المجموع : 7
لاحت مطالع عدل شأنها الشان
لاحت مطالع عدل شأنها الشان / فاليوم يصطحب السرحان والضان
وأسفر البدر عن ديباج رونقه / فزاده رونقاً حسن وإحسان
القائد الخيل والعقبان طائرة / إلى الوغى وعلى العقبان عقبان
قب الأياطل تزراً في أعنّتها / كما تلمض في الهيجاء ثعبان
هوائج يسلسل الملك الجموح بها / كأنهن لخيل النصر أرسان
خوارق بسراها كلّ داجية / كأنها لبنات الافق أخدان
يا فارس الخيل والفرسان طائشة / تصك منها بقرع الطعن أذهان
أنت المزلزل منها ركن طاغية / كما يزلزل قلب الشّرك إيمان
قلدت مرهف حزم لا غلاف له / فارتاح حق به وارتاع بطلان
قدها على رغم من تكوى حشاشته / كأنها وهي روض الحسن نيران
الفاضحات جياد الريح في طلب / إن ضمها وجياد الريح ميدان
والسابحات إذا جاشت غواربها / سبح الكواكب والظلماء طوفان
من المغيرات في الإغلاس يحفزها / جأش تعاظم فيه الشأو والشان
طلائع كاثير الافق طالعة / تشقى بطلعتها خيل وفرسان
أبوا خلاف المساوي لا أبالهم / فهم لها أبداً رهط وخلان
سرت وزارتك الدنيا وسيء بها / جبن وبخل واخلاف وعدوان
أعريت منها البرايا واكتسيت بها / وكل من ليس يكسى المجد عريان
أصبحت في الناس كالميزان منتصباً / للخلق يبدو به نقص ورجحان
مؤيداً لك فوق المشتري طنب / مؤسساً لك في العيوق بنيان
وقال في حظك الأوفى مؤرخه / ملك تسربل برديه سليمان
خذ بالمعالي فلحظ السعد يقظان
خذ بالمعالي فلحظ السعد يقظان / والجو أفيح والندمان ندمان
والعيش يفتر عن بيضاء صافية / قد راق فيها لنا حان وألحان
والدهر يختال في صفراء فاقعة / قد زينتها أكاليل وتيجان
والملك يشرق إجلالا بغرته / أني وقد حك منه الافق تبيان
وأنجم السعد تجري في مطالعها / زهواً بطلعة ملك شأنه الشان
قطب الوزارة لو دارت دوائره / يوم الفخار فمن أدّ وقحطان
القائد الخيل للأفواه فاغرة / كما تلمظ في هيماء ثعبان
جوامح يسلس الملك الجموح بها / كأنهن لخيل النصر أرسان
خوارق بسراها كلّ داجية / كأنها وبنات الافق أخدان
يا فارس الخيل والفرسان طائشة / تصك منها بقرع الطعن أذهان
أنت المزلزل منها ركن طاغية / كما يزلزل قلب الشّرك إيمان
فتى الملوك مفدّاها ولا عجب / أن يفتدى بالحصى درّ ومرجان
وساحب الفيلق الجرار تحسبه / شهب البزاة أقلتهن عقبان
الفاضحات جياد الريح في طلب / إن ضمها وجياد الريح ميدان
والسابحات إذا جاشت غواربها / سبح الكواكب والظلماء طوفان
من المغيرات في الإغلاس يحفزها / شأو تعاظم منه ذلك الشأن
مختالة تتهادى يوم معترك / كأنها في مروج الرّوض غزلان
طلائع كأثير الأفق ثائرة / تشقى بطلعتها خيل وفرسان
بشرى لها بأبي الفرسان فخرهم / بأنهم لأمير منه غلمان
ملك ترفع قدراً في سياسته / عن أن يقاس به كسرى وساسان
قد شرفت ساكني الزوراء زورته / كما يشرّف قدر الأرض هتان
وقال في حظّه الأوفى مؤرخه / بالفتح والنصر طل عزّا سليمان
خذ بالسرور فلحظ السعد يقظان
خذ بالسرور فلحظ السعد يقظان / والرّبع أفيح والندمان ندمان
والعيش يفتر عن بيضاء صافية / قد أخلصتها لنا حان والحان
والبيض تختال عجبا في غلائلها / كأنها وبنات الافق أخدان
والكون يرفل في صفراء فاقعة / من جنة زهرها حور وولدان
والكون أضحى على كيوان مرتقيا / كما ارتقى تلمات الفضل كيوان
وافى وقد أصبحت تسمو دعائمه / فخرا بعزة ملك شأنه الشان
القائد الفيلق الشهباء لو نزلت / نجداً لظل لها يهتز عمان
والمخصب البلد العافي بنائله / والفخر اثنان أقدام وإحسان
صعب العريكة لا تلوى شكيمته / سهل القياد إذا ناداه ولهان
أعظم به وظلام النقع معتكر / والبيض نوم وهام الصيد أجفان
يلقى الألوف بقلب غير مكترث / كأنما قصب المران ريحان
صلت المكلل مرهوب لهيبته / لو ضمه وقراع الشوس ميدان
حيث البسيطة بالأطواد راجفة / وأعين البهم تحت النقع آذان
وللقواضب في الأدراع صلصلة / يجيبها من قسيّ القوم مرنان
كأنه تحت نقع الخيل بدر دجى / والشهب من حوله بيض وخرصان
فالعيد نال بكم نيل الأنام به / وبشرت بكم الأزمان أزمان
وزين أفق العلى منكم ببدر هدى / أمسى بفخر المعالي منه قرآن
وأصبحت بكم الآفاق آمنة / جاران في بره السرحان والضان
ملك سما في بني الأملاك مفخره / كما سمت شرفا في العرب قحطان
فمن لأمّ العلى منه بلثم ثرى / عنا له الثقلان الانس والجان
وكم تجلى بصبح من أسرّته / فانجاب عنّا به بؤس وأحزان
وقال في شأنه الأعلى مؤرخه / بدا بعيد منىً أضحى سليمان
إن كنت في سنة من غارة الزمن
إن كنت في سنة من غارة الزمن / فانظر لنفسك واستيقظ من الوسن
ليس الزمان بمأمون على أحد / هيهات أن تسكن الدنيا إلى سكن
لا تنفق النفس إلا في بلوغ منى / فبائع النفس فيها غير ذي غبن
ودع مصاحبة الدنيا فليس بها / إلا مفارقة السكان للسكن
والعيش أنفس ما تقنى لذاذته / لولا شراب من الاجال غير هني
وكيف يحمد للدنيا صنيع يد / وغاية البشر منها غاية الحزن
هي الليالي تراها غير خائنة / إلا بكل كريم الطبع لم يخن
ألا تذكرت أياماً بها ظعنت / للفاطميين أظعان عن الوطن
أيام دارت بشهب المجد دائرة / ما كان مركزها إلا على الشجن
أيام طل من المختار أي دم / وأدميت أي عين من أبي حسن
أعزز بناصر دين الله منفردا / في مجمع من بني عبادة الوثن
يوصي الأحبة أن لا تقبضوا أبدا / إلا على الدين في سرّ وفي علن
وإن جرى أحد الأقدار فاصطبروا / فالصبر في القدر الجاري من الفطن
ثم انثنى للأعادي لا يرى حكما / إلا الذي لم يدع رأسا على بدن
سقيا لهمته ما كان أكرمها / في سقي ظامي المواضي من دم هتن
حيث الأسنة للآجال مفصحة / عن المنايا بذاك المقول اللكن
وللظبى نغمات في رؤوسهم / كأنها الطير قد غنت على فنن
يا جيرة الغي أن أنكرتم شرفي / فإن واعية الهيجاء تعرفني
لا تفخروا بجنود لا عداد لها / إن الفخار بغير السيف لم يكن
ومذ رقى منبر الهيجاء اسمعها / مواعظا من فروض الطعن والسنن
للَه موعظة الخطي كم وقعت / من آل سفيان في قلب وفي أذن
كأن أسيافه إذ تستهل دماً / صفائح البرق حلت عقدة المزن
فلم يروا غير ذاك الليث مقتنصاً / تلك الأوابد لم ينكل ولم يهن
للّه حملته لو صادفت فلكاً / لخر هيكله الأعلى على الذقن
يفري الجيوش بسيف غير ذي ثقةٍ / على النفوس ورمح غير مؤتمن
وعزمة في عرى الأقدار نافذة / لو لاقت الموت قادته بلا رسن
حتى إذا لم تصب منه العدى غرضاً / رموه بالنبل عن موتورة الضغن
فانقض عن مهره كالشمس عن فلك / فغاب صبح الهدى في الفاحم الدجن
قل للمقادير قد أبدعت حادثة / غريبة الشكل ما كانت ولم تكن
أمثل شمرٍ أذل الله جبهته / يلقى حسيناً بذاك الملتقى الخشن
واحسرة الدين والدنيا على قمر / يشكو الخسوف من العسالة اللدن
يا سيداً كان بدء المكرمات به / والشمس تبدأ بالأعلى من القنن
من يكنز اليوم من عِلم ومن كرم / كنزاً سواك عليه غير مؤتمن
هيهات أن الندى والعلم قد دفنا / ولا مزية بعد الروح للبدن
لقد هوت من نزار كل راسية / كانت لابنية الأمجاد كالركن
للَه صخرة وادي الطفّ ما صدعت / إلا جواهر كانت حلية الزمن
قد أنفقتها بأطراف القنا فئة / على أساسهم بيت النفاق بني
خطب ترى العالم العلوي لأن له / ما العذر للعالم السفلي لم يلن
ان تبكه مقل الأفلاك تبك فتى / كان الوجود به في أمنع الجنن
من المعزّي حمى الإسلام في ملك / من بعده حرم الإسلام لم تصن
يهنيك يا كربلا وشي ظفرت به / من صنعة اليمن لا من صنعة اليمن
للَه فخركِ ما في جيده عطل / ولا بمرآته الأدنى من الدرن
كم خرّ في تربك النوري بدر تقى / لولاه عاطلة الإسلام لم تزن
من كل فارس أقدام ومكرمة / لاقى المنايا بلاغمٍ ولا منن
حي من الشوس معتاد وليدهم / على رضاع دم الأبطال لا اللبن
يجول في مشرق الدنيا ومغربها / نداهم جولان القرط في الأذن
من مبلغ سوق ذاك اليوم أن به / جواهر القدس قد بيعت بلا ثمن
يوم بكت فيه عين الكومات دماً / على الكريم فبلّت فاضل الردن
يوم أجال القذى في طرف فاطمة / حتى استحال وعاء الدمع والوسن
لم تدر أيّ رزايا الطف تندبها / ضربا على الهام أم سبيا على البدن
لهفي على ناطقات العلم كيف غدت / وأفصح اللسن منها ألكن اللسن
أي الشموس توارت بعد ما تركت / في صدر كل كمال قلب مفتتن
ما للحوادث لا دارت دوائرها / أصابت الجبل القدسي بالوهن
قل للمكارم موتي موت ذي ظمأ / فقد تبدل ذا العذب بالأجن
إن زلزلت هذه السفلى فلا عجب / دارت على الفلك الأعلى رحى المحن
تبكي على سيد كانت له شيم / يجري بها المجد مجرى الماء في الغصن
لقد أطلت على الإسلام نائبة / كقتل هابيل كانت فتنة الفتن
إن الندى كان لا يلقى صدى أمل / إلا بأكرم من صوب الحيا الهتن
أين الهدى كان يجلو كل معتكر / ولا يقيم الورى إلا على السنن
إن أصبح الدهر يزجي من عزائمه / فإن حظ بقايا المكرمات فني
لقد هوى علم الإسلام بعد فتى / هداه والدين مقرونان في قرن
أقول والنفس مرخاة أزمتها / يقودها الوجد من سهل إلى حزن
مهلا فقد قربت أوقات منتظر / من عهد آدم منصور على الزمن
كشاف مظلمة خوّاض ملحمة / فياض مكرمة فكاك مرتهن
قرم يقلّد حتى الوحش منّته / وابن النجابة مطبوع على المِنن
صباح مشرقها مصباح مغربها / مزيل محنتها من كل ممتحن
أغرّ لا يتجلى نور سؤدده / إلا بروض من الدين الحنيف جني
تسعى إلى المرتقى الأعلى به همم / لا تحتذي منه إلا قنّة ألقنِن
يسطو بسيفين من بأسٍ ومن كرم / يستأصلان عروق البخل والجبن
يا من نجاة بني الدنيا بحبهم / كأنها البحر لم يركب بلا سفن
طوبى لحظ محبيكم لقد حصلوا / على نصيب بقرن الشمس مقترن
يا قادة الأمر حسبي أنس حبكم / في وحشة الحشر يرعاني ويؤسني
هل تزدري بي آثامي ولي وله / بكم إلى درجات العرش يرفعني
وهل تميد بي الدنيا إلى دول / ومن ولائي فيكم ما يقوّمني
أرجوكم وراجاء الأكرمين غنى / حياً وبعد اندراج الجسم في الكفن
ومنكر ونكير لا أهابهما / أنّىولحظ رجال الله يلحظني
ظفرت بالأمن إذ يممت مالكه / وصعب نيل المنى سهل على الفطن
يا من بقدرهم إلا على علت مدحي / والدر يحسن منظوماً على الحسن
إن طالبتني بمدح ذات أمجدكم / فرب طالب أمر وهو عنه غني
فهاكم من شجيّ البال مغرمة / عذراء ترفل في ثوب من الشجن
جاءت تهادى من الآزري حالية / من اجتلى حسنها الفتّان يفتتن
خذوا إليكم بلا أمر مدائحه / أنتم أولو الأمر من باد ومكتم
ثم الصلاة عليكم ما بدا قمر / فانجاب عنه حجاب الغارب الدجِن
وقفت بذات الأثل من نعمان
وقفت بذات الأثل من نعمان / فشجت فؤاد متيم ولهان
وتذكرت في الابرقين مناخها / فتنفست عن مدمع حران
تبكي على ما مرّ من زمن الصبا / متعلقاً بذوائب الأقران
للَه وقفتها بذي سلم ضحىً / ودموعها وقفت على الأجفان
والوجد ينحرها بغير مهند / والشوق يطعنها بغير سنان
لم تدر قبل ركوبها خطط الهوى / إن الهوىمنهاج كل هوان
تمشي وتلتفت التفاتة عاشق / نفثت عليه آفة الهيمان
يا ناق من ملأ الوعاء من الهوى / أعيا بذاك المجمر الملآن
ولقد أراك على اللقاء حريصة / والحرص متحد مع الحرمان
إن عاد ذيّاك الوصال فربما / رجعت بسالفه يد الأزمان
لا تيأسي من روح عائدة الهوى / كم عاد مقصوص إلى الطيران
وأنا الفداء لظاعنين ترحلوا / بالصبر قبل ترحل الأظعان
كانوا وكان الحسن بين قبابهم / برتاح بالأقمار والأغصان
من كل من تبدو أسرة وجهه / فتضيء ما صبغت يد الأشجان
ويريك لحظاً من محاجر طرفه / كالسيف إلا أنه روحاني
من للقلوب تقلبت مفريّة / بسنان ذاك الأحور الوسنان
لاحظته فلحظت خدّي أبلج / قد سار في فلكيهما القمران
ولمحت من شفتيه عذبا سائغا / كالراح تلمع من خلال دنان
وترى القلوب تميل من ميلانه / جهلت غصون البان في الميلان
يا صاحب القدّ المثقف لدنه / مهلا ملأت قلوبنا بطعان
لا أعتبنك في تناسي عهدنا / ما أخلق الإنسان بالنسيان
ما أنت إلا الدهر أمسك نوءه / من بعد ما أشفى على الهملان
ولقد جثثت على المعالي ناقتي / فتلفعت بسباسب ورعان
ورمت بي الأرض البعيد مرامها / من قبل أن يتراجع الجفنان
يا ناق إن العشق ليس بقائد / للصب غير خوارق الأحزان
هل يغررنك ما تحدثه المنى / وحديثها ضرب من الهذيان
أمّي ديار الأكرمين فإنها / للطالبين معادن الإحسان
تطوي الثرى أخفافها فتخالها / خفقان أجنحة من العقبان
ظمآى إلى الورد المبرّد دماؤه / غرثى إلى المرعى العظيم الشان
قد قارنت زحل السرى فأنختها / في ظل أسعد بدر كل قران
المرشد الحيران من مهوى القضا / حيث الزمان يجول كالحيران
علم تمد له العلوم رقابها / فيقودها ذللا بغير عنان
لم تنبت الدنيا قناة فضيلة / إلا وكان لها مكان سنان
لولاه كان العيش ليس بنافع / والكف لم تنفع بغير بنان
لو كان جود يديه ماء سحابة / لم تأمن الدنيا من الطوفان
وبدت لدائرة النجوم هباته / فتعلمت شيئا من الدوران
يعطى فليس يمينه منكفّة / من فك أسر أو إغاثة عان
ويلذ قول المعتفين لسمعه / كالماء ينقع غلة الظمآن
لم يبق داء في العفاة كأنما / بيديه علم الطب للأبدان
يا نازلا من أفق دائرة العلى / باشم من حساده القمران
لا تحسب العلياء حظك حظها / فالفضل للباني على البنيان
والجود يقرأ من جبينك سطره / كم أسطر قرئت من العنوان
ولقد أرى لك في القلوب محبة / كمحبة الفقراء للوجدان
فليطمئن الكون منك براحة / كانت أناملها رقى الأكوان
ولتفخر الدنيا بسعدك فخرها / ما دار مثلك في مدار زمان
من معشر غرّ الجباه كأنها / لمعان برق أو بريق يمان
تندى بواكفة الصلات أكفهم / فكأنها مدد من الرحمان
وكأن أوجههم مدائن حكمة / يوقى الزمان بها من الحدثان
يلقاهم يقق الصباح فيكتسي / بعد المشيب ذوائب الشبان
فتذم أسد الطعن منهم عزمة / تثني عليها السن المران
وترى جنود الليل ترفع ذكرهم / بخفوق ألوية من النيران
عصب إذا ذكرتهم أمم الوغى / خرت نواصيها إلى الأذقان
يا محرزا قصب الشجاعة والندى / لك منهما نسبان قدسيان
أما السماح فقد ظفرت باسره / فملأت منه وعاء كلّ مكان
ومن الشجاعة قد بلغت مكانة / قام الزمان بها مقام جبان
للَه أوطان بشمسك أسعدت / ما كان أسعدها من الأوطان
فاقت بجوهرك الكريم على السما / شرفية والدار بالسكان
دار متى استسقى الرجاء سجالها / وكفت له بمذانب العقيان
وإذا تغشاها امرؤ خوف الردى / ضربت عليه سرادقات أمان
أني تهنا بالمنازل في الثرى / ومحلك الأدنى على كيوان
ظفرت نصال المجد منك بصيقل / لولاه ما مسحت من الأدران
يا جوهر البشر امتيازك منهم / مثل امتيازهم من الحيوان
لو لم تكن من ولد آدم لم تكن / كل العوالم عالم الإنسان
لا زلت أعجب ممّ عدنان سمت / حتى براك اللَه من عدنان
وبمن أقيسك في أقل مزية / ربما يخف لوزنك الثقلان
ولقد رعيت بروض ظلك أينقي / فرعت بأسعد من جنى السعدان
وقفت بدارك تستجير بربها / سجم الدموع حوالك الألوان
وجدت لديك عقود لؤلؤة الندى / منحلة بالوابل الهتان
فترشفت من راحتيك أناملا / تهتز للجدوى اهتزاز لدان
خفت مؤنتها لديك وطالما / كانت تنوء بمثقلات أمان
وأنا الذي ترك الأنام وراءه / وأتى إليك مشمر الأردان
متبينا آثار كل كريمة / وعلى الصباح يقوم كل بيان
هيهات أن أنسى ثناءك ما انثنى / غصن النقا وأراك لا تنساني
أحلل بنفسك في أعلى مراتب ما
أحلل بنفسك في أعلى مراتب ما / يحله المرء في قاص ومن دان
وكن بنادي العلى والعز ممتنعا / تمنع ولا تخش من سلطان سلطان
ولا تخف أن يمس السوء جانبك / الحقير من محدث للسوء شيطان
فاللَه حرّمَ مسّ المحدثين لما / في الذكر والذكر فيه مثل هامان
وقف الغرام له بباب شؤونه
وقف الغرام له بباب شؤونه / فأذال بالزفرات صون مصونه
فتعاورته لواعج فلكية / حركاتها أفضت إلى تسكينه
يا للرجال متى يصح معلل / قامت قيامته لفقد قرينه
ضربته عادية النوى بجناحها / فأكب مضطجعا قتاد شجونه
ميت معد الدم من تغسيله / واللّمة البيضاء من تكفينه
إن الأولى رحلوا غداة محجّر / حجروا على المشتاق غمض جفونه
لولا تعلله بساعة أوبة / تحييه لم يمهله ريب منونه
دعني أقيد بالكواكب ناظري / فالعشق صحته بداء جفونه
لا تعذ لا ذاك الكئيب فإنما / للقلب جيران على جيرونه
أترى الزمان معاودا أو ينبرى / زمن مضى بالرمل من يبرينه
تلك الديار هي النهاية في الهوى / ساق الزمان لها نهاية هونه
نعب الغراب بها فأسمع أهلها / ما يصدع الأسماع رجع لحونه
شعب تشعبت القلوب لصدعه / كالسيف قد أبلى ملاء جفونه
فمن المجير من النوى لمدله / لا يستطيع الطير رجع حنينه
لم أنس وقفتنا وقد دب الهوى / في زيّ ملتاع الفؤاد حزينه
وتذكري تلك الهوادج بالضحى / كالروض مختلف ثمار غصونه
حمر البراقع تحتها بيض الطلى / فكأنها الطاووس في تلوينه
لا زال قبلتي الجمال وربما / زمزمت بين حطيمه وحجونه
كم ليلة أرمدت فيها ناظري / فكحلته بمدامعي ودجونه
حتى بدا خط الصباح كأنه / كنز أبان الدهر عن مخزونه
فصحت مجالا مقلتاي وربما / شقت جيوب السر عن مأمونه
كن كيف شئت فكل حيّ ميت / والحين مجموع القضاء لحينه
أتروم بعد أمين أمنك أن ترى / ذاك الأمان وأين مثل أمينه
فلقد تداعى العز وانتقض النهى / والعلم زالت نيرات فنونه
من يكفل العافين من يرعاهم / ويح الزمان عتا على مسكينه
متهلل بالمكرمات كأنما / سطر من الأنوار فوق جبينه
هو ذاك بيت قصائد الكرم الذي / جمعت معاني الرفد في مضمونه
تصدى مرائي الخافقين فتنجلي / ظلمات رؤيتها بنور يقينه
واخيبة الرواد من روض سرت / نسمات روح القدس من نسرينه
فمن المحدّث في الحياة وقد ذوى / زهر النعيم وجف ماء معينه
أي الحصون تهدمت أركانها / فليبك باكي المجد هدم حصونه
وعلى السماح فإنه من بعده / كالشمس غشاها الغمام بجونه
ما كان إلا اليمّ عبّ عبابه / يجري من الإبريز ماء عيونه
كان المجاهد في سبيل الهه / متمكنا كالطود في تمكينه
فشرى بدنياه النعيم وكم نرى / من يشتري دنيا سواه بدينه
كان المعين لكل عان قلبه / واحسرة العاني لفقد معينه
كانت عزائمه على علاتها / كحيا السحائب لا حياة بدونه
ولئن مضى فلقد تخلف بعده / قمر الوجود ومنتهى تحسينه
هذا سليمان الزمان ومن غدا / في كنز كل علا أمين أمينه
عم البدور وفي اليسار مقارنا / ليساره واليمن طوع يمينه
ورِثَ الخِلافة غير مشترك بها / من ذا ينازع ضيغما بعرينه
يا ابن الأئمة من فلاسفة العلى / وضمين طب الدهر وابن ضمينه
لو أقسم الصمصام أنك ربه / ما كان عندي حانثاً بيمينه
أنت الذي ترجى القوافل كلها / منه ولا ترجى حياة طعينه
يا من طوى علم العوالم كله / ما أكبر الإنسان في تكوينه
بأبي أبوك وأن تقشع مزنه / قلق الزمان ودام في تطمينه
رحل الهدى منذ ارتحلت فأرخوا / الدين مات أسىً لموت أمينه