المجموع : 4
لمن الرُسوم بعرصة البَردان
لمن الرُسوم بعرصة البَردان / أَقوت غُداةَ تَرَحُّلِ الأَظعانِ
هَل دارُ علوةَ إِن سأَلتَ مُجيبَةٌ / أَو هَل يُجيبك غَيرَ ذاتِ لِسانِ
دِمَن عَفَينَ فَأَصبَحت غُربانها / يردين بَينَ مَنازِلِ الضِيفانِ
وَلَقَد يُقيم الضَيف فيها مُكرماً / ما شاءَ بَينَ غَلائقِ وَجِفانِ
طرقتك علوة بِالعِراق وَأَهلها / ما بَينَ تَثليث إِلى نُجرانِ
أَنّي اِهتَدَت لك بَينَ شَعث قَد رَمَت / بِهِم البلاد نَوائِب الحَدَثانِ
متوسِّدينَ ذِراع كل مَطيَّةٍ / عَجفاء مثل حنيَّةِ الشُريانِ
طرقت وَفي جَفني وَجَفن مُهَنَّدي / وَهناً غِراراً رقدة وَيَماني
في بَدَّن مِثلَ البُدور لَتمِّمها / يَسلُبُننا بِنَواظِر الغُزلانِ
يَنضاع مِنهُنَّ العَبير كَأَنَّما / يَحمِلنَ فأر المِسك في الأَردانِ
وَبَسمنَ عَن بَردٍ هَمَمتُ بِرَشفه / لَولا الحَياءُ وَخشية الرَحمَنِ
يُرخِصنَ في النَومِ الوِصال وَطالَما / أَغلَينَ صَفقته عَلى اليَقظانِ
ثُمَّ اِنتَبَهَت وَما رَأَيتُ يَمانِياً / إِلّا سُهَيلاً دائِم الخَفَقانِ
فَدَعَوتُ أَصحابي فَقامَ أَخفَّهم / نَوماً يَميلُ تَمايل السَكرانِ
ثُمَّ اِستَوَيت عَلى غلالة بازِلٍ / طاوٍ كَقَوسِ النابِلِ المرنانِ
تَكبو بِأَعناق الرِكابِ وكلها / ملقٍ لِفَرطِ كَلالِهِ بِجِرانِ
وَلَقَد شَجاكَ الظاعِنونَ وَلَم تَزَل / يَشجو فؤادك باكِر الإِظعانِ
رَحَلوا غداة البَينِ كل شِملَّةٍ / عَيرانَةٍ وَشَمردَلٍ عَيرانِ
رَعَت الحَميم فآض فَوقَ ظُهورُها / مِن نيهِنَّ كهبّة الرُكبانِ
عاجلننا بفراقهنَّ فُجاءَةَ / قَبلَ الصَباحِ وَناعب الغُربانِ
وَسفحن لِلبين المَدامِع فاِلتَقى / دُرّانِ درُّ مَدامِعٍ وَجُمانِ
الآن تَسأل دارِهِم عَن أَهلِها / أَو هَل تُجيبك غَيرَ ذاتِ لِسانِ
لَم يَبقُ فيها غير شُعث جُثَّم / قَد قُلِّدَت قِطعاً مِنَ الأَرسانِ
وَلَقَد عَهَدتُ بِهِنَّ مأوى خائِف / وَأَمان مَحروبٍ وَجَنَّة جاني
يا عَلو إِن جار الزَمان بِحُكمِهِ / فينا وَكل اثنين يَفتَرِقانِ
فاِستَبدِلي بي إِن رَغِبتِ مشيّعاً / لَبِقاً بِضَربِ جَماجِمِ الأَقرانِ
لا تَجعَلي مثلاً كَراعي ثُلَّة / يَبتاع عَيراً ناهِقاً بِحِصانِ
أَو كامرىءٍ يَوماً أَراقَ سِقاءَه / لِبَريق آلٍ كاذِبِ اللَمَعانِ
يَلحظه ماء ثم يُخلِف ظَنَّهُ / وَكَذا السَراب خَديعة الظَمآنِ
ما كانَ ضَرَّك لَو مَنَنتِ بِمَوعِدٍ / وَشَفعتِ هَذا الحُسنَ بالإِحسانِ
وَكتمت حُبَّك وَهوَ نارٌ مِثلما / كتم الزِناد ثَواقِبَ النِيرانِ
إِنّي إِذا نبذ المُحِبُّ عِنانَهُ / بِيَدِ الحَبيبِ قبضت ثني عِناني
تَبّاً لِقَلبٍ لَيسَ فيهِ مَوضِعٌ / إِلّا لِحُبِّ فُلانَةٍ وَفُلانِ
وَإِذا الفَتى أَلفَ الهَوان فَنَبِّني / ما الفَرقُ بَينَ الكَلبِ وَالإِنسانِ
مَوتُ الذَليل كَعَيشِهِ وَيَد الفَتى / شَلّاء أَو مَقطوعَة سِيّانِ
فَلَئِن سَلمت لأَقضينَّ لبانَتي / بذميل كل شملَّةٍ مِذعانِ
أَرمي الفِجاجِ بِها لأَلقيَ رحلها / في حَيث تُلقى أَرحلُ الفِتيانِ
وَلَئِن سَلِمتُ وَساعدتني عنسل / وَجناء قَد نَحلت من السَريانِ
لأصادفنَّ العَيشَ بَعدَ رويَّةٍ / تَحبو وَمسألة لِغَير أَوانِ
عِندَ الأَميرِ غَريب بن مُحَمَّدٍ / ملك المُلوكِ وَفارِسُ الفِرسانِ
مَلِكٌ يَطوفُ المعتفون بِبابِهِ / كَطوافهم بِالبَيت ذي الأَركانِ
طلق يَلوح عَلى أَسِرَّةِ وَجهِهِ / نور الهُدى وَسَكينَة الإِيمانِ
وَيُبَشِر العافين بشر حَبيبه / بِالنُجح قَبلَ تَصافُحٍ وَتَداني
ينبيك عنه وَلَو تنكَّر بشره / مثل الفرند بصفح كل يَماني
أَلقى الإِلَه عَلَيه مِنهُ مَحَبَّةً / فَتَراهُ مَحبوباً بِكُلِّ جَنانِ
مُتَواضِعاً لِلَّهِ جَلَّ وَلَو يَشا / صَقَعَ المُلوك لَهُ عَلى الأَذقانِ
ملك يهين النَفسَ في يَوم الوغى / وَهوانها في الحَربِ غَيرَ هَوانِ
فَيَمينه لِلمشرفيَّةِ وَالنَدى / وَجَبينه لِلبيض وَالتُيجانِ
ما إِن حَسِبتُ الخَيلَ تألَف ضَيغماً / حَتّى تَبَدّى فَوقَ ظَهرِ حِصانِ
وَإِذا اِنتَضى قَلَماً رأَيت بكتبه / نار العداة وَجَنَّةِ الأُخوانِ
قَلَماً إِذا كانَ الكَلامُ صَريره / نابت نَواطره عَن الآذانِ
عَجَباً لَهُ إِذ يَستَقر بِكَفِّهِ / وَبحارها تَجري بِكُلِّ بَنانِ
سَهمٌ إِذا ما راشه بِبَنانِهِ / وَرَمى أَصابَ مُقاتِل الأَقرانِ
صِلٌّ بخلقته المَنايا وَالمُنى / كالسُّمِّ وَالدَرياق في الثُعبانِ
أَعدته كفكَ بِالبَلاغَةِ وَالنُهى / وَالجودِ وَالآدابِ وَالتِبيانِ
يُنبيك عَمّا في القُلوبِ كَأَنَّما / جُعِلَ المداد سواد كل جِنانِ
قَلَماً إِذا رَشَحته كفَّكَ كاتِباً / أَزرى بِمَنطِقِهِ عَلى سحبان
بَيني وَبَينَكَ لِلفخار قَرابة / في العِلمِ لا الأَباءِ وَالبُلدانِ
رُضَعاء علم واحِد وَرضاعة / الآداب قَبلَ رِضاعَة الأَلبانِ
فاِمنُن بِمالِك أَو بِجاهِكَ أَو هُما / مال الكَريمِ وَجاهُهُ مِثلانِ
فالبَدرُ يَحمد في الضِياءِ وَإِنَّما / قالوا تكسَّب مِن مُنيرٍ ثاني
جُبِلَ الأَنامُ عَلى الخِلافِ وَلا أَرى / في جودِهِ رَجُلَينِ يَختَلِفانِ
يَهتَزُّ لِلمَعروف وَهوَ سَجيَّة / لِلأَكرَمين كَهِزَّة النَشوانِ
لِلَّهِ دَرُّ يَد الخُطوبِ فَإِنَّها / صَدأ اللِئامِ وَصَيقل الفِتيانِ
جَرَّدنَ منك أَبا سنان صارِماً / في كُلِّ ناحيَةٍ لَهُ حدانِ
كَاللَيثِ إِلّا أَنَّ جارك آمن / وَاللَيثُ لَيسَ بآمنِ الجيرانِ
فاِسلم وَإِن رغِمَ الحَسود مُخَلِداً / أَبَداً لِيَومي تائِل وَطِعانِ
يا رَب جَيش قَد كَفَفتِ بِمِثلِهِ / وَالخَيل تعثر في النَجيع الآني
بِشَوازِبٍ فيهِ كَأَنَّ فروجها / أَبواب خاليَةٍ من السُكّانِ
وَمُعرِّضٍ دونَ الكَتيبَة نَفسه / لِلمَوتِ بَينَ مثقَّفٍ وَسِنانِ
أَوجرته نَجلاء تَنضح بِالدما / نَضحاً كَجَيب الثاكِلِ المَرِنانِ
وَعِصابة مال الكرى بِرؤوسِهِم / مَيل الصَبا بِذَوائِبِ الأَغصانِ
سَفع الهَجيرُ جِباهَهم وَخُدودهم / فَكَأَنَّما يَطلين بِالقُطرانِ
مِن كُلِّ أَشعَثٍ ضَمَّ في أَقطارِهِ / لَيل عَلَيهِ بِحاصِب شَفّانِ
يَعوي لِتَنَبحه الكِلاب كَما عَوى / ذيب بِأَعلى قُلَّة الصَمّانِ
نادته نارِك وَهيَ غَيرَ فَصيحَةٍ / وَهناً بِخَفق ذَوائِبِ النِيرانِ
فَهَوى بصحبته لَدَيكَ وَأَدرَكوا / مِنكَ المُنى وَعَطا يَديكَ أَمانِ
وَغَدوا عَبيدك بِالجَميل وَإِنَّما / يُستعيدُ الأَحرارُ بِالإِحسانِ
كَم معشر أَوليتهم فَمَلكتهم / نعماً بِها شادوا بِكُلِّ مَكانِ
شَكَروا وَجَلّوا بِالثَناءِ وَحَمَّلوا / فَوقَ الَّذينَ مَلكَت بِالأَيمانِ
أَنسَيتَنا كعب بِن مامَةَ وَالفَتى / مَعَن بن زائِدَةٍ أَخا شَيبانِ
وَتركت حاتِم تابِعاً لك مثلما / تَبع الثُريّا كَوكَبَ الدَبرانِ
يَشري الثَناءِ بِما غَلا وَلَو أَنَّهُ / في مَنزل مِن دونِهِ القَمَرانِ
متيقناً أَنَّ الثَناءَ مخلد / بآقٍ وَأَنَّ المال شَيءٌ فاني
أَو هَل يباريك السَحاب وَجوده / ماء وجود يَديك بالعِقبانِ
بَل كَيفَ تجدب بلدة تَجري بِها / وَيَداكَ في أَرجائِها بَحرانِ
وَالدَهر عَينٌ أَنتَ إِنسانٌ لَها / لا خَيرَ في عَينٍ بلا إِنسانِ
ظَنّي بِكَ الحُسنى فَإِن أَوليتها / فليشكرنَّكَ ما بَقيت لِساني
حَيَيتُما من دمنتي طَلينِ
حَيَيتُما من دمنتي طَلينِ / عطلين موحشتين مقفرتينِ
عفّى عراصهما عَلى طول البلى / نوء الرَشا وَبَوارح الفرعَينِ
وَمَحاهما مِن آلِ محوة وَالصَبا / أَذيال غاديتين رائِحتينِ
وَكأَنَّما أَبقين من رسميهما / طِرسَين مِن أَثوابِ ذي القرنَينِ
يا مَن رأى ظعن الخَليط كَأَنَّها / نَخل الرُبا أَو دوم ذي الحَدَقَينِ
يقطنَ بِالأَحداجِ بطن مقضب / قَلَتِ الرُبا وَمَشارِق الجَبَلَينِ
مِن كُلِّ أَلباب الرِجالِ كَأَنَّما / صِفر الحَشا سَحّارَة العَينَينِ
تَصطادُ أَلباب الرِجالِ كَأَنَّما / تَرمي بِبَعض عَزائِمِ المَلَكَينِ
وَكأَنَّ مبسمها وَلؤلؤ عقدها / دُرَّين مؤتَلِفَين مُنتَظِمَينِ
وَإِذا مَشَت قطف الخُطى فَكَأَنَّها / ملكُ الخَورَنَقِ ماسَ في بُردَينِ
تَزهو عَلى القَمَرِ المُنير بِوَجهِها / وَتَتيهُ من حُسنِ عَلى الثقلينِ
فَبِنَرجَسِ العَينَينِ سِحر إِن رَنَت / أَو أَسفَرَت فَشَقائق الخَدَّيَنِ
وَلَها سِلاحٌ لا يَضُرُّ دُنوّه / وَالبُعدُ منه جالِبٌ لِلحَينِ
لَحَظاتٌ طرفٍ كالسُيوفِ جُفونُها / أَجفانُها وَفَصيلتا نَهدَينِ
وَلَها قوام ما رأَيت مِثاله / تَهتَزُّ فيهِ كاِهتِزار رُدَيني
رَيّانَة الخِلخالِ ظامئة الحَشا / هُركولة خُرعوبة الساقَينِ
رَيّا العِظام نَديَّة أَعطافها / رَخصُ البَنانِ دَقيقة الخَصرَينِ
قَد كانَ لي عَيش بِهِنَّ فَخانَهُ / صرف النَوى وَتَقَلُّبِ العَصَرَيِ
أَيام لَم يَرُعِ المُحِّبينَ النَوى / عَنّا وَلضم يَنعق غراب البَينِ
قالَت بُريهَة إِذ شجتها رِحلَتي / وَرَنَت بِناظرتين باكِيَتَين
فَكأَنَّ أَدمُعَها وَلَفظ عِتابِها / دَرَّين مفترقين مُنتَثِرَينِ
أَنّى تُريدُ تَرَحُّلاً عَن أَرضِنا / نَفديك بالأَبَوَينِ وَالأَخَوَينِ
فَأَجبتها صَبراً فَإِنّي ناهِض / عَنكِ الغُداةَ صَبيحَةِ الإِثنَينِ
وَلأقتُلَنَّ العُدمَ قتلةَ ثائِرٍ / بِالجودِ من نَفحاتِ كَفِّ حُسَينِ
الماجِدِ ابنِ أَبي هِشام ذي النَدى / مَحض الفَخارِ مُهَذَّبِ الجَدَّينِ
وَرِث المَعالي عَن أَبيهِ وَجَدِّهِ / فَنَشا بِمَجدٍ معلم الطَرفَينِ
بَيت السَماحِ جَماهِريٌّ مجده / تَعلو بِهِ يَمَنٌ عَلى النَجمَينِ
يُغضي لَهيبته الزَمان إِذا اِنتَضى / عَضَبُ المَنابِرِ باتِر الحَدَّينِ
مُتَقَلدٌ من رأيِهِ وَحُسامِهِ / سيفين قَد نيطا إِلى كَتِفَينِ
نِعَمٌ تُباحُ لِراغِبٍ أَو راهِبٍ / جَمُّ المَواهِبِ باسِطِ الكَفَّينِ
حازَ الفخار بِجِدِّهِ وَبِجَدِّهِ / فَهوَ المفضَّلُ كامِل الشَرفَينِ
يا أَيُّها المولى الأَجَلُّ ومن لَهُ / هِمَمٌ تَجاوَزَ مطلع القَمَرَينِ
ما أَنتَ فاعِلٌ الغُداةَ بِشاعِرٍ / رَثِّ الثِيابِ مشعَّثِ القَدَمَينِ
قَد طافَ في طَلَبِ العُلى وادي القُرى / وَالعز من عَدَنٍ إِلى السِرينِ
وَإِلى عُمانَ وَفارِس ثُمَّ اِنتَحى / بِالرَيّش نَحوَ جَزيرَة البَحرَينِ
وَأَقامَ في شيرازَ سَبعَةَ أَشهُرِ / وَأَناب مِن كُلِّ بِخُفِّ حُنَينِ
وَأَنا عَلى الأَيّامِ أَعتَبُ عاتِبٍ / وَبذاك يَقضي بينهنَّ وَبَيني
لا زلت في رُتَبِ المَعالي ساحِباً / ذَيلَ المَكارِمِ مُسبَل الكُمَّينِ
ما نَوَّر الأَصباحَ جِلبابَ الدُجى / وَتَجاوبا طيران في غُصنَينِ
قُل لِلَّذي وَردُ خَدِّهِ القاني
قُل لِلَّذي وَردُ خَدِّهِ القاني / في لَجِّ بَحرِ الغَرامِ أَلقاني
ما نِلتُ من ثغر ريقَك الهاني / عَن ثَغرِ الأَنامِ أَلهاني
قالوا قُتلت بِصارِمٍ من طَرفِهِ
قالوا قُتلت بِصارِمٍ من طَرفِهِ / فيما زَعمت وَما نَراهُ بَقاني
فَأَجَبتُ خير البيض ما سَبَقَ الدِما / فَمَضى وَلَم يَتَخَضَّب القُربانِ