القوافي :
الكل ا ب ت ث ج ح خ د ذ ر ز س ش ص ط ع غ ف ق ك ل م ن و ه ء ي
الشاعر : الأَخْطَل الصَّغير الكل
المجموع : 17
حفظَ الله مهجةَ الشعر في الشرقِ
حفظَ الله مهجةَ الشعر في الشرقِ / ووقّاهُ عادياتِ زمانِه
هبةٌ من مواهب الله للضاد / ونعمى حلت على لبنانِه
بسماتٌ على شفاه الحزانى / ومدام طافت على ندمائه
وكسا الأرز حاليات قوافيهِ / وغنى الهوى على قضبانه
كان ريحانةَ المناذرةِ الغُرِ / وراح الأرواح في غسّانه
ما زها مفرقٌ بتاجٍ إذا لم / يزهُ بالخالداتِ من تيجانِه
حل في ذروة العروبة حتى / حضنَنتهُ الآياتُ من قرآنِه
يتمضى حينا على الوتر الشادي / وحينا على شبا مرّانِه
وأحايين في لمى غزلانه / وأحايين في لها فرسانِه
يتمنى الملوك لو أنعم الله / عليهم بسكرة في حانه
ليت شعري ماذا أساء إلى الأيام / حتى أمعنَ في عدوانه
فهوى من سمائه كاسف اللون / إلى هوة الشقا وهوانه
كلما هم أن يطاطيء للدهر / ثناهُ العريقُ من عنفوانِه
مؤثرٌ أن يموت في كوخهِ الفاني / على الباقيات من ديوانه
كسراج في جوف دير قديم / هرقت روحهُ على جدرانه
يشهق الشهقة الخفيفة في الفجر / ويفني أنفاسهُ بدخانه
ايها الجدول الوديع الذي / تسمُرُ زهر الدجى على تحنانه
يتمنين لو جعلن حُلِيّا / في يديه أو حكمة في لسانه
أيها المدمع الحنون الذي لولاه / ما افتر مبسم عن جمانه
كنت إن جف مدمعي في جفوني / أستعير الدموع من أجفانه
يا وردة طابت وطبنا بها
يا وردة طابت وطبنا بها / أيام نسقيها بماء العيون
نحفظ بالأجفان اكمامها / ونسكب الأرواح تحت الغصون
وننفح الناس بأعرافها / فيعرف الفضل لنا الناشقون
ونلبس الأشعار من حسنها / ما شاءه إبداعنا أن يكون
حتى إذا دان لها في الهوى / من لم يدن وبايع المشركون
ودارت الأكؤس في عرسها / يرشفها الراوون والظامئون
وكثرت دعوى الهوى فيهمِ / وحبّذا لو صحّ ما يدعون
عدنا إلى شيمتِنا في الوفا / نحن نغنيها وهم يشربون
روحي فدى الوردة مهما تجُر / إنا إلى الله بها راجعون
يا عاقد الحاجبين على الجبين اللجين
يا عاقد الحاجبين على الجبين اللجين / إن كنت تقصد قتلي قتلتني مرتين
ماذا يريبك مني وما هممت بشين / أصُفرةٌ في جبيني أم رعشة في اليدين
تَمر قفز غزالٍ بين الرصيف وبيني / وما نصبت شباكي ولا أذنت لعيني
تبدو كأنك لم تراني وملء عينك عيني / ومثل فعلك فعلي ويلي من الأحمقين
مولاي لم تبق مني حياً سوى رمقين / صبرت حتى براني وجدي وقرب حيني
ستحرم الشعر مني وهذا ليس بهين / أخاف أن تدعو القوافي عليك في المشرقين
ماذا؟ أحقاً كنت بي تهزئين
ماذا؟ أحقاً كنت بي تهزئين / وكنت في حبك لي تكذبين
لم تخدعيني مطلقاً إنما / نفسك يا هذي التي تخدعين
منعت حبي عنك لكنما / منحت عفوي شيمة الأكرمين
مهلاً فمصباحك لم يأتلق / إلا بما من شعلتي تقبسين
مهلاً فإني مثل ذاك الذي / في عرس قانا أدهش العالمين
صيرت خمراً آسن الماء في / نفسك: خمراً ينعش الشاربين
وليمة كانت لنا في الهوى / أكثرت فيها عدد المعجبين
هل كنت في أبهى ليالي الهوى / أيام كنت فتنة الناظرين
هل كنت إذ ذاك سوى آلة / ألحانها مني ومنها الرنين
أنشدت أحلامي على فارغ / من القلب الذي تحملين
كالنغم الرنان في آلة / فارغة تحت يد الضاربين
إن جاءت الألحان تسبي النهى / فأي فضل عندها تدعين؟
ألم أكن استطيع إنشادها / على الملا من غير ما تذكرين؟
إني الذي أبدع هذا السنا / من عدمٍ..ولم يعش غير حين
لقد كفاني أنني عاشق / وأنني كنت من المؤمنين
والآن سيري في الطريق الذي / شئت فلي أيضاً طريق أمين
سيري ولا تنسي بأن تستري / إن كنت تستحين، ذاك الجبين
مأدبة افرغت كأسي بها / وقمت عنها لا كما تزعمين
ففضلة الكأس التي عفتها / تركتها للخدم الساقطين
يا لها ثورةً تأجّجُ في صدركَ
يا لها ثورةً تأجّجُ في صدركَ / تردي الظنون فيها الظنونا
بسمةُ الهزءِ أين منها أبو بحر / وفولتير سيدا الهازئينا
فأحايين لا أرى لك دنيا / وأحايين لا أرى لك دينا
لست أدري أأنت في وصفِكَ النفسَ / مصيبٌ أم الحكيمُ ابنُ سينا
أيراها ورقاء من رفرفِ الخلد / وتبقى لديك ماء وطينا
سر ذي النفس لا مدارهُ روما / أدركتهُ ولا شيوخُ أثينا
هل رأيت النجوم تزداد نوراً / كلما احلولك الدجى وفتونا
هكذا الفكرُ يصدعُ الليل بالنور / غذا لم تك العيون عيونا
سابحٌما يشاءُ في بحرهِ الهادي / كما يدفعُ الشراع السفينا
أيبالي من عنده البعد والقرب / سواءٌ أن يعجزَ المعجزينا
قد تحدّ الأبعاد من نافذِ الطرف / فينهار متعَبا مستكينا
عثراتُ العيون نصف حياة المرء / مهما يكن رصيناً رزينا
ربّ شاكٍ فقدَ العيون ولا / ينفكّ يهدي العيون للمبصرينا
سائل العلياءَ عنّا والزّمانا
سائل العلياءَ عنّا والزّمانا / هل خفرنا ذمةً مُذ عرفانا
ألمُروؤات التي عاشت بنا / لم تزل تجري سعيرا في دمانا
ضحك المجدُ لنا لما رآنا / بدم الأبطال مصبوغاً لوانا
عرس الأحرار أن تسقي العدى / اكؤسا حمرا وأنغاما حزانى
ضجّت الصحراء تشكوعريها / فكسوناها زئيراً ودخانا
مذ سقيناها العلى من دمنا / أيقَنت أن معدا قد نمانا
انشروا الهولَ وصبّوا ناركم / كيفما شئتم فلن تلقوا جبانا
غذّت الأحداث منّا أنفُسا / لم يزدها العنف إلا عنفوانا
شرفٌ للموتِ أن نطعِمَهُ / أنفسا جبارة تأبى الهوانا
وردةٌ من دمنا في يده / لو أتى النار بها حالت جنانا
ياجهاداً صفّق المجدُ لهُ / لبسَ الغارُ عليه الأرجوانا
شرفٌ باهت فلسطينٌ به / وبناءٌ للمعالي لا يدانى
إن جرحا سال من جبهتها / لثَمَته بخشوعٍ شفتانا
وأنيناً باحت النجوى به / عربيا رشفَتهُ مقلتانا
نحن يا أختُ على العهد الذي / قد رضعناه من المهد كلانا
يشرب والقدس منذ احتلما / كعبتانا وهوى العرب هوانا
قم إلى الأبطال نلمس جرحهم / لمسةً تسبح بالطيب يدانا
قم نجع يوما من العمر لهم / هبهُ صومَ الفصح هبهُ رمضانا
إنما الحق الذي ماتوا لهُ / حقّنا نمشي إليه أينَ كانا
أيفرضونَ على مثلي ملابِسَهم
أيفرضونَ على مثلي ملابِسَهم / ويسالون ثيابي عن نياشينِ
كأنّني لم أكن عنوانض فخرِهِم / يوم انطلاق القوافي الميادين
إني لمن معشرٍ لولا براعتُهُم / ما كان لبنان غير الماء والطين
أتتْ هندُ تشكو إلى أمها
أتتْ هندُ تشكو إلى أمها / فسبحان من جمع النيّرَيْنْ
فقالت لها: إن هذا الضحى / أتاني وقبَّلَني قُبلتينْ
وفرَّ، فلما رآني الدجى / حباني من شَعره خصلتينْ
وما خافَ يا أمُّ بل ضمَّني / وألقى على مَبْسَمي نجمتينْ
وذوَّبَ من لونِهِ سائلاً / وكحَّلَني منه في المقلتينْ
وجئتُ إلى الروضِ عند الصباح / لأحجبَ نفسيَ عن كل عينْ
فنادانيَ الروضُ يا روضتي / وهمَّ ليفعلَ كالأوَّلَيْنْ
فخبأتُ وجهي ولكنَّه / إلى الصَّدْرِ يا أمُّ مَدَّ اليدينْ
ويا دهشتي حين فتَّحتُ عيني / وشاهدتُ في الصدرِ رمانتينْ
ومازال بي الغُصْنُ حتى انحنى / على قَدَمي ساجداً سجدتينْ
وكان على رأسِهِ وردتانِ / فقدَّمَ لي تَيْنِك الوردتينْ
وخِفْتُ من الغصن إذ تمتمتْ / بأُذْنيَ أوراقهُ كِلْمَتَينْ
فرُحْتُ إلى البحر للإبتراد / فحمَّلَني ويحه موجتينْ
فما سرت إلا وقد ثارتا / بردفي كالبحر رجراجتينْ
هو البحرُ يا أمُّ كمْ من فتىً / غريقٍ وكم من فتى بين بينْ
فها أنا أشكو إليك الجميع / فبالله يا أمُّ ماذا تريْنْ؟
فقالت، وقد ضحكت أمها / وماست من العُجب في بُردتينْ
عرفتُهُمُ واحداً واحداً / وذقتُ الذي ذقتِهِ مرتينْ!!
آه ما أحلى الحميا
آه ما أحلى الحميا / تحت اذيال السكون
والهوى يوحي إليّا / برسالات العيون
كلما غنّيت لحنا في ديار البلبل / سرق اللحن وألقاهُ بأُذن الجدول
ليس ما يجيك مني / نغماتٌ في فمي
إنها وا لهفض نفسي / قطراتٌ من دمي
أكما شاؤوا غنائي / وكما شاؤوا نُواحي
أفليسَ اللهوُ لهوي / والجراحاتُ جراحي
ملأوا كاسيَ خمراً / ليس من خمري ودنّي
وسَقَوا عودي فغنّي / وفؤادي لم يغَنّ
يا حبيبي قم نرصّع بالهوى / ثغر الحياهُ
نحّ هذه الكأسَ عنّي / واسقني هذي الشفاه
كلّما أومضَ لحظاكَ / بلحنٍ يا حبيبي
كلما شبّبَ خداك / بخمر أو بطيب
كلما رتل نهداك / تراتيل المغيب
صفّق القلب ونادى / يا حبيبي يا حبيبي
عودوا إلى تلك القرى فلقد
عودوا إلى تلك القرى فلقد / سلختكم عن قلبها المدن
الذكريات على مقادسها / الأم والأخوات والسكن
قبل الطفولة في ترائبها / ليت الحياة لبعضها ثمن
تحت الدوالي ملعب بهج / عند الظهيرة والربى وُكن
فدت العيونُ النجل أجمعها / عينا تدفق ماؤها الهتن
تأوي الطيور إلى أظلتها / ويظل يلثم كفها الغصُن
تَرِد الصبايا بالجرار وقد / عادت على أكتافها المزن
تلك اللبؤات التي عمرت / بشبولها الأجمات والعُرُن
لبنان لبنان الحبيب خوى / لا البيت لا البستان لا العطن
خلت المرابط من سوابقها / وتثاءبت بحبالها الأُنن
الجانيان القاسيان على / (شيخ الربى) بيروت والسفن
قالوا السياسة قلت هل نبتت / إلا على لهواتها المحن
قالوا الوظائف قلت هل نحرت / إلا بها الأخلاق والفطن
قالوا المدارس قلت ثابتة / خضراء إلا أنها دمن
أين الألوف من الشباب وما / قبسوه من علم وما خزنوا
ماتوا بعلمهمُ فما طبخوا / منه ولا طحنوا ولا عجنوا
الأرض أطهر والمحارث من / عيش على أدرانه الدر
لبنان ما فعل الزمان بنا / سله أما لحروبه هدن
يغدو عليه بأوجهٍ كلحت / فمتى ينوّر وجهك الحسنِ
آه ياهندُ لوترينْ
آه ياهندُ لوترينْ / موقفي بين حائطينْ
لايحيران أخرسينْ / وعلى الخدِ دمعتينْ
انصف الليل والأنامْ / كلهم كلهم نيامْ
وأنا يشهد الغرامْ / بعتُ للسُهد ناظرينْ
أبدا" ساهر" كئيبْ / لا صديق ولا حبيبْ
ومع الليل لي نحيبْ / كنحيب الحمامتينْ
ولقد خيم السكون / ونجوم السما عيون
فتمنيت أن نكون / في سما الحب نجمتين
ليتنا والهوى أمانْ / بالجناحين طائرانْ
فأذا ضمنا مكانْ / ضمً قلبين عاشقينْ
يا لأحلامي العِذابْ / ذابلاتٌ مع الشبابْ
فكأًن المنى ضبابْ / يتلاشى بِنفختينْ
لَم يعُد في السراجِ زيتْ / وكما ينطفي انطفيتْ
فأنا الأن مثل ميْتْ / مالهُ غيرُ ساعتينْ
إيه لبنان! والجداول تجري
إيه لبنان! والجداول تجري / فيك بردا فتنعش الظمآنا
إيه لبنان! والنسيم عليلا / يتهادى فيعطف الأغصانا
حبذا السفح معبدا لصغار ال / طير تشدو لربها الألحانا
خافقات الجناح للشمس آنا / خافقات الفؤاد للحب آنا
آمنات في السفح كاسرة الج / و فلا تأتلي به طيرانا
فترف الأديم تختلس الح / ب وتظمى فتقصد الغدرانا
وإذا الشمس ودعت , ودعت تل / ك السواقي والزهر والأفنانا
/
عجبوا أن يموت في ريّقِ العُمر / ويطوي كالبرق سفرَ حياته
هوَ العمرُ ما نَعُدّ لهُ الأيام / أم بالشهيِ من ثمراتِه
غاية السابق الجواد من الدنيا / بلوغُ البعيدِ من غاياته
ما عليه إن جازها وكفَتهُ / وثبةٌ في السباق من وثباتِه
أيلامُ الورد الجنيّ إذا جفَ / رحيقُ الجمال في وجناتِه
وإذا كان عمرهُ بعضَ يومٍ / وتمشّى الذبولُ في ورقاتِه
غايةُ الورد أن يُضَمّخَ هذا / الجوّ بالمستحبّ من نفحاته
أفذّنبُ الهزارِ إن هامتِ / الأقفاصُ بالساحراتِ من آياته
توقِظُ الروضَ من كراهُ وتجلو / بسماتِ الضحى على زهراتِه
غاية الطائر المغردِ من / دنياه أنشودةٌ على هضباته
عُطّل السبق بعد فوزي وجفّ / العطر من بعد طرسهِ ودواته
وتعرّى روضُ البيان من السجع / وجاسَ الخريف في جنباته
مهدَ الغرام ومسرح الغزلان
مهدَ الغرام ومسرح الغزلان / حيث الهوى ضرب من الايمان
يتعانق الروحان فيه صبابة / ويعف ان يتعانق الجسدان
فإذا سمعت بعاشقين فقل هما / ملكان متصلان منفصلان
مادار ثََم سوى الحديث كأنه / راح يدير كؤوسها الملكان
سل عروة بن حزام عن غصص الهوى / تسمع جواب فتى الغرام العاني
تحنانَ ساجعة الحمائم في الضحى / وزفير أعواد الجحيم الثاني
وله حديث كالدموع اذا جرت / جلبت نظائرها من الأجفان
علَم الهوى من آل عذرة عروة / كذب الألى قالوا لها علمان
وُلد الفتى العذري عروة بعدما / دارت بوالده رحى الحدثان
فإذا بعروة في مضارب عمه / "هصر"فكان هناك زغلولان
عفراء إبنته مع ابن شقيقه / وكلاهما في العمر دون ثمان
وإذا تضمهما الحقول فإنها / ظفرت بمائستين من ريحان
يتراكضان بها فإن هما بوغتا / فيها فبالأوراق يختبئان
ولطالما وقفا على الوادي وقد / صرخا هناك ليلتقي الصديان
لم يلبسا ريش الهوى لكنما / هو ريش احلام وريش أمان
مزجا فلو خطرت لعفرا فكرة / بدرت بها من عروة الشفتان
وإذا التقى النظران تلمع أسطر / يعيا بحل رموزها الولدان
حتى اذا كبرا تولى شرح ما / لم يفهما قلبهما الخفقان
فإذا الوداد هوى وصادف تربة / بكراً فطاب مغارساً ومجان
ويح المحب اذا تملكه الهوى / نمًت به عينان فاضحتان
عبثاً يحاول ذو الهوى كتمانه / عبث الهوى يقوى على الكتمان
فدرى به "هصرٌ" وكان يسوؤه / من عروة ابن شقيقه يتمان
وأهمُّ يتميْ عروة في عينه / يتْم الغنى لو يسمع الأبوان
فشكا اليه منه حب فتاته / شفتان تختلجان تختذلان
فأجابه "هصر"وكان مخاتلاً / ستنال من تهوى فكن بأمان
نعمى على كبد الفتى سقطت كما / سقط الندى سحراً على حران
فأحس أن له جناحيْ طائر / وبدت له زهر النجوم ذواني
فجرى يرقّص عوده الشعري على / صدر المروج ومعصم الغُدران
فيصوغ هينمة النسيم قصائداً / ويرد زمزمة الغدير أغاني
ماراعه إلا مقالة عمه / إني أراك عن الغنى متواني
سر للشآم بمتجر فأطاعه / وعصى الفؤاد فظل في الأوطان
بينا الفتى في الشام يكدح للغنى / كانت حبيبته تزف لثان
فتنت محاسنها أثالة وهو من / "هصر"له نسبان ملتزمان
نسب الدماء وفوقه نسب الغنى / نسبان محبوبان محترمان
فأناله عفراء صفقة تاجر / حسِب البنات ملابساً وأواني
ماعامل في الحقل حمّل يومه / ماليس يحمل مثله الهرمان
يمشي لمنزله بنفس مغالب / مرّ الشقا بحلاوة الوجدان
يمحو بفكرته عبوسة دهره / بتبسم في آلهِ وحنان
يمشي وما هو ان دنا حتى رأى / في كوخه المحبوب سحب دخان
ورأى اشتعال النار في أحشائه / وبكا النسا وتهافت الشبان
فأحس بالجلّى فاسرع ليته / أودى ولم تسرع به القدمان
فإذا قرينته الحبيبة جثة / وبجنبها ولداه يحترقان
ماخطب هذا وهو أهول ما رأت / عين وما سمعت به أذنان
بأشد من قول الرواة لعروة / عفراء امست زوجة لفلان
خلع النحول عليه أفجع ما ا رتأى / داء وأ بلى مااكتساه عان
سقْم تشف به الضلوع كانها / قطع الزجاج بمائل الجدران
فغدا به مثلاً تناقله الى / أقصى القبائل ألسن الركبان
ماحاضر الروحاء دون مناله / وخْد السرى في الأمعز الصوان
ليحول دون فتى الهوى وفتاته / إن الهوى ضرب من الطيران
فمشى الى أرض الحبيب دليله / عينان إنساناهما غرقان
يلقي القصائد في الطريق وحشوها / أنفاس مكلوم الحشا ولهان
كالنعجة البيضاء حين مرورها / بين الصخور وشائك العيدان
تبقي على الأشواك من أصوافها / خصلاً مخضبة بأحمر قان
ودرى أثالة ان عروة في الحمى / وبما بعروة من هوى وهوان
وأثالة رجل المحامد بيته / بيت الفخار وملتقى الضيفان
فأبت مروءته عليه أن يرى / رجلاً كعروة مبعداً متداني
فمشى إليه عاتباً أتكون في / بلدي ولست لخيمتي وخواني
إني عزمت عليك أنك نازل / عندي وإلا ساءني حرماني
عذراً فإني راجع لحوادث / نزلت بنا ماكن في الحسبان
لاعذر لا لاعذر أنظرني إذن / لغد إذن فجر النهار الثاني
وتفارقا فإذا بعروة رُجمة / تهوي عليها انْقضّ صاعقتان
وأشار نحو أثالة بجفونه / سترى المروءة أننا كفؤان
هجر الديار لوقته تسعى به / قدمان هازلتان شاكيتان
هجر الديار ديار عفراء التي / طبعت حشاشته على الأحزان
حتى إذا وادي القرى رحُبت به / رحبت بشلو لُف في أكفان
جثمانه في القبر لكن روحه / أبداً مرفرفة على الوديان
رنّ النعي بأذن عفراء فهل / شاهدت غصناً من رطيب البان
لعبت به هوج العواصف فالتوى / متقصفاً وأصيب بالرجفان
هي مثله حاشا الدموع وأنةً / من صدر محتضر به جرحان
فأتت أثالة والدموع سوابح / فتلثم الفضي بالمرجاني
قالت لتعلم أن عروة كان لي / إلفاً ونحن وعروة حدثان
وعلمت أن هواه لا عن ريبة / يُخزى بها رجلي ويخفض شاني
هلا أذنت لي بأن أزور ترابه / أفما أبي وأبو الفتى أخوان
من ذا يمانع ان تفيه حقه / سيري فما هي غير بعض ثوان
حتى رأيت بقبر عروة بانة / محنية والهفتا للبان
ضموا الفتاة الى الفتى في حفرة / من فوقها غصنان ملتفان
روحان ضمهما الهوى فتعانقا / وتعاهدا فتعانق الكفنان
أنا وفد أبناء الصبابة ساجد / من ترب عذرة في أذل مكان
أستنزل الوحي الذي ظفرت به / شعراء عذرة في الزمان الفاني
فتسوغ في أذنيْ جميل رنتي / وتطيب نفس كثيّر ببياني
حيّتك عني وجوهُ لو هي احتجبت
حيّتك عني وجوهُ لو هي احتجبت / دل الشذا أنها بعض الرياحين
لم يرتكوا زهرةً تغفو على غصنٍ / عرّوا البساتين من زهر البساتين
آفاق نورٍ تهادى في مسابحها / نفح الرياض وتطريق الحساسين
تحية من قديمِ الحبّ طيبةٌ / تبقى على الدهر في صدر الدواوين
بدأ الكأسَ وثَنّى
بدأ الكأسَ وثَنّى / وسقى الشعرَ فغنّى
طائرٌ من دجلةِ / الخلد إلى لبلنان حنّا
كم لسحر الشرقِ في / عينيه من معنى ومعنى
كلَما أنشَد قلنا / عُمَرُ الخيام معنا
ينثُرُ الأنسَ على المجلسِ / من هنا وهنّا
يا رسول الأدب العالي / سلام الشعر عنّا
قُل لبغداد متى عدتَ / إلى بغداد إنا
تهوَينَ أن أملأَها صفحةٌ
تهوَينَ أن أملأَها صفحةٌ / بيضاء كالقلب الذي تحملين
برِئتُ من علمي وشعري معا / إن كنتُ أرضى لهما ما يشين
أأحملُ السحر إلى بابلٍ / واسكبُ العطرَ على الياسمين

المعلومات المنشورة في هذا الموقع لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع إنما تعبر عن رأي قائلها أو كاتبها كما يحق لك الاستفادة من محتويات الموقع في الاستخدام الشخصي غير التجاري مع ذكر المصدر.
الحقوق في الموقع محفوظة حسب رخصة المشاع الابداعي بهذه الكيفية CC-BY-NC
شبكة المدارس الإسلامية 2010 - 2025