المجموع : 147
وَمُؤاتي الطَرفِ عَفِّ اللِسانِ
وَمُؤاتي الطَرفِ عَفِّ اللِسانِ / مُطمِعِ الإِطراقي عاصي العِنانِ
مازِجٍ لي مِن رَجاءٍ بِيَأسٍ / نازِحٍ بِالفِعلِ وَالقَولِ دانِ
فَإِذا خاطَبَكَ الجِدُّ عَنهُ / أَكذَبَ الجِدَّ حَديثُ الأَماني
غَيرَ أَنّي قائِلٌ ما أَتاني / مِن ظُنوني مُكَذِبٌ لِلعِيانِ
آخِذٌ نَفسي بِتَأليفِ شَيءٍ / واحِدٍ في اللَفظِ شَتّى المَعاني
قائِمٌ في الوَهمِ حَتّى إِذاما / رُمتُهُ رُمتُ مُعَمّى المَكانِ
فَكَأَنّي تابِعٌ حُسنَ شَيءٍ / مِن أَمامي لَيسَ بِالمُستَبانِ
فَتَعَزَّيتُ بِصِرفٍ عُقارٍ / نَشَأَت في حِجرِ أُمِّ الزَمانِ
فَهيَ سِنُّ الدَهرِ إِن هِيَ فُرَّت / نَشَئا وَارتَضَعا مِن لِبانِ
وَتَناساها الجَديدانِ حَتّى / هِيَ أَنصافُ شُطورِ الدَنانِ
فَاِفتَرَعنا مُزَّةَ الطَعنِ فيها / نَزَقُ البِكرِ وَلينُ العَوانِ
وَاِحتَسَينا مِن عَتيقٍ عُقارٍ / خُسرَوِيٍّ كامِنٍ في لِيانِ
لَم يَجفُها مِبزَلُ القَومِ حَت / تى نَجَمَت مِثلَ نُجومِ السِنانِ
أَو كَعِرقِ السامِ يَنشَقُّ عَنهُ / شُعَبٌ مِثلَ اِنفِراجِ البَنانِ
فَلِيَ الصَهباءُ أَبكي عَلَيها / وَالمَغاني لِبُكاةِ المَغاني
أَلا دارِها بِالماءِ حَتّى تُلينَها
أَلا دارِها بِالماءِ حَتّى تُلينَها / فَلَن تُكرِمَ الصَهباءَ حَتّى تَهينَها
أُغالي بِها حَتّى إِذا ما مَلَكتُها / أَهَنتُ لِإِكرامِ الخَليلِ مَصونَها
وَصَفراءَ قَبلَ المَزجِ بَيضاءَ بَعدَهُ / كَأَنَّ شُعاعَ الشَمسِ يَلقاكَ دونَها
تَرى العَينَ تَستَعفيكَ مِن لَمَعانِها / وَتَحسِرُ حَتّى ما تُقِلَّ جُفونَها
تَروغُ بِنَفسِ المَرءِ عَمّا يَسوءُهُ / وَتَجدُلُهُ أَلّا يَزالَ قَرينَها
كَأَنَّ يَواقيتاً عَواكِفَ حَولَها / وَزُرقَ سَنانيرٍ تُديرُ عُيونَها
وَشَمطاءَ حَلَّ الدَهرُ عَنها بِنَجوَةٍ / دَلَفتُ إِلَيها فَاستَلَلتُ جَنينَها
كَأَنّا حُلولٌ بَينَ أَكنافِ رَوضَةٍ / إِذا ما سَلَبناها مَعَ اللَيلِ طينَها
غَنِّنا بِالطُلولِ كَيفَ بَلينا
غَنِّنا بِالطُلولِ كَيفَ بَلينا / وَاِسقِنا نُعطِكَ الثَناءَ الثَمينا
مِن سُلافٍ كَأَنَّها كُلُّ شَيءٍ / يَتَمَنّى مُخَيَّرٌ أَن يَكونا
أَكَلَ الدَهرُ ما تَجَسَّمَ مِنها / وَتَبَقّى لُبابُها المَكنونا
فَإِذا ما اِجتَلَيتَها فَهَباءٌ / يَمنَعُ الكَفَّ ما يُبيحُ العُيونا
ثُمَّ شُجَّت فَاِستَضحَكَت عَن لَآلٍ / لَو تَجَمَّعنَ في يَدٍ لَاِقتُنينا
في كُؤوسٍ كَأَنَّهُنَّ نُجومٌ / جارِياتٌ بُروجُها يَبدينا
طالِعاتٍ مَعَ السُقاةِ عَلَينا / فَإِذا ما غَرَبنَ يَغرُبنَ فينا
لَو تَرى الشَربَ حَولَها مِن بَعيدٍ / قُلتَ قَومٌ مِن قِرَّةٍ يَصطَلونا
وَغَزالٍ يُديرُها بِبَنانٍ / ناعِماتٍ يَزيدُها الغَمزُ لينا
كُلَّما شِئتُ عَلَّني بِرُضابٍ / يَترُكُ القَلبَ لِلسُرورِ خَدينا
ذاكَ عَيشٌ لَو دامَ لي غَيرَ أَنّي / عِفتُهُ مُكرَهاً وَخِفتُ الأَمينا
أَدِرِ الكَأسَ حانَ أَن تَسقينا / وَاِنقُرِ الدَفَّ إِنَّهُ يَلهينا
وَدَعِ الذِكرَ لِلطُلولِ إِذا ما / دارَتِ الكَأسُ يَسرَةً وَيَمينا
يا اِبنَةَ الشَيخِ اِصبَحينا
يا اِبنَةَ الشَيخِ اِصبَحينا / ما الَّذي تَنتَظِرينا
قَد جَرى في عودِكِ الما / ءُ فَأَجري الخَمرَ فينا
إِنَّما نَشرَبُ مِنها / فَاِعلَمي ذاكَ يَقينا
كُلَّ ما كانَ خِلافاً / لِشَرابِ الصالِحينا
وَاِصرِفيها عَن بَخيلٍ / دانَ بِالإِمساكِ دينا
طَوَّلَ الدَهرُ عَلَيهِ / فَيَرى الساعَةَ حينا
قِف بِرَبعِ الظاعِنينا / وَاِبكِ إِن كُنتَ حَزينا
وَاِسأَلِ الدارَ مَتى فا / رَقَتِ الدارُ القَطينا
قَد سَأَلناها وَتَأبى / أَن تُجيبَ السائِلينا
وَبِكرِ سُلافَةٍ في قَعرِ دَنٍّ
وَبِكرِ سُلافَةٍ في قَعرِ دَنٍّ / لَها دِرعانِ مِن قارٍ وَطينِ
تَحَكَّمَ عِلجُها إِذ قُلتُ سُمني / عَلى غَيرِ البَخيلِ وَلا الضَنينِ
شَكَكتُ بُزالَها وَاللَيلُ داجٍ / فَدَرَّت دِرَّةَ الوَدَجِ الطَعينِ
بِكَفِّ أَغَنَّ مُختَضِبٍ بَناناً / مُذالِ الصَدغِ مَضفورِ القُرونِ
لَنا مِنهُ بِعَينَيهِ عِداتٌ / يُخاطِبُنا بِها كَسرُ الجُفونِ
كَأَنَّ الشَمسَ مُقبِلَةٌ عَلَينا / تَمَشّى في قَلائِدِ ياسَمينِ
أَقولُ لِناقَتي إِذ بَلَغَتني / لَقَد أَصبَحتِ عِندي بِاليَمينِ
فَلَم أَجعَلكِ لِلقُربانِ نَحراً / وَلا قُلتُ اِشرَقي بِدَمِ الوَتينِ
حَرُمتِ عَلى الأَزِمَّةِ وَالوَلايا / وَأَعلاقِ الرِحالَةِ وَالوَضينِ
يا سُلَيمانُ غَنِّني
يا سُلَيمانُ غَنِّني / وَمِنَ الراحِ فَاِسقِني
ما تَرى الصُبحَ قَد بَدا / في إِزارٍ مُتَبَّنِ
فَإِذا دارَتِ الزُجا / جَةُ خُذها وَأَعطِني
عاطِني كَأسَ سَلوَةٍ / عَن أَذانِ المُؤَذِّنِ
اِسقِني الخَمرَ جَهرَةً / وَأَلِطني وَأَزنِني
سَقاني مِن يَدَيهِ وَمُقلَتَيهِ
سَقاني مِن يَدَيهِ وَمُقلَتَيهِ / مِنَ الراحِ المُعَتَّقِ شَربَتَينِ
فَبِتُّ مُرَنَّحاً مِن شَربَتَيهِ / ضَريعاً قَد مُنيتُ بِكَربَتَينِ
هِلالٌ مُشرِقٌ بَدرٌ لِتِسعٍ / وَثالِثَةٍ مَضَت بَعدَ اِثنَتَينِ
يُديرُ مِنَ المُدامَةِ بِنتَ سَبعٍ / وَواحِدَةٍ مَضَت بَعدَ اِثنَتَينِ
أَقولُ لَهُ وَقَد طَرَدَت كَرانا / أَدِرها وَاِسقِنا بِالراحَتَينِ
دَقَّ مَعنى الخَمرِ حَتّى
دَقَّ مَعنى الخَمرِ حَتّى / هُوَ في رَجمِ الظُنونِ
كُلَّما حاوَلَها النا / ظِرُ مِن طَرفِ الجُفونِ
رَجَعَ الطَرفُ حَسيراً / عَن خَيالِ الزَرَجَونِ
لَم تَقُم في الوَهمِ إِلّا / كَذَّبَت عَينَ اليَقينِ
فَمَتى تُدرِكُ ما لا / يُتَحَرّى بِالعُيونِ
وَخَمّارَةٍ لِلَّهوِ فيها بَقِيَّةٌ
وَخَمّارَةٍ لِلَّهوِ فيها بَقِيَّةٌ / إِلَيها ثَلاثاً نَحوَ حانَتِها سِرنا
وَلِلَّيلِ جِلبابٌ عَلَينا وَحَولَنا / فَما إِن تَرى إِنساً لَدَيهِ وَلا جِنّا
يُسايِرُنا إِلّا سَماءً نُجومُها / مُعَلَّقَةٌ فيها إِلى حَيثُ وَجَّهنا
إِلى أَن طَرَقنا بابَها بَعدَ هَجعَةٍ / فَقالَت مَنِ الطُرّاقُ قُلنا لَها إِنّا
شَبابٌ تَعارَفنا بِبابِكِ لَم نَكُن / نَروحُ بِما رُحنا إِلَيكِ فَأَدلَجنا
فَإِن لَم تُجيبينا تَبَدَّدَ شَملُنا / وَإِن تَجمَعينا بِالوِدادِ تَواصَلنا
فَقالَت لَنا أَهلاً وَسَهلاً وَمَرحَباً / بِفِتيانِ صِدقٍ ما أَرى بَينَهُم أَفنا
فَقُلتُ لَها كَيلاً حِساباً مُقَوَّماً / دَواريقَ خَمرٍ ما نَقَصنَ وَما زِدنا
فَجاءَت بِها كَالشَمسِ يَحكي شُعاعُها / شُعاعَ الثُرَيّا في زُجاجٍ لَها حُسنا
فَقُلتُ لَها ما الإِسمُ وَالسِعرُ بَيِّني / لَنا سِعرَها كَيما نَزورُكَ ما عِشنا
فَقالَت لَنا حَنّونُ إِسمي وَسِعرُها / ثَلاثٌ بِتِسعٍ هَكَذا غَيرَكُم بِعنا
وَلَمّا تَوَلّى اللَيلُ أَو كادَ أَقبَلَت / إِلَينا بِميزانٍ لِتَنقُدَنا الوَزنا
فَقُلتُ لَها جِئنا وَفي المالِ قِلَّةٌ / فَهَل لَكِ في أَن تَقبَلي بَعضَنا رَهنا
فَقالَت لَنا أَنتَ الرَهينَةُ في يَدي / مَتى لَم يَفوا بِالمالِ خِلَّدتُكَ السِجنا
أَربَعَةٌ يَحيا بِها
أَربَعَةٌ يَحيا بِها / قَلبٌ وَروحٌ وَبَدَن
الماءُ وَالبُستانُ وَال / خَمرَةُ وَالوَجهُ الحَسَن
لِمَن طَلَلٌ عاري المَحَلَّ دَفينُ
لِمَن طَلَلٌ عاري المَحَلَّ دَفينُ / عَفا آيُهُ إِلّا خَوالِدُ جونُ
كَما اِقتَرَنَت عِندَ المَبيتِ حَمائِمٌ / غَريباتُ مُمسىً ما لَهُنَّ وُكونُ
دِيارُ الَّتي أَمّا جَنى رَشَفاتِها / فَيَحلو وَأَمّا مَسُّها فَيَلينُ
وَما أَنصَفَت أَمّا الشُحوبُ فَبَيِّنٌ / بِوَجهي وَأَمّا وَجهُها فَمَصونُ
وَدَوِّيَّةٍ لِلريحِ بَينَ فُروجِها / فُنونُ لُغاتٍ مُشكِلٌ وَمُبينُ
رَمَيتُ بِها العيدِيِّ حَتّى تَحَجَّلَت / نَواظِرُ مِنها وَانطَوَينَ بُطونُ
وَذي حِلِفٍ بِالراحِ قُلتُ لَهُ اصطَبِح / فَلَيسَ عَلى أَمثالِ تِلكَ يَمينُ
شُمولاً تَخَطَّتها المَنونُ فَقَد أَتَت / سِنونٌ لَها في دَنِّها وَسِنونُ
تُراثُ أُناسٍ عَن أُناسٍ تُخَرَّموا / تَوارَثَها بَعدَ البَنينِ بَنونُ
فَأَدرَكَ مِنها الغابِرونَ حُشاشَةً / لَها هَيَجانٌ مَرَّةً وَسُكونُ
كَأَنَّ سُطوراً فَوقَها فارِسِيَّةً / تَكادُ وَإِن طالَ الزَمانُ تَبينُ
لَدى نَرجِسٍ غَضِّ القِطافِ كَأَنَّهُ / إِذا ما مَنَحناهُ العُيونَ عُيونُ
مُخالِفَةٍ في شَكلِهِنَّ فَصَفرَةٌ / مَكانُ سَوادٍ وَالبَياضُ جُفونُ
فَلَمّا رَأى نَعتي ارعَوى وَاستَعادَني / فَقُلتُ خَليلٌ عَزَّ ثُمَّ يَهونُ
فَصَدَّقَ ظَنّي صَدَّقَ اللَهُ ظَنُّهُ / إِذا ظَنَّ خَيراً وَالظُنونُ فُنونُ
اِسقِني يا اِبنَ أُذَينِ
اِسقِني يا اِبنَ أُذَينِ / مِن شَرابِ الزَرَجونِ
اِسقِني حَتّى تَرى بي / جِنَّةً غَيرَ جُنونِ
قَهوَةً عُمِّيَ عَنها / ناظِرا رَيبِ المَنونِ
عُتِّقَت في الدَنِّ حَتّى / هِيَ في رِقَّةِ ديني
ثُمَّ شُجَّت فَأَدارَت / فَوقَها مِثلَ العُيونِ
حَدَقاً تَرنو إِلَينا / لَم تُحَجَّر بِجُفونِ
ذَهَباً يُثمِرُ دُرّاً / كُلَّ إِبّانٍ وَحينِ
بِيَدَي ساقٍ عَلَيهِ / حِلَّةٌ مِن ياسَمينِ
وَعَلى الأُذنَينِ مِنهُ / وَردَتا آذَرَيونِ
غايَةٌ في الشَكلِ وَالظُر / فِ وَفَردٌ في المُجونِ
غَنِّني يا اِبنَ أَذينِ / وَلَها بِالماطِرونِ
بِدَيرِ بَهرَذانَ لي مَجلِسٌ
بِدَيرِ بَهرَذانَ لي مَجلِسٌ / وَمَلعَبٌ وَسطَ بَساتينِهِ
رُحتُ إِلَيهِ وَمَعي فِتيَةٌ / نَزورُهُ يَومَ سَعانينِهِ
بِكُلِّ طَلّابِ الهَوى فاتِكٍ / قَد آثَرَ الدُنيا عَلى دينِهِ
حَتّى تَوافَينا إِلى مَجلِسٍ / تَضحَكُ أَلوانُ رَياحينِهِ
وَالنَرجِسُ الغَضُّ لَدى وَردَهُ / وَالوَردُ قَد حُفَّ بِنِسرينِهِ
وَجيءَ بِالدَنِّ عَلى مَرفَعٍ / وَخاتَمُ العِلجِ عَلى طينِهِ
وَافتُصِدَ الأَكحَلُ مِن دَنِّنا / فَانصاعَ في حُمرَةِ تَلوينِهِ
وَطافَ بِالكَأسِ لَنا شادِنٌ / يُدميهِ مَسُّ الكَفِّ مِن لينِهِ
يَكادُ مِن إِشراقِ خَدَّيهِ أَن / تُختَطَفَ الأَبصارُ مِن دونِهِ
فَلَم نَزَل نُسقى وَنَلهو بِهِ / وَنَأخُذُ القَصفَ بِآيِينِهِ
حَتّى غَدا السَكرانُ مِن سُكرِهِ / كَالمَيتِ في بَعضِ أَحايِينِهِ
وَخَمرٍ كَعَينِ الديكِ صَبَّحتُ سِحرَةً
وَخَمرٍ كَعَينِ الديكِ صَبَّحتُ سِحرَةً / وَقَد هَمَّ نَجمُ اللَيلِ بِالخَفَقانِ
نَدَبتُ لَها الخَمّارَ فَانصاعَ مُسرِعاً / إِلى عِدَّةٍ مِن حَنتَمٍ وَدِنانِ
دِراسَتُهُ الإِنجيلُ حَولَ دِنانِهِ / بَصيرٌ بِبَذلِ الدِنِّ وَالكَيَلانِ
فَوَدَّجَها مِن جانِبَيها كِلَيهُما / فَلِلَّهِ ماذا أَبرَزَ الوَدَجانِ
سُخامِيَّةٌ لَم يَقطَعِ السِنُّ مَتنَها / لَها مُذ ثَوَت في دَنِّها سَنَتانِ
تَرى الكَأسَ في كَفِّ المُديرِ كَأَنَّها / عَلى راحَتَيهِ كَوكَبُ الدَبَرانِ
إِذا شَجَّها الساقي بِماءٍ رَأَيتَها / مُكَلَّلَةَ الأُعلى بِطَوقِ جُمانِ
وَقَد دارَ ساقيها بِها ذا قُراطِقٍ / تُناطُ بِأَعلى ساعِدٍ وَبَنانِ
فَيَأخُذُ مِنها لَونُهُ بَعضَ لَونِها / فَلَوناهُما في الخَدِّ يَطَّرِدانِ
طَرِبتُ إِلى قُطرَبُّلٍ فَأَتَيتُها
طَرِبتُ إِلى قُطرَبُّلٍ فَأَتَيتُها / بِمالٍ مِنَ البيضِ الصِحاحِ وَعَينِ
ثَمانينَ ديناراً جِياداً ذَخَرتُها / فَأَنفَقتُها حَتّى شَرِبتُ بِدَينِ
وَبِعتُ قَميصاً سابِرِيّاً وَجُبَّةٍ / وَبِعتُ رِداءً مُعلَمَ الطَرَفَينِ
لَخَمّارَةٍ دينُ ابنِ عِمرانَ دينُها / مُهَذَّبَةٍ تُكنى بِأُمِّ حُصَينِ
وَقُلتُ لَها إِن لَم تَجودي بِنائِلٍ / فَلا بُدَّ مِن تَقبيلِيَ الشَفَتَينِ
فَقالَت فَهَل تَرضى بِغَيرِهِما هَوىً / بِأَمرَدَ كَالدينارِ فاتِرَ عَينِ
فَجاءَت بِهِ كَالبَدرِ يَشرِقُ وَجهُهُ / أَغَنُّ غَضيضٌ راجِحُ الكَفَلَينِ
فَرَوَّحتُ عَنها مُعسِراً غَيرَ مَوسِرٍ / أُقَرطِسُ في الإِفلاسِ مِن مِئَتَينِ
فَقالَ لِيَ الخَمّارُ عِندَ وَداعِهِ / وَقَد أَلبَسَتني الخَمرُ خُفَّ حُنَينِ
أَلا عِش بِزَينٍ أَينَ سِرتَ مُسَلَّماً / وَقَد رُحتُ مِنهُ حينَ رُحتُ بِشَينِ
وَخَمّارٍ طَرَقتُ بِلا دَليلٍ
وَخَمّارٍ طَرَقتُ بِلا دَليلٍ / سِوى ريحِ العَتيقِ الخَسرَواني
فَقامَ إِلَيَّ مَذعوراً يُلَبّي / وَجَونُ اللَيلِ مِثلُ الطَيلَسانِ
فَلَمّا أَن رَأى زِقّي أَمامي / تَكَلَّمَ غَيرَ مَذعورِ الجَنانِ
وَقالَ أَمِن تَميمٍ قُلتُ كَلّا / وَلَكِنّي مِنَ الحَيِّ اليَماني
فَقامَ مِمِبزَلٍ فَأَجافَ دَنّاً / كَمِثلِ سَماوَةِ الجَمَلِ الهِجانِ
فَسَيَّلَ بِالبِزالِ لَها شِهاباً / أَضاءَ لَهُ الفُراتُ إِلى عُمانِ
رَأَيتُ الشَيءَ حينَ يُصانُ يَزكو / وَنُقصانُ المُدامِ عَلى الصِيانِ
سِوى لَونٍ وَحُسنِ صَفا أَديمِ / وَروحٍ قَد صَفا وَالجِسمُ فانِ
أَخي قَد مَضى مِن لَيلِنا الثُلُثانِ
أَخي قَد مَضى مِن لَيلِنا الثُلُثانِ / وَنَحنُ لِنَجمِ الصُبحِ مُنتَظِرانِ
فَصَوِّب مِنَ الإِبريقِ في الكَأسِ شُربَةً / يُعَلُّ بِها قَلبانِ مُختَلِفانِ
تَوَثَّبُ عِندَ المَزجِ في صَحنِ كَأسِهِ / تَوَثُّبَ صَعبِ الرَأسِ يَومَ رِهانِ
تُنادي بِهَمّي تارَةً وَبِهَمِّهِ / أَلا خَلِّيا قَلبَيهِما يَرِمانِ
وَلا تُعفِني مِنها وَإِن قُلتُ إِنَّني / فَتىً لَيسَ لي بِالخَندَريسِ يَدانِ
وَذي كَفَلٍ رابي المَجَسَّ إِذا مَشى / تَزِلُّ بِهِ مِن ثِقلِهِ القَدَمانِ
أَخَذتُ بِهَذَينِ الأَمانَ مِنَ الأَذى / وَلا خَيرَ في عَيشٍ بِغَيرِ أَمانِ
لَعَمري ما تَهيجُ الكَأسُ شَوقي
لَعَمري ما تَهيجُ الكَأسُ شَوقي / وَلَكِن وَجهُ ساقيها شَجاني
حَسَدتُ الكَأسَ وَالإِبريقَ لَمّا / بَدا لِيَ مِن يَدَي رَخصِ البَنانِ
أَموتُ إِذا أَزالَ الكَأسَ عَنّي / وَأَحيا مِن يَدَيهِ إِذا سَقاني
فَلي سُكرانِ مِنهُ سُكرُ طَرفٍ / وَسُكرٌ مِن رَحيقٍ خُسرَواني
تَجَمَّعُ فيهِ أَصنافُ المَعاني / فَما يُلفى لَهُ في الحُسنِ ثانِ
إِذا ظَفِرَت بِهِ كَفّي اِستَفادَت / لِنَفسي عَن تَجَمُّعِها الأَماني
أَعَزُّ العَيشِ وَصلُ المُردِ دَهري / وَبُؤسُ العَيشِ وَصلي لِلغَواني
مُعاقَرَةُ المُدامِ بِوَجهِ ظَبيٍ / حَوى في الحُسنِ غاياتِ الرِهانِ
إِذا ما اِفتَرَّ قُلتُ رَفيفُ بَرقٍ / وَإِمّا اِهتَزَّ قُلتُ قَضيبُ بانِ
أَلَذُّ إِلَيَّ مِن عَيشٍ بِوادٍ / مَعَ الأَعرابِ مَجدوبِ المَكانِ
قُصارى عَيشِهِم أَكلٌ لِضَبٍّ / وَشُربٌ مِن حَفيرٍ في شِنانِ
عُج لِلوُقوفِ عَلى راحٍ وَرَيحانِ
عُج لِلوُقوفِ عَلى راحٍ وَرَيحانِ / فَما الوُقوفُ عَلى الأَطلالِ مِن شاني
لا تَبكِيَنَّ عَلى رَسمٍ وَلا طَلَلٍ / وَاِقصِد عُقاراً كَعَينِ الديكِ نَدماني
سُلافُ دَنٍّ إِذا ما الماءُ خالَطَها / فاحَت كَما فاحَ تُفّاحٌ بِلُبنانِ
كَالمِسكِ إِن بُزِلَت وَالسَبكِ إِن سُكِبَت / تَحكي إِذا مُزِجَت إِكليلَ مَرجانِ
صَهباءُ صافِيَةٌ عَذراءُ ناصِعَةٌ / لِلسُقمِ دافِعَةٌ مِن كَرمِ دِهقانِ
كَرمٌ تَخالُ عَلى قُضبانِ نَخلَتِهِ / يَومَ القِطافِ لَهُ هاماتِ حُبشانِ
لَم تَدنُ مِنها يَدٌ مُذ يَومِ قَطفَتِها / وَلَم تُعَذَّب بِتَدخينٍ وَنيرانِ
حَتّى إِذا عُقِرَت سالَت سُلالَتُها / في قَعرِ مَعصَرَةٍ كَالعَندَمِ القاني
وَحَولَها حارِسٌ ذو صَلعَةٍ شَكِسٌ / عِلجٌ يَدورُ أَخو طِمرٍ وَتُبّانِ
سَلسالَةُ الطَعمِ إِسفَنطٌ مُعَتَّقَةٌ / بِشُربِها قَيِّمُ الحانوتِ أَوصاني
مَسحولَةٌ مُزَّةٌ كَالمِسكِ قَرقَفَةٌ / تُطَيِّرُ الهَمَّ عَن حَيزومِ حَرّانِ
هِيَ العَروسُ إِذا دارَيتَ مَزجَتَها / وَإِن عَنُفتَ عَلَيها أُختُ شَيطانِ
فَلَألَأَت في حَوافي الكَأسِ مِن يَدِهِ / مِثلَ اليَواقيتِ مِن مَثنى وَوِحدانِ
تَنزو جَنادِبُها في وَجهِ شارِبِها / مِثلَ الدَبى هاجَهُ طَشٌّ بِقيعانِ
حَتّى إِذا اِصطَفَّتِ الأَقداحُ وَاِنتَطَحَت / بيضُ القَواريرِ مِن أَعيانِ كيوانِ
خِلنا الظَليمَ بَعيراً عِندَ نَهضَتِنا / وَالتَلَّ مُنبَطِحاً في قَدِّ ثَهلانِ
يا ساحِرَ الطَرفِ أَنتَ الدَهرُ وَسنانُ
يا ساحِرَ الطَرفِ أَنتَ الدَهرُ وَسنانُ / سِرُّ القُلوبِ لَدى عَينَيكَ إِعلانُ
إِذا اِمتَحَنتَ بِطَرفِ العَينِ مُكتَتَماً / ناداكَ مِن طَرفِهِ بِالسِرِّ تِبيانُ
تَبدو السَرائِرُ إِن عَيناكَ رَنَّقَتا / كَأَنَّما لَكَ في الأَوهامِ سُلطانُ
ما لي وَما لَكَ قَد جَزَّأتَني شِيَعاً / وَأَنتَ مِمّا كَساني الدَهرُ عُريانُ
أَراكَ تَعمَلُ في قَتلي بِلا تِرَةٍ / كَأَنَّ قَتلِيَ عِندَ اللَهِ قُربانُ
غادِ المُدامَ وَإِن كانَت مُحَرَّمَةً / فَلِلكَبائِرِ عِندَ اللَهِ غُفرانُ
صَهباءُ تَبني حَباباً كُلَّما مُزِجَت / كَأَنَّهُ لُؤلُؤٌ يَتلوهُ عِقيانُ
كانَت عَلى عَهدِ نوحٍ في سَفينَتِهِ / مِن حُرِّ شَحنَتِها وَالأَرضُ طوفانُ
فَلَم تَزَل تَعجُمُ الدُنيا وَتَعجُمُها / حَتّى تَخَيَّرَها لِلخَبءِ دِهقانُ
فَصانَها في مِغارِ الأَرضِ فَاِختَلَفَت / عَلى الدَفينَةِ أَزمانٌ وَأَزمانُ
بِبَلدَةٍ لَم تَصِل كَلبٌ بِها طُنُباً / إِلى خِباءٍ وَلا عَبسٌ وَذُبيانُ
لَيسَت لِذُهلٍ وَلا شَيبانِها وَطَناً / لَكِنَّها لِبَني الأَحرارِ أَوطانُ
أَرضٌ تَبَنّى بِها كِسرى دَساكِرَهُ / فَما بِها مِن بَني الرَعناءِ إِنسانُ
وَما بِها مِن هَشيمِ العُربِ عَرفَجَةٌ / وَلا بِها مِن غِذاءِ العُربِ خُطبانُ
لَكِن بِها جُلَّنارٌ قَد تَفَرَّعَهُ / آسٌ وَكَلَّلَهُ وَردٌ وَسوسانُ
فَإِن تَنَسَّمتَ مِن أَرواحِها نَسَماً / يَوماً تَنَسَّمَ في الخَيشومِ رَيحانُ
يا لَيلَةً طَلَعَت بِالسَعدِ أَنجُمُها / فَباتَ يَفتِكُ بِالسُكرانِ سَكرانُ
بِتنا نَدينُ لِإِبليسٍ بِطاعَتِهِ / حَتّى نَعى اللَيلَ بِالناقوسِ رُهبانُ
فَقامَ يَسحَبُ أَذيالاً مُنَعَّمَةً / قَد مَسَّها مِن يَدَي ظُلمٌ وَعُدوانُ
يَقولُ يا أَسَفي وَالدَمعُ يَغلِبُهُ / هَتَكتَ مِنّي الَّذي قَد كانَ يُصطانُ
فَقُلتُ لَيثٌ رَأى ظَبياً فَواثَبَهُ / كَذا صُروفُ لَيالي الدَهرِ أَلوانُ