القوافي :
الكل ا ب ت ث ج ح خ د ذ ر ز س ش ص ط ع غ ف ق ك ل م ن و ه ء ي
الشاعر : فَهد العَسْكَر الكل
المجموع : 9
كَفكِف بربّك دمعكَ الهتّانا
كَفكِف بربّك دمعكَ الهتّانا / وافرَح وهنّىء قلبكَ الولهانا
واهتِف وصفّق واحسُ من راح الل / قا كأساً لكيما تطرد الأحزانا
واسكُب أناشيدَ اللقاء بمَسمَع ال / دهر المصيخ وردّدِ الألحانا
بُشراكَ ذا يومُ الولادةِ قد أتى / فعساهُ يوقظُ روحَك الوسنانا
أو ما رأيتَ صفاءهُ وبهاءَهُ / وجلالهُ وجمالَهُ الفَتّانا
قُم يا أخا الشوق الملح وحيّه / وانثُر عليه الوردَ والريحانا
الورقُ تشدو والبلابلُ سُجّع / والروضُ يرقُص ضاحكا نَشوانا
وعلى الأزاهرِ وهي تبسِمُ للضحى / نثَر الصباح زُمُرّدا وجمانا
هبّت نسائِمُه لتَنثُر طيبها / وتُداعِب الأوراد والأغصانا
والكونُ يبدو مشرقاً مُتَهلّلا / متَبسّما للقائِه مزدانا
وعرائس الإلهامِ قد طلَعَت فقُم / وابن القوافي وارسُم الأوزانا
انظُم لآلِئَها لهُ وعقيقَها / ثمّ انثُر الياقوت والمرجانا
يا أسعدَ الأيام يا عنوانَها / أنعِم وأكرِم إن تكُن عنوانا
لَم تَشفِ راحُ الذكرياتِ أوامَنا / فعَسى نبُلُّ من اللقاءِ صدانا
يا أبرَك الأعياد ألفُ تحيّةٍ / منّا تفيضُ عواطِفاً وحنانا
أرواحنا رَشَفَت بفجركَ حلمَها / وقلوبُنا قد صفَّقَت مُذ بانا
عَشِق الملائِكُ بالسماءِ جمالَهُ / وسبى سناهُ الحور والوِلدانا
يا فجرَ يومِ ولادةِ الهادي أطِ / لَّ على النفوسِ وبدّدِ الأشجانا
وابعَث بها ميتَ العواطفِ واطرد / اليأسَ المُضّ وأيقظِ الإيمانا
بك أشرقَ المختارُ في رادِ الضُحى / شمساً أنارَ سناؤُها الأكوانا
إنّي لألمحُ في جمالِكَ مسحةً / من حُسنهِ أغرَت بكَ الوجدانا
وعلى جبينِكَ من سناهُ غُرَّةٌ / لم تعدَمِ اللالاءَ واللمَعانا
يا مَن بهذا اليومِ أشرقَ نورهُ / وأضاءَ في قبسِ الهدى الأذهانا
وأنارَ بالإيمانِ أفئِدةَ الورى / وأزالَ عنها الغشّ والأدرانا
وبنى منارَ العدلِ بعدَ سقوطهِ / فمحا ضياهُ الظلمَ والطغيانا
قُم يا رسولَ اللَهِ كي نشكو إليك / فمن سواكَ نبثّهُ شَكوانا
قُم يا رسولَ اللَهِ وانظُر هل ترى / إلا شُعوباً تعبُدُ الأوثانا
قُم وانظر الدينَ الحنيفَ وأهلَهُ / أعزِز وأكبِر أن تراهُ مُهانا
قُم واهدِنا واعمر خرابَ قُلوبنا / إنّا نَبَذنا الدينَ والقرآنا
إنّا نسينا اللَهَ حتى سلّطَ / الباري علينا يا نبيُّ عِدانا
ويلاهُ أهمَلنا التعاليمِ التي / جاءَ الكتابُ بها فما أشقانا
ما أن ترَكنا البرَّ والتقوى معاً / حتّى ألِفنا الإثمَ والعُدوانا
نعصى أوامِرَ كلّ فردٍ مُصلحٍ / والدينُ عن عِصيانهِ ينهانا
والختلُ والتدجيلُ قد فتكا بنا / وتقودُنا أطماعُنا عميانا
كلّ بميدان اللذائذِ والهوى / يجري وما تلقى لديهِ عنانا
أما الفقيرُ فلا تسل عن حالهِ / حال تُثيرُ الهم والأحزانا
مسكينُ لا يشكو ويندبُ حظه / ونصم دون شكاتهِ الآذانا
أما الغنِيُّ فقلبهُ ويمينهُ / لا يعرفانِ العطفَ والإحسانا
يختالُ في حُلَلِ الهنا بينا ترى / ألفَ التعاسَة ذاك والحرمانا
المالُ سيدُنا ونحنُ عبيدهُ / أو لَم ترَ التسليمَ والإذعانا
أو ما ترانا بالمبادىء والضمائِرِ / كيف نفدي الأصفرَ الرنّانا
والكلّ منا بالموائدِ والملابس والأث / اثِ يُفاخِر الأقرانا
أطفالُنا اتّخَذوا الشوارع مسكناً / أفَينبَغي أن نُهمِلُ الصبيانا
آباؤُهُم لا يرحمونَهُمُ ولَم / يجدوا بصَدرِ الأمّهاتِ حنانا
فيشِبّ والفحشاءُ ضرعُ لبانهِ / والذِنبُ ذنبُ رجالنا ونِسانا
هذي جرائِمنا وهل أربابُها / يرجونَ بعدُ الصفحَ والغُفرانا
يا عيدُ إن نَشكو إليكَ فإنّما / نَشكو إلى من جاءَنا فهَدانا
ألعالمُ العربيُّ يرنو حائِراً / قَلِقاً إلى مَن أَوقَدوا النيرانا
وَيلاهُ قد جَهِلَ المصيرَ فواسِه / يا عيدُ وامسَح دمَعُ الهَتّانا
حدّثهُ قد طابَ الحديثُ عن الألى / فعسى تُثيرُ بنَفسهِ البُركانا
عن مجدِنا وملوكِ أهلِ الأرض / هلا نَكّسوا الأعلامَ والتيجانا
حدّث عن الفاروقِ عنوانِ العدا / لةِ كيفَ شاد الملكَ والسلطانا
وعن الغضنفَرِ سعدِ هلّا زَلزَلَت / بزَئيرِها أشباله الإيوانا
وعن الفتى المقدام أعني خالداً / أيّامَ مَزَّقَ جيشُه الرومانا
وعن الشام وعن معاويَةَ الذي / أعلى البناءَ وشَيّدَ الأركانا
وأدِر على أسماعِنا ذكرَ الذي / للصينِ قادَ الصيدَ والشجعانا
والضيغمِ ابن زياد طارقَ كيف / قادَ السُفن لمّا أن غزا الإسبانا
رجَع بربك قوله إن العدو / أمامنا أمّا الخِضَمُّ وَرانا
وعن الرشيد وكيفَ أشرقَ تاجُه / شمساً أنارَ سناؤُها البلدانا
في عصرِهِ الذهبي صفّقَ راقصاً / طرِباً على هامِ السماكِ لِوانا
والمجدُ مزدَهِرٌ مطلٌّ من عل / عشقَ الوجودُ شبابَهُ الرّيّانا
كانوا على وَجه البَسيطة سادة / أبداً وكنّا بعدَهُم عبدانا
عبثَ الفسادُ بنا فبَعثرَ ملكَنا / والجهل شَتَّتَ شملَنا فكَفانا
أبناءَ يَعربَ والكواربُ جمَّةٌ / هيّا انبذوا الأحقادَ والأضغانا
وتآلفوا وتكاتفوا وتساندوا / مُتَراصفينَ وحرّروا الأوطانا
إنّا بعصر لا يعيشُ به سوى / من كان يملِكُ صارماً وسِنانا
هُم أعلَنوا الحربَ العوانَ على سِ / واكَ وأعلنوا حربا عليكَ عوانا
الأرضُ ترجفُ والسما مغبَرّةٌ / وبكل ناحيةٍ ترى شَيطانا
والبحرُ يبدو عابساً مُتَجَهّماً / أينَ الأمانُ لِنَسألَ الرحمانا
غازٌ وألغام بها كمنَ الردى / والطائرات تُطاردُ الإنسانا
ومدافعٌ والموتُ من أفواهها / أجرى الدماءَ وفرّقَ الأبدانا
وقنابلٌ صرعَ القلوبَ صراخُها / ويلاهُ تمحو الدورَ والسكانا
لم يسلَمِ الطفل الرضيع وأمّه / منها وتُردي الشيبَ والشبانا
أنّى التفتّ فلا ترى إلا حديداً / أو شواظاً محرِقاً ودُخانا
نارٌ ولكنّ الضعيفَ وقودُها / واحَسرتا إن أعلنَ العصيانا
هذي ميادينُ القتالِ تعدّدت / وبكلّ ناحيةِ ترى ميدانا
فقد انبرى العُقبانُ ينفثُ سمّهُ / في كلّ جو فاحذروا العُقبانا
رحماكَ ربّي فالدما مستنقعاتٌ / خضّبَت وجه الثرى العُريانا
طفَتِ الجماجمُ فوقَها وتناثرَت / من حولها الأشلاءُ يا مولانا
يا عيدُ أينَ السلمُ طالَ غيابُه / فمَتى يعودُ وهل يخيبُ رجانا
أفرادَ يعرُبَ والعروبةُ تَشتكي / هلّا شفَيتُم قلبَها الحرانا
هيَ تستجيرُ بكم فقوموا وأقسِموا / يا قومُ ألّا تُغمِضوا الأجفانا
واستَمسِكوا بالعروَةِ الوُثقى وكونوا / صادقينَ عقيدةٌ ولِسانا
كلّ الشعوبِ تقدّمَت وتحَرّرت / أيروقكُم سجنُ الحياةِ مكانا
يا نشءُ أمّة يعرُبٍ عقدت عليك / رجاءَها قم قدّم القربانا
يا نشءُ يا أملَ البلاد وسؤلَها / أقسِم على أن لا تطيقَ هوانا
أقسم لها أن لا تنامَ وأن تظلّ / على الولاءِ لها وأن تتفانى
أقسم على أن لا يعيشَ بأرضِها / من باعَ مبداهُ وشَذّ وخانا
أقسِم إذا ما الخصمُ حاولَ أن / يهاجِمَها على أن لا تكون َجيانا
أقسِم لها يا نشءُ إن نادى المنادي / للوَغى أن تلبِسَ الأكفانا
وأعِد سعادَتها إليها أيّها الن / شءُ الجديدُ وأعِطها البُرهانا
فاللَهُ نِعَم العون جلّ جلالُه / إن تعدَمِ الأنصارَ والأعوانا
حيّ الأساتِذةَ الكرامَ تحيّةً
حيّ الأساتِذةَ الكرامَ تحيّةً / تُزري بعرفِ المسك والريحانِ
عذراءَ مصدَرُها سُوَيداءُ الحشا / أحلى وأشهى من عروسِ الحانِ
وأرقُّ من نَغَم البلابلِ عندما / تستَقبِلُ الأصباحَ بالألحانِ
وأخَف من نسَماتِ نيسانٍ وَقد / خَطَرت مُداعبَةً غُصونَ البانِ
وأحرّ من قلبِ المشوقِ إذا دعا / داعي الفراقِ ومُهجةِ الغيرانِ
فأزفّها لكمُ يشارِكُني بها / الشَعبُ الكريمُ وصفوةُ الشبّانِ
والقَلبُ من فَرط السرور مُصَفّقٌ / والروحُ ترقُصُ رقصةَ النشوانِ
والكلُّ مغتَبطٌ بيومِ إيابكُم / فَرِحٌ وهذي حالةُ الوَلهانِ
فلو أنّنا نَستقبلُ العيدَين في / أَفراحهِ لاستَبشَرَ العيدانِ
زَهَتِ المدارسُ وانثَنى طلّابُها / لقُدومِكُم يتَبادلونَ تهاني
لا غروَ فالطلابُ قد عَشِقوا بكُم / صِدقَ الوفا وطهارةَ الوجدانِ
والعطفَ والميلَ البريءَ ولا / غرابةَ فالمُعلّمُ والدٌ متفانِ
شكَتِ الأوامَ نُفوسُهُم فتذَوَّقَت / تلكَ النفوسُ حلاوةَ الإيمانِ
وأمامَ مصباحِ الثقافةِ قد تلاش / تِ ظلمَةُ الأفكارِ والأذهان
وغَرَستمو بحدائِقِ الأرواحِ كل / حميدةٍ والروحُ كالبُستان
فالمرءُ بالعَقل المنيرِ وإن دجا / ما الفرقُ بين المرءِ والحيوانِ
إنّ الشباب إذا زكَت أخلاقهُ / والنفسَ طهّرَها من الأدرانِ
هُوَ في البلادِ ولا إخالكَ جاهلاً / بمثابةِ الأرواحِ بالأبدانِ
هوَ قلبُها الخفّاقُ والركنُ القوي / مُ وَسورُها الحامي من العدوان
باللَهِ يا رُسلِ الثقافةِ خبّرو / نا كيف حالُ الأختِ يا إخواني
أعني فلسطيناً وكيف أمين / نُها وجنودُه وبقيّةُ السكّانِ
بعدَ الكفاحِ وبعدما بثّ اليهو / دُ شُرورَهم فيها بكُلّ مكان
إنّي سمِعتُ نداءَها وسمِعتُ تَل / بيةَ الضياغمِ من بني عدنان
وزئيرَ أشبالِ العروبةِ من بَني / غسّانَ لا نُكِبوا بنو غسّان
وتقولُ يا أشبالَ آسادِ الشرى / جاءَ اليهودُ ودنّسوا أحضاني
لا درّ درّ الغادرين فإنّهُم / وعدوا اليهودَ بقسمةِ البُلدانِ
وبنيَّ كالغرباءِ في أوطانِهِم / أو ليسَ هذا مُنتهى الطغيان
فهناكَ فاضَت بالدموع محا جرى / وَأَجبتُها بتوَجِّعٍ وحنانِ
يا مَهبطَ الوَحي القديم ومَرقدَ / الرُسلِ الكرامِ ومَنبعَ الأديان
لا تحزني ليسَت بصفقةِ رابحٍ / يا أُختُ بل هيَ صفقةُ الخسرانِ
ما وَعدُ بلفورٍ سوى أُمنيةٍ / ونداؤُهُ ضربٌ منَ الهذَيانِ
أبناءُ عدنانٍ وغسّانٍ وما / نادَيتُ غيرَ الصيدِ والشجعان
الصامدونَ إذا الصفوفُ تلاحَمَت / وتصادمَ الفُرسانُ بالفُرسان
والضاحكونَ إذا الأسنّةُ والظبا / هتَكَت ظلامَ النَقع باللمعان
والهاتِفونَ إذا الدماءُ تدفّقَت / أعني دما الأبطالِ بالميدانِ
وإذا الصوارمُ والقَنا يومَ الوغى / ذَرَفَت على الشهداءِ دمعاً قاني
آنَ الأوانُ وقيتُمو كيدَ العِدا / والخَصمُ بالمرصادِ كالثُعبانِ
ثوروا وَرُدوا كَيدَهُ في نَحرهِ / وذيولهِ لا عاشَ كلُّ جَبانِ
ما كانَ بالحسبانِ أن يهبوا / اليهودَ بلادَنا ما كانَ بالحسبانِ
لتُبَرهنوا أنّ النفوسَ أبيّةٌ / وليرجِعوا بالذلِّ والخذلانِ
يانشءُ هل من نهضةٍ نُحيي بها / المجدَ الأثيلَ كنَهضةِ الجابانِ
يا نشءُ هل من وثبةٍ نشفي بها / هذا الغليلَ كوثبةِ الطليان
يا نشءُ هل من صرخةٍ تدع العِدا / صرعى الذهولِ كصرخَةِ الألمان
يا نشءُ عَرقَلَتِ العمائمُ سيرنا / والدينُ أضحى سُلّماً للجاني
يا نشءُ وا أسفا على دينٍ غدا / أحبولةً للأصفر الرنانِ
فجرائمُ العلماءِ وهيَ كثيرةٌ / تنمو بظلّ الصفحِ والغُفران
كيفَ النهوضُ بأمَّةٍ بلهاءَ لا / تنفَك عاكِفَةً على الأوثان
هيهات نبني ما بناه جدودنا / وننال في هذي الحياة أماني
وشريعةُ الهادي غدت واحسرَتا / في عالمِ الإهمالِ والنسيانِ
نرجو السعادةَ في الحياة ولم نُنَفِّ / ذ في الحياة أوامر القرآن
بالدينِ قد نالَ الجودُ مناهمُ / وغدوا وربي بهجةَ الأزمان
فتحوا الفتوحَ ومهّدوا طُرق العلا / واستسلَمَ القاصي لهم والداني
طرَدوا هِرقل فراح يندبُ ملكهُ / وقَضوا على كسرى أنوشروانِ
وعَنَت إلى الخطابِ تخطبُ ودَّهُ / رُسلُ الملوكِ لهيبَةِ السلطانِ
والسعدُ رافقَ سعدَ في غرواتهِ / فقَضى صلاةَ الفتحِ بالإيوانِ
وتقَهقرت ذعراً لصولةِ خالدٍ / يومَ النزالِ كتائبُ الرومانِ
قادَ الجيوشَ بهمّةٍ وثّابَةٍ / وبهِ تحُفُّ ملائِكُ الرحمنِ
والمجدُ تَوَّجهُ بتاجٍ زاهِرٍ / ما مثلهُ تاجٌ من التيجانِ
وغزا صميمَ الشرقِ جيشُ قُتَيبَةٍ / وتوَغّلَ ابنُ زيادِ في الأسبانِ
وبنى معاويةٌ بجلَّقَ عرشَهُ / فأضا سماءَ الشرقِ تاجُ الباني
وحنَت لهَيبَتِهِ الملوكُ رؤوسَها / ولمن تلاهُ من بني مروانِ
وأقامَ هرونُ الرشيدُ وإبنُهُ / المأمونُ صرحَ العلم في بغدان
ومجالسُ العلماءِ والعظماءِ والأد / باءِ والشعراء والندمان
واليومَ أينَ حضارةُ العربِ التي / أنوارُها سطَعَت على الأكوانِ
وبنايةُ المجد التي قد ناطحَت / هامَ السماكِ ومشعلَ العِرفانِ
عصفَت بها ريحُ الفساد فهدّتِ / الأركانَ رغمَ مناعةِ الأركان
وطني وصيّرنا الزمان أذلّةً / لنعيشَ في الأوطان كالعبدانِ
نعصي أوامرَ كلّ فردٍ مُصلحٍ / والدينُ ينهانا عن العِصيان
والختلُ والتدجيلُ قد فتكا بنا / وتَقودُنا الأطماعُ كالعميانِ
كلٌّ بميدانِ للذائذِ والهوى / تَلقى عواطِفَه بغيرِ عنانِ
ذو المالِ نغفرُ ذنبَهُ ونُجِلّهُ / أبداً فتلقاهُ عظيمَ الشانِ
أمّا الفقيرُ فلا تسَل عن حالهِ / حالٌ تُثيرُ لواعجَ الأشجانِ
والحُرُّ نُشبعهُ أذىً ونُذيقهُ / سوءَ العذابِ ولا يزالُ يُعاني
ونُحيطُ بالتعظيمِ كلّ منافقٍ / باعَ الضميرَ بأبخسِ الأثمانِ
ما نحنُ في وطنٍ إذا صرخَ الغيورُ به / يرى نفراً من الأعوانِ
ما نحنُ في وطنٍ إذا نادى الأب / يُّ به يُجابُ نداهُ يا أقراني
وطنٌ بهِ يتجرَّعُ الأحرارُ وا / أسفاهُ صابَ البُؤسِ والحرمانِ
ويلاهُ أجنِحَةُ الصقورِ تكسَّرَت / والنسرُ لا يقوى على الطيران
وأرى الفضاء الرحبَ أصبحَ مسرَحاً / واحسرَتا للبوم والغربانِ
والليثُ أمسى بالعرينِ مُكَبَّلا / والكَلبُ يرتَعُ في لحومِ الضانِ
ما أن يُطَبِّلُ في البلادِ مُطبِّلٌ / حتى تُصَفّقُ عصبَةُ الشيطانِ
أو كلّما نعبَ الغُرابُ وغصَّ في / تنعابهِ نعبَ الغُرابُ الثاني
فلمَ التخاذلُ والعروبةُ أُمُّنا / ولمَ الشقاقُ ونحنُ من عدنانِ
ولم التفاخرُ بالموائدِ والملاب / سِ والأثاثِ وشاهقِ الجُدرانِ
ولمَ التعصّبُ بالمذاهبِ يا بَني الأ / وطانِ وهوَ أساسُ كلِّ هوانِ
فقلوبُنا للَهِ والأجسامُ / للغَبراِْ والأرواحُ للأوطانِ
فتعاضدوا وتكاتَفوا وتآلفوا / وتساندوا كتسَاندِ البُنيانِ
وتآمروا بالبرِّ والتقوى ولا / تتآمروا بالإثمِ والعدوانِ
تجري السفينةُ في مُحيطٍ هائلٍ / وعُيونُنا ترنو إلى الربانِ
كيفَ السبيلُ إلى النجاةِ ولم تَزل / عُرضَ الخضمّ سفائنُ القُرصانِ
ربّاهُ جارَ الأقويا فانظُر إلى / ما يفعَلُ الإنسانُ بالإنسانِ
كُفّي الملامَ وعَلّليني
كُفّي الملامَ وعَلّليني / فالشَكُّ أودى باليقينِ
وتناهَبَت كبدي الشجونُ فم / ن مجيري من شجوني
وأمضّني الداء العياء فم / ن مُغيثي من معيني
أينَ التي خُلِقَت لتَه / واني وباتَت تجتَويني
أُمّاهُ قد غَلَبَ الأسى / كُفّي الملامَ وعلّليني
اللَه يا أمّاهُ فيّ / ترَفّقي لا تعذُليني
أرهَقتِ روحي بالعتابِ / فأَمسِكيه أو ذَريني
أنا شاعرٌ أنا بائسٌ / أنا مستهامٌ فاعذُريني
أنا مِن حنيني في جحيمٍ / آهِ من حرّ الحنينِ
أنا تائه في غيهَبٍ / شبحُ الردى فيه قريني
ضاقَت بيَ الدنيا دَعيني / أندبُ الماضي دَعيني
وأنا السجينُ بعقرِ داري / فاسمَعي شكوى السجينِ
بهزالِ جسمي باصفراري / بالتجعّدِ بالغُصونِ
وطَني وما أقسى الحياةَ / بهِ على الحُرّ الأمين
وَأَلَذُّ بينَ رُبوعهِ / من عيشتي كاسُ المنونِ
قد كنتَ فردوسَ الدخيل / وجنّةَ النّذلِ الخئونِ
لَهَفي على الأحرارِ فيك / وهم بأعماقِ السجون
ودُموعُهُم مُهَج وأكبادٌ / تَرَقرَقُ في العيونِ
ما راعَ مثلُ الليثِ يُؤسَ / رُ وابنُ آوى في العرينِ
والبُلبُلُ الغريدُ يهوي / والغُرابُ على الغُصونِ
وطَني وأدتُ بكَ الشباب / وكلَّ ما ملَكَت يَميني
وقَبَرتُ فيكَ مواهبي / واستَنزَفَت غُللي شُؤوني
ودَفَنتُ شتّى الذكرياتِ / بِغورِ خافِقيَ الطعينِ
وكسَرتُ كأسيَ بَعدَما / ذابَت بأحشائي لحومي
وسكَبتها شعراً رثيتُ / بهِ الروح الحَزينِ
وطَوَيتُها صُحُفاً ضَنَتُ / بها وما أنا بالضنينِ
وَرجعتُ صفرَ الكفِّ مُنطَوِ / ياً على سرٍّ دَفينِ
فلأنتَ يا وَطني المدينُ / وما هزارُكَ بالمدينِ
وَطَني وما ساءَت بِغَير بن / يكَ يا وَطني ظُنوني
أنا لَم أجد فيهم خَديناً / آهِ مَن لي بالخدينِ
واضَيعةَ الأملِ الشريد / وخَيبةَ القلبِ الحَنونِ
رقَصوا على نوحي وإعوا / لي واطرَبَهُم أنيني
وتَحامَلوا ظُلماً وعذواناً / عليّ وأرهقوني
فعرفتهُم ونَبَذتُهُم / لكنّهم لم يعرفوني
وهناكَ منهُم معشرٌ / أُفٍّ لهُم كم ضايَقوني
هذا رماني بالشذوذِ / وذا رماني بالجنونِ
وهُناكَ مِنهُم من رماني / بالخلاعةِ والمجونِ
وتطاولَ المتعصّبون / وما كفَرتُ وكفّروني
وأنا الأبيُّ النفسِ / ذو الوجدانِ والشرفِ المصونِ
اللَهُ يشهدُ لي وما / أنا بالذليلِ المستكينِ
لا درّ درهمُ فلَو / حُزتُ النضارَ لأكرموني
أو بعتُ وجداني بأس / واقِ النفاقِ لأكرموني
أو رحتُ أحرقُ في الدواو / ينِ البخورَ لأنصفوني
فعرفتُ ذنبي أن كبش / ي ليسَ بالكبش السمين
يا قومُ كُفّوا دينُكُم / لكمُ ولي يا قَومُ ديني
ليلايَ يا حُلمَ الفؤادِ / الحلوَ يا دنيا الفُنونِ
يا ربَّةَ الشرفِ الرفيعِ / البكرِ والخُلُقِ الرصينِ
يا خمرةَ القلبِ الشجي / وحجّةَ العقلِ الرزينِ
صُنتُ العهودَ ولَم أحِد / عنها فيا ليلايَ صوني
عودي لقَيسِك بالهوى / العُذريِّ بالقلبِ الرهينِ
عودي إليه وشاطريهِ / الحبَّ بالدمعِ السخينِ
عودي إليه واسمعي / نجواهُ في ظلّ السكون
فهو الذي لهواكِ ضحّى / بالرخيصِ وبالثمينِ
ليلى تعالَي زوّديني / قبلَ المماتِ ووَدّعيني
ليلايَ لا تتمَنّعي / رُحماكِ بي لا تخذُليني
ليلى تعالَي واسمعي / وحيَ الضميرِ وحدّثيني
ودعي العتابَ إذا التقَينا / أو فَفي رفقٍ ولينِ
لم لا وَعُمرُ فتاكِ أطوَلُ / منهُ عُمرُ الياسَمينِ
لِلَهِ آلامي وأوصابي / إذا لم تُسعِفيني
هيمانَ كالمجنونِ أخبِطُ / في الظلامِ فأخرجيني
مُتَعَثِّراً نهبَ الوساوِسِ / والمخاوِفِ والظنونِ
حَفَّت بيَ الأشباحُ / صارخةً بربِّكِ أنقِذيني
واشفي غليلي وابعثي / ميتَ اليَقينِ ودَلّليني
ليلى إذا حُمَّ الرحيلُ / وغَصَّ قَيسُكِ بالأنينِ
ورَأيتِ أحلامَ الصَبا / والحُبّ صرعى في جُفوني
ولَفَظتُ روحي فاطبعي / قبلَ الوداعِ على جَبيني
وإذا مشَوا بجنازَتي / بِبَناتِ فكري شَيّعيني
وإذا دُفِنتُ فَبلّلي / بالدمعِ قَبري واذكُريني
صَهَرتُ في قدحِ الصهباءِ أحزاني
صَهَرتُ في قدحِ الصهباءِ أحزاني / وصُغتُ من ذَوبها شِعري وألحاني
وبتُّ في غَلَسِ الظلماءِ أُرسِلُها / من غورِ روحي ومن أعماقِ وجداني
يا ليلُ ضاقت بشكوايَ الصدورُ وما / ضاقَت بغلٍّ وأحقادٍ وأضغان
فجئتُ أشكو إليكَ المرجفينَ وهم / لا درَّ درُّهُمُ أسبابُ خذلاني
يا ليلُ والروح عَطشى وهيَ هائِمةٌ / هَل في المجرّةِ من ريٍّ لعطشانِ
يا ليلُ والنفسُ غَرثى وهيَ حائرةٌ / فهَل بنَجمِكَ من زادٍ لغَرثانِ
يا ليلُ والعينُ سهرى وهيَ دامعةٌ / فهَل بجُنحِكَ من راثٍ لسَهرانِ
يا ليلُ حَسبي وصدري ملؤهُ ضرمٌ / تلكَ البقيَّةُ فافتَح صَدركَ الحاني
فكَم بهِ لمَسَت روحي العزاءَ وقد / أودَعَتهُ سرّ آلامي وأشجاني
يا ليلُ أينَ الكرى بل أينَ طيفهُم / فكَم بوادي الكرى يا ليلُ واساني
وكم هَفَت وَصَبَت نفسي إلى حُلُمٍ / مُجنّحٍ راقصٍ في النورِ نَشوانِ
حُلمٌ يرفُّ على لالاءِ مَبسِمها / ليلاً ويَصدرُ صُبحاً غيرَ صَديانِ
يا ساقيَ الخمرِ لا شُلَّت يداكَ أدِر / بنتَ النخيلِ فإنّ الصحوَ أضناني
وانضَح بها كبداً نَهبَ الجوى واثر / باللَه غافيَ إحساسي وإيماني
فكم على ضوئِها الفضيّ من صُوَرٍ / شتّى تجلّت لعيني ذات ألوان
وَرُحتُ استَعرضُ الماضي فاطرَبني / بها ومن ثمّ أشجاني وأبكاني
حتّى سَكَبت على ذِكراهُ أغنيةً / من وَحيِ بُؤسي ومن إلهامِ خِرماني
يا ساقيَ الخَمرِ زِدني فالرؤى هَتَفَت / بي وهيَ سكرى وما اغمَضتُ أجفاني
تراقصَ الحَبَبُ المِمراحُ في قدَحي / فأينَ أينَ الكرى من جفنِ سكرانِ
يا جيرةَ البانِ حيّا الغَيثُ رَوضَكمُ / وجادَ واديكمُ يا جيرةَ البان
واللَهِ ما هبَطَت ليلايَ دارَكمُ / إلّا وحلّت بها ما بينَ إخواني
فمَن بأحضانِ ذاكَ الروضِ شاهَدها / مُواسياً غيرُ أقراني وخلّاني
ومَن على وردهِ المعطارِ نادمَها / على الطّلا غيرُ سُمّاري ونُدماني
باللَهِ هل فُسِّرَت أحلامُ روضِكُم / وهنّا لانسامِ آذارٍ ونيسانِ
وهل شجا قلبَها نوحُ الحمامِ بهِ / فاستَعبَرَت وَرَثَت لي بعدَ فقداني
وَهَل أنينُ سواقيهِ وأدمُعُها / في الروضِ ذكّرَها بالوامقِ العاني
وهَل فراشاتهُ طافَت بوجنَتِها / وغازلَت وهيَ نشوى وردَها القاني
يا أهلَ ليلايَ مُذ شطّ المزارُ بكم / لا الحيُّ حيّي ولا الجيرانُ جيراني
كلّا ولا الروح روحي مُذ هفَت وصَبَت / لساكني الحيّ من غيدٍ ومُردان
نَزَحتُمُ وضبابُ الشكّ خيّمَ في / آفاقِ نَفسي وكم بالكُفرِ أغراني
لولا بقيَّةُ إيمانٍ ترُفُّ منى / قلبي على ضوئها في ليل أحزاني
يا ساكِني القَصرِ دام السعدُ مُبتَسِماً / لكُم ودُمتُم ودامَ النحسُ للشاني
إن يجحَدِ القومُ والأوطانُ فَضلَكُمُ / لا القومُ قومي ولا الأوطانُ أوطاني
لي بينَ غزلانِكم ظبيٌ كَلِفتُ به / ظبيٌ تَرَعرَعَ في جنّاتِ رضوانِ
واللَهُ أبدعَ في تصويرهِ وكفى / أُعيدهُ بكمُ من كلِّ شَيطانِ
ما أن وَقَفتُ عليها مُهجتي ودَمي / حتّى قَصَرتُ أناشيدي وأوزاني
فيا إله الهوى رفقاً بعابِدِها / فالقلب ما نال من معبوده الثاني
والفكرُ يا أهلَ ليلايَ استقَلَّ بها / والروحُ يا مذبحَ العُشّاقِ قُرباني
حُبٌّ برىءٌ نما في خافِقي وَسَما / وهَل يُعَمَّرُ حُبٌّ غيرُ روحاني
إعزف على العود يا معبودي الثاني
إعزف على العود يا معبودي الثاني / وغنّ يا حب أنت الهادم الباني
إعزف على العود إن الشك ساورني / يا سلوة القلب وابعث ميت أشجاني
وهاتها يا غذاء الروح أغنية / تحيي الرجاء بقلب البائس العاني
يا ساجي اللحظ والأحلام شاردة / اسرع بربك وأملا كأسي الثاني
واترع لنفسكَ أخرى يا حبيبي من / خمر العراق ودع صهباء إيران
ما كان أطيبها صرفاً وأعذبها / ممزوجةً فاسقنيها وأجلُ أحزاني
إنّي لأشتمُ عطر الرافدين بها / نشر الخزامى وعبق الآس والبان
وكم رأيتُ ظباء الكرخ سارحة / بالسكر ما بين أورادٍ وغدران
قُم واسكُب الروح أنغاماً على مهل / فما لديّ سواها فهيَ قرباني
ولنصطبح بحميا زحلةٍ وإذا / فرغت عن اسلمي يا أرض لبنان
إعزف على العود ولنسكر ولا حرج / ولنحي ميت الأماني بابنة الحان
هنا الهوى وأغانيه العذاب هنا / عرائس الوحي ألقاها وتلقاني
هنا الرمال هنا الأمواج راقصة / وههنا صغتُ أشعاري وأوزاني
هنا الرحيق المصفّى والرؤى وهنا / ملهى اللآلىء من حور وولدان
هنا كؤوس الحميا كم وكم خطرت / تختال ما بين سماري وندماني
يا مهبط الوحي يا ملهى طفولتنا / أوّاهُ ليت الذي أهواهُ يهواني
علّلتُ نفسي فلا الآمال صادقة / وضقتُ ذرعاً وفرط الشوق أضناني
فالطرف جفّ وسال الروح من شجنٍ / دمعا وفاضت به ويلاهُ عينان
يا مرتع الروح والأشجان ثائرة / إني على العهد ما كرّ الجديدان
جاء الشتاء وولّى الصيف واأسفا / أما سمعت بجنح الليل ألحاني
قد جئتُ وهنا وآمالي محطمةٌ / لكي أبثّك أشواني وأشجاني
فلا شويطئك الرمليّ اطرَبني / كلا ولا موجه الفضي وأساني
ولا الأصائل والأسحار باسمةٌ / ولا نسيمك لما مرّ عزّاني
فالحبّ داء عضال لا دواء له / فلا يغرّنك ما يبدي الحبيبان
يا طائرَ الفجرِ من بالراح أغرانا
يا طائرَ الفجرِ من بالراح أغرانا / إلاك حين تناغي الروض سكرانا
قم واصطبح فكؤوس الورد مترعة / من خمرة الفجر إن الفجر قد بانا
وارقص وصفق وطر واهتف وغن به / وحيه واسكب الأشواق ألحانا
كم نغمة صغت من إلهام روعته / ووحي طلعته فاصدح بها الانا
وسائل الروض عن أحلام غفوته / واستخبر الآس والنوار والبانا
وابعث بأنفسنا ميت العزاء فقد / أودى بها اليأسُ واسمع بعد شكوانا
يا جيرة الروض من منكم يخبرنا / فالدهر أدناكم منه وأقصانا
كيف الأحبّة جاد الغيث ربعهم / إنا على عهدهم رغم الذي كانا
سلوا بربكم ليلاكم فلكم / باتت تشاكي بجنح الليل ليلانا
كم كاشفتها بما ضمت جوانحها / فتذرف الدمع إشفاقا وتحنانا
يا جيرة الروض والأحلام شاردة / ما كان أسعدكم فيه وأشقانا
في ذمة اللَه ما ضينا وحاضرنا / بؤس ويأس ألا سحقا لمن خانا
ليلى تعالى وردي بعض ما أخذت / منا ليالي النوى عطفا وإحسانا
ليلى تعالي فصرف الدهر أعلنها / حربا وحطمنا ظلما وطغيانا
ليلى تعالي لنشكو ما نكابده / في الحي مذ أصبح الأحرار عبدانا
ليلى تعالي فإن الشك خامرنا / وكفكفي دمعنا فالوضع أبكانا
ليلى تعالي أديريها مشعشعة / لعل بالراح يا ليلاي سلوانا
إنا منادوك يا ليلى فلا عجب / فأنت والله دنيانا وأخرانا
عشق المجد والهوى فكرةٌ تنمو
عشق المجد والهوى فكرةٌ تنمو / وتسمو بالروح والوجدان
واجتوى الذل كيف لا وهو حرّ / أيطيق الأحرار عيش الهوان
يا له اللَه من همامٍ غيورٍ / صادق العزم ثابت الإيمان
حمل قبل أن تدول الرحى لي / يٌ إذا أوشكت قويّ الجنان
يتغنى والموت منه قريب / بالمنى والجنديّ رمز التفاني
أيّ وقع في النفس صاح لمرأى / مستميت يختال في الأكفان
تتراءى في عينه صور قد / أخرست عبقريّة الفنان
رسمتها بريشة الحزم والعز / م يد الحق في أدق معان
وإذا ما دعاه قائده الباسل لب / ى بالروح لا باللسان
يتخطى الصعاب غير مبال / بزفير الآلات والنيران
وزئير الحديد في أذنيه / شدو قيثارة ورجع مثاني
وأنين الجرحى وحشرجة المو / تى هتافٌ لا عاش كلّ جبان
ويزيد الملاح في ثورة اليم / نشاطا مهارة الربّان
دمه في عروقه أجّجته / ثورة الروح فهو في غليان
هاتف صارخ به وهو في لي / لٍ من النقع بين سحب الدخان
وكؤوس الردى يطوف بها الهو / ل فللّه سكرة الندمان
كلما صفّق العلا لشهيد / هتف المجد للشهيد الثاني
أي بأس كبأسه حيثما ثار / بوجه الأعداء كالبركان
ثورة زلزلت قلوبا وأرواحا / فباء العدو بالخذلان
إن للحقّ صولةً تصرع الظلم / وتودي بالبغي والطغيان
وجنودا تمدّهم قوّة الل / هِ ويرعاهم بعين الحنان
وجلالاً ملءَ النفوسِ تجلى / بثبات الشيوخ والشبّان
وجمالاً حواه أسمى وسام / رصّعته الجروح بالمرجان
إيه يا ابن الحريّة البكر / أبليت فإن يهدموا فأنت الباني
فعليك السلام حيّا وميتا / وتقبّل منّا أحرّ التهاني
حسب الغواني أنهنّه
حسب الغواني أنهنّه / حطّمن قلبي حسبهنّه
وبدا نحوس في الهوى / لمّا تألّق سعدُهُنّه
فملكن إحساسي عليّ / فطاف قلبي حولهنّه
صديان لا يشفي صدا / ه سوى اللمى يا ليلتهُنّه
قل للمريضات الجفو / ن رويدكنّ رويدكُنّه
اللَهَ في مهج برا / ها يا عذارى حبُّكُنّه
اللَهُ أعطاكنّ فالدن / يا وزينتُها لكنّه
رفقاً بأفئدة الشبا / بِ فقد شجاها صدّكنّه
حامت كما حام الفرا / شُ على شقيق خدودكُنّه
لمّا تبدى سربها / نّ اصطاد قلبي سربُهُنّه
لم أدر وا لهفي على / ليلايَ هل هيَ بينُهنّه
فنسيت ربّي كيف لا / وسجدت إجلالاً لهنّه
والشاطىءُ الرملي ص / فّق هاتفا فرحا بهنّه
والموج داعب حينَما / عانقنَهُ أردافهنّه
يا ليتَهُنّ عرفنني / يا صاح إذ غازَلتُهنّه
ما خطبهنّ نفرن من / ي حينما كاشفتُهُنّه
أو ما علمنَ بأنّ لي / قلباً يقدّس طهرهنّه
ذكرى أثارت غافيَ الأحزان
ذكرى أثارت غافيَ الأحزان / أشجاك يوم العيد ما أشجاني
شجنٌ ممضّ صارخٌ وكآبةٌ / خرساء يا للبؤس والحرمان
يا للتعاسة لا حبيب أرتجي / منه الوصال ولا أخ واساني
صدعت صباح العيد كأسي زفرةٌ / أطلقتها من قلبيَ الحرّانِ
حتى إذا سال الصبوحُ وددت لو / أنّي اغتبقت بدمعيَ الهتّان
وكذلك استبدلتهُ وظننتُ أن / الخمرَ تطفىءُ غلّة الصديان
فشربتها صرفاً ولم أسكر ولم / أطرب وزاد الحون كأسي الثاني
أنا لا أغنّي أيّها الساقي ومع / ذرة إذا ما نحت يا أقراني
كلّ امرىءٍ منكم يضاحكُ كأسهُ / طرباً وكاسي ويحهُ استبكاني
وشربتمُ وطربتمُ ما كان أس / عدكُم بأكؤُسِكم وما أشقاني
كفوا الملام فلست أوّل بائس / يستبدل الأفراح بالأحزان
إلحاحُكم يدمي فؤادي فاقبلوا / عذري ويؤلم عتبكم وجداني
لا أشكرَنّ مهنّئي بالعيد بل / شكري الجزيل لمن به عزّاني
واللَهِ لا نفسي به هنّأتُها / كلّا ولا أهلي ولا إخواني
إلّاكَ يا بدري فهاك تهانئي / بالعيد من أعماق قلبي العاني
يا من حفظت عهودهُ واضاع عه / دي واستجبت نداءهُ وعصاني
ومنحتهُ حبّي فأدبر ساخراً / منّي وأشمت حاسدي وجفاني
أو ما علمت بأنّ هجرك سامني / سوء العذاب وشفّني وبراني
وأنا فديتكَ شاعرٌ حسبي من الدّ / نيا وما فيها فتىً يرعاني
أسقيه آونةً ويسقيني وإن / ناغيتهُ بقصائدي ناغاني
ويبُثّني شكواه حين أبثّهُ / شكوايَ والكأسان يستمعان
فإذا شربناها على همس الصبا / هتف السرور وصفّق القلبان
يا زينةَ الدنيا ويا دنيا المنى / والشعر والأحلام والألحان
العيد عيدي يوم تسقيني واس / قيك المدام وأنت في أحضاني
ألعيد عيدي يوم أقطف من خدو / دك يا منايَ شقائق النعمان
ألعيد يوم الهمس والنجوى إلى / أن يصبح التعبير بالخفقان
ألعيد يوم ننام ملء جفوننا / متعانقين كأنّنا طفلان
ألعيد يوم يصفّقُ القلبان من / فرح اللقاء وتهتف الروحان
ألعيد يوم أمتّع الطرف الذي / أسهدتهُ بجمالكَ الفتّان

المعلومات المنشورة في هذا الموقع لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع إنما تعبر عن رأي قائلها أو كاتبها كما يحق لك الاستفادة من محتويات الموقع في الاستخدام الشخصي غير التجاري مع ذكر المصدر.
الحقوق في الموقع محفوظة حسب رخصة المشاع الابداعي بهذه الكيفية CC-BY-NC
شبكة المدارس الإسلامية 2010 - 2025