المجموع : 20
ما لليلى تبدَّلتْ
ما لليلى تبدَّلتْ / بعدَنا ودَّ غيرنا
أرهَقَتْنا ملامةً / بعدَ إيضاحِ عُذْرِنا
فسلوْنَا عن ذكرِها / وتسلَّتْ عن ذكرِنا
لم نقُلْ إذ تحرَّمتْ / واسْتهلَّتْ بهجرِنا
ليتَ شِعري ماذا تَرى / أمُّ عمرٍو في أَمرنا
لا بَيتَ يُسْكنُ إلا فَارَقَ السَّكَنا
لا بَيتَ يُسْكنُ إلا فَارَقَ السَّكَنا / ولا امْتَلا فَرحاً إلا امْتَلا حَزَنا
لهْفاً على ميِّتٍ ماتَ السرورُ بهِ / لو كان حَياً لأَحْيا الدِّينَ والسُّنَنا
واهاً عليك أَبا بكرٍ مُردَّدةً / لو سكَّنَتْ وَلَهاً أو فتَّرتْ شَجَنا
إذا ذكرتُكَ يوماً قلت واحَزَنا / وما يَرُدُّ عليكَ القولُ واحَزَنا
يا سَيِّدي ومراحَ الرُّوحِ في بَدَني / هَلا دَنا الموتُ منّي حيثُ مِنكَ دنا
حتى يعودَ بنا قَعرِ مُظلمةٍ / لحْدٌ ويُلبسَنا في واحدٍ كَفَنا
يا أطيبَ الناسِ رُوحاً ضمَّهُ بَدَنٌ / أَستودعُ اللَّهَ ذاك الروحَ والبَدَنا
لو كنتُ أُعطَى به الدُنيا مُعاوَضَةً / منهُ لما كانتِ الدُّنيا له ثَمَنا
ولَّى الشَّبابُ وكنتَ تَسكنُ ظِلَّهُ
ولَّى الشَّبابُ وكنتَ تَسكنُ ظِلَّهُ / فانظُرْ لنفسِكَ أيَّ ظِلٍّ تسكُنُ
ونَهَى المَشيبُ عن الصِّبا لو أنَّهُ / يُدْلي بحُجَّتهِ إلى مَن يَلْقَنُ
ومَعشرٍ تَنطِقُ أَقلامُهُمْ
ومَعشرٍ تَنطِقُ أَقلامُهُمْ / بحكمةٍ تَلقَنُها الأَعينُ
تلفِظُها في الصكِّ أَقلامُهُمْ / كأَنَّما أَقلامُهُمْ أَلسُنُ
عجبتُ للفظٍ منكَ ذابَ نحافةً
عجبتُ للفظٍ منكَ ذابَ نحافةً / ومعناهُ ضخمٌ ما أَردتُ سمينُ
وأعجبُ من هذين أن بيانَهُ / حياةٌ لأرباب الهوى ومنونُ
زَحمْتَ به غُنجها مُقَلَ الدُّمى / وَعلَّمتَ سُمْرَ النَّفْثِ كيف يكونُ
ومُغبرِّ السماءِ إذا تَجلَّى
ومُغبرِّ السماءِ إذا تَجلَّى / يغادرُ أرضَه كالأرجوانِ
سَمَوتُ لهُ سموَّ النقعِ فيهِ / بكل مُذَلَّقٍ سَلبِ السِّنَانِ
وكُلَّ مُشَطَّبِ المَتْنينِ صافٍ / كلَونِ الملحِ مُنْصَلتٍ يماني
كأنَّ نهارَهُ ظلماءُ ليلٍ / كواكبُهُ منَ السُّمْرِ اللِّدانِ
أَما والَّذي سَوَّى السَّماءَ مكانَها
أَما والَّذي سَوَّى السَّماءَ مكانَها / ومَن مَرجَ البحرينِ يَلتقيانِ
ومَن قامَ في الأَوْهامِ مِن غيرِ رُؤيةٍ / بأثبتَ مِن إدراكِ كُلِّ عِيانِ
لمَا خُلقتْ كفّاكَ إلّا لأَربعٍ / عَقائلَ لم يُخْلقْ لهنَّ يَدانِ
لِتَقبيلِ أَفواهٍ وإِعطاءِ نائلٍ / وتَقليبِ هِنديٍّ وحَبسِ عِنانِ
بَكَرتْ عليَّ عَواذلي يَلْحيْنَني
بَكَرتْ عليَّ عَواذلي يَلْحيْنَني / وعَلى الذي لم يَعْدُ بي أَعْدَيْنَني
إِيهاً عليكَ فقد كبرتَ عن الصِّبا / ونَهى المشيبُ عنِ الذي يَنْهَيْنَني
أَنَّى وكيفَ وقد رأينَ تغيُّري / عن عهدِهِنَّ إِذا العيونُ رأيْنَني
وعلى مُفارَقَةِ الشَّبابِ شَمتْنَ بي / وعلى مُعاداةِ الصِّبا عادَينَني
أدْنَيْنَني حتّى إذا التَهبَ الجَّوى / أقْصَيْنَني أضعافَ ما أدْنَينَني
وفَتَنَّني بِلواحظٍ تَشكو الضَّنى / دائي بِهنَّ وربَّما داوَيْنَني
يُذْكينَ في قَلبي وبَيْنَ جَوانحي / حُرَقاً بنارِ جَحيمِها أصْلَيْنني
يا ابْنَ الخَلائفِ إِنَّ أيّامَ الغِنى / أيَّامُكَ الغُرُّ التي أَغْنَيْنَني
بِنوالِها وسجالِها وثِمالِها / أسْقَيْنني حتّى لقد أرْوَيْنني
قد صرَّحَ الأَعداءُ بالبَينِ
قد صرَّحَ الأَعداءُ بالبَينِ / وأشرقَ الصُّبحُ لذي العَينِ
وعادَ مَن أَهواهُ بعدَ القِلَى
وعادَ مَن أَهواهُ بعدَ القِلَى / شَقيقَ روحٍ بينَ جسمينِ
وأصبحَ الداخِلُ في بَينِنا / كساقطٍ بينَ فراشينِ
قد أُلبسَ البغضةَ هذا وذا / لا يَصْلُحُ الغِمدُ لسيْفينِ
ما بالُ مَن ليسَتْ لهُ حاجَةٌ / يكونُ أنْفاً بينَ عَينينِ
قالوا شبابُكَ قد ولَّى فقلتُ لهُمْ
قالوا شبابُكَ قد ولَّى فقلتُ لهُمْ / هل من جَديدٍ على كرِّ الجَديدينِ
صِلْ من هَوَيتَ وإنْ أبدى مُعاتَبةً / فأَطيبُ العيشِ وصْلٌ بينَ إِلفينِ
وأقْطَعْ حَبَائلَ خلٍّ لا تُلائمُهُ / فربَّما ضاقَتِ الدُّنيا على اثْنينِ
فكَّرتُ فيكَ أَبحرٌ أنتَ أم قمرٌ
فكَّرتُ فيكَ أَبحرٌ أنتَ أم قمرٌ / فقد تَحيَّرَ فِكْري بينَ هَذينِ
إنْ قلتُ بحرٌ وجدتُ البحرَ مُنْحَسراً / وبحرُ جودِكَ ممتدُّ العُبابَينِ
أَو قلتُ بدراً رأيتُ البدرَ مُنْتقصاً / فقلتُ شَتَّانَ ما بينَ البُدَيرينِ
كِلاني لِما بي عاذِليَّ كَفاني
كِلاني لِما بي عاذِليَّ كَفاني / طَويتُ زماني برهةً وطواني
بَليتُ وأَبلتْني الليالي وَكرُّها / وصَرفانِ للأيامِ مُعْتَوِرانِ
وما ليَ لا أبلى لسبعينَ حجَّةَ / وعشرٍ أَتتْ مِن بَعدِها سَنَتانِ
فلا تسألاني عن تباريحِ علَّتي / ودونَكُما منّي الَّذي تَريَانِ
وإِنّي بحمد اللَّهِ راجٍ لفضلهِ / ولي من ضمانِ اللَّه خَيرُ ضمانِ
ولستُ أُبالي عن تباريحِ علَّتي / إذا كان عقلي باقياً ولساني
هُما ما هما في كُلِّ حالٍ تُلمُّ بي / فذا صارِمي فيها وذاكَ سِناني
سَلبتَ الرُّوح مِنْ بَدني
سَلبتَ الرُّوح مِنْ بَدني / ورُعتَ القلبَ بالحَزَنِ
فلي بَدَنٌ بلا رُوحٍ / ولي رُوحٌ بلا بَدَنِ
قَرنتَ معَ الرَّدى نَفْسي / فَنفْسي وهْوَ في قَرَنِ
فليتَ السِّحرَ مِنْ عيني / كَ لم أَرَهُ ولم يَرني
تُعلِّلُنا أُمامةُ بالأَماني
تُعلِّلُنا أُمامةُ بالأَماني / ولجَّ بنا البِعادُ منَ التَّداني
إذا ما قلتُ أينَ الوَصلُ قالتْ / طَلبتَ العِزَّ في دارِ الهَوانِ
ولو شئتُ راهنتُ الصَّبابَةَ والهَوى
ولو شئتُ راهنتُ الصَّبابَةَ والهَوى / وأَجريتُ في اللَّذَّاتِ مِن مِئتينِ
وأسبلتُ من ثوبِ الشَّباب وللصَّبا / عليَّ رداءٌ مُعْلمُ الطَّرفينِ
صَحا القلبُ إلا خَطرةً تَبعثُ الأَسى
صَحا القلبُ إلا خَطرةً تَبعثُ الأَسى / لها زَفرةٌ مَوصولةٌ بحَنينِ
بلى ربَّما حَلَّتْ عُرى عَزَماتهِ / سَوالفُ آرامٍ وأعينُ عِينِ
لَواقطُ حبَّاتِ القُلوبِ إذا رنَتْ / بسحرِ عُيونٍ وانْكِسارِ جُفونِ
ورَيطٌ متينِ الوَشيِ أَينعَ تحتَهُ / ثِمارُ صُدورٍ لا ثِمارُ غُصونِ
بُرودٌ كأنوارِ الربيع لبسْنَها / ثيابُ تَصابٍ لا ثيابُ مُجنونِ
فَرَينَ أَديمَ الليلِ عن نُورِ أَوجهٍ / تُجَنُّ بها الأَلبابُ أيَّ جنونِ
وجوهٌ جرى فيها النَّعيمُ فكُلِّلتْ / بورْدِ خُدودٍ يُجْتنَى بعُيونِ
سألبسُ للأحزانِ ثَوبَ تَصبُّرٍ / وإِنْ لم يكُنْ عندَ اللّقا بحَصينِ
فكيفَ ولي قلبٌ إِذا هبَّتِ الصَّبا / أَهابَ بشوقٍ في الفؤادِ كمينِ
ويهتاجُ منه كُلُّ ما كانَ ساكناً / دعاءُ حمامٍ لم يبِتْ بوُكونِ
وإِنَّ ارْتياحي من بكاءِ حمامةٍ / كذي شجنٍ داويتُهُ بشُجونِ
كأَنَّ حَمامَ الأيكِ حينَ تَجاوبَتْ / حزينٌ بكى من رحمةٍ لحزينِ
أَيُّ تُفَّاحٍ ورمَّانِ
أَيُّ تُفَّاحٍ ورمَّانِ / يُجتنَى من خُوطِ رَيْحانِ
أَيُّ وردٍ فوقَ خدٍّ بدا / مُستنيراً بينَ سُوسانِ
وثنٌ يُعبدُ في رَوضةٍ / صِيغَ مِن دُرّ مَرْجانِ
مَن رأَى الذَّلفاءَ في خَلوةٍ / لم يرَ الحدَّ على الزَّاني
إِنَّما الذَّلفاءُ ياقوتةٌ / أُخرِجَتْ من كيسِ دِهقانِ
أهْدتْ إليكَ حُمَيّاها بكاسَينِ
أهْدتْ إليكَ حُمَيّاها بكاسَينِ / شمسٌ تَدبَّرَتْها بالكفِّ والعينِ
يسعى بتلك وهذي شادنٌ غَنِجٌ / كأنَّه قمرٌ يسعَى بنجمينِ
كأنَّه حين يمشي في تأوُّدهِ / قضيبُ بانٍ تَثنَّى بينَ ريحينِ
رجعُ صوتٍ كأنه نظمُ دُرٍّ
رجعُ صوتٍ كأنه نظمُ دُرٍّ / ما يرى سَلكهُ سوَى الآذانِ
تَنفثُ السِّحرَ بالبيانِ من القو / لِ ولا سحرَ مثلُ سحرِ البيانِ