٍ غَيْرِ هَادِمٍ / بِكُفْرِ الأَيَادِي مَا ارْتيَاحُكَ بانِ
فَمِثْلُكَ أُنْسِ الدَّوْلَةِ انْتاشَ هَالِكاً / أَخَيِذَ مُلِمَّاتٍ أَسِيرَ زَمَانِ
وَغَادَرَ مَنْ يَخْشَى الزَّمَانَ كَأَنَّما / يُلاَقِيهِ مِنْ مَعْرُوفِهِ بِأَمَانِ
خَلِيلَيَّ إِنْ لَمْ تُسْعِدا فَذارنِي
خَلِيلَيَّ إِنْ لَمْ تُسْعِدا فَذارنِي / وَلا تَحْسَبا وَجْدِي الذِي تَجِدانِ
خُذا مِنْ شُجُونِي ما يَدُلُّ عَلَى الْجَوى / فَما النّارُ إِلاّ تَحْتَ كُلِّ دُخانِ
أَماتَ الْهَوى صَبْرِي وَأَحْيا صَبابَتِي / فَها أنا مَغْلُوبٌ كَما تَرَيَانِ
وَلَوْ أَنَّ مَنْ أَهْواهُ عايَنَ لُوْعَتِي / لُعَنَّفَنِي فِي حُبِّهِ وَلَحانِي
تَحَمَّلْتُ مِنْ جُوْرِ الأَحِبَّةِ ما كَفى / فَلا يَبْهَظَنِّي الْيَوْمَ جَوْرُ زَمانِي
وكَيْفَ احْتفِالي بِالزَّمانِ وَصَرْفِهِ / وَما زالَ فَخْرُ الْمُلْكِ مِنْهُ أَمانِي
عَلِقْتُ إِذا ما رُمْتُ عَدَّ كِرامِهِ / بِأَوَّلِ مَنْ يُثْنى عَلَيهِ بَنانِي
بِأَزْهَرَ وَضَّاحِ الْجَبينِ مُهَذَّبٍ / جَمِيلِ الْحَيا ماضٍ أَغَرَّ هِجانِ
إِذا آلُ عَمّارٍ أَظَلَّكَ عِزُّهُمْ / فَغَيْرُكَ مَنْ يَخْشى يَدَ الْحَدَثانِ
هُمُ الْقَوْمُ إِلاَّ أَنَّ بَيْنَ بُيُوتِهِمْ / يُهانُ الْقِرى وَالْجارُ غَيْرُ مُهانِ
هُمُ أَطْلَقُوا بِالْجُودِ كُلَّ مَصَفَّدٍ / كَما أَنْطَقُوا بِالْحَمْدِ كُلَّ لِسانِ
لَهُمْ بِك فَخْرَ الْمُلْكِ فَخْرٌ عَلَى الْوَرى / لَهُ شائِدٌ مِنْ راحَتَيْكَ وَبَانِ
نُجُومُ عَلاءٍ فِي سَماءِ مَناقِبٍ / عَلِيٌّ وَعَمّارٌ بِها الْقَمَرانِ
هَنيئاً لَكَ الأَيّامُ فَالدَّهْرُ كُلُّهُ / إِذا وَقاكَ اللهُ دَهْرُ تَهانِ
لِذا الْخَلْقِ عِيدٌ فِي أَوانٍ يَزُورُهُمْ / وَأَنْتَ لَنا عِيدٌ بِكُلِّ أَوانِ
فَحَسْبِي مِنَ النَّعْماءِ أَنَّكَ وَالنَّدى / خَلِيلاً صَفاءِ لَيْسَ يَفْتَرِقانِ
إِذا رُمْتُ شِعْرِي فِي عُلاكَ أَطاعَنِي / وَإِنْ رُضْتُ فِكْرِي فِي سِواكَ عَصاني
وَما ذاكَ إِلاّ أَنَّنِي لَكَ ناطِقٌ / بِمْثِلِ الَّذِي يُطْوى عَلَيْهِ جَنانِي
أَلاّ حَبَّذا دَهْرٌ إِلَيْكَ أَصارَنِي / وَخَطْبٌ إِلى جَدْوى يَدَيكَ دَعانِي
لَقَدْ أَثْمَرَتْ أَيّامُهُ لِيَ أَنْعُماً / وَلَوْلاكَ لَمْ يُثْمِرْنَ غَيْرَ أَمانِي
وَإِنِّي لَتَقْتادُ الْمَطالِبَ هِمَّتِي / فَأَرْجَعُ مَثْنِيًّا إِلَيْكَ عَنانِي
وَإِنِّي لأَرْجُو منْ عطائِكَ رُتْبَةً / يُقَصِّرُ عَنْ إِدْراكِها الثَّقَلانِ
فَما تَقْرُبُ الدُّنْيا وَعَطْفُكَ نازِحٌ / وَلا تَبْعُدُ النُّعْمى وَجُودُكَ دانِ
يا بْنَ مَنْ شادَ الْمَعالِي جُودُهُ
يا بْنَ مَنْ شادَ الْمَعالِي جُودُهُ / وَبَنى الْمَجْدَ فَأَعْلى ما بَنا
آمَنَ الأُمَّةَ فِي أَيّامِهِ / كُلَّ خَوْفٍ وَأَخافَ الزَّمَنا
كُلَّما يَمَّمَ عافٍ رَبْعَهُ / عَذُبَ الْمَنْهَلُ أَوْ ساغَ الْجنا
قَدْ نَحَتْ عَظْمِي خُطُوبٌ لَمْ تَزَلْ / تَأْكُلُ الأَحْرارَ أَكْلاً مُمعِنا
وَأَتَتْنِي بَعْدَها نازِلةٌ / أَنْزَلَتْ فِي ساحَتَيَّ الْمِحَنا
وَلأَنْتَ الْيَوْمَ أَوْلى أَنْ تَلِي / كَشْفَها يا بْنَ أَمِين الأُمَنا
فَانْتَهِزْها فُرْصَةً مُمْكِنَةً / قَلَّ ما يُوجَدُ مَجْدٌ مُمْكِنا
أَمُعَذِّبِي بِالنّارِ سَلْ بِجَوانِحِي
أَمُعَذِّبِي بِالنّارِ سَلْ بِجَوانِحِي / عِنْدِي مِنَ الزَّفَراتِ ما يَكْفِينِي
لا تَبْغِ إِحْراقِي فإِنَّ مَدامِعِي / تُغْرِي بِنارِكَ ماءَها فَيَقِينِي
لُوْلاَ بَوادِرُها الْغزِارُ لأَوْشَكَتْ / وَهَوَاكَ نارُ هَواكَ أَنْ تُرْدِينِي
كَمْ وَقْعَةٍ لِلشَّوْقِ شُبَّ ضِرامُها / فَلَقِيتُ فِيها أَضْلُعِي بِجُفُونِي
ألا فَتىً مِنْ صُرُوفِ الدَّهْرِ يَحْمِينِي
ألا فَتىً مِنْ صُرُوفِ الدَّهْرِ يَحْمِينِي / أَلا كَريمٌ عَلَى الأَيّامِ يُعْدِيني
مَضى الْكِرامُ وَقَدْ خُلِّفْتُ بَعْدَهُمُ / أَشْكُو الزَّمانَ إِلى مَنْ لَيْسَ يُشْكِينِي
كَمْ أَسْتَفِيدُ أخاً بَرًّا فَيُعْجِزُنِي / وَأَبْتَغِي ماجِداً مَحْضاً فَيُعْيِيِني
أَرْجُو السَّماحَةَ مِمَّنْ لَيْسَ يُسْعِفُنِي / وَأَبْتَغِي الرِّفْدَ مِمَّنْ لا يُواسِينِي
لَوْ كانَ فِي الْفَضْلِ مِنْ خَيْرٍ لِصاحِبِهِ / مِنِّي فَحَتّامَ لا يَنْفَكُّ يَرْمِينِي
لَوْ كانَ فِي الْفَضْلِ مِنْ خَيْرٍ لِصاحِبِهِ / لَكانَ فَضْلِيَ عَنْ ذِي النَّقْصِ يُغْنِينِي
يا هذِهِ قَدْ أَصابَ الدَّهْرُ حاجَتَهُ / مِنِّي فَحَتّامَ لا يَنْفَكُّ يَرْمِينِي
إِنْ كانَ يَجْهَدُ أَنْ أَصْلى نَوائِبَهُ / جَمْعاً فَواحِدَةٌ مِنْهُنَّ تَكْفِينِي
كَأَنَّهُ لَيْسَ يَغْدُو مُرْسِلاً يَدَهُ / بِكُلِّ نافِذَةٍ إِلاّ لِيُصْمِينِي
سَلَوْتُ لا مَلَلاً عَمَّنْ كَلِفْتُ بِهِ / وَمِثْلُ ما نالَ مِنِّي الدَّهْرُ يُسْلِينِي
ما كُنْتُ أَرْضى الْهَوى وَالْوَجْدُ يُنْحِلُنِي / حَتّى بُلِيتُ فَصارَ الْهَمُّ يُنْضِينِي
مَنْ كانَ ذا أُسْوَةٍ فِيمَنْ بِهِ حَزَنٌ / فَالْيَوْمَ بِي يَتَأَسّى كُلُّ مَحْزُونِ
وافى كَتابُكَ أَسْنى ما يَعُودُ بِهِ
وافى كَتابُكَ أَسْنى ما يَعُودُ بِهِ / وَفْدُ الْمَسَرَّةِ مِنِّي إِذْ يُوافِينِي
فَظَلْتُ أَطْوِيهِ مِنْ شَوْقٍ وَأَنْشُرُهُ / وَالشَّوْقُ يَنْشُرُنِي فِيهِ وَيَطْوِينِي
تَجافَ عَنِ الْعُفاةِ وَلا تَرُعْهُمْ
تَجافَ عَنِ الْعُفاةِ وَلا تَرُعْهُمْ / فَإِنِّي ناصِحٌ لَكَ يا زَمانُ
أَخافُ نَدى يَمِينِ الْمُلْكِ يَقْضِي / عَلَيْكَ إِذا هَمَتْ تِلْكَ الْبَنانُ
وَقَدْ عايَنْتَ سَطْوَتَها غَداةَ اسْ / تَطَلْتَ وَلَيْسَ كَالْخَبَرِ الْعِيانُ
أَبَعْدَكَ أَتَّقِي نُوَبَ الزَّمانِ
أَبَعْدَكَ أَتَّقِي نُوَبَ الزَّمانِ / أَبَعْدَكَ أَرْتَجِي دَرَكَ الأَمانِي
أَيَجْمُلُ بِيَ الْعَزاءُ وَأَنْتَ ثاوٍ / أَيَحْسُنُ بِي الْبَقاءُ وَأَنْتَ فانِ
لِكُلِّ رَزِيَّةٍ أَلَمٌ وَمَسٌّ / وَلا كَرَزِيَّةِ الْمَلِكَ الهِجانِ
وما أَنا بِالرَّبِيطِ الْجَأْشِ فِها / فَأَسْلُوَهُ وَلا الثَّبْتِ الْجَنانِ
أُلامُ عَلَى امْتِناعِ الشِّعْرِ مِنِّي / وَما عِنْدَ اللَّوائِمِ ما دَهانِي
أَلِي قَلْبٌ أَلِي لُبٌّ فَأَمْضِي / مَضاءَ السَّيْفِ فِهِ وَالسِّنانِ
كَفى بِدَلِيلِ حُزْنِي أَنَّ دَمْعِي / أَطاعَ وَأَنَّ فِكْرِيَ قَدْ عَصانِي
إِذا خَطَرَتْ لِمَجْدِ الدِّينِ ذِكرى / وَجَدْتُ الشِّعْرَ حَيْثُ الشِّعْرَيانِ
وَما إِنْ ذاكَ تَقْصِيرٌ بِحَقٍّ / وَلكِنَّ الأَسى قَيْدُ اللِّسانِ
وَمَنْ كَمُصِيبَتِي وَعَظِيمِ رُزْئِي / أُصِيبَ وَمَنْ عَراهُ كَما عَرانِي
أَعَضْبَ الدَّوْلَةِ اخْتَرَمَتْكَ مِنّا / يَدٌ ما لِلأَنامِ بِها يَدانِ
وكُنْتَ السَّيْفَ تُشْحَذُ شَفْرَتاهُ / لِفَلِّ كَتِيبَةٍ وَلِفكِّ عانِ
فَقُطِّعَ بِالنَّوائِبِ صَفْحَتاهُ / وَفُلِّلَ بِالْخُطُوبِ الْمَضْرِبانِ
سَحابٌ لِلأَباعِدِ مُسْتَهِلُّ / وَبَحْرٌ مُسْتَفِيضٌ لِلأَدانِي
وَبَدْرٌ لَوْ أَضاءَ لَما أَسِينا / عَلى أَنْ لا يُضِيءَ النَّيِّرانِ
سَأُنْفِقُ ما بَقِيتُ عَلَيْكَ عُمْرِي / بُكاءً شَأْنُهُ أَبَداً وَشانِي
وَلَو أَنِّي قَتَلْتُ عَلَيْكَ نفْسِي / مُكافاةً لِحقِّكَ ما كَفانِي
بَقاؤُكَ أَوْفى اقْتِراحِ الأَمانِي
بَقاؤُكَ أَوْفى اقْتِراحِ الأَمانِي / وَعِزُّكَ أَشْرَفُ حَظِّ التُّهانِي
وَحَمْدُكَ أَفْضَلُ نُطْقِ اللَّبِيبِ / وَمَدْحُكَ أَصْدَقُ سِحْرِ الْبَيانِ
وَما الشَّهْرُ وَالدَّهْرُ إِلاّ بِأَنْ / تَفُوزَ بِسَعْدِهِما يَسْعَدانِ
بِمَجْدِكَ يا ثالِثَ النَّيِّرَيْنِ / وَثانِي الْحَيا يَفْخَرُ النَّيِّرانِ
فَلا تَجْهَلَنَّكَ زُهْرُ النُّجُومِ / فَإِنَّكَ مِنْها عَلى الْبُعْدِ دانِ
فَيا سَيِّدَ الرُّؤَساءِ الَّذِي / نَ سادُوا وَسَيِّدَ أَهْلِ الزَّمانِ
وَيا خَيْرَ مَنْ وَلَدَ الْمُنْجِبُونَ / وَأَكْرَمَهُمْ شائِداً بَعْدَ بانِ
دَعانِي نَداكَ فَكَمْ نِعْمَةٍ / تَقَلَّبْتُ فِي ظِلِّها مُذْ دَعانِي
إِذا ما سَأَلْتُ أَفادَ الْغِنى / وَإِنْ لَمْ أَسلْ جادَنِي وَابْتَدانِي
وَإِنْ أَنا أَغْبَبْتُهُ زائِراً / تَعَهَّدَنِي تائِقاً واقْتَضانِي
مَواهِبُ تُنْتَجُ قَبْلَ المخا / ضِ جُوداً وَتُثْمِرُ قَبْلَ الأَوانِ
فَمالِي تُطاوِلُنِي حاجَةٌ / عَنانِيَ مِنْ شأْنِها ما عَنانِي
وَكَيْفَ يُحَلِّئُنِي مَنْ شَفَى / أُوامِي وَيُهْمِلُنِي مَنْ رَعانِي
وَكَمْ باتَ يَخْذُلُنِي مَنْ أَعا / نَ فَضْلِي وَيُسْلِمُنِي مَنْ حَمانِي
وَما كُنْتُ آمُلُ أَنِّي لَدَي / كَ أَلْجا إِلى غَفْلَةٍ أَوْ تَوانِ
وَلَوْ شِئْتُ إِذ رابَنِي ما يَرِيبُ / هَزَزْتُكَ هزَّ الْحُسامِ الْيَمانِي
أُدِلُّ عَلَيْكَ وَأَشْكُو إِلَيْ / كَ نَبْوَةَ حَظٍّ شَدِيدِ الْحرانِ
وَيُطْمِعُنِي فِيكَ أَنَّ الثنا / ءَ ما زالَ مِنْكَ مَكِينَ الْمَكانِ
بَقِيتَ لإحْسانِكَ الْمُرْتَجى / بَقاءَ الْمَدائِحِ فِيكَ الْحِسانِ
وَعِشْتَ لِراجِيكَ فِي النّائِبا / تِ فَلاًّ لِعادٍ وَفكَّاً لِعانِ
فَكَمْ لَكَ مِنْ نِعْمَةٍ ضَخْمَةٍ / لَدَيَّ وَمَنٍّ بِغَيْرِ امْتِنانِ
أَراكَ أَماناً مِنَ الْحادِثاتِ / فَلا زِلْتَ مِنْ صَرْفها فِي أَمانِ
وَشَدَّ لَكَ الأزْرَ رَبٌّ حَباكَ / بِنَجْلَيْنِ نَسْلِ الأَغَرِّ الْهِجانِ
إِلى أَنْ تُرى قَمَراً طالِعاً / عَلَى الْخَلْقِ يَحْجُبُه الْفَرْقَدانِ
أَمِنَ الْمُلْكِ حَسْبُكَ مِنْ أَمِينِ
أَمِنَ الْمُلْكِ حَسْبُكَ مِنْ أَمِينِ / وُقِيتَ نَوائِبَ الزَّمَنِ الْخَؤُونِ
لِيَهْنِ الْمُلْكَ أَنَّكَ بِتَّ مِنُْ / بِمَنْزِلَةِ الْخَدِينِ مِنَ الْخَدِينِ
وَلَوْ تُحْبا بِقَدْرِكَ كُنْتَ مِنْهُ / مَكانَ التّاجِ مِنْ أَعْلى الْجَبِينِ
سَمَوْتَ بِهِمَّتَيْ عَزْمٍ وَحَزْمٍ / وَطُلْتَ بِشِيمَتَيْ كَرَمٍ وَدِينِ
فَما تَنْفَكُّ مِنْ فَضْلٍ عَمِيمٍ / عَلَى الْعافِي وَمِنْ فَضْلٍ مُبِينِ
كَأَنَّكَ مُطْلَقُ الْحَدَّيْنِ ماضٍ / أَفاضَتْ ماءهُ أَيْدِي الْقُيُونِ
صَفاءُ خلائِقٍ وَبَهاءُ خَلْقٍ / فَسَعْداً لِلْقُلُوبِ وَلِلْعُيُونِ
كَأَيّامِ الصِّبا حَسُنَتْ وَرَقَّتْ / وَأَيّامِ الصَّبابَةِ وَالشُّجُونِ
ظَنَنْتُ بِكَ الْجَمِيلَ فَكُنْتَ أَهْلاً / لِتَصْدِيقِي وَتَصْدِيقِ الظُّنُونِ
وَما شيِمَتْ سَحابُ نَداكَ إِلاّ / سَحَبْتُ ذَلاذِلَ الْحَمْدِ الْمَصُونِ
فَما بالِي جُفِيتُ وَكُنْتُ مِمَّنْ / إِلَيْهِ الشَّوْقُ مَجْلُوبُ الْحَنِينِ
أَبَعْدَ تَعَلُّقِي بِكَ مُسْتَعيذاً / وَأَخْذِي مِنْكَ بِالْحَبْلِ الْمَتِينِ
يُرَشَّحُ لِلْعُلى مَنْ لَيْسَ مِثْلِي / وَيُدْعى لِلغِنى مَنْ كانَ دُونِي
أَرى عِيدانَ قَوْمٍ غَيْرَ عُودِي / مِنَ الأَثْمارِ مُثْقَلَةَ الْغُصُونِ
وَمالِي لا أَذُمُّ إِلَيْكَ دَهْرِي / إِذا الْمُتَأَخِّرُونَ تَقَدَّمُونِي
وَما إِنْ قُلْتُ ذا حَسَداً لِحُرٍّ / أَفاقَ الدَّهْرُ فِيهِ مِنَ الْجُنُونِ
وَلكِنَّ الْعُمُومَ مِنَ الْغَوادِي / أَحَقُّ بِشِيمَةِ الْغَيْثِ الْهَتُونِ
لَقَدْ قَبَضَ الزَّمانُ يَدِي وَأَعْيَتْ / عَلَيَّ رِياضَهُ الْحَظِّ الْحَرُونِ
وَما اسْتَصْرَخْتُ فَيْضَ نَداكَ حَتّى / عَنانِي مِنْهُ بِالْحَرْبِ الزَّبُونِ
بَقِيتَ لِرَوْحِ مَكْرُوبٍ لَهِيفٍ / دعاكَ وَفَكِّ مأْسُورٍ رَهِينِ
وَعِشْتَ مُحَسَّدَ الأَيّامِ تَسْمُو / إِلى الْعَلْياءِ مُنْقَطِعَ القَرِينِ
أُرانِيَ مِنْ رَوْعاتِ بَيْنِكَ نازِلاً
أُرانِيَ مِنْ رَوْعاتِ بَيْنِكَ نازِلاً / عَلَى حَرَكاتٍ ما لَهُنَّ سُكُونُ
وَمِنْ عَجَبٍ أَنَّ الأَسى غَيْرُ قاتِلِي / عَلَيْكَ وَأَنَّ الصَّبْرَ عَنْكَ يَهُونُ
قُلْ لِلْعَمِيدِ عِمِيدِ الْمُلْكِ إِنَّ لَهُ
قُلْ لِلْعَمِيدِ عِمِيدِ الْمُلْكِ إِنَّ لَهُ / عَزْماً يُؤَمَّلُ لِلدُّنْيا وَ لِلدِّينِ
يا خَيْرَ مَنْ شَعَفَ الْحَمْدُ الْجَزِيلُ لَهُ / قَلْباً بِغَيْرِ الْمَعالِي غَيْرَ مَفْتُونِ
ما بالُ بابِكَ مَفْتُوحاً لِداخِلِهِ / وَلَسْتُ أَلْقاهُ إِلاّ مُغْلَقاً دُونِي
إِنِّي أَعُوذُ بِعَطْفٍ مِنْكَ أَعْرِفُهُ / ما زالَ يَقْتُلُ أَعْدائِي وَيُحْيِينِي
مِنْ أَنْ يَكُونَ الَّذِي بَيْنِي وَبَيْنَهُمُ / شَيْئاً سِوى الْحَظِّ يُدْنِيهِمْ وَيُقْصِينِي
أَقُولُ لِدَهْرٍ ضامَنِي بَعْدَ عِزَّةٍ
أَقُولُ لِدَهْرٍ ضامَنِي بَعْدَ عِزَّةٍ / بِما فلََّ مِنْ حَدِّي وَما هَدَّ مِنْ رُكْنِي
أَيا دَهْرُ إِنْ حَمَّلتَنِي وَيْكَ مِنَّةً / لِمُولِي جِمِيلٍ فَلْتَكُنْ لأَبِي الْيُمْنِ
فَلَسْتُ بِداعِ غَيْرَهُ عِنْدَ كُرْبَةٍ / إِذا لَمْ يُفَرِّجْها فَلا فُرِّجَتْ عَنِّي
كَفى بِسَعِيدٍ فِي النَّوائِبِ مُسْعِداً / سَيَبْلُغُ مِنْها فَوْقَ ما بَلَغَتْ مِنِّي
فَتىً لَيْسَ كَالْمُزْنِ الْهَطُولِ بَنانُهُ / وَلكِنَّهُ أَنْدى بَناناً مِنَ الْمُزْنِ
أَمّا أَبُو الْيُمْنِ فَلْتَفْخَرْ بِهِ اليمَنُ
أَمّا أَبُو الْيُمْنِ فَلْتَفْخَرْ بِهِ اليمَنُ / وَالْفَخْرُ وَالدَّهْرُ وَالأَيّامُ وَالزَّمَنُ
فاقَ الأَنامَ عَلاءً والْكِرامَ نَدىً / وَلَيْسَ مُسْتَنكَراً أَنْ يَحْسُنَ الْحَسَنُ
أَغَرُّ أَزْهَرُ فَيّاضٌ لَهُ مِنَنٌ / لا تَسْتَقِلُّ بِأَدْنى شكْرِها الْمُنَنَ
تَغَرَّبَ الْجُودُ حَتّى حَلَّ فِي يَدِهِ / فَلَيْسَ لِلْجُودِ إِلا كَفَّهُ وَطَنُ
أَخْلاقُهُ أَحْلى مِنَ الأَمْنِ
أَخْلاقُهُ أَحْلى مِنَ الأَمْنِ / وَكَفُّهُ أَنْدى مِنَ الْمُزْنِ
إِذا وَصَفْناهُ وَلَمْ نُسْمِهِ / قَالَ الْوَرى ذاكَ أَبُو الْيُمْنِ
ذاكَ الَّذِي لَوْ لَمْ نَبُحْ بِاسْمِهِ / لَمْ يَجْهَلِ الْعالَمُ مَنْ نَعْنِي
رَأَيْتُكَ تَقْتَضِي شُكْرَ الرِّجالِ / وَلَسْتَ بِمُقْتَضى بَذْلِ النَّوالِ
غَراماً بِالْمَحامِدِ وَالْمَساعِي / وَوَجْداً بِالْمَكارِمِ وَالْمَعالِي
وَلَسْتَ بِعاطِلٍ مِنْ حَلْيِ حَمْدٍ / وَكُلُّ مُؤَمِّلٍ بِنَداكَ حالِ
وَلَيسَ الشُّكْرُ بَعْدَ الْجُودِ إِلاّ / أَسِيرَ الْجُودِ مِنْ قَبْلِ السُّؤالِ
عَلَوْتَ عَنِ الثَّناءِ وَأَيُّ خِرْقٍ / سِواكَ عَنِ الثَّناءِ الْمَحْضِ عالِ
وَأَيْنَ الشُّكْرُ مِنْ هذِي الْعَطايا / وَأَيْنَ الْحَمْدُ مِنْ هذا الْجَلالِ
سَلا الْعُذْرِيُّ عَمَّنْ باتَ يَهْوى / وَلَسْتَ عَنِ النَّدى يَوْماً بِسالِ
بَقِيتَ مُمَلأً غَفَلاتِ عَيْشٍ / نَمِيرِ الْوِرْدِ مَمْدُودِ الظِّلالِ
تُعَمَّرُ وَالْمُيَسَّرَ فِيهِ عُمْراً / جَدِيداً ثَوْبُهُ وَالدَّهْرُ بالِ
تُسَرُّ بِهِ وَتُمْنَحُهُ أَمِينَ الْ / فِطامِ حَمِيدَ عاقِبَةِ الْفِصالِ
بِيُمْنِكَ يا أَبا الْيُمْنِ اسْتَطَلْنا / إِلى الْعَلْياءِ مِنْ كَرَمِ الْخِلالِ
سَعِيداً يا سَعِيدُ تَفُوزُ مِنْهُ / بِأَيّامٍ كَأَيّامِ الْوِصالِ
لَقَدْ شَرُفَتْ بِكَ الدُّنْيا وَطالَتْ / بِكَ الأَيّامُ فَخْراً وَاللَّيالِي
فَعِشْتَ بِها تُسَرْبَلُ مِنْكَ فَخْراً / وَتَلْبَسُ مِنْكَ أَثْوابَ الْجَمالِ
أَلَيْسَ مِنَ العَجائِبِ أَنَّ مِثْلِي
أَلَيْسَ مِنَ العَجائِبِ أَنَّ مِثْلِي / وَأَنْتَ صَفِيُّهُ يَشْكُو الزَّمَانا
وَما جَارَتْ خُطُوبُ الدَّهْرِ إِلاَّ / وَجَدْتُكَ مِنْ حَوَادِثِها أَمانا
وَلا ابْتَسَمَتْ ثُغُورُ النَّوْرِ إِلاَّ / ذَكَرْتُ بِها خَلائِقَكَ الْحِسانا
خُلِقْتَ أَبَرَّ هذا الْخَلْقِ كَفَّاً / وَأَجْدَاهُمْ وَأَنْدَاهُمْ بَنَانا
فَلَوْ أَنَّ الْعُلى كانَتْ قَناةً / لَكُنْتَ أَبا الْحُسَيْنِ لَها سِنانا