المجموع : 5
وَما أَلانَ قَناتِي غَمْزُ حادِثةٍ
وَما أَلانَ قَناتِي غَمْزُ حادِثةٍ / ولا اسْتَخَفَّ بحِلْمِي قَطُّ إِنْسَانُ
أَمْضِي على الهوْل قدْما لا ينهنِهني / وأَنثنِي لسفِيهي وهْو حرْدانُ
ولا أُقارِض جُهالا بِجهلِهِم / والأَمْر أَمْرِي والأَيام أَعْوانُ
أُهِيب بالصبْرِ والشحْناءُ ثائِرة / وأَكظِم الغيْظ والأَحْقاد نيرانُ
وَما لِسانِيَ عِند القوْمِ ذو ملقٍ / ولا مقالِي إِذا ما قلت إِدْهانُ
ولا أَفوه بغيْرِ الحق خوْف أخِي / وإِنْ تأَخر عني وهْوَ غضبانُ
ولا أَمِيل على خِلي فآكله / إِذا غرِثت وبعْض الناسِ ذؤبانُ
وَدَّ الفتى منهم لو متَّ مِن يدِهِ / وأَنه منك ضخم الجوْفِ مَلآنُ
إِن الفتوة فاعْلمْ حَدُّ مطلبِها / عِرْض نَقِيٌّ ونطق فيه تِبْيانُ
بالعِلمِ يفخر يوْم الحفلِ حامِلُه / وبالعفافِ غداة الجمْعِ يزدانُ
إِن الكرِيمَ إِذا نالته مَخْمَصَةٌ / أَبْدى إِلى الناسِ شِبْعاً وَهْوَ طَيَّانُ
يحْنِي الضلوعَ على مِثلِ اللظى حُرَقاً / والوجْه غَمْرٌ بماءِ البِشْرِ ملآنُ
أَقلُّ كُلِّ قَلِيلٍ خِلُّ ذِي أَدَب / بَيْنَ الوَرَى وأَقلُّ النَّاس إِخْوَانُ
وَما وَجَدْتُ أَخاً في الدَّهْرِ يَذكُرُنِي / إِذا سَمَا وعلا يَوْماً به الشَّانُ
ولمّا رأَيْتُ اللَّيْلَ عَسْكَرَ قرّهُ
ولمّا رأَيْتُ اللَّيْلَ عَسْكَرَ قرّهُ / وهَبَّتْ له رِيحانِ تَلْتَطِمَانِ
وعَمَّمَ صُلْعَ الهُضْبِ مِن قَطْرِ ثَلْجِهِ / يَدانِ مِن الصِّنَّبْرِ تَبتَدِرانِ
رَفَعْتُ لِسَارِي اللَّيْلِ ناريْنِ فارْتأَى / شُعَاعَيْنِ تَحْتَ النَّجْمِ يَلْتَقِيَانِ
فأَقْبَلَ مَقْرُورَ الْحَشَا لم تَكُنْ له / بدَفْعِ صُرُوفِ النَّائِباتِ يدانِ
فقُلْتُ إِلى ذاتِ الدُّخانِ فقالَ لِي / وهل عُرفَتْ نارٌ بَغْيرِ دُخَانِ
فمِلْتُ به أَجْتَرُّهُ نَحْوَ جَمْرَةٍ / لها بارِقٌ للضَّيْفِ غَيْرُ يَمانِ
إِذا ما حَسَا أَلْقَمْتُهُ كُلَّ فِلْذَةٍ / لفَرْخةِ طَيْرٍ أَوْ لسَخْلةِ ضانِ
فَما زالَ في أَكلٍ وشُرْبٍ مُدارَكٍ / إِلى أَنْ تَشَهَّى التَّرْكَ شَهْوَةَ وانِي
فأَلْحَفْتُهُ فامتَدَّ فَوْقَ مِهَادِهِ / وخَدّاهُ بالصَّهْبَاءِ تَتَّقِدانِ
وَما انْفَكَّ مَعْشُوقَ الثَّواءِ نَمُدُّهُ / ببشْر وتَرْحِيب وبَسْطِ لسانِ
تُغَنِّيهِ أَطْيَارُ القِيانِ إِذا انْتَشَى / بصنْجٍ وكَيْثَارٍ وعُودِ كِرانِ
وَيَسْمُو دُخَانُ المَنْدَلِ الرَّطْبِ فَوْقَهُ / كَما احْتَمَلَتْ رِيحٌ مُتُون عُثَانِ
إِلى أَنْ تَشهى البَيْنَ مِن ذاتِ نَفْسِهِ / وحَنَّ إِلى الأَهْلِينَ حَنَّةَ حانِي
فأَتْبَعْتُهُ ما سَدَّ خَلَّةَ حالِهِ / وأَتْبَعَنِي ذِكْراً بكُلِّ مَكَانِ
هَلا سَتَرْتَ الشَّيْنَ بالزَّيْنِ
هَلا سَتَرْتَ الشَّيْنَ بالزَّيْنِ / مِن قَبْلِ إِحْضَارِ الوَزِيرَيْنِ
قد عَلِمَا أَنَّهُمَا أُحْضِرا / لخَلْوةٍ أَثْقَلَ مِن دَينِ
لمّا تَدَانَتْ قابَ قَوْسَيْنِ / أَصابَهَا الحاسِدُ بالعَيْنِ
فانْصَرفا مِثْلَ انْصِرافِ الفَتَى / أَسْلَمَ إِلْفاً ليَدِ البَينِ
صَدَّهُمَا مِن قِرْدِك المُصْطَفَى / نَطْحَة نَطَّاحٍ برَوْقَينِ
وما رأَى النَّاسُ على ما مَضَى / مِن قَبْلِهِ قِرْداً بقَرْنَينِ
أَرْبَعَةٌ في مَجْلِسٍ جُمِّعُوا / فطارَ هَذَانِ بهَذَينِ
قد لَزِمَا جَنْبَيْكَ لم يَبْرَحَا / لَهْفِي على ضَيْعةِ جَنْبَينِ
فأَنْتَ ما بَيْنَهُمَا جالِسٌ / جُلُوسَ أَيْرٍ بَيْنَ خُصْيَينِ
هاتِيكَ دارُهُمُ فقِفْ بمَغَانِها
هاتِيكَ دارُهُمُ فقِفْ بمَغَانِها / تَجِدِ الدُّمُوعَ تَجِدُّ في هَمَلانِها
عُجْنَا الرِّكابَ بها فَهَيَّجَ وَجْدَنَا / دِمَنٌ ذَعَرْنَ السِّرْبَ مِن إِدْمَانِهَا
دارٌ عَهِدْتُ بها الصّبا لِيَ دَوْحةً / أَتفيَّأُ الفَرَحاتِ مِن أَفْنَانِهَا
أَرْعى على بَقَرِ الأَنِيسِ بجَوِّها / وأُحكِّمُ الصَّبَواتِ في غِزْلانِهَا
وإِذا تَهَادَتْ بالشُّمُوسِ نَوَاعِماً / فيها الغُصُونُ جَنَيْتُ مِن رُمّانِهَا
قَضَتِ النَّوَى بذِيادِ رُجَّحِ عينِهِمْ / ظُلْماً وكانَ الدَّهْرُ مِن أَعْوَانِهَا
زَجَرُوا اغْتِراباً مِن نَعِيبِ غُرابِهِمْ / وقَضَوا ببَيْنٍ مِن مُغرِّدِ بانِهَا
فبَدا لهم وَجْهُ الفِرَاقِ مُوَقَّحاً / آتٍ على خَبَرِ النَّوَى بعِيانِهَا
يَقْذِفْنَ دُرَّ الدَّمْعِ في يَوْمِ النَّوَى / عن جُمّةٍ لَعِبَ الأَسَى بجُمانِهَا
وَدَّعْتُهُمْ وزِنَادُ قَدْحٍ في الحَشَا / دُونَ الضُّلوعِ يَشُبُّ مِن نِيرانِهَا
وأَسَلْتُهَا ذَوْبَ الجُفُونِ كَأَنَّهَا / أَيْدِي بَنِي المَنصْور في سَيَلانِهَا
يا صاحِبَيَّ إِذا وَنَى حادِيكُمَا / فَتَنَشَّقَا النَّفَحَاتِ مِن ظَيَّانِهَا
وخُذَا لِمُرْتَبَع الحِسانِ فرُبَّمَا / شَفَعَ الشَّبَابُ فصْرتُ مِن أَخدانِهَا
عَاوَدتُ ذِكْرَ العَيْشِ فيه وما انْقَضَى / مِن صَبْوتِي وطَوَيْتُ مِن أَزْمانِهَا
فَبَكَيْتُ مِن زَمَنٍ قَطَعْتُ مَراحِلاً / وشَبيبَةٍ أَخْلَقْتُ مِن رَيْعَانِهَا
ورَعَيْتُ مِن وَجْهِ السَّمَاءِ خَمِيلةً / خَضْرَاءَ لاحَ البَدْرُ مِن غُدْرانِهَا
وكأَنَّ نَثْرَ النَّجْمِ ضَأْنٌ وسْطَهَا / وكأَنَّمَا الجَوْزاءُ راعِي ضانِهَا
وكأَنَّما فيه الثُّريّا جوْهرٌ / نَثَرتْ فَرَائِدهُ يدا دبرانِهَا
وكأَنَّما الشِّعْرى عقِيلةُ معْشَرٍ / نَزَلَتْ بأَعْلى النَّسْرِ مِن وِلدانِهَا
وكأَنَّما طُرُقُ الْمَجَرَّةِ منْهَجٌ / للعامِريَّة ضاءَ من فينانِهَا
المُعْجِلِين عِداتَهُمْ بِرماحِهِمْ / والجاعِلِين الْهَام مِن تِيجانِهَا
أَسْرى لهم بالخَيْلِ حتَّى خَيَّلُوا / أَنَّ الجِبال رمتْهُمُ برِعانِهَا
ورَمى العِدى بكَتَائِبٍ مِلءَ الفَضا / أَغْمدْنَ نَصْل الصُّبْحِ في رهَجانِهَا
مِن كُلِّ سلْهَبةٍ تَطِيرُ بأَرْبعٍ / يُنْسِيك مُؤْخَرُهَا الْتِماح لَبانِهَا
نَشَأُوا بزاهِرَِة المُلُوكِ ومائِهَا / وكأَنَّهُمْ نَشَأُوا على غَسَّانِهَا
وأَرتْهُمُ العُرْبُ الكِرامُ مِصاعَها / فَتَعلَّمُوا مِن ضَرْبِهَا وطِعانِهَا
أَنا طَوْدُهَا الرّاسِي إِذا ما زَلْزَلَتْ / أَيْدِي الحوادِثِ مِن فُؤادِ جبانِهَا
وعليَّ للصَّبْرِ الجمِيلِ مُفاضةٌ / زَغْفٌ أَفُلُّ بها شَباةَ سِنانِهَا
وكأَنَّنِي لمّا كَرُمْتُ وقد شَكَتْ / أَرْضِي الحوادِث غِبْتُ مِن حدثانِهَا
والنَّفْسُ نَفْسٌ مِن شُهَيْدٍ سِنْخُها / سِنْخٌ غَذَتْ منه العُلا بلِبانِهَا
ما احْولَّ نَحْوِي لَحْظُ مُقْلَةِ ساخِطٍ / إِلا وضَعْتُ السَّهْم في إِنْسانِهَا
ولَوْ انَّهُ نَطَح النُّجُوم بقَرْنِهِ / كُنْتُ الزَّعِيمَ له بنَحْسِ قِرانِهَا
وقَضَتْ بعِزِّ النَّفْسِ مِنِّي دوْحةٌ / مِن عامِرٍ أَصْبحْتُ مِن أَغْصانِهَا
يا ابْن الأَبالِجِ مِن معافِرَ والَّذِي / أَرْبى يزِيدُ على عُلا بُنْيانِهَا
أَعْلَى كِتَابُك في مُهِمِّي حُرْمتِي / وجلا جوابُك مِن دُجى حِرْمانِهَا
فَلَيطْلُعنَّ إِلَيْك مِن زَهرِ الحِجا / أَبْكَارُ شُكْرٍ لُحْن في إِبّانِهَا
حُرُّ القَوافِي ماجِدٌ في أَهْلِهَا / الشِّعْرُ عبْدٌ في بنِي عُبْدانِهَا
مدح المُلُوكَ وكان أَيْضا منهُمُ / ولقد يُرى والشِّعْرُ مِن ذُؤبانِهَا
أَمْسى الفَرزْدقُ كُفْؤَها في حوْكه / وَجرى القَضَاءُ لها على صَلَتَانِهَا
أحنُّ للبرقِ مِن تلقاءِ أَرضِهِمُ
أحنُّ للبرقِ مِن تلقاءِ أَرضِهِمُ / وَلي فُؤادٌ إِلى الآلافِ حَنّانُ
محلة النفسِ فيهم أَينَما قَطنوا / ومنزِلُ الروحِ فيهم حَيثُما كانوا