القوافي :
الكل ا ب ت ث ج ح خ د ذ ر ز س ش ص ط ع غ ف ق ك ل م ن و ه ء ي
الشاعر : عَنْتَرة بن شَدّاد الكل
المجموع : 13
أَلا يا غُرابَ البَينِ في الطَيَرانِ
أَلا يا غُرابَ البَينِ في الطَيَرانِ / أَعِرني جَناحاً قَد عَدِمتُ بَناني
تُرى هَل عَلِمتَ اليَومَ مَقتَلَ مالِكٍ / وَمَصرَعَهُ في ذِلَّةٍ وَهَوانِ
فَإِن كانَ حَقّاً فَالنُجومُ لِفَقدِهِ / تَغيبُ وَيَهوي بَعدَهُ القَمَرانِ
لَقَد كانَ يَوماً أَسوَدَ اللَيلِ عابِساً / يَخافُ بَلاهُ طارِقُ الحَدَثانِ
فَلِلَّهِ عَينا مَن رَأى مِثلَ مالِكٍ / عَقيرَةَ قَومٍ أَن جَرى فَرَسانِ
فَلَيتَهُما لَم يَجرِيا نِصفَ غَلوَةٍ / وَلَيتَهُما لَم يُرسِلا لِرَهانِ
وَلَيتَهُما ماتا جَميعاً بِبَلدَةٍ / وَأَخطاهُما قَيسٌ فَلا يُرَيانِ
لَقَد جَلَبا حَيناً وَحَرباً عَظيمَةً / تَبيدُ سَراةَ القَومِ مِن غَطَفانِ
وَقَد جَلَبا حَيناً لِمَصرَعِ مالِكٍ / وَكانَ كَريماً ماجِداً لِهِجانِ
وَكانَ لَدى الهَيجاءِ يَحمي ذِمارَها / وَيَطعَنُ عِندَ الكَرِّ كُلِّ طِعانِ
بِهِ كُنتُ أَسطو حينَما جَدَّتِ العِدا / غَداةَ اللَقا نَحوي بِكُلِّ يَماني
فَقَد هَدَّ رُكني فَقدُهُ وَمُصابُهُ / وَخَلّى فُؤادي دائِمَ الخَفَقانِ
فَوا أَسَفا كَيفَ اِنثَنى عَن جَوادِهِ / وَما كانَ سَيفي عِندَهُ وَسِناني
رَماهُ بِسَهمِ المَوتِ رامٍ مُصَمِّمٌ / فَيا لَيتَهُ لَمّا رَماهُ رَماني
فَسَوفَ تَرى إِن كُنتُ بَعدَكَ باقِياً / وَأَمكَنَني دَهرٌ وَطَولُ زَمانِ
وَأُقسِمُ حَقّاً لَو بَقيتَ لَنَظرَةٍ / لَقَرَّت بِها عَيناكَ حينَ تَراني
أَرى لي كُلَّ يَومٍ مَع زَماني
أَرى لي كُلَّ يَومٍ مَع زَماني / عِتاباً في البِعادِ وَفي التَداني
يُريدُ مَذَلَّتي وَيَدورُ هَولي / بِجَيشِ النائِباتِ إِذا رَآني
كَأَنّي قَد كَبِرتُ وَشابَ رَأسي / وَقَلَّ تَجَلُّدي وَوَهى جَناني
أَلا يا دَهرُ يَومي مِثلُ أَمسي / وَأَعظَمُ هَيبَةً لِمَنِ اِلتَقاني
وَمَكروبٍ كَشَفتُ الكَربَ عَنهُ / بِضَربَةِ فَيصَلٍ لَمّا دَعاني
دَعاني دَعوَةً وَالخَيلُ تَردي / فَما أَدري أَبِاِسمي أَم كَناني
فَلَم أُمسِك بِسَمعي إِذ دَعاني / وَلَكِن قَد أَبانَ لَهُ لِساني
فَفَرَّقتُ المَواكِبَ عَنهُ قَهراً / بِطَعنٍ يَسبُقُ البَرقَ اليَماني
وَما لَبَّيتُهُ إِلّا وَسَيفي / وَرُمحي في الوَغى فَرَسا رِهانِ
وَكانَ إِجابَتي إِيّاهُ أَنّي / عَطَفتُ عَلَيهِ خَوّارَ العِنانِ
بِأَسمَرَ مِن رِماحِ الخَطِّ لَدنٍ / وَأَبيَضَ صارِمٍ ذَكَرٍ يَمانِ
وَقِرنٍ قَد تَرَكتُ لَدى مَكَرٍّ / عَلَيهِ سَبائِبا كَالأُرجُوانِ
تَرَكتُ الطَيرَ عاكِفَةً عَلَيهِ / كَما تَردي إِلى العُرسِ البَواني
وَتَمنَعُهُنَّ أَن يَأكُلنَ مِنهُ / حَياةُ يَدٍ وَرِجلٍ تَركُضانِ
فَما أَوهى مِراسُ الحَربِ رُكني / وَلَكِن ما تَقادَمَ مِن زَمانِ
وَما دانَيتُ شَخصَ المَوتِ إِلّا / كَما يَدنو الشُجاعُ مِنَ الجَبانِ
وَقَد عَلِمَت بَنو عَبسٍ بِأَنّي / أَهُشُّ إِذا دُعيتُ إِلى الطَعانِ
وَأَنَّ المَوتَ طَوعُ يَدي إِذا ما / وَصَلتُ بَنانَها بِالهِندُواني
وَنِعمَ فَوارِسُ الهَيجاءِ قَومي / إِذا عَلِقوا الأَعِنَّةَ بِالبَنانِ
هُمُ قَتَلوا لَقيطاً وَاِبنَ حُجرٍ / وَأَردَوا حاجِباً وَاِبني أَبانِ
إِنّي أَنا عَنتَرَةَ الهَجينُ
إِنّي أَنا عَنتَرَةَ الهَجينُ / فَجُّ الأَتانِ قَد عَلا الأَنينُ
يُحصَدُ فيهِ الكَفُّ وَالوَتينُ / مِن وَقعِ سَيفي سَقَطَ الجَنينُ
عِندَكُمُ مِن ذَلِكَ اليَقينُ / عَبلَةُ قَومي تَرَكِ العُيونُ
فَيَشتَفي مِمّا بِهِ الحَزينُ / دارَت عَلى القَومِ رَحى المَنونِ
أَنا في الحَربِ العَوانِ
أَنا في الحَربِ العَوانِ / غَيرُ مَجهولِ المَكانِ
أَينَما نادى المُنادي / في دُجى النَقعِ يَراني
وَحُسامي مَع قَناتي / لِفِعالي شاهِدانِ
أَنَّني أَطعَنُ خَصمي / وَهوَ يَقظانُ الجَنانِ
أَسقِهِ كَأسَ المَنايا / وَقِراها مِنهُ داني
أُشعِلُ النارَ بِبَأسي / وَأَطاها بِجِناني
إِنَّني لَيثٌ عَبوسٌ / لَيسَ لي في الخَلقِ ثاني
خُلِقَ الرُمحُ لِكَفّي / وَالحُسامُ الهِندُواني
وَمَعي في المَهدِ كانا / فَوقَ صَدري يُؤنِساني
فَإِذا ما الأَرضُ صارَت / وَردَةً مِثلَ الدُهانِ
وَالدِما تَجري عَلَيها / لَونُها أَحمَرُ قاني
وَرَأَيتُ الخَيلَ تَهوي / في نَواحي الصَحصَحانِ
فَاِسقِياني لا بِكَأسٍ / مِن دَمٍ كَالأُرجُوانِ
أَسمِعاني نَغمَةَ الأَس / يافِ حَتّى تُطرِباني
أَطيَبُ الأَصواتِ عِندي / حُسنُ صَوتِ الهِندُواني
وَصَريرُ الرُمحِ جَهراً / في الوَغى يَومَ الطِعانِ
وَصِياحُ القَومِ فيهِ / وَهوَ لِلأَبطالِ داني
يا أَيُّها المَلِكُ الَّذي راحاتُهُ
يا أَيُّها المَلِكُ الَّذي راحاتُهُ / قامَت مَقامَ الغَيثِ في أَزمانِهِ
يا قِبلَةَ القُصّادِ يا تاجَ العُلا / يا بَدرَ هَذا العَصرِ في كيوانِهِ
يا مُخجِلاً نَوءَ السَماءِ بِجودِهِ / يا مُنقِذَ المَحزونِ مِن أَحزانِهِ
يا ساكِنينَ دِيارَ عَبسٍ إِنَّني / لاقَيتُ مِن كِسرى وَمِن إِحسانِهِ
ما لَيسَ يوصَفُ أَو يُقَدَّرُ أَو يَفي / أَوصافَهُ أَحَدٌ بِوَصفِ لِسانِهِ
مَلِكٌ حَوى رُتَبَ المَعالي كُلَّها / بِسُمُوِّ مَجدٍ حَلَّ في إيوانِهِ
مَولىً بِهِ شَرُفَ الزَمانُ وَأَهلُهُ / وَالدَهرُ نالَ الفَخرَ مِن تيجانِهِ
وَإِذا سَطا خافَ الأَنامَ جَميعُهُم / مِن بَأسِهِ وَاللَيثُ عِندَ عِيانِهِ
المُظهِرُ الإِنصافَ في أَيّامِهِ / بِخِصالِهِ وَالعَدلَ في بُلدانِهِ
أَمسَيتُ في رَبعٍ خَصيبٍ عِندَهُ / مُتَنَزِّهاً فيهِ وَفي بُستانِهِ
وَنَظَرتُ بِركَتَهُ تَفيضُ وَماؤُها / يَحكي مَواهِبَهُ وَجودَ بَنانِهِ
في مَربَعٍ جَمَعَ الرَبيعَ بِرَبعِهِ / مِن كُلِّ فَنٍّ لاحَ في أَفنانِهِ
وَطُيورُهُ مِن كُلِّ نَوعٍ أَنشَدَت / جَهراً بِأَنَّ الدَهرَ طَوعُ عِنانِهِ
مَلِكٌ إِذا ما جالَ في يَومِ اللِقا / وَقَفَ العَدُوُّ مُحَيَّراً في شانِهِ
وَالنَصرُ مِن جُلَسائِهِ دونَ الوَرى / وَالسَعدُ وَالإِقبالُ مِن أَعوانِهِ
فَلَأَشكُرَنَّ صَنيعَهُ بَينَ المَلا / وَأُطاعِنُ الفُرسانَ في مَيدانِهِ
أُحِبُّكِ يا ظَلومُ فَأَنتِ عِندي
أُحِبُّكِ يا ظَلومُ فَأَنتِ عِندي / مَكانَ الروحِ مِن جَسَدِ الجَبانِ
وَلَو أَنّي أَقولُ مَكانَ روحي / خَشيتُ عَلَيكِ بادِرَةَ الطِعانِ
إِذا خَصمي تَقاضاني بِدَينِ
إِذا خَصمي تَقاضاني بِدَينِ / قَضَيتُ الدَينَ بِالرُمحِ الرُدَيني
وَحَدُّ السَيفِ يُرضينا جَميعاً / وَيَحكُمُ بَينَكُم عَدلاً وَبَيني
جَهِلتُم يا بَني الأَنذالِ قَدري / وَقَد عَرَفَتهُ أَهلُ الخافِقينَ
وَما هَدَمَت يَدُ الحِدثانِ رُكني / وَلا اِمتَدَّت إِلَيَّ بَنانُ حَيني
عَلَوتُ بِصارِمي وَسِنانِ رُمحي / عَلى أُفقِ السُها وَالفَرقَدَينِ
وَغادَرتُ المُبارِزَ وَسطَ قَفرٍ / يُعَفِّرُ خَدَّهُ وَالعارِضينَ
وَكَم مِن فارِسٍ أَضحى بِسَيفي / هَشيمَ الرَأسِ مَخضوبَ اليَدَينِ
يَحومُ عَلَيهِ عِقبانُ المَنايا / وَتَحجُلُ حَولَهُ غِربانُ بَينِ
وَآخَرُ هارِبٌ مِن هَولِ شَخصي / وَقَد أَجرى دُموعَ المُقلَتَينِ
وَسَوفَ أُبيدُ جَمعَكُمُ بِصَبري / وَيَطفا لاعِجي وَتَقَرُّ عَيني
يا طائِرَ البانِ قَد هَيَّجتَ أَشجاني
يا طائِرَ البانِ قَد هَيَّجتَ أَشجاني / وَزِدتَني طَرَباً يا طائِرَ البانِ
إِن كُنتَ تَندُبُ إِلفاً قَد فُجِعتَ بِهِ / فَقَد شَجاكَ الَّذي بِالبَينِ أَشجاني
زِدني مِنَ النَوحِ وَاِسعِدني عَلى حَزَني / حَتّى تَرى عَجَباً مِن فَيضِ أَجفاني
وَقِف لِتَنظُرَ ما بي لا تَكُن عَجِلاً / وَاِحذَر لِنَفسِكَ مِن أَنفاسِ نيراني
وَطِر لَعَلَّكَ في أَرضِ الحِجازِ تَرى / رَكباً عَلى عالِجٍ أَو دونَ نَعمانِ
يَسري بِجارِيَةٍ تَنهَلُّ أَدمُعُها / شَوقاً إِلى وَطَنٍ ناءٍ وَجيرانِ
ناشَدتُكَ اللَهَ يا طَيرَ الحَمامِ إِذا / رَأَيتَ يَوماً حُمولَ القَومِ فَاِنعاني
وَقُل طَريحاً تَرَكناهُ وَقَد فَنِيَت / دُموعُهُ وَهوَ يَبكي بِالدَمِ القاني
لِمَن طَلَلٌ بِالرَقمَتَينِ شَجاني
لِمَن طَلَلٌ بِالرَقمَتَينِ شَجاني / وَعاثَت بِهِ أَيدي البِلى فَحَكاني
وَقَفتُ بِهِ وَالشَوقُ يَكتُبُ أَسطُراً / بِأَقلامِ دَمعي في رُسومِ جَناني
أُسائِلُهُ عَن عَبلَةٍ فَأَجابَني / غُرابٌ بِهِ ما بي مِنَ الهَيَمانِ
يَنوحُ عَلى إِلفٍ لَهُ وَإِذا شَكا / شَكا بِنَحيبٍ لا بِنُطقِ لِسانِ
وَيَندُبُ مِن فَرطِ الجَوى فَأَجَبتُهُ / بِحَسرَةِ قَلبٍ دائِمِ الخَفَقانِ
أَلا يا غُرابَ البَينِ لَو كُنتَ صاحِبي / قَطَعنا بِلادَ اللَهِ بِالدَوَرانِ
عَسى أَن نَرى مِن نَحوِ عَبلَةَ مُخبِراً / بِأَيَّةِ أَرضٍ أَو بِأَيِّ مَكانِ
وَقَد هَتَفَت في جُنحِ لَيلٍ حَمامَةٌ / مُغَرَّدِةٌ تَشكو صُروفَ زَمانِ
فَقُلتُ لَها لَو كُنتِ مِثلي حَزينَةً / بَكَيتِ بِدَمعٍ زائِدِ الهَمَلانِ
وَما كُنتِ في دَوحٍ تَميسُ غُصونُهُ / وَلا خُضِبَت رِجلاكِ أَحمَرَ قاني
أَيا عَبلَ لَو أَنَّ الخَيالَ يَزورُني / عَلى كُلِّ شَهرٍ مَرَّةً لَكَفاني
لَئِن غِبتِ عَن عَينَيَّ يا اِبنَةَ مالِكٍ / فَشَخصُكِ عِندي ظاهِرٌ لِعِياني
غَداً تُصبِحُ الأَعداءُ بَينَ بُيوتِكُم / تَعَضُّ مِنَ الأَحزانِ كُلَّ بَنانِ
فَلا تَحسَبوا أَنَّ الجُيوشَ تَرُدُّني / إِذا جُلتُ في أَكنافِكُم بِحِصاني
دَعوا المَوتَ يَأتيني عَلى أَيِّ صورَةٍ / أَتى لِأُريهِ مَوقِفي وَطِعاني
يا دارُ أَينَ تَرَحَّلَ السُكّانُ
يا دارُ أَينَ تَرَحَّلَ السُكّانُ / وَغَدَت بِهِم مِن بَعدِنا الأَظعانُ
بِالأَمسِ كانَ بِكِ الظِباءُ أَوانِساً / وَاليَومَ في عَرَصاتِكِ الغِربانُ
يا دارَ عَبلَةَ أَينَ خَيَّمَ قَومُها / لَمّا سَرَت بِهِمُ المَطيُّ وَبانوا
ناحَت خَميلاتُ الأَراكِ وَقَد بَكى / مِن وَحشَةٍ نَزَلَت عَلَيهِ البانُ
يا دارُ أَرواحُ المَنازِلِ أَهلُها / فَإِذا نَأَوا تَبكيهِمُ الأَبدانُ
يا صاحِبي سَل رَبعَ عَبلَةَ وَاِجتَهِد / إِن كانَ لِلرَبعِ المُحيلِ لِسانُ
يا عَبلَ ما دامَ الوِصالُ لَيالِياً / حَتّى دَهانا بَعدَهُ الهِجرانُ
لَيتَ المَنازِلَ أَخبَرَت مُستَخبِراً / أَينَ اِستَقَرَّ بِأَهلِها الأَوطانُ
يا طائِراً قَد باتَ يَندُبُ إِلفَهُ / وَيَنوحُ وَهوَ مُوَلَّهٌ حَيرانُ
لَو كُنتَ مِثلي ما لَبِستَ مُلَوَّناً / حُسناً وَلا مالَت بِكَ الأَغصانُ
أَينَ الخَلِيُّ القَلبِ مِمَّن قَلبُهُ / مِن حَرِّ نيرانِ الجَوى مَلآنُ
عِرني جَناحَكَ وَاِستَعِر دَمعي الَّذي / أَفنى وَلا يَفنى لَهُ جَرَيانُ
حَتّى أَطيرَ مُسائِلاً عَن عَبلَةٍ / إِن كانَ يُمكِنُ مِثلِيَ الطَيَرانُ
سَلي يا عَبلَةُ الجَبَلَينِ عَنّا
سَلي يا عَبلَةُ الجَبَلَينِ عَنّا / وَما لاقَت بَنو الأَعجامِ مِنّا
أَبَدنا جَمعَهُم لَمّا أَتَونا / تَموجُ مَواكِبٌ إِنساً وَجِنّا
وَراموا أَكلَنا مِن غَيرِ جوعٍ / فَأَشبَعناهُمُ ضَرباً وَطَعنا
ضَرَبناهُم بِبيضٍ مُرهَفاتٍ / تَقُدُّ جُسومَهُم ظَهراً وَبَطنا
وَفَرَّقنا المَواكِبَ عَن نِساءٍ / يَزِدنَ عَلى نِساءِ الأَرضِ حُسنا
وَكَم مِن سَيِّدٍ أَضحى بِسَيفي / خَضيبَ الراحَتَينِ بِغَيرِ حِنّا
وَكَم بَطَلٍ تَرَكتُ نِساهُ تَبكي / يُرَدِّدنَ النُواحَ عَلَيهِ حُزنا
وَحَجّارٌ رَأى طَعني فَنادى / تَأَنّى يا اِبنَ شَدّادٍ تَأَنّى
خُلِقتُ مِنَ الجِبالِ أَشَدَّ قَلباً / وَقَد تَفنى الجِبالُ وَلَستُ أَفنى
أَنا الحِصنُ المَشيدُ لِآلِ عَبسٍ / إِذا ما شادَتِ الأَبطالُ حِصنا
شَبيهُ اللَيلِ لَوني غَيرَ أَنّي / بِفِعلي مِن بَياضِ الصُبحِ أَسنى
جَوادي نِسبَتي وَأَبي وَأُمّي / حُسامي وَالسِنانُ إِذا اِنتَسَبنا
طَرِبتُ وَهاجَني البَرقُ اليَماني
طَرِبتُ وَهاجَني البَرقُ اليَماني / وَذَكَّرَني المَنازِلَ وَالمَغاني
وَأَضرَمَ في صَميمِ القَلبِ ناراً / كَضَربي بِالحُسامِ الهُندُواني
لَعَمرُكَ ما رِماحُ بَني بَغيضٍ / تَخونُ أَكُفَّهُم يَومَ الطِعانِ
وَلا أَسيافُهُم في الحَربِ تَنبو / إِذا عُرِفَ الشُجاعُ مِنَ الجَبانِ
وَلَكِن يَضرِبونَ الجَيشَ ضَرباً / وَيَقرونَ النُسورَ بِلا جِفانِ
وَيَقتَحِمونَ أَهوالَ المَنايا / غَداةَ الكَرِّ في الحَربِ العَوانِ
أَعَبلَةُ لَو سَأَلتِ الرُمحَ عَنّي / أَجابَكِ وَهوَ مُنطَلِقُ اللِسانِ
بِأَنّي قَد طَرَقتُ ديارَ تَيمٍ / بِكُلِّ غَضَنفَرٍ ثَبتِ الجَنانِ
وَخُضتُ غُبارَها وَالخَيلُ تَهوي / وَسَيفي وَالقَنا فَرَسا رِهانِ
وَإِن طَرِبَ الرِجالُ بِشُربِ خَمرٍ / وَغَيَّبَ رُشدَهُم خَمرُ الدِنانِ
فَرُشدي لا يُغَيِّبُهُ مُدامٌ / وَلا أُصغي لِقَهقَهَةِ القَناني
وَبَدرٌ قَد تَرَكناهُ طَريحاً / كَأَنَّ عَلَيهِ حُلَّةَ أُرجُوانِ
شَكَكتُ فُؤادَهُ لَمّا تَوَلّى / بِصَدرِ مُثَقَّفٍ ماضي السِنانِ
فَخَرَّ عَلى صَعيدِ الأَرضِ مُلقىً / عَفيرَ الخَدِّ مَخضوبَ البَنانِ
وَعُدنا وَالفَخارُ لَنا لِباسٌ / نَسودُ بِهِ عَلى أَهلِ الزَمانِ
ذَكَرتُ صَبابَتي مِن بَعدِ حينِ
ذَكَرتُ صَبابَتي مِن بَعدِ حينِ / فَعادَ لِيَ القَديمُ مِنَ الجُنونِ
وَحَنَّ إِلى الحِجازِ القَلبُ مِنّي / فَهاجَ غَرامُهُ بَعدَ السُكونِ
أَيَطلُبُ عَبلَةً مِنّي رِجالٌ / أَقَلُّ الناسِ عِلماً بِاليَقينِ
رُوَيداً إِنَّ أَفعالي خُطوبٌ / تَشيبُ لِهَولِها روسُ القُرونِ
فَكَم لَيلٍ رَكِبتُ بِهِ جَواداً / وَقَد أَصبَحتُ في حِصنٍ حَصينِ
وَناداني عِنانٌ في شِمالي / وَعاتَبَني حُسامٌ في يَميني
أَيَأخُذُ عَبلَةً وَغدٌ ذَميمٌ / وَيَحظى بِالغِنى وَالمالِ دوني
فَكَم يَشكو كَريمٌ مِن لَئيمٍ / وَكَم يَلقى هِجانٌ مِن هَجينِ
وَما وَجَدَ الأَعادي فِيَّ عَيباً / فَعابوني بِلَونٍ في العُيونِ
وَما لي في الشَدائِدِ مِن مُعينٍ / سِوى قَيسَ الَّذي مِنهُ يَقيني
كَريمٌ في النَوائِبِ أَرتَجيهِ / كَما هُوَ لِلمَعامِعِ يَصطَفيني
لَقَد أَضحى مَتيناً حَبلُ راجٍ / تَمَسَّكَ مِنهُ بِالحَبلِ المَتينِ
مِنَ القَومِ الكِرامِ وَهُم شُموسٌ / وَلَكِن لا تُوارى بِالدُجونِ
إِذا شَهِدوا هِياجاً قُلتَ أُسدٌ / مِنَ السُمرِ الذَوابِلِ في عَرينِ
أَيا مَلِكاً حَوى رُتَبَ المَعالي / إِلَيكَ قَدِ اِلتَجَأتُ فَكُن مُعيني
حَلَلتَ مِنَ السَعادَةِ في مَكانٍ / رَفيعِ القَدرِ مُنقَطِعِ القَرينِ
فَمَن عاداكَ في ذُلٍّ شَديدٍ / وَمَن والاكَ في عِزٍّ مُبينِ

المعلومات المنشورة في هذا الموقع لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع إنما تعبر عن رأي قائلها أو كاتبها كما يحق لك الاستفادة من محتويات الموقع في الاستخدام الشخصي غير التجاري مع ذكر المصدر.
الحقوق في الموقع محفوظة حسب رخصة المشاع الابداعي بهذه الكيفية CC-BY-NC
شبكة المدارس الإسلامية 2010 - 2025