المجموع : 46
لم يُحصر الفن فن ذهن وانان
لم يُحصر الفن فن ذهن وانان / حتى يمجد شعري فوق حسباني
لكن هو النبل صنو الحب مذ خلقا / وكم يجسَّم احساناً باحسان
ومن أكون لأحظى من محبتكم / بما يجدد وجداني وايماني
وما يضاعف في عمري ويسعفه / بكل حلم يُغِّذى روح فنان
دنيا من الشعر نحيا في قصائدها / وما تحدب منها غير عنوان
جازت روائعها الأكوان وازدحمت / في كل شيء وجازت كل امكان
من شاء مُتعتها لم يَثنه تعبٌ / ومن تبرّم عاش الآسف العاني
كأنني من نداكم صرت مالكها / وصرت كانزها في طى وجداني
نوابغَ الأدب الوَّضاء في وطنٍ / أغلى معانيه تحريرُ لانسان
وافي الربيع بكم عطرا وأغنيةً / وساحرا ينتشي منه الجديدان
يُسدي الأيادي لا من ولا عددٌ / مثل الملَّك في جاهٍ وسلطان
لم يسأم الخلقُ جدواه مُرَّددة / أو عيده وهو عند اليوم عيدان
أقصى أمانيَّ أن أحيا شذَى وسنىً / بعد الحياة اذا التذكار أحياني
والان جُدُتم على نفسي بما عشقت / كأن عمري بعد اليوم عمران
من أي نبعٍ رحيقُ الشكر أنهله / نخباً لكم حين أسقيه بألحاني
وكيف أجزِي شعوراً لا كفاء له / واستقُّل بتعبيري وميزاني
من يبذلُ الحب لا يُجزي عوارفه / إلاّ صدىً في حنايا قلبه ألحاني
أكرم بكم من أساةٍ في عواطفهم / ومن حماةٍ لآداب وعرفان
خَفُّوا سراعاً لتكريمي كأنَّ بهم / يوم المرؤةِ ثأراً عند أحزاني
تركت مصر وقلبي لوعةٌ ولظىً / لِجنَّةٍ ضُيِّعت في نومَ جنَّان
عاث اليرابيعُ فيها وهو في شغل / عنها بأضغاث أحلام وبهتان
أذا أفاق تعالت صيحةٌ كذبت / فلم تُعقَّب بمجهودٍ ليقظان
بذلت عمري لأرعاها واوقظه / فكان سُقمي وتعذيبي وحرماني
فدىً لها لو أباحت كل ما ملكت / نفسي وما وهبت في حبها الجاني
تركتها وبودّي غير ما حكمت / به المقاديرَ في أشجانِ لهفان
وقلت عَّلى على بُعدٍ أشارفها / وأنفخُ الصورَ إن فاتته نيراني
في بيئةٍ تُنزل الأحياء منزلهم / ولا تحاول تخليدا لأكفان
فلم يخيب رجائي في نوازعها / ولم تكن هجرتي من مصر هجراني
هل يعلم الهدسن المحبوبُ ما شغفي / بُحسنه وكأن النيل نيلان
وما غرامي بُشعطان يغازلها / تصَّوفت فوق أحلام لشطآن
وكيف يجتمع الشَّو قَان في وطنٍ / أَسلاَ العديدين أشواقا لأوطان
وفي محبتكم غنيان ذى أدب / وفي مآثركم أضعاف غُنياني
قد أدرك الخلق حين الغيثُ جانبهم / وبَّر بي حين اصفى الأهل جافاني
شفت مرائيه أوصابي كرؤيتكم / وحين ناجيته عن مصر ناجاني
لم أحى في قُربه روحاً ولا بدنا / بل فكرةً فوق أرواحٍ وأبدان
اثنانُ خلَّدت الدنيا لأجلهما / الحب والنبُّل مذ كانا بإنسان
قد طوّقاني بدينٍ من فضائلكم / وان توارت وان باهت بديواني
وليس فيه سوى أصداء عاطفة / ذبيحةٍ بين آلام وأشجان
أنسيتُ مُوجعّ أتراحي وقد غمرت / تلك الألوف الضحايا نارُ شيطان
ياليت لي حَظَّ حكَّامس فانقذهم / فالموتُ والذل للأحرار سيان
واهاً لهم في الصحارى لاغذاءَ لهم / ولا كساء سوى الفاظ مَنَّان
كأنهم في الضنى والسقم بحصدهم / مُحاصرين زرافاتٍ لجرذان
أين البساتين كانوا زَينَ نضرتَها / أين الضياع بكت في دمع غُدران
ضاعت وضاعوا بلا ذنبٍ لأمَّتهم / وأصبحوا عبراً تُروى لأزمان
فإن بخلنا ببعض البرّ يسعفهم / فأي معنىً وعيناهُ لأديان
وما التشُّدقُ بالأوطان نخذلها / وما الوفاء تجَّلى شرَّ كفران
شكرا لكم سادتي شكراً فقدوتكم / كالشمس تطلع إلهاما لحيران
إن تكرموني فقد أنصفتمو أمماً / عانت وضَّحت وما زالت بأرسان
فُكُّوا القيود وأحيوها بحكمتكم / وجنبوها عباداتٍ لأوثان
لا خير في الشعر تطريب وتطريةً / ومحضَ زهوٍ بألحانٍ وألوان
وما الخلود لفن لا تسُود به / روحُ الجمال دنايا العالم الفاني
ماذا أصابك أيها البستاني
ماذا أصابك أيها البستاني / وذويك ما هذا الجموحُ الجاني
الأنَّ أهلكَ أورثوك نسيتَ ما / وهبوا وما ابتدعوا من الاحسان
لا خيرَ في الانسانِ من ميراثه / الا الدمُ المحَيبه للانسان
ضَيَّعتَ غَرساً صوحَّت أفنانُه / وَشغلتَ بين مهازلٍ وغواني
الليلُ ينفقُ في القمار وفي الزنى / رجسان ماثورانِ للشيطان
ومن الفراش شكا النهارُ تُذيلهُ / وكأنه نَجسٌ من العبدان
تتضاءل الحسناتث منك وتمحى / في حين جمسك بعدها جسمان
ماذا دَهَى الأملَ العريضَ فطالما / أوحى لنا والآن لطمةٌ عانِ
كنا نرى ذاك الشباب ملاذَنا / مُذ خاننا الجبناءُ لا الحدثان
كنا نثشيد به وُنزجى حُبَّنا / سَمحاً إليه فشال في الميزان
كنا نرى الوجه الصبيحَ كأنه / رمزٌ لكل تطلع روحاني
ونصيخ للعذب الحديث كأنه / تفسيرُ أحكامٍ من القرآن
كنا حواليه نطوف بفرحةٍ / مترّنمين بأعذب الايمان
ماذا دَهَى هذى الغوالي كلَّها / وشخُوصها ما زلن في وجداني
ماذا أصابك أيُّها البساتي / وذويك ما هذا الجموحُ الجاني
كنا نزفُ إِليك أحلام العلى / والآن ليس سوى الرثاءِ يُداني
ما بالكم صرتم زبانيةً وقد / كنتم ملائكة ورُسلَ حنان
أُهوَ الخضوعُ الى الدخيل وَكم له / جولاتُ خَدّاعٍ لكسب رهان
الأجنبيث مسيطرٌ في بيتكم / ومبيحُ عرضكمو لكل لسان
مزقٌ بحيث يُعُّد اى مُدافع / عنه قرينَ سفاهةٍ وهوانِ
حين الورودُ تناثرت وتعثَّرت / في شوكها القدمانِ والعينان
هذا انتحارٌ لو دَريتض فهلُ ترى / تدري أم استسلمتَ للبهتان
هيهاتَ يُفلح فاسقٌ مستهترٌ / أو يستقُّل بعزةٍ ومكان
ما زلتُ أخلصكَ النصيحة فاتعظ / وتحاشَ من خُّروا الى الأذقان
فإذا أَبيتَ فأنت آخرُ هادمٍ / ويظل ذكرك عبرةَ الأزمان
واذا انتصحتَ ملكتَ عمراً ثانياً / وَغدوتَ في الأحياءِ أعقلَ بان
هيهاتَ ينفعكَ التمُّلق والرقىَ / وجميعُ ما يوحى جنونُ أناني
مهلاً ومهلاً أيها البستاني / ارجعِ لغرسكَ أيها البستاني
وسائلةٍ هل تقرض الشعر فطرةً
وسائلةٍ هل تقرض الشعر فطرةً / فقلتُ أجل لكن بدمعي ونيراني
سواءٌ بمحراب الطبيعة لحنه / وفي هيكل الحب المطهر وجداني
وفي مَهمهِ الأرضِ الحزينةِ راثياً / بنى الأرضِ اذ أرثى وجودي وانساني
تَفَّجرَ من قلبي جداول لوعة / دماً يتلطى في أناشيد فرسان
عفاءً عليه ان أبحتُ له الردى / حِبالَةَ زهوٍ أو مطيةَ طغيان
ولم أدّخره للسموّ بأمتي / وآصرتي بل للسمو بإيماني
عفاء عليه إن يكن محض متعة / ومسرح أوهام ومعر ألحان
ولم يرتفع بالناس بل مبدعاً لهم / عوالمَ من خير وحب واحسان
فيا كافرا بالنبل في الكون ساخرا / من الحق ليس الكفر مجداً لفنان
سألهب في منفاى خيرَ شواعر / اذا كنتَ في مغناك غُصَّةَ لهفان
سأحتمل المرّ العذابَ خصاصةً / وَمقتاً وتجريحا لإنصاف أوطاني
فإن عشتُ فليؤخذ دم الحق من دمي / حبيرة ميثاق وَصلبان رهبان
وإن مُّت فالقلب الذي أنا تارك / بشعري سيحيا نابضا نبض بركان
ولا بد للطاغوت من وهدةٍ له / ولا بد للجانين من مصرع الجاني
أنا الجنين وهذى الأرض من قدمٍ
أنا الجنين وهذى الأرض من قدمٍ / أميّ وكم لفظت عدَّ البلايينِ
وما استوى من بنيها عير شرذمةٍ / كانوا النبيين أو شبهَ النبيينِ
ويوم ميلاديَ المرقوبُ موعدهُ / يومٌ يتمّ به فنىّ وتدويني
لا يولد المرءُ إلاّ حيثما يَنعت / آثارهُ مثل نُوَّار البساتينِ
ودون ذلك لا عيشٌ له أبداً / وإن تسربل بالأخلاق والدين
عُمريَ بآثارىَ الزهراء إن نضجت / وكُّل ذِكَرٍ سواها ليس يُغنيني
ويومُ إحسانها يومٌ أُعُّد به / حياً ولدت لتخليدٍ وتمكين
ما الجسم شئ وما للفرد من قيمٍ / وإنما هي أحلامُ المجانينِ
وليس إلاّ تراث العقل م أزلٍ / حىٍ وما قد عَدَاه في القرابين
مرحبا بالمِنافسِ الفاتكان
مرحبا بالمِنافسِ الفاتكان / بالآله الجديد ذى الَهيلمانَ
مرحباً مرحباً لقد أعلن الحر / بَ على الفكرِ بل على الأديانِ
وأذلَّ الجباهض من تحت نعلي / ه وقد عدها من الديدان
بل تأذىَّ من أن يدنس نعلي / ه بها ياله شرَّ جَانِ
وكأنَّ الذي جناه عليها / من هوانٍ تشريُفها في الهوانِ
أيُّها الحاكمُ العتُّى ترَّفق / أنتَ تلهو بُجثَّةٍ للزمان
وتذيق الردى رعاياك قسرا / في جنونٍ يا للجنونِ الأناني
غمر العلمُ كلَّ عصرٍ تقضىَّ / بجديدش الثورات والطوفان
ما تبقَّى إلاّ معالم آثا / رٍ ولم ينقرض سوىَ كل فان
أي بعثٍ لما انتهى الناس منه / باندثار الدفين والدّفان
ما مضى فات غيرُ وحى نبيلٍ / من فنونٍ ومن نُهى الفنَّان
أين منه الأغلالُ تُلقىَ جزافا / فوق رأىٍ وفوق حُرٍ يُعاني
أيها الشرق كنت فَجراً صدوقا / للنبوَّاتِ والنُّهىَ والأمان
كيف أصبحت بالحروب وبالظل / م وبالرَّق وَصمةَ الإنسان
رّبما كنت عاجزاً عن جوابيِ / تتلظى في ضاحك النيران
غلاسائل نيرون شعبٍ ذليل / فهو أدرى بُمعجزِ الأزمان
يا أخي نعمة شكرتكَ نُعمَى
يا أخي نعمة شكرتكَ نُعمَى / تُسعد الموسرينَ والمعدَمينا
أخرستني الهمومث وهي ضوار / ناهشاتٍ قلباً وفياً طعينا
علمَ اللهُ لستُ أنساك عمري / كيف أنسى الضياءَ والياسمينا
كلما سَقسقت يراعتيَ الحرَّ / ى أرادَ الشقاءُ ألاّ تُبيناً
ليتني كنتُ في جواركَ صدَّا / حاً بما صُغتهُ هُدىَ الملهمينا
ليتني ليتني فإنِّى في الهمِّ / رفيقُ الآلامِ دَيناً ودينا
وبوسعي لو أنني غيرُ من ت / رفُ أن أرتقىِ المحلَّ الأمينا
لستُ أشكو وإن شكوُت لأرضىَ / في حياة الجبانِ موتاً مَهينا
لستُ أرضى سوى الكفاح شعاراً / بعدَ ما حُكِّمَ الزعانفُ فينا
نِعمَ غَبنىِ إن كان براً بقومي / من يعش للأنامِ عاشَ غبيناَ
سواءٌ حولَ لنكلنَ المعَّلى
سواءٌ حولَ لنكلنَ المعَّلى / أطوفُ أم أحُّج إلى لنينِ
فليس برافعي إلاّ شعوري / بُدنيا الناسِ والحقِ الغبينِ
أُبُّث الشِّعر أنىَّ كنتُ حُبِّى / وأرعاه بإيماني الأمين
وأدعو للأخوةِ لا أداجي / ولو ضَحَّيتُ بالحظِّ الطعين
وآبى أن أرى شراً لشرّ / جَزاءً إن أَناخ على المئينِ
فليس الحكمُ في الأفراد حكماً / يصُّح على الشُّعوب وفي البنين
وكم من قائلٍ إنىّ بحلمٍ / أجازفُ بالتراثِ وبالسنين
لعلى حالمٌ لكنَّ قلبي / يرّتلُ للتسامحِ خيرَ دين
ثَنائي للإمامِ كرتشقفسكي / يُبارى فيه إعجابي حنيني
الى العلم المَّبرز في نهاه / ورافعِ رايةِ الأدب الثمين
يُرَبِّى الرائدين ولم يزالوا / حماة الفنِ والفكرِ الرصين
اليه تطلعُ الاقوام شتى / كأن الفخرَ من حظَ المدين
كأن الضاد لما غزالته / حمته مع الصبي الحلو المصون
فليس يشيخُ مهما طالَ عمراً / وليس بزاهدٍ أو مستهين
وما نقداته إلا مهوراً / تزَف إلى عزيزات الفنون
تربعَ حاكماً نظما ونثرا / وعف عن السياسة والطنين
فقد صارت مجامرَ محرِقاتٍ / ودرباً للسجون وللمجون
وعاني الحُّر منها ما يعاني / رقيبُ السجن في دارِ الجنون
ولم يبرح يبشِّرُ في ابتسام / لدنيا الناسِ بالفجرِ الجنين
وقد حفَّ الظلام بهم وحيناً / تلظى بالمخاوفِ والظنون
وها أنا مؤمنٌ أزجى دعائي / إليه وللأنام ولليقين
الياسُ عسَّافُ لم تبرح روائعهُ
الياسُ عسَّافُ لم تبرح روائعهُ / نفحاً من الفنّ في نفحٍ من الدين
يسمو بإيمانه عن كلّ مبتذل / كالعطر تَصعدُ من نورِ البساتينِ
ولا يهاب أمامَ النور ما هتفت / به الملايينُ أو جهلَ الملايين
حكت مزاميرَ داوودس رسالتهُ / واستغرقت في المآسي والتلاحينِ
يا مُحرقاً قلبه قربانَ أمته / هَون عليكَ ورفقاً بالمجانينِ
لا بد للدهر من عُمرٍ يُطببِّهم / كي ينقهوا ويعافوا موقف الدونِ
في حينَ لم يزل الجاني يُرقِّصهم / على هَواهُ بأغلالِ المساجين
في الشتاءِ العويلُ والأشجانُ
في الشتاءِ العويلُ والأشجانُ / للألى هان حظهم منذ هانوا
بل فصولُ الحياةِ موتٌ معادٌ / تتساوى فكلُّها حِرمانُ
رُوِّيت من دموعهم زهراتٌ / ثم ماتت وضِّرج البستان
والعطورُ التي حباها ربيعٌ / أنكرتها الحياةُ والأكفان
بدِّدت في المحيطِ لغو أوضاعت / وأباهَا زمانها والمكان
كل ما حولهم وإن لجَّ بالمع / نىَ هراءٌ وكله بُهتان
لا مقاييسَ غيرُ ما يفرضُ الذل / وما يستبيحه الطغيانُ
عقهم كل ما رأوهُ ملاذاً / وانتهى في عقوقه الانسانُ
عَجبوا من وجودهم ومناهُم / بينما البؤسُ حَولهم طُوفانُ
خَجلت في النَّدى طيورٌ تغنَّت / فتغنت بحزنها الغدران
لم يُميَّز ربيعهم من شتاءٍ / في قلوبٍ إجدابُها ألوان
لم يخافوا موتاً وقد وَهَموا المو / تَ حياةً لمثلهم قد تُصانُ
وتناسوا لهم مقالاً وأذها / ناً بعهد تُعاقَبُ الأذهانُ
واستراحوا إلى التدهور واليأ / سِ كأنَّ الرجاءَ لصُّ يدَانُ
وأتى الفارسُ البشيرُ فلم يَح / فل بأنبائِهِ فتىً أو مكانَ
غَير فردٍ منهم هو الشاعرُ الثا / ئرُ في سجنه هو الفَّنان
هو من يعرف انطواءَ على النف / سِ إذا شاع في الهواء الدُّخانُ
وهو من يعرف الزئيرَ من القب / رِ إذا هَدَّمَ القبورَ الجبانُ
وهو في سجنه الأبُّى على السج / نِ فمنه السَّجينُ والسجان
وهو منهم في البؤسِ إن لم يكن من / هم اذا ما استعبدَ النُّهىَ الإذعانُ
قيل أبشر سيحضر المهراجا / عن قريبٍ ويضحك المهرَجَان
إنَّ تشريفهَ لنعمىَ عزيزٌ / أن تَرَاهَا وُكلُّها إحسانُ
وأَعدَّ الحَّكامُ للسيدِ القا / دم ما يفرضُ الرياءُ المزَان
من ضروبِ اللهَّوِ الغريبِ ولو أنَّ / الُمجِّلى من بينهم بهلوانث
كلُّ إتقانهم نفاقٌ وبتهانق / ومنهم ليخجل البهتان
لم يبالوا كم مُرِّغَ الشعبُ في الضي / مِ اذا داسَ رأَسه السلطان
هيأوا الخمرَ والقيانَ وَشَتَّى / من مخازٍ وُخوِدعَ الإيوان
يشمئُّز الجمادُ سراً من الرج / س إذا سَرَّ غيرهَ الإعلان
حينما الناسُ لم يبالوا من الزينات / شيئاً كأنهم عُميان
فإذا الشاعرُ المرَّجبُ فيهم / يتلظى كأنه البركان
قال ياقوم ما القنوطِ بمجدٍ / للعزيزِ النهُّىَ ولا النسيانُ
اصفعوا الغاشمَ الأنَاني واقضوا / في دَعَاوى يُقيمها الشيطانُ
وأتى الموكب المفَّخمُ والرَّاجا / فخورٌ كأنه الديانُ
وانتفاخُ الأوداجِ والصدر والبط / نِ جبالق خلالها القيعانُ
وائتلاقُ الحلِّى غَطَّينَ قَزماً / شررق للنفوسِ لا طَيلسانث
وإذا الناسُ بالمصابيح مُوفُو / نَ كأنَّ النهارَ لا يُستبان
وإذا الشاعر المقَّدمُ حُكمٌ / ساخرٌ فوق ما عَناهُ العِيانث
قال ذاك الطاغوتُ من أنتض ما مع / نى مصابيحكم أهذا جَنانُ
أم جُننتم أينَ الحفاوهُ منكم / أيلاقى التَّفضُّل النُّكرانُ
فأجابَ الفنانُ إنيّ أنا الشا / عرُ فيهم وإنني التَّرجمان
كيفما كانت الخطوب الدَّواهي / أنا قلبٌ ومسمعٌ ولسان
هم دَمىِ من بهم أعُّز ومنهم / يُستُّمد الإلهام والإيمان
إن يكن ذلك القنوط احتواهم / فهو بي حُرقةٌ وبي نيرانُ
وهو من بَدَّل البكامَة إفصا / حاً فعافت قيودَها الأوزان
لم نجئ أيها المؤمَّرُ فينا / كالضحايا تنالها الأوثانُ
إنما هذه المصابيحُ أدَّت / غايةَ السُّخرِ إن يُغلَّ اللسانُ
للذى لا يرى رعاياه في البؤ / سِ فماتوا به مِراراً وعانوا
ثم دوَّى المكانُ من غضبهِ الرَّاجا / وكادت تُهدَّمُ الاركان
وقضى الشاعرُ الوفُّى غريباً / يصحب النفىَ ما له شُطآنُ
ثُمَّ وَلِّى جيلٌ وجيلٌ فسادت / ثورةُ الشعبِ وانقضى الصولجانُ
أهذا هو الفنانُ نسمعه فنَّا
أهذا هو الفنانُ نسمعه فنَّا / وليس الذي قد عاش في الأرضِ وافتنا
وهل يحتوى هذا الأثيرُ على المدى / أغاريدَ لن تَلقَى كمبدعها الَّدفنا
تطوفُ على الآذان وهي شواردٌ / وحيناً تلاقى الذهنَ يُنصتُ والأذنا
كما تُنصتُ الأشجارُ وهي سواهمٌ / ومنها الذي ناجى ومنها الذي غنَّى
وليس تراثُ العبقرية نغمةً / ولكن صداها الخالقُ الغيبَ والكونا
كأنَّ بنى الانسان ليسوا بعيشهم / بنى الأرضِ أو أنَّ الحياةَ بلا مَعنىَ
وأنَّ وُجودَ الناسِ بعد مماتهم / فبعضهمو يحيا وُجُّلهمو يَفنىَ
وما هذه الأشباح إلاَّ تجاربٌ / وما الكائنُ الباقي سوى الَمثلِ الأَسنى
مرقرقَ أنفاسِ الطبيعةِ فتنةً / وواهبها للنَاس ألحانه الحسنىَ
سواء سمعناها جهاراً وهمسةً / وصمتاً وإضماراً فقد كنتها فَنَّا
وما كان هذا السحرُ ايقاع ساعة / ولكنه خُلدٌ تمثلتهُ عينا
ترَدَّدَ في الأجواءِ والكونُ خاشعٌ / ولا ينتهى الترداد حِساً ولا ظَنَّا
وقد حَّركَ الُمزنض الشتيت فعابرٌ / على عَبرةٍ أو حاضرٌ حِسُّه مِنا
كأنَّ الرذاذَ الُحلوَ أشواقُ رفقةٍ / تعالوا وَحيُّونا وقد سكبوا المزنة
أصخنا جميعاً لا نضيعُ لحظةً / كأنا شككنا بعدها أن نَرى أمنا
كأنا رفضنا العيشَ دقاتِ قَلبنا / وأنا اندمجنا في الخلود وما جَّنا
وما نسمعُ الأنغامَ عزفاً مسلسلاً / ولكنها الأحلامُ صادرةً عنا
توحدت الأضداد حتى كأنها / عيالُ حباهَا الفُّن من شأنِه شأنا
كأنَّ الأخاءَ السمحَ في ظل أسرهِ / فلما انقضى صرنا نرى بعده الغبنا
وكنا انطلقنا من سجونِ عتيةٍ / بأجسامنا حيناً فلما انتهى عُدنا
فيا ليتني أصبحتُ لحناً مشرداً / ووَّفيت للكونِ الِّربا الجَّم والدَّينا
ويا ليتني بادلتُ عمري بمقبلٍ / فهذى حروبُ الظلم تطحننا طحنا
العيد أنتمُ إذا ما النُّجحُ حالفكم
العيد أنتمُ إذا ما النُّجحُ حالفكم / والعيدُ أنتم بإخلاصٍ وإيمان
صُمتم فكانت حياةُ الصومِ تجربةً / بِراً بدينِ وأخلاقٍ وأوطانِ
واليومَ هنأكم عيدٌ وبارككم / كما يباركُ غرَساً طابَ بُستاني
العيدُ جذلانُ إذ أضحت أخَّوتكم / تُزهَى بكم بعد أتراحٍ وأشجانِ
والعيدُ نشوانُ من دينٍ يوحدكم / كشعلةِ الحبِّ تسقىِ كلَّ روحاني
صُمتم عن السوءِ والأحقادِ في زمنٍ / طاشت عقولٌ وُهدِّدنا بِعدوانِ
مُرتلينَ من الآياتِ أَحكمها / مجداً لفكرٍ وإنصافاً لإنسانِ
صُمتم مثالَ المساواةِ التي نُشدَت / وما تزال لأزمانٍ وأزمان
وجاءَ إفطارُكم معنىً لنصرِتكم / وجاءَ تعييدكم تتويجَ إحسان
بوركتِ يا أممَ الاسلامِ من أُممٍ / لا تعرف الشِّركَ في حقٍ ودّيانِ
ولا بمبدئها في الحكم صامدةً / كأنّما هو دينٌ عندها ثاني
هذا كتابُكِ عَدلُ لا مثيلَ له / وذاك عهُدكِ يأبى كل طُغيانِ
وذاك تاريخكِ الفوّاحُ من سِيرٍ / بالعلمِ والحلمِ سارت سيرَ رُكبان
مصادُرالوحي بعدَ الوحىِ باقيةٌ / رؤىً ولحناً وألواناً لِفنانش
ومنبعُ الأدبِ العالي لعارفه / ومَطلعُ العلم للرّاجي لِعرَفان
من ذا يبُّز تراثاً ليس جَوَهرهُ / مِلكاً لِعصرٍ ولا مُلكاً لِسلطانِ
صُونيهِ صُونيهِ عَمَّن هدّوا أُمماً / بِخَتلهم أو بعدوانٍ ونيرانِ
واستقبلى العيدَ في حُرِّيةٍ سبغت / شَتَّانَ ما بينَ أحرارٍ وُعبدَانِ
طَرَفت فلما أغرورقت عيني
طَرَفت فلما أغرورقت عيني / وصحت صحوتُ للوعة البينِ
خمسٌ من السنوات قد ذهبت / بأعزِّ ما سميتهُ وطني
ما زالت الأفراح تنهبهُ / وهي المآتمُ في رؤَى الفطنِ
أفراحُ ساداتٍ له نُجبٍ / من كلِّ صُعلوكٍ وُممتنِّ
طالت أياديهم واذ لمسوا / أعلى الُّذَرى سقطوا عن القنن
ياليتهم سقطوا وما تركوا / زُمَراً تُتابعهم بلا أَينِ
تركوا الوصوليين صاعدهم / صنوٌ لها بطهم أخو ضَغنِ
وكأنَّهم أكوازُ ساقية / دوَّارةٍ بالشِّر للفطنِ
لا شئَ يشغلهم ويُسعدهم / إلاّ الأذَى في السِّر والعلن
عبثوا بنا وبكل ما ورثت / مصرُ العزيزةُ من غِنىَ الزَّمن
هذا الربيعُ السمحُ واكفهُ / دمعي ودمعُ البؤسِ في وطني
خَلفَّته أسوانَ قد سلبوا / قَهراً وشائجَ نفعهِ مِنِّى
خَلفَّتهُ لا شئَ يَشغلني / إلاَّهُ وهو بِشغلهِ عَنِّي
وتركته الأَغلى الذي فُتنت / رُوحي به وأشاحَ عن فَنِّي
يا للربيعُ ممازِحاً فرِحاً / ولئن بكى ومُشنِّفاً أُذني
أصغي إليهِ ولا أحسُّ به / وَهوَاه في قلبي وفي عَيني
يَجريِ ويقفزُ في مُداعبةٍ / نشوانَ من فَننٍ إلى فَننِ
والشمسُ قد تَركَت غلائلها / نَهباً لديه فَلجَّ في الفِتنِ
وَبَدت عرائِسهُ وقد وُلِدت / في الفجرِ راقصةً تُغازُلني
عَرِيَت وكل كيانها عَبقٌ / ورؤىً وأطيافٌ من اللَّونِ
يا لطفها فيما تُبادلني / بمنَّوعٍ من سحرها الفنِّى
وأنا كأنيّ لم أَخصَّ بها / شعري ولم يزخر بها زمني
وكأنّما غفرت مُجانبتي / ورأت أساىَ أجلَّ من ديني
مَن ذا يُحسُّ شُعورَ مُغتربٍ / غيرُ الربيع بدمعهِ الهتن
غُير الطبيعةِ وهي حانيةٌ / تسعى وتمنحنا الذي تجني
هيَ بي وَلوعَةِ مُهجتي أدرَى / وبكلِّ ما ألقاهُ من مِحنِ
ولئن تكن عَصفت فَغضبتها / شِبهُ العتاب يُساق للوَسن
إن حالَ دوُنَ لقائِها مرضى / وغدا الفراشُ مُحاصِراً ذِهني
جارحةٍ لها شَغفي / وبها أَظل مُناجِياً وطني
سألوني لم ارتحلتَ كأني
سألوني لم ارتحلتَ كأني / لم أجبهم بسيرتي نصفَ قرنِ
شادياً بالطليقِ من شعريَ الباكي / أغنى لمجدِهم ما أغنى
وحياتي لعِّزهم في كفاحٍ / ككفاحِ الشُّعاعِ في وسطِ دَجن
مُثل لن تُحدَّ نَوعاً وعداً / كنجومِ السماءِ في كل فنِ
وتَبَّلغتُ بالعذابِ وبالبؤسِ / مراراً وكل حظى التجَّنى
وكأني وَحدِي المسئُ بإحسا / ني لعصري أو أنه لم يَسعني
ما كَفاهُم أنِّى أعاني وجودي / في وُجودٍ بقاؤه مَحضُ غَبنِ
ما كَفاهُم أني أواصلُ ليلى / بنهاري لأجلهم وسطَ من
ما كفاهم أني أضحى بروحي / حينما عزَّ من يُضحَّى ويُغنى
ما كفاهم أني تناسيتُ نفسي / فوق نسيانهمُ حقوقي وأينى
ما كفاهم أنى لهم ذلك الرا / ئدُ يشقى كالراحِ في أسرِدنِّ
ما كفاهُم أني ارتضيتُ شقائي / لي جزاءً ويهدمون وأبنى
ما كفاهُم هذا وهذا فنادوا / بعقوقي وما رَعَوا حق سنِّى
ثم حالوا بين المثاليِّةِ العل / يا لفكري وبين سعيى وبيني
فترَّحلتُ حيثُ يحُترمُ الاحرا / رُ وحيثُ الهواءُ طلقٌ لذهني
وأظل الوفي رغمَ اغترابي / لبلادٍ ما غُيبِّت قطَّ عنِّي
لا الطعنةُ البكرُ يومَ الثأرِ تكفيني
لا الطعنةُ البكرُ يومَ الثأرِ تكفيني / ولا التغني بإنصافِ الملايينِ
حولي دموعٌ ونيرانٌ مؤججةٌ / وإن نأيتُ وآلافُ القرابين
قد ساورتني في صحوى وفي سنتي / وبلبلتني بصيحاتِ المجانين
الجائعينَ العرايا ليس يسترهم / غيرُ الجراح وعضَّاتِ الشياطين
الساخطَين وما يُصغى لهم أحد / غيرُ الخرابِ وغير المنزِل الدون
الحائرينَ بأصفادٍ وقد حَسدوا / في سجنِ أرواحهم كلَّ المساجين
الحاملينَ على أكتافهم حقباً / غدرَ العتاةِ وأنجاس السلاطين
الشاردينَ هباءً لا يُعادِ لهُ / ذل الجباهِ ولا بؤسُ المساكين
الضائعين كأنَّ الدهرَ أهملهم / من كل حسبانه دونَ البراهينِ
الغانمينَ نفاقَ الناسِ تزكيةً / ومنَّهم بالأذى شتَّى الرياحينِ
أبناءُ قومي الألى ما فتهم طمعاً / إلاّ بثأرٍ شريفٍ في دواويني
من كلِّ بيت شواظُ النار آيتهٌ / والنورُ حجتهُ طولَ الأحايينِ
إن فاتَ سمع الألى في لهوهم سدروا / وعرفوا الشعرَ محدودَ التلاحينِ
فسوف تطغى على الأوهامِ ثورُتهُ / على الضلالِ على غشِّ الموازينِ
وسوف تزأرُ الأحجارِ صيحتهُ / حتى تطيرَ ولا طيرَ الشواهين
وسوف يمحقُ جَّباراً ومقتدراً / شر الثعابين بل كلَّ الثعابينِ
ما الطعنةُ البكرُ يومَ الثأرِ مُغنيةٌ / إن لم تُعمم لإنقاذِ الملايينِ
اضحكوا ثم اضحكوا يا هازلين
اضحكوا ثم اضحكوا يا هازلين / واغنموا تعذيبكم قلبي الطَّعين
أضحكوا لم يبق عندي أملٌُ / في شفاءِ العابثينَ الماجنين
الأ لي باعوا على أوطانهم / مثلما باعوا حقوقَ الكادحين
واستباحوا رَجمَ مثلي بالأذَى / وأحُّلوا عزَّةَ الباغي الخؤون
بعد ما غادرتُ أوطاني لكم / كل ظُلمٍ نالني صارَ يهون
كيفما شئتم لكم أن تخنقوا / أو تُجيعوني كما شاءَ الجنون
فأنا الصُّلبُ الذي إن شاخ لم / يتحظَّم بخطوبٍ وشجون
أنا من نفسي أمير سيد / وانا منها هزبرٌ في عرين
حُرقتي ليست للنفسي بل أسىً / للذي يشقى به الشعبُ الغبين
صلواتُ الذلِّ في أفواهكم / والقرابينُ إلى الحوتِ البدين
يا لكم من طُغمةٍ فاسدةٍ / تحسب الحمقَ سلاحَ الفاتحين
هيَ أيامٌ لكم معدودةٌ / ومن الأيامِ في الوهمِ سنين
ثم يمضى الحوتُ يبقى أكلكم / لقمةً واحدةَ غير ضنين
اضحكوا واستعذبوا تقريبه / جَمعكم منه إلى يومٍ وحين
فقصاركم جميعاً صيدكم / يستوى الماكولُ بين الآكلين
ليسَ نومُ الشعبُ إلاَّ سِنةً / وكذاك العدلُ أو صدقُ اليقين
إن تظُّنوا الأمرَ في الدنيا لمن / خادعَ الدنيا فعدتهُ الأمين
فعظاتُ الدهرِ في أحكامها / لم تُخادِع أو تُخادَع بالطنين
إنما الحُّق هو الغلابُ لن / يُزَهقَ الحُّق ولو عاش سجين
حاصرتموني وحلتم دون إحساني
حاصرتموني وحلتم دون إحساني / كما أود وجُزتُم كل حسباني
فلم تزيدوا بإيلامي سوى حُججٍ / زكت رحيلي عن ظلمٍ وخُذلانِ
عبتم بياني وصوتي مثلَ من وصموا / آيَ الكتاب بِعىٍّ عند تبياع
إن ضاع عمرَ في طُغيانَ من نشدوا / ذلِّي فلي من كفاحي الحرِّ عمرانِ
هيهاتَ هيهاتَ تدويخيِ وإن وهموا / وإن أكن نَهبَ عدوانٍ وعدوانٍ
إِيهاً أبالسةَ الطاغوتِ أَرسلهم / رمزاً له لا لشعبٍ ساخطٍ عانِ
عَلامَ أشكو ولو للجوع منقلبي / ولو لسهدٍ وتعذيبٍ وأشجانِ
ما دام أهلي بوادي النيل جاوبهم / دمعي ويجري بماءِ النيلِ دمعانِ
بئسَ السفارةُ تضليلاً وسُخريةً / كأنما هي تمثيلٌ لعميانِ
من ذا تُخادعُ في دنيا مثقَّفةٍ / لا شئَ يُعقلُ فيها دون برهانِ
من ذا تخادعُ والأحداثُ ناطقةٌ / بكل خزىٍ وإن تُحجب بجدرانِ
من ذا تُخادعُ والدنيا بأجمعها / تضُّج لاعنةً طاغوتها الجاني
من ذا تخادعُ والأحرارُ يجمعهم / سُخطى ومثلَّهم بؤسى وحرماني
وهل تحاربُ مثلي وهي حاسبةٌ / أنَّ القداسةَ قد عادت لأوثانِ
وأنَّ كلَّ الورَى أنعامُ حاكِمهم / وإن يكن دون أنعامٍ وعبدان
وأنَّ ما سطر التاريخ في لهبٍ / ما كان وعظاً ولكن ضَحكَ نيرانِ
تباركَ اللهُ هل كافورُ فَنَّانٌ
تباركَ اللهُ هل كافورُ فَنَّانٌ / وذلك العهر والإجرامُ إحسانُ
عَمَّ الهتافُ له فالجيشُ سادُنه / والسابحون خليجَ المنشِ أسدانُ
وقد غدا النثرُ عبداً في تملقهِ / والشعرُ هانَ له أضعاف من هانوا
لقد خُدعنا وإلاَّ فهو ذا مرضٌ / والفجرُ كالسُّقمِ ألوانٌ وألوان
من ذا أحدِّثُ تَنبيهاً وموعظةً / والقائدونَ لنا صُم وعميانُ
الاو فهم بين عبدٍ طالبٍ صلةً / وآخرٍ مالهُ رجسٌ وطُغيان
وبين عاشق ألقاب وبهرجةٍ / وكل حرصٍ له سجنٌ وسجَّان
ماذا دهى الشعبَ في أقلامِ قادِتهِ / كأنما هي للغربان عيدانُ
وأين أينَ الألى صُغنا لهم سُوراً / من المديح كأنَّ المدحَ كفرانُ
صاروا أبالسةً أو أنَّهم خُلقوا / من معدنين أخسَّاءٌ وشجعان
ووزعوا تهمَ التلفيقِ صارخةً / بالزورِ فاستعبدَ الأحرار عبدان
من ذا أحدثُ والأيامُ شاهدةٌ / مهازلاً مالها وصفٌ وتبيانُ
من ذا أحدِّثُ والأحرار قد خرسوا / وليس بين جميعِ الناس إنسانُ
من ذا أحدِّثُ والُّظلامُ قد فرضوا / دينَ الطغاةِ كأنَّ الظلمَ إيمانُ
من ذا أحدثُ والحكامُ أجمعهم / قد استقلَّ بهم زورٌ وبهتانث
من ذا أحدِّثُ والمرجو متهمٌ / ومن أنادى وخيرُ الناس قد خانوا
أستغفرُ الله لا نورٌ ولا أملٌ / ولا حياةٌ كأنَّ الناسَ ما كانوا
إلاّ فريقٌ ضئيلٌ لا يحسُّ بهِ / وهل تُحسُّ هباءَ الأرضِ أوثانُ
قد جمعتنا همومُ اليأسِ من وطنٍ / لولم يسخر لغارت منه أوطان
وجمعتنا شجونٌ ليس يدركها / إلا ألاباةُ وزفراتٌ ونيران
وجمعتنا معانٍ لا نبوحُ بها / كما يُخبئُ سُخطَ الربِّ بركانُ
وجمعتنا الحرمان ألوانُ / وجمعتنا من التشريد أزمانُ
وكُّلنا أينما قد عاشَ مُغتربٌ / وكلنا أينما يَبتل ظمآن
وكُّلنا يستقل التضحيات له / وكم يُعاني ولكن وهو نشوان
ألا تعودُ سؤال رنَّ في أُذني
ألا تعودُ سؤال رنَّ في أُذني / ولا يزالُ فهل لم يعرفوا شجني
غادرتُ مصرَ لما عانيتُ من عنتٍ / كأنَّ جرمي أنيِّ سابقٌ زمني
غادرتُها بعد ما عوقبت دون وني / على وفائي وإسدائي إلى وطني
غادرتها وأنا المبقى محبتها / ديني ولا دينَ مصلوبٍ على وثن
وما تزالُ بها الأحداُ عابثةً / عبثَ العواصفِ بالعصفورِ والفنن
لمن أعودُ ولم تنشد معاونتي / بل حاربتني بألوانٍ من الإحَن
لكلِّ أحمقَ أو لصٍّ وذى ضغنٍ / وحاسدٍ نبغوا في الدسِّ والضغنِ
وكيف أهجرُ أرضاً كرَّمت أدبي / وبجلتنيِ وأعلتني بلا ثمنِ
سوى تحررِ تفكيري وأكثرهُ / نفعٌ لمصرَ على الحالين لم يَهنِ
لمن أعودُ وفي منفاىَ لي وطنٌ / وذاكَ مسقطُ رأسي اليوم باعدني
لمن أعودُ ولا أهلٌ ولا سكنٌ / وخير صحبي في دمعي وفي حزني
لمن أعود وجهدي صائعٌ سفهاً / في مصر والحاكم المأفون خاصمني
ليس اغترابي اغتراباً إن يصن فكري / ولم يئد صدقَ تعبيري وشجَّعني
وإن أذُق من حنيني لوعةً فأسىً / على مراتعِ أحلامي مع الزمن
أتوسوسين لنا بسرٍّ قد خبأتِ مدى الشتاء
أتوسوسين لنا بسرٍّ قد خبأتِ مدى الشتاء /
هذى البراعم إذ تُفتَّحُ لا يُخالطها الرياء /
تروى لنا الأزهارُ والأوراقُ من نفح الحياة /
سراً ومن قُبلِ الجمالِ أحب ما تهوى الشفاه /
النحل تفهمها فكيف الناسُ هل معنى الوجود /
لغزٌ يفوت العقلَ إذ يعلو ويُخطئه الصُّعود /
أنا من فهمتكِ بل عشقتكِ إذ أنا شئٌ صغير /
أنا بعضُ هذا النحلِ في شغفى وفي حلمي القرير /
قالوا وقد شاهدوا نزفي وعضَّ يدى
قالوا وقد شاهدوا نزفي وعضَّ يدى / من العقوقِ لإيماني وإحساني
ألم يحن أن تَعافَ الناسَ معتزلاً / فقلتُ كلاّ فخلَّى كُّل إنسانِ
لئن سخطتُ فحسبي أن أؤدَّبهم / ولن افرطَ في برِّى وإيماني
أولىَ لدىَّ عقوقُ النَّاسِ أجمعهم / من أن أُقابلَ عُدواناً بعدوانِ