القوافي :
الكل ا ب ت ث ج ح خ د ذ ر ز س ش ص ط ع غ ف ق ك ل م ن و ه ء ي
الشاعر : مصطفى صادق الرافعي الكل
المجموع : 39
ما لأيامِ ذا الصبا تتفانى
ما لأيامِ ذا الصبا تتفانى / وقديماً عهدتها تتوانى
ذهبت بالصبا سلامٌ عليها / من فؤادٍ بحبها ملآنا
كل ذي حالة سيمنى بأخرى / ويلاقي بعد الزمانِ زمانا
والفتى من إذا تغيرَ حالٌ / لم يقف في وجوهِهِ حيرانا
هذهِ ساعة الحصادِ فمن كا / نَ تعنى أراحهُ ما عانى
والذي يزرعُ التهاونَ في الأش / ياءِ لا يجتنيهِ إلا هوانا
ليس يجدي الإنسانَ أن يأملَ النا / سَ فلاناً من قومهِ وفلانا
فاسعَ في الأرضِ إن عقبانَ هذا / الجوِ لا يرتضينَ منه مكانا
واحذر الناسَ إنما يأمنُ النا / سَ صبيٌ يظنهم صبيانا
واركبِ الجدَ في الأمورِ ولا تجبنْ / إذا فاتَ بعضها أحيانا
إن هذا الوجودَ كالحربِ لا يُكْرَ / مُ في الحربِ من يكون جبانا
لقد كذبَ الآمالَ من كان كسلانا
لقد كذبَ الآمالَ من كان كسلانا / وأجدرُ بالأحلامِ من باتَ وسنانا
ومن لم يعانِ الجدَّ في كل أمرهِ / رأى كل أمرٍ في العواقبِ خذلانا
وما المرءُ إلا جدهُ واجتهادُهُ / وليس سوى هذينِ للمرءِ أعوانا
كأن الورى يجرونَ طراً لغايةٍ / وقدْ دُحيتْ هذي البسيطة ميدانا
فمن كانَ مقداماً فَقَد فاز جَدُهُ / وباءَ بكلِّ الويلِ من ظلَ حيرانا
فلا تتقاعدْ إن تلحْ لك فرصةٌ / ولا تزدرِ الشيءَ الحقيرَ وإن هانا
ولا تعدُ أخلاق الكرام فإنما / بأخلاقه الإنسانُ قد صار إنسانا
نحنُ في هذه المدارس نسعى
نحنُ في هذه المدارس نسعى / لنبرَّ الوالدات والوالدينا
وترانا أوطانُنا خير قومٍ / ففلاحُ الأوطانِ في أيدينا
عن قريبٍ نكونُ فيها رجالاً / ونربي بناتنا والبنينا
فادرأوا الجهلَ بالمعارفِ عنا / واتقوا اللهَ أيها الناسُ فينا
رب هذي يد الضراعةِ والذلِ / فوق عبادكَ المحسنينا
يا إلهي دعاك طفلٌ صغيرٌ / فتقبل يا أكرمَ الأكرمينا
لا تسألِ الكذابَ عن نياتِهِ
لا تسألِ الكذابَ عن نياتِهِ / مادامَ كذاباً عليكَ لسانهُ
ينبيكَ ما في وجههِ عن قلبهِ / إن الكتابَ لسانهُ عنوانهُ
سهرتُ والليلُ أمسى للورى سكنا
سهرتُ والليلُ أمسى للورى سكنا / فمن يدلُّ على أجفاني الوسنا
أرعى كواكِبها حتى إذا أفلتْ / ألقيتُ للطيرِ في تحنانها الأذنا
واسألِ الحبَّ عن روحي وعن بدني / فلا أرى لي لا روحاً ولا بدنا
وما نظرتُ لأعضائي وقد بليتْ / إلا حسبتُ ثيابها فوقَها كفنا
يا من يعزُّ على نفسي تدلله / كم ذا أكابدُ فيكَ الذلَّ والوهنا
دروا بما بي ولولا الدمعُ كانَ دما / لما تظنوهُ إلا عارضاً هتنا
وربَّ ذي سفهٍ قد هبَّ يعذلُني / فقالَ أنتَ الفتى المضنى فقلتُ أنا
وهل أخافُ على سرِّ الهوى أحداً / وقدْ خلقتُ على الأسرارِ مؤتمنا
فدع غرامكَ يطويني وينشرني / ودعْ عذولي يطوي جنبهُ الضغنا
من كان مثلي لم يحفلْ بمثلهمُ / ومن أحبَّ استلانَ المركبَ الخشنا
كأنما الحسنُ أمسى فيكَ مجتمعاً / فأينما نظرتْ عيني رأتْ حسنا
وإن تكنْ للعاشقينَ فما / يزالُ أمرُ الهوى في ما بيننا فتنا
فاسأل محياكَ كم أخجلتَ من قمرٍ / وسل قوامكَ ذا المياسِ كم غصنا
وكم يبيعكَ أهلُ العشقِ أفئدةً / وأنتَ لا عوضاً تعطي ولا ثمنا
فيمَ اقتصاصكَ في قلبي تعذبني / وما جنيتُ ولا قلبي عليكَ جنى
أما كفاني ما ألقاهُ من زمني / حتى أغالبَ فيكَ الشوقَ والزمنا
إني وإياكَ كالمنفيِّ عن وطنٍ / أيُّ البلادِ رأى لم ينسهِ الوطنا
وما أطافَ بقلبي في الهوى أملٌ / إلا بعثتَ عليهِ الهمَّ والحزنا
ليهنكَ اليومَ أني ممسكٌ كبدي / وإنها قطعٌ تجري هنا وهنا
وفي الجوانحِ شيءٌ لستُ أعرفهُ / لكنْ أهل الهوى يدعونهُ شجنا
يبيبتُ ينبضُ قلبي من تقلبهِ / حتى إذا ذكروا من هاجهُ سكنا
فهلْ رثيتَ لمن لو بثَّ لوعتهُ / معَ الصباحِ لأبكى الطيرَ والفننا
وهل تعللنا يوماً بموعدةٍ / وإن تكن لا تفي سرّاً ولا علنا
أوأن نفسي على كفيكَ لانحدرتْ / ولو دفنتُ لما باليتَ من دُفنا
وذو الشقاوةِ مقرونٌ بشِقْوَتهِ / أنى تقلبَ جرتْ خلفهُ المحنا
غرامكِ لا يبقى على نفسِ إنسانِ
غرامكِ لا يبقى على نفسِ إنسانِ / فسلهُ لماذا غالَ قلبي وأبقاني
أفي كلِّ يومٍ لي من الحبِّ حسرةٌ / وحزنٌ وقد ضاقَ الفضاءُ بأحزاني
وها أنا ذا بينَ الصبابةِ والصبا / تجاذبني الأولى فيدفعني الثاني
ولم يبقِ من جسمي الهوى غير ذرةٍ / كما أبقتِ الكاساتُ من عقلِ نشوانِ
أكادُ لذاكَ الحيِّ إن مرتِ الصبا / أطيرُ وإنْ لم يحتملني جناحانِ
وتنظرُ هذي الشمسُ عيني كأنها / وقد أذكرتني حسنَ وجهكَ شمسانِ
هم عبدوها في الجمالِ ضلالةً / ويمنعني من مثلِ ذلكَ إيماني
على أنهم ذلوا لسلطانِ حسنها / وحسنكَ سلطانٌ على كلِّ سلطانِ
فقالوا حكيتَ الظبيَ جيداً ولفتةً / وأشبهتَ غصنَ البانِ في هيفِ البانِ
وأقسمُ ما الغزلانُ في لفتاتها / ولا هيفُ الأغصانِ إلا الشبيهانِ
لكَ الحسنُ من كلِّ الحسانِ وللذي / يحبكَ في أشعارهِ كلُّ إحسانِ
وأنتَ الذي قربتَ من جسمي الضنا / وأنتَ الذي باعدتَ ما بينَ أجفاني
فإن قيلَ عني أنهُ ماتَ عاشقاً / فقلْ لهم ما رحمةُ الميتِ من شاني
إذا كنتَ لا ترثي وفيَّ بقيةٌ / فكيفَ إذا ماأدرجوني بأكفاني
وإن يقرأ العذالُ ما أنا كاتمٌ / فقد خطَّ في خديَّ بالدمعِ سطرانِ
ولو شئتَ لم يدروا بما دارَ بيننا / ولو أن حسادي عليكَ من الجانِ
أبى الدهرُ أن يلقى أخو الحبِّ صاحباً / من الإنسِ إلا دونهُ ألفُ شيطانِ
فيا ليتَ أن الأفقَ تهوي نجومهُ / على كلِّ واشٍ بالمحبيَن خوَّانِ
ويا ليتَ نيرانَ الجحيمِ تزيدهمْ / قلوباً تلظى حسرةً فوقَ نيرانِ
ويا ليتَ أن الأرضَ دكتْ جبالها / فكم فيهمْ من مثلِ رضوى وثهلانِ
وما كنتُ أدري قبلهمْ أنَ في الورى / من الناسِ أقوامٌ على شكلِ أوثانِ
فيا من لحاني في الصبابةِ ما ترى / ملامكَ هذا بالصبابةِ أغواني
وبي رشاً لم يبقِ مني دلالهُ / سوى ما تراهُ من همومٍ وأشجانِ
تعشقتهُ ظمآنَ للحبِّ فارتوى / فؤادي ولكنْ ردني جد ظمآنِ
وأضحكني دهري زماناً بقربهِ / ولكنهث من بعدِ ذلكَ أبكاني
ولن تجدِ النيا سوى ما وجدتها / ولا سائرَ الأزمانِ إلا كأزماني
ويا جيرتي والنفسُ جمَّ عناؤُها / ألا عاشق عان لذا العاشق العَاني
رأيتُ فؤادي مطبقاً جفنهُ الأسى / كما اكتحلتْ بالنومِ أجفانُ وسنانِ
وقد كانَ لي كأساً لدى مجلسِ الهوى / إذِ الحبُّ راحي والحبائبُ ريحاني
وفي الحبِّ سلوانٌ ولكنني أرى / تأسي ذي الحاجاتِ ليسَ بسلوانِ
وهذا الهوى تاجٌ على كلِّ عاشقٍ / فما شرفُ الأملاكِ من غيرِ تيجانِ
يا من أطالَ الهجرَ من بعدِ ما
يا من أطالَ الهجرَ من بعدِ ما / مسنيَ الحبُّ بما مسني
أنتَ وإن أسرفتَ في ذا الجفا / أحسنُ خلقِ اللهِ في أعيني
يا صاحِ من للقلبِ من نائم
يا صاحِ من للقلبِ من نائم / كلُّ محبٍ فيهِ سهرانُ
هجرتُ نومي وهو لي هاجرٌ / فكلُّ عمري فيهِ هجرانُ
لو سلطوا عينيهِ في عسكرٍ / لم يبقَ في العسكرِ انسانُ
أبصرتهُ تحتَ ظلامِ الدجى
أبصرتهُ تحتَ ظلامِ الدجى / تضيءُ في خديهِ لي جمرتانِ
فقلتُ في الخدينِ نارُ الحشا / فقالَ لكنْ فيهما جنتانِ
أراكَ تنظرُ للغزلانِ شاردةً
أراكَ تنظرُ للغزلانِ شاردةً / ولا يردُ شبا عينيكَ عينانِ
ما دمتَ تهوى حبيباً فالفؤادُ لهُ / وليسَ ينزلُ في قلبٍ حبيبانِ
باللهِ يا بدرَ السما هل درى
باللهِ يا بدرَ السما هل درى / أخوكَ أني في غمارِ المنونْ
يقتلني الشوقُ وهذا النَّوى / وذلكَ السحرُ وتلكَ العيون
أحْسِبُني كسرى لتيهي بهِ / لو لم أكن أبطنتُ ما يعبدونْ
وما أرى الدنيا سوى دولتي / ومن فنونِ الحبِّ هذا الجنونْ
يا بدرُ بلغهُ سلامي وقفْ / واشرحَ لهُ ما أحدثَ العاذلونْ
سبحانَ من صورهُ فتنةً / يعذبُ الناسَ ولا يغضبونْ
أيُّ ذنبٍ جنيتُ حتى تجنى
أيُّ ذنبٍ جنيتُ حتى تجنى / إنني كدتُ بعدهُ أن أجِنَّا
كلُّ يومٍ أظلُّ أسالُ عنهُ / من أراهُ وليسَ يسألُ عنا
ألفَ البخلَ لا يردُّ سلامي / وتناسى أيامَ كانَ وكنَّا
وأرى كُتْبهُ دوائي على البعدِ / من الشوقِ والجفاءِ فَضَنَّا
لا أرى طيفهُ ولا الدارَ تدنو / فأرهُ ولا الصبابةُ تفنى
أيها الدائمُ التجني علينا / زادكَ اللهُ في تجنيكَ حسنا
ربما مرَّ للمحبِّ زمانٌ / نالَ فيهِ المحبُّ ما قدْ تمنى
قد رأى الناسُ فيهِ قيساً وقِساً / وأرتهمُ عيناكَ ليلى ولبنى
ورميتُ الدُّجى بساهرةِ الليلِ / تفيضُ الدموعَ وجداً وحزنا
فتحتْ جفنها فطارَ كراها / وبكتْهُ فليسَ تغمضُ جفنا
إن تعشْ يرجعِ المنامُ إليها / أو تمتْ بعدها ففي الحبِّ متنا
كفى صدوداً فما أبقى تجافينا
كفى صدوداً فما أبقى تجافينا / منا ولا الدمعُ أبقى من مآقينا
تطيرُ نفسي من ذكراكَ خافقةً / على ليالٍ توافينا وتسبينا
إذ الزمانُ طليقُ الوجهِ مبتسمٌ / خضرَ الجوانبِ تسقيها أمانينا
كانتْ بها نسماتُ العتبِ راقصةٌ / تهزُّ من حبِّنا فيها رياحينا
لا يمددُ الدهرُ بعدَ اليومِ لي يدَهُ / فما سوى الهمِّ أمسى بينَ أيدينا
وأدمعٍ في زمامِ الحبِّ جارية / ما كنَّ لم يرضَها الحبُ يجرينا
صيرتَ هذي الدراري من عواذِلِنا / ومطلعُ الشمسِ فيها من أعادينا
مرَّ الزمانُ الذي كانتْ فجائِعهُ / تُخطى وهذا زمانٌ ليسَ يخطينا
وفرقَ الدهرُ شملاً كانَ يجمعُنا / فما لذا الدهرِ مُغرىً بالمحبينا
من مبلغُ الفجرَ إذ قامتْ نواديهُ / أنَّا بجنحِ الدجى ينعاهُ ناعينا
كانتْ ليالي الهوى تفترُّ ضاحكةً / عنهُ فبِتْنَ عليَّ اليومَ يبكينا
وكانَ فيهِ جمالٌ من نضارتِنا / وفي محياهُ صفوٌ من تصافينا
أيامَ لم ندرِ أن البدرَ حاسدُنا / على الهوى وضياءُ الفجرِ واشينا
تدورُ في كأسنا صرفٌ مشعشعةٌ / من وردةِ الخدِّ حينا واللُّمى حينا
والنجمُ في نشوةٍ مما ينادمنا / والحليُ في طربٍ مما يُغنينا
يا حاجةَ النفسِ لا تصغي لذي حسدٍ / فما لقينا من الأيامِ يكفينا
كأنها لم تصنَّا في جوانحها / ولم تكنْ بسوادِ القلبِ تُفدينا
ولم نبتْ ليلةً كالروضِ حاليةٍ / نجني بها من صنوفِ اللهوِ ماشينا
والبينُ ظمآنٌ لم تحسبْ عواذلنا / إن الدموعَ سترويهِ وتظمينا
فيا ليالٍ ذكرناها وأكبُدنا / مقطعاتٌ عليها في حوانينا
قد سالَ بعدكِ ما كنا نُكَفْكِفُهُ / وجاذبتنا النوى من كانَ يُسلينا
لا في الأسى راحةٌ مما نغالبهُ / من البعادِ ولا يغني تأسينا
إذا نسيمُ الصبا رقتْ جوانبهُ / على متونِ الروابي راحَ يصبينا
تهيجُ رياهُ من ذكرى الديارِ هوىً / وربما ذكروا بالمسكِ دارينا
ما فيهِ إلا تحايا العاشقينَ إلى / الغيدِ الأوانسِ والعتبى أفانينا
وكم ينم بأنفاسٍ تحملَها / فيها الحياةُ ولكن ليسَ يحيينا
سلي الظلامَ إذا شابتْ ذوائبهُ / من هولِ ما بتُّ ألقى من تنائينا
ألاحتِ الشمسُ تغرِي العاذلينَ بنا / كليلةُ الطرفِ أم راحتْ تحيينا
لقد عدتنا عوادينا وكيفَ بنا / إذا عدتنا عن اللقيا عوادينا
نبيتُ والهجرُ في الآفاقِ ينشرنا / كأننا لم نبتْ والوصلُ يطوينا
قالتْ رأيتكَ مجنوناً فقلتُ لها / لولا هواكِ لما كنا مجانينا
يا طلعةَ الشمسِ غابتْ بعدما طلعتْ / وظبيةُ القاعِ لم ترجعْ لوادينا
هل شاغلتكِ عواد ما تشاغلنا / وباتَ يلهيكَ أنسٌ ليسَ يلهينا
إن كان سهلاً على اللهِ تفرقنا / فليسَ صعباً عليهِ أن يلاقينا
ما لي أراكَ مغاضباً
ما لي أراكَ مغاضباً / من غيرِ ذنبٍ كانَ مني
فإذا كتبتُ إليكَ مع / تذراً أحلتَ على التجني
ما كانَ ظني يا أخي / أنء سوفَ يخطئُ فيكَ ظَني
كنتُ أرجوكَ أن تعينَ على اله
كنتُ أرجوكَ أن تعينَ على اله / مّ إذا أنتَ للهمومِ معينُ
ثمَّ أصبحتَ بالودادِ جواداً / وفتى الجودِ بالودادِ ضنينُ
فإذا كنتَ قد ظننتَ غروراً / إنما أنتَ جوهرٌ مكنونُ
فبهذي الفعالِ والخلقِ السو / ءِ وتبينتَ أن فعلكَ شينُ
صبا للقصورِ وغزلانها
صبا للقصورِ وغزلانها / وتلكَ الليالي وأشجانِها
لياليَ تجري جيادُِ الهوى / الى الغانياتِ بفرسانها
وتبعثها خطراتُ القلوب / لمرعى صبِاها برعيانها
فهل عَلمتْ حادثاتُ الزمان / اساءتها بعدَ إحسانها
رأينا لياليَ أفراحِها / تجرُّ لياليَ أحزانها
وكم حاربتني عيونُ المهى / وحاربت أعداءَ سلطانها
فردتْ سيوفي وتلكَ اللحاظِ / لا غمادِِها ولأجفانها
أبعدَ الوصالِ وبعدَ الودادِ / تروعُ الغواني بهجرانها
وتطرحُ شأنكَ عن همَّها / وتصدفُ عنكَ الى شأنِها
فلا تستنمْ لنؤمِ الضحى / ولا ترجُ برةَ أيمانِها
ولا تغتررْ بالتي خلتَها / تسر الغرامَ بإعلانها
تعلَّمَتِ الودَّ بعدَ النفورِ / من خاطبي ودِ يابانها
فدع غصن البان في أرضه / إذا ظللْتهم بأغصانِها
وجنبْ فؤادَك نارَ الهوى / إذا ما حمتهمْ بنيرانها
فما العزُّ في حُجُرات الكعابِ / ولا في الرياضِ وريحانِها
ولا في الشعورِ كموجِ السحابِ / إذا ما تراختْ على بانِها
ولا في الحواجبِ مثلَ الهلالِ / ولا في العيونِ وأجفانِها
ولا هو في طلعةِ النيِّرينِ / ولا في النجومِ وكيوانِها
ولا في جمالِ زهورِ الرياضِ / إذا اختلْنَ في ثوبِ نيسانها
ورتلَ مما شجاهُ الحمامُ / أفانينَ شجوٍ بأفنانها
وما السيفُ من غيرِ أبطالِهِ / وما العينُ من غيرِانسانِها
وهل ترتقي صادحاتُ الطيورِ / من الجوِّ مرقاة عقبانها
علاكَ أحق بهذي اليالي / من الغانياتِ بريعانها
إذا غبتَ عن أعيني لم أجدْ
إذا غبتَ عن أعيني لم أجدْ / سواكَ تقرُّ بهِ أعيني
كففتُ يدي عن الشرِّ
كففتُ يدي عن الشرِّ / وأصغيتُ لهُ أذني
لأعلمَ إنْ نبذتُ فتىً / سفيهاً كيفَ ينبذني
فلا بالمكرِ آخذهُ / ولا بالمكرِ يأخذني
نشأتُ ولستُ أعرفُ لي عدوّاً
نشأتُ ولستُ أعرفُ لي عدوّاً / وها أنا لستُ أعرفُ من معيني
كأنَّ الناسَ ليسَ لهم قلوبٌ / تحركهنَّ أنفاسُ الحزينِ
إذا ما أبصروا ذا الهمِّ فرُّوا / فرارَ الروحِ من وجهِ المنونِ
وأكثرُ من تصاحبهمْ ديونٌ / ويا ويلَ الفقيرِ من الديونِ
دعِ الدنيا ترفعُ كلَّ وغدٍ / فإن الخمرَ قد سُدَّتْ بطينِ
قالوا جنونٌ قلتُ إي والذي
قالوا جنونٌ قلتُ إي والذي / يقدرُ الهمَّ لمن يعقلونْ
انقلبَ الدهرُ بأبنائهِ / لذا ترى العقلَ غدا في البطونْ
جنوننا ما دامَ في رأسنا / عقلٌ وهم من عقلهمْ في جنونْ
وما على الناسِ من الناسِ يا / ليتَ إذ لم يعرفوا يعرفونْ

المعلومات المنشورة في هذا الموقع لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع إنما تعبر عن رأي قائلها أو كاتبها كما يحق لك الاستفادة من محتويات الموقع في الاستخدام الشخصي غير التجاري مع ذكر المصدر.
الحقوق في الموقع محفوظة حسب رخصة المشاع الابداعي بهذه الكيفية CC-BY-NC
شبكة المدارس الإسلامية 2010 - 2025