المجموع : 182
أيا فَضلاً غدا فضلاً
أيا فَضلاً غدا فضلاً / عن الخلق وفي الزَّمْنَى
أَمَا والعَرَجِ المحض ال / لذي أنت به تُكنَى
لئن صُغِّرَ ما تُدعى / به ما كُبِّر المعنَى
بَلَونا منك كوفياً / لئيم الأصل والمَجنْى
وأهل الكوفة الرذل / ة أدنى الأرذل الأدنى
أُناس كلُّهم فَرْدٌ / وسوآتُهُمُ مَثْنَى
فلا دانيهمُ يُجنَى / ولا نائيهمُ يُدنى
فأضلاع بني الدنيا / على بغضهمُ تُحْنَى
مَجاهيلُ مَعازيل / إلى اليسرى عن اليمنى
مخاذيلُ مَمَاييل / إلى السَّوْأَى عن الحسنى
على غير تقى اللَّه / غدْت أَبياتُهم تُبنَى
ويُقرى ضيفُهم فيها / مَلاطاً بعده مَزْنَى
فَسَمْنَاهُمْ كعَجْفاهم / وأنَّى لهمُ السَّمنى
محلُّ الشيمة الهَجْنى / وأهل اللغة اللَّكنى
إذا قلنا لهم نحن / فمن قولهمُ نِحْنَى
وكم من مورِق فيهم / لآل اللَّه ما أجنى
وكم من ناصرٍ فيهم / لآل اللَّه ما أغنى
وكم من خاذل فيهم / لآل اللَّه قد أخنى
تأملناهُمُ قِدْماً / بعينٍ لم تكن وَسْنى
فلم يَقْصُر لهم قرن / ولا طال لهم مَبْنَى
إذا عُدَّت مخازيهم / فما تُحْصَى ولا تَفْنَى
فلا عافاهُمُ اللَّه / ولا أَغْنى ولا أَقْنَى
يدُ اللَّهِ على المسكَ / نِ والساكنِ والسُّكنى
وكلٌّ فَلَهُ هَمٌّ / من السوء به يُعْنَى
وهمُّ الأعرج الوغدِ / مِنيٌّ في استه يُمْنَى
صحيحٌ عُلْوهُ جَلْد / عليلٌ سُفْله مُضْنى
إذا ما فَيْشةً لاحت / صَبا قيسٌ إلى لبنى
أيا غُرَّة العلْيَا ويا عينَها اليمنى
أيا غُرَّة العلْيَا ويا عينَها اليمنى / ويا صفوة الدنيا ويا حاصل المَعْنَى
أأحييتَني بالأمس ثم تُميتني / برفضي وإقصائي وحقِّيَ أن أُدْنَى
ولو أنني أحييت ميتاً عشقتُه / لحسن الذي أثّرتُ فيه من الحسنى
ألا يعشق المِفضالُ ميتاً أعاشهُ / وأجناه من معروفه الحلوِ ما أَجْنى
أقول لقوم أوعدوا منك نَبْوةً / وما خِلتُني أُبلى بذاك ولا أُمْنَى
أأبقى على عهدي وينكث قاسم / وتفنى أياديه وشكريَ لا يفنى
كذبتم ومُعْطيه العلا إنَّ عزمه / على العدل والإحسان لَلْعزمُ لا يُثْنَى
أقاسمُ لو نوفيك ما أنت أهله / لأصبحتَ لا تُسمى لدنيا ولا تُكْنى
ولم تُدْعَ إلا ماجداً وابن ماجدٍ / وحُقَّ لك الأَسْنى من الوصف فالأسنى
وإن كنتَ مأمولاً تناسى حفاظُه / نصيبي وقد أغنى سواي وقد أقنى
وأبعدني إبعادَ جاني عظيمةٍ / وقد كنت أُستدعَى زماناً وأُسْتدنَى
أيحجبُ عني عِشرةً قد ومِقْتُها / فشوقي إليها شوق قيس إلى لُبْنى
نعم أنا ممنوعُ الذي لست كفؤَه / أتمنعني قُوتي من العَرَضِ الأدنى
نشدتكُمُ أن تظلموني وتُسكِنوا / جوى الحقد أضلاعاً على حبِّكم تُحْنَى
أَذو آلةٍ فاستخدِموني لآلتي / بقُوتيَ أوْ لا فارزُقوني مع الزَّمْنى
وإني لأرجو الفَوْزتين ولم تزل / أياديكُمُ تَتْرى على المجتدِي مَثنى
فلا برحتْ سبَّابةٌ تستغيثكم / ولا خِنْصَرٌ من شاكرٍ بكُمُ تُثْنى
ولا زلتُمُ يأوي إلى حُجُراتكم / أخو حادثٍ أنحَى وذو زمن أخْنَى
ألا يا عبادَ اللَّهِ ما بال حالة / أعالجها تَدْوَى بأدوية المضنى
أأشقى بمن لو قلت يا خيرَ من مشى / على الأرض ما استثنى ضميريَ مُسْتَثْنَى
أعيذكُمُ من جَوْر من جارَ حكمُه / فطائفةً أشْكَى وطائفةً أَغنى
هَبوني امرأً لا حظَّ فيه لمجتَنٍ / أمَا في اصطناع العُرْف مكرُمةٌ تبنى
عَفاءٌ على الدنيا إذا ساء رأيكم / فما هي بالدار الدَّميثة للسُّكنى
بكت شجوها الدنيا فلما تبيَّنتْ
بكت شجوها الدنيا فلما تبيَّنتْ / مكانَك منها استبشرت وتَغَنَّتِ
لتَسْتَمْتِعِ الدنيا بوجهك دهرَها / فقد طالما اشتاقت إليك وحَنَّتِ
يا بانِيَ الحصنِ أرْساهُ وشيَّده
يا بانِيَ الحصنِ أرْساهُ وشيَّده / حِرزاً لشلوٍ من الآفاتِ مشحونِ
انظر إلى الدهرِ هل فاتَتْهُ بُغْيَتُه / في مطمح النَّسرِ أو في مَسْبح النون
ومن تحصن منخوباً على وَجَلٍ / فإنما حِصنهُ سجنٌ لمسجونِ
اشكو إلى الله جهلاً قد أضرَّ بنا / بل ليس جهلاً ولكن علمُ مفتون
إني لأُغْضي عن الزلّاتِ أثبتُها
إني لأُغْضي عن الزلّاتِ أثبتُها / ذكراً إذا كانَ بعضُ القول نسيانا
أمضَّ ما كنتُ من أقذاءِ مَعْتَبٍة / أغضَّ ما كنتُ للإخوان أجفانا
أُغضي الجفونَ عن السُّوءَى مراقبةً / لما يكونُ من الحُسنى وما كانا
أجزي الأخِلّاء صفحاً عن إساءتهم / إذا أساءوا وبالإحسان إحسانا
أذكِّرُ النَّفس مَثْنىً من محاسنهم / إذا ذكرت ذنوب القوم أُحدانا
وليس ذاك لآبائي ومجدِهمُ / لكن لأنِّي اتخذتُ العدلَ مِيزانا
يا شاعراً أمسَى يَحُوكُ مديحَهُ
يا شاعراً أمسَى يَحُوكُ مديحَهُ / في شَرِّ جيل شرِّ أهل زمانِ
ما تستحق ثوابَ من كابرْتَه / ورميتَه بالإفكِ والعدوان
قومٌ تذكِّرُهم فضائلَ غَيرِهم / فيرون ما فيهم من النُّقصان
فإذا مدحتَهم فتحتَ عليهِمُ / باباً من الحسرات والأحزان
ظلَمَ امرؤٌ أهدَى المديح إليهمُ / ثم استتاب مثوبةَ الإحسان
أيُمينُهُمْ أسفاً ويطلب رِفْدَهُمْ / لقد اغتدى في الظُّلْم والعُدُوان
أيا ابنَ رجاءٍ وابنَهُ الخيرَ لا يزلْ
أيا ابنَ رجاءٍ وابنَهُ الخيرَ لا يزلْ / رجاءٌ نحيفٌ يَغْتَدي بكَ بادنا
مَنَحْتُكَ من وُدِّي مُقيماً مكانَهُ / يُبارِي ثَناءً لم يزلْ فيكَ ظاعنا
أَعُدُّكَ في الزُّهْر التي هي سبعةٌ / بديئاً ويأبَى الحقُّ عَدِّيكَ ثامنا
وإنْ كان فيها المشتري وهو سعدُها / وشمسُ الضُّحى والبدرُ غُرَّاً أَيامِنا
ولا بدَّ مِن صِدْقيكَ والصِّدقُ واجبٌ / لكل صديقٍ يَسْتصِحُّ البطائنا
بشعرِكَ عَيْبٌ فاحشٌ غيرَ أَنَّهُ / إذا عُدَّ زَيْن لم يزل لك زائنا
أُبوَّة آباء إذا قِيسَ مجدُهُمْ / بشعرِكَ عفَّى منه تلك المحاسنا
وإن كان شعراً للضمير ملائماً / حلالاً ولطفاً للنظيرِ مُبائنا
أُدِقَّتْ معانيهِ وفُخِّمَ لفظُه / فغادر أشتاتَ القلوبِ قرائنا
غدا غيرَ ملحون غُدوَّ مُلَحَّنٍ / وراح بأسرارِ البلاغة لاحنا
فألهَى امْرَأً تسكينُهُ متحركاً / وأبكى امرَأً تحريكهُ منه ساكنا
فَمُلِّئْتَهُ لا باذلاً حُرَّ وَجههِ / ومُلِّئتُما فَضلاً من الله صائنا
ذهبَ الذين تَهزُّهُمْ مُدَّاحُهُمْ
ذهبَ الذين تَهزُّهُمْ مُدَّاحُهُمْ / هَزَّ الكُماةِ عواليَ المُرّان
كانوا إذا امتُدِحوا رأوْا ما فيهمُ / فالأرْيحِيَّةُ منهمُ بمكان
والمدح يَقْرعُ قلبَ من هُوَ أهلُه / قرْعَ المَواعظِ قلب ذي إيمان
فدعِ اللِّئام فما ثوابُ مديحهِمْ / إلا ثوابُ عبادةِ الأوثان
كم قائل لي منهمُ ومدحْتُه / بمدائح مثل الرِّياضِ حِسان
أحسنتَ ويحك ليس فيَّ وإنما / أستحسن الحسناتِ في ميزاني
أرى المُفَنِّدَ يَنْهانِي ويأْمُرُني
أرى المُفَنِّدَ يَنْهانِي ويأْمُرُني / بقوله استحْيِ إنَّ الشيبَ قد حانا
الآن حين أجَدَّ الشيبُ يَطلبُني / أبادرُ الشَّيبَ باللذَّاتِ عجلانا
إنْ قال لا قالها للآمريهِ بها
إنْ قال لا قالها للآمريهِ بها / ردَّاً لآمرِهِ الغاوِي وعِصيانا
ولم يَقُلْها لمن يَعفُو فواضلَهُ / كالَّافظين بها منعاً وحِرمانا
متى يطاولْ شريفاً يعلُه شرفاً / وإن يوازنْه يسفُل عنه رُجحانا
إذا اشترى الحمدَ أفناءُ الملوك رأى / بين التجارةِ والأفضالِ فُرقانا
يا مَن عكفْنا عليهِ لائذينَ بهِ
يا مَن عكفْنا عليهِ لائذينَ بهِ / فما عكفنا على بُدٍّ ولا وَثنِ
ومَن سألناهُ قِدماً كلَّ منفسةٍ / فما سألنا بقايا الآي والدِّمنِ
إن لا تكنْ واسعَ الأملاكِ فاشِيَها / فما عَهِدناكَ إلا واسع العطنِ
ولا شَقِينا بوعدٍ منك يتبعُهُ / مَطلٌ ولا كنتَ إلا صافي المِننِ
أعاذَكَ الله من حالٍ تُماطِلُني / لضيقها بكساءٍ تافِهِ الثَّمنِ
ومن بصيرةِ رأْي غيرِ مُبْصِرةٍ / إنَّ اطراحَكَ حَمْدي أغبنُ الغَبنِ
انظر إلى الدنيا وزينتِها / ترَى الكارمَ فيها زِينةَ الزِّيَنِ
فالبَسْ وألبِسْ فإنَّ الثوبَ تلبِسُهُ / زَيْنٌ على النفسِ لا ثِقلٌ على البدنِ
وفي ادِّراعِكَ ثوباً منظرٌ حسنٌ / ولم يُحَسِّنْكَ مثلُ المَسْمَع الحَسَنِ
إن تكسُني يكسُك المعروفُ من كثَبٍ / ثوباً جميلاً تراه أعينُ الفَطِنِ
فاكسُ ابنَ شكرِك ما يَبْلَى على ثِقةٍ / أنْ سوفَ يكسوكَ ما يبقَى على الزمنِ
حاربَ أجفانَه الرقادُ فما
حاربَ أجفانَه الرقادُ فما / يسكنُ من ليلهِ إلى سكَنِ
لا تَنفُسا عبرة أجودُ بها / فلستُ أبكي بها على الدِّمنِ
لم يُخْلق الدمعُ لامرئٍ عبثاً / اللَّهُ أدرَى بلوعةِ الحزنِ
أساء بي ما أتيتَ من حَسَنٍ / إليَّ فيما مضَى من الزَّمَنِ
منعْتني بعدكَ العزاء به / يا ليتَ ما كان منك لم يَكُنِ
مَرادُ عينك منه بينَ شمسِ ضُحىً
مَرادُ عينك منه بينَ شمسِ ضُحىً / وناعمٍ من غصون البانِ ريَّانِ
خَفَّتْ أعاليه والتفت أسافِلُهُ / كأَنَّما صاغَ نِصْفَيْهِ لُبانانِ
يا واحدَ الناس في الآلاءِ والمننِ
يا واحدَ الناس في الآلاءِ والمننِ / والمستجارُ به من نَوْبِة الزمنِ
وابنَ الذين بَنَوْا آساس دولتهم / على النبوةِ والقرآنِ والسُّننِ
أشدُّ ما بيَ مِنْ شَكْوٍ ومن ألمٍ / فَقْدي جَنَى مقلتِي من وجهِكَ الحَسَنِ
وفوتُ ما كنتَ تُلقيه إلى أُذني / من فَضْلِ علم يُجَلَّى عنه باللَّسنِ
ومن بدائع ظَرفٍ ذاتِ أَوْشيةٍ / تَدُقُّ عن أن تراها أعينُ الفطنِ
كتبتَ طولاً بأبياتٍ وجَدْتُ بها / خِفَّاً وقد كنتُ في ثِقْلٍ مِنَ المِحَنِ
وكيف أشكُر لُطْفاً ساقَ عافيةً / هيهاتَ ليس لذاك اللُّطْفِ من ثمنِ
وقبل ذلك بِرٌّ منكَ آنسني / حتى سلوْتُ عن الخُلان والوطنِ
أعجِبْ بِبرٍّ تعلمتُ العقوقَ به / فما أحِنُّ إلى إلفٍ ولا سكنِ
يا زينةَ الدين والدنيا إذا احتفلا / وأظهرا ما أعدَّاهُ مِنَ الزِّيَنِ
يا مَنْ يرى حاسدوُه أنَّ تَرْكَهُمُ / حسنَ الثناءِ عليه أعظم الغبنِ
نُعْماك عنديَ في مثواه مُعتَقَدٌ / والشكرُ عندك في مثواه مُرتهن
أجريتَ حُبِّيك مني بالذي اصطنَعَتْ / يداك عنديَ مجرى الرُّوح في البدنِ
أطال عمرَك في النعماءِ واهبُها / مقرونةً لك والعلياءُ في قَرنِ
مُسَلَّمَ النفسِ والأحبابِ من مِحنٍ / تكدِّرُ العيشَ أحياناً ومن فِتنِ
رقعةٌ من مُعاتبٍ لك ظَلَّتْ
رقعةٌ من مُعاتبٍ لك ظَلَّتْ / ولها في ذَراك مثوىً مُهانُ
جالتِ الريحُ في الزوايا بها يو / ماً كما جال في الرباط الحصانُ
غيرَ مستورةٍ عن الناس لكن / مجتلاةٌ وإنَّها لحَصَانُ
ورأيتُ الأكُفَّ قد لعبتْ في / ها فأمست وظهرُها مَيْدانُ
سطَّر العابثون فيها أساطي / رَ عَفَت مَتْنَها فما يُستبانُ
خطَّ ولدانُكم أفانينَ فيها / أو رجالٌ كأنَّهُمْ وِلدانُ
حين لم يحلِفوا بحرمة ما في / ها وفي بطنها معانٍ حِسانُ
كحليفِ العمى تَغَوَّطَ في الإي / وان جهلاً بأنه الإيوانُ
وكثيراً يُمْنَى بأمثالها البس / تان ما لم يُحصَّنِ البستانُ
يَخرأُ الخارئون فيه وفيه / طيِّباتُ الثمارِ والريحانُ
وقبيحٌ يجوزُ كلَّ قبيحٍ / رُقعةٌ من مُعاتبٍ لا تُصانُ
شَدَّ ما هان عندك الخطُب فيها / لا يكنْ للَّتي أهنْتَ الهَوانُ
تَوْبةً بعد حَوْبةٍ من عتابي / ك فهل أنتَ قابلٌ يا فلانُ
عيدان أضحى ومهرجانُ
عيدان أضحى ومهرجانُ / ما ضم مثلَيْهِما أوانُ
أعيدُ نُسْكٍ وعيدُ لهوٍ / تجاورا أبدَعَ الزمانُ
ألَّف شكلَيْهما إمامٌ / أفعالُهُ فيهما حِسان
فاللَّهُ يُبْقي الإمامَ حتى / يُرى لمثلَيْهما اقتران
مُعتمدٌ لم يزلْ عميداً / ينطقُ عن فضله البيان
في كل أَرٍض وكلِّ قوم / يُثْنِي بآلائه لسان
أشرقَ للناسِ منه بَدْرٌ / لم يَخْلُ مِنْ نوره مكان
ما زانه الملك إذْ حواه / بل كُل شيء به يُزان
جَرَى ففات المُلوكَ سبْقاً / فليس قُدَّامه عنان
ولم يزل للإمام سَعْيٌ / بمثله تُحْرَز الرهان
نالت يداهُ ذُرَى مَعالٍ / يعجز عن نيلها العيان
مُكَرَّمٌ عِرْضُه مُعَزٌّ / والمال من دونه مُهان
ليس لأموالهِ لديه / حَقٌّ ولا حُرْمةٌ تُصان
لِكُلِّ عَيْنٍ رأتْهُ يوماً / من رَيْبِ أزمانها الأمان
بذاك في وجهه ضَمِينٌ / يُقْبَلُ من مِثله الضمان
حياته ما أقام فينا / فضْلٌ من اللَّهِ وامتنان
نهارنا الدهرَ منه طَلْقٌ / وليلنا منه إضْحِيان
فلا يزل في نَعِيم عيْشٍ / مِزاجُه الخفضُ واللّيان
حتى يرى فيه كل سؤلٍ / ومُنْيةٍ عبدُه بُنان
إمَّا تَرَيْني قالباً مجنّي
إمَّا تَرَيْني قالباً مجنّي / مُرَدِّداً سيفي على مِسَنِّي
لصاحب السوء بُعيدَ ضنِّي / به ومَنِّي صافياً مِنْ مَنِّي
كم مدْخلٍ كذَّبت عنه ظني / وقلتُ إنِّي ظالِمٌ وإنِّي
آخذُ لوْمِيه عن التجني / بلوتُهُ فصدَّقَ التَّظَنِّي
في أمره وكذَّب التَّمنِّي / فما قرعْتُ من ندامٍ سني
ولا وجدتُ الظلمَ كان مني / ولن يغيب غائبٌ عن جني
جَرَى الأضحى رَسِيل المِهرجانِ
جَرَى الأضحى رَسِيل المِهرجانِ / كأنهما مَعاً فرسا رِهانِ
فجاءا ليس بينهما انتظارٌ / جوادا حلبةٍ متتابعان
ولم يتتابعِ العيدانِ إلا / تنافُسَ رؤيةِ الملكِ الهجان
عُبَيْدِ الله قَرْمِ بني زُرَيْقٍ / وما أدراك ما يتنافسان
سلوا الكُبراءَ عن عيدَيْن شتَّى / متى كانا كذا يتجاوران
أعيدُ النُسكِ جاور عيدَ لَهْوٍ / لأمرٍ أُلِّفَ المتنافرانِ
بِبِرِّ أميرِنا في كل عيدٍ / تواصَلَ منهما المتقاطعان
فلا عدِماه حتى يَسْتديرا / فيقترنا كهذا الاقتران
غدا معروفُهُ نسباً قريباً / يُؤَلِّفُ بينَ أشتاتِ الزَّمان
فقولا للأميرِ وقتهُ نَفْسِي / صروفَ الحادثاتِ وإن جفاني
تفيَّأْنا السعادةَ إذْ نظرْنا / إلى الأضحى أمام المهرجان
تقدَّمَ في المُقَدَّمِ منك نُسْكٌ / وبرٌّ بالأباعِدِ والأداني
وأعقبَ في أخيرِهما نعيمٌ / ولَهوٌ منك بالنِّعم الحسان
فدلّانا على عملٍ ذكيٍّ / بعقباهُ نعيمك في الجنان
وذاك إذا قطعت مدى اللَّيالي / ونلتَ وحُزتَ غاياتِ الأماني
حليفَ سلامةٍ وصحاح جِسْم / وشرخٍ من شبابٍ غير فاني
تُبَشِّرُني الظنون بصوْت غيثٍ / مُغيثٍ منك في هذا الأوان
وقد حان الوليُّ فلا تَجُزْني / كوسْمِيٍّ عداني ما عداني
أتحرمُني وقد أُعطيتَ كُلّاً / عطا مُفْضِل خَضِل البنان
عطايا لا يجمجمها كفور / ولا للشاكرين بها يدان
عطايا بين بِشْرٍ واعتذارٍ / وليست بين عبس وامتنان
يا أَيها السيِّدُ الذي وهَنَتْ
يا أَيها السيِّدُ الذي وهَنَتْ / أنصارُ أموالِهِ ولم يَهِنِ
فأصبحتْ في يدِ الضعيفِ وذي ال / قُوَّةِ والباقليِّ واللَّسنِ
غَيْرِي على أنني مُؤمِّلُكَ ال / أقدُم سائلْ بذاك وامتحنِ
مادحُ عشرين حجةً كَمَلاً / محرومُها منك غيرَ مضطغِن
فضلُك أو عدلك الذي ائتمن ال / له علينا أجلَّ مؤتَمن
إن كنتَ في الشعر ناقداً فَطِناً / فليعطني الحقُّ حصةَ الفَطِنِ
وإن أكن فيه ساقطاً زَمِناً / فليعطني الحقُّ حصةَ الزَمِنِ
سِمْ بيَ ديوانك الذي عدلت / جدواه بين الصحيح والضَّمِن
كَثِّرْ بشخصي مَنِ اصطنَعْتَ من ال / ناس وإن لم أَزِنْكَ لم أشِن
ما حقُّ مَنْ لان صدرُهُ لك بال / ودِّ لقاءٌ بجانبٍ خَشِن
أرى الشعراء حَظُوا عندكُمْ
أرى الشعراء حَظُوا عندكُمْ / جميعاً عَيِيُّهُمُ واللَّسِنْ
سِوايَ فإني أراني امرأً / هَزُلتُ وكُّلُهُمُ قد سَمِنْ
فإن كُنْتُ منهمْ أخا فطنةٍ / فلا تبخسونيَ حقَّ الفَطِن
وإن كنتُ من بعض زَمناهُمُ / فلا تبخسونيَ حقَّ الزَّمِنْ
سِموا بيَ ديوان زَمناكُمُ / وإن كنتُ في مدحِكُمْ لم أَهُن
إلى اللَّهِ شكوايَ من غَبْنِكُمْ / ولستُ بأوّلِ حُرٍّ غُبِن
إذا جئتكم شاعراً قلتُمُ / مُبِينُ الزَّمانةِ والمُمْتحَن
وإن جئتكُمْ زَمِناً قلتُمُ / أتاكُمْ أبو الليثِ صولر تكِن
يناقضُ حكمُكُمُ نفسَهُ / ويقرِنُ ما ليس بالمُقْترِن
فلا أنا رزقَ أصحّائكُمْ / ولا رِزْقَ زَمناكُمُ أتَّزن
سأرفعُ عُدْوَى إلى خالِقي / فلا يأمنُ اللَّهَ من قد أمِن
أحاطت بكُمْ حُجَّتِي دُرَّراً / ومن ذا يُبِينُ إذا لم أُبِن