المجموع : 28
ولاؤك دين في الرقاب ودين
ولاؤك دين في الرقاب ودين / وودك حصن في المعاد حصين
وحبك مفروض على كل مسلم / يقول بحب المصطفى ويدين
لمثلك والمثل الذي لك معوز / يباح من الذكر الجميل مصون
ومالك فوق غير من خلق الورى / وجملة هذا الخلق عندك دون
وكل إمام في لياليك هذه / إمامته شك وأنت يقين
بنيت على النص الجلي وعزهم / قياس على أصل الهوى وظنون
أيستر ضوء الصبح والفجر ساطع / ويكتم نور الحق وهو مبين
لك الأنزع الطهر البطين أب وما / لغيرك منهم أنزع وبطين
وعندك سر الوحي في السور التي / لهن ظهور أحكمت وبطون
وأنت الذي أحرزت ميراث عترة / يعز بها الله الورى ويهين
بهم قبل الرحمن توبة آدم / وشفعهم فيه وآدم طين
هموا شرفوا البيت الحرام فقدست / مشاعر منها أبطح وحجون
حبتك الليالي بيعة عاضدية / لك الله فيها عاضد ومعين
لها عروة في راحتي كل مسلم / وحبل بأيدي المؤمنين متين
لوجهك تعنو أوجه الخلق هيبة / وتطرق منهم أعين وجفون
إذا لحت في نور السكينة والهدى / غدت حركات الناس وهي سكون
خليلي هل في الدست بدر دجنة / وتلك ستور أم سحائب جون
أم العاضد الهادي تبلج وجهه / وأسفر تحت التاج منه جبين
وهل ما أرى في تاجه من جواهر / كواكب أم در عليه ثمين
زمانك طلق الوجه ما في جبينه / عبوس ولا في صفحتيه غضون
وأيامه تاريخ كل فضيلة / يعبر عنها فضلكم ويبين
مضى رجب والحزن يحدو ركابه / وكل محب بالفراق حزين
وأقبل شعبان يحن صبابة / إليك ومن شأن المحب حنين
تفاءلت في شعبان فألاً أظنه / بسعد أمير المؤمنين يكون
ستلتئم الشعبان فيه فتلتقي / شمال على نصر الهدى ويمين
ويعضد بالهادي الكفيل خلافة / لها كافل من عزمه وضمين
ينوط نجاديها بعاتق أروع / عزيز له النصر العزيز قرين
تحمل أعباء الوزارة بعدما / وهي عاتق عن حملها ووتين
وقام بها من بعدما قعد الورى / قوي إذا خان الكفاة أمين
أخو الحزم لا تنبو مضارب عزمه / وذو الحزم يقسو تارة ويلين
تسهل حزن النائبات بعزمه / وأمست سهول المجد وهي حزون
وفي صدر كل من سطاه مهابة / لها بين أحناء الصدور كمين
تخبرنا عن بأسه ونواله / وإن نحن لم نجهل منى ومنون
قرى وقراع يفرح المجد كلما / أضاءت جفان عنهما وجفون
سرت همم الأملاك خلف طلائع / لواغب منها حاسر وحرون
تحدثنا عن رتبة الناصر ابنه / مساعي أبيه والحديث شجون
نمت عصبة الميمون دوحة سؤدد / سقاهم غمام للعلى ومعين
ورشح منه الليث شبل عرينه / له أجمات السمهري عرين
إذا شهد الحرب الزبون عدت له / فوارسها الأبطال وهي زبون
يدير على الأعداء في كل مأزق / رحى ثقلها للناكثين طحون
يزين أباه حين تتلى صفاته / وما كل أبناء الملوك يزين
فتى فتن الألباب خلقاً وخلقة / وجنت به العلياء وهو جنين
وقالت علاه أمهلاه فإنه / خليق بما لا تنكراه قمين
ألم تريا عنوانها في جبينه / يلوح على أعطافه ويبين
أفاض عليه الحب من كل خاطر / مكان له عند الإمام مكين
أسادة أهل الأرض لا مثنوية / وإن سخنت مما أقول عيون
تغاضوا عن التقصير فيما نقوله / ففي القول غث كالورى وسمين
فمن ظن أن المدح قام بحقكم / فذاك غبي في الرجال غبين
شأن الغرام أجل أن يلحاني
شأن الغرام أجل أن يلحاني / فيه وإن كنت الشفيق الحاني
أنا ذلك الصب الذي قطعت به / صلة الغرام مطامع السلوان
نمت رجاحة صبره بضميره / فبدت خفية شأنه للشاني
غدرت بموثقها الدموع فغادرت / سري أسيراً في يد الإعلان
عنفت أجفاني فقام بعذرها / وجه يبيح ودائع الأجفان
يا صارفاً نحوي عنان ملامة / والشوق يصرف عنه فضل عناني
أقصر عليك فطالما أشجاني / ريم تهيج بذكره أشجاني
كلفي بغرته الذي ألجاني / لتخضعي وهو المسيء الجاني
يقرأ غرامي من صحيفة خده / بشر الرضى وتجهم الغضبان
متعتب أهدى إلي عتابه / وصلاً مشى في صورة الهجران
إني على حذر الوشاة وخيفتي / عين الرقيب وصولة الغيران
ليروقني هيف الغصون إذا انثنت / شغفاً بقد منعم ريان
لو لم يكن في البان من أعطافه / شبه لما حسنت غصون البان
يا صاحبي وفي مجانبة الهوى / رأي الرشاد فما الذي تريان
قبضت على كف الصبابة سلوة / تنهى النهى عن طاعة العصيان
أمسي وقلبي بين صبر خاذل / وتجلد قاص وهم دان
قد سهلت حزن الكلام لنادب / آل الرسول نواعب الأحزان
فابذل مشايعة اللسان ونصره / إن فات نصر مهند وسنان
واجعل حديث بني الوصي / تشبيب شكوى الدهر والخذلان
غصبت أمية إرث آل محمد / سفهاً وشنت غارة الشنآن
وغدت تخالف في الخلافة أهلها / وتقابل البرهان بالبهتان
لم تقتنع أحلامها بركوبها / ظهر النفاق وغارب العدوان
وقعودهم في رتبة نبوية / لم يبنها لهم أبو سفيان
حتى أضافوا بعد ذلك أنهم / أخذوا بثأر الكفر في الإيمان
فأتى زياد في القبيح زيادة / تركت يزيد يزيد في النقصان
حرب بنو حرب أقاموا سوقها / وتشبهت بهم بنو مروان
لهفي على النفر الذين أكفهم / غيث الورى ومعونة اللهفان
أشلاؤهم مزق بكل ثنية / وجسومهم صرعى بكل مكان
مالت عليهم بالتمالي أمة / باعت جزيل الربح بالخسران
دفعوا عن الحق الذي شهدت لهم / بالنص فيه شواهد القرآن
ما كان أولاهم به لو أيدوا / بالصالح المختار من غسان
أنساهم المختار صدق ولائه / كم أول أربى عليه الثاني
ليت الليالي أسفلتهم نصره / وزمانه في سالف الأزمان
كيما يروا أن السماع مقصر / من فضله عما ترى العينان
ينشي لهم في كل وجه مدحة / سحبت مطارفها على سحبان
ويود من فرط المحبة فيهم / لو أنهم مدحوا بكل لسان
ملك تراع به الملوك وعنده / ورع يسير بسيره الملكان
متغاير الأوصاف فوق جبينه / بشر الولي وهيبة السلطان
تعنو الوجوه إذا رأته فيلقتي / خد الثرى ومعاقد التيجان
إن الوزارة لم تزل من قبله / هدفاً لأسهم خيفة وهوان
حتى اتيح لها أغر متوج / غصب النفوس إذا التقى الجمعان
فأدالها بعد الهوان بعزة / قعساء جلت خوفها بأمان
وأبان نقصان الملوك كماله / بغرائب المعروف والعرفان
يرعى سوام الظن بين رحابه / روض الغنى ومنابت الإحسان
لو أمكنته النيرات لأصبحت / فيه ولكن ليس في الإمكان
غيث بعيني منزعات حياضه / فنقعت منها غلة الظمآن
ورأيت ليث الغاب في عرنينه / ووقفت حيث أرى العلى وتراني
ولقد أمل به الرجاء مهاجراً / عن مستقر الأهل والأوطان
فأنالني فوق الرجاء وزادني / قرباً ومن نادي الندى أدناني
كرم يقل كثير مدحي عنده / ويكل عن أدناه شكر لساني
من كان لي شرف بنظم مديحه / فمتى أقوم بشكر ما أولاني
من استعان بغير الله لم يعن
من استعان بغير الله لم يعن / ومن تعزز بالرحمن لم يهن
وأروح الناس من باتت سريرته / نقية من دخيل الحقد والضغن
حاسب ضميرك تأمن من بوائقه / وازجره من خطرات العين والأذن
وقم إذا رنقت في مقلة سنة / قيام منتبه من غفلة الوسن
متشفعاً برسول الله وابنته / وبعلها والحسين الطهر والحسن
ولا يغرنك عمر سر أوله / فإن آخره للهم والحزن
ينساك بالموت من قد كنت تذكره / حتى كأنك قبل الموت لم تكن
وينثني عنك بعد الدفن كل أخ / ويدخل العمل المبرور في الكفن
واعلم فديتك أن الصدق أفضل / ما ألزمت نفسك في سر وفي علن
هذا أبو العز لولا صدق نيته / في القول والفعل لم يخلص من المحن
وأظهر الله فيها من براءته / ما لم يجل قط في الأوهام والظنن
ما ضره أن صرف الدهر عانده / وأن أيامه خانت ولم يخن
إذا أكثر المحموم من هذيانه
إذا أكثر المحموم من هذيانه / فقدم له عون الخبير بشانه
ولا تتأخر حين تدعى لحاجة / فما الغيث بالمحمود بعد أوانه
قل للسعيد بن السعيد المجتبى
قل للسعيد بن السعيد المجتبى / صقر الخلافة وابن عين زمانه
يا وارثاً عن يوسف أخلاقه / ومعيد فضلي سيفه ولسانه
إن الأوامر مذ أتتني لم تكن / لي همة إلا خلو مكانه
واعتضت بالدار الشريفة موضعاً / أخربت بعض العمر في عمرانه
زادت مرمته على مائة وذا / ميدان حرب لست من فرسانه
أقول والصدق فيما قلت يعضدني
أقول والصدق فيما قلت يعضدني / وعادة لي إذا ما قلت لم أمن
لأمدحن فتى تجري مكارمه / من المدائح مجرى الروح في البدن
يهتز عطف القوافي حين أذكره / ليناً كا اهتز متن السيف والغصن
تكاد ألفاظ شعري من نعزمتها / تندى وتقطر حسناً في أبي الحسن
ولو عصرت معانيها لما رشحت / إلا بسالف ما أسدى من المنن
رزقت حمدي وودي بعد تجربة / لم تبق لي حسن ظن في بني زمني
وفضلتك ثلاث مذ علمت بها / أحببت مدحك حب العين للوسن
منها وفاؤك للقوم الثلاثة في / وقت يخون أخاه كل مؤتمن
وحسن صبرك يوم القصر منفرداً / للموت يا ليت يوم القصر لم يكن
وحفظك العهد بعد الموت ثالثة / ألزمت قلبك فيه صبحة الحزن
حتى كأن الأسى والحزن معتقد / تلقى به الله في سر وفي علن
آلت دموعك لا ترقى إلى سنة / لقد وفيت بحق الفرض والسنن
فاستقبل الحقب المستقبلات بما / تنسى به لوعة الماضي من الزمن
واسحب على السحب فضل الذيل من خلع / أعرتها فضل عرض غير ذي درن
ظلت تزر على باس ومكرمة / ولا تزر على بخل ولا جبن
قل للمكرم إدلالاً وما بحر ال
قل للمكرم إدلالاً وما بحر ال / إحسان منه على الإدلال يحملني
اخلع على الشعر مما أنت لابسه / فإنه غير محتاج إلى الثمن
حتى يقول عذولي في محبتكم / إن اختياري لكم جار على السنن
وتعلم العين أن الجود قام لها / بما تكفلته عن نشوة الأذن
بقاؤك يا فارس المسلمينا
بقاؤك يا فارس المسلمينا / أقر الهدى وأقر العيونا
ولولا دفاعك عن حوزة الهدى / عدم الناس دنيا ودينا
بك استمسكت دولة الفاطمي / فأعلقتها منك حبلاً متينا
غدوت سواراً وسوراً لها / وأمسيت حصناً عليها حصينا
وفيت لصنوك لا بل كفي / ت بنيه فكنت القوي الأمينا
يناجيك عنهم ضمير الوفا / مناجاة موسى على طور سينا
وقدرك من أن يهنى بشيء / أجل ولو كان دراً ثمينا
ومن كان يكسو الليالي على / فماذا له خلع أن تكونا
بقيت إلى أن ترى بالعما / د وإخوته كل ظن يقينا
إن السعادة قد أظل زمانها
إن السعادة قد أظل زمانها / وافتر عن ثغر الهناء أوانها
وافاك أول عامها بمسرة / لا الفطر أهداها ولا رمضانها
عام كأن شهوره من حسنها / درر تضاحك في السلوك جمانها
فتحت فتوحك بالسعادة بابها / فأسعد بمملكة عظيم شأنها
متقسم يوم الندى معروفها / متبسم يوم الهدى عرفانها
مجداً بني عبد المجيد فإنكم / مندوحة نبوية أغصانها
مذ غاب ناطقها فإنك سوسها / والترجمان لما قراه لسانها
كم آية رويت لكم إسرارها / آل الوصي وللورى إعلانها
درج الزمان وعندكم أسرارها / فيما ترون وعندكم إيمانها
وهب الخلافة شاركوكم في اسمها / أوليس فرق بينكم فرقانها
فكأنما تأويلكم أرواحها / وكأنما تفسيركم أبدانها
كثرت عليها المدعون ومالهم / فيها إمامتكم ولا قربانها
نطقت بآية نصركم عن شيركو / سير يزيد على السماع عيانها
أخبرتمونا عنه قبل مجيئه / أخبار صدق صح منه بيانها
فكأن علم الكائنات وديعة / مخزونة وصدوركم خزانها
تأتي الأمور وقد سطرتم ذكرها / فيكون بعد حديثكم حدثانها
حتى كأن صروفها عن أمركم / تجري وأعنان السماء عنانها
الله أكبر والخلافة فيكم / من أن تلين لحاسد عيدانها
أنى وبيعتك الكريمة جنة ال / مأوى وشاور الرضى رضوانها
هو مقلة الدنيا وأسود عينها / والعاضد بن المصطفى إنسانها
وعد المهيمن أن سيظهر دينكم / عدة على كرم الإله ضمانها
أفتخمد الأعداء جذوة دعوة / قدحت بأنوار الهدى نيرانها
إن بات من عدد الملوك فإنه / لا يستوي نار الغضا ودخانها
راج يقال الصبر يبذل نفسه / حيث المنية ضيق ميدانها
من معشر تغدو السماحة والردى / مما حوت أجفانها وجفانها
ولقد دفعت إلى ثلاث نوائب / كادت تشيب لهولها ولدانها
فعصابة غزية غادرتها / وأجل ما ترجوه منك أمانها
وعصابة رومية عاشرتها / فتأدبت وتهذبت أذهانها
وعصابة مصرية بك أصبحت / فوق البرية راجح ميزانها
خلصت كل قبيلة من ضدها / لما التوت وتعقدت عقدانها
أشبهت نوحاً مدة وهداية / في أمة متزايد طغيانها
وكأنما البرج المنيف سفينة / والنيل يوم كسرته طوفانها
وتداركت بلبيس منك عواطف / يسع الزمان وأهله غفرانها
أقسمت لولا حسن رأيك لاغتدى / الناقوس في بلبيس وهو أذانها
بلد لو انهدمت قواعد سوره / بيد النصارى لم يعد بنيانها
أبقيتها للمسلمين وإنه / ليعز بعد خرابها عمرانها
شفع النساء إليك فيه فشفعت / في سيئات رجالها نسوانها
وهب الجرائم للحرائم قادر / ترضى سطاه ولا يرى إذعانها
رأي حقنت به دماء خلائق / ظنت بأن دروعها أكفانها
كانت وزارتك القديمة مشرعاً / صفواً ولكن كدرت غدرانها
غصبت رجال تاجه وسريره / من بعدما سجدت له تيجانها
أخلى لهم دست الوزارة عالماً / أن سوف ينزغ بينهم شيطانها
قد كان أودع في الرقاب صنائعاً / كفرت فأرداها بها كفرانها
هجر الوزارة حين ينكر عرفها / وكذا النبوة إن نبت أوطانها
وأرى قرانات الكواكب لم تكن / إلا واثر في عداك قرانها
وإذا رميت معانداً بمكيدة / وأردت أن يجني عليه زمانها
هبت عليه من الرياح دبورها / ومن الكواكب طالع دبرانها
فأسلم كفيل خلافة علوية / أضحى بسيفك ظاهر برهانها
الحمد لله الذي
الحمد لله الذي / أذهب عنا الحزنا
بمقدم الملك الذي / أقر منا الأعينا
تاج الملوك خير من / هز المواضي والقنا
بدر تثنى لفظه / وما الفرادى كالثنى
ثني لما أن غدا / بدر السناء والسنى
واسم الفتى أشرف من / ذكر النعوت والكنى
يفدي الظهير معشر / ما أن بنوا كما بنى
جاراهم في طلق / لكن ونوا وما ونى
أصبح جيش الفاطمي م / ن نأى ومن دنا
من أمره ونهيه / بين المنايا والمنى
فشاكر نقلته / من فقره إلى الغنى
وغادر غادرته / يجني ثمار ما جنى
وموثق أطلقته / بالجاه من قيد العنا
ورضتهم بصولة / بها تروض الزمنا
وستهم سياسة / صبت على الغز الهنا
أقمت من صعادهم / ما كان بالميل انحنى
خشنت بالله لهم / حتى ألنت الخشنا
ولنت حتى طمعوا / أن يسألوك الوسنا
فرأفة وغلظة / من ها هنا وها هنا
أصبحت في ثيابهم / مثري اليدين ممكنا
والملك يبدي لك من / أسراره ما بطنا
والكفر والإسلام قد / تقينا منك الغنا
قد وجداعك صادقاً / سريرة وعلنا
فلقبوك المرتضى / لا بل أمين الأمنا
حتى انجلت غمامة / للغم تهمي محنا
فكنت فيهم قارح ال / رأي ومهراً أرنا
وأنت مشكور الفعا / ل والمقال والثنا
وما رأت أعيننا / مذ غبت شيئاً حسنا
كأنما الناس وقد / غبت علينا لا لنا
كم ليلة هيجت لي / فيها الشجا والشجنا
وذاك أن خاطري / لما ظعنت ظعنا
وعاد روحي عندما / عدت فحل البدنا
لك الهناء قادماً / لا بل لنا بك الهنا
واسمع لدر ينتقى / باسمك ثم يقتنى
معدنه الغالي فمي / وقد ملكت المعدنا
رضيت إكرامك لي / مثوبة وثمنا
فإن أجزت بيعتي / فما أخاف الغبنا
فابق تشيد للعلى / وابق على ما بيننا
حرام على قلبي يرى وهو ساكن
حرام على قلبي يرى وهو ساكن / غدية قالوا ظاعن عنك ظاعن
فتى إن تغب عنا محاسن وجهه / فلما يغب إحسانه والمحاسن
فتى يستوي منه وفاء وسؤدد / ظواهر من أخلاقه وبواطن
سلام عليه حيث حل ركابه / محافظة إن ضيع العهد خائن
أغيثت سمنود بعالي ركابه / فعز لها أنف ذليل ومازن
فكل فساد عن سمنود راحل / وكل صلاح في سمنود قاطن
فأعوز مطلوب بها اليوم خائف / وأكثر موجود بها اليوم آمن
فتى ظاؤه في السلم غير مصحف / وإن قربت يوم الوغى فهو طاعن
بذلت له الود المصون ومدحةً / لها مانع مني غيور وصائن
وإني وإن كنت البخيل ببذلها / وأنت لها زين وغيرك شائن
ووعدك رهن فالتفت نحو فكه / فإن مواعيد الكرام رهائن
وما أنت بالمعذور عن بذل حاجة / لها كافل بالنجح منك وضامن
راخ لها في حلق البرين
راخ لها في حلق البرين / واشدد عليها حلق الوضين
وارم بها كل نوى شطون / تجمع بين السهل والحزون
نافرة من أنس القطين / تحسبها بين الصوى والبين
خالطها مس من الجنون / ما طمثت بالفحل والجنين
ولا درت ما رقة الحنين / كأنها ما سمعت أنيني
على فراق الثغب المعين / من كنز عمري وثرى يميني
والموت أشهى من مقام الهون / ومن سؤال باخل منون
مدحي له أشد من منوني / عاملته وليس من زبوني
فردني بصفقة المغبون / يا ذل أبكاري وذل عوني
إن رضيت بالمنع والماعون / من صاحب يبخل بالتأمين
إذا دعوت الله لا يغنيني / حرصاً على سجية الضنين
أخلاقه كثيرة التلوين / ونفسه بوعدها تلويني
أما ورأي فارس معين / فرب طود شامخ حصين
سامي العلى منقطع القرين / ليث له الخطي كالعرين
يفتر عنه ناجذ المنون / إذا استدارت برحى طحون
قد ضرب الظهور بالبطون / كأنه ينطق عن كمين
من الصواب والحجى الرصين / لو قال للخطوب لا تكوني
لاذت من الحراك بالسكون / ولم تطر جاثمة الوكون
وانحل عقد الزرد المصون / وذاب منه جامد الجفون
يا ماجد الدنيا وسيف الدين / ومستخف الراجح الرزين
عند مقامي شدة ولين / لو لم تكن باللؤلؤ المكنون
ذا خبرة ما غلقت رهوني / في عرض هذا الجوهر الثمين
على خليق بالثنا قمين / صب من الحمد بما يصبيني
مازال في حادثة تعروني / يقوم في صدر الزمان دوني
أبلج طلق الوجه والجبين / شماله في الجود كاليمين
سلساله من كرم ودين / لا كامرئ سلساله من طين
قدرت لمس الوابل الهتون / فقلت للآمال لن تميني
إن صافحت يمينه يميني / إذا عرت معروفه ظنوني
ألقى عليها ثلج اليقين / كم صان وجه الأدب المصون
يبذل مما ليس بالمنون / وكم له عندي من الديون
لكن أؤدي الفرض بالمسنون / وأسعد بأعيادك كل حين
مادام وفد البلد الأمين / معتلجاً بأبطح الحجون
من أشعث الرأس ومن دهين /
جعل الدعاء وظيفة لك والثنا
جعل الدعاء وظيفة لك والثنا / عبد جمعت إلى السناء له السنى
تفديك مهجة خادم عرفته / من بعد خيفة فقرة كيف الغنى
أحسنت حتى خلت أنك حالف / أن لا يراك الله إلا محسنا
أعتقتني ولك الولاء فإن أمت / فاحجب قبيلي من تباعد أودنا
وإذا أتاك السائلون وقيل من / مولى فلان من الولاة فقل أنا
أنهي إليك ولا أغشك أنني / في نعمة قد جاوزت حد المنى
يا رازقي في حيث قال الناس لي / ما مثل رزقك جائز أن يمكنا
بيني وبين اللاسبية شقة / منها تقوس عود ظهري وانحنى
فأعض بها المملوك وراحم عجزه / غبراء عامرة تسمى مرسنا
أيا سفح المقطم كم سفحنا
أيا سفح المقطم كم سفحنا / على مجراك من دمع هتون
وقفت على مجر حصاك أجري / على خدي جمر غضا الجفون
هوت فيك الشوامخ من حصوني / ذوت فيك البواذخ من غصوني
وكم لي في القرافة من حبيب / قريب وهو رهن نوى شطون
أو سده اليمين وكنت أرجو / وآمل أو يوسدني يميني
دفين زادني في الوجد أني / شكرت له على الصبر الدفين
سمحت به على رغم وكنا / إذا فارقته فارقت ديني
فيا ولدي ويا كبدي تيقن / بأن أباك مغلوب اليقين
أسلي النفس عنك وكيف أسلو / وبي ظمأ إلى العذب المعين
لئن أبلت لك الدنيا جبيناً / فثكلي فيك قد أبلى جبيني
كأنك يا محمد لم تدافع / صدور نوائب الأيام دوني
ولم تلق الخطوب وقد عرتني / فيطردها زئيرك عن عريني
ولا وثقت ظنوني أن سري / لديك وديعة الثقة الأمين
رزقتك بعد إدراكي بعام / فلم تبعد سنينك عن سنيني
فكنت إذا العيون رنت إلينا / أخي في كل عين أو قريني
وكنت أرى الحنانة ضعف عزم / فآنسني فراقك بالحنين
فلا فقدت ضلوعي فيك وجداً / عوازبه تثور من الكمين
ولا عدمت بك الأنفاس ناراً / تذيل ودائع الدمع المصون
أتاني جوابك عن رقعتي
أتاني جوابك عن رقعتي / إلى غيرها فأسأت الظنونا
فلا تعتذر عن جواب الظهور / فبعض الظهور يفوق البطونا
ولا ترتهني بإمساكها / فلست بتارك خطي رهينا
أيها الناس والخطاب إلى من
أيها الناس والخطاب إلى من / هو من حيث فضله إنسان
هذه خطبة إلى غير شخص / نظمت نثر عقدها الآذان
لم أخصص بها فلاناً فإني / في زمان ما في بنيه فلان
من يكن عنده مزية فهم / فليكن سامعاً فعندي لسان
لم يميز بين البرية إلا / حسنات يزينها الإنسان
والخطايا مستورة بالعطايا / كم جميل به المساوي تصان
لا يغرنكم زيادة حال / فالزيادات بعدها النقصان
وإذا الدوح لم يظل من الشم / س فلا أورقت له الأغصان
وأحق الأنام بالذم جيل / بين أبنائه الكريم يهان
طرق الجود غير ما نحن فيه / قد سمعنا الدعوى فأين البيان
أصبح الجود قصة عند قوم / مستحيل في حقها الإمكان
وعدمنا بشراً يدل عليه / إنما النار حيث نم الدخان
كذبوني بواحد يهب الأل / ف وأنّى من السماع العيان
كم شبعتم ونحن في الحي غرثى / هل أمنتم أن ينفث الغرثان
وصدرتم ريا ونحن عطاش / فلماذا يترشح العطشان
لا بشاشاتنا رضى فأفيقوا / رب راض وقلبه غضبان
ذمنا للزمان ذم لمن في / ه وحق أن لا يذم الزمان
نبهتني حمامة بسحير
نبهتني حمامة بسحير / عند تغريدها على الأغصان
هتفت بي وقد تحدر دمعي / فوق خدي أحمراً كالجمان
زدت هماً بنوحها فوق همي / واعتراني حزن على أحزاني
قلت ماذا التغريد قالت دهاني / في خليلي ريب من الحدثان
قلت إن كنت قد عدمت خليلاً / فأنا قد عدمت ظبية بان
دعجة المقلتين في وجنتيها / وردة من شقائق النعمان
كملت عفة وديناً وفخراً / وبهاء يزهى على كيوان
أصلها طيب وفرع زكي / مورق العود يانع الأغصان
وعدمت السلو واعتضت عنه / زفرات اللهيب والنيارن
إذ دهتني فيه خطوب الليالي / ورمتني عن قوسها المرنان
وخلت بعدها الديار فأضحت / موطناً للذئاب والغربان
بعد عهدي بها أنيسة رسم / فرمتها المنون بالشنآن
غدرتنا الأيام بعد اجتماع / بددت شملنا من الأوطان
فصغير باك بقلب قريح / وكبير ينوح بالأشجان
بعضنا قد قضى وبعض سيتلو / والمنايا تحثنا بسنان
ويح قلبي لما حدى حادي المو / ت وساروا بنعشها للمكان
أنزلوها في الترب رغماً برغمي / ثم صارت رهينة الأكفان
غيبوا شخصها فغاب صوابي / وبهائي ومهجتي وجناني
وتمنيت لو فديت ثراها / بسواد العيون من أجفاني
رحت عنها بخيبة وإياس / ولهيب يمض كالأفعوان
كان أنسي بها قديماً وقدماً / كنت أسطو به على الأزمان
تركتني فرداً أكابد شبلي / وأرد النواح بالألحان
وأقضي عمري بظن كذوب / وبقلبي ما لا يؤدي لساني
فسلام عليك ما غرد الطي / ر على أيكة من الأغصان
وحباك الإله منه نعيماً / دائماً ثابتاً مع الولدان
في خلود من الجنان مقيم / مع حريم النبي مع رضوان
حرت ماذا أقول فيما دهاني
حرت ماذا أقول فيما دهاني / في بني ذخرته لزماني
هل هو الدهر قد تعدى عليه / أم أمور جرت من الرحمن
إن يكن ذا فعاله فهو عدل / أو يكن ذا جرى من الحدثان
فعلى الجملة التي زخرفوها / إن هذا ظلم بلا هذيان
حسبت الدهر في ولدي
حسبت الدهر في ولدي / يساعدني ويسعدني
أو الأيام تنعشه / من الأسقام والمحن
وأن الموت يمهله / ويحنو لي ويرحمني
فخان الدهر والأيا / م أبت للأنس يرفقني
وخاب رجاي في أملي / وفي ولدي وفي زمني
سأبكي ما استطعت على / بني كان يألفني
وكنت به وكنت له / مثال الروح في البدن
فصار مجاور الديما / س رهن اللحد والكفن
وقد كان الفؤاد له / محلاً دون ذا السكن
وفرق شملنا زمن / بثأر العيش يطلبني
فكم دهري يعاندني / ويفضحني ويثكلني
فيا ويلي ويا حربي / ويا همي ويا حزني
ترحل ثم خلفني / ونار الشوق تقلقني
فمنذ غدا وفارقني / فلم ألتذ بالوسن
فما أنسى أنامله / وكفاه تصافحني
ويرنو لي بمقلته / ويدنو لي يودعني
وقد جد الحمام به / كجد السير بالظعن
أكاد إذا تخيل لي / خيال منه يطرقني
أحن ولا أفيق لمن / يحدثني ويردعني
أحس لمهجتي شرراً / يكويها ويلذعني
فليت فمي إذا ضحكت / به سني يفارقني
وليت إذا رأت عينا / ي طفلاً لا تسابقني
وفي خدي تسيل عمى / فلم أرها ولم ترني
وليت إذا وعت أذني / حديثاً لا يصاحبني
وليت الموت عاجلني / وليت الدهر أهلكني
ولم أره على ألأعوا / د مرتحلاً عن الوطن
فهمي قد برى جسدي / وأضناني وأنحلني
إلى اسماعيل أشواقي / تزيد على مدى الزمن
وإسماعيل لي شغل / عن اللذات يشغلني
وإسماعيل لا أسلوه / حتى الموت يصدعني
سأبكيه وأندبه / بنوح زائد الشجن
كما قمرية ناحت / ببغداد على غصن
وأبقى بعده أسفاً / مدى الأيام والزمن
خطبتني الخطوب بالهم لما
خطبتني الخطوب بالهم لما / حدثتني بألسن الحدثان
نكبتني في ابني بل سلبتني / نور عيني فأظلم النيران
طمست فرقدي بعد طلوع / وعجيب أن يطمس الفرقدان
يا لها نكبة على نكبة جا / ءت وجرحاً ينكى بجرح ثاني
ومصاباً على مصاب وثكلا / بعد ثكل أصيب منه جناني
أيها العاذل المعزي بفقدي / لبني ذخرته لزماني
اتئد لا تعزني بعزاء / ليس مثلي يغتر بالهذيان
إن في مهجتي لهيب سعير / بعضها محرق لظى النيران
وعظيماً من البلايا قطيعاً / وغموراً قد ضاعفت أحزاني
ودموعاً تنهل من دم جفني / على وجنتي كالعقيان
وفقدت السلو فقد رقادي / فتراني مراقب السرحان
بدل العيش بعد فقد حسين / بهموم وترحة وهوان
وكرهت الحياة والعمر لما / غاب عن ناظري وأخلى مكاني
لو رآني العدو رق لما بي / وبكى لي الصديق مما دهاني
في بني فجعت فيه فمالي / عنه صبر يقرني بمكان
حرت في طبه وحار الأطبا / ء وخابت ظنوننا للأماني
من مداواته ولم يقف الدا / ء ولم ينجح الدوا في أوان
يا دموعي ويا زفيري أعينا / ني بنار الخليل والطوفان
لهف نفسي غداة سار إلى التر / ب وقد رحلوه عن أوطاني
رحلوه إلى القرافة رغماً / أودعوه للحد والأكفان
غيبوه عن ناظري وضميري / هو فيه مصور للعيان
وخلا منه منزلاً كان معمو / راً قديماً بلفظه والمعاني
فبقايا آثاره سخنة العي / ن وألفاظه شجا الآذان
غاب عني السرور مذ غاب / واسودَّ بياض الرجاء والجدران
يا خليلي ساعداني بنوح / أو بدمع أولا فلا تعذلاني
وارحماني فقد تضاعف همي / ودموعي قد قرحت أجفاني
واندباه عني فقد كل فكري / والمراثي ملت حديث لساني
كل عام للموت عندي نصيب / في سراة البنين والأخوان
فأرى الموت والخطوب جميعاً / يثكلاني فكيف لا ينكلان
فأنا الدهر لم أزل باكي / العين كئيباً مكابد الأحزان
لا تلمني يا عاذلي إن قلبي / موجع من تفرق الأقران