القوافي :
الكل ا ب ت ث ج ح خ د ذ ر ز س ش ص ط ع غ ف ق ك ل م ن و ه ء ي
الشاعر : كاظِم الأُزْري الكل
المجموع : 7
لاحت مطالع عدل شأنها الشان
لاحت مطالع عدل شأنها الشان / فاليوم يصطحب السرحان والضان
وأسفر البدر عن ديباج رونقه / فزاده رونقاً حسن وإحسان
القائد الخيل والعقبان طائرة / إلى الوغى وعلى العقبان عقبان
قب الأياطل تزراً في أعنّتها / كما تلمض في الهيجاء ثعبان
هوائج يسلسل الملك الجموح بها / كأنهن لخيل النصر أرسان
خوارق بسراها كلّ داجية / كأنها لبنات الافق أخدان
يا فارس الخيل والفرسان طائشة / تصك منها بقرع الطعن أذهان
أنت المزلزل منها ركن طاغية / كما يزلزل قلب الشّرك إيمان
قلدت مرهف حزم لا غلاف له / فارتاح حق به وارتاع بطلان
قدها على رغم من تكوى حشاشته / كأنها وهي روض الحسن نيران
الفاضحات جياد الريح في طلب / إن ضمها وجياد الريح ميدان
والسابحات إذا جاشت غواربها / سبح الكواكب والظلماء طوفان
من المغيرات في الإغلاس يحفزها / جأش تعاظم فيه الشأو والشان
طلائع كاثير الافق طالعة / تشقى بطلعتها خيل وفرسان
أبوا خلاف المساوي لا أبالهم / فهم لها أبداً رهط وخلان
سرت وزارتك الدنيا وسيء بها / جبن وبخل واخلاف وعدوان
أعريت منها البرايا واكتسيت بها / وكل من ليس يكسى المجد عريان
أصبحت في الناس كالميزان منتصباً / للخلق يبدو به نقص ورجحان
مؤيداً لك فوق المشتري طنب / مؤسساً لك في العيوق بنيان
وقال في حظك الأوفى مؤرخه / ملك تسربل برديه سليمان
خذ بالمعالي فلحظ السعد يقظان
خذ بالمعالي فلحظ السعد يقظان / والجو أفيح والندمان ندمان
والعيش يفتر عن بيضاء صافية / قد راق فيها لنا حان وألحان
والدهر يختال في صفراء فاقعة / قد زينتها أكاليل وتيجان
والملك يشرق إجلالا بغرته / أني وقد حك منه الافق تبيان
وأنجم السعد تجري في مطالعها / زهواً بطلعة ملك شأنه الشان
قطب الوزارة لو دارت دوائره / يوم الفخار فمن أدّ وقحطان
القائد الخيل للأفواه فاغرة / كما تلمظ في هيماء ثعبان
جوامح يسلس الملك الجموح بها / كأنهن لخيل النصر أرسان
خوارق بسراها كلّ داجية / كأنها وبنات الافق أخدان
يا فارس الخيل والفرسان طائشة / تصك منها بقرع الطعن أذهان
أنت المزلزل منها ركن طاغية / كما يزلزل قلب الشّرك إيمان
فتى الملوك مفدّاها ولا عجب / أن يفتدى بالحصى درّ ومرجان
وساحب الفيلق الجرار تحسبه / شهب البزاة أقلتهن عقبان
الفاضحات جياد الريح في طلب / إن ضمها وجياد الريح ميدان
والسابحات إذا جاشت غواربها / سبح الكواكب والظلماء طوفان
من المغيرات في الإغلاس يحفزها / شأو تعاظم منه ذلك الشأن
مختالة تتهادى يوم معترك / كأنها في مروج الرّوض غزلان
طلائع كأثير الأفق ثائرة / تشقى بطلعتها خيل وفرسان
بشرى لها بأبي الفرسان فخرهم / بأنهم لأمير منه غلمان
ملك ترفع قدراً في سياسته / عن أن يقاس به كسرى وساسان
قد شرفت ساكني الزوراء زورته / كما يشرّف قدر الأرض هتان
وقال في حظّه الأوفى مؤرخه / بالفتح والنصر طل عزّا سليمان
خذ بالسرور فلحظ السعد يقظان
خذ بالسرور فلحظ السعد يقظان / والرّبع أفيح والندمان ندمان
والعيش يفتر عن بيضاء صافية / قد أخلصتها لنا حان والحان
والبيض تختال عجبا في غلائلها / كأنها وبنات الافق أخدان
والكون يرفل في صفراء فاقعة / من جنة زهرها حور وولدان
والكون أضحى على كيوان مرتقيا / كما ارتقى تلمات الفضل كيوان
وافى وقد أصبحت تسمو دعائمه / فخرا بعزة ملك شأنه الشان
القائد الفيلق الشهباء لو نزلت / نجداً لظل لها يهتز عمان
والمخصب البلد العافي بنائله / والفخر اثنان أقدام وإحسان
صعب العريكة لا تلوى شكيمته / سهل القياد إذا ناداه ولهان
أعظم به وظلام النقع معتكر / والبيض نوم وهام الصيد أجفان
يلقى الألوف بقلب غير مكترث / كأنما قصب المران ريحان
صلت المكلل مرهوب لهيبته / لو ضمه وقراع الشوس ميدان
حيث البسيطة بالأطواد راجفة / وأعين البهم تحت النقع آذان
وللقواضب في الأدراع صلصلة / يجيبها من قسيّ القوم مرنان
كأنه تحت نقع الخيل بدر دجى / والشهب من حوله بيض وخرصان
فالعيد نال بكم نيل الأنام به / وبشرت بكم الأزمان أزمان
وزين أفق العلى منكم ببدر هدى / أمسى بفخر المعالي منه قرآن
وأصبحت بكم الآفاق آمنة / جاران في بره السرحان والضان
ملك سما في بني الأملاك مفخره / كما سمت شرفا في العرب قحطان
فمن لأمّ العلى منه بلثم ثرى / عنا له الثقلان الانس والجان
وكم تجلى بصبح من أسرّته / فانجاب عنّا به بؤس وأحزان
وقال في شأنه الأعلى مؤرخه / بدا بعيد منىً أضحى سليمان
إن كنت في سنة من غارة الزمن
إن كنت في سنة من غارة الزمن / فانظر لنفسك واستيقظ من الوسن
ليس الزمان بمأمون على أحد / هيهات أن تسكن الدنيا إلى سكن
لا تنفق النفس إلا في بلوغ منى / فبائع النفس فيها غير ذي غبن
ودع مصاحبة الدنيا فليس بها / إلا مفارقة السكان للسكن
والعيش أنفس ما تقنى لذاذته / لولا شراب من الاجال غير هني
وكيف يحمد للدنيا صنيع يد / وغاية البشر منها غاية الحزن
هي الليالي تراها غير خائنة / إلا بكل كريم الطبع لم يخن
ألا تذكرت أياماً بها ظعنت / للفاطميين أظعان عن الوطن
أيام دارت بشهب المجد دائرة / ما كان مركزها إلا على الشجن
أيام طل من المختار أي دم / وأدميت أي عين من أبي حسن
أعزز بناصر دين الله منفردا / في مجمع من بني عبادة الوثن
يوصي الأحبة أن لا تقبضوا أبدا / إلا على الدين في سرّ وفي علن
وإن جرى أحد الأقدار فاصطبروا / فالصبر في القدر الجاري من الفطن
ثم انثنى للأعادي لا يرى حكما / إلا الذي لم يدع رأسا على بدن
سقيا لهمته ما كان أكرمها / في سقي ظامي المواضي من دم هتن
حيث الأسنة للآجال مفصحة / عن المنايا بذاك المقول اللكن
وللظبى نغمات في رؤوسهم / كأنها الطير قد غنت على فنن
يا جيرة الغي أن أنكرتم شرفي / فإن واعية الهيجاء تعرفني
لا تفخروا بجنود لا عداد لها / إن الفخار بغير السيف لم يكن
ومذ رقى منبر الهيجاء اسمعها / مواعظا من فروض الطعن والسنن
للَه موعظة الخطي كم وقعت / من آل سفيان في قلب وفي أذن
كأن أسيافه إذ تستهل دماً / صفائح البرق حلت عقدة المزن
فلم يروا غير ذاك الليث مقتنصاً / تلك الأوابد لم ينكل ولم يهن
للّه حملته لو صادفت فلكاً / لخر هيكله الأعلى على الذقن
يفري الجيوش بسيف غير ذي ثقةٍ / على النفوس ورمح غير مؤتمن
وعزمة في عرى الأقدار نافذة / لو لاقت الموت قادته بلا رسن
حتى إذا لم تصب منه العدى غرضاً / رموه بالنبل عن موتورة الضغن
فانقض عن مهره كالشمس عن فلك / فغاب صبح الهدى في الفاحم الدجن
قل للمقادير قد أبدعت حادثة / غريبة الشكل ما كانت ولم تكن
أمثل شمرٍ أذل الله جبهته / يلقى حسيناً بذاك الملتقى الخشن
واحسرة الدين والدنيا على قمر / يشكو الخسوف من العسالة اللدن
يا سيداً كان بدء المكرمات به / والشمس تبدأ بالأعلى من القنن
من يكنز اليوم من عِلم ومن كرم / كنزاً سواك عليه غير مؤتمن
هيهات أن الندى والعلم قد دفنا / ولا مزية بعد الروح للبدن
لقد هوت من نزار كل راسية / كانت لابنية الأمجاد كالركن
للَه صخرة وادي الطفّ ما صدعت / إلا جواهر كانت حلية الزمن
قد أنفقتها بأطراف القنا فئة / على أساسهم بيت النفاق بني
خطب ترى العالم العلوي لأن له / ما العذر للعالم السفلي لم يلن
ان تبكه مقل الأفلاك تبك فتى / كان الوجود به في أمنع الجنن
من المعزّي حمى الإسلام في ملك / من بعده حرم الإسلام لم تصن
يهنيك يا كربلا وشي ظفرت به / من صنعة اليمن لا من صنعة اليمن
للَه فخركِ ما في جيده عطل / ولا بمرآته الأدنى من الدرن
كم خرّ في تربك النوري بدر تقى / لولاه عاطلة الإسلام لم تزن
من كل فارس أقدام ومكرمة / لاقى المنايا بلاغمٍ ولا منن
حي من الشوس معتاد وليدهم / على رضاع دم الأبطال لا اللبن
يجول في مشرق الدنيا ومغربها / نداهم جولان القرط في الأذن
من مبلغ سوق ذاك اليوم أن به / جواهر القدس قد بيعت بلا ثمن
يوم بكت فيه عين الكومات دماً / على الكريم فبلّت فاضل الردن
يوم أجال القذى في طرف فاطمة / حتى استحال وعاء الدمع والوسن
لم تدر أيّ رزايا الطف تندبها / ضربا على الهام أم سبيا على البدن
لهفي على ناطقات العلم كيف غدت / وأفصح اللسن منها ألكن اللسن
أي الشموس توارت بعد ما تركت / في صدر كل كمال قلب مفتتن
ما للحوادث لا دارت دوائرها / أصابت الجبل القدسي بالوهن
قل للمكارم موتي موت ذي ظمأ / فقد تبدل ذا العذب بالأجن
إن زلزلت هذه السفلى فلا عجب / دارت على الفلك الأعلى رحى المحن
تبكي على سيد كانت له شيم / يجري بها المجد مجرى الماء في الغصن
لقد أطلت على الإسلام نائبة / كقتل هابيل كانت فتنة الفتن
إن الندى كان لا يلقى صدى أمل / إلا بأكرم من صوب الحيا الهتن
أين الهدى كان يجلو كل معتكر / ولا يقيم الورى إلا على السنن
إن أصبح الدهر يزجي من عزائمه / فإن حظ بقايا المكرمات فني
لقد هوى علم الإسلام بعد فتى / هداه والدين مقرونان في قرن
أقول والنفس مرخاة أزمتها / يقودها الوجد من سهل إلى حزن
مهلا فقد قربت أوقات منتظر / من عهد آدم منصور على الزمن
كشاف مظلمة خوّاض ملحمة / فياض مكرمة فكاك مرتهن
قرم يقلّد حتى الوحش منّته / وابن النجابة مطبوع على المِنن
صباح مشرقها مصباح مغربها / مزيل محنتها من كل ممتحن
أغرّ لا يتجلى نور سؤدده / إلا بروض من الدين الحنيف جني
تسعى إلى المرتقى الأعلى به همم / لا تحتذي منه إلا قنّة ألقنِن
يسطو بسيفين من بأسٍ ومن كرم / يستأصلان عروق البخل والجبن
يا من نجاة بني الدنيا بحبهم / كأنها البحر لم يركب بلا سفن
طوبى لحظ محبيكم لقد حصلوا / على نصيب بقرن الشمس مقترن
يا قادة الأمر حسبي أنس حبكم / في وحشة الحشر يرعاني ويؤسني
هل تزدري بي آثامي ولي وله / بكم إلى درجات العرش يرفعني
وهل تميد بي الدنيا إلى دول / ومن ولائي فيكم ما يقوّمني
أرجوكم وراجاء الأكرمين غنى / حياً وبعد اندراج الجسم في الكفن
ومنكر ونكير لا أهابهما / أنّىولحظ رجال الله يلحظني
ظفرت بالأمن إذ يممت مالكه / وصعب نيل المنى سهل على الفطن
يا من بقدرهم إلا على علت مدحي / والدر يحسن منظوماً على الحسن
إن طالبتني بمدح ذات أمجدكم / فرب طالب أمر وهو عنه غني
فهاكم من شجيّ البال مغرمة / عذراء ترفل في ثوب من الشجن
جاءت تهادى من الآزري حالية / من اجتلى حسنها الفتّان يفتتن
خذوا إليكم بلا أمر مدائحه / أنتم أولو الأمر من باد ومكتم
ثم الصلاة عليكم ما بدا قمر / فانجاب عنه حجاب الغارب الدجِن
وقفت بذات الأثل من نعمان
وقفت بذات الأثل من نعمان / فشجت فؤاد متيم ولهان
وتذكرت في الابرقين مناخها / فتنفست عن مدمع حران
تبكي على ما مرّ من زمن الصبا / متعلقاً بذوائب الأقران
للَه وقفتها بذي سلم ضحىً / ودموعها وقفت على الأجفان
والوجد ينحرها بغير مهند / والشوق يطعنها بغير سنان
لم تدر قبل ركوبها خطط الهوى / إن الهوىمنهاج كل هوان
تمشي وتلتفت التفاتة عاشق / نفثت عليه آفة الهيمان
يا ناق من ملأ الوعاء من الهوى / أعيا بذاك المجمر الملآن
ولقد أراك على اللقاء حريصة / والحرص متحد مع الحرمان
إن عاد ذيّاك الوصال فربما / رجعت بسالفه يد الأزمان
لا تيأسي من روح عائدة الهوى / كم عاد مقصوص إلى الطيران
وأنا الفداء لظاعنين ترحلوا / بالصبر قبل ترحل الأظعان
كانوا وكان الحسن بين قبابهم / برتاح بالأقمار والأغصان
من كل من تبدو أسرة وجهه / فتضيء ما صبغت يد الأشجان
ويريك لحظاً من محاجر طرفه / كالسيف إلا أنه روحاني
من للقلوب تقلبت مفريّة / بسنان ذاك الأحور الوسنان
لاحظته فلحظت خدّي أبلج / قد سار في فلكيهما القمران
ولمحت من شفتيه عذبا سائغا / كالراح تلمع من خلال دنان
وترى القلوب تميل من ميلانه / جهلت غصون البان في الميلان
يا صاحب القدّ المثقف لدنه / مهلا ملأت قلوبنا بطعان
لا أعتبنك في تناسي عهدنا / ما أخلق الإنسان بالنسيان
ما أنت إلا الدهر أمسك نوءه / من بعد ما أشفى على الهملان
ولقد جثثت على المعالي ناقتي / فتلفعت بسباسب ورعان
ورمت بي الأرض البعيد مرامها / من قبل أن يتراجع الجفنان
يا ناق إن العشق ليس بقائد / للصب غير خوارق الأحزان
هل يغررنك ما تحدثه المنى / وحديثها ضرب من الهذيان
أمّي ديار الأكرمين فإنها / للطالبين معادن الإحسان
تطوي الثرى أخفافها فتخالها / خفقان أجنحة من العقبان
ظمآى إلى الورد المبرّد دماؤه / غرثى إلى المرعى العظيم الشان
قد قارنت زحل السرى فأنختها / في ظل أسعد بدر كل قران
المرشد الحيران من مهوى القضا / حيث الزمان يجول كالحيران
علم تمد له العلوم رقابها / فيقودها ذللا بغير عنان
لم تنبت الدنيا قناة فضيلة / إلا وكان لها مكان سنان
لولاه كان العيش ليس بنافع / والكف لم تنفع بغير بنان
لو كان جود يديه ماء سحابة / لم تأمن الدنيا من الطوفان
وبدت لدائرة النجوم هباته / فتعلمت شيئا من الدوران
يعطى فليس يمينه منكفّة / من فك أسر أو إغاثة عان
ويلذ قول المعتفين لسمعه / كالماء ينقع غلة الظمآن
لم يبق داء في العفاة كأنما / بيديه علم الطب للأبدان
يا نازلا من أفق دائرة العلى / باشم من حساده القمران
لا تحسب العلياء حظك حظها / فالفضل للباني على البنيان
والجود يقرأ من جبينك سطره / كم أسطر قرئت من العنوان
ولقد أرى لك في القلوب محبة / كمحبة الفقراء للوجدان
فليطمئن الكون منك براحة / كانت أناملها رقى الأكوان
ولتفخر الدنيا بسعدك فخرها / ما دار مثلك في مدار زمان
من معشر غرّ الجباه كأنها / لمعان برق أو بريق يمان
تندى بواكفة الصلات أكفهم / فكأنها مدد من الرحمان
وكأن أوجههم مدائن حكمة / يوقى الزمان بها من الحدثان
يلقاهم يقق الصباح فيكتسي / بعد المشيب ذوائب الشبان
فتذم أسد الطعن منهم عزمة / تثني عليها السن المران
وترى جنود الليل ترفع ذكرهم / بخفوق ألوية من النيران
عصب إذا ذكرتهم أمم الوغى / خرت نواصيها إلى الأذقان
يا محرزا قصب الشجاعة والندى / لك منهما نسبان قدسيان
أما السماح فقد ظفرت باسره / فملأت منه وعاء كلّ مكان
ومن الشجاعة قد بلغت مكانة / قام الزمان بها مقام جبان
للَه أوطان بشمسك أسعدت / ما كان أسعدها من الأوطان
فاقت بجوهرك الكريم على السما / شرفية والدار بالسكان
دار متى استسقى الرجاء سجالها / وكفت له بمذانب العقيان
وإذا تغشاها امرؤ خوف الردى / ضربت عليه سرادقات أمان
أني تهنا بالمنازل في الثرى / ومحلك الأدنى على كيوان
ظفرت نصال المجد منك بصيقل / لولاه ما مسحت من الأدران
يا جوهر البشر امتيازك منهم / مثل امتيازهم من الحيوان
لو لم تكن من ولد آدم لم تكن / كل العوالم عالم الإنسان
لا زلت أعجب ممّ عدنان سمت / حتى براك اللَه من عدنان
وبمن أقيسك في أقل مزية / ربما يخف لوزنك الثقلان
ولقد رعيت بروض ظلك أينقي / فرعت بأسعد من جنى السعدان
وقفت بدارك تستجير بربها / سجم الدموع حوالك الألوان
وجدت لديك عقود لؤلؤة الندى / منحلة بالوابل الهتان
فترشفت من راحتيك أناملا / تهتز للجدوى اهتزاز لدان
خفت مؤنتها لديك وطالما / كانت تنوء بمثقلات أمان
وأنا الذي ترك الأنام وراءه / وأتى إليك مشمر الأردان
متبينا آثار كل كريمة / وعلى الصباح يقوم كل بيان
هيهات أن أنسى ثناءك ما انثنى / غصن النقا وأراك لا تنساني
أحلل بنفسك في أعلى مراتب ما
أحلل بنفسك في أعلى مراتب ما / يحله المرء في قاص ومن دان
وكن بنادي العلى والعز ممتنعا / تمنع ولا تخش من سلطان سلطان
ولا تخف أن يمس السوء جانبك / الحقير من محدث للسوء شيطان
فاللَه حرّمَ مسّ المحدثين لما / في الذكر والذكر فيه مثل هامان
وقف الغرام له بباب شؤونه
وقف الغرام له بباب شؤونه / فأذال بالزفرات صون مصونه
فتعاورته لواعج فلكية / حركاتها أفضت إلى تسكينه
يا للرجال متى يصح معلل / قامت قيامته لفقد قرينه
ضربته عادية النوى بجناحها / فأكب مضطجعا قتاد شجونه
ميت معد الدم من تغسيله / واللّمة البيضاء من تكفينه
إن الأولى رحلوا غداة محجّر / حجروا على المشتاق غمض جفونه
لولا تعلله بساعة أوبة / تحييه لم يمهله ريب منونه
دعني أقيد بالكواكب ناظري / فالعشق صحته بداء جفونه
لا تعذ لا ذاك الكئيب فإنما / للقلب جيران على جيرونه
أترى الزمان معاودا أو ينبرى / زمن مضى بالرمل من يبرينه
تلك الديار هي النهاية في الهوى / ساق الزمان لها نهاية هونه
نعب الغراب بها فأسمع أهلها / ما يصدع الأسماع رجع لحونه
شعب تشعبت القلوب لصدعه / كالسيف قد أبلى ملاء جفونه
فمن المجير من النوى لمدله / لا يستطيع الطير رجع حنينه
لم أنس وقفتنا وقد دب الهوى / في زيّ ملتاع الفؤاد حزينه
وتذكري تلك الهوادج بالضحى / كالروض مختلف ثمار غصونه
حمر البراقع تحتها بيض الطلى / فكأنها الطاووس في تلوينه
لا زال قبلتي الجمال وربما / زمزمت بين حطيمه وحجونه
كم ليلة أرمدت فيها ناظري / فكحلته بمدامعي ودجونه
حتى بدا خط الصباح كأنه / كنز أبان الدهر عن مخزونه
فصحت مجالا مقلتاي وربما / شقت جيوب السر عن مأمونه
كن كيف شئت فكل حيّ ميت / والحين مجموع القضاء لحينه
أتروم بعد أمين أمنك أن ترى / ذاك الأمان وأين مثل أمينه
فلقد تداعى العز وانتقض النهى / والعلم زالت نيرات فنونه
من يكفل العافين من يرعاهم / ويح الزمان عتا على مسكينه
متهلل بالمكرمات كأنما / سطر من الأنوار فوق جبينه
هو ذاك بيت قصائد الكرم الذي / جمعت معاني الرفد في مضمونه
تصدى مرائي الخافقين فتنجلي / ظلمات رؤيتها بنور يقينه
واخيبة الرواد من روض سرت / نسمات روح القدس من نسرينه
فمن المحدّث في الحياة وقد ذوى / زهر النعيم وجف ماء معينه
أي الحصون تهدمت أركانها / فليبك باكي المجد هدم حصونه
وعلى السماح فإنه من بعده / كالشمس غشاها الغمام بجونه
ما كان إلا اليمّ عبّ عبابه / يجري من الإبريز ماء عيونه
كان المجاهد في سبيل الهه / متمكنا كالطود في تمكينه
فشرى بدنياه النعيم وكم نرى / من يشتري دنيا سواه بدينه
كان المعين لكل عان قلبه / واحسرة العاني لفقد معينه
كانت عزائمه على علاتها / كحيا السحائب لا حياة بدونه
ولئن مضى فلقد تخلف بعده / قمر الوجود ومنتهى تحسينه
هذا سليمان الزمان ومن غدا / في كنز كل علا أمين أمينه
عم البدور وفي اليسار مقارنا / ليساره واليمن طوع يمينه
ورِثَ الخِلافة غير مشترك بها / من ذا ينازع ضيغما بعرينه
يا ابن الأئمة من فلاسفة العلى / وضمين طب الدهر وابن ضمينه
لو أقسم الصمصام أنك ربه / ما كان عندي حانثاً بيمينه
أنت الذي ترجى القوافل كلها / منه ولا ترجى حياة طعينه
يا من طوى علم العوالم كله / ما أكبر الإنسان في تكوينه
بأبي أبوك وأن تقشع مزنه / قلق الزمان ودام في تطمينه
رحل الهدى منذ ارتحلت فأرخوا / الدين مات أسىً لموت أمينه

المعلومات المنشورة في هذا الموقع لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع إنما تعبر عن رأي قائلها أو كاتبها كما يحق لك الاستفادة من محتويات الموقع في الاستخدام الشخصي غير التجاري مع ذكر المصدر.
الحقوق في الموقع محفوظة حسب رخصة المشاع الابداعي بهذه الكيفية CC-BY-NC
شبكة المدارس الإسلامية 2010 - 2025