المجموع : 24
كَيفَ أُصغي لِلعاذِلَين
كَيفَ أُصغي لِلعاذِلَين / مَعَ صَبري لِلعاذِلَين
إِنَّ خَصمي لَدى الشَجى / في هَواهُ قَلبٌ وَعَين
أَنا في الحُبِّ صادِقٌ / أَنا صَبٌّ بِشاهِدَين
فَإِذا رُمتُ سَلوَةً / حيلَ ما بَينَنا بِذَين
وَأَنا كاِبنِ هانِىءٍ / في الصِبا حِلفُ سَكرَتَين
قامَ عُذري بِحُسنِ مَن / هِمتُ فيهِ مِن غَيرِ مَين
بَدرِ تِمٍّ مُرَكَّب / في قَضيبٍ مِنَ اللُجَين
وَجهُهُ الرَوضُ وَالحَيا / مِنهُ مَعسولُ ريقَتَين
حُسنُ رَيحانَتَيهِ قَد / زادَ ضِعفاً بِالجَنَتَين
لَو حَباني مِن ريقِهِ / كانَ تِرياقَ عَقرَبَين
زَيَّنَ اللَهُ خَدَّهُ / لِعَذابي بِشامَتَين
ذاكَ كَيما يَفوزَ مِن / شيمَةِ الحُسنِ بِاِثنَتَين
كانَ فَرداً لِأَجلِ ذا / مَلَكَ الحُسنُ مَرَّتَين
فَلِكُلٍّ عَلامَةٌ / وَهوَ يَحوي عَلامَتَين
كَيفَ أَخشى اِشتِراكَهُ / وَهوَ قَد حازَ رَقَّتَين
لا يَرى الشَيءَ مُشكِلاً / وَهوَ يَقرا لِبَينَتَين
وَدَليلي عَلى الَّذي / قُلتُهُ ذو الوَزارَتَين
لَفظَةٌ لا تَرى لَها / في الأَنامِ مُسَمَّيَين
فَهوَ يَختَصُّ واحِداً / لَيسَ إِلّا بِالعَدوَتَين
سَيِّداً مِن قُضاعَةَ / خَيرَ سامٍ مِن سَيِّدَين
أَخَذَ الجودَ وَالعُلا / شَخصُهُ بِالوِراثَتَين
مِن أَبيهِ وَجَدِّهِ / فَهوَ حُسنٌ ذو حُسنَيَين
مِثلُ بَسارينَ في / أَساليفِ النَيرَين
لَو بَغى المَجدَ فَوقَهُ / أَصبَحا فيهِ فَرقَدَين
إِنَّني مُقسِمٌ بِهِ / وَالمُصَلّى وَالمَأزَمَين
لا يُوازيهِ في العُلا / وَبِهِ القَضِيَّتَين
موَئِلي يا أَبا عَلِيٍّ / يا رَجائي مِن كُلِّ أَين
قَد كَفاني ما حَلَّ بي / مِن خُمولٍ وَفرِطِ بَين
وَاِطِّراحي لِكُلِّ دَينٍ / وَأَخذي لِكُلِّ دَين
لا تَدَعني بَعدَ الجَفا / أَتَمَنّى خُفَّي حُنَين
أَنتَ تَدري سَريرَتي / دونَ شَكٍّ بِاِسمٍ وَعَين
وَشَهيدي في كُلِّ ما / أَدَّعيهِ فَتى رُعَين
طاوِل بِجَدِّكَ فَالأَقدارُ عُنوانُ
طاوِل بِجَدِّكَ فَالأَقدارُ عُنوانُ / وَاِحكُم فَما لِصُروفِ الدَهرِ عِصيانُ
عَلَيكَ حَزمٌ وَأَمرٌ نافِذٌ وَعَلى / ريبِ الحَوادِثِ تَسليمٌ وَإِذعانُ
لَكُم سُعودٌ عَلى الأَعداءِ نافِذَةٌ / وَفَت لَكُم حَيثُ حَدُّ السَيفِ خَوّانُ
تَرى المَقاتِلَ أَنصاراً وَرُبَّتَما / أَصغَت لِأَمرِ المَنايا فَهيَ آذانُ
إِنَّ المُلوكَ وَإِن عَزّوا وَإِن كَثُروا / وَخالَفوكَ فَقَد ذَلّوا وَقَد هانوا
إِن يَحسُدوكَ أَبا العَبّاسِ فَهوَ لَكُم / ذِكرٌ جَميلٌ ولِلحُسّادِ أَشجانُ
وَما عَلى الشَمسِ في أَن لاحَ رَونَقُها / فَأَنكَرَتهُ العُيونُ الرُمدُ نُقصانُ
أَعَدَّ تَوفيقُكَ الأُسطولَ يَقدُمُها / نَدبٌ أَتى المُلكَ عَيناً وَهوَ إِنسانُ
مُحَمَّدٌ وَكَفانا مِن فَتىً هَرِمَت / بِهِ اللَيالي وَقاراً وَهيَ شُبّانُ
لَمّا زَكا غُصُناً في دَوحِ سُؤدُدِكُم / تاهَت قَنا الخَطِّ لَمّا قيلَ أَغصانُ
القائِدُ الخَيلَ مَجدولاً أَياطِلُها / كَأَنَّما هِيَ في الأَرسانِ أَرسانُ
وَالتارِكُ البيضَ مِن ضَربِ الرُؤوسِ بِها / كَأَنَّما هِيَ فَوقَ إِلهامِ تيجانُ
رَقَّت حَنيناً إِلى الإِعجابِ لا عَجَباً / أَن رَقَّ حُبٌّ إِلى الأَوطانِ حَنّانُ
حامي الذِمارِ وَنارُ الحَربِ حامِيَةٌ / طَلقُ المُحَيّا وَحَدُّ السَيفِ غَضبانُ
يُبكي الصِفاحَ نَجيعاً وَهوَ مُبتَسِمٌ / وَيوسِعُ السُمرَ رِيّاً وَهوَ ظَمآنُ
يَرى الدِماءَ عُقاراً وَالظُبى زَهَراً / فَالحَربُ في زَعمِهِ راحٌ وَرَيحانُ
يَرمي بِهِ البَحرُ في فُلكٍ زَجَرتَ بِها / طَيراً لَهُنَّ مِنَ الأَلواحِ أَبدانُ
كَأَنَّما البَحرُ مَعنىً مُشكِلٌ صَدَعَت / بِها أَعاديكَ أَنَّ المَوتَ أَلوانُ
خُضرٌ وَدُهمٌ وَحُمرٌ ما بَدَت عَلِمَت / بِها أَعاديكَ أَنَّ المَوتَ أَلوانُ
فَالخُضرُ قُضبٌ لَها الأَعلامُ عَن وَرَقٍ / لَو أَثمَرَت قَبلَها بِالحَتفِ قُضبانُ
وَالحُمرُ يَرمي بِها المَوجُ الخِضَمُّ كَما / تَختالُ في زَهَراتِ الوَردِ كُثبانُ
وَالدُهمُ تَستَوقِفُ الأَبصارُ حِكمَتَها / كَأَنَّها فَوقَ خَدِّ الماءِ خيلانُ
كَأَنَّما عَدوُها إِثرَ الطَريدِ بِها / رَقصٌ بِحَيثُ صَليلُ الهِندِ أَلحانُ
بِعُصبَةٍ أُنهِضوا لِلمَوتِ وَاِئتُمِنوا / عَلى الحِفاظِ فَما خانوا وَلا حانوا
أَعطافُهُم مِثلُ ما هَزّوهُ مائِلَةٌ / وُجوهُهُم مِثلُ ما سَلّوهُ غُرّانُ
أَعطاهُمُ الحَزمُ أَيماناً مُؤَيَّدَةً / أَنَّ الضَلالَ ذَليلٌ حَيثُما كانوا
إِن شِئتَ رُعتَ بِهِم أَرضَ الشَقاءِ فَلَم / يَعضُدهُ مِن دَولَةِ المَخذولِ صُلبانُ
فَقَبلَكُم ما أَتى موسى بِآيَتِهِ / مِصراً فَلَم يُغنِ عَن فِرعَونَ هامانُ
وَهَل يُنازِعُكُم مَن عَزمُهُ عَبَثٌ / كَالريحِ لَم يُجرِها مِنهُ سُلَيمانُ
لَولاكَ لَم يَحسُدِ المِلحَ الفُراتُ وَلا / جُنَّت بِسَبتَةَ يَومَ الفَخرِ بَغدانُ
قَد طابَ ذِكرُكَ حَتّى الشَهدُ مُطَّرَحٌ / وَفاحَ حَتّى اِستُبينَ المِسكُ وَالبانُ
وَالناسُ شَتّى أَعادٍ في مَذاهِبِهِم / لَكِنَّهُم في هَواكَ اليَومَ إِخوانُ
يَأوي لِظِلِّكَ مَحمِيٌّ وَمُطَّرَدٌ / كَالرَوضِ يَرتادُهُ ظَبيٌ وَسِرحانُ
وَيَشتَهي جودَكُم مُثرٍ وَذو عَدَمٍ / كَالخَمرِ يَعشَقُها صاحٍ وَنَشوانُ
مَلِكٌ فَتى البَأسِ كَهلُ الرَأيِ مُتَّضِحٌ / عالي الذُؤابَةِ رَحبُ الباعِ يَقظانُ
أَغَرُّ لِلجاهِ مِنهُ مَنطِقٌ سَدَدٌ / إِلى الصَوابِ وَبَعضُ الجاهِ إِلحانُ
كَأَنَّما الناسُ أَلفاظٌ لَهُنَّ بِهِ / رَفعٌ وَخَفضٌ وَتَحريكٌ وَإِسكانُ
مِن كُلِّ قَولٍ لَهُ فَصلٍ يُصيبُ بِهِ / وَكُلِّ فِعلٍ لَهُ بِالعَدلِ ميزانُ
وَكُلُّ وَقتٍ رَبيعٌ مِن خَلائِقِهِ / وَكُلُّ رَوضٍ بِهِ في الطيبِ بُستانُ
حَملُ الأَمانَةِ هَيِنٌ في سَجِيَّتِهِ / وَهَل يحُسُّ حَصاةً فيهِ ثَهلانُ
إِذا تَكَلَّمَ أَصغى الدَهرُ مُستَمِعاً / كَما يُصيخُ لِداعي الماءِ ظَمآنُ
كَأَنَّما بُردَتا أَثوابِ هَيبَتِهِ / كِسرى وَيَأخُذُ عَنهُ الرَأيَ لُقمانُ
جَزى الإِساءَةَ بِالحُسنى مُسامَحَةً / حَتّى تَخَيَّلَ أَنَّ الذَنبَ قُربانُ
يا دَهرُ شُدَّ عَلَيهِ كَفَّ ذي مِقَةٍ / وَاِبخَل بِهِ إِنَّ بَعضَ البُخلِ إِحسانُ
وَأَنتَ مُتَّهَمٌ إِلّا عَلَيهِ فَها / عَلِقَ بِهِ سَبتَةَ تَحظى وَتَزدانُ
يا سَمِيَّ المُصطَفى يا بُغيَتي
يا سَمِيَّ المُصطَفى يا بُغيَتي / يا مُنى نَفسي وَحَظّي مِن زَماني
عَلِقَت مِنكَ بَناني أَمَلاً / لَيسَ لي مِنهُ سِوى عَضِّ بَناني
يا غَزالاً صادَ آسادَ الشَرى / وَقَضيباً قَد سَبى سُمرَ الطِعانِ
بَرَّحَ الشَوقُ إِلى عَينَيكَ بي / عَجَباً أَصبوا لِسَهمَي مَن رَماني
لَوعَةٌ بي مِنكَ أَم بي لَمَمٌ / ما النُهى وَالحُبُّ إِلّا طَرَفانِ
قُل لِحِبِّ الصَبِّ عَنهُ اِسلَم وَكُن / مِن سَلُوّي وَاِصطِباري في أَمانِ
شَغَفٌ قُيِّدَ ما يَبرَحُني / وَفُؤادٌ مولَعٌ بِالطَيَرانِ
ضَمِنَت طولَ غَرامي مُقلَةٌ / تُتلِفُ الأَنفُسَ في غَيرِ ضَمانِ
مائِلٌ بِالوُدِّ عَنّي نافِرٌ / مَرِحٌ كَالمُهرِ يَطغى في العِنانِ
لَيسَ بِدعاً نَفرَةٌ مِن شادِنٍ / فَرِقٍ أَو ميلَةٌ مِن غُصنِ بانِ
فَرَّ مِن عَدنٍ وَقَد بانَ عَلى / حُسنِهِ آثارُها أَيَّ بَيانِ
فَجَرى في مَرشَفَيهِ كَوثَرٌ / وَاِزدَهَت في وَجنَتَيهِ جَنَّتانِ
أَنكَرَ العُذّالُ إِعلاني بِهِ / شَأنُ مَن يَعذِلُ فيهِ غَيرُ شاني
الهَوى عِندِيَ إيمانٌ فَلا / بُدَّ مِنهُ في فُؤادٍ وَلِسانِ
رُع بِجَيشِ اللَذاتِ سِربَ الشُجونِ
رُع بِجَيشِ اللَذاتِ سِربَ الشُجونِ / وَخُذِ الكَأسَ رايَةً بِاليَمينِ
لا تَرُدَّنَّ بِالتَنَصُّلِ نَصلَ اللَو / مِ وَاِقلِب لَهُ مِجَنَّ المُجونِ
طَلَعَت أَنجُمُ الكُؤوسِ سُعوداً / مُنذُ قابَلنَ أَنجُمَ الياسَمينِ
وَظِلالُ القُضبِ اللِطافِ عَلى النَر / جِسِ تَحكي مَراوِداً في عُيونِ
آنِساني وَكَفكِفا دَمعَ عَينَي / بِسِلافٍ كَدَمعَةِ المَحزونِ
أَلِّفا جَوهَرَ الأَزاهِرِ وَالقَط / رِ إِلى جَوهَرِ الحَبابِ المَصونِ
وَاِنظِماها في لَيلَةِ الأُنسِ عِقداً / مُلكُ كِسرى لَدَيهِ غَيرُ ثَمينِ
كَيفَ أَمَّنتُما عَلى الشَربِ شَخصاً / لَحظُهُ في القُلوبِ غَيرُ أَمينِ
قامَ يَسقي فَصَبَّ في الكَأسِ نَزراً / ثِقَةً مِنهُ بِالَّذي في الجُفونِ
وَأَتى نُطقُهُ بِلَحنٍ فَأَغنى / عَن سَماعِ الغِناءِ وَالتَلحينِ
إِنَّ نارَ الحَياءِ في خَدِّ موسى / جَنَّةٌ تُثمِرُ المُنى كُلَّ حينِ
قَسَماً لا أُحِبُّهُ وَأَنا أُق / سِمُ أَنّي حَنَثتُ في ذي اليَمينِ
بَدرُ تَمٍّ لَهُ تَمائِمُ كانَت / وَهيَ بُرءُ الجُنونِ أَصلَ الجُنونِ
لَو رَقاني بِريقِهِ لَشَفى مَك / نونَ هَمّي بِلُؤلُؤٍ مَكنونِ
أَنا في ظُلمَةِ العَجاجِ شُجاعٌ / وَجَبانٌ في نورِ ذاكَ الجَبينِ
كَتَبَ الشَعرُ فيهِ سيناً فَعَوَّذ / تُ بِياسينِ حُسنَ تِلكَ السينِ
أَتَّقي أَعيُنَ الظِباءِ وَلَكِ / نَّ قُلوبَ الآسادِ قَد تَتَّقيني
فَكَأَنّي النُوّارُ يُجنيهِ ظَبيٌ / حينَ لا يَجتَنيهِ لَيثُ العَرينِ
كَم نَهاني عَن حُبِّ موسى أُناسٌ / عَذَلوني فَإِن بَدا عَذَروني
أَكبَروهُ وَلَم تُقَطَّع أَكُفٌّ / بِمُدىً بَل قُلوبُهُم بِجُفونِ
لَيتَني نِلتُ مِنهُ حَظّاً وَأَجلَت / لَيلَةُ الوَصلِ عَن صَباحِ المَنونِ
وَقَرَأنا بابَ المُضافِ عِناقاً / وَحَذَفنا الرَقيبَ كَالتَنوينِ
ضَمانٌ عَلى عَينَيكَ أَنِّيَ عانِ
ضَمانٌ عَلى عَينَيكَ أَنِّيَ عانِ / صَرَفتُ إِلى أَيدي العَناءِ عِناني
وَقَد كُنتُ أَرجو الوَصلَ نَيلَ غَنيمَةٍ / فَحَسبِيَ فيهِ اليَومَ نَيلُ أَمانِ
أَطَعتُ هَوى طَرفي لِحَتفي لَو أَنَّي / غَضَضتُ جُفوني ما عَضَضتُ بَناني
وَمَن لي بِجِسمٍ أَشتَكي مِنهُ بِالضَنى / وَقَلبٍ فَأَشكو مِنهُ بِالخَفَقانِ
وَما عِشتُ حَتّى الآنَ إِلّا لِأَنَّني / خَفيتُ فَلَم يَدرِ الحِمامُ مَكاني
وَلَو أَنَّ عُمري عُمرُ نوحٍ وَبِعتُهُ / بِساعَةِ وَصلٍ مِنكَ قُلتُ كَفاني
وَما ماءُ ذاكَ الثَغرِ عِندي غالِياً / بِماءِ شَبابي وَاِقتِبالِ زَماني
إِذا اليَأسُ ناجى النَفسَ مِنكَ بِلَن وَلا / أَجابَت ظُنوني رُبَّما وَعَساني
خَليلَيَّ عِندي لِلسُلُوِّ بَلادَةٌ / فَإِن شِئتُما عِلمَ الهَوى فَسَلاني
خُذا عَدَداً مَن ماتَ مِن أَوَّلِ الهَوى / فَإِن كانَ فَرداً فَاِحسُباني ثاني
فَإِن قالَ شَخصٌ أَينَ أَعشَقُ عاشِقٍ / تَخَيَّلتُهُ دونَ الأَنامِ عَناني
مَراضِعُ موسى أَو وِصالُ سَمِيَّهِ / نَظيرانِ في التَحريمِ يَشتَبِهانِ
أَقولُ وَقَد طالَ السُهادُ بِذِكرِهِ / وَقَد كَلَّ نَسرُ الشُهبِ بِالطَيَرانِ
وَقَد خَفَقَ البَرقُ الطَروبُ كَأَنَّهُ / حُسامُ شُجاعٍ أَو فُؤادُ جَبانِ
يَشُقُّ حِدادَ اللَيلِ مِنهُ بِراحَةٍ / مُخَضَّبَةٍ أَو دِرعَهُ بِسِنانِ
تَراءى لِعَيني خُلَّباً وَاِنتَجَعتُهُ / فَأَمطَرَني مِن مُقلَتي وَسَقاني
أَشارَ تِجاهي بِالسَلامِ فَلَو دَعا / بِها البَرقُ قَبلي عاشِقاً لَدَعاني
فَبِتُّ بِأَشواقي قَتيلاً وَإِنَّما / نَجيعِيَ دَمعي فاضَ أَحمَرَ قانِ
كَأَنَّ نُجومَ اللَيلِ حَولي مَآتِمٌ / غُرابُ الدُجى ما بَينَهُنَّ نَعاني
خَرَرتُ لِذِكراهُ عَلى التُربِ ساجِداً / فَإِن لاحَ مِن قُربٍ فَكَيفَ تَراني
يَميناً بِديني إِنَّهُ الحُبُّ فيكَ أَو
يَميناً بِديني إِنَّهُ الحُبُّ فيكَ أَو / بِقِبلَةِ نُسكي إِنَّهُ وَجهُكَ الحَسَن
لَحُبُّكَ مِن قَلبي وَإِن سَلَّطَ الضَنى / عَلى جَسَدي أَشفى مِنَ الروحِ لِلبَدَن
فَيا وَطَنَ السُلوانِ وَالعِشقِ غُربَةً / أَلا عَودَةً بِاللَهِ في ذَلِكَ الوَطَن
لَقَد طالَ حَربُ النَومِ فيكَ لِناظِري / أَلا هُدنَةً مِنهُ وَدَعها عَلى دَخَن
يَظُنُّ هَوى موسى بِأَنّي قَتيلُهُ / سَأَجعَلُ نَفسي فيهِ وَاللَهِ حَيثُ ظَنّ
جاهَدتَ في تَمهيدِ حِمصٍ راحِلاً
جاهَدتَ في تَمهيدِ حِمصٍ راحِلاً / عَنها وَزِنتَ فِنائَها فِناءَها
كَالنَجمِ حَلَّ مُحَسِّناً في أُفقِهِ / واِنقَضَّ مِنهُ حامِياً وَمُحَصَّنا
كَالسَيفِ أَغمِدهُ يَكُن لَكَ حِليَةً / أَو لا فَجَرِّدهُ يَكُن لَكَ مَأمَنا
كَالبَيتِ كانَ مِنَ القَصيدَةِ بَيتَها / واِزدادَ حُسناً حينَ جاءَ مُضَمَّنا
كَالغَيثِ في البَلَدِ المُحيلِ أَتى عَلى / حُسنِ الدُعاءِ وَسارَ عَن حُسنِ الثَنا
وَلَقَد تَهادَتكَ البِلادُ فَأَنتَ رَي / حانٌ هُناكَ وَأَنتَ نُوّارٌ هُنا
باراكَ قَومٌ في العُلا وَلِعِلَّةٍ / عَزَّ الجُمانُ إِذا الَحَصى لا يُقتَنى
زُجُّ القَناةِ مُشابِهٌ لِسِنانِها / حَتّى يَهُمَّ مُحارِبٌ أَن يُطعَنا
دَع مَن يُنازِعُكَ الغَناءَ فَإِنَّهُ / خَرِسٌ يُنازِعُ مَعبَداً حُسنَ الغِنا
وَلازَوَردٍ باهِرٍ نورُهُ
وَلازَوَردٍ باهِرٍ نورُهُ / مُستَظرَفِ الأَوصافِ مُستَحسَنِ
كَأَنَّهُ مِن حُسنِ مَرآهُ قَد / ذابَت عَلَيهِ زُرقَةُ الأَعيُنِ
لي صاحِبٌ تَرَكَ النِساءَ تَظَرُّفاً
لي صاحِبٌ تَرَكَ النِساءَ تَظَرُّفاً / مِنهُ وَمالَ إِلى هَوى الغِلمانِ
فَعَذَلتُهُ يَوماً وَقَد أَبصَرتُهُ / يُعنى بِقَودِ فُلانَةٍ لِفُلانِ
فَأَجابَني إِنَّ اللُواطَ إِذا عَتا / قَد بَنثَني قَوداً عَلى النِسوانِ
لا تَركَنَنَّ مَعَ الذُنوبِ لِعِزَّةٍ
لا تَركَنَنَّ مَعَ الذُنوبِ لِعِزَّةٍ / إِنَّ المُريبَ بِذُعرِهِ مُتَكَفِّنُ
الصَبرُ عَمّا أَشتَهيهِ أَخَفُّ مِن / صَبري لِما لا أَشتَهيهِ وَأَهوَنُ
أَشَمسٌ في غِلالَةِ أُرجُوانِ
أَشَمسٌ في غِلالَةِ أُرجُوانِ / وَبَدرٌ طالِعٌ في غُصنِ بانِ
وَثَغرٌ ما أَرى أَم نَظمُ دُرٍّ / وَلَحظٌ ما حَوى أَم صارِمانِ
وَخَدٌّ فيهِ تُفّاحٌ وَوَردٌ / عَلَيهِ مِنَ العَقارِبِ حارِسانِ
وَيَعذُلُني العَواذِلُ فيهِ جَهلاً / عَزيزٌ ما يَقولُ العاذِلانِ
فَقالوا عَبدُ موسى قُلتُ حَقّاً / فَقالوا كَيفَ ذا قُلتُ اِشتَراني
فَقالوا هَل عَلَيكَ بِذا ظَهيرٌ / فَقُلتُ نَعَم عَلَيَّ وَشاهِدانِ
فَقالوا هَل رَضيتَ تَكونُ عَبداً / لَقَد عَرَّضتَ نَفسَكَ لِلهَوانِ
فَقُلتُ نَعَم أَنا عَبدٌ ذَليلٌ / لِمَن أَهوى فَخَلّوني وَشاني
بِنَفسي مَن يُفَدّيني بِنَفسٍ / جُعِلتُ فِداهُ لَمّا أَن فَداني
سَأَلتُكَ حاجَةً إِن تَقضِها لي / فَقالَ نَعَم قَضَيتُ وَحاجَتانِ
فَقُلتُ أَشَمُّ مِن خَدَّيكَ وَرداً / فَقالَ وَما تَضُمُّ الوَجنَتانِ
فَقُلتُ أَخافَ صُدغَكَ أَن يَراني / وَما أَنا مِن لِحاظِكَ في أَمانِ
فَقالَ أَعاشِقٌ وَيَخافُ رَمياً / جَبُنتَ وَما عَهِدتُكَ بِالجَبانِ
كَذاكَ الصَبُّ يَعذِرُ كُلَّ صَبٍّ / تَحَكَّم ما تَشاءُ وَفي ضَماني
فَكانَ تَحَكُّماً لا وِزرَ فيهِ / أَيَكتُبُهُ عَلَيَّ الكاتِبانِ
أَديرا الراحَ وَيحَكُما سُلافاً / فَإِن دارَت عَلَيَّ فَعاطِياني
دَنِفٌ قَضى عِزُّ الجَمالِ بِهونِهِ
دَنِفٌ قَضى عِزُّ الجَمالِ بِهونِهِ / فَقَضى أَسىً قَبلَ اِقتِضاء دُيونِهِ
وَأَغَرَّ تَتلو الفَجرَ غُرَّتُهُ كَما / تَتلو لِقَلبي فاطِراً بِجُفونِهِ
هُوَ لِلغَرابَةِ في الجَمالِ عَرابَةٌ / أَخَذَ المَحاسِنَ رايَةً بِيَمينِهِ
حَلَّيتُ شِعري مِن بَديعِ صِفاتِهِ / بِطَلاوَةٍ تُغنيهِ عَن تَلحينِهِ
في خَدِّ موسى نَقطُ خالٍ رائِقٍ / نَورُ العِذارِ مُحَلَّأٌ مِن نونِهِ
فَتَرى صَحيفَةَ كاتِبٍ مُتَماجِنٍ / قَد خَطَّ قَبلَ النونِ نُقطَةَ نونِهِ
يَجري بِفيِهِ كَوثَرٌ في جَوهَرٍ / أَرخَصتُ جَوهَرَ أَدمُعي لِثَمينِهِ
آهاً لِلُؤلُؤِ ثَغرِهِ هَل يَشتَفي / مَكنونُ ذاكَ الشَوقِ مِن مَكنونِهِ
إِن رُمتُ مِنهُ الوَصلَ فِعلاً حاضِراً / أَومَت لِلاِستِئنافِ سينُ جَبينِهِ
بِأَبي جُفونُ مُعَذِّبي وَجُفوني
بِأَبي جُفونُ مُعَذِّبي وَجُفوني / فَهِيَ الَّتي جَلَبَت إِلَيَّ مَنوني
ما كُنتُ أَحسَبُ أَنَّ جَفني قَبلَها / يَقتادُني مِن نَظرَةٍ لِفُتونِ
يا قاتَلَ اللَهُ العُيونَ لِأَنَّها / حَكَمَت عَلَينا بِالهَوى وَالهونِ
وَلَقَد كَتَمتُ الحُبَّ بَينَ جَوانِحي / حَتّى تَكَلَّمَ في دُموعِ شُؤوني
هَيهاتَ لا تَخفى عَلاماتُ الهَوى / كادَ المُريبُ بِأَن يَقولَ خُذوني
وَبِمُهجَتي أَلحاظُ ظَبيَةِ وَجرَةٍ / حُرّاسُ مَسكِنِها أُسودُ عَرينِ
سَدّوا عَلَيَّ الطُرقَ خَوفَ طَريقِهِم / فَالطَيفُ لا يَسري عَلى تَأمينِ
أَوَما كَفاهُم مَنعُهُم حَتّى رَمَوا / مِنها مُبَرَّأَةً بِرَجمِ ظُنونِ
وَتَوَهَّموا أَن قَد تَعاطَت قَهوَةً / لَمّا رَأَوها تَنثَني مِن لينِ
وَاِستَفهِموها مَن سَقاكِ وَما دَرَوا / ما اِستودِعَت مِن مَبسِمٍ وَجُفونِ
وَمِنَ العَجائِبِ أَنَّهُم قَد عَرَّضوا / بي لِلفُتونِ وَبَعدَهُ عَذَلوني
خَدَعوا فُؤادي بِالوِصالِ وَعِندَما / شَبّوا الهَوى في أَضلُعي هَجَروني
لَو لَم يُريدوا قَتلَتي لَم يُطعِموا / في القُربِ قَلبَ مُتَيَّمٍ مَفتونِ
لَم يَرحَموني حينَ حانَ فِراقُهُم / ما ضَرَّهُم لَو أَنَّهُم رَحَموني
وَمِنَ العَجائِبِ أَن تَعَجَّبَ عاذِلي / مِن أَن يَطولَ تَشَوُّقي وَحَنيني
يا عاذِلي ذَرني وَقَلبي وَالهَوى / أَأَعَرتَني قَلباً لِحَملِ شُجوني
يا ظَبيَةً تَلوي دُيوني في الهَوى / كَيفَ السَبيلُ إِلى اِقتِضاءِ دُيوني
بَيني وَبَينَكِ حينَ تَأخُذُ ثَأرَها / مَرضى قُلوبٍ مِن مِراضِ جُفونِ
ما كانَ ضَرَّكِ يا شَقيقَةَ مُهجَتي / أَن لَو بَعَثتِ تَحِيَّةً تُحيِيني
زَكّي جَمالاً أَنتِ فيهِ غَنِيَّةٌ / وَتَصَدَّقي مِنهُ عَلى المِسكينِ
مُنّي عَلَيَّ وَلَو بِطَيفٍ طارِقٍ / ما قَلَّ يَكثُرُ مِن نَوالِ ضَنينِ
ما كُنتُ أَحسَبُ قَبلَ حُبِّكِ أَن أَرى / في غَيرِ دارِ الخُلدِ حورَ العينِ
قَسَماً بِحُسنِكِ ما بَصُرتُ بِمِثلِهِ / في العالَمينَ شَهادَةً بِيَمينِ
قَد كَتَبَ الحُسنُ عَلى خَدِّهِ
قَد كَتَبَ الحُسنُ عَلى خَدِّهِ / إِنّا فَتَحنا لَكَ فَتحاً مُبين
يا قَلبُ إِن مِلتَ إِلى غَيرِهِ / ما أَنتَ إِلّا في ضَلالٍ مُبين
قُل لِمَن أَسهَرَ بِالعَينِ الجُفون
قُل لِمَن أَسهَرَ بِالعَينِ الجُفون / مِثلُكَ التَصبارُ عَنهُ لا يَكون
خَفَقَ النَهرُ بِحِمصٍ بَعدَما / بِنتَ وَالطَيرُ بَدَت مِنها شُجون
وَاللَيالي بَعدَما كُنّا بِها / في نَهارٍ أُلبِسَت داجي الدُجون
يا أَخا الفَضلِ وَيا رَبَّ العُلا / وَالمَعاني الغُرِّ في تِلكَ الفُنون
أَينَ عَيشي بِكَ في ظِلِّ المُنى / في فُنونٍ دائِماتٍ وَفُتون
بِخَليجٍ لَم نَزَل نُجري بِهِ / قَصَبَ السَبقِ بِغاياتِ المُجون
حَيثُ مَدَّ النَهرُ مِنهُ مِعصَماً / يَتَمَنّى لَثمَهُ زَهرُ الغُصون
وَجَرى الظِلُّ عَلَيهِ سَجسَجاً / مِثلَما أَبصَرتَ كُحلاً في العُيون
أَتَرى الخَضراءَ تُنسي مِثلَهُ / رَجَّمَ الإِخوانُ في هَذا الظُنون
يَنقَضي العامُ وَيَتلو آخَرٌ / وَالنَوى لا تَنقَضي هَذا جُنون
إِن أَساءَ الخِلُّ مِنهُ أَدَباً / فَبِفِرطِ الشَوقِ وَالوَجدِ يَهون
مالي عَلى الشَوقِ مُعين
مالي عَلى الشَوقِ مُعين /
إِلّا حَيا الدَمعِ المَعين /
الحُبُّ لي دُنيا وَدين /
قَلبي مِنَ الصَبرِ بَري / دَع جَسَدي لِلضَنى
وَمُقلَتي لِلسَهَرِ /
غُصنٌ إِذا مالَ اِستَمال /
وَفَوقَ ذاكَ الخَدِّ خال /
قَد كَتَبَت كَفُّ الجَمال /
هُناكَ صُحفَ العِبَرِ / فَخَطَّتِ الفِتَنا
وَنَقَّطَت بِالعَنبَرِ /
لامو فَلَمّا أَن بَدا /
قالوا وَخَرّوا سُجَّدا /
دَعوا المُبَلّى لِلرَدى /
فَهوَ بِما يَلقى حَري / وَاللَهِ ما فَتَنا
إِلّا بِأَبهى مَنظَرِ /
مُقَسَّمٌ بَينَ الظُنون /
دامي البَنانِ وَالجُفون /
قَد طَمَعَت فيهِ المَنون /
صَبٌّ شَقِيَ بِالنَظَرِ / ماحَظُّهُ في المُنى
إِلّا عِتابَ القَدَرِ /
ياحُجَّةَ السِحرِ المُبين /
وَآفَةَ العَقلِ الرَصين /
لَحظُكَ ذو بَأسٍ وَلين /
أَراكَ كَالمُعتَذِرِ / بِاللينِ عَمّا جَنى
عَلى قُلوبِ البَشَرِ /
ياصَبرِيَ اِذهَب بِسَلام /
أَنا المُعَنّى وَالسَلام /
غَنيتُ إِذ شاعَ الغَرام /
حُبّي لِموسى قَد دُري / يَقولُ عاشِقٌ أَنا
هَذا الخَبَرُ خَبَراً طَري /
يا ناصِحاً رامَ أَن يَقيني كَلّا
يا ناصِحاً رامَ أَن يَقيني كَلّا / لَن أُقتَلا إِفكا مِنَ العَدلِ أَن تَقيني
وَجدٌ بِهِ القَلبُ ذو اِرتِماضِ / ماضِ هَل مِن مَزيد
يا وَجدُ كُن دائِمَ التَقاضي / قاضِ بِما تُريد
إِنّي عَنِ الأَعيُنِ المَراضِ / راضِ فاِسقِ العَميد
مِن مُقلَتي ساحِرٍ مُبينِ عَلّا / مُعَلَّلاً لاحَدَّ في سَكرَةِ الجُفونِ
هَواكَ يا فِتنَةَ الأَنامِ / نامِ وَالصَبرُ زور
أَتَيتَ مُستَبعَدَ المَرامِ / رامِ سَهمَ الفُتور
وَجِئتَ بِالسِحرِ في اِنتِظامِ / ظامِ إِلى الصُدور
الزَهرُ فيكَ عَلى الجَبينِ يُتلى / مُفَصَّلاً خُذ رايَةَ الحُسنِ بِاليَمينِ
إِنَّ فُؤاداً بِكَ اِستَجارا / جارا فيهِ الوَجيب
إِن كَتَمَ الشَوقَ وَالأَوارا / وارى شَيئاً عَجيب
أَو ذَكَرَ الهَجرَ وَالنَفارا / فارا دَمعٌ سَكيب
سَقى بِهِ رَوضَةَ الفُتونِ وَبلا / مُستَرسِلا فَيَنبُتُ الشَوقَ كُلَّ حينِ
جُرحُكَ قَد راحَ في العِبادِ / بادِ بِلا قَصاص
إِن دُمتَ بِالتيهِ وَالمِعادِ / عادِ وَلا مَناص
صُحتُ بِعَينَيكَ ذا اِجتِهادِ / هادِ إِلى الخَلاص
وَلا تَأمَنوا فاتِرَ العُيونِ أَصلا / أَن يُقتَلا فَالرُمحُ ذو شِدَّةٍ وَلينِ
ريمٌ رَمى القَلبَ عَن كَناسِ / ناسِ إِلّا المَطال
صَلني وَكُن ياقَضيبَ آسِ / آسي داءَ الخَبال
ما صَحَّ بِالنَصِّ وَالقِياسِ / ياسي مِنَ الوِصال
وَبِاللَهِ يا خَي إِن لَم تَجيني بِاللَهِ / وَقُلتَ لا وَإِن حَنَثَت إِلّا في يَميني
أَعلامُهُ السودُ إِعلامٌ بِسُؤدُدِهِ
أَعلامُهُ السودُ إِعلامٌ بِسُؤدُدِهِ / كَأَنَّها فَوقَ خَدِّ المَلِكِ خيلانُ
أقُولُ وقَد طَال السُّهَادُ بِذِكرِهِ
أقُولُ وقَد طَال السُّهَادُ بِذِكرِهِ / وقَد هَمَّ نِسرُ الشُّهبِ بِالطَّيَرانِ
وقَد خَفَق البَرقُ الضَّرُوبُ كَأنَّهُ / حُسَامُ شُجَاعٍ أو فُؤادُ جَبَانِ
يَشُقُّ حِداد اللَّيلِ مِنهُ بِراحَةٍ / مُخَضَّبَةٍ أو دِرعَهُ بِسِنَانِ
أشَار تجاهي بِالسَّلامِ فَأودعَا / سَنَا البَرقِ قَلباً عاشقا لَهُ عَانِي
تَراءى لِعَينِي خَدُّهُ فَانبَرت لَهُ / بِدمعٍ جَرَى مِن مُقلَتِي فَشَفَانِي
فَبِتُّ بِأشواقِي قَتِيلاً وإنَّمَا / ضجِيعِي دمعِي فَاض أحمَر قَانِي
كَأنَّ نُجُوم الزَّهرِ حَولِي مَآتِمٌ / غُرابُ الدُّجَى مَا بَينَهُنَّ نَعَانِي
خَرَرتُ لِذِكراهُم عَلَى البُعدِ سَاجِداً / فَإن لاح مِن قُربٍ فَكَيف تَرانِي
جَرى مِن جُفُونِي مَا أذاب أجفَانِي
جَرى مِن جُفُونِي مَا أذاب أجفَانِي / وشَبَّت بِأحشَائي لَواعِجُ نِيرانِي
عَلَى فَقد خِلّ كَان رُوحِي وراحَتِي / وروحِي وريحَانِي ونَاظِر إنسَانِي
حَبِيب مَضى صَبرِي عَلَيهِ وكَيف لي / بِصبرٍ عَلَى ذاك الحَبِيبِ وسُلوانِ
كَأنَّ دُمُوع العَينِ مِنِّي لَفَقدِهِ / عَلَى أمَد الأيَّامِ تَجرِي بِطُوفَانِ
فَمَا دفَنُوا عُثمَان حَتَّى لِدفنِهِم / دفَنتُ مَسَرَّاتِي وَأحيَيتُ أحزانِي
فَإن غَيَّبُوا فِي التُّربِ عَادِل قَدّه / فَقَد غَيَّبُوا بَدراً وغُصناً من البَانِ
لَقَد مَات فِي بَحرٍ تَعَاظَم مَوجُهُ / فَمتُّ بِه فِي بَحرِ دمعِي وأشحَانِي
هُو الدُّرُّ غَار الدَّهرُ عَنهُ فَردَّهُ / لِمَعدنِهِ إذ مَالَهُ عِندهُ ثَانِ
عَلَيهِ اصطِبَارِي واقِعٌ بَعد فَقدِهِ / وكَم لِعَلِيّ وَقعَة بَعد عُثمَانِ
عَلَيهِ مِن المَولَى سَحَائِبُ رحمَةٍ / تَرُوحُ وتَغدُو كُلَّ يَومٍ بِهَتَّانِ